Wednesday, July 10, 2019

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة الثاني عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة الثاني عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة الثاني عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله


02 - The Wisdom Of Expiration In The Word Of SETH

الفقرة الثاني عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب و لا أشبَه بالرؤية و التجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (كالمرآة في الشاهد إذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصور أو صورتك إلا فيها. فأبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجليه الذاتي ليعلم المتجلى له أنه ما رآه.  و ما ثم مثال أقرب و لا أشبه بالرؤية و التجلي من هذا.
و أجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرم المرآة لا تراه أبدا البتة حتى إن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي و بين المرآة.)
(كالمرآة) من الفولاذ والزجاج (في الشاهد) المحسوس. (إذا رأيت) أيها الإنسان (الصور فيها) سواء كانت صورتك أو صورة غيرك فإنك (لا تراها)، أي لا ترى ذات المرآة لاحتجابها عنك بالصور التي ظهرت لك فيها (مع علمك) من غير شبهة (أنك ما رأيت)، تلك الصور أو صورتك أنت (إلا فيها)، أي في تلك المرآة .
(فأبرز)، أي أظهر (الله) تعالى (ذلك) الذي هو والمرآة والصور التي فيها (مثالا نصبه) سبحانه وتعالى لك (لتجليه)، أي ظهوره (الذاتي)، أي المنسوب إلى الذات العلية (ليعلم المتجلى له) وهو العبد (أنه ما رآه)، أي ما رأى الله تعالى، وإنما رأى صورته التي هي مقدار استعداده لإدراك ذات الحق المتجلية عليه .
رآها في مرآة الذات العلية وما رأى الذات العلية.
(وما ثم)، أي هناك في عالم الخلق (مثال) لهذا التجلي الذاتي (أقرب) للفهم (ولا أشبه بالرؤية) للذات العلية.
قال رضي الله عنه : (و) أشبه بنفس (التجلي)، أي الظهور (من هذا) المثال المذكور (واجهد في نفسك) أيها الإنسان (عندما ترى الصورة)، التي ظهرت لك (في المرأة أن ترى) بعينك (جرم المرآة) الذي هو نفس الفولاذ أو الزجاج فإنك (لا تراه أبدأ البتة).
أي قطعة من غير شك ولا شبهة، وذلك لأن الصورة الظاهرة في المرآة تحجب المرأة عنك برؤيتك لها، فلا تری جرم المرأة إلا إذا محيت تلك الصورة منها .
مع أن جرم المرأة أقرب إليك من الصورة الظاهرة فيها، على قول من يجعل ذلك انطباعا في صقالة وجه المرآة، لا في نفس جرم المرآة .
ومن يجعل شعاع البصر يصك وجه المرآة ثم ينعكس على حقيقة الشيء الذي ظهرت صورته بالمرآة، فالصورة التي في المرآة ليست فيها بل في ذات ذلك الشيء، وإنما انعكس شعاع البصر بسبب صقالة وجه المرآة (حتى أن بعض من أدرك) بنفسه (مثل هذا الأمر المذكور في صور المري) جمع مرآة "المرايا"حيث استتر جرم المرآة عن بصر الرائي بسبب ظهور تلك الصورة في المرآة (ذهب) اجتهاده منه (إلى أن الصورة المرئية) في المرآة ليست منطبعة في صقالة وجه المرآة ولا انعکس شعاع البصر بصقالة وجه المرآة إلى نفس تلك الصورة والمقابلة للمرآة ، بل تلك الصورة منطبعة في الهواء الكائن (بین بصر الرائي وبين) جرم (المرآة هذا)  الأمر المذكور.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب ولا أشبَه بالرؤية والتجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة.)
قال رضي الله عنه : (كالمرآة في الشاهد إذا رأيت الصور فيها لا تراها) لمنع رؤية الصورة عن رؤية المرآة (من علمك أنك ما رأيت الصور أو صورتك إلا فيها) وذلك ظاهر.
(فابرز الله) أي أظهر الله (ذلك) الموجود المشاهد (مثالا نصبه) أي أقامه حجة (لتجليه الذاتي ليعلم المتجلي له أنه ما رآه) أي الحق كما لم ير المرأة إذ كل ما في الشهادة دليل على ما في الغيب (وما ثمة) أي وليس في عالم الشهادة مثال أقرب ولا أشبه مثالا (بالرؤية والتجلي من هذا) المثال (واجهد في نفسك) بكليتك (عندما نرى) .
أي عند رؤيتك (الصورة في المرأة أن نرى جرم المرآة لا تراه أبدا البتة حتى أن بعض من أدرك مثل هذا) أي أدرك عدم رؤية المرايا (في صور المرايا ذهب إلى أن الصورة المرئية) حاصلة (بين بصر الرائي وبين المرآة) لا في المرآة.
لذلك حاجبة عن رؤية المرآة فقد أصاب هذا البعض في إدراك عدم رؤية المرآة عند رؤية الصورة لكن أخطأ فيما ذهب إليه.لأنه لم يدرك أنه مثال لتجليه الذاتي.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب و لا أشبَه بالرؤية و التجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة.)
قوله: "مع علمه أنه ما رأى صورته إلا فيه كالمرأة في الشاهد إذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصور أو صورتك إلا فيها. فأبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجلية الذاتي ليعلم المتجلى له أنه ما رآه. وما ثم مثال أقرب ولا أشبه بالرؤية والتجلي من هذا. وأجهد في نفسك عندما ترى الصورة في المرأة أن ترى جرم المرأة لا تراه أبدا ألبتة حتى أن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إلى أن الصورة المرئية بين نظر الرآئی و بین المرآة. "
قلت: يعني به علم العبد المتجلي له، أنه ما رأى صورته إلا في الحق تعالی وشبه ذلك بالمرآة فإن الإنسان إذا شاهد الشكل الذي في المرآة لا يكون مشاهدا الجرم المرآة وكأنه يقول إن ذلك قد جرب وهو أن جرم المرآة وهو الصيقل
منها الذي يرى الشكل لا يراه أحد حين مشاهدته للشكل لكن يعلم أن الشكل ما ظهر لك إلا في المرآة وبها
قوله: واجهد أنك إذا رأيت الشكل في المرآة أن ترى جرم المرآة فهو إرشاد منه، تعالی و تقدس، إلى أدب أهل الله تعالى في الشهود، فإنهم يجتهدون أن يروا المرآة أكثر من اجتهادهم أن يروا الشكل الذي فيها أي يرون الحق تعالی أقرب إلى شهودهم من رؤية نفوسهم التي ظهرت في مرآة تجليه تعالى وأما جرم المرآة فقد  قال: "إنك لا تراه أبدا مع جواز إرادته"، 
رضي الله عنه أن يقول لك: جرب أنت ما قلناه، هل ترى جرم المرآة في تلك الحالة؟
فإنك تعلم أنك لا تراه أصلا.
قال: ومن جملة ما ألجأ بعض الناس أن يقول: إن الشكل الظاهر في المرآة هو بين البصر وبين الجرم الصيقل من المرآة، ما جربوه من أن جرم المرآة المذكور لا يرى، فتوهموا أن الشكل المذكور هو الذي حجب أبصارنا عن إدراك جرم المرآة لما عجزوا عن رؤيته.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب و لا أشبَه بالرؤية و التجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة.)
قال رضي الله عنه : " كالمرآة في الشاهد إذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنّك ما رأيت الصورة أو صورتك إلَّا فيها ، فأبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجلَّيه الذاتيّ ليعلم المتجلَّى له أنّه ما رآه ، وما ثمّ مثال أقرب ولا أشبه بالرؤية والتجلَّي من هذا .
وأجهد في نفسك عندما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرم المرآة ، لا تراه أبدا البتّة " .
قال العبد أيّده الله به : اعلم : أنّ أهل التجلَّيات من أصحاب النبوّات وأرباب الولايات إنّما ترد عليهم بحسب استعداداتهم وخصوصية قابلياتهم الوجودية ، وكذلك استعداداتهم في عرصة الوجود العيني إنّما تكون بموجب استعداداتهم الغيبيّة غير المجعولة في حضرة العلم الذاتي .
 وقد أسلفنا لك من قبل أنّ صورة معلوميّة كلّ أحد لله تعالى أزلا قبل وجوده العيني هي حقيقته وعينه الثابتة وأنّها من حيث هي كذلك ليست أمورا وجودية مغايرة للعلم مغايرة حقيقية ، ولا زائدة على ذات العالم زيادة توجب الكثرة في وحدته العلمية .
بل هي صورة نسبه ومتعلَّقاته المظهرية وأحواله الغيبيّة وشئونه العينية ، إذ لا معيّة لغيره معه أزلا وأبدا دائما وسرمدا « كان الله ولم يكن معه شيء » وهو الآن على ما هو عليه كان .
والعلم الذاتي أوجب تعيّن المعلومات في حضرة العلم على ما هي عليها ، فهي إذن نسبة ونسب نسبة : كالعلم والعالمية والمعلومية ، والربوبية والمربوبية ، والظاهرية والمظهرية ، والظهور والبطون ، والقيد والإطلاق ، والتعيّن واللا تعين وغير ذلك .
 جميع هذه الحقائق نسبه وأحواله النفسيّة ولا توجب كثرة في عين الأحدية ، كما لا توجب النصفيّة والثلثية والربعيّة والخمسية وغيرها من النسب كثرة قادحة في وحدة الواحد .
وإنّما الكثرة في عرصة العلم والتعقّل عندنا لا غير ، فمهما حصل تجلَّي المتجلَّي له في حضرة الوجود العيني ، فإنّما يحصل على صورة استعداد العين الثابتة الأزلية التي لهذا المتجلَّى له أزلا لتعيّن التجلَّي من الشأن الذاتي الذي هو عينه .
وذلك استعداد ذاتي لهذا القابل الأزلي ، غير مجعول ، لأنّ الفرض قبل الإيجاد وقبل الوجود في حضرة الغيب ، فالتجلَّي الغيبي يتعيّن في الذات في غيب قابلية المتجلَّى له أزلا أوّلا بحسب صورة ذلك الاستعداد الغيبيّ غير المجعول .
ثم يظهر في كل وقت وحال للمتجلَّى له في عرصة الوجود العيني على تلك الصورة التي هي صورة الحق في عينه العينّية أو صورة عينه الغيبية في الحق كيف قلت فإنّك في الكلّ مرآته من وجه وباعتبار .
وهو مرآة الكلّ من وجه وباعتبار ، فمهما تجلَّى لك فما رأيت في تجلَّي الحقّ لك إلَّا صورتك الغيبيّة الأزلية إن كان تجلّ ذاتي أو صورة نسبية ذاتية من النسب ، فما رأيت الله من كونه عين الكلّ ظاهرا بصورة الجمع والإطلاق الذاتي أبدا ، وإذا لم تره كذلك ، فما رأيته ، وما دمت أنت أنت ، ولم تكن عين الكلّ.
 فلن ترى الحق الذي هو عين الكلّ المطلق عن قيد التعيّن في الكلّ وبالكلّ ، وعن الجمع بين القيد والإطلاق ، فكيف أنت تعلم أنّك متعيّن بصورتك الأزلية الأصلية العلمية في عين صورتك العينية الفصليّة الوصلية الأبدية في مرآتية الوجود الحق والحقّ المطلق ، فكما أنّ الرائي صورته أو صورة غيره في المرآة لا يرى سوى صورة الناظر .
ولا يمكن أن يرى جرم المرآة حال استغراق الشهود والرؤية بالصورة المثالية المرئيّة ، إذ الشهود التعيّني والإبصار الشخصي التشخّصي لا يسع في كل وقت واحد معيّن إلَّا مشهودا واحدا معيّنا كذلك وصورة واحدة شخصية ، مع علمه بأنّ تعيّن الصورة المشهودة وحصول الرؤية وتعلَّق الشهود بما ليس إلَّا في المرآة ، ولهذا تكسب الصورة صفتها ، فافهم .
قال رضي الله عنه : " حتى أنّ بعض من أدرك مثل هذا في صور المرئيّ ذهب إلى أنّ الصور المرئيّة بين بصر الرائي وبين المرآة:بيان الأقوال في الإبصار
قال العبد : اختلفت الأقوال في كيفيّة تعلَّق الرؤية بالصورة المرئيّة في المرآة :
فمن قائل : إنّ مثال الصورة منطبع في المرآة ، ويتعلَّق به الشهود والرؤية في المرآة .
ومن قائل : إنّ الجسم الصقيل الصلب يوجب انعكاس النظر إلى ما يحاذي المرآة ، فيدركه البصر خارجا عن المرآة .
وقيل له : لو كان ذلك كذلك ، لما أدرك اليمين شمالا ، ولا الصورة على شكل المرآة ، بل أدركها كما هي خارجة عن المرآة .
وأجيب عن هذا : أنّ انعكاس النظر والقوّة الباصرة عن الجسم الصلب الصقيل يوجب ذلك في مرآة البصر ، لأنّه انعكس بحسب المرآة فأدّى الصورة منصبغة بموجب محلّ انعكاس النظر أوّلا .
وقال بعضهم : الصورة غير منطبعة في المرآة ، ولكنّها بين بصر الرائي وبين المرئيّ.
وذلك مبلغه من العلم .
وقيل : إنّ الصورة مدركة بعد انعكاس النظر عن الجسم الصقيل في عالم المثال .
والحق أنّ الصورة لو لم تكن منطبعة في المرآة ، لما تكيّفت بكيفيّتها من الاستدارة والاستطالة ، ولم تنعكس أيضا على قول القائلين بالانعكاس كذلك أيضا  فإنّها إن انعكست إنّما تنعكس بعد الانطباع .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب و لا أشبَه بالرؤية و التجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة.)
قال رضي الله عنه : ( كالمرآة في الشاهد في أنه إذا رأيت الصور أو صورتك فيها لا تراها ) أي جرم المرآة حيث ترى الصورة.
( مع علمك أنك ما رأيت الصور أو صورتك إلا فيها ) ثم ذكر أن مشاهدة الصور في المرآة مثال نصبه الله تعالى لتجليه الذاتي ليعلم المحقق أنه ما رأى ذاته تعالى بل رأى عينه فيه .
فقال رضي الله عنه : "فأبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجليه الذاتي ليعلم المتجلى له أنه ما رآه وما ثم مثال أقرب ولا أشبه بالرؤية والتجلي من هذا واجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرم المرآة لا تراه أبدا البتة حتى أن بعض من أدرك مثل هذا في صورة المرآة ذهب إلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة".
يعنى أن المرئي في مرآة الحق هو صورة الرائي لا صورة الحق .
وإن تجلى له ذات الحق بصورته لا بصورتها ، وليس الصورة المرئية في ذاته تعالى حجابا بين الرائي وبينه سبحانه .
بل هي الذات الأحدية المتجلية له بصورته لا كما زعم من ذهب في المرآة إلى أن الصورة حجاب بينها وبين الرائي فإنه وهم.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب و لا أشبَه بالرؤية و التجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة.)
قال رضي الله عنه : "ﻛﺎﻟﻤﺮﺁﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺸﺎﻫﺪ ﺇﺫﺍ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﻓﻴﻬﺎ: ﻻ ﺗﺮﺍﻫﺎ ﻣﻊ ﻋﻠﻤﻚ ﺃﻧﻚ ﻣﺎ ﺭﺃﻳﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺃﻭ ﺻﻮﺭﺗﻚﻭﺍﻟﺤﺎﺻﻞ ﺃﻥ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺇﺫﺍ ﻛﻤﻞ، ﻳﺘﺠﻠﻰ ﻟﻪ ﺍﻟﺤﺼﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺍﻟﻤﻄﻠﻖ، ﻭﻣﺎ ﻫﻲ ﺇﻻ ﻋﻴﻨﻪ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﻻ ﻏﻴﺮ، ﻓﻤﺎ ﺭﺃﻯ ﺍﻟﺤﻖ ﺑﻞ ﺭﺃﻯ ﺻﻮﺭﺓ ﻋﻴﻨﻪ، ﻓﻼ ﻳﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺮﺍﻩ ﻟﺘﻘﻴﺪﻩ ﻭﺇﻃﻼﻕ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺗﻌﺎﻟﻴﻪ ﻋﻦ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﻌﻴﻨﺔ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﺓ ﻟﻪ.
قال رضي الله عنه : (ﻓﺄﺑﺮﺯ ﺍﻟﻠﻪ ﺫﻟﻚ ﻣﺜﺎﻻ ﻧﺼﺒﻪ ﻟﺘﺠﻠﻴﻪ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ ﻟﻴﻌﻠﻢ ﺍﻟﻤﺘﺠﻠﻰ ﻟﻪ، ﺃﻧﻪ ﻣﺎ ﺭﺁﻩ). ﺫﻟﻚ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ، ﺫﻛﺮﻩ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﻣﺎ ﺑﻌﺪﻩ ﻭﻫﻮ (ﻣﺜﺎﻻ) ﻛﺄﻧﻪ ﻳﻘﻮﻝ: ﺫﻟﻚ ﻣﺜﺎﻝ ﺃﺑﺮﺯﻩ ﺍﻟﻠﻪ.
ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ: (ﻧﺼﺒﻪ) ﻭﻟﻢ ﻳﻘﻞ: ﻧﺼﺒﻬﺎ. ﺃﻭ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭ ﺃﻧﻬﺎ ﺟﺮﻡ. ﻭ (ﻣﺎ) ﺑﻤﻌﻨﻰ ﺍﻟﺬﻱ. ﺃﻱ، ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺁﻩ. ﻭﻫﻮ ﻣﻔﻌﻮﻝ ﻳﻌﻠﻢ. ﺃﻭ ﺃﻱ ﺷﺊ ﺭﺁﻩ. ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻪ ﺍﺳﺘﻔﻬﺎﻣﻴﺔ.
قال رضي الله عنه : (ﻭﻣﺎ ﺛﻤﺔ ﻣﺜﺎﻝ ﺃﻗﺮﺏ ﻭﻻ ﺃﺷﺒﻪ ﺑﺎﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭﺍﻟﺘﺠﻠﻲ) ﺃﻱ ﺍﻟﺬﺍﺗﻲ. (ﻣﻦ ﻫﺬﺍ) ﺃﻱ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺜﺎﻝ. (ﻭﺃﺟﻬﺪ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻚ ﻋﻨﺪ ﻣﺎ ﺗﺮﻯ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ). (ﻣﺎ) ﻣﺼﺪﺭﻳﺔ. ﺃﻱ، ﻋﻨﺪ ﺭﺅﻳﺘﻚ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﻓﻴﻬﺎ. (ﺃﻥ ﺗﺮﻯ ﺟﺮﻡ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ ﻻ ﺗﺮﺍﻩ ﺃﺑﺪﺍ ﺃﻟﺒﺘﺔ، ﺣﺘﻰ ﺃﻥ ﺑﻌﺾ ﻣﻦ ﺃﺩﺭﻙ ﻣﺜﻞ ﻫﺬﺍ ﻓﻲ ﺻﻮﺭ ﺍﻟﻤﺮﺍﻳﺎ) ﺟﻤﻊ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ. (ﺫﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﺭﺓ ﺍﻟﻤﺮﺋﻴﺔ ﺑﻴﻦ ﺑﺼﺮ ﺍﻟﺮﺍﺋﻲ ﻭ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ).
ﺃﻱ، ﻫﻲ ﺣﺎﺻﻠﺔ ﺑﻴﻦ ﺑﺼﺮ ﺍﻟﺮﺍﺋﻲ ﻭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ، ﻭﻫﻲ ﺣﺎﺟﺒﺔ ﻋﻦ ﺭﺅﻳﺔ ﺍﻟﻤﺮﺁﺓ.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ : قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب و لا أشبَه بالرؤية و التجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة.)
قال رضي الله عنه : "كالمرآة في الشاهد إذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصور أو صورتك إلا فيها. فأبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجليه الذاتي ليعلم المتجلى له أنه ما رآه. وما ثم مثال أقرب ولا أشبه بالرؤية والتجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عندما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرم المرآة لا تراه أبدا البتة حتى إن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة. "قال رضي الله عنه : (كالمرآة في الشاهد إذا رأيت الصورة)، أي: صورة شيء (فيها لا تراها) أي: نفس المرأة (مع علمك بأنك ما رأيت الصور، أو صورتك إلا فيها) فالمرآة من حيث هذا العلم متجلية ظاهرة، ومن حيث ستر الصورة لها إياها باطنة.
 وإذا كانت رؤية الصورة في المرأة مانعة من رؤية المرأة نفسها، (فأبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجلية الذاتي) رؤية الذات في الدار الآخرة أو الدنيا .
كما قيل في حق نبينا صلى الله عليه وسلم للتنبيه على أنها لا تكون إلا بانعکاس صورة استعداد المتجلى له في مرآة الحق.
قال رضي الله عنه : (ليعلم المتجلى له أنه ما رآه) حين تجلى له، فهذا هو الحكمة في خلق المرايا في الشاهد؛ لأنه (ما ثمة) أي: في الواقع (مثال أقرب) لحقيقة رؤية الذات، (ولا أشبه بالرؤية والتجلي من هذا المثال.
ثم بالغ في شأن كمال هذا المثال لما يتوهم بعض الجهال من رؤية المرأة عند رؤية الصورة فيها، فقال(واجهد في نفسك عندما ترى الصورة في المرأة أن ترى جرم المرآة) من المحل الذي ترى فيه الصورة (لا تراه البتة) لحجب الصورة عن رؤيته كأنها متوسطة بين الرائي والمرآة (حتى أن بعض من أدرك مثل هذا) المنع من رؤية الجرم (في صور المرايا، ذهب إلى أن الصورة المرئية) في المرأة ثابتة (بين بصر الرائي، وبين المرآة) ليست في جرم المرآة، وإلا لم تحجب عن رؤية ظاهر الجرم هذا البيان.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب و لا أشبَه بالرؤية و التجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة.)
مثال المرآة:وأمر هذا التجلي ورؤية الصورة فيه وخفائه بعينه (كالمرآة في الشاهد إذا رأيت الصور فيها ، لاتراها) أي المرآة ضرورة أنه من شأنها أن يختفي بنفسها في الصورة المرئية .
ثم إنه يمكن أن يقال هاهنا بحسب الأنظار السخيفة وقواعدها : «إن ذلك لعدم إمكان توجه العقل بآلته الواحدة في حالة واحدة نحو أمرين متغائرین ».
فقال : عدم رؤية المرآة (مع علمك أنك ما رأيت الصور أو صورتك إلآ فيها) دفعا لذلك الوهم أولا إذ لو كان المانع ذلك لما أمكن له رؤية الصور فيها أصلا۔
وتحقيقا لوجه المماثلة ثانيا ، فإن المرأة بهذا الوجه صارت مماثلة للحق .
( فأبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجليه الذاتي ) في عالم المثال ( ليعلم المتجلى له ما رآه ؛ وما ثم مثال أقرب ) نسبة ( ولا أشبه ) حكما ( بالرؤية والتجلي من هذا ) ؛ فإنها أظهرت صورة الرائي كما هي له مختفيا فيها ، بحيث لايرى منها صورة أصلا ، مع علمه أنه لا يرى الصورة إلآ فيها .
وهكذا سبيل الحقائق بالنسبة إلى الوجود عند أرباب النظر ، فإن بديهة العقول شاهدة بأن سائر الماهيات بديهية كانت أو مكتسبة إنما يتحقق ويعلم في الوجود مع عجزهم عن إدراك الوجود ، حتى ذهب بعضهم إلى أنه من الاعتبارات العقلية التي لا وجود لها في الخارج .
(واجهد نفسك عندما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرم المرآة ، لا تراه أبدا ألبتة ) إلا عند إعراضك وصرف النظر عن الصورة الظاهرة والتفاتك نحوها وتحديق النظر فيها .
فعلم من هذا أن الظاهر لدى الحش هاهنا هي الصورة، والجرم مختف فيها فهو كالباطن لها، ولا يخفى أن الصورة لوكانت ظاهرة في الجرم أو به لكان الأمر بالعكس.
ومن ثمة وقع التحير لأرباب العقول (حتى أن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة) بناء على ما ذهبوا إليه من أن الصور المتجسدة إنما يتكون في عالم المثال، لكن شرط ظهورها للحواس الظاهرة حضور الأجسام الهيولانية ذوي السطوح الصقيلة عندها والتفاتها لها.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه. وما ثَمَّ مثال أقرب و لا أشبَه بالرؤية و التجلي من هذا.
وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة.)
قال رضي الله عنه : "أبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجليه الذاتي ليعلم المتجلى له أنه ما رآه.
و ما ثم مثال أقرب و لا أشبه بالرؤية و التجلي من هذا.
و أجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرم المرآة لا تراه أبدا البتة حتى إن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي و بين المرآة. "
قال رضي الله عنه : (فأبرز الله ذلك)، أي ظهور الصورة في المرآة (مثالا نصبه لتجليه الذاتي ليعلم المتجلى له انه ما رآه)، أي الذي رآه أو أي شيء راه على أن تكون "ما" موصولة أو استفهامية .
والذي رأى صورته في الحق والحق في صورته .
(وما ثم مثال أقرب) من الممثل به (ولا أشبه بالرؤية والتجلي) الذاتي (من هذا) المثال، وهو ظهور صورتك في المرأة ورؤيتك إياها فيها (واجهد في نفسك عندما ترى) ما مصدرية.
 أي عند رؤيتك (الصورة في المرآة) واستغراق الشهود والرؤية بالصورة المثالية المرئية (أن تری جرم المرأة لا تراه أبدأ البتة) إلا عند صرفك النظر إلى الصورة و إعراضك عنها والتفاتك حق المرأة وتحديق النظر فيها إذ الشهود الواحد والإبصار المتعين لا يسع في وقت واحد إلا مشهودة واحدة معينة.
وإنما قال : جرم المرأة لأن بعض أحكام المرأة كالصقالة والكدورة والاستواء والانحناء قد يرى ولكن في الصورة.
فالصورة مرآة الأحكام للمرآة كما أن المرأة مرآة لذات الصورة.
(حتى أن بعض من أدرك مثل هذا) الذي ذكرنا (في صورة المری)، أي في الصورة المرئية فيها من أن الرائي هو الصورة لا المرآة.
 (ذهب إلى أن الصورة) المرئية حائلة (بين بصر الرائي و بين المرآة) حاجبة عن رؤيته إياها.

.

كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه :  (كالمرآة في الشاهد إِذا رأيت الصورة فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصُّوَرَ أو صورتك إِلا فيها. فأبرز اللَّه ذلك مثالًا نصبه لتجليه الذاتي‏ ليعلم المتجلَّى له أنه ما رآه.  وما ثَمَّ مثال أقرب و لا أشبَه بالرؤية و التجلي من هذا. وأجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرْم المرآة لا تراه أبداً البتة حتى إِن بعض من أدرك مثل هذا في صور المرايا ذهب إِلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي وبين المرآة. )
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : ( كالمرآة في الشاهد إذا رأيت الصور فيها لا تراها مع علمك أنك ما رأيت الصور أو صورتك إلا فيها . فأبرز الله ذلك مثالا نصبه لتجليه الذاتي ليعلم المتجلي له أنه ما رآه .   و ما ثمة مثال أقرب و لا أشبه بالرؤية و التجلي من هذا . و اجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرم المرآة لا تراه أبدا البتة حتى أن بعض من أدرك مثل هذا في صور المريا ذهب إلى أن الصورة المرئية بين بصر الرائي و بين المرآة .  )
قال الشارح رحمة الله :
( كالمرآة في الشاهد) أراد رضي الله عنه لتوضيح الأمر أن يقيس الغائب على الشاهد، و ضرب مثل (إذا رأيت الصور فيها لا تراها ): أي لا ترى نفس المرآة و جرمها و عينها: أي حين نظرك صورته لم تر صورة المرآة، كما قيل لا يصدر من الواحد إلا الواحد .
أما ترى جرم المرآة ما ترى نفسك و صورتك فيها مع علمك أنك مهما رأيت الصور أو صورتك إلا فيها مثله كمثل الضوء أنه يرى به كل شيء، و هو لا يرى بل ولا يمكننا أن نشير إليه .
فهو تعالى غائب حاضر منظور ناظر، باطن ظاهر، إنّ هذا لشي ء عجاب و لله المثل الأعلى، و هو العزيز الذي لا يرى من حيث هويته الحكيم، حتى يقال: إنه يرى من حيث ذاته .
( فأبرز الله ذلك ): أي حكم المرآة مثالا نصبه لتجلي الذات: أي أنّ الله تعالى قد ضرب الأمثال.
فقال تعالى: "كذلك يضْربُ اللّهُ الْأمثال" [ الرعد: 17] .
فالعالم كله بما فيه ضرب مثلا واحد ليعلم أنه هو يجعله دليلا عليه وأمرنا بالنظر فيه .
فما ضرب الله في العالم المثل صورة المرآة .

( ليعلم المتجلي له ما رآه ): أي الذي أراد أنه لا هو لا غيره، و ما ثم مثال محسوس أقرب من حيث الأخذ و الفهم أنه قريب المآخذ و الفهم و لا أشبه بالرؤية و المتجلي المعقولين من هذا المثل المحسوس فإنك إذا رأيت الصورة الظاهرة في الجسم الصقيل و حققت رؤيتك، فتجد تلك الصورة حالت بينك و بين إدراكك عين الجسم الصقيل الذي هو مجلاها فلا تراه أبدا، و الحق جلي صور الممكنات فلم ير العالم إلا العالم في الحق، فافهم .
( و اجهد في نفسك عند ما ترى الصورة في المرآة أن ترى جرم المرآة لا تراه أبدا البتة) قد ذكرنا بيانه آنفا في المتن السابق .
( حتى أن بعض من أدرك مثل هذا في الصور المرائي ذهب إلى أن الصورة المرئية) هي التي حالت بين الرائي و المرآة عند المقابلة هذا أعظم ما قدر عليه من العلم في الخبرة .
و الأمر كما قلناه و قررناه و ذهبنا إليه و هو أنّ الإنسان يدرك صورة في المرآة و يعلم قطعا أنه أدرك صورته بوجه، و يعلم قطعا بلا مرآته ما أدركها بوجه لأنه يرى من الدقة و الرقة، إذا كان جرم المرآة صغير، أو يعلم أنّ صورته أكبر من التي رآه بما لا يتقارب .
و إذا كان جرم المرآة كبيرا فيرى صورته في غاية الكبر، و يقطع إنّ صورته أصغر من ذلك و لا يقدر أن ينكر أنه ما رأى صورته، و يعلم أنه ليس في المرآة صورته، و لا هي بينه و بين المرآة، و لا هي انعكاس شعاع البصر إلى الصورة المرئية فيها من خارج سواء كان صورته أو غيرها، إذ لو كانت كذلك لأدرك الصورة على قدرها و ما هي عليه، فليس بصادق و لا كاذب في قوله: إنه رأى صورته .

فما تلك الصورة المرئية؟ و أين محلها؟ و ما شأنها؟
فهي منفية ثابتة، معدومة موجودة، معلومة مجهولة .
أظهر الله سبحانه هذه الحقيقة الجزائية لعبده، ضرب مثال ليعلم أنه عجز و حار في محسوس مرئي مخلوق فهو بالخالق أعجز و أكثر حيرة .

"" أضافة الجامع من دراسة د. سعاد الحكيم الصورة عند الشيخ ابن العربي رضي الله عنه:
1 – الصورة المفردة - المضافة  :
تفريق بين الصورة و الهيولي ، أو الجسم والروح في الإنسان الواحد ، ولكنه توغل بها ولم يحصرها بالإنسان بل عممها على مستويات الوجود كافة : العالم ، الحق ، الخلق ، المعاني . فكانت الصورة : وجودا عينيا للشيء في مقابل حقيقته وماهيته ، أو مظهرا له في مقابل الباطن .
يقول الشيخ : " ثم أوجد ( الحق ) في هذا العماء جميع صور العالم الذي قال فيه أنه هالك ، يعني من حيث صورة ( الصورة ) إلا وجهه .
يعني : إلا من حقيقته فإنه غير هالك ، فالهاء في وجهه تعود على الشيء .
ومثال ذلك  أن صورة الإنسان إذا هلكت ولم يبق لها في الوجود أثر لم تهلك حقيقته التي يميزها الحد ، وهي عين الحد له .
فنقول : الإنسان حيوان ناطق فإن هذه الحقيقة لا تزال له. وإن لم تكن له صورة في الوجود.

2 - صورة الحق :
يقول الشيخ : أراد الحق أن يرى أعيان أسمائه الحسنى ، فخلق العالم مرآة ، ولكن صورته لم يستطعها أي جزء من هذا العالم بمفرده ، لذلك خلق بيديه آدم ، الإنسان الكامل ، وصحت له الصورة لخلقه باليدين ، ومن ثم صحت له الخلافة لكونه على الصورة .
وبذلك أضحت الصورة مسبوقة بخلق ( اليدين ) بكل ما تحويه هذه الكلمة من أبعاد . متبوعة بالخلافة بكل ما تفترضه في الخليفة من الظهور بالصورتين :
صورة الحق ( المستخلف ) صورة الخلق ( المستخلف عليه ) .
يقول ابن العربي الطائي الحاتمي : " وما حاز المؤمن السعة إلا بكونه على صورة العالم وعلى صورة الحق ، وكل جزء من العالم ما هو على صورة الحق.
وإنما صحت الصورة لآدم لخلقه باليدين ، فاجتمع فيه حقائق العالم بأسره والعالم يطلب الأسماء الإلهية . فقد اجتمع فيه الأسماء الإلهية.
" إنما كانت الخلافة لآدم عليه السلام دون غيره من أجناس العالم ، لكون الله تعالى خلقه على صورته ،فالخليفة لا بد أن يظهر فيما استخلف عليه ، بصورة مستخلفه وإلا فليس بخليفة له فيهم.

3 - صورة العالم :
يقول ابن العربي الطائي الحاتمي : " الإنسان الحيوان : خليفة الإنسان الكامل ، وهو الصورة الظاهرة التي بها جمع حقائق العالم .
والإنسان الكامل هو الذي أضاف إلى جمعية حقائق العالم ، حقائق الحق ، التي بها صحت له الخلافة."
يتضح من النص أن ( صورة العالم ) هي مرادف لمختصر العالم .
" أن ( صورة الحق ) ليست ضرورة في صورة الإنسان الحدية ، ينالها كل من دخل في نوع الإنسان ، بل هي مرتبة وصفة ، لا يأخذها إلا الكامل من هذا النوع ( وعندها يسمى : صاحب الصورة أو صاحب العهد )
مرتبتها : التصرف في المراتب الكونية كلها ، لأنها مرتبة الخلافة .
صفتها كاملة جامعة كاملة من حيث أن كل إنسان ينالها هو عالم مستقل وكل ما عداه هو جزء من العالم ، جامعة من حيث أن الإنسان المذكور يجمع في حقيقته كافة حقائق الخلق والحق.

يقول ابن العربي الطائي الحاتمي : " وإنما هي ( الصورة ) للنفس الكاملة كنفوس الأنبياء ، ومن كمل من الناس .
يقول :" الإنسان ... بما هو إنسان هو قابل للصورة ، إذا أعطيها لم يمتنع من قبولها الخليفة وهو صاحب الصورة .
يقول :" الإنسان الكامل هو ( صورة الحق ) : تعني هذه العبارة أن الإنسان الكامل ( وحده دون سائر المخلوقات ) يمكن أن نطلق عليه جميع الأسماء الإلهية ، ما عدا الوجوب الذاتي ، فصورة الحق إذن هي مظهره الصفاتي الأسمائي .

يقول ابن العربي الطائي الحاتمي : " ولا خلق ( الله ) الإنسان عبثا بل خلقه ليكون وحده على صورته ، فكل من في العالم جاهل بالكل عالم بالبعض ، إلا الإنسان الكامل وحده فإن الله علمه الأسماء كلها ، وآتاه جوامع الكلم فكملت صورته فجمع بين صورة الحق وصورة العالم ، فكان برزخا بين الحق والعالم .  (الإنسان) مرآة منصوبة يرى الحق صورته في مرآة الإنسان.
يقول : ومعنى رؤية صورة الحق فيه : إطلاق جميع الأسماء الإلهية عليه ... فالإنسان متصف ،
يسمى : بالحي العالم المريد السميع البصير المتكلم القادر وجميع الأسماء الإلهية ... تحت إحاطة هذه الأسماء السبعة ".

" لقد استعمل ابن العربي الطائي الحاتمي جملة تمثيلات لتفسير نشوء الكثرة عن الوحدة ( ظلال ، مرايا ، صور ... ) فكل ما سوى الحق هو صورة له ، وتتفاضل الصور نظرا لاستعداد المحل المنظور به ، من حيث أن كل موجود يظهر بصورة الحق التي تقتضيها عينه الثابتة.
إذن ( الصور ) هي مبدأ الكثرة والتفاضل في الوحدة الوجودية .
فالوجود المطلق ( الحق ) يتجلى فيما لا يتناهى عدده من الصور ، التي لا تقوم بذاتها بل تفتقر في وجودها إلى الحق مع الأنفاس .

يقول ابن العربي الطائي الحاتمي : " وكل ما سوى الله قد ظهر على صورة موجوده ، فما أظهر
إلا نفسه ، فالعالم مظهر الحق على الكمال ... ثم أن الله اختصر من هذا العالم مختصرا مجموعا ، يحوي على معانيه كلها من أكمل الوجوه سماه آدم ، وقال أنه خلقه على صورته  ".
ويقول : " الشخص وإن كان واحدا فلا تقل له ظل واحد ولا صورة واحدة ... فعلى عدد ما يقابله من الأنوار يظهر للشخص ظلالات ، وعلى عدد المرأي تظهر له صور ، فهو واحد في ذاته متكثر من حيث تجليه في الصور ، أو ظلالاته في الأنوار فهي المتعددة لا هو ، وليست الصور غيره ".

يقول الدكتور عبد المنعم الحفني : الصور في طور التحقيق الكشفي علوية وسفلية : والعلوية حقيقية و اضافية .
والعلوية الحقيقية : هي صور الأسماء الربوبية والحقائق الوجوبية والحقيقة الفعالة ...
والعلوية الإضافية : هي حقائق الأروح العقلية ، المهيمنية والنفسية .
وأما الصور السفلية : فهي صور الحقائق الامكانية ، وهي أيضا منقسمة إلى علوية وسفلية.
فمن الصور العلوية  : ما سبق من الصور الروحانية ، ومنها صور عالم المثال المطلق والمقيد .
وأما الصور السفلية : فمنها : صور عالم الأجسام الغير عنصرية كالعرش والكرسي .
ومنها : صور العناصر والعنصريات . ومن العنصريات الصور الهوائية والنارية .

ومنها : الصور السفلية الحقيقية وهي ثلاث :
صور معدنية .
وصور نباتية .
وصور حيوانية .
وكل من هذه العوالم يشتمل على صور شخصية لا تتناهى ولا يحصيها إلا الله سبحانه ، والحقيقة الفعالة الإلهية فاعلة ، بباطنها من الصور الاسمائية ، وبظاهرها الذي هو الطبيعة الكلية التي هي مظهرها ، أصل صور العوالم كلها .  ""
.
واتساب

No comments:

Post a Comment