Tuesday, July 9, 2019

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الخامس والثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الخامس والثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الخامس والثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي
الفقرة الخامس والثلاثون : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ  :
حكمة إلهية في كلمة آدمية، وهو هذا الباب.
ثم حكمة نفثية في كلمة شيئية.
ثم حكمة سبوحية في كلمة نوحية.
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسية.
ثم حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية.
ثم حكمة حقية في كلمة إسحاقية.
ثم حكمة علية في كلمة إسماعيلية.
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية.
ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية.
ثم حكمة أحدية في كلمة هودية.
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية.
ثم حكمة قلبية في كلمة شعيبية.
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية.
ثم حكمة قدرية في كلمة عزيرية.
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية.
ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية.
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية.
ثم حكمة نفسية في كلمة يونسية.
ثم حكمة غيبية في كلمة أيوبية.
ثم حكمة جلالية في كلمة يحياوية.
ثم حكمة مالكية في كلمة زكرياوية.
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية.
ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية.
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية.
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية.
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية.
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية.
وفص كل حكمة الكلمة التي تنسب إليها.
وجملة هذه الحكم المشتمل عليها هذا الكتاب سبع وعشرون حكمة لسبعة وعشرين نبيا :
الأولى : (حكمة إلهية)، أي منسوبة إلى الله تعالی .
(في كلمة) من كلمات الله التامات وفي دعاء النبي عليه السلام: «أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق» .
وما خلق هو عالم الخلق والتصوير، وهو كلمات الله الناقصات وهم أهل الغفلة والغرور، لأنهم في عالم الخلق واقفون.
والأنبياء والأولياء عليهما السلام في عالم الأمر واقفون (آدمية) منسوبة إلى آدم عليه السلام.
(وهي)، أي هذه الحكمة الإلهية (هذا الباب) الأول الذي فرغنا من بيانه .
(ثم) الثانية : (حكمة نفثية) منسوبة إلى النفث وهو النفخ مع بعض رطوبة اللعابية، ومنه نفث الوحي الجبرائيلي.
كما قال عليه السلام: «نفث روح القدس في روعي» الحديث، أي نفخ مع بعض رطوبة وقعت في روعي، أي قلبي وهي برودة اليقين.
ولهذا كان عليه السلام إذا جاء الوحي تدثر وتزمل وأخذته القشعريرة في جسده حتى قال الله تعالى فيما أوحى إليه : "يا أيها المدثر" 1 سورة المدثر.، و " يا أيها المزمل" 1 سورة المزمل.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (شيثية)، أي منسوبة إلى شيث عليه السلام وهو ابن آدم لصلبه وكان نبيا صاحب صحائف أنزلها الله تعالى عليه بالوحي الجبرائيلي.
(ثم) الثالثة : (حكمة سبوحية) منسوبة إلى سبوح بمعنى التسبيح على وجه المبالغة، وهو التنزيه الله تعالى عما لا يليق به من المعاني الإمكانية .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (نوحية) منسوبة إلى نوح عليه السلام.
(ثم) الرابعة : (حكمة قدوسية) منسوبة إلى قدوس بمعنى التقديس على وجه المبالغة، وهو تطهير الله تعالى عن جميع الاعتبارات العقلية، والنسب الوهمية ، والفرق بينه وبين التسبيح : أن التسبيح بمعنى التنزيه والتقديس بمعنى التنزيه عن التنزيه .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (إدريسية) منسوبة إلى إدريس عليه السلام.
(ثم) الخامسة : (حكمة مهيمية) بصيغة اسم المفعول منسوبة إلى الهيم من الهيام وهو غاية المحبة (في كلمة) من كلمات الله التامات (إبراهيمية) منسوبة إلى إبراهيم عليه السلام.
(ثم) السادسة : (حكمة حقية) منسوبة إلى الحق وهو خلاف الباطل.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (إسحاقية) منسوبة إلى إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.
(ثم) السابعة : (حكمة علنية) بتشديد الياء مشتقة من العلو وهو نقيض السفل.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (إسماعيلية) منسوبة إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.
(ثم) الثامنة : (حكمة روحية) منسوبة إلى الروح وهي قيومية الله تعالى في كلية خلقه ملك وملكوتة، والروح في الأصل اسم للريح إذ الياء تبدل واوا في كثير من الكلمات في لغة العرب وكان تسميتها بذلك، لأنها تنقل أخبار الحق تعالى إلى العبد كما تنقل الريح أخبار الروض إلى المستنشقين فيكشفون بالرائحة عن الريحان، ويستغنون بالآثار عن الأعيان، فإذا هو بها من مطلع شمس الأحدية على فلك الأسماء والأوصاف الأقدسية .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (يعقوبية) منسوبة إلى يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام.
(ثم) التاسعة: (حكمة نورية) منسوبة إلى النور، وهو العالم الأصلي لهذا العالم، وهو المدرك منا لعالمنا الذي ندركه، وحقيقة النور تنافي كل حقيقة بالماهية والصورة، والنور نوران: نور الحق تعالى وهو الغيب المطلق وهو النور القديم، ونور العالم المحدث، وهو نور نبينا الذي أول ما خلقه الله تعالى من نوره، ثم خلق منه كل شيء، فهو كل شيء من حيث الماهية وكل شيء غيره من حيث الصورة، كما أنه هو نور الحق تعالى من حيث الماهية وهو غير نور الحق من حيث الصورة، فإن معنى إيقادنا نور سراج من نور سراج آخر:
أن الأول أثر في الثاني فظهر الثاني على صورة الأول، بل الثاني هو الأول بعينه ظهر في فتيلة ثانية من غير انتقال عن الأول، وهكذا في باقي التعددات التي لا تحصى.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (يوسفية) منسوبة إلى يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام.
(ثم) العاشرة :(حكمة أحدية) منسوبة إلى الأحد وهو من حيث الحق تعالى وصف من أوصافه، ومن حيث نحن اسم من أسمائه ، ومعناه الذي ليس فيه شائبة اثنينية حقيقة ولا بوجه من الوجوه، بخلاف الواحد فإنه يقال على المنفرد في حضرة وإن شاركه غيره في باقي الحضرات فهو أعم والأحد أخص.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (هودية) منسوبة إلى هود عليه السلام.
(ثم) الحادية عشر : (حكمة فتوحية) منسوبة إلى الفتوح اسم الفتح وهو ابتداء الشيء من غير سبق مثله، وهو الإبداع والاختراع، وكل شيء له إبداع من الحق تعالى واختراع فله فتح إلهي هو فتوح ذلك الشيء ويسمى فاتحته، وهو إيجاده الأمري الواحدي، وقرآنه هو الجمعي الذاتي، وفرقانه هو الفرقي الصفاتي، ولهذا يتحد في القرآن ويتعدد في الفرقان، وفاتحته تجمع قرآنه و فرقانه كما أن بسملته تجمع فاتحته، وباءه تجمع بسملته، ونقطته تجمع باءه فهي نقطة وهي بحر قال تعالى :" ولا يحيطون بشيء من علمه "255 سورة البقرة.
فنفى عنهم الإحاطة بشيء من الأشياء مطلقا، مع أنهم أحاطوا بالنقطة فقد أحاطوا من حيث إنهم هو وما أحاطوا من حيث هم، كما أن نقطة الباء هي جميع القرآن والفرقان وما هي جميع القرآن ولا الفرقان.
قال الخضر لموسى عليهما السلام : ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما أخذ هذا العصفور بفمه من ماء البحر .
وهي النقطة التي أخذتها الروح من بحر الأمر الإلهي، وهي الصورة الجسمية التي لكل شيء والمعنوية أيضا.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (صالحية) منسوبة إلى صالح عليه السلام .
(ثم) الثانية عشر : (حكمة قلبية) منسوبة إلى القلب وهو تعيين أمر الله تعالی الواحد في حضرة من الحضرات سمى قلبا من سرعة القلب.
قال تعالى : "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر " 50 سورة القمر.
والنفس مجموع ذلك كما أن الكلمة مجموع حروف والكلام مجموع کلمات
(في كلمة) من كلمات الله التامات (شعيبية) منسوبة إلى شعيب عليه السلام.
(ثم) الثالثة عشر (حكمة ملكية) منسوبة إلى الملك بالتحريك واحد الملائكة ، وهي الأرواح المنفوخة في الأجسام النورية فوق الأجسام النارية والترابية، ولهذا سكنت السماء، ونزولها إلى الأرض في الأجسام النارية والترابية الأصلية وغير الأصلية لا غير بطريق الاستيلاء على القابل لذلك من الأصلية، كما أن الأجسام النارية تنزل إلى الأجسام الترابية الأصلية وغير الأصلية بطريق الاستيلاء أيضا على القابل لذلك من الأصلية.
وهذا هو الفارق بين الكهانة والنبوة وبين السحر والصديقية وبين الوسوسة والإلهام، فالوسوسة مقام المبتدئين في الضلال كما أن الإلهام مقام المبتدئين في الهدى.
والسحر مقام المتوسطين في الضلال والصديقية مقام المتوسطين في الهدى، والكهانة مقام النهاية في الضلال .
كما أن النبوة مقام النهاية في الهدى، وقد انقطعت الكهانة الآن كما انقطعت النبوة، وما بقي إلا الوسوسة والسحر والإلهام والصديقية.
فالمعتبر في الضلال والهدى هذه المقامات المذكورة، وما دون ذلك فإنه تبع لما ذكرنا لا استقلال له بضلال ولا هدى.
وكما أن الأجسام الترابية منقسمة إلى قسمين:
مستقل بالضلال ومستقل بالهدى.
كذلك الأجسام النارية قسمان:
مستقل بالضلال هم الشياطين يستمدون من إبليس.
ومستقل بالهدی هم صالحو الجن يستمدون من الملائكة.
والملائكة مستقلون بالهدی كلهم يستمدون من الروح الكلي.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (لوطية) منسوبة إلى لوط عليه السلام .
(ثم) الرابعة عشر : (حكمة قدرية) منسوبة إلى القدر بالتحريك وهو : جعل الله
الله تعالى كل شيء بمقدار على حسب ما اقتضته حضرات ذاته المتجلي بها لذاته
والقضاء هو : الحكم بذلك فهما في المعنى واحد واثنان في الصورة.
فثبوت کل شيء بمقدار في علم الحق تعالى يسمى قدرة من جهة تخصيص المقدار المعلوم بكل شيء.
ويسمى قضاء من جهة الحكم به وتنفيذه على طبق مقداره المعلوم
(في كلمة) من كلمات الله التامات (عزيرية) منسوبة إلى العزير عليه السلام.
(ثم) الخامسة عشر : (حكمة نبوية) منسوبة إلى النبي وهو فعيل بمعنی فاعل، أو بمعنى مفعول من النبأ بمعنى الخبر، أو النبوة وهي الرفعة.
وحقيقة النبوة هي الرفع الحجب الظلمانية والنورانية التي هي كل شيء من غير ذهاب كل شيء.
والأخذ عن الحق تعالى بلا واسطة في عالم الغيب، وعن جبريل عليه السلام في عالم النور، ثم الرجوع بذلك إلى عالم الظلمة من غير زيادة ولا نقصان .
واحترزت بقولي: من غير ذهاب كل شيء، عن حقيقة الولاية، فإنها رفع الحجب الظلمانية والنورانية التي هي كل شيء جسماني أو روحاني في وقت الشهود من غير أن يبقى مع ذلك شيء من الأشياء مطلقة، وإذا ظهرت الأشياء انسدلت الحجب.
واحترزت بقولي: وعن جبريل عليه السلام في عالم النور، عن الصديقية ، فإنها وإن كانت رفع الحجب المذكورة التي هي كل شيء مع ثبوت كل شيء على ما هو عليه، لكن لا أخذ فيها عن جبريل عليه السلام في عالم النور بل عن ملك من خدمة جبريل عليه السلام يسمى ملك الإلهام، لأنه كل فتح له ملك مخصوص .
واحترزت بقولي: ثم الرجوع بذلك إلى عالم الظلمة من غير زيادة ولا نقصان، عن مقام القرية الذي فوق الصديقية ودون النبوة، فإنه لا رجوع فيه إلى عالم الظلمة، وإن كان فيه رجوع فبزيادة أو نقصان.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (عيسوية) منسوبة إلى عيسى عليه السلام.
(ثم) السادسة عشر : (حكمة رحمانية) منسوبة إلى الرحمن، وهو اسم من أسماء الله تعالی غلب على باقي الأسماء كلها في ظهورها بأثارها، ولولا ذلك ما قبل أثر من الأثار الظهور عن اسم إلهي .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (سليمانية) منسوبة إلى سليمان عليه السلام.
(ثم) السابعة عشر : (حكمة وجودية) منسوبة إلى الوجود، وهو النور الذي لا لون له ولا صورة أشرق على الألوان والصور الممكنة المعدومة، فظهرت وهي على ما هي عليه من العدم ومن الظلمة الأصلية، وهو على ما هو عليه من التنزيه عن جميع ذلك، فكان العالم وتجرد عن جميع الألوان والصور المذكورة كما هو مجرد عن ذلك في حال إشراقه المذكور، فهو الحق تعالى، وليس الإشراق الذي أردناه إشراق اتصال ولا انفصال، ولكن صبغه بالإرادة والاختيار
كما قال تعالى : " صبغة الله ومن أحسن من الله صبغه" 158 سورة البقرة.
وجميع ما يذكر في الحق تعالی علی طريقة ضرب المثل، وإلا فليس بشيء يشبه الحق تعالی مطلقة لا في عالم الحس ولا في عالم المعاني.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (داودية) منسوبة إلى داود عليه السلام.
(ثم) الثامنة عشر : (حكمة نفسية) منسوبة إلى النفس بالسكون وهي: ظهور الروح للجسم بما يناسبه كما أن السامري لما قبض قبضة من أثر الرسول وهو جبريل عليه السلام، لأنه الروح الأمين، ثم صاغ جسم عجل من ذهب ووضع تلك القبضة في ذلك العجل فظهر منه خوائر وهو صوت العجول، فحكمت تلك الروح التي وضعها فيه بما يقتضيه ذلك الجسم وهو الخوار، ولو أنه وضعها في جسم إنسان النطق، أو فرس لصهل، أو حمار لنهق، والحيوانية لازمة في الكل على كل حال، فالنفس السارية في ذلك العجل هي الحيوانية مع الخوار، وهي أثر تلك القبضة ، كما أن تلك القبضة من أثر الرسول.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (يونسية) منسوبة إلى يونس عليه السلام.
(ثم) التاسعة عشر : (حكمة غيبية) مسنوبة إلى الغيب وهو : ما غاب عن العالم
من الحق تعالى، فإنه تعالى ظهر للعالم على حسب ما يليق بهم فعرفه كل شيء بما عرف به ذلك الشيء نفسه .
وهذا هو الشهادة، فليس الحق تعالی مجهولا لشيء من الأشياء من هذا الوجه، ثم إنه تعالى خفي عن العالم بمقتضى ما لا يليق بهم، فلم يعرفه كل شيء لعدم مناسبته بينه وبينالشيء من الأشياء.
وهذا هو الغيب فهو تعالی مجهول لكل شيء من هذا الوجه، فالغيب هو الحق تعالى، والشهادة هي الحق تعالى.
كما قال سبحانه : "الذين يؤمنون بالغيب" 3 سورة البقرة .
قال بعض المفسرين: الغيب هو الله تعالى، ومن أسمائه تعالى الظاهر الباطن، فالظاهر هو الشهادة والباطن هو الغيب.
وقال تعالى: "ولا تكتموا الشهادة" 283 سورة البقرة. أي لا تخفوا، أنها الحق تعالى وتجحدوا ذلك "ومن يكتمها فإنه آثم  قلبه" لإنكاره
ما هو الحق كما صرح بها النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكتمها في قوله : أصدق كلمة قالها شاعر قول لبيد :
ألا كل شيء ما خلا الله باطل
والسموات والأرض وما بينهما مخلوقة بالحق. قال تعالى : "وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين" 38 سورة الدخان.
ما خلقناهما إلا بالحق والمخلوق بالحق، أي المقدر به الموجود به حق، والحق ليس بباطل، فالباطل إنما هو السوي والغير لا المشهود من كل شيء.
وفي الآية: "كل شيء هالك إلا وجهه" 88 سورة القصص.
فالشيء هو الباطل الهالك، ووجه الله هو الحق، في فالشهادة كلها حق، وهي الحق تعالى، والأشياء كلها هالكة.
ولا يقدر على الفرق بين الحق تعالی من حيث إنه هو الشهادة وبين الأشياء كلها إلا من عرف نفسه فعرف ربه، وقليل ما هم .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (أيوبية) منسوبة إلى أيوب عليه السلام.
(ثم) العشرون: (حكمة جلالية) منسوبة إلى الجلال وهو باطن الجمال، كما أن ظاهر النار جمال للإنارة و الإضاءة والإشراق، وباطنها جلال للتعذيب
والإحراق والإفناء والإعدام، فالجلال مستور بالجمال.
فالظاهر من الحق تعالى هو الجمال، وهو كل شيء لقربه إلى العقول والحواس، والباطن من الحق تعالى هو الجلال لإعدامه الأشياء وإهلاکه لها.
من قوله تعالى: "وكل شيء هالك إلا وجهه" 88 سورة القصص.
وللإيقاع في الحيرة المدهشة، فالجمال الإلهي يثبت العالم ويوجده، والجلال الإلهي ينفيه ويعدمه.
ولا يزال الأمر كذلك يتعاقب الوجود والعدم تعاقب النهار والليل .
كما قال تعالى: "وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر" 50 سورة القمر. وكل شيء قائم بأمر الله تعالى، فهو كلمح البصر .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (يحيوية) منسوبة إلى يحيى عليه السلام .
(ثم) الحادية والعشرون (حكمة مالكية) منسوبة إلى المالك وهو الحق تعالی، لأنه المتصرف في جميع العالم، وتصرفه نافذ على كل حال.
والمالك على قسمين :
مالك مطلق وهو الحق تعالى.
ومالك مقيد وهو العبد. والقيد من جملة ذلك الإطلاق.
فالمالك المطلق مستولي على كل شيء والمالك المقيد ظهور استيلاء ذلك المالك المطلق على شيء من تلك الأشياء.
فالمالك المقيد داخل في المالك المطلق مندرج تحته، ولما كان الحق تعالی ظاهرة في الدنيا بكل مالك مقيد كان باطنة عن أهل الدنيا .
فقال تعالى: "وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه" 7 سورة الحديد.
يعني من حيث قيودكم، وأما في الآخرة فينعزل كل مالك عن ملکه، ويظهر المالك المطلق
كما قال تعالى : "الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم " 56 سورة الحج. وقال: "ملك يوم الدين " 4 سورة الفاتحة.
وقال : "لمن الملك اليوم" ثم أجاب نفسه بنفسه فقال :"لله الواحد القهار" 16 سورة غافر .
إذ لا غيره في الحقيقة، وإن كان الجواب من جهة قيد من قيوده، إذ القيود كلها فانية بالنسبة إلى ذاته تعالى.
كما قال سبحانه : "كل من عليها فان" 26 سورة الرحمن.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (زکریاوية) منسوب إلى زكريا عليه السلام.
(ثم) الثانية والعشرون: (حكمة إيناسية) منسوبة إلى الإيناس وهو خلاف الإيحاش.
والأنس بالشيء كمال ظهور الحق تعالی به . كما أن الوحشة من الشيء عدم كمال الظهور المذكور.
وهذا الظهور للأرواح لا النفوس، فإن النفوس قد تجهله فتجحده، والأرواح عالمة به على كل حال لأنها من عالم التقديس، والنفوس من عالم التدليس والتدنيس.
وأصل الأنس في العالم من حضرة الجمال الإلهي التي خرجت منها الأرواح، وأصل الوحشة في العالم من حضرة الجلال الإلهي التي خرجت منها الأجسام.
فأنس الأرواح یزیل وحشة الأجسام إذا اجتمعنا، ولهذا إذا فارقت الروح عن الجسم لا يبقى فيه أنس البتة.
فالإنسان مشتق من الأنس لغلبة العالم الروحاني على العالم الجسماني، فبالإنسان زالت الوحشة عن عالم الأجسام.
وغير الإنسان مما لم تغلب فيه الروحانية على الجسمانية حيوان، والحيوان أنواع باعتبار الفصول التي تميزه عن الجنس، وهو الوحوش
التي قال تعالى: "وإذا الوحوش حشرت" 5 سورة التكوير. مشتقة من الوحشة لغلبة الجسمانية على الروحانية .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (إلياسية) منسوبة إلى إلياس عليه السلام.
(ثم) الثالثة والعشرون: (حكمة إحسانية) منسوبة إلى الإحسان وهو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "الإحسان أن تعبد الله تعالى كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" وهو شهود الله تعالى في كل عبادة من العبادات، والعبادة الذل، ولا أذل من المخلوق.
فكل فعل من أفعاله ذل الله تعالى لاحتياجه إليه تعالى في إرادة ذلك المخلوق له، وفي صدوره عن ذلك المخلوق، فكل فعل من أفعال المخلوق عبادة.
وأما المخالفات فلا يظهر للعبد احتیاجه إلى الله تعالى فيها كمال الظهور، فلا ذل عنده بها بل فيها الاستغناء بنفسه عن ربه.
ولهذا لا تظهر منه إلا في وقت الغفلة عن الله تعالى، وصاحب الغفلة ناقص العبودية، وكلامنا في العبد الكامل في العبودية .
والفرق بين الشهود والرؤية :
أن الشهود كأنك تراه، والرؤية أن تراه، فكاف التشبيه توهم الرؤية ليست برؤية، وذلك رؤية الأثر الذي هو على صورة المؤثر کرؤيتك صورتك في المرآة، فإذا رأيتها فكأنك رأيت وجهك.
وما رأيته بل رأيت أثره المنطبع في المرأة على صورته ، وكل أثر فهو صورة الحق تعالی ظاهر في حضرة من حضرات أسمائه الحسنى، متجلية بتجلي صفاته العليا، ولهذا قال تعالى: "فأينما تولوا فثم وجه الله إن" 115 سورة البقرة.
فإن كان تولوا بمعنی تستقبلوا فثم وجه الله من اسمه الظاهر بالأسماء والأوصاف وإن كان تولوا بمعنی تعرضوا فثم وجه الله من اسمه الباطن بالذات المطلقة .
كما قال تعالى : "والله من ورائهم محيط" 20 سورة البروج .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (لقمانية) على الراجح عند الشيخ رضي الله عنه منسوبة إلى لقمان عليه السلام الذي اختلف في نبوته .
(ثم) الرابعة والعشرون: (حكمة إمامية) منسوبة إلى الإمام وهو المقدم على غيره بحيث يقتدي به غيره في الحركات والسكنات كما قال تعالى: "وكل شيء أحصيناه في إمام مبين" 12 سورة يس.
فالإمام المبين هو كل شيء من حيث الإجمال، وكل شيء هو الإمام المبين من حيث التفصيل، قال تعالى: "والملائكة يشهدون" ، ففرق وفصل "كفى بالله شهيدا" 166 سورةالنساء. فجمع وأجمل.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إذا أمن الإمام فجمع وأجمل فأمنوا" فرق وفصل ثم قال: "فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له"
ففرق وفصل أيضا، لأن الجمع جمع وفرق وإجمال وتفصيل والجمع هو عين الفرق، والإجمال هو عين التفصيل كما قال تعالى: "يوم يقوم الروح والملائكة صفا" 38 سورة النبأ.
فالملائكة تفصيل، والروح إجمال، والصف صف واحد، الملائكة في الفرق والروح في الجمع .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (هارونية) منسوبة إلى هارون أخا موسى عليهما السلام.
(ثم) الخامسة والعشرون: (حكمة علوية) منسوبة إلى العلو نقيض السفل، والعلو هو المؤثر، والسفل هو المتأثر، وكل شيء مؤثر ومتأثر. فمن حيث هو مؤثر علو، ومن حيث هو متأثر سفل.
قال تعالى : " والركب أسفل منكم " 42 سورة الأنفال. والركب هم بنو آدم الذي قال تعالى فيهم: "ولقد كرمنا بني عام ولهم في البر والبحر" 70 سورة الإسراء.
فهم المحمولون وغيرهم من الخلق ليسوا مکرمین، فليسوا محمولين، فليسوا بركب فما هم أسفل بل أعلى، والعلو للمؤثر فقط، والمؤثر هو .
الله تعالى وحده لولا أنهم نازعوا الله تعالی بنفوسهم في صفة التأثير التي له تعالى وحده .
ما كان لهم العلو على الركب المحمولين . والمنازعون الله تعالی هالكون فيه تعالى، لأنهم لم يعرفوا نفوسهم فلم يعرفوا ربهم، فادعوا ما ليس لهم وهو العلو من حيث نفوسهم فهلكوا بتكبرهم على الله تعالى.
والركب لما تواضعوا الله تعالى بالأسفلية ظهر لهم تأثير الله تعالى فيهم، فميزوا بينهم وبينه فرفعهم الله إليه .
كما قال تعالى: "بل رفعه الله إليه " 158 سورة النساء.  وقال : "ورفعناه مكانا عليا " 57 سورة مريم . وقال: "ورفعنا لك ذكرك " 4 سورة الشرح.
وذكره هو ما أنزل الله تعالى عليه به، والرفع الإزالة، فإذا زال السفل بقي العلو وهو الله تعالى وحده .
(في كلمة) من كلمات الله التامات (موسوية) منسوبة إلى موسى عليه السلام.
(ثم) السادسة والعشرون : (حكمة صمدية) منسوبة إلى الصمد، وهو الذي يصمد إليه
بالحوائج، أي تقصد منه جميع الحوائج، وهو الحق تعالى من حيث التجلي العام على كل شيء.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (خالدية) ثابتة على الراجح عند الشيخ رضي الله عنه منسوبة إلى خالد بن سنان عليهما السلام.
(ثم) السابعة والعشرون: (حكمة فردية) منسوبة إلى الفرد وهو الواحد الذي لا نظير له، وكل شيء فرد لعدم تكرار التجليات
الإلهية التي عنها صدور كل شيء، ولكن فردية كل شيء مشفوعة بشيئيته الهالكة الفانية. فلو زالت عنه ظهرت له فرديته وكان فردا.
فالفردية سارية في كل شيء سريان النور المحمدي المخلوق منه كل شيء في كل شيء، والشفعية للحقيقة الإبليسية الشيطانية، فهي سارية في كل شيء أيضا، فمن غلب عليه حكم الفردية نجا، ومن غلب عليه حكم الشفعية هلك، والشفع من الفرد، لكنه خارج منه بالاستقلال عنه .
كما قال تعالى لإبليس : "اخرج منها" 18 سورة الأعراف. ثم قال له : "فإنك رجيم" 34 سورة الحجر.
يعني لعين، أي مطرود لاستقلالك وعدم رضائك بالحكم الواحد من الواحد على الواحد.
(في كلمة) من كلمات الله التامات (محمدية) منسوبة إلى محمد نبينا ، ثم لما لم يذكر الشيخ رضي الله عنه لفظ الفص في هذا الفهرست بإيذاء كل حكمة للاختصار في ذلك .
قال رضي الله عنه :  وفص كل حكمة الكلمة التي تسب إليها .
فاقتصر على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب.
فامتثلت على ما رسم لي، ووقفت عندما حد لي، ولو رمت زيادة على ذلك ما استطعت ، فإن الحضرة تمنع من ذلك والله الموفق لا رب غيره.
ومن ذلك :
(وفص كل حكمة) من الحكم المذكورات (الكلمة التي نسبت) تلك الحكمة (إليها) فإن الحكمة دورية فهي كالحلقة وكلمتها التي هي معناها الثابت لها بحيث لا يفارقها أبدأ هو فص تلك الحلقة، والفص موضع نقش الاسم وصاحب هذه الحلقات.
وهذه الفصوص هي مجلى الله تعالى وأسماؤه منقوشة على هذه الفصوص، كل فص عليه اسم من أسمائه تعالى هو الاسم الأعظم، وهو سره الأفخم واليد يد الله والأصابع أصابعه، والخواتم خواتمه.
فافهم ما أقول لك على التنزيه التام إن کنت من أصحاب هذا المقام، وإلا فاترك كلامي، ولا تتصرف فيه بوساوس الإيهام،
فتزل بك الأقدام ولا يغرنك علمك الرسمي، فإنه جهل والسلام.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
حكمة إلهية في كلمة آدمية وهو هذا الباب ) ظاهر غنى عن التعريف
الفاء في فمما لجواب الشرط المحذوف أي لما كان الأمر ما قلناه.
ومن زيادة في المرفوع وجاز زيادتها في الموجب على رأي الكوفيين والأخفش وإنما اختار الزائد ليشاكل قوله مما نودعه.
وما مبتدأ بمعنى الذي ومن في مما نودعه بيان له. وحكمة إلهية خبر فمعناه فالذي شهدته في هذا الإمام ونودعه في هذا الكتاب حكمة إلهية .
و هذا أولى مما قاله بعض الشراح وهو قوله: حكمة مبتدأ خبره مما شهدته قدم علیه تخصيصا للنكرة وليت لي وجه لهذا الوجيه.
فإن قوله حكم نكرة مخصصة بالصفة وهي قوله : إلهية في كلمة آدمية فيقع بها مبتدأ من غير احتياج إلى التقديم قوله تعالى: "وأجل مسمى عنده " 2 سورة الأنعام.
قال القاضي البيضاوي وأجل نكرة خصصت بالصفة .
ولذلك استغنى عن تقديم الخبر فلا يصح تعليل التقديم بتخصيص النكرة وإلا يلزم تحصيل الحاصل فلا بد للتقديم وجه آخر.
فإذا إذا قلنا رجل مؤمن في الدار وسئلنا لم جعل رجل مبتدأ وحقه أن يكون معرفة قلنا قد تخصص بالصفة .
وإذا قلنا في الدار رجل مؤمن وقيل لم قدم الخبر قلنا: للحصر.
وأما إذا قلنا في الدار رجل وسئلنا قلنا: تخصيصا للنكرة فعلى تقدير جعله مبتدأ لا وجه للتقديم أصلا لا حصرا ولا تخصيصا.
وأيضا يمكن السائل أن يقول إن الفاء وإن كانت لازمة للجملة إلا أنه لا وجه لدخولها في الخبر ههنا فإن قد شرط النحاة لجواز دخول الفاء في خبر المبتدأ.
وقالوا إذا تضمن المبتدأ معنى الشرط جاز دخول الفاء في خبره ذلك .
إما أن يكون اسما موصولا صلته فعل أو ظرف أو نكرة موصوفة بأحدهما تم كلامهم وأنت تعلم هل شيء من هذه الشروط ههنا .
فنجيب عن الثاني بأن الشروط المذكورة لفاء خبر المبتدأ وأما الفاء الذي نحن فيه وإن دخل على الخبر لكنه ليس الخبر المبتدأ بل لربط الجملة إلى ما قبلها .
وهو يقتضي صدر الكلام فايهما يقع في الصدر دخلت عليه خبرة كان أو مبتدأ فلا اختصاص له بالخبر أو المبتدأ .
فدخولها هاهنا على الخبر لتقدمه على المبتدأ ولو قدم المبتدأ لدخل عليه والفاء الذي اقتضى الشروط مختص بالخبر لا يجوز دخوله على المبتدأ قدم أو أخر .
وظني أن جعله خبرا مع كونه معرفة متقدمة.وحكمة مبتدأ مع كونها نكرة ولو مخصصة لعدم علمه بزيادة من:
ثم حكمة نفثية في كلمة شيئية.
ثم حكمة سبوحية في كلمة نوحية.
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسية.
ثم حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية.
ثم حكمة حقية في كلمة إسحاقية.
ثم حكمة علية في كلمة إسماعيلية.
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية.
ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية.
ثم حكمة أحدية في كلمة هودية.
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية.
ثم حكمة قلبية في كلمة شعيبية.
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية.
ثم حكمة قدرية في كلمة عزيرية.
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية.
ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية.
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية.
ثم حكمة نفسية في كلمة يونسية.
ثم حكمة غيبية في كلمة أيوبية.
ثم حكمة جلالية في كلمة يحياوية.
ثم حكمة مالكية في كلمة زكرياوية.
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية.
ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية.
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية.
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية.
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية.
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية.
(و فص كل حكمة الكلمة التي تنسب إليها.)


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
حكمة إلهية في كلمة آدمية، وهو هذا الباب.
ثم حكمة نفثية في كلمة شيئية.
ثم حكمة سبوحية في كلمة نوحية.
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسية.
ثم حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية.
ثم حكمة حقية في كلمة إسحاقية.
ثم حكمة علية في كلمة إسماعيلية.
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية.
ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية.
ثم حكمة أحدية في كلمة هودية.
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية.
ثم حكمة قلبية في كلمة شعيبية.
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية.
ثم حكمة قدرية في كلمة عزيرية.
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية.
ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية.
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية.
ثم حكمة نفسية في كلمة يونسية.
ثم حكمة غيبية في كلمة أيوبية.
ثم حكمة جلالية في كلمة يحياوية.
ثم حكمة مالكية في كلمة زکریاوية.
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية.
ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية.
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية.
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية.
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية.
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية.
وفص كل حكمة، الكلمة التي تنسب إليها.
.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
إشارة إلى عناوين فصوص الكتاب حكمة إلهية في كلمة آدمية وهو هذا الباب)
قال العبد :
هذه الحكمة مخصوصة بحضرة الألوهية وإن كانت الحكم كلَّها إلهيّة ، ولكن بين آدم عليه السّلام وبين الله تعالى نسب جامع ، ونسب تعريفك بها لك نافع وذلك أنّ الإلهية كما مرّ أحدية جمع جميع الحقائق الوجوبية ، وآدم أحدية جمع جميع الصور البشرية الإنسانية .
وقد ذكر شيخنا الإمام الأكمل أبو الأولاد الإلهيّين الكمّل ، سند الورثة المحمدية ، سيد الإخوان في الوراثة الإلهية الكمالية ، صدر الحق والدين ، محيي الإسلام والمسلمين ، أبو المعالي ، محمد بن إسحاق بن محمد بن يوسف رضي الله عنه في كتاب له ، لطيف الحجم ، محيط بكثير من جمل هذا العلم ، قريب المأخذ لأولي الألباب وذوي الفهم .
ولم يحضرني عند تعليقي هذا الشرح ، وكان فيه غناء عن شرح هذه التراجم والفهرست ، ولكن وارد الوقت يملي على الكاتب ما يجب البحث عنه ممّا أشار إليه الشيخ ، وممّا يفتح الله للناس من رحمة .
" وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ ".
من ذلك : أنّ " الألوهة " و " الألوهية " و " الإلهية " كلمات ثلاث دالَّات على أحدية جمع جميع الكمالات الوجوبية الواجبية الواجبة للنسب الذاتية وأسماء الربوبية وذلك بحسب الاختلاف التركيبي الواقع بين حروفها لفظا مع الاشتراك الأصلي في الدلالة ، كذلك أيضا دلالتها على هذه الحقيقة بحسب مراتبها في مشربنا وذوقنا .
فالألوهة : اسم لمعقولية المرتبة المطلقة التي لذات الله الواجب الوجود في مقابلة العبودة الذاتية ، التي هي اسم لمعقولية المرتبة المطلقة الخلقية التي للعالم المقيّد ، فكما أنّ العبودة مرتبة ذاتية للعبد معقولة ، كذلك الألوهة مرتبة لله معقولة سرّا اعتبرناها له متحقّقة به وجودا .
أو لم نعتبرها كذلك دالَّة على المرتبة الواجبية الفعّالة الموجدة لا غير ، وهي أحدية جمع جميع النسب الأسمائية من حيث معقوليّاتها وخصوصيّاتها ، ومن كونها في ذات الواجب عينها غير زائدة عليها .
والألوهيّة : اعتبار هذه الحقيقة المرتبية قائمة بالذات مضافة إليها ، ودلالتها دلالة أحدية جمعية بين معقولية المرتبة الأحدية الجمعية ، وبين الذات الواجبة من حيث أحديتها الجمعية الذاتية الخاصّة بالله فقط .
والإلهيّة : اعتبار هذه الحقيقة لله موجودة الأحكام والآثار ، ظاهرة النسب واللوازم والعوارض بالفعل في جميع الحضرات عرفا تحقيقيا . فاعلم هذه الفروق بين هذه الكلمات فإنّها لطيفة .
ومنها : أنّ آدم عليه السّلام كما هو صرة ظاهريّة الأحدية الجمعية الإنسانية البشرية ولهذا سمّي آدم اشتقاقا من أديم الأرض وأديم الوجه ، وهو ظاهرهما .
ويكنّى لذلك أبا البشر اشتقاقا من بشره الوجه ، وهي ظاهريته التي تباشرها الأبصار والعيون ، ووجه كل شيء حقيقته الأحدية الجمعية ، ووجه الإنسان مستقبلة وأحدية جمع حواسّه الخمسة الظاهرة كما علمت فالإنسانية الكمالية ، لها من صورة الله مثابة الوجه من صورة الإنسان ، وهي متحقّقة في جميع الختوم الكمّل كما ستعلم ذلك في شرح الحكمة الشيثية .
إن شاء الله تعالى والذي يختصّ بآدم من الجمعية الإنسانية الإلهية الكمالية هو ظاهريّتها الظاهرة لا غير ، فهو أبو البشر ، مؤمنهم وكافرهم ، موحّدهم ومشركهم ، أنبيائهم وأوليائهم وكذلك الإلهية ظاهرية المرتبة الأحدية الجمعية الربانية ، بخلاف الألوهية التي هي باطنها ، والألوهة التي هي معقولية المرتبة لا غير .
والحكم المنزلة على آدم عليه السّلام الواقعة في صورة حاله من دخوله الجنّة ، ونعيم الحقّ له ولزوجه فيها أوّلا ، ثم هبوطه إلى الأرض .
وتشهير نسبته إلى العصيان الظاهر ظاهرا ، وإلى الغواية المذكورة ، وغير ذلك كلَّها أحدية جمعية ظاهرة على الوجه الكمالي الإجمالي .
وفيه مترع للبسط فيه مجال ، وفيه أسرار وحكم كثيرة لا نذكرها في هذا الاختصار ، لكونها من الأسرار العالية التي لم يأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خاتم الولاية الخاصّة المحمدية بكتابتها في هذا الكتاب ولكون أكثر الأفهام تنبو عنها لعلوّ مرتبتها ومجدها .
ولكن سنكشف هذه الأسرار في كتب توضع لذلك في وقته ، وفيما ذكرنا تنبيه وتلويح وتشويق ، والله وليّ التأييد والتوفيق .
قال رضي الله عنه : (ثم حكمة نفثية في كلمة شيثية).
قال العبد : اعلم :
أنّ الترتيب الواقع في هذا الفهرست ، إنّما هو ترتيب رتبي عيني ، وتأخّر وتقدّم وجودي عيني بين هذه الحكم بموجب المناسبة الرتبية .
وفصّ كل حكمة إنّما هو قلب ذلك النبيّ الكامل الذي أسندت تلك الحكمة إلى كلمتها الخصيصة بها ، والحكم نقوش العلوم الخاصّة بالأحكام التي أمر النبي أمّته بها ، وظهرت فيهم على الوجه الذي تقتضي تلك الحضرة ، ولكن ذكرها هاهنا من حيث الحضرة الأحدية الجمعية الكمالية الخصيصة بالمرتبة الختميّة  المحمدية في كل حضرة ، فافهم .
و « النفث » لغة نوع من النفخ ، وهو إرسال النفس من مخرج حرف الثاء مضموما إرسالا رخوا ، والنفث مخصوص بأهل علم الروحانية والنيرنج والعزائم والرقى شرعيّها وحكمتيّها .
وهو بثّ الروحانية وبسطها في النفس على ما ينطوي عليه الباطن من العزائم . قال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم : " إنّ روح القدس نفث في روعي أنّ نفسا لن تموت ، حتى تستكمل رزقها " .
ولمّا كانت الحكمة الجمعية الأحدية المبدئية الخصيصة بحضرة الألوهية قد كملت بآدم ،وتليه في المرتبة مرتبة الفيض الجودي والوهب الجودي بالنفس الرحماني.
وهذه المرتبة الوهبية مخصوصة بالكلمة الشيثية ، فإنّه أوّل إنسان نزلت عليه العلوم الوهبية الدينية ، فنزلت عليه علوم الروحانيات ، والملائكة الخصيصة بالتسخير والتصريف والتصرّف في الأكوان بالأسماء والحروف والكلمات والآيات وما شاكل ذلك.
فلهذه المناسبة الأصلية ، ذكر رضي الله عنه حكمة النفث بعد الحكمة الإلهية ، وأضافها إلى شيث عليه السّلام كما أضاف الحكمة الأولى إلى آدم .
و « شيث » في اللغة العبرانية هو الهبة ، وكان أوّل من وهبه الله آدم بعد تفجّعه على فقد هابيل ، فعوّض الله له عن هابيل شيثا ، وسيرد في داخل الفصّ تتمّة البحث .
قال رضي الله عنه : (ثم حكمة سبّوحية في كلمة نوحيّة.)
قال العبد أيّده الله به :
أمّا وجه إضافة هذه الحكمة إلى الحضرة السبّوحية فهو أنّ الغالب على الدعوة النوحية التنزيه والتقديس على ما سيجيء في شرح المتن .
وأولى تعيّن من المراتب الأسمائية بعد تعيّن المرتبة الإلهية هي مراتب أسماء التنزيه والإطلاق والتقديس ، ثم تتعين النسب الثبوتية .
وبعد تعين مرتبة الفيض والنفث ، إنّما وجد أوّلا عالم الأرواح والعقول والمجرّدات التي لها من معرفة الحق قسم التنزيه والتسبيح والتقديس .
ولهذا كان الحكمة الثالثة
فالأوّل حكم الجمع
والثاني مرتبة الفيض والوهب
والثالث إيجاد عالم التنزيه والتقديس .
ولأنّ الغالب على أمّة نوح عليه السّلام الأمور الظاهرة وعبادة أنواع الأصنام ، وجب أن تكون من الله دعوة نبيّهم إلى التنزيه والتطهير عن التحديد والتجسيم تعليما أنّ ما يعبدون لا يصلح للعبادة .
ولهذا نزلت هذه الحكمة على نوح ، وقلبه عليه السّلام محلّ نقش هذه الحكمة ، فهذا ما أردنا من تفسير قوله : فصّ حكمة سبّوحية في كلمة نوحية  .
قال رضي الله عنه : (ثم حكمة قدّوسيّة في كلمة إدريسية)
اعلم : أنّ « التسبيح » كما علمت حمد الحق تعالى والثناء عليه بالأمور السلبية ونفي النقائص عن الجناب الإلهي ، وتنزيهه عن التشبيه والتحديد والتقييد . وكذلك « التقديس » هو التنزيه عن النقائص وعن صلاحية قبول جناب الله تعالى ذلك وإمكانه فيه فإنّ ذلك مستحيل إضافته إلى جنابه تعالى لكونه غنيّا عن العالمين ولكون جنابه تعالى أحدية جمع الكمالات الإحاطية وجودا ومرتبة .
والفرق بين التنزيه النوحي والإدريسي :
أنّ دعوة نوح عليه السّلام وذوقه تنزيه عقلي .
وتنزيه إدريس عليه السّلام عقلي ونفسي .
فإنّ إدريس عليه السّلام ارتاض حتى غلبت روحانيته على طبيعته ومزاجه وتروحن ، وكان كثير الانسلاخ والمعراج ، وخالط الملائكة والأرواح ، وعاشرهم وخرج عن صنف البشر ستّ عشرة سنة ، لم ينم ولم يأكل حتى بقي عقلا مجرّدا ، وعرج به إلى السماء الرابعة .
بخلاف نوح عليه السّلام لأنّه كان قائما بحظَّ النفس والروح ، وتزوّج وولد له .
وهو الأب الثاني ، فتنزيه إدريس أبلغ وأتمّ .
فإنّه نزّه الحق من حيث تعيّنه في عينه عن أوساخ الطبيعة والجسمانية ، وبقي في نفسه عقلا مجرّدا ، وسقطت عنه شهوته ، كما يرد عليك ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة مهيمنيّة في كلمة إبراهيمية ) .
قال العبد :
هي شدّة العشق وغلبة الهيمان ، وهو عدم الانحياز إلى غرض معيّن ، بل إلى المحبوب في أيّ جهة كان لا على التعيين .
وهذه المرتبة تحقّقت أوّلا في الأرواح العالية المهيّمة ، تجلَّى لهم الحق في جلال جماله ، فهاموا فيه ، وغابوا عن أنفسهم فلا يعرفونها ولا غير الحق ، وغلب على خليقتهم حقيقة التجلَّي ، فاستغرقهم واستهلكهم وملكهم .
وتحقّق ذلك فيمن تحقّق من كمّل الأنبياء إبراهيم عليه السّلام لأنّه كان خليل الرحمن .
والخليل هو المحبّ الحبيب الذي يتخلَّل في خلال روح المحبّ والمحبّ في الحبيب .
كما قال : تخلَّلت مسلك الروح منّي .
ولهذا سمّي الخليل خليلا ، والخليل عليه السّلام غلبته محبّة الحق ، حتى تبرّأ عن أبيه في الحق وعن قومه ، وذبح ابنه في سبيل الله ، وخرج عن جميع ماله مع الكثرة المشهورة لله .
كما قيل عنه : إنّ ملائكة الله تعالى قالوا : لا بدّ مع هذا الخير والبركة والنعمة والمال والوجاهة والنبوّة والملك والكتاب الذي أعطى الله إبراهيم أن يحبّه وليس ذلك بجنب هذه العطايا كثيرا .
فقال الحق لهؤلاء الملائكة : جرّبوه ، فتجسّدوا له في صور البشر .
وذكروا الله له بالتنزيه ، فقالوا :سبّوح قدّوس ربّ الملائكة والروح .
فلمّا سمع إبراهيم عليه السّلام هذه الكلمات ، أخذه الوجد والهيمان في الله تعالى ، واستدعى منهم أن يعيدوا عليه الكلمات .
فطلبوا من ماله أجراء على إعادة الكلمات ، فأعطى ثلث ماله .
فذكروا الذكر ، فاستعاده منهم كرّة أخرى ، وأعطاهم الثلث الثاني .
فسبّحوا له الله بالمذكور من الذكر ، فطاب وقت إبراهيم وازداد هيمانه فاستعاد الكلمات منهم ، وأعطاهم الثلث الباقي .
فأعادوا له ، فلمّا تمّ امتحانهم له ، ذكروا أنّهم ملائكة الله ، فلهذا نسبت هذه الحكمة إلى إبراهيم عليه السّلام .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة حقّيّة في كلمة إسحاقية ) .
اعلم : أنّ عالم المثال المقيّد وهو عالم الخيال إذا شوهدت فيه صورة وتجسّد له المعنى أو الروح في صورة مثالية أو خيالية ، ثم إذا رجع إلى الحسّ ، وشاهد حقّية ذلك على الوجه المشهود .
فقد جعله الله حقّا ، أي أظهر حقّية ما رأى في الوجود العيني حسّا ، فإنّ الخيال لا حقيقة له ولا ثبات ، كما قال يوسف عليه السّلام : " هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ من قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " .
وكان هذا حال إبراهيم عليه السّلام في مبدئه ، فكان لا يرى رؤيا إلَّا وجد مصداقها في الحسّ ، ورأي حقيقتها عينا ، فكان عليه السّلام لا يؤوّل رؤياه ، وهو نوع من الكشف الصوري .
وسرّ ذلك أنّ الوارد إذا نزل من الخارج على القلب .
ثم انعكس من القلب إلى الدماغ ، فصوّرته القوّة المصوّرة في المتخيّلة وجسدّته ، خرج على صورة الواقع لأنّ عكس العكس مطابق للصورة الأصلية ، فيشاهد صاحب الكشف المذكور شاهد الوارد مطابقا للصورة الأصلية على ما رآه في عالم المثال .
وقد شاهدت هذا من أبي رحمه الله في صغري كثيرا فكان رحمه الله يرى رؤيا ويحكيها لي ، ثم يقع في الحسّ على ما رأى ، فيتعجّب ويسرّ بذلك .
وكان مشاهد إبراهيم عليه السّلام على هذا ، وقد يعود ذلك ، ثم لمّا نقله الله إلى ما هو أعلى ، وتحقّق برتبة الكمال ، فصار قلبه محلّ الاستواء الإلهي وينبوع تنوّع التجلَّيات ومنبعث أنوار الواردات الخارجة إلى الكون .
فانبعث الوارد بمعنى القربان من قلبه إلى القوّة المتخيّلة ، فصوّرت له المصوّرة ذلك القربان وهو الكبش على صورة إسماعيل لكونه صورة السرّ الذي أوجب عليه القربان .
فلمّا استيقظ لم يفسّر رؤياه بموجب مقتضى عالم الخيال ، بل جرى على سيرته الأولى على ما اعتاده.
وكان مشهد إسماعيل عليه السّلام أيضا من هذا المشرب .
فلمّا قال له : "يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى في الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ " أي لله قربانا ، فلم يزل إسماعيل عن معهود المشهود ، واستصحب الحال.
فقال :" يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ " .
فصرّح أنّ الوحي إليه كان بهذا الطريق ، ولهذا السرّ أضيفت هذه الحكمة الحقّية إلى الكلمة الإسحاقية ، وسنذكر في داخل شرح المتن سرّ الحقيقة .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة عليّة في كلمة إسماعيلية ) .
إنّما أسندت هذه الحكمة إلى الاسم « العليّ » لما شرّف إسماعيل عليه السّلام بقوله :
" وَجَعَلْنا لَهُمْ لِسانَ صِدْقٍ عَلِيًّا " ولأنّه كان صادقا في الوعد ، وذلك دليل على علوّ الهمّة في القول والفعل ، كما سنذكر .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية ) .
وحكمة إضافة هذه الحكمة إلى الروحية لأنّ الغالب على ذوق يعقوب عليه السّلام كان علم الأنفاس والأرواح ، حتى ظهر في وصاياه وإخباراته ، مثل قوله : "إِنِّي لأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ ".
ووصيّى بنيه فقال : " لا تَيْأَسُوا من رَوْحِ الله إِنَّه ُ لا يَيْأَسُ من رَوْحِ الله إِلَّا الْقَوْمُ الْكافِرُونَ " وذوق أهل الأنفاس عزيز المثال ، قد جعل الله لهم التجلَّي والعلم في الشمّ .
قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : " إنّي لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن ".
قيل : إنّه عليه السّلام ، كنى بذلك عن الإبصار وهم صور القوى الروحانية التي نضرتهم على صور القوى الطبيعية ، واليمن أيضا من اليمين ، وهو إشارة إلى الروحية وعالم القدس .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية ) .
أضاف رضي الله عنه حكمة النور إلى الكلمة اليوسفية لظهور السلطنة النورية العلمية المتعلَّقة بكشف الصور الخيالية والمثالية .
وهو علم التعبير على الوجه الأكمل في يوسف عليه السّلام فكان يشهد الحقّ عند وقوع تعبيره ، كما قال " قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا " فأشار إلى حقيقة ما رأى ، وأضاف إلى ربّه الذي أعطاه هذا الكشف والشهود .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة أحدية في كلمة هوديّة ) .
وجه نسبة هذه الحكمة إلى هود عليه السّلام هو أنّ الغالب عليه شهود أحدية الكثرة ، فأضاف لذلك إلى ربّه أحدية الطريق بقوله :"إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ".
وقال :" ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها " فأشار إلى هوية ، لها أحدية كثرة النواصي والدوابّ .
قال رضي الله عنه: ( ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية ) .
يشير رضي الله عنه إلى أنّ حكمته منسوبة إلى الفاتح والفتّاح ، فانفلق الجبل له في إعجازه ، ففتح الله له عن الناقة ، وفتح الله له على قومه بذلك ، فكان موجب إيمان بعض أمّته وإهلاك بعضه في وجود الناقة ومدّتها .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة قلبية في كلمة شعيبية ) .
كان الغالب على دعوة شعيب الأمر بالعدل وإقامة الموازين والمكاييل والأقدار .
كما قال : " وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ " كلّ هذه الإشارات تدلّ على رعاية العدل وأحدية الجمع والاعتدال .
وكما أنّ العدل في حفظ صحّة جميع البدن وسقمه إلى القلب ، والقلب له أحدية جمع القوى الروحانية والقوى الجسمانية ومن القلب ينشعب الروح الطبيعي إلى كل عضو عضو من أعلى البدن وأسفله على ميزان العدل ، فيبعث لكل عضو ما يلائمه من الروح الطبيعي ، فافهم .
واستفاد منه موسى عليه السّلام علم الصحبة والسياسة ، وأمره بالتخلَّي عن العامّة إلَّا في وقت معلوم وقدر موزون ، وكان الغالب على موسى عليه السّلام الظاهر .
فحصل له بصحبته جميع مقام الجمع .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة ملكية في كلمة لوطيّة ) .
أضيفت حكمته إلى الملك من طلبه القوّة والركن الشديد ، فإنّ الملك القوّة والشدّة ، كما سيأتيك .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة قدرية في كلمة عزيزيّة ) .
أضيفت حكمة عزيرية عليه السّلام إلى القدر لطلبه العثور على سرّ القدر ، وكان الغالب على حاله القدر والتقدير ، " فَأَماتَه ُ الله مِائَةَ عامٍ "  ولما سأله الله تعالى : " كَمْ لَبِثْتَ " عن قد ما لبث ، قال بالتقدير : " لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ ".
وقوله : " أَنَّى يُحْيِي هذِه ِ الله بَعْدَ مَوْتِها "  استفهام استعظام وتعجّب عن كيفية تعلَّق القدر بالمقدور بالنظر الظاهر على ما سيأتيك نبؤه عن قريب .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة نبويّة في كلمة عيسوية ) .
أسند الشيخ حكمته إلى النبوّة لكون الغالب على عيسى عليه السّلام الإنباء عن الحق وإنباء الحق عنه له وعن نفسه ولعلوّه وارتفاعه الروحي والإلهي عن أبناء البشر ، كما ستعرف .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية ) .
أسندت حكمته إلى الرحمن لكمال ظهور أسرار الرحمة العامّة والخاصّة فيه صلَّى الله عليه وسلَّم على الوجه الأعمّ الأشمل وبالسرّ الأتّم الأكمل ، وجعل الله سعته في أمره وحكمه على أكثر المخلوقات ، وسخّر له العالم جميعا كما وسعت رحمة الرحمن جميع الموجودات ، فافهم .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة وجودية في كلمة داودية ) .
إنّما كانت حكمته وجودية لما تمّ في وجوده حكم الوجود العامّ في التسخير ، وجمع الله له بين الملك والحكمة والنبوّة ، ووهبه سليمان الذي آتاه التصرّف في الوجود على العموم ، وخاطبه بالاستخلاف ظاهرا صريحا ، فبلغ الوجود بوجوده كمال الظهور .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة نفسية في كلمة يونسيّة ) .
قال العبد : حاله عليه السّلام كان ضرب مثل لتعيّن النفس الناطقة بالمزاج العنصري وأهوال أحوال المزاج الطبيعي . وفيه رواية ، أنّ حكمته مستندة إلى النفس الرحماني بفتح الفاء لما نفّس الله عنه جميع كربه المجتمعة عليه من قبل أهله ونفسه وولده وماله .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة غيبية في كلمة أيّوبية ) .
جميع أحواله عليه السّلام من أوّل حالة الابتلاء إلى آخر مدّة كشف الضرّ عنه غيبيّ حتى أنّ الآلام كانت في غيوب جسمه ، وابتلي بغتة غيبا ، ثم كشف عنه الضرّ ، كذلك من الغيب من حيث لا يشعر ، فآتاه الله أهله الذين غيّبهم عنه " وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً " من الله غيبته ، كما سنومئ إلى ذلك عن قريب .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية ) .
نشأته عليه السّلام روحانية على وجه لا يقبل تأثير الموت ، فانفلق له جبل لبنان من لبانته في صورة فرس من نار ، فأنس بها وآنسها ، فأمر بالركوب عليها ، فركبها ، فنسب حكمته إلى إيناس نور أحدية الجمع في صورة نارية الفرق على ما يأتي .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية ) .
كان الغالب على حاله في كشفه وشهوده الإحسان ، وأوّل مرتبته الأمر بالعبادة على البصيرة والشهود ، كما أمر لقمان ابنه في وصيّته إيّاه " يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِالله إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " نهاه عن الشرك للإخلاص في عبادته وعبوديته لله .
وهو أعلى مرتبة الإحسان ، ثم عرّفه بوصيّته تعالى الإنسان بالإحسان ،ولقد أحسن في بيان إحسان الله تعالى إلى المرزوقين ، كما ستقف على أسراره عن قريب.
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية ) .
كان هارون عليه السّلام إمام الأئمّة من الأحبار في بني إسرائيل كلَّهم ، وأمره موسى عليه السّلام أن يؤمّ أمّته ، واستخلفه عليهم ، ولقد صرّح بإمامته في القرآن ، وصرّح هو أيضا بذلك في طلبه الاتّباع والطاعة من قومه في قوله : " فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي " .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة علوية في كلمة موسوية ) .
أعلى الله مكانته ، وأخبره أنّه هو الأعلى ، فقال : " لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلى " وأعلى الله كلمته العليا على من ادّعى العلوّ بقوله : " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " و " كانَ عالِياً من الْمُسْرِفِينَ " .
ثم قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية ) .
دعا إلى الأحد الصمد ، وكان قومه يصمدون إليه ويقصدونه في الملمّات والمهمّات ، فيكشف الله إيّاها عنهم بدعائه عليه السّلام  .
قال رضي الله عنه : ( ثم حكمة فردية في كلمة محمدية ) .
قال العبد :
جاء الوارد في هذه الحكمة بعبارتين دالَّتين على حقيقة واحدة :
إحداهما : حكمة كلَّية لكونها أحدية جمع جميع الحكم الجمعية الكلَّية المتعيّنة في كلّ كلّ منها كلَّية فهي كلّ كلّ منها .
والثانية : حكمة فردية لأسرار وحقائق يكشف لك عن أصولها وفصولها في شرح حكمته صلَّى الله عليه وسلَّم .
قال رضي الله عنه : ( وفصّ كلّ حكمة الكلمة التي نسبت إليها ) .
يعني رضي الله عنه : أنّ محلّ نقش كلّ فصّ هو قلب ذلك الإنسان الكامل المذكور عند كلّ حكمة منها .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
حكمة إلهية في كلمة آدمية وهو هذا الباب ) ظاهر غنى عن التعريف
( ثم حكمة نفثية في كلمة شيثية
ثم حكمة سبوحية في كلمة نوحية
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
ثم حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
ثم حكمة حقية في كلمة إسحاقية
ثم حكمة علية في كلمة إسماعيلية
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية
ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية
ثم حكمة أحدية في كلمة هودية
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية
ثم حكمة قلبية في كلمة شعيبية
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية
ثم حكمة قدرية في كلمة عزيرية
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية
ثم حكمة روحانية في كلمة سليمانية
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية
ثم حكمة نفسية في كلمة يونسية
ثم حكمة غيبية في كلمة أيوبية
ثم حكمة جلالية في كلمة يحيوية
ثم حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية .
وفص كل حكمة الكلمة التي نسبت إليها .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
(حكمة إلهية في كلمة آدمية) وهو هذا الباب الذي مر قولنا فيه) أي، فمن جملة ماشهدته من الذي أودعته في هذا الكتاب ("حكمة إلهية في كلمة آدمية."
و (من) في (مما نودعه) بيان (لما). فقوله: (حكمة) مبتداء، خبره:
(مما شهدته). قدم عليه تخصيصا للنكرة. ثم يتلوه (الفص الشيثي) وهكذا إلى آخر الفصوص.
وسنذكر سبب تخصيص كل حكمة بكلمة منسوبة إليها في مواضعها، إنشاء الله تعالى.
(ثم، حكمة نفثية في كلمة شيثية.
ثم، حكمة سبوحية في كلمة نوحية
ثم، حكمة قدوسية في كلمة إدريسية
ثم، حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
ثم، حكمة حقية في كلمة إسحاقية
ثم، حكمة علية في كلمة إسماعيلية
ثم، حكمة روحية في كلمة يعقوبية
ثم، حكمة نورية في كلمة يوسفية
ثم، حكمة أحدية في كلمة هودية
ثم، حكمة فاتحية في كلمة صالحية
ثم، حكمة قلبية في كلمة شعيبية
ثم، حكمة ملكية في كلمة لوطية
ثم، حكمة قدرية في كلمة عزيرية
ثم، حكمة نبوية في كلمة عيسوية
ثم، حكمة رحمانية في كلمة سليمانية
ثم، حكمة وجودية في كلمة داودية
ثم، حكمة نفسية في كلمة يونسية
ثم، حكمة غيبية في كلمة أيوبية
ثم، حكمة جلالية في كلمة يحيوية
ثم، حكمة مالكية في كلمة زكرياوية
ثم، حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
ثم، حكمة إحسانية في كلمة لقمانية
ثم، حكمة إمامية في كلمة هارونية
ثم، حكمة علوية في كلمة موسوية
ثم، حكمة صمدية في كلمة خالدية
ثم، حكمة فردية في كلمة محمدية)
وسنذكر سبب تخصيص كلمة "حكمة" بـ (الكلمة) منسوبة إليها في مواضعها، إنشاء الله تعالى.
"وفص كل حكمة الكلمة المنسوبة إليها"

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ:
حكمة إلهية في كلمة آدمية، و هو هذا الباب.
ثم حكمة نفثية في كلمة شيئية.
ثم حكمة سبوحية في كلمة نوحية.
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسية.
ثم حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية.
ثم حكمة حقية في كلمة إسحاقية.
ثم حكمة علية في كلمة إسماعيلية.
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية.
ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية.
ثم حكمة أحدية في كلمة هودية.
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية.
ثم حكمة قلبية في كلمة شعيبية.
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية.
ثم حكمة قدرية في كلمة عزيرية.
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية.
ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية.
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية.
ثم حكمة نفسية في كلمة يونسية.
ثم حكمة غيبية في كلمة أيوبية.
ثم حكمة جلالية في كلمة يحياوية.
ثم حكمة مالكية في كلمة زكرياوية.
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية.
ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية.
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية.
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية.
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية.
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية.
وفص كل حكمة الكلمة التي تنسب إليها.
(حكمة إلهية) أي: علم يقيني يتعلق بظهورات الأسماء الإلهية (في كلمة آدمية) أي: حقيقة جامعة منسوبة إلى آدم أبي البشر العلي
وفيه إشارة إلى أنه وإن اقتصر فيه على ما حده له رسول الله.
فهو أمر جامع على وجه الإجمال لما ظهر في الحقيقة الجامعة، وفيه إشارة إلى أن المشاهد أمور جليلة من جملتها المذكور في هذا الفص.
ثم قال: وهو أي: ما حده لي رسول الله للإيداع في هذا الكتاب من الحكمة الإلهية في الكلمة الآدمية هذا الباب الذي إذا فتح انفتح عن خزائن العلوم الغيبية.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
هذا شروع في بيان ترتيب الكتاب على ما ألَّف عليه ونظَّم فصوصه على ما اتّسق له ، بحيث يعلم منه وجه الحصر في أبوابه .
وذلك لأنّ المحدّد له لما كان هو الخاتم الذي أتى بجوامع الكلم المنحصرة مواد مفرداتها وامّهات أصولها في الثمانية والعشرين .
كما ستطلع على سرّه في غير هذا المجال إن شاء الله تعالى لا بدّ وأن يكون عدد أبواب هذا الكتاب على طبقها لكن لمّا كان الواحد منها ما يتعلَّق بخاتم الولاية.
وذلك ممّا لا يحتمل آن التأليف إظهاره ، جعل مطويّا عنه فيه ، وكأنّه أشار إلى ذلك الاعتذار بقوله : " ولا العالم الموجود الآن " .
ويمكن أن يجعل صورة جمعيّة الكتاب بإزاء ذلك الواحد ، لكن الأوّل أوفق ، فإنّ لهذه الصورة أيضا حرفا مركَّبا مستقلا كذلك بإزائها  .
فهو أنّه قد تكفّل لبيان حقيقة آدم بما أودع فيه من مبدأ فتح ظهوره إلى منتهى ختم كماله وقد بيّن أنّ ذلك منحصر في القبضتين :
إحداهما هي الشاملة للعالم بأجزائه المنتهية شجرة مراقي ظهورها إلى الإنسان .
والأخرى هي الشاملة للإنسان بجزئيّاته المنتهية شجرة معارج كمالها إلى الخاتم .
وقد عرفت أنّ الأمر التدريجي الواقع في القوس الأوّل من الدائرة الوجوديّة واقع في القوس الثاني منها بترتيبه ، على ما اقتضاه الأمر الدوريّ والحقيقة التامة الكماليّة .
فأوّل ما يجب أن يبيّن من الحكم هي الباحثة عن حقيقة العالم بجميع أجزائه عينا وعقلا إلى آدم - كما حقّقه هذا الفصّ .
( ثمّ حكمة نفثيّة في كلمة شيثيّة ) لأنّها كاشفة عن سر انبثاث الفيض الذاتي وانبساط النفس الرحماني على قوالب القوابل بحسبها ، وهو أوّل ما يترتّب على المرتبة الأحديّة الجمعيّة .
( ثمّ حكمة سبّوحيّة في كلمة نوحيّة ) لأنّها كاشفة عن سرّ ما للملإ الأعلى والمبادئ المجرّدة ، من المعاني التنزيهيّة .
( ثمّ حكمة قدّوسيّة في كلمة إدريسيّة ) لأنّها كاشفة عن سرّ ما للأرواح المطهّرة والنفوس المقدّسة من المعاني التقديسيّة .
( ثمّ حكمة مهيّميّة في كلمة إبراهيميّة ) لأنّها كاشفة عن سرّ ما للقلب الكامل من الجمعيّة بين معاني التقديس وصور التحميد .
( ثمّ حكمة حقيّة في كلمة إسحاقيّة ) لأنّها كاشفة عن سرّ ما للخيال من الصور المثاليّة والأجساد الشبحيّة .
( ثمّ حكمة عليّة في كلمة إسماعيليّة ) لأنّها كاشفة عن سرّ ما للحواسّ من الصور الهيولانيّة  والأجرام الجسمانيّة .
( ثمّ حكمة روحيّة في كلمة يعقوبيّة ) لأنّها كاشفة عن سرّ ما للمزاج الجمعيّ من الهيئات التركيبيّة  والنسب الارتباطيّة .
( ثمّ حكمة نوريّة في كلمة يوسفيّة ) لأنّها كاشفة عما للسرّ الوجوديّ من الأنوار الجماليّة الباهرة والأسرار الكماليّة الظاهرة ، وبها تمّ سير الوجود في المظاهر الصوريّة والمجالي الجمعيّة النوريّة ، بحسب بروزه على المشاعر الشاعرة ، وخروج النفس الرحماني منه عن مكامن الباطن إلى مخارج الخارج ، فهذا السير من مبتدأ مفاتيح أبواب الظهور إلى منتهى ما أمكن منه في كمّل النوع الكمالي ، وهو أوّل الامتدادات الوجوديّة وأطولها .
ثمّ له سير آخر في هذا النوع بحسب إبرازه في شعار الشعائر وإخراجه بصور الأوضاع الكاشفة عن الكنه ، والدلائل عليه من الجهتين :
إحداهما في عرض أرضه الظاهر ، أعني الظهور على البلاد والعباد.
والأخرى في عمق بطنه الباطن ، أعني الكشف عن تلك الأوضاع والإبانة عن تمام المراد ، وبه يختم أبواب كماله .
وهاهنا تلويح له كثير دخل في هذا النظم ، وهو أنّ لآدم بما اشتمل عليه من العقد الكتابي التفصيلي على ما سبق تحقيقه ظهورا في السيرات الثلاث المذكورة في كلّ منها بذلك العقد ، لاشتماله على جميع المراتب التفصيليّة واحتوائه على كلَّها .
فلذلك لمّا بلغ منتهى مدارج السير الأوّل شرع في الثاني يعدّ مراقي كماله .
بقوله : ( ثمّ حكمة أحديّة في كلمة هوديّة ) لأنّها كاشفة عن الطريق إلى الله إجمالا ، لأنّ مبنى أمر الإظهار عليه - وضعا كان أو كشف .
( ثمّ حكمة فاتحيّة في كلمة صالحيّة ) لأنّها كاشفة عن طريق الإنتاج وفتح باب التوليد والاكتساب .
( ثمّ حكمة قلبيّة في كلمة شعيبيّة ) لأنّها كاشفة عن الطرق بشعبها وفروعها .
( ثمّ حكمة ملكيّة في كلمة لوطيّة ) لأنّها كاشفة عن الوصول إلى سلطنة الملك من قهر القوم ونفوذ أمر مجازاته فيهم .
( ثمّ حكمة قدريّة في كلمة عزيزيّة ) لأنّها كاشفة عن حفظ الصور الملكيّة عن الانحلال ومبدئه.
( ثمّ حكمة نبويّة في كلمة عيسويّة ) لأنّها كاشفة عن معظم أمر الإظهار من إحياء الموتى وانشاء الطير .
( ثمّ حكمة رحمانيّة في كلمة سليمانيّة ) لأنّها كاشفة عن تمام سلطان الإظهار ونفوذ قهرمان أمره في الثقلين .
( ثمّ حكمة وجوديّة في كلمة داوديّة ) لأنّها كاشفة عن مبدأ تلك السلطنة وأصلها بما اشتملت عليه ، لأنّ الحكمة الداوديّة مشتملة على السليمانيّة منها وزيادة ، حيث أنّ سليمان موهوب له ، على ما ورد في التنزيل : " وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ " وقوله : " وَلَقَدْ آتَيْنا داوُدَ مِنَّا فَضْلًا ".
( ثمّ حكمة نفسيّة في كلمة يونسيّة ) لأنّها كاشفة عن جامعيّة أمر الإظهار مع الاختفاء والاستتار ، إذ هو مع أنّه في ظلمات الخفاء مغمور ، له مرتبة إظهار الرسالة الكاملة بما ورد : وَأَرْسَلْناه ُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ ".
وبها تمّ السير الذي في عرض الأرض الاعتدالي الإنساني نحو إظهار كمالاته الصوريّة .
فحان أن يشرع في السير الذي في عمق بطونه نحو كمالاته المعنويّة المنطوية عليها تلك الكمالات الصورية . فمن تمّ به هذا السير الأخير هو الخاتم للكمالات الوجوديّة كلَّها .
ولا شكّ أنّ بروز الكمالات المعنويّة والمعارف الكشفيّة عن مزارع ذلك الأرض مسبوق بتسلَّط قهرمان القهر على تلك المملكة وإفنائه أحكام ما به الامتياز ، فبحسب خفاء الأحكام الامتيازيّة يظهر المعارف والعلوم التي هي من الأحكام الاتّحاديّة .
فقوله : ( ثمّ حكمة غيبيّة في كلمة أيوبيّة ) إشارة إلى أوّل ما يتبيّن به أحكام تلك السلطنة ويكشف عن وجوه أوامره النافذة .
( ثمّ حكمة جلاليّة في كلمة يحياويّة ) لأنّها كاشفة عن أوّل ما يترتّب من الأحكام الوجوديّة والأوصاف الثبوتيّة على الإقهار تحت أحكام السلطنة المذكورة وأوامرها المفنية النافذة ، لما ورد : " لَمْ نَجْعَلْ لَه ُ من قَبْلُ سَمِيًّا " ، فبعد ذلك وقع الاهتداء به فيه .
( ثمّ حكمة مالكيّة في كلمة زكراويّة) لأنّها كاشفة عمّا يترتّب على تمام أمر الانقهار ، ولذلك قد انساق حاله إلى أن نصّف بالمنشار .
( ثمّ حكمة إيناسيّة في كلمة إلياسيّة ) لأنّها كاشفة عمّا يترتّب على ذلك الانقهار مما يبدو من أعلام منازل القرب وعلائم مقامات التداني ، بعد قطع فيافي البعد ومهامه التفرقة والهجر ، من المناجاة والمناداة ، ولذلك أعيدت هذه الكلمة مرّتين - كما ستقف عليه .
( ثمّ حكمة إحسانيّة في كلمة لقمانيّة ) لأنّها كاشفة عمّا يظهر لدى العروج على مراقي الإيقان ومدارج الإحسان والعرفان .
( ثمّ حكمة إماميّة في كلمة هارونيّة ) لأنّها كاشفة عمّا يشترك فيه الواصلون إلى حضرات المكالمة ومواقف المخاطبة من الرحمة الانبساطيّة النوريّة التي هي ظاهر الوجود ، وعليه عاجل أمره ، ولذلك يرى قومه عند خلافته يعبدون العجل .
( ثمّ حكمة علويّة في كلمة موسويّة ) لأنّها كاشفة عن خصائص موطن الكلام الموصل إلى كنه السلام .
( ثمّ حكمة صمديّة في كلمة خالديّة ) لأنّها كاشفة عمّا ينقطع عنده النسب ، ولذلك ما تمّ أمر رسالته وانقطع رابطة بلاغة إلى امّته بعصيانهم له .
( ثمّ حكمة فرديّة في كلمة محمّديّة ) لأنّها كاشفة عمّا يتبيّن به كليّة المراد وأحديّة جمع الحقائق ، من المبدء إلى المعاد .
وهاهنا تلويح وهو أنّ للفرد عقدا يشتمل عليه «طه» وهو عقد الختم ، فلذلك اختصّ به الكلمة المحمّديّة .
وقد علم بذلك خصوصيّات الحكم بكمالاتها ، وبيان الحصر فيها ووجه ترتيبها .
( وأمّا فصّ كلّ حكمة ) فهو ( الكلمة التي نسبت إليها ) تلك الحكمة ، فإنّ الهيئة الجمعيّة للحكمة وصورة فوقيّتها إنّما تتحقق عينا وبالذات في كلمتها ، وكتابا وبالتبعية في فصول هذا الكتاب.
فيكون الظرف هناك مستقرّا ، على أن يكون صفة للحكمة وأمّا وجه اختصاص كل حكمة بالكلمة المنتسبة هي إليها فسنبيّن في صدر كلّ فصّ إن شاء الله تعالى .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
حكمة إلهية في كلمة آدمية، و هو هذا الباب.
ثم حكمة نفثية في كلمة شيئية.
ثم حكمة سبُّوحيَّة في كلمة نُوحِيَّة.
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسيَّة.
ثم حكمة مُهَيَّميَّة في كلمة إبراهيمية.
ثم حكمة حَقية في كلمة إسحاقية.
ثم حكمة عليَّة في كلمة إسماعيلية.
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية.
ثم حكمة نورية في كلمة يُوسفية.
ثم حكمة أحدية في كلمة هودية.
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية.
ثم حكمة قلبية في كلمة شُعَيبيَّة.
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية.
ثم حكمة قَدَرِية في كلمة عُزَيْرية.
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية.
ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية.
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية.
ثم حكمة نَفَسِيَّة في كلمة يونسية.
ثم حكمة غيبية في كلمة أيوبية.
ثم حكمة جلالية في كلمة يحياوية.
ثم حكمة مالكية في كلمة زكرياوية.
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية.
ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية.
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية.
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية.
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية.
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية.
و فص كل حكمة الكلمة التي تنسب إليها.
(وفص كل حكمة)، أي محل انتقاشها (الكلمة التي نسبت) تلك الحكمة (إليها) من حيث القلب المودع فيها .
ففص كل حكمة هو القلب المضاف إلى الكلمة التي نسبت الحكمة إليها لا نفس الكلمة .
كما يشعر به قوله في أول الكتاب : منزل الحكم على قلوب الكلم.


كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : ( حكمة إلهية في كلمة آدمية، وهو هذا الباب.
ثم حكمة نفثية في كلمة شيئية.
ثم حكمة سبوحية في كلمة نوحية.
ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسية.
ثم حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية.
ثم حكمة حقية في كلمة إسحاقية.
ثم حكمة علية في كلمة إسماعيلية.
ثم حكمة روحية في كلمة يعقوبية.
ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية.
ثم حكمة أحدية في كلمة هودية.
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية.
ثم حكمة قلبية في كلمة شعيبية.
ثم حكمة ملكية في كلمة لوطية.
ثم حكمة قدرية في كلمة عزيرية.
ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية.
ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية.
ثم حكمة وجودية في كلمة داودية.
ثم حكمة نفسية في كلمة يونسية.
ثم حكمة غيبية في كلمة أيوبية.
ثم حكمة جلالية في كلمة يحياوية.
ثم حكمة مالكية في كلمة زكرياوية.
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية.
ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية.
ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية.
ثم حكمة علوية في كلمة موسوية.
ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية.
ثم حكمة فردية في كلمة محمدية.
وفص كل حكمة الكلمة التي تنسب إليها.  )
قال الشارح رحمه الله :
و فص كل حكمة الكلمة التي نسب إليها. فاقتصرت على ما ذكرته من هذه الحكم في هذا الكتاب على حد ما ثبت في أم الكتاب. فامتثلت على ما رسم لي، و وقفت عند ما حد لي، و لو رمت زيادة على ذلك ما استطعت، فإن الحضرة تمنع من ذلك والله الموقف لا رب غيره. ومن  ذلك :

قال الشيخ الشارح رضي الله عنه :
( فما شهدّته مما نودعه في هذا الكتاب كما حدّه لي رسول الله صلى الله عليه و سلم ): أي فمن بعض ما شهدّته هو مما نودعه في هذا الكتاب، و هو المحدود من واضع الحدود صلى الله عليه و سلم حتى لو رام رضي الله عنه في أجزاء النص الذي نحن فيه و بيانه يحي في محله إن شاء الله تعالى .
و نحن إن شاء الله آمنون في البيان من الخطأ و الزلل و الله المستعان، و الحمد لله حكمة إلهية في كلمة آدمية، و هو هذا الباب الذي مضى آنفا .
و الحكمة: وضع الشي ء في محله، و الإلهية هي: النسبة إلى حضرة المرتبة الجامعة، و الكلمة هي: العين المقصودة، و الآدمية هي: حضرة الناسوت فهو ظهور المرتبة في الكلمة و بطون العبودية فيها، هذا هو الظهور بالصورة علما و وجودا، فافهم .
( ثم حكمة نفثية في كلمة شيثية )، ثم حكمة سبوحية في كلمة نوحية، ثم حكمة قدوسية في كلمة إدريسية، ثم حكمة مهيمن في كلمة إبراهيمية، ثم حكمة حقية في كل كلمة إسحاقية، ثم حكمة عليه في كلمة إسماعيلية، ثم حكمة روحية في  كلمة يعقوبية، ثم حكمة نورية في كلمة يوسفية . ثم حكمة أحدية في كلمة هودية،
ثم حكمة فاتحية في كلمة صالحية، ثم حكمة قلبية في كلمة شعيبية، ثم حكمة ملكية في  كلمة لوطية، ثم حكمة قدرية في كلمة عزيزية، ثم حكمة نبوية في كلمة عيسوية، ثم حكمة رحمانية في كلمة سليمانية، ثم حكمة وجودية في كلمة داودية، ثم حكمة نفسية في كلمة يونسية، ثم حكمة عينية في كلمة أيوبية، ثم حكمة جلالته في  كلمة يحياوية . ثم حكمة مالكية في كلمة زكرياوية،
ثم حكمة إيناسية في كلمة إلياسية، ثم حكمة إحسانية في كلمة لقمانية، ثم حكمة إمامية في كلمة هارونية ، ثم حكمة علوية في كلمة موسوية، ثم حكمة صمدية في كلمة خالدية، ثم حكمة فردية في كلمة محمّدية، صلى الله عليهم أجمعين و سلم تسليما .
و نصّ كل حكمة الكلمة المنسوبة إليها، و قد عرفت سابقا معنى النص و الحكمة و الكلمة و النسبة معروفة، فلا يحتاج إلى بيان آخر .
واتساب

No comments:

Post a Comment