Monday, December 23, 2019

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس عشر فص حكمة رحمانية في كلمة سليمانية الفقرة العشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )

قال رضي الله عنه :  ( ولمّا قال عليه السّلام : « النّاس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » نبّه على أنّه كلّ ما يراه الإنسان في حياته الدّنيا إنّما هو بمنزلة الرّؤيا للنّائم خيال فلا بدّ من تأويله
إنّما الكون خيال  ....  وهو حقّ في الحقيقة
والّذي يفهم هذا  ....  حاز أسرار الطّريقة
فكان صلى اللّه عليه وسلم إذا قدّم له لبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنّه كان يراه صورة العلم ، وقد أمر بطلب الزّيادة من العلم ؛ وإذا قدّم له غير اللّبن قال : "اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه " . فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإنّ اللّه لا يحاسبه به في الدّار الآخرة ، ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهيّ فالأمر فيه إلى اللّه ، إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه . وأرجو من اللّه في العلم خاصّة أنّه لا يحاسبه به . فإنّ أمره لنبيّه بطلب الزّيادة من العلم عين أمره لأمّته فإنّ اللّه يقول :لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [ الأحزاب : 21 ] . وأيّ أسوة أعظم من هذا التّأسّي لمن عقل عن اللّه تعالى . ولو نبّهنا على المقام السّليمانيّ على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإنّ أكثر علماء هذه الطّريقة جهلوا حالة سليمان عليه السّلام ومكانته وليس الأمر كما زعموا . )

قال رضي الله عنه :  (ولما قال ) ، أي النبي عليه السلام (الناس نيام) ، أي نائمون بنوم الغفلة والغرور (فإذا ماتوا) الموت الطبيعي أو الاختياري عن حياتهم الدنيا انتبهوا من نومهم ذلك نبه صلى اللّه عليه وسلم أمته على أنه ، أي الشأن كل ما يراه الإنسان يقظة في حياته الدنيا من محسوس ومعقول إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم فهو خيال فلا بد من تأويله أي إرجاعه إلى حقيقته التي خيلت للرائي تلك الصورة ومن ذلك اللبن الذي كان يشربه صلى اللّه عليه وسلم في اليقظة بتأويل العمل كما مر .

قال رضي الله عنه :  (إنما الكون) أي الكون المخلوقات كلها من المعقولات والمحسوسات (خيال) في الحس والعقل تظهر للرائي في اليقظة والمنام فيسميها بالأسماء المختلفة ويحكم عليها بالأحكام المتنوعة وهو ، أي الكون المذكور ، كله حق ظهر بصورة الخلق في الحقيقة ، أي حقيقة الأمر ، وفي الشريعة المبنية على الظاهر هو خلق قائم بحق .
(و) الإنسان (الذي يفهم هذا) الأمر المذكور ويعرفه ويكشف عنه بذوقه ويتحقق به في نفسه وغيره حاز ، أي جمع وملك أسرار ، أي أصول الطريقة ،

أي طريقة العارفين المحققين كما قال تعالى : " سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ"  [الإسراء : 53 ] .
أي الذي رأوه في الآفاق وفي أنفسهم وهو الظاهر بصورة كل شيء ، لأنها فعله كما يحاكي الإنسان غيره فيفعل فعلا هو صورة من حاكاه في عين الرائي ولم يتغير هو في نفسه ، لأن الفاعل لا يتغير بفعل .
وقال تعالى في مقابلة ذلك :* ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً( 51 ) [ الكهف : 51 ] ،
أي أشهدتهم الأغيار في الحس والعقل منهم ومن غيرهم وما أشهدتهم أنها فعل الحق تعالى وخلقه فهي مظاهره ، كما أن الأفعال مظاهر الفاعل ، وإن تخيلوا ذلك بألسنتهم وهم غافلون عنه ، فإنه لا يصل إلى أذواقهم لحجابهم بالمعاصي والمخالفات المتلبسة عليهم بالطاعات في الاعتقاد والأعمال وهم يقلدون بعضهم بعضا فضلوا وأضلوا .

قال رضي الله عنه :  (فكان) ، أي النبي (صلى اللّه عليه وسلم إذا قدم) ، أي قدم أحد (له اللبن) في اليقظة في الدنيا (قال اللهم) ، أي يا اللّه بارك لنا معشر المؤمنين فيه ، أي في ذلك اللبن وزدنا منه ، أي أكثره عندنا لأنه صلى اللّه عليه وسلم كان يراه ، أي ذلك اللبن في اليقظة صورة العلم باللّه وقد أمر ، أي أمره اللّه تعالى بطلب الزيادة من العلم بقوله : سبحانه له :وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً وإذا قدّم إليه صلى اللّه عليه وسلم شيء آخر غير اللبن قال اللهم.

 أي يا اللّه بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه ولا يقول عليه السلام وزدنا منه ، فلا يطلب الزيادة إلا من اللبن خاصة لما ذكر فمن أعطاه اللّه تعالى ما أعطاه من أنواع العطايا في الدنيا بسؤال ، أي طلب منه لذلك عن أمر إلهي له بأن يسأل كسليمان عليه السلام في ملكه ونبينا صلى اللّه عليه وسلم في علمه باللّه فإن اللّه تعالى لا يحاسبه ، أي ذلك العبد به ، أي بما أعطاه في الدار الآخرة البتة ومن أعطاه اللّه تعالى ما أعطاه من ذلك في الدنيا بسؤال ، أي طلب عن غير أمر إلهي له بذلك بل من تلقاء نفسه .

قال رضي الله عنه :  (فالأمر) ، أي الشأن (فيه) ، أي في ذلك العبد موكول إلى اللّه تعالى إن شاء اللّه تعالى حاسبه في يوم القيامة به ، أي بسبب ذلك الشيء الذي أعطاه إياه في الدنيا وإن شاء ، أي اللّه تعالى لم يحاسبه أصلا وأرجو من اللّه تعالى في شأن العلم باللّه خاصة أنه تعالى لا يحاسبه ، أي العبد به ، أي بسبب حصوله له في الآخرة وما ورد في بعض الأحاديث من قوله عليه السلام : « لن تزول قدما امرئ يوم القيامة حتى يسئل عن ثلاث وذكر منها علمه ماذا عمل به » . رواه الدارمي وابن شيبة وغيرهما

فلعله غير العلم باللّه من علم الشريعة والأحكام ؛ ولهذا قال : ماذا عمل به والعلم باللّه لا عمل فيه بالنفس بل لا عمل أصلا بل هو شكر كما قال تعالى :اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ[ سبأ : 13 ] .
وقال النبي عليه السلام « أفلا أكون عبدا شكورا ». رواه البخاري
والشكر رؤية العلم الحقيقي لا النعمة ، فصاحب العلم باللّه ناظر إلى اللّه لا إلى نعمته فهو الشاكر ، والعمل الصالح من أكبر النعم على العبد .

قال رضي الله عنه :  (فإن أمره) ، أي اللّه تعالى (لنبيه صلى اللّه عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم) باللّه (عين أمره) تعالى بذلك (لأمته) ، إلا فيما اختص به صلى اللّه عليه وسلم ولا بد من بيان الخصوصية ، ولا بيان هنا فلا خصوصية ، والأصل عدمها كما ذكروا فإن اللّه تعالى يقول :لَقَدْ كانَ لَكُمْيا معشر المؤمنينفِي رَسُولِ اللَّهِ إليكم محمد صلى اللّه عليه وسلمأُسْوَةٌ، أي قدوة ومتابعةحَسَنَةٌ[ الأحزاب : 21 ] ، أي يحسن منكم فعلها والإتيان بها على كل حال وأي أسوة ، أي قدوة ومتابعة لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أعظم من هذا التأسي ، أي الاقتداء والاتباع في طلب زيادة العلم باللّه لمن عقل ، أي فهم جميع ما يفهمه عن اللّه تعالى من العارفين المحققين ، فإنهم أحق من غيرهم في ذلك .

قال رضي الله عنه :  (ولو نبهنا) في هذا الكتاب (على المقام السليماني) ، أي المنسوب إلى سليمان عليه السلام على تمامه ، أي ذلك المقام بتفاصيله لرأيت من ذلك أمرا يهولك ، أي يفزعك ويخيفك الاطلاع عليه كما قال اللّه تعالى في حق أصحاب الكهف :لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً[ الكهف : 18 ] .

قال رضي الله عنه :  (فإن أكثر علماء هذه الطريقة) الإلهية من العارفين (جهلوا حالة سليمان ) عليه السلام ، أي مقامه على التمام (ومكانته) ، أي مرتبته في العلم باللّه والتحقق به (وليس الأمر) ، أي أمر سليمان عليه السلام يعني شأنه ورتبته (كما زعموا) ، أي أكثر علماء هذه الطريقة لقصورهم عن معرفة كمال مقامه الشريف النبوي فلا يعرف حقه.
تم الفص السليماني  

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )

قال رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم خيال فلا بد من تأويله ) كما لا بد من تأويل الرؤيا .
( شعر ) : ( إنما الكون خيال )
لأنه ظل إلهي وظل الشيء من حيث أنه ظل له غير ذلك ( وهو ) أي الكون ( حق ) أي عين الحق ( في الحقيقة ) باعتبار الجود والحقيقة وقد سبق غير مرة تحقيق كون العالم عين الحق.
( والذي يفهم هذا ) أي يفهم كون العالم خيالا من وجه وحقا من وجه .

قال رضي الله عنه :  ( حاز أسرار الطريقة. فكان عليه السلام إذا قدم له لبن قال اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه لأنه كان يراه صورة العلم . وقد أمر بطلب الزيادة من العلم وإذا قدم إليه غير اللبن . قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه . فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن اللّه لا يحاسبه فيه في الدار الآخرة  ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى اللّه إن شاء حاسبه وإن لم يشأ لم يحاسبه  وأرجو من اللّه في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به . فإن أمره تعالى لنبيه بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته فإن اللّه تعالى يقول "لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ" ، وأيّ أسوة أعظم من هذا التأسي ) وهو طلب الزيادة من العلم .

قال رضي الله عنه :  ( لمن عقل عن اللّه تعالى ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة ) وهي طريقة نظر العقل .

قال رضي الله عنه :  ( جهلوا حالة سليمان عليه السلام ومكانته ) وزعموا أنه قدم اسمه على اسم اللّه ملك الدنيا وطلب أن لا يكون لأحد بعده.
قال رضي الله عنه :  ( وليس الأمر كما زعموا وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ) .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
 قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )

قال رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه. فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به. فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى. ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )

النص واضح و لا يحتاج  إلى زيادة شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )

قال رضي الله عنه : ( ولمّا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا » ، نبّه على أنّ كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنّما هو بمنزلة الرؤيا للنائم خيال فلا بدّ من تأويله ) .

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ مضمون الحديث تصريح لنا معشر أهل الذوق والشهود ، أنّ المحسوسات المشهودة كالرؤيا للنائم ، تخييل وتمثيل ، فإنّ الخيال إنّما هو تشخّص المعاني وتمثّل الحقائق والأرواح من قبل الحق للرائي ، وتجسّد النفوس في أمثله صور ثقيلة كبيرة أو خفيفة وصغيرة أو متوسّطة ، كلَّها تمثّلي .
وكذلك عالم الحسّ من الجسمانيات الطبيعيّة والعنصرية إنّما هي صور تمثيلات وتشخيصات وتجسيدات لما فوقها من العوالم الروحانية والنفسانية والعقلية والمعنوية ، مثّلها وجسّدها وشخّصها الحق أمثلة قائمة وصورا زائلة ودائمة لوجوده الحقّ في نسبه ونسب نسبه ولوازمه الذاتية والمرتبية ولوازم لوازمه .

وكيفية ذلك والله أعلم بها على ما علمنا وأعلمنا بذلك : أنّ المعاني إذا قبلت الوجود الحق من التجلَّي النفسي ، أو الحقائق الكلَّية المتبوعة إذا تعيّنت في الوجود الفائض ، حصلت هيئات اجتماعية بين الوجود والحقائق المتبوعة .
ثمّ يسري نور الموجود من الملزومات والمتبوعات إلى اللوازم ولوازم اللوازم ، ومنها إلى العوارض واللواحق والنسب المنتسبة في البين ، فيتّصل أحكام بعضها بالبعض بالوجود الساري من الأصل إلى الفرع ومن الملزومات إلى اللوازم ولوازم اللوازم .

فيوصل خصائص بعضها إلى البعض ، ويفيد حقائق الكلّ للكلّ ويصبغ الكلّ بصبغة الكلّ ، فيلتحم ويتمثّل ويتشخّص صورا وهيئات وجودية ، كما هو مشهود رأي عين ، ومثال سراية الوجود من الأصول والملزومات والحقائق المتبوعة إلى الفروع واللوازم والتوابع في انتساج ملابس الكون والتمثيل والتجسيد كالسدى واللحمة ،
نظير منوال الحقائق المتبوعة المترتبة من أقصى مراتب المكان ، إلى أنهى غايات وجود الكيان ، ونظير الحقائق التابعة واللوازم كاللحمة .

فإذا وجدت الحقائق المتبوعة والملزومات ، وانسحب عليها الفيض الوجودي والتجلَّي النفسي الرحماني الجودي ، ممتدا من أوّل موجود وجد إلى آخر مولود ولد ، سرى منها منبسطا إلى ما حواليها من اللوازم القريبة ثمّ إلى لوازم اللوازم .
وهكذا إلى العوارض واللواحق ، فانتسجت المعاني والحقائق الكونية على هذا المنوال بهذا المثال ، وكلَّما تضاعف حكم التجلَّي الوجودي وأوصل كوامن أحكام الحقائق بعضها إلى البعض وأظهرها ، تكاثفت الصور وثبّتت وثبتت بالنسبة والإضافة ، إذ لا ثبات للأعراض على الحقيقة فإنّها في التبدّل والتغيّر بالخلق الجديد ، فافهم ، وتنزّه فيما صرّحنا به .

واعلم : أنّ هذه الصور والأشكال والهيئات أظهرها الله آيات ونصبها أمثلة للصور والهيئات المعنوية المعقولة الأزلية التي هي شؤونه وأحواله الذاتية ، وما يعقلها إلَّا العالمون بالله الذين يعرفون تأويلها ويعبرون من صورها إلى حقائقها ، والله الموفّق له الحمد لا ربّ غيره .
قال رضي الله عنه  :
إنّما الكون خيال  ....  وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا  ....    حاز أسرار الطريقة
يعني رضي الله عنه : أنّه من حيث الصور والهيئات والأشكال والنقوش خيال يظاهر كثراء في مراء ، وهو من حيث الوجود الواحد الحق المتنوّع ظهوره والمنبسط عليها نوره .
وفي هذه الصور حق بلا شكّ ولا مراء ، فلو لم تشهد التبدّل والتحوّل فأنت عن الحق محجوب ، وفي عين اللبس من خلق جديد موهوب ، وإن شهدت التبدّل وقلت به ولم تر الحق المتحوّل في الصور والمتشكَّل في الأشكال من كل ما بطن فظهر ، فأنت في عين السفسطة ، فانتبه .

قال رضي الله عنه : (وكان صلَّى الله عليه وسلَّم إذا قدّم له لبن ، قال : « اللهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنّه كان يراه صورة العلم وقد أمر بطلب الزيادة من العلم ، وإذا قدّم إليه غير اللبن ، قال : « اللهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » فمن أعطاه الله ما أعطاه عن أمر إلهي ، لا يحاسبه به في الدار الآخرة ، ومن أعطاه ما أعطاه بسؤال لا عن أمر إلهي ، فالأمر فيه إلى الله ، إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه به .  وأرجو من الله في العلم خاصّة أنّه لا يحاسبه به ، فإنّ أمره لنبيّه بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمّته فإنّ الله يقول : ( لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ )  أي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى . ولو نبّهنا على المقام السليماني على تمامه ، لرأيت أمرا يهولك الاطَّلاع عليه ، فإنّ أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته و ليس الأمر كما زعموا ).

ذلك عن ملك آخرته ، وهم غفر الله لهم غفلوا عن كمال تجلَّي الله وظهوره في أكملية مرتبة الخلافة في مظهرية سليمان .
وأنّ الوجود الحق تعيّن به وفيه على أكمل الصور الإلهية والرحمانية ، مع كمال إيفائه وقيامه بحقّ كمال العبدانية ، فإنّه عليه السّلام في عين شهوده ربّه على هذا الكمال ، كان يعمل بيديه ، ويأكل من كسبه ، ويجالس الفقراء والمساكين ، ويفتخر بذلك .

فيقول : « مسكين جالس مسكينا » رزقنا الله وإيّاك من كماله ، ولا حرمنا من علمه ومقامه وحاله ، إنّه قدير وهّاب ، مفتّح الأبواب ، وميسّر الأسباب .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )
 
قال رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه الصلاة والسلام « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا
» نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم فلا بد من تأويله ) .

مضمون الحديث أن الحياة نوم ، وفحواه أن كل ما يرى من المحسوسات المشهورة كالرؤيا للنائم خيال ، فكما أن للرؤيا معاني متمثلة في الخيال وحقائق متجسدة تحتاج إلى تأويل .

فكذلك كل ما يتجسد ويتمثل لنا في هذا العالم معان وحقائق تمثلت في عالم المثال ثم في عالم الحس ، فعلى أهل الذوق والشهود تأويله إما بالعبور على تلك الحقائق التي تنزلت حتى تمثلت في الصورة المحسوسة التي وصلت إليها ، وإما إلى لوازم هذه الصورة ولوازم لوازمها ، فإن الوجود الساري في الأكوان سرى من كل صورة إلى ما يناسبها ويلازمها ثم إلى عوارضها ولواحقها وتوابعها وتوابع توابعها .
واعلم أن هذه الصور والأشكال والهيئات والأحوال التي نشاهدها بما في العالم ، آيات نصبها الله لنا وأعلام أظهرها أمثلة لحقائق وصور ومعان معقولة أزلية هي شؤونه تعالى وتعيناتها الذاتية -   "وما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ " باللَّه الذين يعرفون تأويلها ويعبرون عن صورها إلى حقائقها وهو الموفق .

قال رضي الله عنه :  ( إنما الكون خيال وهو حق في الحقيقة ، والذي يفهم هذا حاز أسرار الطريقة ) .
أي الكون من حيث الصور والهيئات والأشكال فظاهر في وجود الحق ، وهو من حيث أنه هو الوجود الحق الظاهر في هذه الصور حق بلا شك ، فمن لم يحتجب عن الحق بهذه الصور ورأى الحق المتجلى فيها المتحول في الصور فهو المحقق الواقف على أسرار الطريقة .

"" أضاف بالى زادة :  إنما الكون خيال لأنه ظل إلهي ، وظل الشيء من حيث هو ظل له غير ذلك ، وهو أي الكون حق أي غير الحق في الحقيقة باعتبار الوجود . والذي يفهم هذا أي كون العالم خيالا من وجه وحقا من وجه حاز أسرار الطريقة اهـ بالى . ""

قال رضي الله عنه :  ( فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال « اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنه كان يراه صورة العلم وقد أمر بطلب الزيادة من العلم ، وإذا قدم إليه غير اللبن قال « اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة ، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه ، وأرجو من الله في العلم خاصة أن لا يحاسب به ، فإن أمره لنبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته ، فإن الله يقول "لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله ، ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ، فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته ، وليس الأمر كما زعموا )

أي حسبوا أنه عليه السلام اختار ملك الدنيا وأنه ينقصه ذلك عن ملك الآخرة ، وهو أعظم مما اعتقدوا في حقه وما قدروا حق قدره ، فإنه عليه السلام كان في أكملية رتبة الخلافة .
وإن الوجود الحق المتعين به وفيه ظهر في أكمل صوره الإلهية والرحمانية ، فهو أكمل مجلى لله مع قيامه بحق العبدانية وكمال إيقانه بذلك فإنه عليه السلام في عين شهود ربه على هذا الكمال وظهوره بأسمائه العظمى كان يعمل بيديه ويأكل بكسبه ويجالس الفقراء والمساكين ، ويفتخر بذلك ويقول : مسكين جالس مسكينا ، والله الموفق .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )

قال رضي الله عنه :  ( ولما قال ، عليه السلام : "الناس نيام ، فإذا ماتوا انتبهوا" . نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم : خيال فلا بد من تأويله . ).

( الواو ) في ( ولما ) عطف على ( لما أسرى . ) أي ، نبه ، صلى الله عليه وسلم ، بهذا الحديث على أن الحياة الحسية حياة ظلية للحياة الحقيقية ، والظل خيال . كما نبه في ( الفص اليوسفي ) . فكل ما في الحس من الأشياء خيالات وصور لمعان غيبية وأعيان حقيقية ، ظهرت في هذه الصور لمناسبة بينها وبين تلك الحقائق ، فلا بد من تأويل كل ما يسمع ويبصر في العالم الحسى إلى المعنى المراد في الحضرة الإلهية .

ولا يعلمه إلا العالمون بالله وتجلياته وأسمائه وعوالمه ، وهم الراسخون في العلم .
فمن وفق بذلك وهدى ، فقد أوتى الحكمة . "ومن يؤت الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا " .
(إنما الكون خيال  ...  وهو حق في الحقيقة
كل من يفهم هذا  ....  حاز أسرار الطريقة )
يجوز أن يكون المراد ب‍ ( الكون ) عالم الصور . ويجوز أن يكون العالم بأسره ، لأن العالم كله ظل للغيب المطلق وعالم الأعيان .
وقوله : ( وهو حق ) يجوز أن يكون ما يراد في مقابله الباطل . أي ، هذا القول حق في الحقيقة ، وكل من يفهم هذا المعنى وعرف تأويلات ما يشاهد في الكون ، حاز أسرار السلوك إلى الله . ويجوز أن يكون الحق تعالى .

ومعناه : أن الكون وإن كان خيالا باعتبار ظليته ، لكنه عين الحق باعتبار حقيقته ، لأنه عين الوجود المطلق ، تعين بهذه الصور ، فتسمى بأسماء الأكوان ، كما أن الظل باعتبار آخر عين الشخص . وكل من يفهم أن الكون باعتبار ظل للحق وسوى وغير مسمى بالعالم ، ويعلم أنه باعتبار آخر عين الحق ، عرف أسرار السلوك والطريقة .

قال رضي الله عنه :  ( وكان ، صلى الله عليه وسلم ، إذا قدم إليه لبن ، قال : "اللهم بارك لنا فيه ، وزدنا منه " . لأنه كان يراه صورة العلم ، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم . وإذا قدم إليه غير اللبن ، قال : "اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه" . فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي ، فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة ، ومن أعطاه الله تعالى ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي ، فالأمر فيه إلى الله تعالى : إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه به . وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به . ).

 أي ، وأرجو من الله في العلم أنه لا يحاسب الطالب بالعلم الذي أعطاه في الدنيا .

قال رضي الله عنه :  ( فإن أمره لنبيه ، عليه السلام ، بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته ، فإن الله يقول : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" ) .
وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله . ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه ، لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه . فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ، عليه السلام ، ومكانته ، وليس الأمر كما زعموا . والله يقول الحق وهو يهدى السبيل . ) .

أي ، ظنوا من أنه قدم اسمه على اسم الله واختار ملك الدنيا وطلب أن لا يكون ذلك لغيره .
وهو أعظم مكانة عند الله مما قالوا في حقه ، لأنه مظهر اسم ( الرحمن ) الذي هو جامع الأسماء .
ومطلوبه ملك لا يتعلق بالدنيا ، لذلك نكره وتنكيره للتعظيم .
والدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة قد كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم . فليس الأمر كما قيل في حقه .
والله الهادي .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )

قال رضي الله عنه :  (ولمّا قال عليه السّلام : " النّاس نيام فإذا ماتوا انتبهوا ". رواه البيهقي.
نبّه على أنّه كلّ ما يراه الإنسان في حياته الدّنيا إنّما هو بمنزلة الرّؤيا للنّائم خيال فلابدّ من تأويله إنّما الكون خيال  ...  وهو حقّ في الحقيقة
والّذي يفهم هذا     ...  حاز أسرار الطّريقة
فكان صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قدّم له لبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه » . رواه الهيثمي. لأنّه كان يراه صورة العلم ، وقد أمر بطلب الزّيادة من العلم ؛ وإذا قدّم له غير اللّبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » . رواه النسائي.  ؛ فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإنّ اللّه لا يحاسبه به في الدّار الآخرة ، ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهيّ فالأمر فيه إلى اللّه ، إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه .

وأرجو من اللّه في العلم خاصّة أنّه لا يحاسبه به ، فإنّ أمره لنبيّه بطلب الزّيادة من العلم عين أمره لأمّته ، فإنّ اللّه يقول :لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ[ الأحزاب : 21 ] ، وأيّ أسوة أعظم من هذا التّأسّي لمن عقل عن اللّه تعالى ، ولو نبّهنا على المقام السّليمانيّ على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ، فإنّ أكثر علماء هذه الطّريقة جهلوا حالة سليمان عليه السّلام ومكانته وليس الأمر كما زعموا ) .

وإليه الإشارة بقوله : ( ولما قال عليه السّلام : « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا به » ، نبّه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا ) سواء كان في اليقظة أو المنام ، وأوّله فحقق تأويله بعد اليقظة ، ( إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم ) حتى أن تأويله الواقع في الدنيا من قبيل ما يرى في المنام ؛ لأنه ( خياله ) ، وإن عدّ من المحسوسات الظاهرة ، ( فلابدّ من تأويله ) حتى أن تأويله يحتاج إلى تأويل آخر في الآخرة ، وكيف لا .

وقد قالوا : ( إنما الكون ) أي : الوجود الحادث ( خيال ) ؛ لأنه صورة الوجود الحقيقي الظاهرة في مرايا الخلائق ، ( وهو ) أي : الكون باعتبار تحققه ( حق في الحقيقة ) ، إذ لا تحقق له في نفسه ، وإنما هو من جهة إشراق نور ربه عليه ، ( بل من يفهم هذا حاز أسرار الطريقة ) أي : معانيها الدقيقة كالفناء ، والبقاء ، والجمع ، والفرق ، وعلم كيفية السير في المقامات ، وإذا كانت جميع الموجودات صورا خيالية راجعة إلى الحق ، فأي عجب في رجوع بعض الصور إلى بعض المعاني التي في الحق مما ظهر بها في هذه الموجودات إذا عرفت هذا ، فقد ظهر الحق بصفة القيومية في اللبن ، فصار قوام الأبدان وقيوميته للأرواح بالعلم ، فلما كان اللبن مظهر القيومية وأصلها في الأرواح كان صورة العلم .

قال رضي الله عنه :  " ( فكان صلّى اللّه عليه وسلّم إذا قدم له لبن ) في اليقظة ( قال : « اللهم بارك لنا فيه ) أي : أعطنا ما هو بركته ، وهو كونه مظهرا لقيوميتك ، فنصير مقومين للأشباح والأرواح جميعا " .

ثم قال رضي الله عنه  : « ( وزدنا منه ) أي : من هذا اللبن الذي من جهة العلم ؛ ( لأنه كان يراه صورة العلم ، ومرجع الصورة إلى ما هي صورته ، ( وقد أمر بطلب الزيادة من العلم ) » ، وكان طلبها بقوله : « وزدنا منه » ، وإلا فطلبه الزيادة من اللبن من حيث هو لبن قليل الجدوى لا يليق به صلّى اللّه عليه وسلّم ، ( وإذا قدم له غير اللبن ) مما لا يناسب العلم بوجه من الوجوه .

( قال ) : « ( اللهم بارك لنا فيه ) بظهور ما فيه من أسمائك ليتحقق بها ( وأطعمنا خيرا منه ) » ؛ ليطلع على ما فوق تلك الأسماء ، فإن العلم فوق الإرادة وهي فوق القدرة ، فاللبن وإن لم يكن عين ما أمر به عليه السّلام بطلبه ، لم ير الحساب على طلب المزيد منه ؛ لأنه كان مناسبا لما أمر بطلب الزيادة منه ، فكيف يحاسب في طلب ما أمر به بعينه .

قال رضي الله عنه  : ( فمن أعطاه اللّه ) كنبينا وسليمان عليه السّلام ( ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي ) سواء كان في عين ما أمر به أو فيما يناسبه ، ( فإن اللّه لا يحاسبه به في الدار الآخرة ) ، وإن عجل له ذلك في الدنيا ووافق هواه ، أو لم يكن سؤاله عن محض الهوى بل عن أمر اللّه وحده ، أو صح هواه ، (ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال ) ( من غير أمر إلهي ) لا فيه ، ولا في مناسبته ، فإنه واف بذلك في سؤاله للحق وتحقق بعبوديته فيه.

قال رضي الله عنه  : ( فالأمر فيه إلى اللّه ) ( إن شاء حاسبه به ) ؛ لأنه وسط الحق في طلب غيره ، ( وإن شاء لم يحاسبه ) ؛ نظرا إلى أنه امتثل في الجملة قوله :ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ[ غافر : 60 ] .

قال رضي الله عنه  : ( وأرجو من اللّه في العلم خاصة ) إذا طلبه أحدنا من غير أمر خاص في حقه ( أنه لا يحاسب به ) ، ( فإن أمره لنبيه عليه السّلام ) بطلب الزيادة من العلم عين ( أمره لأمته ) ، وإن لم يكن مفهوم ذلك الأمر لكن يفهم ذلك من أمرهم باقتدائه ،
فإن اللّه يقول :" لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ "[ الأحزاب : 21 ] ، إذ هو أمر في صورة الخبر .

قال رضي الله عنه  : ( وأي أسوة أعظم من هذا التأسي ) ؛ فإنه تأسي في الأمر الذي تتعلق به جميع العبادات التي أمروا بالاقتداء فيها ، ولكن إنما يقال هذا ( لمن عقل عن اللّه تعالى ) ، إذ ربما يقول غيره طلب العلم من قبيل توسيط الحق ، وليس كذلك فإن المقصود منه معرفة الحق بما يمكن معرفته به من المعاني الظاهرة له في الخلائق ، وهذا تنبيه على بعض ما اختص به سليمان عليه السّلام .

قال رضي الله عنه  : ( ولو نبّهنا على المقام السليماني على تمامه ، لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ) لغاية ذمته ، حتى خفي على أكبر علماء هذه الطريقة ، ( فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان عليه السّلام ومكانته ) ، فزعموا أنه كان كأكبر الملوك .

قال رضي الله عنه  : ( وليس الأمر كما زعموا ) إذ كان ملكه من مكملات الأمور الأخروية من غير أن يفوته فيها شيء شبيه .
ولما فرغ من الحكمة الرحمانية التي فيها إفاضة الوجود العام والصفات العامة ، شرع في الحكمة الوجودية التي منها فيض كمالاته من النبوة والولاية والجلاء ، وسائر الهيئات الخاصة ؛ فقال : عن فص الحكمة الوجودية في الكلمة الداودية

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )

قال رضي الله عنه :  (ولما قال عليه الصلاة والسّلام : « الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » نبّه على أنّه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم ) في أنّه صور يعبّر بها عن الأمور الواقعة ، أو الذي سيقع ، فهو من هذه الحيثيّة ( خيال ، فلا بدّ من تأويله ) .

(إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة)
( إنما الكون ) وهو كما عرفت في المقدّمة عبارة عن الأعراض المتشخّصة بها الأشياء في هذا العالم من المحسوسات ، وما يتقوّم بها . ولا شكّ أنّها أمور متحوّلة متغيّرة ، وصور غير مستقرّة كاشفة عن آخر مثلها ، فهو بهذا الوجه : ( خيال ) وإن كان بوجه آخر ( وهو ) من حيث أصله الباقي منه  دون الهلاك   ( حقّ في الحقيقة ) .

(والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة)
(والذي يفهم هذا ) أي الكون بوجهيها ، أو طريق تأويل هذه الصور الكونيّة الخياليّة وسبيل تعبيرها ، فإنّ السالك إذا فهم ألسنة إرشاد الكائنات ( حاز أسرار الطريقة ) فاستغنى عن مرشد آخر في صورة شخصيّة معيّنة ، فإنّ الحقّ يرشده في صور الأكوان .

قال رضي الله عنه :  ( وكان صلَّى الله عليه وسلَّم إذا قدّم له لبن ، قال : " اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه " لأنه كان يراه صورة العلم ، وقد امر بطلب الزيادة من العلم .  وإذا قدم إليه غير اللبن قال : « اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » ) .

السؤال إذا كان عن أمر إلهي لا يحاسب به السائل
قال رضي الله عنه :  ( فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهيّ ، فإنّ الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة . ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهيّ ، فالأمر فيه إلى الله : إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه . وأرجو من الله في العلم خاصّة أنه لا يحاسبه به ، فإنّ أمره لنبيه عليه الصلاة والسّلام بطلب الزيادة من العلم عين أمره لامّته . فإن الله يقول : “  لَقَدْ كانَ لَكُمْ في رَسُولِ الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ “  [ 33 / 21 ] ، وأيّ أسوة أعظم من هذا التأسّي لمن عقل عن الله ) تعالى ، واستفاض العلوم من محلَّه خالصة عن شوائب امتزاج الوسائط ؟

المقام السليماني
ثم إنّه لما كان طرف التشبيه غالبا على ذوق سليمان - على ما علم في طيّ أوضاعه من التفاته إلى الملك ، وانقياد الأكوان له جملة ، على ما علم منه ومن تلويح اسمه - وبيّن أن مقتضيات أحكام هذا الطرف مما لا يفهمه - فهم قبول - إلا الندر من العلماء ، اولي الأذواق الكاملة والحكم الشاملة .

قال رضي الله عنه :  ( لو نبّهنا على المقام السليماني على تمامه ، لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ) لاشتمال ذلك على أصول غريبة تنهدم بها قواعد العقائد التي عليها تعويل أهل التحقيق .

قال رضي الله عنه :  ( فإنّ أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا ) ، كما نبّه في مطلع الفصّ على بعضه وفي طيّه على آخر حيث قال : مبدأ تسخيره عليه السّلام إنما هو مجرّد التلفّظ بدون ضميمة همّة ولا جمعيّة ، كما بيّن آنفا .
ولهذا البحث تفاصيل يحتاج إلى أصول غريبة وعلوم غير مأنوسة ، لذلك اكتفى عنه بهذا الإجمال.

 تمهيدا للفصّ الآتي
ثم اعلم أنّ الوجود الذي هو قهرمان أمر الظهور ومصباح ذلك النور - على ما لا يخفى - له ظاهر يعبّر عنه بالرحمانيّة .
كما أن داود الذي هو سلطان أمر الإظهار بما ورد في حقه من الخلافة المنصوص عليها - كما ستقف على تحقيقه - وتسخير الطير والجبال اللذين هما أشدّ ما في العالم علوّا على الإنسان ، وأكثره عصيانا وإباء للإذعان ، له نتيجة يظهر منها تمام تلك السلطنة ، وهو سليمان.

فيكون بين « داود » و « الوجود » خصوص نسبة ، كما بين « سليمان » و « الرحمن » . وإليه أشار بقوله : فصّ الحكمة الوجوديّة في الكلمة الداودية

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما قال عليه السلام "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا " نبه على أنه كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم: خيال فلا بد من تأويله.
إنما الكون خيال ... وهو حق في الحقيقة
والذي يفهم هذا ... حاز أسرار الطريقة
فكان صلى الله عليه وسلم إذا قدم له لبن قال «اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه» لأنه كان يراه صورة العلم، وقد أمر بطلب الزيادة من العلم، وإذا قدم له غير اللبن قال اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه.
فمن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن الله لا يحاسبه به في الدار الآخرة، ومن أعطاه الله ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى الله، إن شاء حاسبه وإن شاء لم يحاسبه.  وأرجو من الله في العلم خاصة أنه لا يحاسبه به.
فإن أمره لنبيه عليه السلام يطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته: فإن الله يقول «لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة».  وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن الله تعالى.
ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإن أكثر علماء هذه الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته وليس الأمر كما زعموا. )

قال رضي الله عنه :  (ولمّا قال عليه السّلام : « النّاس نيام فإذا ماتوا انتبهوا » نبّه على أنّه كلّ ما يراه الإنسان في حياته الدّنيا إنّما هو بمنزلة الرّؤيا للنّائم خيال فلا بدّ من تأويله.  إنّما الكون خيال  ...  وهو حقّ في الحقيقة ..  والّذي يفهم هذا  ...  حاز أسرار الطّريقة .. فكان صلى اللّه عليه وسلم إذا قدّم له لبن قال : " اللّهمّ بارك لنا فيه وزدنا منه " لأنّه كان يراه صورة العلم ، وقد أمر بطلب الزّيادة من العلم ؛ وإذا قدّم له غير اللّبن قال : « اللّهمّ بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » . فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإنّ اللّه لا يحاسبه به في الدّار الآخرة ، ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن غير أمر إلهيّ فالأمر فيه إلى اللّه ، إن شاء حاسبه به ، وإن شاء لم يحاسبه . وأرجو من اللّه في العلم خاصّة أنّه لا يحاسبه به . فإنّ أمره لنبيّه بطلب الزّيادة من العلم عين أمره لأمّته فإنّ اللّه يقول :لَقَدْ).

قال رضي الله عنه :  (ولما قال عليه الصلاة والسلام : « الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا ) . رواه البيهقي
قال رضي الله عنه :  (نبه على أن كل ما يراه الإنسان في حياته الدنيا إنما هو بمنزلة الرؤيا للنائم ).

 في أنه صور يعبر بها عن الأمور الواقعة والذي ينتفع فهو من هذه الحيثية ( خيال فلا بد من تأويله . إنما الكون ) ، أي عالم الصور والأشكال أو العالم كله لأنه ظل للغيب المطلق والأعيان الثابتة.
قال رضي الله عنه :  ( خيال ) يتوهم أن له وجودا في نفسه ( و ) ليس كذلك بل ( هو حق في الحقيقة ) يعني عين الوجود الحق الذي يعني بهذه الصورة الخيالية ( كل من يفهم هذا ) المعنى الذي ذكرناه ( حاز ) ، أي جمع ( أسرار الطريقة ) الذي هي نتيجة سلوك الطريقة المسلوكة لأرباب السلوك .

قال رضي الله عنه :  ( وكان صلى اللّه عليه وسلم إذا أتي بلبن قال : « اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه » لأنه كان يراه صورة العلم وقد أمر بطلب الزيادة من العلم وإذا أتي بغير لبن
قال : « اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه » . رواه النسائي و أبو داود وغيرهما.

 قال رضي الله عنه :  ( فمن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال عن أمر إلهي فإن اللّه لا يحاسبه به في الدار الآخرة ، ومن أعطاه اللّه ما أعطاه بسؤال من غير أمر إلهي فالأمر فيه إلى اللّه إن شاء حاسبه ، وإن شاء لم يحاسبه وأرجو من اللّه في العلم خاصة أنه لا يحاسبه ) ، أي طالبه به .

قال رضي الله عنه :  ( فإن أمره لنبيه عليه الصلاة والسلام بطلب الزيادة من العلم عين أمره لأمته فإن اللّه يقول :لَقَدْ

قال رضي الله عنه :  ( كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [ الأحزاب : 21 ] . وأيّ أسوة أعظم من هذا التّأسّي لمن عقل عن اللّه تعالى .  ولو نبّهنا على المقام السّليمانيّ على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه فإنّ أكثر علماء هذه الطّريقة جهلوا حالة سليمان عليه السّلام ومكانته وليس الأمر كما زعموا .)
كان"َ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " [ الأحزاب : 21 ] وأي أسوة أعظم من هذا التأسي لمن عقل عن اللّه .
قال رضي الله عنه :  (ولو نبهنا على المقام السليماني على تمامه لرأيت أمرا يهولك الاطلاع عليه ) ، وإنما قلنا ذلك ( فإن أكثر علماء الطريقة جهلوا حالة سليمان ومكانته ) ، وزعموا أنه أحب ملك الدنيا وطلب أن لا يكون ذلك لغيره .
قال رضي الله عنه :  ( وليس الأمر كما زعموا واللّه سبحانه أعلم بالحقائق ) .
تم الفص السليماني

.
الفقرة العشرون على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله 
واتساب

No comments:

Post a Comment