Tuesday, July 9, 2019

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الخامسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of HUD

الفقرة االخامسة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق وقاية للحق بوجه والعبد وقاية للحق بوجه. فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق. وإن شئت قلت هو الحق.  وإن شئت قلت هو الحق الخلق. وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه. وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب. ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه. فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف. )
وإذا كان الحق سبحانه (وقاية للعبد بوجه) في النوع الأول من التقوى (و) كان (العبد وقاية للحق) تعالی (بوجه) آخر في النوع الثاني من التقوى .
قال رضي الله عنه : (فقل) يا أيها السالك (في) هذا (الكون)، أي الوجود الموهوم النسبة المضاف إلى الأعيان الممكنة العلمية الظاهرة في الحس والعقل (ما شئت)، أي أردت من العبارات حيث عرفت الأمر على ما هو عليه في نفسه (إن شئت قلت هو)، أي هذا الكون المذكور (الخلق)، لأنه تقدير الله تعالى الذي قدره في الأزل في ظلمة العدم ثم ظهر به حيث أظهره بتجلي وجوده عليه (وإن شئت قلت هو)، أي الكون المذكور (الحق) تعالی، لأن الوجود المطلق الظاهر نوره على أعيان الممكنات العدمية بالعدم الأصلي.
قال رضي الله عنه : (وإن شئت قلت هو)، أي الكون (الحق) باعتبار الوجود المطلق الظاهر بنفسه ولا شيء معه إذ " كل شيء هالك إلا" هو (الخلق) باعتبار صور الأعيان الممكنة الظاهرة بنور الوجود المطلق (وإن شئت قلت إنه (لاحق من كل وجه) بل من وجه الوجود فقط (ولا خلق من كل وجه)، بل من وجه الصور الممكنة المحسوسة والمعقولة .
قال رضي الله عنه : (وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك) الأمر والوقوف من غير قطع بواحد، فإنك لا تقدر أن تخلص واحدة إلى الطرف لتعلقها بالأخرى.
 وإليه أشرت بقولي شعرا:
 إن الوجود حقيقة لا تدرك      ….. وقف المحقق عنده والمشرك
قال رضي الله عنه : (فقد بانت المطالب) التي هي مقاصد العارف، فإنه يعرف الكون بهذه المعارف المذكورة، ثم ينفيها ويقف في العجز عن الإدراك، ثم في العجز عن العجز، ويرجع إليها بغير ما تركها.
وهكذا وليس للأمر نهاية ولا للمعرفة غاية (بتعيينك) هذه المراتب المذكورة للكون في نفسك (ولولا التحديد الوارد) عن الله تعالى في حضرة ظهوره كما سبق بيانه.
قال رضي الله عنه : (ما أخبرت الرسل) عليهم السلام (بتحول الحق) تعالى في يوم القيامة (في الصور) لأهل المحشر (ولا وصفته)، أي الرسل عليهم السلام (بخلع الصور عن نفسه ) سبحانه، فإن هذا كله تحديد في ظهوره تعالى، وهو حق لا يغير الحق أصلا من حيث بطونه على ما هو عليه عز وجل.
أخرج الترمذي بإسناده عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال:  "يجمع الله تعالى الناس يوم القيامة في صعيد واحد، ثم يطلع عليهم رب العالمين
فيقول: ألا ليتبع كل إنسان ما كان يعبد فيتمثل لصاحب الصليب صليبه ، ولصاحب التصاویر تصاویره، ولصاحب النار ناره، فيتبعون ما كانوا يعبدون .
ويبقى المسلمون، فيطلع عليهم رب العالمين فيقول: ألا تتبعون الناس.
فيقولون: نعوذ بالله منك الله ربنا وهذا مكاننا حتى نری ربنا، وهو يأمرهم ويثبتهم، ثم يتوارى.
ثم يطلع فيقول: ألا تتبعون الناس
فيقولون نعوذ بالله منك، الله ربنا وهذا مكاننا حتى نرى ربنا وهو يأمرهم  ويثبتهم، ثم يتوارى .
ثم يطلع فيقول : ألا تتبعون الناس
فيقولون: نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك نعوذ بالله منك الله ربنا، وهذا مكاننا حتى نرى ربنا، وهو يأمرهم ويثبتهم إلى آخر الحديث الطويل .ورواه البخاري ومسلم وغيرهما.
وفي رواية أخرى للبخاري ومسلم والنسائي بإسنادهم إلى أبي سعيد الخدري إلى أن قال: حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله عز وجل من بر وفاجر .
أتاهم الله عز وجل في أدنى صورة من التي رأوه فيها .
قال : فما تنتظرون تتبع كل أمة ما كانت تعبد
قالوا: يا ربنا فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما کنا إليهم ولم نصاحبهم
فيقول: وأنا ربكم
فيقولون: نعوذ بالله منك لا نشرك بالله شيئا مرتين أو ثلاثة حتى أن بعضهم ليكاد ينقلب .
فيقول : هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها .
فيقولون: نعم فيكشف عن ساق فلا يبقى من كان يسجد لله عز وجل من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود.
ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله تعالی ظهره طبقة واحدة كما أراد أن يسجد على قفاه .
ثم يرفعون رؤوسهم وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة.
قال: فيقول: "أنا ربكم "
فيقولون : أنت ربنا ثم يضرب الجسر على جهنم، وتحل الشفاعة.
ويقولون: اللهم سلم، سلم .
" قيل: يا رسول الله، وما الجسر؟ إلى آخر الحديث.  وهناك روايات أخرى غير هذا في كتب الحديث النبوي . .
قال رضي الله عنه : (فلا تنظر العين) من كل أحد (إلا إليه سبحانه) من حيث ظهوره تعالى في كل صورة وهو منزه عن كل شيء من حيث بطونه (ولا يقع الحكم) من كل أحد على كل شيء بشيء من الأشياء (إلا عليه) سبحانه من الحيثية المذكورة .
(فنحن) كلنا معشر الأعيان الممكنة العدمية بالعدم الأصلي (له) ليظهر بنا في حضرة ظهوره بتجلي وجوده وانکشاف نوره .
وقال تعالى : "لله ما في السماوات وما في الأرض" [البقرة : 284].
وقال سبحانه : "وله كل شئ" [النمل: 91].
(و) نحن أيضا قائمون إيجادا وإمدادا (به)،سبحانه تعالی، لأنه الحي القيوم الذي قامت السماوات والأرض بأمره (و) نحن أيضا (في يديه) يصرفنا كيف يشاء بما شاء ويحركنا ويسكننا."وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ" [الأنعام : 13].
قال رضي الله عنه : (وفي كل حال) من أحواله التي لنا في الحس أو العقل أو الخير أو الشر أو القرب أو البعد (فإنا) كلنا (لديه)، أي عنده ولم نبرح من حضرته سواء كان بعضنا محسنا أو مجرما.
قال تعالى: " إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر" [القمر: 54 - 55].
وقال تعالى : "إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته " [الأعراف: 206] الآية.
وقال تعالى : "ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤسهم عند ربهم" [السجدة : 12] الآية.
قال رضي الله عنه : (ولهذا) أي لكون الأمر كذلك (بنکر) سبحانه، أي ينكره قوم من الجاهلين به الغافلين عنه الكافرين له .
قال رضي الله عنه : (ویعرف) سبحانه، أي يعرفه قوم آخرون من المؤمنين به المتقين الكاملين (وينزه)، أي ينزهه قوم من المسلمين الحاکمین بعقولهم في إيمانهم به .
(ويوصف) سبحانه بما لا يليق بجنابه من أوصاف الحوادث عند قوم من المبتدعين الضالين، وجميع ذلك تجلياته سبحانه في حضرة ظهوره، لأنه الظاهر بكل شيء.
وهو في حضرة بطونه على ما هو عليه من إطلاقه الحقيقي، لأنه الباطن عن كل شيء، وأحكامه متوجهة منه تعالى على كل ذلك بألسنة رسله وأنبيائه عليهم السلام، فحكم بالكفر في اعتقاد وبالإيمان في اعتقاد وبالبدعة في اعتقاد وبالجهل به في اعتقاد و بالمعرفة به في اعتقاد والله يحكم لا معقب لحكمه له الحكم وإليه ترجعون.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه) أي من حيث كون الحق ظاهر العبد هذا ناظر إلى قوله : "أين المتقون" (والعبد وقاية للمحق بوجه) أي من حيث كون العبد ظاهر الحق فقد حصل في تلك المسألة خمسة أوجه كلها صحيحة لكنها يتفضل بعضها على بعض فشرع في تفصيلها بجزاء الشرط .
وهو قوله رضي الله عنه :  : (فقل في الكون،) أي في حق الكون (ما شئت إن شئت قلت هو) أي الكون (الخلق) باعتبار وقاية لكون الحق (وإن شئت قلت هو الحق الخلق) بالجمع بينهما (وإن شئت قلت لا حق) أي الكون لا حق (من كان وجه ولا خلق من كل وجه) فصدق سلب إيجاب الكلي فلا بصدق أصلا في الكون إيجاب الكلي لا في الحقية ولا في الخلفية .
(وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك) أي في حق الكون فمن قال بالحيرة لم يصدر منه حكم في حق الكون فإذا قلت بهذه المقامات.
قال رضي الله عنه : (فقد بانت) أي ظهرت (المطالب بتعيين المراتب) وكل ذلك تحديد الحق (ولولا التحديد) أي ولو لم يقع التحديد في نفس الأمر (ما أخبرن الرسل بتحول الحق في الصور)، وهو ما جاء في الخبر الصحيح أن الله يتجلى للخلق يوم القيامة في صورة منكرة . فيقول : أنا ربكم الأعلى فيقولون: نعوذ بالله منك فيتجلى في صورة عقائدهم فيسجدون له.
(ولا وصفته) أي ولا وصفت الرسل الحق (بخلع الصور عن نفسه) أي لم يقولوا إن الله يتجلى يوم القيامة خاليا من الصور .
بل فائوا إن الله يتجلى في الصور والصور كلها محدودة فالحق المتجلي في المحدود و محدود فكان الحق هو الظاهر في كل صورة فحينئذ .
شعر:
قال رضي الله عنه : (فلا تنظر العين) في الحقيقة (إلا إليه) لكنه لا يعلم من احتجب بالصور (ولا يقع الحكم إلا عليه) باعتبار الأحدية (فنحن له) عبيد وهو ربنا (وبه) أي وجودنا وقيامنا بالحق (و) قلوبنا (في يديه) يقلبنا كيف يشاء .
وهو إشارة للحديث : "قلب المؤمن بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء"
" ورد الحديث : «إن قلوب ابن آدم ملقى بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه كيف يشاء» ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اللهم اصرف قلوبنا إلى طاعتك» رواه ابن حبان و ابن ماجة والحاكم والطبراني وغيرهم
كما ورد الحديث :  سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:  «ما من قلب إلا بين إصبعين من أصابع الرحمن، إن شاء أقامه، وإن شاء أزاغه»رواه ابن حبان و ابن ماجة والحاكم والطبراني وغيرهم  
 أو في يديه مجبورون ينصرف كيف يشاء (وفي كل حال) من الأحوال الحسنة أو السيئة (فإنا) حاضرون (لديه) فهو معنا أينما كنا (ولهذا) أي الأجل ظهور الحق في كل صورة (ينكر ويعرف وينزه ويوصف) على حسب مراتب الناس فإذا لم تنظر العين إلا إليه صار النظر مختلفة في رؤية الحق بأن كان بعضه فوق بعض.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : " وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه. فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق. وإن شئت قلت هو الحق.  وإن شئت قلت هو الحق الخلق. وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه. وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب. ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه. فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه . فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه . لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف."
وقال: ما سبق مقصر مجدا.  قال: كذلك أنه لا يماثل أجير عبدا، والأجير هنا هو الذي يبتغي الثواب من الله على طاعته، وأما العبد فهو الذي يخدم عبودية لا يطلب عليها جزاء.
قال: وإذا ثبت الوقاية من الطرفين صدق أن تسمى الكون ربا وأن تسميه عبدا، وإن شئت قلت: هو الحق الخلق معا،
وإن شئت قلت: لا هو خلق من كل وجه ولا هو حق من كل وجه،
وإن شئت قلت: بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعين المراتب
قال: ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
قال: فلا تنظر العين إلا إليه ولا يقع الحكم إلا عليه فنحن له وبه في يديه وفي كل حال فإنا لديه
قوله: لهذا ينكر فينزه ويعرف فيوصف، فمن رأى الحق منه فيه بعين الحق فذلك هو العارف.
قال: ومن رأى الحق فيه منه بعين نفسه فذلك غير العارف، من جهة دخوله في القضية حيث اعتقد أنه يراه بعين نفسه مع أنه لا يرى الحق إلا الحق.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : « وإذا كان الحق وقاية للعبد من وجه ، والعبد وقاية للحق من وجه »
يعني رضي الله عنه : فساغ في التحقيق إضافة ما لكلّ منهما إلى كلّ منهما .
قال رضي الله عنه : " فقل في الكون " أي في الوجود المقيّد الكوني « ما شئت إن شئت قلت : هو الخلق ، و إن شئت قلت : هو الحق ، وإن شئت قلت : هو الحق الخلق » أي بالاعتبارين معا « وإن شئت قلت : لا خلق من كل وجه ، ولا حق من كل وجه » يعني حق باعتبار الحقيقة والعين في الأصل ، وخلق باعتبار التعيّن والظهور بالكثرة . « وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك".
قال رضي الله عنه: « فقد بانت المطالب بتعيّنك المراتب »
ثمّ قال رضي الله عنه« ولولا التحديد »
يعني سوغان التحديد بشرط التعيّن والظهور .
ثمّ قال رضي الله عنه : « ما أخبرت الرسل  بتحوّل الحق في الصور ، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه "
 بذلك علمنا أنّ ظهوره بصور ماله حدّ غير قادح في كماله المستوعب للإطلاق والتقييد ، والتنزيه والتجريد والتشبيه بالتحديد والتجديد .
قال رضي الله عنه  :
فلا تنظر العين إلَّا إليه     ...... ولا يقع الحكم إلَّا عليه
فنحن له وبه في يديه     ...... وفي كل حال فإنّا لديه
ولهذا ينكر ويعرف ، وينزّه ويوصف  .
أي : علَّة إنكار من أنكره إذا أنكر ، وسبب معرفة من أقرّ به حين عرفه إنّما هو تجلَّيه في صور ، وظهوره في أحكام وأوصاف ونعوت ، وخلع خلع وملابس يقتضي ذلك ، فاعرف ذلك .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه ، والعبد وقاية للحق بوجه ، فقل في الكون ما شئت ) أي وإذا كان المتقى يعرف أنه بأي وجه حق وبأي وجه عبد ، ويعرف بأن المذام والنقائص وفي الجملة الأمور العدمية من صفات العبد ولوازم الإمكان ، والممكن الذي أصله العدم والمحامد والكمالات ، وفي الجملة الأمور الوجودية كالجود بالنسبة إلى البخل من صفات الحق وأحكام الوجوب ونعوت الواجب ، وكان الحق عنده وقاية للعبد في الكمالات والمحامد ، والعبد وقاية للحق في النقائص والمذام.
 فقل ما شئت في الوجهين ( إن شئت قلت : هو الخلق ) أي بصفات النقص
( وإن شئت قلت : هو الحق ) في صفات الكمال
( وإن شئت قلت : هو الحق والخلق ) في الأمرين
( وإن شئت قلت : لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه ) لما ذكر .
( وإن شئت قلت : بالحيرة في ذلك ) لغلبة الحال بنسبة ما لكل واحد منها إلى الآخر.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب ، ولولا التجديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ، ولا وصفه بخلع الصور عن نفسه )
أي ولولا جواز التحديد على الحق بظهوره في صور المحدودات وتقيده بها وعدم منافاة ذلك للإطلاق ، ما أخبرت الرسل بتحولة في الصور ولا بخلع الصور عن نفسه ، فإن الظهور في كل ما شاء من الصور وخلع ما شاء عن نفسه عين اللاتقيد واللاإطلاق .
( فلا تنظر العين إلا إليه  .... ولا يقع الحكم إلا عليه )
لامتناع وجود غيره ، لأن ما عداه العدم المحض ، فلا يصح كون العدم وجودا
( فنحن له وبه في يديه ) أي ونحن له عباد مملوكون ، وبه موجودون ، وفي يده مأسورون
مجبورون ( وفي كل حال فإنا لديه ) لأنا معه بإضافة وجوده إلينا وكوننا بوجوده ، كما قال علي رضي الله عنه : مع كل شيء لا بمقارنه .
( ولهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف ) لاختلاف صور مجاليه ومظاهره .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه ) وهو كون الحق ظاهر العبد .
( والعبد وقاية للحق بوجه ) . وهو كون العبد ظاهر الحق .
قال رضي الله عنه : ( فقل في الكون ما شئت . إن شئت قلت هو الخلق ) . كما يقول المحجوبون ، باعتبار صفات النقص .
( وإن شئت قلت هو الحق ) . كما يقول الموحدون ، باعتبار صفات الكمال .
( وإن شئت قلت هو الحق والخلق ) . ، باعتبار الجمع بين الكمال والنقصان .
( وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ، ولا خلق من كل وجه ) . كما يقول المحققون الجامعون بين المراتب الإلهية والعبودية .
( وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك ) . كما قيل : ( العجز عن درك الإدراك إدراك ) .
قال رضي الله عنه : (فقد بانت المطالب بتعينك المراتب . ولولا التحديد ، ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه ) .
لما كان كون الحق عين الأشياء يوجب التحديد ، قال : ( ولولا التحديد ) أي ، واقعا في نفس الأمر ، ما أخبرت الرسل بأن الحق يتحول في الصور .
كما جاء في الحديث الصحيح :
"أن الحق يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة منكرة ، فيقول : أنا ربكم الأعلى  .
فيقولون : نعوذ بالله منك . فيتجلى في صورة عقائدهم ، فيسجدون له "
والصور كلها محدودة . فإذا كان الحق يظهر بالصور المحدودة - ونطق الكتاب بأنه
"هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم " حصل العلم للعارف
أن الظاهر بهذه الصور أيضا ليس إلا هو .

(فلا تنظر العين إلا إليه .....  ولا يقع الحكم إلا عليه )
إذ لا موجود سواه ليكون مشاهدا إياه ، بل هو الشاهد والمشهود ، وهو الحاكم
والمحكوم عليه .
( فنحن له وبه في يديه )
أي ، نحن له عبيد وهو مالكنا ، كما قال تعالى : "ولله ما في السماوات والأرض " .
وقيامنا ووجودنا به ، وأزمة أمورنا وقلوبنا في يديه يتصرف فينا كيف يشاء .
(وفي كل حال ، فإنا لديه )
أي ، على كل حال من الأحوال ، حسنة كانت أو سيئة ، فإنا حاضرون لديه ،
لا ينفك عنا ولا ننفك عنه ، كما قال تعالى : " وهو معكم أينما كنتم ".

( ولهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف ) . أي ، ولهذا الظهور في الصور المحدودة المختلفة ينكره المنكر الجاهل حين لا يراه بصورة عقيدته ، ويعرفه إذا ظهر بصورة ما يعتقده . وينزهه المنزه ، لأن من هو " كل يوم في شأن " وصورة ، لا يكون له صورة معينة .
هذا حال المنزه العارف . أو لاعتقاده أنه منزه عن الظهور بالصورة كما يقول : ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض ، وأمثال ذلك .
وهذا حال المنزه الجاهل .ويصفه المشبه بالصفات الكمالية المشتركة بينه وبين خلقه.  

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : (وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه)، وهو كون الحق ظاهرا في مرآة العبد.(والعبد وقاية للحق بوجه) "كون الحق" باطنا.
(فقل: في الكون) أي: الموجودات الظاهرة (ما شئت) بالاعتبارات المختلفة :
(إن شئت قلت: هو الخلق، وإن شئت قلت: هو الحق) أي: صورته ظهرت في مرأة الخلق باعتبار كون الحق وقاية.
قال رضي الله عنه : (وإن شئت قلت: هو الحق الخلق) باعتبار ظهور كل في مرآة الأخر مع عدم تميز المرأتين، فإن الأعيان إنما تثبت في علم الحق الذي لا يغايره من كل وجه.
(وإن شئت قلت: لا حق من كل وجه، ولا خلق من كل وجه) باعتبار تتميز المرآتين من وجه، وهو وجه تمایز العلم عن الذات.
قال رضي الله عنه : (وإن شئت قلت بالحيرة) بأن تقول: لا يعلم ما الظاهر، وما الباطن إذ الظاهر في مرآة صار باطنا باعتبار كونه نفس المرأة بنظر آخر.
إذا عرفت هذا (فقد بانت المطالب)، أي: مطالب كل واحد من المعنيين (بتعيينك المراتب) أي: مراتب الثبوت باعتبار ذاته وظهوراته، وأن التعيين مستلزم للتحديد، فلا بأس بذلك.
والدليل عليه أنه (لولا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه)، وهو ما ورد أن الله تعالى يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة تنكر، فيقول: "أنا ربكم الأعلى" [النازعات:24] .
فيقولون: أعوذ بالله منك ثم يتجلى في صورة عقائدهم فيسجدون له، وإذا كان الكل من مراتب الحق مع أن له التحول في الصور ولا صورة للأعيان من حيث هي عدم.
قال رضي الله عنه : (فلا تنظر العين) في مرآة الحق والخلق (إلا إليه)، ولا يختص ذلك بالرؤية بل (لا يقع الحكم إلا عليه)، سواء كان الحكم بالرؤية أو غيرها، إذ المعدوم من حيث هو معدوم لا يثبت له حكم.
فلا حكم على الأعيان بالرؤية وغيرها، إذ المعدوم من حيث هو المعدوم لا يثبت له حكم.
فلا حكم على الأعيان بالمراتب وغيرها، إلا باعتبار ثبوتها في علمه الذي لا يغايره من كل وجه.
قال رضي الله عنه : (فنحن) أي: الأعيان ثابتون (له)، وقائمون (به)؛ الأن كثبوت العرض للجوهر وقيامه به، وذلك لأنا (في يديه) و محل تصرفه، ومتى كان من صفاته ليس محل تصرفه، و (في كل حال فإنا لدية) كما قال: "وهو معكم أين ما كنتم" [الحديد: 4] .
فكأننا ملتبسون به التباس الصفة بالموصوف، (وهذا) أي: ولكوننا لديه التبس أمره التباس الخمر بالزجاج، فتارة (ينكر)؛ فيقال: المرئي هو الحق.
وتارة (يعرف) فيقال: الوجود، إما ذاته أو صوره القائمة به الأن الكائنة فيه بالقوة قبل الآن.
قال رضي الله عنه : (وینزه) إذا أنكر فيقال: لا صورة له في ذاته، فكيف يظهر بهذه الصور، (ويوصف) الظهور إذا عرف أنه، وإن تنزه عن الصور في ذاته فله أن يتصور بأي صورة شاء كما تصور جبريل بصورة دحية الكلبي.
وقد ورد تحول الحق في الصور، وورد أيضا: "مرضت؛ فلم تعدني، وجعت؛ فلم تطعمني"، "وكنت سمعه وبصره" .
ولا بأس بما يلزمه من شبه التماثل؛ فإنه لازم لاتصافه بصفاته من الحياة والعلم والإرادة والقدرة وغيرها، وإذا كان لا ينظر العين إلا إليه ولا يقع الحكم إلا عليه،
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : ( وإذا كان الحقّ وقاية للعبد بوجه ، والعبد وقاية للحق بوجه ) بناء على ما في المشهد الجمعيّ الختميّ ، من الجمع بين المشاهد والأذواق كلَّها ، والختم بتمامها .
( فقل في الكون ما شئت إن شئت قلت : « هو الخلق » ) كما في مشهد المتّقين ، الذي جعلوا صورتهم وقاية للحق ، وإنّما قدم هذه الطائفة لكثرتها وغلبتها .
قال رضي الله عنه : ( وإن شئت قلت : « هو الحق » ) - كما هو مشهد المتّقين الذين اتّخذوا الله وقاية لهم .
( وإن شئت قلت : "هو الحقّ الخلق ") كما هو في المشهد الإطلاقي الختمي .
للهويّة الإطلاقيّة وجهان
ثمّ هاهنا نكتة لها كثير دخل فيه ، وهي أنّ للهويّة الإطلاقيّة التي هي مشهد الورثة الختميّة وجهين ظاهرين ولازمين بيّنين ، يظهر بهما في مجالي الوجود ومواطن الشهود :
أحدهما الإحاطة التامّة المقتضية لأن يكون عين الأشياء ، وقد عبّر عن ذلك عبارة الكاشف عنها أنّه « مع كلّ شيء لا بمقارنة » وهذا مبدأ الأوصاف الوجوديّة وقد لوّح عليه هاء « هو » رقما.
والآخر العلوّ فيها وعنها ، وهو أن لا يكون شيء يحيط بها  أو يقابلها في تلك الإحاطة ، وهو وجه تماميّتها ، وذلك يقتضي أن لا يكون عين شيء من الأشياء ، بل غيره .
كما عبّر عنه في تلك العبارة بأنّه  : " غير كلّ شيء لا بمزايلة " وهذا مبدأ الأوصاف السلبيّة ، وهو أبطن وأقرب إلى الذات ، وقد لوّح عليه واو «هو» عقدا .
فمنهم من غلبه الأوّل ، ومنهم من الغالب عليه هو الثاني ، وإليه أشار
بقوله : ( وإن شئت قلت : لا حقّ من كلّ وجه ، ولا خلق من كلّ وجه ) كما هو ذوق بعض الشاهدين ذلك المشهد ، فإنّك قد عرفت في طيّ هذه النكتة الحكميّة ما يطلعك على ما للمعنى الإطلاقي من الوجهين ، وأنّ العدمي منهما أقرب إلى الذات وأعلى .
( وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك ) كما هو ذوق بعض الحائرين في سطوات تموّجات بحر الذات ، الضالَّين في أنوار هدايتها :ما بين ضال المنحني وظلاله
ضلّ المتيّم واهتدى بضلاله ( فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب ) وتبيينك غايات أذواق الكمّل وحدود مراقيهم ، ( ولولا التحديد ما أخبرت الرسل ) عند الكشف عما ينبئ ما عليه الحقّ في نفسه ( بتحوّل الحقّ في الصور ، ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه ) .
أمّا الملازمة الأولى فظاهرة ، إذ الصورة هي إحاطة حدّ أو حدود ، فهي تستلزمه ضرورة ، وأمّا الثانية فلما مرّ من أن مقابل المحدود لا بدّ وأن يكون محدودا ، كما أنّ مقابل المقيّد مقيّد بالإطلاق كما سبق تحقيقه آنفا وهذان هما الحدّان للإطلاق كما تذكَّرته آنفا .

( فلا تنظر العين إلَّا إليه ولا يقع الحكم ) في نفي المنظوريّة عنه ( إلَّا عليه )

( فنحن له ) نبيّن ( وبه ) ظهر ، حال كوننا ( في يديه ) مخففين ومختفين في ثنوية المتقابلين ( وفي كلّ حال ) من الإخفاء والإظهار ( فإنّا لديه ) وذلك لما في القرب من الوحدة الإطلاقيّة ما ليس في الاتحاد ، ولذلك تراها ظاهرة بالوجهين .
أقسام الناس ومراتبهم في شهود الوحدة
( ولهذا ) الذي في الهويّة الإطلاقيّة من الوجهين ( ينكر ويعرف ، وينزّه ويوصف

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه.
فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق.
وإن شئت قلت هو الحق.
 وإن شئت قلت هو الحق الخلق.
وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه.
وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب.
ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه.
فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه
فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه
لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف.)
قال رضي الله عنه : (  وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه والعبد وقاية للحق بوجه. فقل في الكون ما شئت: إن شئت قلت هو الخلق. وإن شئت قلت هو الحق.  وإن شئت قلت هو الحق الخلق. وإن شئت قلت لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه. وإن شئت قلت بالحيرة في ذلك فقد بانت المطالب بتعيينك المراتب. ولو لا التحديد ما أخبرت الرسل بتحول )


قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه) وهو وجه ظاهريه الحق للعبد (والعبد وقاية للحق بوجه) وهو وجه کون العبد ظاهرا للحق.
(فقل في الكون)، أي الموجودات الكائنة (ما شئت إن شئت قلت : هو الخلق) باعتبار كون الخلق ظاهرا والحق باطنا.
قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت: هو الحق)، باعتبار کون الحق ظاهرا والخلق باطنا .
قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت : هو الحق والخلق) بالاعتبارين .
قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت لا حق من كل وجه)، لأنه بأحد الوجهين (ولا خلق من كل وجه)، لأنه بأحد الوجهين حق.
قال رضي الله عنه :  (وإن شئت قلت : بالحيرة في ذلك) لعدم التمييز بين الوجهين.
(فقد بانت)، أي ظهرت هذه (المطالب) المذكورة المفصلة (بتعينك) بحسب استعدادك وسلوكك (المراتب) فإن كنت في مرتبة قرب النوافل قلت : هو الخلق.
وإن كنت في مرتبة قرب الفرائض قلت : هو الحق.
وإن كنت في مرتبة الجمع بينهما قلت : هو الحق الخلق.
وإن كنت في مرتبة التحقيق والتمييز بين المراتب الإلهية والخلفية
قال رضي عنه : (  الحق في الصور ولا وصفته بخلع الصور عن نفسه. فلا تنظر العين إلا إليه ... و لا يقع الحكم إلا عليه . فنحن له وبه في يديه ... و في كل حال فإنا لديه . لهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف. )
قلت : لا حق من كل وجه ولا خلق من كل وجه. وإن كنت في مرتبة العجز وعدم التمييز قلت: بالحيرة.
ثم أنه رضي الله عنه أكد ما بصدد بيانه من أن كل ما ورد من عند الله فيما يرجع إليه إنما ورد بالتحديد بقوله : (ولولا التحديد) واقعة في نفس الأمر (ما أخبرت الرسل بتحول الحق في الصورة) بانخلاعه عن صورة وتلبسة بأخرى .
كما جاء في الحديث الصحيح:" أن الحق تعالى يتجلى يوم القيامة للخلق في صورة منكرة فيقول:" أنا ربكم الأعلى " [النازعات : 24].
فيقولون: "نعوذ بالله منك فيتجلى في صورة عقائدهم فيسجدون له" .
""حديث البخاري ومسلم : قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله ، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟» قالوا: لا يا رسول الله، قال: «هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟» قالوا: لا يا رسول الله.
 قال: " فإنكم ترونه، كذلك يجمع الله الناس يوم القيامة فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر القمر، ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله تبارك وتعالى في صورة غير صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه، فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم.
فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه ويضرب الصراط بين ظهري جهنم، فأكون أنا وأمتي أول من يجيز، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعوى الرسل يومئذ: اللهم سلم، سلم...الى آخر الحديث . رواه البخاري ومسلم وأحمد وغيرهم "".
قال رضي الله عنه :  (ولا وصفته الرسل بخلع الصور عن نفسه) بأن ينخلع عن الصور كلها فيحدد بتقييده بانخلاعه عنها وإذا كان الحق سبحانه ظاهرة في كل محدود و شاهد في كل مشهود قال رضي الله عنه :  (فلا تنظر العين)، أي عين البصر والبصيرة في المظاهر الصورية والمجاني المعنوية (إلا إليه) سبحانه (ولا يقع الحكم) الواقع من كل حاكم يحكم على تلك المظاهر والمجالي بأي حكم كان.
(إلا عليه) لأنه هو الظاهر فيها والظاهر عين المظهر من وجه.
قال رضي الله عنه :  (فنحن) عبيد (له) قائمون (به) حال كوننا مأسورين (في يدیه) يتصرف فينا كيف يشاء.
(وفي كل حال) يحولنا إليها (فإنا) حاضرون (لديه) لا ينفك عنا ولا نفك عنه كما قال تعالى : "وهو معكم أين ما كنتم " [الحديد: 4].
قال رضي الله عنه :  (ولهذا)، أي لاختلاف ظهوراته وتعدد مظاهره (ينکر) تارة فيما ينكر من المظاهر (ويعرف) أخرى فيما يعرف منها (و) كذلك ينزه فيما (ينزه) من المظاهر المنزهة (ویوصف) بما تنزه عنه تلك المظاهر في مظاهر أخر.
أو نقول معناه ينكر في بعض المظاهر بأن يكون ذلك البعض ممن نكره ويعرف في بعضها بأن يكون ذلك البعض من القائلين بالتنزيه .
ويوصف، أي يشبه في بعض المظاهر إذا كان من القائلين بالتشبيه أو نقول معناه ينكر إذا کان متجليا في غير صورة معتقد المتجلى له.
ويعرف إذا كان على صورة معتقده وينزه إذا كان اعتقاده التنزيه ، ويوصف إذا كان اعتقاده التشبيه .
.


واتساب

No comments:

Post a Comment