Tuesday, July 9, 2019

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الثلاثون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله


01 - The Wisdom Of  Divinity In The Word Of ADAM 

الفقرة الثلاثون :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ  :
قوله رضي الله عنه :  (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين. وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود. ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع. ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.)
(ولذلك)، أي لكون صورته الباطنة على صورة الحق تعالى (قال) تعالى في الحديث القدسي الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم  (فيه)، أي في هذا الإنسان الكامل : "لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته
كنت سمعه الذي يسمع به (وبصره) الذي يبصر به" إلى آخر الحديث .
"قال رسول الله : إن الله قال: من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب مما افترضت عليه، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته. رواه البخاري"
ولا شك أن السمع والبصر من الصورة الباطنة، لأن ذلك من شعاع الروح في الدماغ لا من الصورة الظاهرة .
والأذن والعين من الصورة الظاهرة والله تعالى (ما قال كنت عينه و) لا کنت (أذنه)، فإن قلت ورد أيضا في تمام الحديث : "كنت يده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولسانه الذي يتكلم به" ولا شك أن اليد والرجل واللسان من جملة الصورة الظاهرة قلت : المراد باليد والرجل واللسان هنا القوة الباطنة في هذه الأعضاء لا حقيقة هذه الأعضاء.
ولكن لما لم يكن لهذه القوة المودعة في هذه الأعضاء أسماء مستقلة غير هذه الأعضاء، عبر عنها باسم هذه الأعضاء، بخلاف الأذن والعين فإن للقوة المودعة فيهما اسمین مخصوصين هما : السمع والبصر، فعبر بذلك دون التعبير بهذين العضوين.
أو يقال هذا الحديث مشتمل على الفرق بين الصورتين في ذكر السمع والبصر، والجمع بينهما في ذكر اليد والرجل واللسان.
مثل قوله عليه السلام في بعض الأحاديث بعد ذكر اليد اليمنى وكلتا يديه يمين، ففرق وجمع يشير إلى هذا قوله: (ففرق)، أي الله تعالى (بين الصورتين)، أي صورة العالم وصورته تعالى في ذكر السمع والبصر فقط وإن جمع في باقي الحديث.
(وهكذا هو)، أي الأمر والشأن (في كل موجود من) موجودات (العالم) العلوي والسفلي، فإن الله تعالى خلقه بإحدى اليدين إما اليمين وإما الشمال (بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود) .
من الاستعداد الموضوع فيها بالتجلي الأول (لكن ليس الأحد) من العالم (مجموع ما للخليفة)، من اليدين الإلهيتين اللتين هما صورة الحق تعالی وصورة العالم.
وإن شئت قلت : صفات الله تعالى المتقابلات (فما فاز) الخليفة (إلا بالمجموع) دون غيره من العالم.
(ولولا سريان الحق) تعالى (في) جميع (الموجودات) العلوية والسفلية بالصورة التي هي منه تعالى اليد اليمين، ومن العالم اليد الشمال.
والذي من العالم منه تعالى، فكلتا يديه يمين عند أهل الجمع لا أهل الفرق.
وهذا السريان هو قيومية الحق تعالى لجميع العالم، وهو قيام العالم بأمر الله تعالى كما قال تعالى : " ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره" 25 سورة الروم. وهذا القيام بالروح الكل الساري في حقائق الموجودات كلها سريان الخشب في جميع صور ما جعل منه من صندوق وباب وكرسي ونحو ذلك.
والروح من الأمر قال تعالى: "وقل الروح من أمر ربي " 75 سورة الإسراء.
(فما كان للعالم وجود) البتة قال تعالى: "وكل شيء هالك إلا وجهه"88 سورة القصص. فوجه الله تعالى هو ذلك السريان المذكور في جملة الموجودات.
وأما الموجودات من جهة نفسها فلا وجود لها لأنها هالكة، أي فانية معدومة فلولا وجهه تعالى الساري في حقائقها كلها ما كانت موجودات ولا تعين لها ماهية أبدا.
(كما أنه لولا تلك الحقائق المعقولة)، أي الموجودة في العقل فقط (الكلية) كما سبق بيان ذلك (ما ظهر حكم) الاختصاص بالجمادية والنباتية ونحو ذلك (في الموجودات العينية) الجزئية المتشخصة في الخارج.
فإن تلك الكليات سارية في حقائق جزئياتها بحيث لم تزد تلك الجزئيات عليها غير الوجود العيني الخارجي.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين. وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود. ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع. ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.)
(ولذلك) أي ولأجل إنشائه على صورته (قال فيه) أي في حق آدم (كنت سمعه وبصره) .
وهما من صفات الله تعالى (وما قال كنت عينه وأذنه) وهو من جوارح الصورة البدنية.
(ففرق بين الصورتين) صورة الباطن والظاهر فظهر أن هوية الحق بصفته ساري في الخليفة (هكذا) أي كما أن الحق ساري في الإنسان الكامل .
كذلك (هو) أي الحق ساري (في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود لكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة فما فاز) أي فما ظفر إلا الإنسان الكامل بالخلافة .
يدل عليه قوله : بعد وهی المجموع الذي به استحق الخلافة (إلا بالمجموع) أي بسببه لا بدونه . فكان الحق ساريا في کل موجود من الخليفة وغيره .
(ولولا سريان الحق تعالى) أي وجود الحق (في الموجودات بالصورة) أي بالصفة .
وهو بمعنى الإحاطة لا بمعنى الحلول والاتحاد وهو باطل عند أهل الحق بالاتفاق وقد ذكر بطلانه في كثير من الكتب الصوفية.
(ما كان للعالم وجود) لأنه بنفسه معدوم فافتقر العالم إلى الحق في وجوده.
(كما أنه) أي كما أن الشأن (لولا تلك الحقائق المعقولة الكلية) من الحياة والعلم والقدرة وغير ذلك (ما ظهر حكم) وأثر كما ذكر من قبل (في الموجودات العينية) فلزم منه أنه لولا تلك الموجودات العينية ما ظهر حكم.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي:  (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين. وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود. ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع. ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.)
ولذلك قال فيه«كنت سمعه وبصره»، ما قال: كنت عينه وأذنه.
ففرق بين الصورتين وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود.
قلت: يعني بصورة الحق الباطنة، حقائق الأسماء الإلهية والكليات التي هي صور علمه أزلا وأبدا.
قال: ولما كان باطن آدم على صورة حقائق الأسماء من العلم والحياة  والإرادة والقدرة والسمع والبصر.
قال تعالى: «كنت سمعه وبصره» ولو كان ظاهر جسم آدم على صورة الحق تعالى لقال «كنت عينه وأذنه»، ففرق بين الصورتين.
قال في جميع الموجودات أي هو سمع كل سامع وبصر کل مبصر وفي بعض المناجاة أنه تعالى قال: «لولای ما أبصرت العيون مناظرها، ولا رجعت الأسماع بمسامعها»
قوله:  لكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع.
فلولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود كما أنه لولا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.
ومن هذه الحقيقة كان الافتقار من العالم إلى الحق في وجوده یعنی شعر:
فالکل مفتقر ما الكل مستغن     …… هذا هو الحق قد قلناه لا نکنی
فإن ذکرت غنيا لا افتقار به    …… فقد علمت الذي في قولنا نعني
فالكل بالکل مربوط فليس له   …… عنه انفصال خذوا ما قلته عني
قلت: يعني أن حقائق أسمائه تعالی موجودة في كل موجود وسمي وجودها في كل موجود سريانا.
فقال: ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة الأسمائية لانعدم العالم دفعة واحدة بل ما كان يوجد أبدا كما أنه لولا تلك الكليات المعقولة ما ظهر في الموجودات حكم.
قال: ومن هذه الحقيقة كان افتقار العالم إلى الحق تعالى في وجوده، لأن الكليات هي صور علمه فطلبت بلسان الحال من الحق تعالى وجودها بلسان الفقر والشيخ قد أسر هنا سرا إلهيا لكن أشار إليه إشارة مبهمة في هذه الأبيات.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين. وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود. ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع. ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.)
قال رضي الله عنه :  "فما صحّت الخلافة إلَّا للإنسان الكامل فأنشأ صورته الظاهرة من حقائق العالم وصوره ، وأنشأ صورته الباطنة على صورته تعالى ."
ولذلك قال : « كنت سمعه وبصره »
ولم يقل : كنت عينه وأذنه ، ففرّق بين الصورتين .
والظاهر مجلى ومرآة للباطن ، والباطن متعيّن في الظاهر وبه بحسبه كما عيّن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيما أسنده إلى الله تعالى أنّه قال :
"كنت سمعه وبصره " ولم يقل عينه وأذنه ، ففرّق بين صورته الظاهرة وصورته الباطنة .
يريد رضي الله عنه في هذا ، الحديث ، وإلَّا ففي غيره التعميم والشمول على صورتية الظاهرة والباطنة ، ولا تظنّنّ قولنا : " صورته الظاهرة " جسمانية فقط فليس المراد ذلك .
بل خليقته من جسم وروح ، وقوى وعقل ، ومعان وصفات وغيرها ممّا يصدق إطلاق الخليقة وما سوى الله عليه ، فالهيئة الجمعية من جميع ما ذكرنا هي صورته الظاهرة .
فبهذا كان الإنسان الكامل بظاهره صورة العالم الأحدية الجمعية .
وقيل : فيه العالم الصغير ، أي من حيث الصورة .
والذي يتضمّن هذا الحديث من الفرق بين الصورتين والتخصيص فهو أنّ السمع والبصر حقيقتان ملكوتيّتان وإلهيّتان للنفس أو للروح كيف شئت وأمّا العين والأذن فهما آلتا إدراك المبصرات والمسموعات بالنسبة إلى من إدراكه مقيّد بالآلات ما دام كذلك .
وأمّا سمع الحق وبصره اللذان تسمّى بهما فغير متوقّف على الآلة والجارحة ، فذكر في هذا الحديث الأليق بجنابه تعالى لأهل العموم بلسانهم .
وإلَّا فإنّ الإدراكات بالآلات والجوارح كلَّها ، وقد يسري النور في باطن المحقّق المتحقّق بهذا المقام إلى ظاهره وأعضائه وجوارحه ، كما جاء في اليد والرجل واللسان والقدم والطريق ، والله وليّ التوفيق .
قال رضي الله عنه : " وهكذا هو في كل موجود في العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود ، ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة ،فما فاز إلَّا بالمجموع ".
يعني رضي الله عنه :
أنّ الحق متعيّن في كل جزء جزء من العالم بحسب خصوصيته لا غير ، فاشترك الكلّ في مطلق المظهرية ، وافترقت في الخصوصيات .
ففاز الإنسان بخصوص الجمع بين جميع الخصوصيات المظهرية ، ففاز بظاهره بالاسم « الظاهر » من جميع الوجوه ، وبباطنه بالاسم " الباطن " كذلك ، وكان الجامع لأحديّة جمعها على الوجه الأجمع الأحسن .
قال رضي الله عنه : " ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ، ما كان للعالم وجود ، كما أنّه لولا تلك الحقائق المعقولة الكلَّية المذكورة ، ما ظهر حكمها في الموجودات العينية ."
قال العبد أيّده الله به :
قد أعلمناك فيما تقدّم أنّ الله خلق آدم على صورته وعلى صورة الإنسان العالم ، وأنّ الصورة التي خلق آدم عليها صورة معقولية أحدية جمع جميع الأسماء ، وأنّ العالم بجميع أجزائه جمعا وفرادى مظاهر الأسماء ، التفصيلية ، وأنّه الصورة الإنسانية الفرقانية ، وأنّ صورة الإنسان الكلي على صورة العالم أو حقائقه تماما ، وأنّ صورة باطنه صورة الله .
فتذكَّر جميع هذه الأصول ، واعلم أنّه ما من موجود من الموجودات ولا شيء من الأشياء إلَّا وهو مظهر ومرآة ومحلّ ظهور للوجود الحق الظاهر فيها والساري بأحدية جمع الصور الإلهية في الكلّ.
إذ النفس الرحماني يقتضي  النور الوجودي الإلهي الفائض على المظاهر الكيانية بالصورة الربانية الأحدية الجمعية .
ولكن ظهورها في كلّ مجلى وتعيّنها في كلّ مظهر إنّما يكون بحسب القابل لا بحسب الصورة كظهور النور الكبير في المرآة الصغيرة .
فإنّه صغير ومتشكَّل بشكلها ، وكان المراد الأوّل الأولى والمقصد الإلهي الأعلى الأجلى من الإيجاد هو التجلَّي الإلهيّ بصورته في أحدية جمع النفس الساري في حقائق العالم .
ولولا هذا السريان النوري الوجودي بالصورة المقدّسة الأحدية الجمعية الإلهية في حقائق هذا المجلى المشهود الموجود ، ما وجد موجود ، ولا شهود مشهود.
فافتقار العالم إلى الموجد من أهل هذه الحقيقة ، حتى يحصل له شرف المظهرية لصورته تعالى فإنّ المخلوق على الصورة التي هي مخلوقة على الصورة الإلهية يكون على الصورة الإلهية يكون على الصورة .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين. وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود. ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع. ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.)
( ولذلك قال فيه « كنت سمعه وبصره » وما قال كنت عينه وأذنه ففرق بين الصورتين ) أي صورة العالم وصورة الحق .
قوله ( وهكذا هو في كل موجود ) أي وكما أن الحق في آدم ظاهر بصورته كذلك في كل موجود ( من العالم ) يظهر ( بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود ) أي عينه باستعداده الأزلى ( لكن ليس لأحد ) أي لشيء من العالم ( مجموع ما للخليفة )
فإنه مظهر الذات مع جميع الصفات ، بخلاف سائر الأشياء وإلا لكان الكل مظهرا له ( فما فاز من بينهم إلا بالمجموع ) وإلا فكان الكل مظهرا له بقدر قبوله.
قوله ( ولو لا سريان الحق في الموجودات بالصورة ) أي بصورته ( ما كان للعالم وجود ) فإن أصل الممكن عدم والوجود صورته تعالى ووجهه الباقي بعد فناء الكل ، فلو لم يظهر
بصورته التي هي الوجود من حيث هو وجود بقي الكل على العدم الصرف .
وقوله ( كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية ) تشبيه لاستناد وجود العالم إلى صورة وجوده تعالى باستناد الأمور العينية من الصفات إلى الحقائق الكلية . كما ذكر في الحياة والعلم .
كما كان وجود العلم في زيد مثلا مستندا إلى العلم المطلق الكلى ولولاه لما وجد عالم وما صح الحكم بالعالمية على أحد كذلك كل موجود معين عينى مستند إلى وجود الحق الذي هو وجهه وصورته ولولاه لما وجد موجود وما صح الحكم على شيء بأنه موجود .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين.
وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود.
ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع.
ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.)
"ففرق بين الصورتين" أي، لأجل أنه تعالى أنشأ صورته الباطنةعلى صورته تعالى، قال في حق آدم: "كنت سمعه وبصره". فأتى بـ (السمع) و (البصر) اللذين من الصفات السبعة التي هي الأئمة.
"وما قال: كنت عينه وأذنه" الذين هما من جوارح الصورة البدنية وآلتان للسمع والبصر.
"ففرق بين الصورتين" أي صورة الباطن أو الظاهر، وإن كان الظاهر مظهرا للباطن.
قوله : "وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود" أي،كما أن الحق وهويته سار في آدم، كذلك هو سار في كل موجود من العالم.
لكن سريانه وظهوره في كل حقيقة من حقائق العالم إنما هو بقدر استعداد تلك الحقيقة التي لذلك الموجود وقابليته.
(لكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة) استدراك منقوله: (وهكذا هو في كل موجود).
(فما فاز إلا بالمجموع) أي، فما فاز بالمجموع إلا الخليفة.
لأن المراد حصر الفوز بالمجموع في الخليفة، وهو الحصر في المحكوم عليه لا الحصر في المحكوم به، كما هو ظاهر الكتاب، إذ يلزم منه أن الخليفة ما فاز بشئ مما فاز به العالم إلا بالمجموع، وهذا غير صحيح.
فإنه فاز بكل ما فاز به العالم مع اختصاصه بالزائد، وهو الفوز بالمجموع.
قوله : (ولولا سريان الحق في الموجودات والظهور فيها بالصورة ما كان للعالم وجود) أي، لولا سريان ذات الحق وهويته في الموجودات وظهوره فيها بالصورة، أي بصفاته تعالى، ما كان للعالم وجود ولا ظهور لأنه بحسب نفسه معدوم.
واكتفى بذكر (الصورة) من الذات لكونها عينها، أو لاستلزام الصورة إياها. (كما أنه) الضمير للشأن.
قوله : (لولا تلك الحقائق المعقولة الكلية، ما ظهر حكم في الموجودات العينية) أي، كما أنه لو لا تلك الحقائق الكلية، التي في القديم قديم وفي الحادث حادث، ومعروضاتها من الحقائق العينية، ما ظهر حكم من أحكام أسماء الحق وصفاته في الموجودات العينية.
فكما أن وجود العالم بسريان الحق في الموجودات بذاته وصفاته، كذلك ظهور أحكام أسمائه وصفاته بالحقائق المعقولة التابعة والمتبوعة.
فارتبط العالم بالحق ارتباط الافتقار في وجوده والحق بالعالم من حيث ظهور أحكامه وصفاته. فافتقر كل منهما إلى الآخر لكن الجهة غير متحدة.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ:
قوله رضي الله عنه :  (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين.
وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود.
ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع.
ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.)
(ولذلك) أي: ولأجل اختصاص الباطن بصورة الحق (قال فيه: «كنت سمعه وبصره») يعني سمعه و بصره في الكمال بحيث يسمع حاجات الكل، ویری استحقاقاتهم كأنه عين سمعي، وبصري اللذين ليس غيري، فكأني سمعه وبصره، فنسب صورة سمعه وبصره اللذين هما من الصورة الباطنة إلى ذاته؛ لكون صورته تعالى معنوية.
(وما قال: "كنت عينه وأذنه") اللذين هما من الصور الظاهرة (ففرق بين الصورتين) اللتين جمعهما في أدم بنسبة إحداهما إلى ذاته دون الأخرى؛ ليحصل فيه مع الجمعية الافتراق؛ ليناسب الحق والخلق جميعا، وهذا كالصريح بأن الأجسام من حيث هي أجسام ليست صورة الحق، وإن كانت من حيث الوجود، وبعض المعاني القائمة بها صور الحق وأسمائه، كما أشار إليه بقوله: (وهكذا) أي: كما ظهر الحق في آدم بصورته المعنوية كذا (هو) ظاهر بصورته المعنوية من جهة الذات والأسماء في كل موجود من العالم الكبير (بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود)، وإن لم تكن أجسامه وأعراضها المحسوسة صورا لذاته وأسمائه، بل باعتبار وجودها و بعض المعاني القائمة بها، لكن تلك الصور الإلهية فيها لا تكفي في استفاضة الفيض؛ لأنه منوط بالجمعية، وليست لغير الإنسان الكامل.
وإليه الإشارة بقوله: (ولكن ليس لأحد) من العالم (مجموع ما للخليفة) من صورة الحق ذاته وأسمائه، وإذا كان جميع ما في العالم مع اشتماله على صورة الحق، ومناسبته إياه بها لا يصلح للاستفاضة، مع أنه لا بد من الفيض؛ لعموم الجود الإلهي، ولا بد من المناسبة التامة التي للخليفة الذي هو الإنسان الكامل.
(فما فاز) برتبة الخلافة على الكل (إلا بالمجموع)، إذ لو جاز استفاضة من كمل صورة اسم بذاته، لجاز الفيض بالأصالة على ما ليس بمقصود بالذات.
واستدل على أن الحق ظاهر بصورته المعنوية في كل موجود من حيث الوجود. ومن حيث بعض المعاني القائمة به بقوله: (فلولا سريان الحق في الموجودات) أي: سريان إشراق نوره على بواطن الموجودات.
بحيث (يظهر فيها بالصورة) سريان نور الشمس في المرآة بظهور صورتها فيها من غير أن ينفصل من الشمس شيء، ولا يحل منه في المرأة (لما كان للعالم وجود)، إذ أصله العدم.
وهو وإن كان ممكنا يستوي الوجود والعدم بالنسبة إليه، فيكفي عدم ترجيح الوجود مرجحا لعدمه، كما أنه لا نور في المرأة بدون إشراق نور الشمس عليها، وإليه الإشارة بقوله تعالى: "الله نور السموات والأرض" [النور: 35].
وهذا ما قاله الإمام حجة الإسلام الغزالي في «مشكاة الأنوار وحقيقة الحقائق»، ومن هاهنا ترقی العارفون من حضيض المجاز إلى بقاع الحقيقة، واستكملوا معارجهم فرأوا بالمشاهدة العينية أن ليس في الوجود إلا الله سبحانه وتعالى، وأن" كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88].
لا أنه يصير هالك في وقت من الأوقات، بل هو هالك أزلا وأبدا، ولا يتصور إلآ كذلك.
فإن كل شيء سواه إذا اعتبرت ذاته من حيث ذاته فهو عدم محض، وإذا اعتبرت من الوجه الذي سرى الوجود إليها من الأول الأحق، وأي موجود إلا في ذاته بل من الوجه الذي يلي موجده، فيكون الموجود وجه الله فقط.
ثم شبه ظهور الحق في الموجودات بظهور الحقائق الكلية في الموجودات العينية .
إشعارا بأنه لا يستلزم الحلول والاتحاد، وأن وجود الموجودات متوقف على وجوده تعالى وظهوره فيها توقف أحکام الموجودات العينية على تلك الحقائق الكلية.
فقال: (كما أنه لولا تلك الحقائق المعقولة) كالحياة والعلم (ما ظهر حكم في الموجودات العينية) لامتناع الحكم على شيء بأنه حي عالم بدون تصور الحياة والعلم.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي:  (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين. وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود. ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع. ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.)
ولذلك قال فيه رضي الله عنه : « كنت سمعه وبصره » . وما قال : « كنت عينه واذنه » ففرّق بين الصورتين ) تمييزا لليدين وتفصيلا لما يتعلَّق بهما من الأحكام المتقابلة والأوصاف المتناقضة . وهذا إنّما هو من سعة قابليّته الذاتيّة .
( وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود لكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة ، فما فاز إلَّا بالمجموع ) أي الَّذي فاز به الإنسان إنّما هو المجموع - لا غير - فإنّ غير ذلك مشترك بينه وبين العالمين - فالحصر على ظاهره .
وأمّا بيان عموم سريانه للعالم فهو أنّه موجود ( ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود ، كما أنّه لولا تلك الحقائق المعقولة الكلَّية ) كالعلم والحياة ( ما ظهر حكم في الموجودات العينيّة ) منها .
فلا يكون في الأعيان ما له حياة وعلم ، فكما أنّ ظهور أحكام تلك الحقائق من الأعيان يستدعي عموم سريانها فيها فكذلك ظهور حكم الوجود من العالم يقتضي عموم سريانه فيه .
وقوله : « بالصورة » - متعلَّق بـ « السريان » فيه تنبيه على أنّ نسبة السريان المذكور إلى قوسي الإلهي والكياني والصور .
والمعنى متساوية ، لا أنّ ذلك للمعنى أوّلا ، ثمّ للصورة به  على ما هو المتبادر إلى أفهام الأكثرين فالوجود لتلك الحقائق من الجهات الاتحاديّة بين الحقّ والعالم والوجوه الاشتراكيّة بينهما ، إلَّا أنّ الوجود للعالم ليس ذاتيّا له بخلاف الحق .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين.
وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود. ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع.
ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية.)
قال رضي الله عنه : "و لذلك قال فيه «كنت سمعه و بصره".
(ولذلك)، أي لإنشاء صورته الباطنة على صورته تعالى (قال فيه)، أي في الإنسان الكامل وشأنه (كنت سمعه وبصره) فأتي بالسمع والبصر اللذين هما من الصفات الباطنة .
"ما قال كنت عينه و أذنه: ففرق بين الصورتين."
(وما قال : كنت عينه وأذنه) اللتين هما من الجوارح الظاهرة مع أنه صحيح أبيض لسريانه بهويته في جميع الموجودات .
(ففرق) في هذه العبارة (بين الصورتين) صورته الظاهرة وصورته الباطنة حيث أخبر أنه سمعه وبصره ولم يفل عينه وأذنه
"و هكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود."
(وهكذا). أي كما أن الحق سار بهويته في سمع العبد وبصره كذلك (هو) سار (في کل موجود من) موجودات (العالم بقدر ما يطلبه حقيقة ذلك الموجود) بحسب استعداده في قابلیته
"و لكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع."
(لكن ليس لأحد من أفراد) العالم (مجموع ما للخليفة) فإنه لا يظهر في كل واحد واحد إلا بعض أسمائه دون بعض ويظهر في الخلفية مجموعها .
(فما فاز) الخليفة (إلا بالمجموع) دون البعض على انفراده بحيث لا يكون معه غيره .
ويحتمل أن تكون الباء للسببية لا صلة للفوز أي ما فاز الخليفة بالخلافة إلا بسبب المجموع.
وفي بعض النسخ :
فما فاز إلا هو بالمجموع وكأنه إلحاق من المتصرفين لتصحيح المعنى فإن في كل من شرحي الجندي والقيصري وأكثر نسخ المتن التي رأيناها أو قریء بعضها على الشيخ رضي الله عنه وقعت العبارة كما ذكرنا أولا
"و لو لا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية."
(ولولا سریان) الوجود (الحق في الموجودات بالصورة)، أي بصورة جمعية الأسماء (فما كان للعالم وجود) و ظهور فإنه في حد ذاته معدوم لا يوجد إلا بالسريان المذكور.
ثم إنه رضي الله عنه شبه توقف ظهور حكم الوجود في الموجودات على سريان الوجود الحق .
بتوقف ظهور أحكام الموجودات العينية على سريان الأمور الكلية فيها.
فقال : (كما إنه) الضمير للشأن (لولا تلك الحقائق المعقولة الكلية) وسريانها في الموجودات العينية (ما ظهر حكم في الموجودات العينية) .
لأنه ما لم يسر الحياة أو العلم مثلا في موجود عيني لم يصح الحكم عليه بأنه حي أو عالم كما سبق.

كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولذلك قال فيه «كنت سمعه وبصره» ما قال كنت عينه وأذنه: ففرق بين الصورتين.  وهكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود. ولكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة، فما فاز إلا بالمجموع.
ولولا سريان الحق في الموجودات بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية. )
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه :  [ولذلك قال فيه : "كنت سمعه وبصره" وما قال : " كنت عينه و أذنه" ، ففرق بين الصورتين. و هكذا هو في كل موجود من العالم بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود .  لكن ليس لأحد مجموع ما للخليفة . فما فاز إلا بالمجموع .
و لو لا سريان الحق في الموجودات و ظهوره فيها بالصورة ما كان للعالم وجود، كما أنه لولا تلك الحقائق المعقولة الكلية ما ظهر حكم في الموجودات العينية].

قال سيدنا الشارح رضي الله عنه :
( و لذلك ): أي لأنه على صورته من حيث الباطن، قال فيه: أي في الإنسان الكامل الذي على الصورة من مقام قرب النوافل .
ورد :  " كنت سمعه و بصره" إشارة إلى كينونة القوى لا الجوارح، و إن كانت الأخرى صحيحة لأن تخصيص الشيء لا ينفي ما عداه فإن قيل من  كان الحق سمعه و بصره و قواه، يدرك كل مبصر و يسمع كل مسمع و لا يغيب عنه شيء لأنه ناظر بالحق و سامع به و الحق لا يعزب عنه شيء .
قلنا: صدقت ولكن فرق بين المقام و الحال فالحال ظل زائل فعند حصوله صحّ له هذا الكشف في ذلك الزمان و لمّا رفع عنه رجح عنه بنظر يقين، خلق بإمداد حق لا بحق فيكون حكمه حكم خواص الخلق له الكشف الجزئي لا الكلي و لا يدرك بعد رفع الكشف هل بقيت الأمور على ما كانت عليه إن انتقلت عن ذلك؟ فافهم.
ذكره رضي الله عنه في خمسة و أربعين و ثلاثمائة من الفتوحات:
و أمّا حكم صاحب المقام غير هذا الحكم و التفاوت بحسب المقام أما الذي لا يقيده المقام و الحال، بل على تجرده فهو شرف على الحالين، و حكمه حكم المطلق على الإطلاق وهو صاحب المرتبة الخلافية بالاستحقاق فافهم.
ولا تقس الناس بنفسك ولا تزن الأحوال والعطايا بميزانك فإنه يتحرّم عليك فافهم
ما قال: كنت عينه وأذنه، وأن يكون من تتمة الحديث أو من حديث آخر"ويده التي يبطش بها، ورجله التي يسعى بها" ، و لكن هنا ما أراد إلا من حيث القوى التي هي من أعمال الباطن .
فلهذا استدل بقوله : "كنت سمعه و بصره" ، ولم يقل: (أذنه وعينه) لأنهما من أعمال الظاهر وقد تجيء أحكامه .
و ذكر رضي الله عنه في الفص الهودي: إن هويته هي عين الجوارح .
و لكن ما أخذ الشيخ رضي الله عنه هنا من كينونة القوى الباطنة لا من حيث الجوارح و الظاهر، فإنه من حيث الجوارح اعتبره رضي الله عنه في مسألتنا أنه مأخوذ من العالم حقائقه و مفرداته، فافهم . أن هذا الاعتبار غير الاعتبار الثاني .
فإن له رضي الله عنه ، هذا منها . ففرق: أي الحق تعالى بقوله :  "كنت سمعه و بصره" .
و أراد به جميع القوى بين (الصورتين ): أي الظاهرة و الباطنة من تركيب الأجسام و الأجساد كما في الروحانيين و صورته الباطنة من تركيب المعاني و القوى الروحية و الحسية
و الأول من كثائف العالم.
والثاني من لطائفها .
كما قررناه أن العالم بين كثيف و لطيف فكان الحق تعالى عين اللطائف من العبد و الكثائف منه كما من العالم كما عرفته سابقا على التفصيل المذكور و هكذا هو في كل موجود من العالم:
أي هكذا الأمر في العالم أن كل شيء ظاهرا و باطنا
والحق تعالى باطن كل شيء من العالم من حيث اللطائف،
و ظاهر كل شيء من حيث العالم، من حيث الكثائف بقدر ما تطلبه حقيقة ذلك الموجود باستعداده و قابليته .
فإن من المظاهر من يعلم هذا و من المظاهر ما لم يعلم: أي أنه مظهر الحق، و أنه قد ظهر فيه  كل شيء و علامة من يعلم أنه مظهر الحق و ظهر فيه كل شيء أن يكون له مظاهر حيث شاء من الكون كقضيب ألبان.

فإنه كان له مظاهر فيما شاء من الكون لا حيث شاء، و من الرجال من يكون له الظهور فيما شاء و حيث ما شاء، فهو يعرف حقيقة ما قلناه ذوقا لأنه كل  شيء وفي كل شيء هذا أتم الأذواق، وهو ذوق خاتم النبوة لأنه قال : "فتجلى لي كل شيء وعرفت"  حديث صحيح رواه الترمذي .
و ذوق الوارث الكامل، الفرد الخاتم، فإنه قال: إني انفردت بهذا الكشف من بين أصحابي و إخواني فافهم .

و لكن ليس لأحد من العالم قوة ظهور أحكام مجموع ما للخليفة، فإن المجموعية ظهرت فيها أكثر مما ظهر في العالم أعلاه و أسفله فما فاز إلا بالمجموع.
أي ما فاز الكامل إلا بكونه جامع الحقيقتين حقية و خلقية.
ثم أراد رضي الله عنه أن يذكر سر ظهوره في كل موجود فقال:
ولولا سريان سر الحق تعالى في الموجودات كلها بالصورة أي بجملتها ما كان للعالم وجود لا روحا ولا جسما.
و سريان سر الوجود في الكل بالكل، و لكن الاختلاف من القوابل، فكمال الظهور في الإنسان الكامل لكمال قبوله، و كمال قبوله لكمال جمعيته و صفاء مرآته .
كما أنه لو لا تلك الحقائق المعقولة الكلية التي ذكرناها في أول الحكمة على سبيل التمثيل و هي: الحقائق المعقولة المعدومة العين الموجودة الأحكام، أراد رضي الله عنه بهذه التذكرة أن لا تنسى حكمها و أثرها و هي معدومة العين، ما ظهر حكم في الموجودات العينية الخارجية أصلا .


.
واتساب

No comments:

Post a Comment