Wednesday, July 10, 2019

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله


02 - The Wisdom Of Expiration In The Word Of SETH

الفقرة السابعة عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و لمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة.)
قال رضي الله عنه : "و لما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبن وقد كمل سوى موضع لبنة، فكان صلى الله عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى الله عليه و سلم لا يراها كما قال لبنة واحدة. و أما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول الله صلى الله عليه و سلم، و يرى في الحائط موضع لبنتين ، و اللبن من ذهب و فضة.
فيرى اللبنتين اللتين تنقص الحائط عنهما و تكمل بهما، لبنة ذهب و لبنة فضة."
ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم) لنا مطلق النبوة (النبوة بالحائط ) المبني (من اللبن وقد کمل) به صلى الله عليه وسلم ؟
وتم بناؤه من حيث هو نبي فقط (سوی موضع لبنة واحدة)  في أعلى ذلك الحائط بها يتم الحائط وتتساوى أطرافه والحائط الذي أشار إليه النبي عليه السلام بقوله: «مثلت لي الجنة في عرض هذا الحائط » فإنه حائط النبوة هو الذي كان أمام النبي عليه السلام، وهو حائط المسجد من تمثل الفاني وظهور الروحاني في صورة الجسماني.
(فكان النبي عليه السلام) من حيث نبوته فقط (تلك اللبنة) الواحدة التي تم بها حائط النبوة، وارتفعت على جميع اللبن لتأخرها عن وضعهم واستكمالهم من حيث هم حائط بها (غير أنه صلى الله عليه وسلم لا يراها).
أي تلك اللبنة (إلا كما قال: لبنة واحدة) لعدم تبعيته لغيره سوى ما يوحى إليه كما قال تعالى له قل "إن أتبع إلا ما يوحى إلى" 15 سورة يونس.
ولبنة من فضة لغلبة حكمه بالظاهر ، ومن كان قبله لبنة من ذهب لغلبة حكمه بالباطن .
(وأما خاتم الأولياء) ولاية رسالة أو نبوة أو إيمان فدخل النبي صلى الله عليه وسلم في هذا من حيث هو ولي رسول وولي نبي وولي مؤمن.
وخاتم بالأقسام الثلاثة (فلا بد له من هذه الرؤيا)، من حيث كونه خاتم الأولياء على وجه مخصوص لا على الوجه الذي راه نبينا عليه السلام.
(فیری) خاتم الأولياء المذكور (ما مثله به رسول الله ) في الواقعة الكشفية ويرى بعين قلبه (في الحائط) المذكور (موضع لبنتين) في أعلى الحائط بحيث لو وضعتا كانت إحداهما فوق الأخرى بخلاف نبينا عليه السلام فإنه رأي موضع لبنة واحدة (واللبن) كله الذي بني منه ذلك الحائط (من ذهب) مشتق من الذهاب لكماله في الوجود فهو مشير إلى سر البطون.
(ومن فضة) مشتقة من الفض وهو الكسر والفك لكمالهما في العدم فهي إشارة إلى سر الظهور (فیری) خاتم الأولياء المذكور (اللبنتين اللتين ينقص الحائط ) المذكور (عنهما) في أعلاه (ويكمل بهما) فتساوى أطرافه ويتم بنيانه فهو بالنسبة إلى كل خاتم يراه كذلك (لبنة) العقل في
عالم الشهادة (من فضة ولبنة) الروح في عالم الغيب (من ذهب فلا بد) لخاتم الأولياء.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و لمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة.)
قال رضي الله عنه : (ولما مثل النبي عليه الصلاة والسلام النبوة بالحائط من اللبن وقد كمل) الحائط (سوی موضع لبنة واحدة) قوله (فكان عليه السلام تلك اللبنة) جواب لما أي كان نفسه في رؤياه تنطبع بتلك اللبنة التي ينتمي الحائط عنها ويكمل بها.
(غير أنه لا يراها) أي تلك الرؤيا (إلا كما قال لبنة واحدة) أي تمثيله عين رؤياه في حق نفسه.
(وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا) دليلا له على ختميته في الولاية .
(فیری ما مثله به) أي بالحائط (رسول الله فیری في الحائط موضع لبنتين واللبن من ذهب وفضة فيرى اللبنتين اللتين ينقص الحائط عنهما ويكمل بهما لبنة فضة ولبنة ذهب)

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و لمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة.)
قوله رضي الله عنه : "ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبن وقد كمل سوی موضع لبنة، فكان، صلى الله عليه وسلم، تلك اللبنة. غير أنه، صلى الله عليه وسلم، لا يراها إلا كما قال لبنة واحدة. وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فیری ما مثله به رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، ويرى في الحائط موضع لبنتين، واللبن من ذهب وفضة".
قلت حاصل ما أشار إليه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، إنما مثل النبوة وحدها وهي دون مقام ولايته، عليه السلام، فرآها لبنة واحدة لو مثل معها مقام ولايته لراها لبنتين كما رآها خاتم الأولياء ثم ذكر الشيخ، رضي الله عنه، كلامه هذا يعلم فيه أن الولي الخاتم للولاية يري أن الحائط ناقصا لبنتين وذلك من ضرورة رؤيته لمقام النبوة التي هي فيها تابع، وهي لبنة فضة.
ویری موضع لبنة أخرى وهي ما يأخذه عن الله تعالی بلا واسطة.
ولما كان مقام الولاية أعلى من مقام النبوة، كما ذكر، جعل اللبنة المختصة بالنبوة لبنة فضة والأخرى لبنة ذهبية.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و لمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة.)
قال رضي الله عنه : " ولمّا مثل النبيّ النبوّة بالحائط من اللبن وقد كمل سوى موضع لبنة ، فكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تلك اللبنة غير أنّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا يراها إلَّا كما قال : لبنة واحدة " .
قال العبد : إنّما مثّل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم النبوّة بالحائط ، لأنّ النبوّة صورة الإحاطة الإلهيّة بالأوضاع والأحكام الشرعية والحكم والأسرار الدينيّة الوضعية المرعيّة ، قد وضعها الله على ألسنة رسله وفي كتبه قبل ظهور الشريعة الجمعيّة الأحدية والأوضاع الكمالية المحمدية .
فكملت من حيث صورتها التفصيليّة ولكنّها كانت ناقصة من حيث عوز الوضع الأحدي الجمعي والمقام المحمدي الختمي الذي يستوعب الكلّ ، وكلّ لبنة كانت في تلك الحائط كانت صورة نبيّ من الأنبياء ، فالحائط كالقلادة المشتملة على جواهر الأنبياء.
وكان يعوزهم واسطة القلادة التي تساوي الكلّ ، وهو أحدية جمع الكمّل من الأنبياء ، كلَّهم الذين هم صور تفصيله ، فلا بدّ للرسول الخاتم أن يرى نفسه تنطبع في تلك الثلمة ، ويسدّ بذاته تلك الخلَّة ، فيكمل به الحائط ، لأنّه صلَّى الله عليه وسلَّم خاتم النبوّة المبعوث لتتميم مكارم الأخلاق .
ولا بدّ لوارث كل رسول أن يجري عليه أنموذج من جميع أحواله التي جرت على ذلك الرسول الذي هذا الوليّ وارثه وتابعه في أعماله وأحواله وعلومه وأخلاقه ومشاهده ومواجده ، لكونه قد أقامه الله مقام ذلك النبيّ أو الرسول في ولايته كذلك .
ولا بدّ لهذا الوارث المحمدي الأكمل كذلك أن يرى مثل هذه الرؤيا وإلَّا لم يستكمل في ورثة وهو كامل الورث ، فيرى ذلك ولا بدّ .
قال الشيخ رضي الله عنه : « وأمّا خاتم الولاية فلا بدّ له من هذه الرؤيا ، فيرى ما مثّل به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ويرى في الحائط موضع لبنتين ، واللبن من ذهب وفضّة .
قال العبد أيّده الله به اعلم : أنّ الذهب صورة الكمال الحقيقي الذي به تصحّ المتبوعيّة ، وهو باطن النبوّة ومعناها وأصلها الذي بدأت منه ومنتهاها .
فكذلك الذهب باطن الفضّة وهو حقيقتها ، طرأ عليه قبل كماله ونضجه البرد ، فابيضّ ، والفضّة أقبل الأجساد للذهبية ، لكمال طهارتها ونوريّتها إلَّا أنّها ستبطل  صورتها ، وتحرقها محرقاتها ، بخلاف الذهب ، فإنّه جوهر حافظ صورته النوعية على مرور الزمان وضروب الحدثان .
فلا يتسلَّط عليه النار والتراب والكباريت كما نفذوا على الفضّة التي هي صورة مظهر النبوّة والصفة ، إذ الفساد الطارئ على الأجساد إنّما متعلَّقه الصور لا الحقائق ، فإنّ الحقائق لا تنعدم ولا تتبدّل ، وإنّما متعلَّق الانعدام والتبدّل الصورة لا غير .
كذلك الولاية لا تنقطع ، فإنّ الله هو الوليّ الحميد ، وهو خير الوارثين .
ولمّا كان خاتم الأنبياء والرسل في التخلَّق بأخلاق الله والظهور بأوصاف العبودية وإقامة الشرائع والدين والدعوة إلى الله ونصرته متبوعا للكلّ في الكلّ .
وهو صلَّى الله عليه وسلَّم غير مأمور بكشف الحقائق والأسرار الذاتية ، بل كان مأمورا بسترها في الأوضاع الشرعية والديانات الوضعيّة والسنن الكلَّية الأصلية والجزئية الفرعية .
والنبوّة هي الدعوة إلى كلّ ذلك والظهور بها والاتّصاف بجميعها ، فلهذا مثّل الله له النبوّة المحيطة بسائر النبوّات الجزوية الفرعية والأحكام والنواميس الشرعية في صورة حائط تنقصه صورة لبنة واحدة فضيّة .
إشارة إلى ما كان ينقص النبوّة من تبعية أمّة محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم ولا تنسدّ تلك الخلَّة إلَّا بوجوده صلَّى الله عليه وسلَّم ، لكونه أحدية جمع صورة المتبوعية المحيطة في جميع الأخلاق الإلهية ، وهو المبعوث صلَّى الله عليه وسلَّم لتكميلها وتتميمها ، فيرى نفسه تكون عين تلك اللبنة الفضيّة التي هي صورة أحدية جمع جميع الصفات الإلهية التي بعث لتكميلها إشارة إلى متبوعيّته في الأخلاق الإلهية والأوصاف والنعوت وإن كان تابعا لله تعالى في التخلَّق بكلّ ذلك ، فافهم ، ولهذا ما رآه إلَّا لبنة واحدة ، لأنّه متبوع لا تابع .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و لمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة.)
وأما حديث الرؤيا في قوله رضي الله عنه :
"ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلَّم بالحائط من اللبن وقد كمل سوى موضع لبنة فكان صلى الله عليه وسلَّم تلك اللبنة ، غير أنه صلى الله عليه وسلَّم لا يراها إلا كما قال لبنة واحدة وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا ، فيرى ما مثله به رسول الله صلى الله عليه وسلَّم ، ويرى في الحائط موضع لبنتين واللبن من ذهب وفضة"
وإنما يكون على ما ذكره ، لأن الرؤيا من عالم المثال وهو تمثل كل حقيقة بصورة تناسبه ، فتمثل حال النبي عليه الصلاة والسلام في نبوته في صورة اللبنة التي يكمل بها بنيان النبوة فكان خاتم الأولياء .
ولما لم يظهر بصورة الولاية لم يتمثل له موضعه باعتبار الولاية فلا بد من خاتم الولاية باعتبار ظهوره وختمه للولاية أن يرى مقامه في صورة اللبنة الذهبية من حيث أنه متشرع بشريعة خاتم الرسل .
ويرى مقامه في صورة اللبنة الفضية باعتبار ظاهره فإنه يظهر تابعا للشريعة المحمدية على أنه آخذ عن الله في السر ما هو بالصورة الظاهرة متبع فيه .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و لمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة.)
قال رضي الله عنه : "ﻭﻟﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﺍﻟﻨﺒﻲ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺑﺎﻟﺤﺎﺋﻂ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﺒﻦ ﻭﻗﺪ ﻛﻤﻞ ﺳﻮﻯ ﻣﻮﺿﻊ ﻟﺒﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ، ﻓﻜﺎﻥ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺒﻨﺔ، ﻏﻴﺮ ﺃﻧﻪ) ﺃﻱ ﺇﻻ ﺃﻧﻪ.
ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ﻻ ﻳﺮﺍﻫﺎ ﺇﻻ، ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ، ﻟﺒﻨﺔ ﻭﺍﺣﺪﺓ. ﻭﺃﻣﺎ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﻓﻼ ﺑﺪ ﻟﻪ ﻣﻦ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ، ﻓﻴﺮﻯ ﻣﺎ ﻣﺜﻠﻪ ﺑﻪ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﻟﻠﻪ، ﺻﻠﻰ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ، ﻭﻳﺮﻯ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺋﻂ ﻣﻮﺿﻊ ﻟﺒﻨﺘﻴﻦ، ﻭﺍﻟﻠﺒﻦ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﻭﻓﻀﺔ".
ﻓﻴﻜﻮﻥ لخاتم ﺍﻷﻭﻟﻴﺎﺀ ﺗﻴﻨﻚ ﺍﻟﻠﺒﻨﺘﻴﻦ. ﺃﻱ، ﻟﻤﺎ ﻣﺜﻞ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ﺍﻟﻨﺒﻮﺓ ﺑﺎﻟﺤﺎﺋﻂ ﻭ ﺭﺃﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﺗﻨﻄﺒﻊ ﻓﻴﻪ، ﻻ ﺑﺪ ﺃﻥ ﻳﺮﻯ ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺬﻟﻚ، ﻟﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻭﺍﻻﺷﺘﺮﺍﻙ ﻓﻲ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ. ﻭﻣﻌﻨﺎﻩ ﻇﺎﻫﺮ. ﻗﺎﻝ رضي الله عنه ﻓﻲ ﻓﺘﻮﺣﺎﺗﻪ ﺃﻧﻪ ﺭﺃﻯ ﺣﺎﺋﻄﺎ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ ﻭﻓﻀﺔ، ﻭﻗﺪ ﻛﻤﻞ ﺇﻻ ﻣﻮﺿﻊ ﻟﺒﻨﺘﻴﻦ: ﺇﺣﺪﻳﻬﻤﺎ ﻣﻦ ﻓﻀﺔ ﻭﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﻦ ﺫﻫﺐ، ﻓﺎﻧﻄﺒﻊ رضي الله عنه ﻣﻮﺿﻊ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺒﻨﺘﻴﻦ


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و لمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة.)
قال رضي الله عنه: " ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبن وقد كمل سوى موضع لبنة، فكان صلى الله عليه وسلم تلك اللبنة."
ثم أشار إلى كيفية كونهما ختمين مع الفرق بين ختميتهما بأن خاتم النبوة كان يرى ختم الولاية في ضمن نبوة، فقال: (ولما مثل) جواب الشرط محذوف، أي: كان هذا التمثيل ثابتا أيضا لخاتم الولاية (النبي ، النبوة) أي: نبوة جميع الأنبياء (بالحائط من) حيث إنها محيطة بالكمالات إحاطة الدار بالساكن من (اللبن).
و فيه إشارة إلى أنه مما لا يحترق بنار الشبهات رأي فيهم كثرة، وقوام تلك الكثرة
هذا الواحد، (وقد كمل) الحائط عمن لقدمه من الأنبياء (سوى موضع لبنة واحدة)، لولاها لتزلزل بنيان النبوة لبطلان مصالح بعض أحكامهم، مع أن أهلها قد تخيرها أيضا، (فكان صلى الله عليه وسلم تلك اللبنة) المكملة لبنيان النبوة الصائنة لها عن التزلزل.
فكان هذا المثال خاتم الأولياء، إذ به تمت الولاية التي هي مستند مصالح العالم بحيث يتزلزل بانتقالهم عن آخرهم.
قال رضي الله عنه: " غير أنه صلى الله عليه و سلم لا يراها كما قال لبنة واحدة.
و أما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول الله صلى الله عليه و سلم، و يرى في الحائط موضع لبنتين ، و اللبن من ذهب و فضة."
ثم أشار إلى الفرق بين المثالين؛ فقال: (غير أنه صلى الله عليه وسلم لا يراها) أي: اللبنة التي نقص الحائط عنها (إلا كما قال: "لبنة واحدة") ، لأنه كان يرى كمال الولاية للأنبياء فكأنها انختمت في ضمن نبوته، وهو لم يظهر بها وولاية غيرهم غير منظور لها لقصورها.
(وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا) أي: الرؤية أو المثال من باب إطلاق السبب على المسبب، إذ الرؤيا سبب الاطلاع في الغاية على الأمثلة، وإنما لم يكن له بد من ذلك.
لأنه سبب كمال العالم وانتظام مصالحه، (فیری ما مثل به رسول الله صلى الله عليه وسلم) للنبوة من الحائط مثالا للولاية، وهذا الحائط حائط الكمالات المطلقة؛ ولكنه (يرى في الحائط
موضع لبنتين)؛ لأن الولاية لا تنتظم بدون النبوة فيرى الكمال بنبوة خاتم الرسالة وولاية نفسه، ويرى اللبن الواحد (من ذهب)، والأخر من (فضة) باعتبار أن الذهب، وإن عز فليس فيه كمال الظهور، وكان هذا في ولاية الأنبياء لم يظهروا بها، وقد ظهر بها الأولياء.
والفضة وإن دنا فهو غاية في الظهور، وقد ظهر بها الأنبياء، وهو ظاهر والأولياء أيضا في أعمالهم الظاهرة.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و لمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة.)
قال رضي الله عنه : (ولما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبن) ؛ ووجه مناسبتها بالحائط إما صورة : فلكونها مع ما فيها من الحيطة يحوط نظام متفرقات العالم من الشتات من قولهم : «حاطه يحوطه» أي كلاه ، و«يحوط » - أيضا إذا جمعه .
ولكونها مع أنها حائطة بتلك المعاني مشتملة على العلوم المتمثلة بحسب الصورة ، المتفاوتة بالعلو والكمال ؛ وذلك علوم الأنبياء كلها .
ولذلك قال : «من اللبن» فإنه عين اللبن المأول بالعلم بحسب الصورة الرقمية .
وأيضا اللبن إنما هو صورة تنوع أرض الاستعداد على ما صورها عليه ماء العالم ،بعد أن لينها وصتها في قوالب قلوب الأنبياء.
وأما معنى : فلأنها امتداد طالع من أسافل أراضي الحدوث والإمكان إلى أعالي سماوات القدم والوجوب ، ولأنها متدرجة في ذلك الطلوع باشتمالها على أجزاء متماثلة الصورة والحقيقة ، هي جزئيات نوع واحد .
كما قال تعالى : "لا نفرق بين أحد من رسله " متخالفة الرتب ودرجات الكمال ، الذات ، إنما يتعدد ويتكثر بالأعيان والمظاهر القابلة ، وذلك لما أثبتوا لها من الوحدة المقابلة للكثرة .
ولما كانت وحدتها عند الشيخ هي الوحدة الإطلاقية والأحدية الجمعية الذاتية التي لا يشوبها شائبة ثنوية التقابل أصلا .
فلابد وأن يكون مخزن العطايا الغير المتناهية الغير المتكثرة ، إنّما يتكمّل ذلك الامتداد بواحد منها هو أعلى من الكلّ ، لأنّ جميع تلك الجزئيّات مدارج علوّه ومباني مراقي قربه ، بل إنّما يوجد به لأنّه الجزء الأخير من مركَّب ذي أجزاء ، هي تلك الجزئيّات الإنسانيّة المسمّاة بالأنبياء ،وإليه أشار بقوله رضي الله عنه :
( وقد كمل سوى موضع لبنة واحدة ، وكان صلَّى الله عليه وسلَّم تلك اللبنة ، غير أنّه صلَّى الله عليه وسلَّم لا يراها إلَّا كما قال : لبنة واحدة وأمّا خاتم الأولياء فلا بدّ له من هذه الرؤيا) لأنّه الحائط بكماله الذي هو غاية الغايات وأقصى النهايات في الحيطة بمعانيها (فيرى ما مثّله به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ) من الحائط المشتمل على تلك الأجزاء المترتّبة المرتبة لمدارج علوّه ومراقي عروجه إلى مقامه الأقرب إلَّا أنّه يرى تلك الأجزاء المشتمل عليها الحائط نوعين ( ويرى في الحائط موضع اللبنتين ، واللبن من ذهب وفضّة) المبتني منه الحائط في رؤيته مختلف في الصورة والعزّة لأنّ الحائط هو صورة امتداد علوّه من أسافل أراضي القوّة إلى أعالي سماوات كمالها.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (و لمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة. غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً.
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة.)
قال رضي الله عنه : " و لما مثل النبي صلى الله عليه وسلم النبوة بالحائط من اللبن ".
قال رضي الله عنه :  (ولما مثل النبي ل النبوة بالحائط من اللبن)، لأن النبوة صورة الإحاطة الإلهية بالأوضاع الشرعية والأحكام الفرعية والحكم والأسرار، والبينة الوضعية قد وضعها الله على ألسنة رسله وفي كتبه وكل لبنة كانت في ذلك الحائط كانت صورة نبي من الأنبياء.
يقصد حديث : "عن أبي هريرة أن رسول الله ، قال : مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بنيانا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زوايا، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ويقولون هلا وضعت هذه اللبنة قال فأنا اللبنة وأنا خاتم النبیین" صحیح مسلم
قال رضي الله عنه : " و قد كمل سوى موضع لبنة، فكان صلى الله عليه و سلم تلك اللبنة.
غير أنه صلى الله عليه وسلم لا يراها كما قال لبنة واحدة. و أما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول الله صلى الله عليه و سلم ".
قال رضي الله عنه : (وقد كمل) ذلك الحائط (سوی) موضع لبنة واحدة وهي الموضع الأحدي الجمعي المحمدي الختمي الذي يستوعب الكل (فكان النبي صلى الله عليه وسلم ) بهذا الوضع الأحدي الجمعي .
(تلك اللبنة) وسيد تلك الثلمة فكمل به الحائط (غير أنه صلى الله عليه وسلم ) لا يراها أي تلك اللبنة بعين بصيرته في هذا التمثيل (إلا كما قال) صلى الله عليه وسلم (لبنة واحدة).
لأنه صلى الله عليه وسلم غير مأمور بکشف الحقائق والأسرار كخاتم الولاية بل كان مأمورة بسترها في الأوضاع الشرعية والأحكام الوضعية .
والنبوة هي الدعوة إلى كل ذلك والظهور بها والاتصاف بجميعها فهي حقيقة واحدة فلا حاجة في تمثيلها إلى اللبنتين ولا إلى تمييزها بالذهبية والفضية (وأما خانم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا). البنتبه على مرتبته ومقامه
أي من رؤية (ما مثل به النبي صلى الله عليه وسلم) ولكن في رؤياه
قال رضي الله عنه : " ويرى في الحائط موضع لبنتين واللبنتان من ذهب وفضة . "
قال رضي الله عنه :  (فیری) ما مثل به رسول الله صلى الله عليه وسلم و من الحائط ويرى (في الحائط موضع لبنتين) ينقص الحائط عنهما (واللبن من ذهب) هو صورة الولاية.
لأن الولاية كما أنها ليست قابلة للتغيير بوجه من الوجوه عما هو عليه فكذلك الذهب (ومن فضة) هو صورة النبوة كما أنها قابلة للتغير بالنسبة إلى الأزمان . فكذلك الفضة.
.

كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه :  ( ولمَّا مثّل النبي صلى اللَّه عليه و سلم النبوة بالحائط من اللَّبِن و قد كَمُلَ سوى موضع لبنَة، فكان صلى اللَّه عليه و سلم تلك اللبنة.  غير أنه صلى اللَّه عليه وسلم لا يراها كما قال لبِنَةً واحدةً. 
وأما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم، و يرى في الحائط موضع لبنَتين‏، واللّبِنُ من ذهب و فضة. )
قال المصنف رضي الله عنه : (و لما مثل النبي صلى الله عليه و سلم النبوة بالحائط من اللبن، و قد كمل سوى موضع لبنة واحدة، فكان صلى الله عليه و سلم تلك اللبنة غير أنه صلى الله عليه و سلم لا يراها إلا كما قال لبنة واحدة . و أما خاتم الأولياء فلا بد له من هذه الرؤيا فيرى ما مثله به رسول الله صلى الله عليه و سلم و يرى في الحائط موضع لبنتين و اللبنتان من ذهب و فضة.)

قال الشارح رحمة الله :
( فلما مثل النبي صلى الله عليه و سلم النبوة بالحائط من اللبن، و قد كمل سوى لبنة، فكان صلى الله عليه و سلم لا يراها إلا كما قال: "لبنة واحدة ") لأنه صلى الله عليه و سلم رأى حائط النبوة قد انختم بها.
و لا بدّ أن يكون أيضا لبنة فضة، فإنها مبطونة الذهب، و في ظهورها ذهبا فتنة للعموم، و مقام النبوة مقام رحمة عامة بلا فتنة و لا محنة، فلا يقضي سوى رحمة خالصة .
أما ترى إجراء الله العادة في العموم المعاملة بالفضة عامة لأنها أقرب إلى القبول، بل يحتمل أن يكون بلدا وأناسا لا يقبلون الذهب في المعاملة وذلك لعدم الفهم، وعدم الفهم به.
وهكذا أمر الولاية فإنها باطن النبوة، وصورة الفضة كصورة الشريعة، ظاهرها شريعة و باطنها حقيقة، ولو لا الشريعة وهي الصورة الفضية لانفضوا من حوله، وتركوه قائما، ولم يقبلوا إلا قليلا .

"" أضاف المحقق : قال السيد مصطفى البكري في السيوف الحداد:
اعلم أن الشريعة في الباب واللباب، التي تمدي إلى صواب الصواب، وأول واجباتها معرفة رب الأرباب على طبق السنة والكتاب، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام: معرفة عوام و خواص، وخواص الخواص.
فالأولى : معرفة ما يجب وما يجوز وما يستحيل في حقه تعالى، وكذلك في حق رسله، وهذه واجبة على كل مكلف؛ لئلا يشتبه عليه الحال فيقع في الخيال، وليسلم من ورطة التقليد في التوحيد.
قال صاحب الجوهرة
إذ كل من قلد في التوحيد پيمانه لم يتخل عن تردید، و كل من طلب الثانية ولم يحكم الأولى كان جاهلا بالله؛ فإنها أولى وأولى.
ويجب على صاحب هذه المعرفة أن يطلب العلم الواجب في حقه؛ ليكون ممن يعبد الله على بصيرة، وإلا كان ما بهدم أكثر مما بيي ففي الحديث: «رکعتان من عالم أفضل من سبعين ركعة من غير عالم». .
والعالم العامل هو الورع المشار إليه بحديث: «رکعتان من رجل ورع أفضل من ألف ركعة من مخلط». رواه الديلمي في مسند الفردوس عن أنس.   وإلا فمع الجهل أين الورع.
والثانية : معرفة آثار الأسماء والصفات، وظهور أنوار تلك الآثار في القلب؛ ليخلص صاحبه من الآفات، وطريقها تسير الأوقات بالعبادات، وتركية النفس وترك المخالفات، والجلوس على بساط الفقر والانكسار، وشغل القلب بمراقبة العزيز الغفار، والاقتداء بأستاذ شهدت بصحة عقيدته وكماله العارفون، وأقرت بحسن منازلاته ومواجيده الواصلون، ليسلك به مقام التعلق،
ويرقيه إلى التحقق، ويوصله إلى التخلق، وهناك يدرك الأسرار بطريق المنازلة والذوق، ويأكل لا من تحت الأرجل بل من فوق.
وطريق التصوف عند السادة الصوفية، كله تخلق بالأخلاق المصطفوية، فمن زاد تخلقه زاد تصوفه، والتخلق يحتاج إلى السلوك، وهو يفتقر إلى المرشد العارف.
قال الإمام الشعراني في الميزان: 
أما سلوكك بغير شيخ فلا يسلم غالبا من الرياء والجدال والمزاحمة على الدنيا، ولو بالقلب من غير لفظ، فلا يوصلك إلى ذلك، ولو شهد لك جميع أقرانك بالقطبية فلا عبرة بها .
وقد أشار إلى ذلك الشيخ محيي الدين في الباب الثالث والسبعين من الفتوحات فقال 
«من سلك الطريق بغير شيخ ولا ورع عما حرم الله فلا وصول له إلى معرفة الله تعالى، المعرفة المطلوبة عند القوم ولو عبد الله تعالى عمر نوح عليه السلام». .

ثم إذا وصل العبد إلى معرفة الله تعالى فليس وراء الله مرمى ولا مرقي بعد ذلك، وهناك يطلع کشفا ويقينا على حضرات الأسماء الإلهية، ويرى اتصال جميع أقوال العلماء بحضرة الأسماء، ويرتفع الخلاف عنده في جميع مذاهب المجتهدين؛ لشهود اتصال جميع أقوالهم بحضرة الأسماء والصفات، لا يخرج عن حضرتها قول واحد من أقوالهم .

وهذه المعرفة نتيجة التخلي عن الأخلاق الذميمة، والتحلي بالأوصاف الكريمة، فأثمرت التجلي بالأسرار العظيمة.
وفي الحديث: «الأخلاق مخزونة عند الله تعالى، فإذا أراد الله تعالى بعبد خيرا منحه منها خلقا».
وقال : «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

قال صاحب عوارف المعارف للإمام شهاب الدين عمر السهروردي: «فالصوفية راضوا نفوسهم بالمكابدات والمعاهدات حي أجابت إلى تحسين الأخلاق، فنفوس العباد أجابت إلى الأعمال وجمعت عن الأخلاق، و نفوس الزهاد أجابت إلى بعض الأخلاق دون البعض، ونفوس الصوفية أجابت إلى الأخلاق الكريمة كلها».
والثالثة : معرفة كنوز أسرار الذات المحلية، وهذه المعرفة خاصة بأكابر المحققين من الأولياء الراسخين وطريق هذه المعرفة لا يكون إلا عن محض المئة، وكرامة صاحبها استقامته على نهج الكتاب والسنة.
قال أبو يزيد البسطامي قدس الله سره:
لو نظرتم إلى رجل أعطي من الكرامات حتى تربع في الهواء، فلا تغتروا به حتى تنظروا كيف تجدونه عند الأمر والنهي وحفظ الحدود وأداء الشريعة.

ولما قصد زيارة ذلك الرجل المشهور بالزهد ودخل المسجد، رمى ببصافه تجاه القبلة، فانصرف ولم يسلم عليه .
وقال: هذا غير مأمون على أدب من آداب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف يكون مأمونا على ما يدعيه.
فاتباع القدم المحمدي نعمة وأي نعمة، والزيغ عنه نقمة لا يماثلها نقمة ، فإن شوم هلاك الذين لا يعادله شؤم، نعوذ من ذلك بالله الحي القيوم و إذا نظرت بعين التحقيق في هؤلاء الزنادقة المنابذين لأهل الطريق لم تر عندهم غير شقشقة اللسان الخالية عن الدليل والبرهان، وإذا بحثت مع أحدهم أسفر وجهه عن أخلاق البغال بکلام أبرد من برد العجوز؛ لتمثله في وصف النعال.
ثم قال أيضا: وقد رأيت في بعض الرسائل حديثا مرفوعا وهو: «الشريعة مقالي، والطريقة أفعالي، وألحقيقة حالي».
وعلى تقدير صحته فالشريعة: البيان، وهو بالمقال وما ينطق عن الهوى وبالأفعال، وهو أبلغ "فاتبعوني يحببكم الله"، والحال ما ينتجه البيان فعاد الأمر إليه.
قال سيدي محيي الدين قدس الله سره في كتاب «التراجم» في باب ترجمة الشريعة والحقيقة:
لطيفة : يخيل لمن لا يعرف أن الشريعة تخالف الحقيقة، هيهات بل الشريعة عين الحقيقة، وأن الشريعة جسم و روح، فجسمها الأحكام وروحها الحقيقة، فما ثم إلا شرع.
لطيفة الشريعة: وضع موضوع وضعه الحق في عباده، فمنه مسموع وغير مسموع، فلهذا من الأنبياء متبوع وغير متبوع، "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ" (21) سورة الأنفال .كمثل الذي ينعق بما لا يسمع.

وقال رضي الله عنه في الفتوحات المكية في باب الشريعة:الشريعة من جملة الحقائق، فهي حقيقة لكن تسمى شريعة ، وهي حق كلها، والحاكم بها حاكم بحق مثاب عند الله، لأنه حكم ما كلف أن يحكم به، وإن كان المحكوم له على باطل، والمحكوم عليه على حق، فهل هو عند الله كما هو في الحكم، أو كما هو في نفس الأمر؟
فمنا من يرى أنه عند الله كما هو في نفس الأمر، ومنا من يرى أنه عند الله كما هو في الحكم.
ثم قال بعد كلام طويل، فعين الشريعة عين الحقيقة، والشريعة حق كلها، ولكل حق حقيقة، فحق الشريعة وجود عينها، وحقيقتها ما ينزل في الشهود منزلة شهود عينها في باطن الأمر.
فيكون في ذلك الباطن كما هي في الظاهر من غير مزيد، حتى إذا كشف الغطاء لم يختل الأمر على الباطن.
ثم قال: فما ثم حقيقة تخالف الشريعة، لأن الشريعة من جملة الحقائق، والحقائق أمثال وأشباه ، والشرع ينفي ويثبت.
فتقول: "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير"، وهذا قول الحقيقة بعينه ، فالشريعة هي الحقيقة وأطال في ذلك.
وقال فيها أيضا: ومن جملة آداب الحق ما نزلت به الشرائع.
وقال: لما كان الأمر العظيم يجهل قدره ولا يعلم، ويعز الوصول إليه، تنزلت الشرائع بأداب التوصل؛ ليقبلها أولوا الألباب.
لأن الشريعة لب العقل والحقيقة لب الشريعة، فهي كالدهن في اللب الذي يحفظ القشر، فاللب يحفظ الدهن والقشر يحفظ اللب.
كذلك العقل حفظ الشريعة والشريعة تحفظ الحقيقة، فمن ادعى شرعا بغير عقل لم تصح دعواه، فإن الله تعالى ما كلف إلا من استحكم علقه، ما كلف مجنونا ولا صبيا ولا من خرف.
ومن ادعى حقيقة من غير شريعة فدعواه لا تصح. أهـ ""

ولهذا قال الجنيد رضي الله عنه : (علمنا هذا يعني علم الحقائق الذي نجا به أهل الله مقيد بالكتاب والسنة: أي أنه لا يحصل إلا لمن عمل بكتاب الله وسنة رسوله ، وذلك هو الشريعة.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله أدبني فأحسن تأديبي"، وما هو إلا شرع له، فمن تشرع تأدب، ومن تأدب وصل). أهـ ""
فلهذا قال عارف محمّدي: "خضنا بحرا وقف الأنبياء على ساحله" .
و هو بحر بيان أن الحقائق بلا صيانة الشريعة كحسين بن منصور و غيره، بخلاف الأنبياء عليهم السلام فإنهم الأقوياء في حفظ الباطن، و الأشداء في حب صيانة الأسرار، فلما كان الختتم في الخاتم أسوة حسنة.

فقيل: (و أما خاتم الأولياء فلا بدّ له من هذه الرؤيا، فيرى ما مثله به رسول الله صلى الله عليه و سلم )، هذا إعلام من رسول الله صلى الله عليه و سلم، و بشارة للشيخ رضي الله عنه بختم الولاية، و إن كان الذي رآه في سنة تسع و تسعين و خمسمائة بمكة هذا تأويل رؤياه لأنه صلى الله عليه و سلم قال : "من كان ختما لا بدّ أن يراه"
وهو رضي الله عنه قد رآه، (و لكن يرى في الحائط موضع لبنتين، و اللبن من ذهب )، و هو الصورة الولاية المحمّدية الختمية، و اللبن من فضة، و هي صورة شريعية التي أخذها من مشكاة خاتم الرسل، صلوات الله عليه و عليهم أجمعين.

واتساب

No comments:

Post a Comment