Monday, July 8, 2019

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الثانية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الثانية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الثانية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

01 - The Wisdom Of  Divinity In The Word Of ADAM 

الفقرة الثانية والعشرون :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ  :
قوله رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
(ثم لنعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره)، أي ظهور واجب الوجود لذاته الذي هو الحق تعالى لنا (بصورته) التي هي مجموع صفاته وأسمائه كما ذكرنا لا بذاته العارية عن جميع ذلك من حيث الغيب المطلق.
فإن الظهور لا يكون إلا باسمه الظاهر كما أن البطون باسمه الباطن .
وذاته من حيث هي غنية عن الظهور والبطون لأنهما من الأوصاف والأسماء هي الحضرة البرزخية الفارقة بين الطالب والمطلوب كما ذكرنا .
ثم إن صورته تعالى المذكورة التي ظهر بها من حيث حضرة الطالب ظهرت له أيضا من حيث حضرة المطلوب.
فكانت هي هذا الإنسان الحادث كما مر، فكان الإنسان الحادث على صورة الحق تعالى من أنه هو المطلوب، والمطلوب على صورة الطالب.
لأنه هو الطالب والذات واحدة ، لكنها الما اقتضت حضورها عندها انقسمت إلى طالب ومطلوب كما بيناه فيما مر.
(أحالنا) الحق (تعالى في العلم به على النظر في) هذا الإنسان (الحادث) الكبير الذي هو مجموع العالم كله .
حيث قال تعالى: "قل انظروا ماذا في السموات والأرض" 101 سورة يونس.
وقال: " أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ (48)" النحل .
وفي هذا الإنسان الحادث الصغير الذي هو ابن آدم
قال تعالى: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون " 21 سورة الذاريات.
(وذكر) تعالى في القرآن العظيم (أنه أرانا آیاته)، أي علاماته المظهرة له (فيه)، أي في هذا الإنسان الكبير والصغير حيث قال تعالى :
" سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)" سورة فصلت. وقد أرانا ذلك بفضله ومنه، وتبين لنا.
وقال تعالى في غيرنا : " مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا (51) " سورة الكهف.
(فاستدللنا)، أي أقمنا الدليل (بنا)، أي بأنفسنا (عليه تعالی)، كما قال سبحانه : "من اهتدى" ، أي وصل إلينا "فإنما يهتدى لنفسه" ، أي يصل إليها .
"ومن ضل فإنما يضل عليها" 15 سورة الإسراء.أي على نفسه فلا يهتدي إليها .
وقال النبي عليه السلام : "من عرف نفسه فقد عرف ربه".

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
(ثم ليعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره) أي الحادث (بصورته) أي بصفة الحق (احالنا تعالى في العلم به) أي بالحق (على النظر) أي على طريق الاستدلال(في الحادث) من الآفاق والأنفس لامتناع العلم به إلا بالنظر إليه.
(وذكر أنه أرانا آياته) وهي آثار أسمائه وصفاته (فيه) أي في الحادث فكان الاستدلال واجبا علينا بالأمر الإلهي فأطعنا أمره لتحصیل معرفه (فاستدلنا) استدلالا من الأثر إلى المؤثر (بنا) بسبب نظرنا فينا (عليه) أي على الحق فحينئذ لا بد لنا أن نحكم عليه بوصف على ما يقتضيه طريق الاستدلال قوله عليه يتعلق بالاستدلال.
(فما وصفناه) أي فما حكمنا عليه (بوصف) من الأوصاف (إلا كنا نحن) وجدنا فينا ووصفنا أنفسنا.
(ذلك الوصف إلا الوجوب الذاتي الخاص) بالحق فإنه لا يوجد فينا ولا نومف أنفسنا به فإذا استدللنا عليه على هذا الطريق علمناه بنا وما.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي:  (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
قلت: هو، رضي الله عنه، قد قصد التوطئة لأن يجعل صفات الخليفة هي صفات المستخلف ليرد الأمر كله إلى عين واحدة هي وجوده تعالى وكأنه استشهد بقوله تعالی: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق" (فصلت: 53).
ثم ستر ذلك بذكر الوجوب الخاص الذاتي وهذه مصانعة منه، رضي الله عنه، للمحجوبين حتى لا ينفروا من قوله: "نسبنا إليه كل ما نسبناه إلينا"
وزاد ذلك بيانا بقوله: "فإذا شهدناه شهدنا نفوسنا، وإذا شهدنا هو شهد نفسه".
ولا سيما قوله: "ولا بد من فارق".
ثم قال: وليس إلا افتقارنا إليه. وبالجملة فهذا كله مبني على أن الوجود واحد والأعيان متمايزة وتسميها الأعيان الثابتة.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
يعني رضي الله عنه :
لمّا قرّر أنّ الخليفة ظاهر بصورة المستخلف فيما استنابه فيه ، ونسبه إليه ، وملَّكه إيّاه ، لا جرم أنّه تعالى أحاله في العلم به على النظر في الحادث في كل ما نسب إليه من صورة على صورة القديم.
فإذا عرفنا المخلوق على الصورة بنسبه ولوازمه الثبوتية كماليّها وغير كماليّها استدللنا بكمالاتنا الثبوتية التي أعطانا الكامل بالذات على ثبوت الكمالات له على الوجه الأكمل .
واستدللنا أيضا بنقائصنا ونسبنا غير الكمالية على أنّها منتفية عن موجدنا وثابتة له نقائض تلك
النقائص من الكمالات ، وفي الحقيقة ما وصفناه بوصف إلَّا كنّا نحن ذلك الوصف .
والتحقيق يقتضي أنّه ليس لنا من الأمر شيء ، بل كل ما لنا فمنه ، كما قال : "وَما بِكُمْ من نِعْمَةٍ فَمِنَ الله " فما وصفناه بنا إلَّا من حيث كوننا به فيه منه له.
يعني رضي الله عنه : من حيث إنّ نسبة نسبة الشيء نسبة لذلك الشيء ولازم لازمه بالوسط .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
معناه لما ظهر الحادث بصورته أحالنا في معرفته على النظر في الحادث
فقال :" سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وفي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّه الْحَقُّ ".
- فبسبب ما أحالنا استدللنا بنا عليه أي طلبنا الدليل بأنفسنا عليه ، فما وصفناه بوصف إلا وجدنا ذلك الوصف فينا إذ لو لم يكن فينا ولم نتصف به لم يمكنا أن نصفه به .
وهو معنى قوله إلا كنا نحن ذلك الوصف أي لو لم نكن نحن ذلك الوصف لم نصف به إلا الوجوب الذاتي .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
وقوله: (ثم ليعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته) أي، ظهور هذا الحادث، وهو الإنسان الكامل، بصورة الحق.
وضمير "أنه" للشأن. و"من" بيان "ما".
وقوله: (أحالنا تعالى في العلم به) أي بالحق.
وقوله: (على النظر في الحادثات) بقول نبيه، صلى الله عليه وسلم: "من عرف نفسه فقد عرف ربه.".
وقوله: (وذكر أنه أرانا آياته فيه) أي، في الحادث بقوله: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفيأنفسهم".
وقوله: "وفي أنفسكم أفلا تبصرون."
وإنما قدم (إراءة الآيات في الآفاق) لأنها تفصيل مرتبة الإنسان، وفي الوجود العيني مقدم عليه. وأيضا رؤية الآيات مفصلا في العالم الكبير للمحجوب أهون من رؤيتها في نفسه وإن كان بالعكس أهون للعارف
وقوله: (فاستدللنا بنا عليه) كالاستدلال من الأثر إلى المؤثر.
(فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف) أي، كنا نحن متصفا بذلك الوصف.
ولما كانت الصفات الحقيقية عين هذه الأعيان الحادثة، على ما قررنا من أنالذات مع صفة تصير اسما وعينا ثابتة والعالم من حيث الكثرة ليس إلا مجموع الأعراض، وقوله: (كنا نحن ذلك الوصف) وفي بعض النسخ: (إلا كنا ذلك الوصف).
وقوله: (إلا الوجوب الذاتي الخاص) أي بالحق.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ:
قوله رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
(ثم) أي: بعد العلم بالارتباط بين الحق والخلق من الجانبين أعني: افتقار الحادث إلى المحدث، وظهور المحدث بصورته المعنوية في الحادث؛ (ليعلم أنه لما كان الأمر) أي: أمر الارتباط من جانب الحق (علی ما قلناه من ظهوره) أي: الحق (بصورته المعنوية في الحادث.
(أحالنا تعالى في العلم به) أي: بذاته وصفاته (على النظر في الحادث)، فإنه يدل بذاته من حيث افتقاره إلى الواجب على ذات الواجب، وعلى صفاته التي بها تعلقه بالعالم.
ويدل أيضا بصفاته بحيث إنها مظاهر صفات الحق على صفاته كما دل بوجوده من حيث صورة وجوده الحق على وجوده، وذلك أنه (ذكر) في كتابه الكريم (أنه أرانا آیاته)أي: دلائل ذاته وصفاته (فيه) أي: في الحادث حيث قال: "سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم" [فصلت: 53].
(فاستند بنا) أي: بذواتنا وصفاتنا من حيث حدوثنا، وكوننا على صورته (عليه) أي: على كل واحد من ذاته وصفاته، (وما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف) أي: مظاهره (إلا الوجوب الذاتي) فإنا وإن وصفنا الحق به فلسنا مظاهره لكونه الوصف (الخاص بالحق، وإن علمنا اختصاصه به من افتقارنا إليه مع استحالة التسلسل اللازم على تقدير عدم كونه واجبا بالذات.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي:  (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
فقال رضي الله عنه : ( ثمّ لتعلم أنّه لمّا كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته ) أي ظهور الحادث بصورة الواجب ( أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث ) نظر تدبّر وتفكَّر ( وذكر أنّه أرانا آياته فيه ) آفاقا وأنفسا ( فاستدللنا بنا عليه ) استدلال شهود وتيقّن ، ( فما وصفناه بوصف إلَّا كنّا نحن ذلك الوصف بعينه ، ضرورة أنّ الأوصاف الكليّة موجودة بوجود الحوادث الجزئيّة - كما سبق بيانه (إلَّا الوجوب الخاص الذاتي) لما عرفت أنّه ليس للممكن فيه حظَّ أصلا .
ثمّ هاهنا دقيقة لا بدّ لمستكشفي رموز الكتاب من الوقوف عليها ، وهي أنّ من امّهات الأوصاف المشتركة بين الواجب والحادث - الظاهر بصورته الذي هو مثله السمع والبصر، لقوله تعالى : "لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ".
فلذلك بعد تحقيق معنى المثليّة أشار إلى ذينك الوصفين على طريق الاستدلال كما هو مسلك هذا الفصّ


شرح الفصوص الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
قوله : "ثم لنعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث و ذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. "
ولما فرغ من بیان کرن الحادث على صورته شرع في بيان ما يتفرع عليه من إحالة الحق إبانا في معرفته على النظر في الحادث.
فقال : (ثم لنعلم أنه) الضمير للشأن (لما كان الأمر)، أي الشأن (علی ما قلناه من ظهوره) بيان لما أي ظهوره الحادث (بصورته).
أي الحق سبحانه (احالنا) الحق (تعالى في العلم به)، أي بالحق (على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آیاته) الدالة عليه ذات وصفة (فيه).
أي في الحادث ليستدل به تعالى كما قال تعالى : "سنيرهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم "آيه 53 سورة فصلت .
(فاستدللنا بنا)، أي بأنفسنا والنظر فيها كما قال تعالى: " وفي أنفسكم أفلا تبصرون " آية 21 سورة الذاريات. "عليه تعالی"
قوله : "فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي. "
"فما وصفناه" تعالى (بوصف) وما عرفناه به "إلا كنا عن ذلك الوصف"، أي متصفين بذلك الوصف أو عينه بناء على ما سبق من أن كل موجود عبارة عن مجموع أعراض اجتمعت في عين واحدة.
وفي بعض النسخ إلا كنا نحن ذلك الوصف ومعناه ظاهر (إلا الوجود الذاتي الخاص) لا العام الذي يعم الوجوب الذاتي والوجوب بالغير فإنه يتصف به الحادث أيضا.
.

كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم لتعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث وذكر أنه أرانا آياته فيه فاستدللنا بنا عليه. فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الخاص الذاتي.)
قال المصنف رضي الله عنه : [ثم ليعلم أنه لما كان الأمر على ما قلناه من ظهوره بصورته، أحالنا تعالى في العلم به على النظر في الحادث و ذكر أنه تعالى أرانا آياته  فيه] .

قال الشارح رحمه الله :
( ثم لتعلم) لما ذكر رضي الله عنه الرابطة التي هي من المناسبة الصورية، و أي مناسبة أعلى و أتم أن يكون على الصورة، فأراد أن يذكر لوازمها . 
( إنه لما كان الأمر على ما قلنا من  ظهوره بصورته) أما ترى الحق تعالى ما تسمّى باسم، و لا وصف نفسه بوصف إلا و الخلق يتصف بهما بحسب ما تعطيه حقيقة الموصوف .
و إنما تقدّمت في الحق بالوجود، و تأخّرت في الخلق لتأخره فيه، فيقال في الحق: إنه ذات توصف بأنه حي عالم قادر، و يقال في العالم: إنه حي عالم قادر بلا خلاف من أحد، و العلم و الحياة و القدرة على حقيقة في العقل .
( أحالنا الله تعالى في العلم به على النظر في الحادث) آخر علمنا به عن علمنا بالحوادث لنعلم أن علمنا بالحوادث أصل للعلم بالأصل، فافهم .
أما ترى قوله صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه". 
فيه إشارة خفية إلى ذلك و هو لب المعارف الإلهية، حيث جعل الأصل فرعا و الفرع أصلا، فافهم و لا يمكنني إظهاره أكثر من هذا .
قال صلى الله عليه و سلم : "أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه". 
فجعلك دليلا عليه، و جعل معرفتك بك دليلا على معرفتك به إمّا بطريق وصفك بما وصف به نفسه، و إمّا بطريق الافتقار الذي أتت عليه في وجودك، و إمّا بالأمرين لا بد من ذلك، فافهم .

قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الخامس و السبعين و ثلاثمائة:
و قد ذكرت هذه المسألة في محل آخر، و لكن أذكرها هنا بضرورة داعية إليها، و هي أن الأصل التقييد لا الإطلاق في محل، فإن الوجود مقيد بالضرورة .
و لذلك كل ما دخل في الوجود مثناة، فالإطلاق الصحيح إنما يرجع لمن في قوته أن يتقيد بكل صورة، و لا يطرأ عليه ضرورة من ذلك التقييد، و ليس هذا إلا لمن تحقق بالمداراة .
و الله يقول: "وهُو معكُمْ أين ما كُنْتُمْ " [ الحديد: 4]، و هو أشرف الحالات لمن عرف ميزانها، و هو واحد فرد، و أين ذلك الواحد الفرد؟ فافهم، انتهى كلامه رضي الله عنه .
ورد في الحديث : "بعثت لمداراة الناس"رواه البيهقي عن جابر رضي الله عنه .
و فيه إشارة إلى ما ذكرناه من المداراة، فلمّا أحالنا في العلم به تعالى على النظر في الحادث، فعلمنا أنا مطلوبون له لا لأنفسنا و أعياننا لأن الدليل مطلوب للمدلول لا لنفسه، و لهذا لا يجتمع الدليل و المدلول أبدا، فلا يجتمع الحق و الخلق أبدا في وجه من الوجوه إذا جاء الحق زهق الباطل، فالعبد عبد لنفسه، و الرب ربّ لنفسه، فالموجود موجود، و المعدوم معدوم .

و ذكر أنه أرانا آياته فيه: أي في الحادث، و هو قوله تعالى: "سنريهِمْ آياتنا فِي الْآفاقِ وفي أنْـفُسِهِمْ حتّى يتبيّن لهُمْ أنّهُ الحق أو لمْ يكْفِ بربِّك أنّهُ على كُل شيْءٍ شهِيدٌ" [ فصلت: 53]، 
فأحالنا على الآفاق وهو ما خرج عنا من الحوادث وعلى أنفسنا، وهو ما نحن عليه وبه من حيث الحدوث .
قال تعالى: "وفي أنْـفُسِكُمْ أفلا تُـبْصِرُون" [ الذاريات: 21]، فإذا وقفنا، وعثرنا على الأمرين معا حينئذ عرفناه، فتبين لنا أنه الحق .
قال صاحب ذوق :
في كلّ شيء له آية    .....   تدلّ على أنه واحد
و العارف يقول في هذا المقام: ففي كل شيء لذاته تدل على أنه عينه، و لكن دلالة الأمرين: أي الآفاق والأنفس مجموعا أتم و أعلى لحكمة سيظهرها لك إن شاء الله تعالى .
و هي: أنا إذا نظرنا في نفوسنا ابتداء لم نعلم هي يعطي النظر فيها ما يعطي النظر في الآفاق علما بالله أم لا يعطيه نفوسنا، فإذا نظرنا في نفوسنا حصل لنا من العلم به ما يحصل للناظر في الآفاق، فإذا نظرنا جميعا ظهرت لنا حقيقة الأمر بلا مراء و شك، فافهم .
و أما الشارع صلى الله عليه و سلم فلما علم أن النفس جامعة لحقائق العلم فإنها مختصّة و منتخبة منه فجمعك عليك حرصا منه على كمال أمته كما شهد الله تعالى .
فقال تعالى: "حريصٌ عليْكُمْ" [ التوبة: 128] حتى تقرب الدلالة فتقول معجلا بالعلم بالله، فتستعد لمعرفته بك .
فقال صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه وأعرفكم بنفسه أعرفكم بربه".
فإنه عليه السلام أحالك على نفسك لما علم أنك ستكون من المتبعين المحبين المحبوبين فيكون الحق قوّاك، فتعلمه به لا بك .
وهذا السوق من ذوق قوله صلى الله عليه وسلم : "لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الخبر عني، فيقول: اتل عليّ به قرآنا إنه والله بمثل القرآن وأكثر" .

ذكره رضي الله عنه في باب تاسع عشر و خمسمائة من الفتوحات :
و قال رضي الله عنه: أو أكثر في رفع المنزلة، و في رواية: "أيحسب أحدكم متكئا على أريكته أن الله تعالى لم يحرم شيئا إلا ما في هذا القرآن إلا و أني و الله قد أمرت و وعظت و نهيت عن أشياء إنها كمثل القرآن أو أكثر"  الحديث رواه أبو داود، و البيهقي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه .
و أما الحق تعالى فذكر الآفاق حذرا عليك ما ذكرناه أنه قد بقي في الآفاق ما يعطي من العلم باللّه ما لا تعطيه نفسك، فأحالك على الآفاق .
فإذا عرفت عين الدلالة منه على الله تعالى ثم نظرت في نفسك من العلم بالله فلم يبق لك شبهة تدخل عليك فتطابق الأصلين، و تقرأ الكتابين فلا يخرج  شيء من البين، فافهم .

قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : [ فاستدللنا بنا عليه فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف إلا الوجوب الذاتي الخاص،]
قال الشارح رحمه الله :
و ليس إلا افتقارنا إليه في الوجود و توقف وجودنا عليه لإمكاننا و غناه عن مثل ما افتقرنا إليه .
فاستدللنا بنا عليه، قال الله تعالى: "وفي أنْـفُسِكُمْ أ فلا تُـبْصِرُون" [ الذاريات : . [21
و قال صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه".
فاستدللنا بأنفسنا عليه فإنه ما ظهر إلا بنا، و ما بطن إلا بنا، و ما صحّت الأولية إلا بنا، و ما ثبتت الآخرية إلا بنا، فإنا كل شيء وهو بنا عليم.
ذكره رضي الله عنه في الخزائن من "الفتوحات".
إن من أعجب العجاب أن بالإنسان استتر الأمر فلم يشهدوا وبالإنسان ظهر حتى عرف فجمع الإنسان بين حجاب وظهور، فهو المظهر الساتر المعروف المتنكّر.
قال الشيخ عبد الله الأنصاري قدّس سره في بعض مناجاته: إلهي ما فعلت في أوليائك كل من طلبهم وجدك، و من لم يركما عرفهم صيرتني مرآة من يبغيك، من يراني يراك و أرباب الحجاب .
قلت فيهم: "وتراهُمْ ينْظرُون إليْك وهُمْ لا يـبْصِرُون" [ الأعراف: 198] انتهى كلامه قدّس سره.
قال رضي الله عنه: إن أصل وجود العلم بالله العلم بالنفس، فالعلم بالله حكم العلم بالنفس الذي هو أصله، و العلم بالنفس بحر لا ساحل له عند العلماء بالنفس، فلا يتناهى العلم بالله .
أما ترى قوله صلى الله عليه و سلم : "من عرف نفسه فقد عرف ربه" .
إمّا أحال المحال على المحال، و إمّا حقق أنه من عرف الأصل فقد عرف الفرع و هما محتملان من محتملات معاني كلمة جوامع الكلم، فافهم هذا الذي أحلناه يعطيك استعداد الكشف الإلهي .
قال رضي الله عنه: ذهب بعض أصحاب الأفكار إلى أن العلم بالله أصل في العلم بالنفس و لا يصح ذلك أبدا في علم الحق خاصة و هو مقدم، و أصل بالمرتبة لا بالوجود فإنه بالوجود عين علمه بنفسه عين بالعالم إلا بأمر زائد، و إن كان بالرتبة أصل فما هو بالوجود .
كما يقول صاحب النظر العقلي في تقدم العلة على المعلول: إذا تساويا في الوجود كحركة اليد و حركة المفتاح، فمعلوم أن رتبة العلة مقدّم على رتبة المعلول عقلا لا وجودا.

و كذلك المتضايفان من حيث ما هما متضايفان و هو أتم فيما يزيد فإن  كل واحد منهما علة و معلول لمن قامت به الإضافة، فكل واحد علة لمن هو له معلول، و معلول لمن هو له علة، و من حيث أعيانهما لا علة و لا معلول، فافهم .
( فما وصفناه بوصف) و إنما قال رضي الله عنه: بوصف، و ما قال: بصفة للنكتة التي قد ذكرناها سابقا و هي: إن الصفة يعقل منها أمر زائد و عين زائدة، و الوصف ليس كذلك بل هو نسبة خاصة لا عين لها هكذا ذكره رضي الله عنه في »الفتوحات« .
( إلا كنا نحن ذلك الوصف) لأن ذواتنا أوصاف قائمة على عين واحدة .
قال تعالى إشارة إلى ذلك المقام: "هُمْ درجاتٌ عِنْد اللّهِ" [ آل عمران: 163]
و لم يقل: لهم درجات، فجعلهم أعيان الدرجات لأنهم كلمات الكمالات الذاتية و اعيانها .
قال رضي الله عنه: إني رأيت الشيخ أبا أحمد قدّس سره بمرسيه، و سأله إنسان عن اسم الله الأعظم، فرماه بحصاة يشير إليه أنك اسم الله الأعظم.
فإذا رأيت المدّعي يثني على الله بأسمائه التنزيهية و التشبيهية و لا شاهدها و لا حسّ آثار الحق فيه، و من عمي عن نفسه التي هي أقرب إليه، فهو عن غيره أعمى و أضل سبيلا فافهم.
ذكره رضي الله عنه في الباب الثامن و الثلاثين و مائتين من "الفتوحات" .

( إلا الوجوب الخاص الذاتي) لا العام الشامل للوجوب بالصبر، فإنه يتصف الحادث و الصفات فإنه ما  وصفنا به و ما كنا بذلك لأنه ذاتي و للكون و الجعل ليس فيه محال.
فافهم هذا المبهم حتى تفرق بين اليهم و المبهم، أظهر و أخفى، عرا و كسا، حسبنا الله و كفى كما هو عادة الأمناء الأدباء يفهمه من يفهمه، و يجهله من يجهله .
لأننا من حيث عياننا ما نظهر بهذا الوصف، فإنه وصف خاص ذاتي للقديم الذي له الغناء الذاتي و الممكن في كل حال عدمه و وجوده.
مفتقر محتاج احتياج الفرع إلى الأصل، أصل الوجود مرة و افتقار استمراره أخرى، فلا يزال فقيرا محتاجا في حال عدمه و وجوده، بل الإمكان حكم وهمي لا معقول لا في الإلهيات، و لا في المسمّى ممكنا فإنه لا يعقل هذا المسمى أبدا ألا من حجاب حالة اختيار لا يعقل إلا و لا ترجيح .
و هذا غير واقع عقلا لكن يقع وهما و الوهم حكم عدمي فما ثم إلا واجب بذاته و واجب به، فمشيئة الأشياء واحدة و إذا زال الإمكان زال الاختيار، و ما بقى سوى عين واحدة و ما عندها إلا أمر واحد في الأشياء كلمح البصر.
ذكر هذه المسألة في الباب الثامن و الستين و ثلاثمائة من "الفتوحات" فافهم .
فإني أردفت لك أصلا بعد أصل، أرداف رمز بعد رمز، و إشارة بعد إشارة و سوقنا في سوق البيان و على أرض العبارة ممهدة "لا ترى فيها عوجا و لا أمتا" حرجا "فارجع البصر هل ترى من تفاوت، ثم ارجع البصر كرتين هل ترى من فطور" فافهم .
.


واتساب

No comments:

Post a Comment