Wednesday, July 10, 2019

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله


02 - The Wisdom Of Expiration In The Word Of SETH

الفقرة الخامسة:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده.
فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، و إِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا و إِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا.)
قال الشيخ رضي الله عنه : "و من هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال و لا للإمكان، وإنما يسأل امتثالا لأمر الله في قوله تعالى: «ادعوني أستجب لكم». فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معين أو غير معين، وإنما همته في امتثال أوامر سيده. فإذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتلي أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم الله تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه الله عنهم. و التعجيل بالمسئول فيه و الإبطاء للقدر المعين له عند الله. فإذا وافق السؤال الوقت أسرع بالإجابة، و إذا تأخر الوقت إما في الدنيا و إما إلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبيك من الله فافهم هذا."
ومن هذا الصنف الثاني (من يسأل) ربه حاجة (لا للاستعجال) الذي خلق عليه العبد كما في الصنف الأول من أصناف السائلين (ولا للإمكان)، أي إمكان أن يكون حصول حاجته موقوفا على السؤال لعلمه أن ثمة أمورة لا تنال إلا بعد سؤال، فيحتاط في حاجته لاحتمال أن تكون من هذه الأمور، وهو الصنف الثاني من أصناف السائلين (وإنما يسأل) من ربه حاجته (امتثالا)، أي لأجل الامتثال اللازم عليه (لأمر الله) تعالى (في قوله تعالى: "أدعوني") أي اسألوا مني حوائجكم (" أستجب لكم") 60 سورة غافر .
أي أعطيكم ما سألتموه مني (فهو)، أي هذا السائل الذي إنما يسأل امتثالا لأمر الله تعالى (العبد) لله تعالى (المحض)، أي الخالص من شائبة الغرض النفساني حيث كان سؤاله قياما بما أمره الله تعالى به لا استعجالا بحاجته، ولا لاحتمال أن تكون حاجته موقوفة على السؤال لعلمه أن بعض الأمور كذلك، فغرضه في الحقيقة امتثال للأمر لا حصول حاجته.
ولهذا قال: (وليس لهذا الداعی) المذكور (همة متعلقة فيما يسأل) الله تعالى (فيه من أمر معین) عنده من الحاجة الفلانية أو الغرض الفلاني دنيوية أو أخروية (أو غیر معین) من ذلك (وإنما همته في امتثال أوامر سيده) التي أمره بها من جميع العبادات ، الدعاء بحوائجه وغير ذلك، فإن الأمر بالدعاء أمر غير موقت بوقت فهو موکول إلى الداعي.
(فإذا اقتضى الحال) الذي يكون فيه ذلك السائل بحسب ما يجده في قلبه من الإقبال على السؤال بطريق الإلهام من الله تعالى (السؤال)، أي الدعاء بحاجته يكون ذلك الاقتضاء الحالي إذنا من الله تعالى له بالسؤال وتعيينا منه تعالى لوقته المطلق
(فسأل) حينئذ من ربه حاجته ولا يصبر على فقدها (عبودية) منه لله تعالى (وإذا اقتضى الحال) في وقت آخر (التفويض) إلى الله تعالى والصبر على فقد حاجته
بالوجدان القلبي إلهاما له من الله تعالى بذلك (والسكوت) عن السؤال بحاجته (سکت) عنها ولم يسأل الله تعالى فيها .
(فقد ابتلي) أي ابتلاء الله تعالى (أيوب) النبي عليه السلام بما ابتلاه به (و) كذلك (غيره) من الأنبياء عليهم السلام وغيرهم (وما سألوا) الله تعالى (رفع)، أي إزالة (ما ابتلاهم الله) تعالى (به) عنهم بل اقتضاها لهم في الغالب التفويض.
التفويض إلى الله تعالى والسكوت عن السؤال في رفع ذلك عنهم اشتغالا منهم بالله تعالى عن التفرغ لذلك (ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر) إذا التفتوا إلى ذلك البلاء، فوجوده يقتضي إظهار الذل والافتقار والطلب من الله تعالی برفعه ومعاناتهم من (أن يسألوا) منه تعالى (رفع ذلك البلاء عنهم فسألوه) وهو قول أيوب عليه السلام: رب "أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (83)" سورة الأنبياء.
وقول نبينا صلى الله عليه وسلم: «إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض بعد هذا اليوم».
ودعاؤه عليه السلام على رعل وذكوان بعد احتمال أذاهم ودعائه على بعض المنافقين.
وكذلك قول نوح عليه السلام في قومه بعد احتمالهم مدة طويلة: "وَقَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26)" سورة نوح. (فرفعه)، أي أزال ذلك (الله) تعالى (عنهم) إجابة لدعائهم.
(والتعجيل)، أي الإسراع من الله تعالى (بالمسؤول فيه) من حاجات العبد (والإبطاء)، أي التأخير في ذلك إنما هو موکول (للقدر)، أي التقدير الإلهي المعين من الأزل (له)، أي لذلك الأمر المسؤول فيه من حاجات العبد (عند الله) تعالى فإنه تعالى يقول: " وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)" سورة الحجر.
فالسؤال لذلك الشيء من جملة ذلك الشيء عند الله، فإذا تزل الله تعالى السؤال على عبد نزل من ذلك الشيء المسؤول فيه جزء بقدر معلوم، والباقي منه له قدر معلوم آخر ينزل فيه، وذلك القدر المعلوم قد يكون قريبا وقد يكون بعيدا، والذي قدره يعلمه ولهذا سماه قدرا معلوما، وقال تعالى: "قد جعل الله لكل شيء قدرا " 3 سورة الطلاق
أي مقدارة يكون فيه لا يزيد منه ولا ينقص وقال تعالى: "إنا كل شئ خلقناه بقدر" 49 سورة القمر. وقال : "وخلق كل شيء فقدره تقديرا"سورة الفرقان.
إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ظهور الشيء بقدره الذي قدر له من الأزل لا يتأخر عنه ولا يتقدم عليه زمانا ولا مكانا ولا جسمانا.
(فإذا وافق السؤال) الصادر من العبد ذلك (الوقت) المعين له عند الله تعالی (أسرع) الله تعالى (بالإجابة) لذلك العبد في قضاء حاجته فقضيت من غير تأخير، وقلوب الصالحين قد تحس بوقت الإجابة المعين في علم الله تعالى إحساسا مستندة إلى إلهام أو غيره من نطق حرف قرآني أو إشارة كونية ونحو ذلك.
فلا يدعون الله تعالى إلا في ذلك الوقت المعين فتسرع لهم الإجابة من الله تعالی لعين ما سألوه، فيقال: فلان مستجاب الدعوة، وإذا أحس ببعد ذلك الوقت المعين لا يدعو الله تعالی فيقال عنه : لو دعا الله تعالى، لأجيب ولكنه ما دعا فلم يجب، والأمر على ما ذكرنا في نفس العارف به دون الجاهل.
(وإذا تأخر الوقت) المعين عند الله تعالی لوجود المسؤول فيه (إما في الدنيا) بأن تأخر عن وقت السؤال بسنة أو أقل أو أكثر ثم وجد فوجد المسؤول فيه (وإما في الآخرة) بأن تأخر عن الدنيا فكان وقت السؤال في الدنيا ووقت الإجابة في الآخرة
تأخرت الإجابة الفعلية من الله تعالى عن ذلك السؤال لتأخر وقتها المقدر لها من الأزل.
فإن كل شيء له وقت معلوم عند الله تعالى لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه، ولا بد أن يكون ذلك الشيء فيه حكمة إلهية أزلية.
قال تعالى: "ما يبدل القول لدى"29 سورة ق.
وذلك لأن قوله قديم، والقديم لا يتغير إذ لو تغیر کان حادثة (أي) تفسير للإجابة التي تتأخر حصول (المسؤول فيه) الذي هو مراد السائل (لا) تتأخر
(الإجابة) القولية (التي هي) قول (لبيك) تثنية لب يقال : لباه إذا أجابه يلبيه لبأ وتلبية ، يعني إجابة بعد إجابة .
وهي الإجابة القولية ثم الإجابة الفعلية (من الله) تعالی لذلك العبد السائل، بل هي حاصلة منه تعالى بعد كل السؤال من غير تأخير البتة كما وردت به الأخبار (فافهم) يا أيها المريد (هذا الكلام)، ولا يشكل عليك بعده معنى الإجابة الموجود بها كل سائل في قوله تعالى:أدعوني أستجب لكم " 60 سورة غافر. وغير ذلك من الآيات والأحاديث.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده.
فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، و إِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا و إِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا).
ففي بمعنی من (ومن هذا الصنف) أي ومن الصنف الثاني من يسأل لا للاستعجال ولا للإمكان وإنما بسال امتثالا لأمر الله .
في قوله: " ادعوني أستجب لكم " فهو (العبد المحض) التام في العبودية .
(وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما بسأل فيه من معين أو غير معين) حتى يسأل للاستعجال وللإمكان (وإنما همته) بسؤاله لفظة (في امتثال أوامر سیده).
و هيهات بين السائل للإمكان وبينه في رتبة العلم.
(فإذا اقتضى الحال) أي التجلي الإلهي الحاكم عليه في ذلك وقت (السؤال) اللفظي (سأل) أي طلب المأمور به (عبودية) لا لغرض من أغراضه النفسية .
وإذا اقتضى الحال (التفويض) أمره إلى الله فوض (و) إن اقتضى الحال (السكوت) عن طلب ما يحتاج إليه (سكت فقد ابتلى أيوب وغيره وما سئلوا رفع ما ابتلاهم الله به) مع شدة احتياجهم في ذلك الزمان رفع ما ابتلاهم الله تعالی به لاقتضاء حالهم السكون في ذلك الزمان .
(ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا) من الله (رفع ذلك) فيما ابتلي نسألوا امتثالا لأمر الله (فرفعه الله تعالى عنهم) أي أجاب الله عنهم سؤالهم .
فكانوا داخلين تحت حكومة الحال في الوقت وتابعون إليه في السؤال وعدمه .
فكان سكوتهم وسؤالهم لفظة امتثالا لأمر الله لعلمهم بالحال وبما يقتضيه من أمر الله منهم .
فهم سائلون بالسؤال اللفظي وقتا وغير سائلين وقتا .
فدل ذلك على أن أيوب ومن كان على حاله من هذا الصنف من أهل الحضور لا من الصنف الذي سيذكر .
وأما دعاء نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بقوله: "اللهم اجعل لي في قلبي نورا" الحديث وهو من دخول جميع العوالم فلا اختصاص له بصنف دون صنف.
كما قال : "أفلا أكون عبدا شكورا" (والتعجيل بالمسؤول فيه والابطاء) سواء سال استعجالا أو احتياطا أو امتثالا وسواء كان سؤالا معينا أو غير معين للقدر
(المعين له عند الله) أي لأجل تقدير الله بالمسؤول فيه بوقت معين من الأوقات. الأمور مرهونة بأوقاتها : (فإذا وافق السؤال الوقت) المعين للمسؤول فيه (أسرع بالإجابة) أي وقع مسؤول فيه في الحال.
(وإذا تأخر الوقت إما في الدنيا وإما في الآخرة تأخرت الإجابة أي المسؤول فيه إلى) وقت معين (لا) تأخرت (الإجابة التي هي لبيك من الله) إذا دعا العبد ربه شيئا فقال الله تعالی: لبيك يا عبدي فإن هذه الإجابة تقع في الحال قوله : (فافهم هذا) إشارة إلى أن من دعي من الله شيئا
فقال الله : لبيك يدل على قبول مراده من الله وأن عدم مسألته الآن لعدم حصول وقته.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده.
فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، و إِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا و إِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا.)
قوله رضي الله عنه : "وهم صنفان صنف يعلمون من قبولهم استعدادهم، وصنف يعلمون من استعدادهم ما يقبلونه هذا أتم ما يكون في معرفة الاستعداد في هذا الصنف."
ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإمكان، وإنما يسأل امتثالا لأمر الله في قوله تعالى: "ادعوني أستجب لکم" (غافر: 60).
فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعی همة متعلقة فيما سأل فيه من معين أو غير معين، وإنما همته في امتثال أوامر سیده.
فإذا اقتضى الحال السؤال سأل سؤال عبودية وإذا اقتضى التفويض والسكوت سكت فقد ابتلى أيوب، عليه السلام، وغيره وما سألوا رفع ما ابتلاهم الله تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك، فسألوا فرفعه الله تعالی عنهم.
والتعجيل بالمسئول فيه والابطاء للقدر المعين له عند الله.
وإذا وافق السؤال الوقت أسرع بالإجابة، وإذا تأخر الوقت إما في الدنيا وإما في الآخرة، تأخرت الإجابة أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبيك من الله تعالى فافهم هذا."
قلت: يعني أن قوما يستدلون بالأثر على المؤثر وقوما بالعکس.
قوله: "فهو العبد المحض."
قلت: يعني أن السؤال عبادة لكن على أهل الحجاب وأما أهل الشهود، فلا يسئلون أصلا .
وقد ورد في بعض المناجاة: «یا عبد طلبك مني وأنت لا تراني عبادة، وطلبك مني وأنت ترانی استهزاء» وما بعد هذا فهو مفهوم إلى قوله وأما القسم الثاني.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده.
فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، و إِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا و إِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا.)
قال رضي الله عنه : ( ومن هذا الصنف ) أي الذين لا يعلمون حال السؤال استعدادهم ولا علم الحق فيهم
من يسأل لا للاستعجال ولا للإمكان ، وإنّما يسأل امتثالا لأمر الله
في قوله : " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُم" ، فهو العبد المحض .
وليس لهذا الداعي همّة متعلَّقة فيما يسأل فيه من معيّن أو غير معيّن ، وإنّما همّته في امتثال أوامر سيّده ، فإذا اقتضى الحال السؤال ، سأل عبودية ، وإذا اقتضى التفويض والسكوت ، سكت .
فقد ابتلي أيّوب عليه السّلام وغيره وما سألوا رفع ما ابتلاهم الله به ، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك ، فرفعه الله عنهم ) .
قال العبد : هؤلاء عبيد الله الصدّيقون لا يسألون إذا سألوا معيّنا أو غيره استعجالا طبيعيا ، ولا احتياطا رغبة فيما رغبوا به أعني أهل الاحتياط أن يعطيهم الله ذلك لعلمهم بأن لا ينال ذلك إلَّا بالسؤال .
بل سؤالهم امتثال لأمر الله إيّاهم في قوله : "ادْعُونِي " ،حتى أنّ همّتهم غير متعلَّقة بالاستجابة إلَّا إذا كان مراد الله إجابتهم والسؤال.
لكنّهم يدعون الله لمّا أمرهم أن يدعوه لا غير ، فإن أجاب يلقوه بالشكر وبما يجب أن يتلقّوه به ، وإن لم يجبهم علموا أنّ المراد هو الدعاء .
فإن حصلت الإجابة ، علموا بالحال استعدادهم ، وإن لم يجابوا علموا تأخّر لسان الاستعداد إلى وقت آخر ، فأخّروا السؤال إلى ذلك الوقت وقدمّوه كذلك لوقته في الحال الحاضر.
وإن كان القسم الثاني من أهل الاستعداد والعلم به والعلم بالحال من استعداده قد يسأل الله مع علمه باستعداده لما هو أهل له في كل حال امتثالا مع علمه بوقوع المسؤول واقتران الاستعداد الحالي للسؤال .
ولكن لا يقصد الإجابة ، ولا يعلَّق همّته بالوقوع ، بل همّته امتثال أوامر الله ونواهيه ، فهو العبد المحض وهذا الصنف أكمل ممّن تقدّمه ، فافهم .
وإذا اقتضى الحال السؤال ، وأحسّ أنّ المراد الإلهي هو الدعاء والسؤال ، دعا وسأل عبودية ورقّا وامتثالا ، وإن عرف من استعداده الحالي أنّ الابتلاء تمحيص وتكميل ورضوان من الله ، صبر وفوّض إلى الله وسكت عالما بأنّ الله لا يبقى عليه حكم حضرة القهر والجلال دائما .
بل لا بدّ من اضمحلال آثار القهر العرضي في اللطف والرحمة الذاتيين من قوله : « سبقت رحمتي غضبي » فيمن يغضب عليه ، ولا سيّما في حق من سبقت رحمة الله به أزلا بكمال القيام في حقّه ، مثل أيّوب عليه السّلام صبر ولم يسأل رفع الضير عنه ابتداء ، لعلمه بالحال والاستعداد الحالي.
وكذلك كلّ محنة وابتلاء يبتلي به الله عباده ليس من باب القهر المحض فإنّها رحمة خاصّة ونعمة في صورة محنة ونقمة ، لا يرغب فيها إلَّا العلماء بمراد الله وعلمه والمطَّلعون على سرّ القدر .
فإذا علموا وصول أوان انفصال الضرّاء والبأساء ، وحصول زمان اتّصال الرخاء والسرّاء ، دعووا الله تعالى ، فرفع عنهم الضرّ ، وبدّل لهم باليسر العسر .
تبرّيا عن توهّم المقاومة والمقاواة للقهر الإلهي في عدم السؤال والمداواة ، فكانوا في حالتي السؤال وعدم السؤال عباد الله الأدباء الناظرين إلى أمر الله وحكمه بموجب إرادته وعلمه .
قال الشيخ رضي الله عنه : " والتعجيل بالمسؤول فيه والإبطاء للقدر المعيّن له عند الله ، فإذا وافق السؤال الوقت أسرع بالإجابة ، وإذا تأخّر الوقت إمّا في الدنيا وإمّا في الآخرة ، تأخّرت الإجابة أي المسؤول فيه ، لا الإجابة التي هي لبّيك من الله .فافهم هذا».
قال العبد : اعلم : أنّ كل سؤال يسأله العبد من الله فلا بدّ وأن يجيبه فيه لا محالة وقد أوجب على نفسه الإجابة بقوله : “ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ “ وأنّه لا أوفى من الله بعهده ووعده ، فإذا دعاه العبد ، أجابه في الحال بلبّيك ، وذلك في مقابلة ما يلبّى العبد إذا دعاه .
ولكنّ الله تعالى إذا علم من العبد تأخّر ظهور الاستعداد الحالي عن حصول المسؤول ، بادره الله في الحال بما يعينه على كمال القابلية والاستعداد ، وبعده لقبول تجلَّي الإجابة في عين المسؤول وذلك لعدم موافقة الاستعداد وقت السؤال .
فإذا جاء الوقت المقدّر لحصول عين المسؤول ، ووافقه السؤال ، أجيب في الحال ، فالإجابة إذن من أوّل وقت السؤال أيّ سؤال كان ، ومن أيّ سائل كان واجبة الوقوع من الله ، ولكن ظهور حكمها عند السائل بقدر استعداده وقابليّته ، وأوان ظهور حكم الإجابة إنّما هو في إعداده وإمداده تكميل استعداده لظهور المسؤول المأمول .  
وإذا علم الله من العبد كمال الاستعداد في السؤال بلسانه الحالي والذاتي والاستعدادي قبل سؤاله بلسانه الشخصي ، بعثه على السؤال ، وأجابه في الحال ، فمن لم يعثر على هذا السرّ ظنّ أنّ سؤال بعض العبيد لا تتأخّر عنه الإجابة والبعض غير مجاب.
وليس الأمر كما ظنّ ، بل كان دعاء كلّ داع يدعو الله في شيء فإنّه مجاب ، ولكنّ الأمر كما أمر الله تعالى " وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ الله " 38 سورة الرعد .
وهو الكمال الثاني والقابلية والاستعداد ، " فَإِذا جاءَ أَمْرُ الله قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْمُبْطِلُونَ " 78 سورة غافر.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده.
فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام وغيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، وإِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا وإِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا.)
قال الشيخ رضي الله عنه: " ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإمكان وإنما يسأل امتثالا لأمر الله في قوله تعالى : " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ " فهو العبد المحض وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما يسأل فيه من معين أو غير معين ، وإنما همته في امتثال أوامر سيده ، فإذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية وإذا اقتضى التفويض والسكوت سكت ، فقد ابتلى أيوب وغيره وما سألوه رفع ما ابتلاهم الله به ، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه الله عنهم ".
أي ومن القسم الأول الذي عطاؤه عن السؤال صنف ثالث يسأل لا للاستعجال الطبيعي أي للعجلة التي هي مقتضى الطبيعة البشرية وداعية الهوى النفساني .
ولا للإمكان أي لأنه يمكن أن يكون المسئول موقوفا على السؤال بأن الله علقه بسؤال بل سأل الله امتثالا لأمره ، فإن العبد مأمور بالسؤال والدعاء.
كما قال تعالى : " ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ".
فغرض هذا العبد من السؤال ليس إلا العبادة لا المسئول ولا الإجابة .
فلا يتمنى الإجابة فهو عبد محض ، إذ ليست همته في دعائه متعلقة بشيء معين يطلبه أو غير معين بل امتثال أوامر سيده ، والباقي ظاهر .
إلى قوله: ( والتعجيل بالمسئول فيه والإبطاء للقدر المعين له عند الله ) أي التعجيل في الإجابة وإنجاح المطلوب والتأخير فيه إنما يكون للقدر المعين ، أي للأجل المسمى الذي عين وجود ذلك المطلوب عند الله فيه .
فالتعجيل مبتدأ والإبطاء عطف عليه وخبره للقدر ، أي التعجيل والإبطاء ثابت للقدر المعين والوقت المسمى عند الله .
فإن لكل حادث وقتا معينا عند الله يقارنه في اللوح القدري ، لا يتأخر عنه ولا يتقدم عليه
( فإذا وافق السؤال الوقت أسرع بالإجابة وإذا تأخر الوقت ) أي وقته المقدر الذي هو فيه.
( إما في الدنيا وإما في الآخرة ، تأخرت الإجابة ) أي المسئول فيه إلى ذلك الوقت ( لا الإجابة التي هي لبيك من الله فافهم هذا ) .
والمراد بالإجابة الإجابة بالفعل وهو حصول المسئول ، لا الإجابة بالقول الذي هو لبيك .
فقد يكون العبد محبوبا إلى الله ويجيب سؤاله بلبيك .
ولا يجيبه بإعطاء ما سأل لما يرى له من المصلحة في التأخير كما قدر مع أنه يحب سؤاله ودعاءه ويزيد في قربه وكرامته ويسمع إليه ويرضاه .
ولهذا قال فافهم هذا فقد يحب الله العبد ويجيب سؤاله ، ولا يعطيه المسئول لحبه له .
وقد يعطيه ولا يحبه بل يستدرجه.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده.
فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، وإِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا وإِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا.)
قال رضي الله عنه :  "في كتاب مرقوم يشهده المقربون". وهذا الكامل هو الذي يقدر على تكميل غيره من المريدين والطالبين.
(ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإمكان، و إنما يسأل امتثالا لأمر الله في قوله تعالى: "أدعوني أستجب لكم".
فهو العبد المحض أي، هو العبد التام في العبودية الممتثلين لأوامره كلها من غير شوب من الحظوظ، لأنه بحضوره دائما يعرف استعداده وما يفيض من الحق من التجليات بحسب استعداده عليه، فيكون سؤاله لفظا امتثالا لأمره تعالى كما مر.
(وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما يسأل منه من معين أو غير معين، وإنما همته في امتثال أوامر سيده) لأنه منزه عن طلب غير الحق من المطالب الدنياوية والأخراوية، بل نظره على الحق جمعا في مقام وحدته، وتفصيلا في مظاهره.
(فإذا اقتضى الحال السؤال) أي اللفظي. (يسأل عبودية، وإذا اقتضى) أي الحال.
(التفويض والسكوت، سكت. فقد ابتلى أيوب وغيره وما سألوا رفع ما ابتلاهم الله به. ثم اقتضى لهم الحال) أي اقتضى حالهم.
(في زمان آخر أن يسألوه رفع ذلك، فسألوا، فرفعه الله عنهم). ظاهر.
(والتعجيل بالمسؤول فيه والإبطاء للقدر المعين له) أي، للمسؤول فيه.
(عند الله). أي، التعجيل في الإجابة والإبطاء فيها إنما هو للقدر، أي، لأجل القدر المعين وقته في علم الله وتقديره كذلك.
فقوله: (للقدر) خبر المبتدأ وهو (التعجيل.)
(فإذا وافق السؤال الوقت أسرع بالإجابة) أي، حصول المسؤول في الحال.
(وإذا تأخر الوقت) أي، وقت حصول المسؤول.
(إما في الدنيا) كالمطالب الدنياوية إذا تأخرت إجابتها.
(وإما في الآخرة) كالمطالب الأخراوية.
(تأخرت الإجابة، أي المسؤول فيه) إلى حصول وقتها. (لا الإجابة التي هي لبيكمن الله، فافهم هذا). إشارة إلى ما جاء في الحديث الصحيح: (إن العبد إذا دعاربه، يقول الله : لبيك يا عبدي). في الحال من غير تأخر عن وقت الدعاء. ومعنى (لبيك) من الله ليس إلا إجابة المسؤول في الحال، لكن ظهوره موقوف إلى الوقت المقدر له.
بل الحق تعالى ما يلقى في قلب العبد الدعاء والطلب إلا للإجابة، لذلك قال: (لا الإجابة التي هي لبيك من الله.).

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده.
فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، وإِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا وإِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا.)
قال الشيخ رضي الله عنه: "ومن هذا الصنف" أي: صنف أهل الحضور الذين يعلمون من استعدادهم ما يقبلونه يدل على هذا التقييد مع قرب الإشارة قوله: فيما بعد فإذا اقتضى الحال السؤال سأل ووجه التخصيص بهم أن سؤالهم لما كان بالعبودية.
فلا بد أن يعلموا ما يتعبدون به في كل حال (من يسأل لا للاستعجال) لكونه من أهل التركية والحضور (ولا للإمكان) أي: إمكان توقف المسئول على السؤال؛ لأنه وافق ما يقبله من استعداده، (وإنما يسأل امتثالا لأمر الله) المخصوص بذلك الوقت باعتبار ما علم من استعداده الخاص أنه متعبد به في ذلك الوقت، وذلك الأمر هو المذكور في قوله: " ادعوني أستجب لكم " [غافر:60]).
وإنما خصصناه مع عمومه لما يذكر بعد (فهو العبد المحض) "أي الخالص عن شوب الربوبية، وليس لهذا الداعي همة داعية متعلقة فيما يسأل فيه من معين أو غير معين وإنما همته في امتثال أوامر سیده."، أما كونه عبدا؛ فلان الدعاء مخ العبادة، وأما كونه محضا؛ فلانه (ليس هذا الداعي همة متعلقة فيما يسأل فيه) سواء كان مسئولة (من معين أو غير معين) بخلاف من تقدم.
فإنه يقصد في المعين ذلك المعين من حيث هو، وفي غيره إعانة مصلحة نفسه فهو عبد لذلك المعين ولمصالح نفسه، وهذا ليس كذلك؛ لأنه (إنما همته) في المعين وغيره (في امتثال أوامر سيده)، وإنما جمع لأوامر؛ ليشير إلى وجه تخصيص الأمر بالدعاء بوقت خاص إذ لا بد من ذلك عند ازدحام الأوامر الكثيرة، ويعرف ذلك التخصيص من يعلم القبول من الاستعداد.
فلذلك قال: (فإذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية)، وإن علم حصوله باستعداده مع أنه لا قصد له في الحصول أيضا، (وإن اقتضى التفويض والسكوت) عن السؤال (سكت).
قال رضي الله عنه : "فقد ابتلي أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم الله تعالى به،ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه الله عنهم.
والتعجيل بالمسئول فيه والإبطاء للقدر المعين له عند الله.
فإذا وافق السؤال الوقت أسرع بالإجابة، وإذا تأخر الوقت إما في الدنيا وإما إلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبيك من الله فافهم هذا."

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». 
فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده. فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، وإِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا وإِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا
.
)
قال رضي الله عنه : (ومن هذا الصنف) أي السائلين الحاضرين (من يسأل لا للاستعجال ولا للإمكان ، وإنما يسأل امتثالا لأمر الله في قوله: " أدعوني أستجب لكم" فهو العبد المحض) الذي لايشوب صرافة عبودته بنسبة اختيار ، ولا إرادة مطلوب أو طلب مراد.
كما قيل : سقط اختياري مذ فني بحبكم    ….      عني ، فلا أرجو ولا أتطلب
ليس المحب حقيقة من يشتهي   ….    أو يشتكي ، أو يرتجي ، أو يرهب

قال رضي الله عنه : (وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه - من معين أو غير معين  وإنما همته في امتثال أوامر سیده ، فإذا اقتضى الحال السؤال ، سأل عبودية ، وإذا اقتضى التفويض والسكوت ، سکت) لأن أحوال هذا العبد إنما يجري على   مقتضى إرادة مولاه ، فكل ما يقتضيه حاله فهو مراد مولاه و مأموره.
ولذلك يستلذ به ، وإن كان مما ينافر طبعه ويؤلم نفسه كما قيل :
حسب المحب تلذذا بغرامه   ….    من كل ما يهوى وما يتطلب
خمر المحبة لا يشم نسيمها    ….  من كان في شيء سواها يرغب

وهذه المرتبة الامتثالية للسائلين تناسب طور النبوة ، فإنها كمال مرتبة العبودية التي هي أصل تلك المرتبة - على ما سيجيء تحقيقه - كما أن المرتبة الإمكانية لهم تناسب طور الولاية ، لأن أصله وباعثه العلم . "" أصله الأعلي النور الأزلي الساري بالحب لله فى الله و الصدق و الإخلاص لوجه لله ""
ولذلك قال: (فقد ابتلي أيوب وغيره ، وما سألوا رفع ما ابتلاهم الله به ، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك ، فرفعه الله عنهم) .
قال رضي الله عنه : ( والتعجيل بالمسؤول فيه و الإبطاء) ليس إلا (للقدر المعين له عند الله ). لادخل لدعاء العبد فيه أصلا  ( فإذا وافق السؤال الوقت أسرع بالإجابة ، وإذا تأخر الوقت - إما في الدنيا وإما إلى الآخرة - تأخرت الإجابة - أي المسؤول فيه ، لا الإجابة التي هي « لبيك » من الله - فافهم هنا).
فإنها لاتتخلف عن السؤال أصلا ، لأنه موعود بقوله :
" أجيب دعوة الداع إذا دعان». وقوله: "ادعوني أستجب لكم ". وقوله: " فاذكروني أذكركم ".

ولا يمكن له أن يخلف الوعد ، فإنه لا يقبل الحلف بالنسبة إليه - بخلاف الوعيد .
وأيضا فإن الوجود الكلامي و الصور الحرفية هي أقرب ما ينسب إليه صدور الآثار المسؤول عنها ، فلذلك ترى الحق إذا أراد الظهور بصورة الأثر قال : «کن» ، وبه ظهر العوالم والآثار ، فهي صاحب الأثر بالذات ، لايمكن أن يتخلف عنها ، وكأن قوله : « فافهم » إشارة إلى هذه الدقيقة .
فعلم أن أصناف السائلين - أقل ما يحصل من هذا التقسيم - خمسة ، وهم في التقسيم الأول الحاصل من قوله : "منها ما يكون عن سؤال ثمانية أقسام ، فالحاصل من المجموع یکون أربعين صنفا ، لكن الكتل منهم ثلاثة :
السائل بالإمكان .

 والعبد الممتثل .
والمطلع على مؤدي الاستعدادات ، العارف من نفس الاستعداد ما يقبله من الكمال .
هذا تمام الكلام في القسم الأول يعني السائلين .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ». فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده.
فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، وإِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا وإِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا.)
قال رضي الله عنه : "و من هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال و لا للإمكان، وإنما يسأل امتثالا لأمر الله في  قوله تعالى: «ادعوني أستجب لكم».
فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معين أو غير معين، وإنما همته في امتثال أوامر سيده.
فإذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية وإذا اقتضى التفويض والسكوت سكت فقد ابتلي أيوب عليه السلام وغيره وما سألوا رفع ما ابتلاهم الله تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه الله عنهم. والتعجيل بالمسئول فيه والإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه."
قال رضي الله عنه : (ومن هذا الصنف)، أي أهل الحضور المذكورين أو من الصنف الثاني منهم.وهو من يعلم من استعداده القبول.
فإن الصنف الأول لا سؤال له, فإن بعد العلم بقبوله المسؤول لا معقولية للسؤال (من يسأل لا للاستعجال) الطبيعي .
فإنه لا حكم للطبيعة على أهل الحضور (ولا للإمكان)، لأنه على يقين في حصول السؤال في الزمان الذي هو فيه وإنما يسأل امتثالا لأمر الله .
في قوله تعالى: "أدعوني أستجب لكم " (فهو العبد المحض) لله سبحانه ليس فيه شوب ربوبية ولا شائبة رقيه الأمر سواه.
(وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما يسأل فيه من) مسؤول (معين أو غير معين وإنما همته مصروفة في امتثال أوامر سيده) غير متجاوزة إلى مطلوب غيره.
فإنه لا مطلوب له سواه، ولا يطلب في الدارين إلا إياه .
قال رضي الله عنه : (فإذا اقتضى الحال السؤال) اللفظي (سال عبودية وإذا اقتضى التفويض)، أوكله الأمر إليه سبحانه.
(والسكوت) عن السؤال (سكت) عنه (فقد ابتلي أيوب عليه السلام وغيره) من الأنبياء والأولياء (وما سألوا رفع ما ابتلاهم الله به) أولا (ثم اقتضى لهم الحال) ثانيا .
(في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك)، أي رفع ما ابتلاهم به (فسألوا رفعه فرفعه الله عنهم والتعجيل بالمسؤول فيه)، أي الشيء الذي وقع السؤال في شأنه (والابطاء) إنما هو (للقدر المعين له).
قال رضي الله عنه : "فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، و إِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا و إِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا."
أي: تئوقت المقدر المعين المسؤول فيه (عند الله) لا دخل لدعاء العبد ربه أصلا (فإذا وافق السؤال)، أي وقته (الوقت) المقدر عند الله للإجابة بإعطاء السؤال فيه بأن يكون واحدة (أسرع) الله (سبحانه بالإجابة إذا تأخر الوقت).
أي حصل الوقت المقدر للإجابة متأخرة عن وقت السؤال (إما في الدنيا) كما إذا حصل الأمر المسؤول فيه في الدنيا (وإما في الآخرة) كما إذا حصل الأمر فيه في الآخرة.
(تأخرت الإجابة أي المسؤول فيه) يعين إجابة (لا الإجابة التي هي لبيك من الله سبحانه).
فإنها لا تتأخر عن السؤال لما جاء في الخبر الصحيح:
"إذا أحب الله عبدا أو أراد أن يصافيه؛ صب عليه البلاء صبا، وثجه عليه ثجا، فإذا دعا العبد قال: يا رباه!
قال الله: لبيك عبدي، لا تسألني شيئا إلا أعطيتك، إما أن أعجله لك، وإما أن أدخره لك".أورده المنذري في الترغيب والترهيب  وما بين الإجابتين من الالتباس، أردفه بقوله: (فافهم).
.

كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه :  (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإِمكان، وإِنما يسأل امتثالًا لأمر اللَّه في قوله تعالى: «ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ».  فهو العبد المحض، وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما سأل فيه من معيَّن أو غير معين، وإِنما همته في امتثال أوامر سيِّده.
فإِذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية و إِذا اقتضى التفويض و السكوت سكت فقد ابتُلِيَ أيوب عليه السلام و غيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم اللَّه تعالى به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفعه اللَّه عنهم.
و التعجيل بالمسئول‏ فيه‏ و الإبطاء للقَدَرِ المعين له عند اللَّه. فإِذا وافق السؤالُ الوقتَ أسرع بالإجابة، و إِذا تأخر الوقت إِما في الدنيا و إِما إِلى الآخرة تأخرت الإجابة: أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبَّيك من اللَّه فافهم هذا. )
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : ( ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال و لا للإمكان، وإنما يسأل امتثالا لأمر اللّه تعالى في قوله: ادْعوني أسْتجِبْ لكُمْ [ غافر: 60] فهو العبد المحض.
و ليس لهذا الداعي همة متعلقة في ما يسأل فيه من معين أو غير معين، وإنما همته في امتثال أوامر سيده  .بل نظره على الحق جمعا في مقام وحدته و تفصيلا في مظاهره، فإذا اقتضى الحال السؤال سأل عبودية، و إذا اقتضى التفويض و السكوت سكت .

فقد ابتلى أيوب وغيره و ما سألوا رفع ما ابتلاهم الله به، ثم اقتضى لهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فسألوا فرفعه الله عنهم. و التعجيل بالمسئول فيه و الإبطاء للقدر المعين له عند الله .)

قال الشارح رحمة الله :
( فهو العبد المحض ): أي الخالص عن شرب الربوبية، و ليس لهذا الداعي همة داعية متعلقة فيما يسأل فيه من معين أو غير معين و إنما همته في امتثال أوامر سيده .
و رأى إنه تعالى مدح طائفة بأنهم كانوا يدعونه رغبا و رهبا، و شكرهم على ذلك و خاطب نبيه و صفيه صلى الله عليه و سلم بقوله : " قل ما يعبأ بكم ربي لو لا دعائكم".
فإذا اقتضى الحال و الوقت و السؤال سأل عبودية، و إذا اقتضى التفويض والسكوت سكت .
قال تعالى حاكيا عن مؤمن آل فرعون: "وأفوضُ أمْري إلى اللّهِ " [ غافر: 44] .
والتفويض ردّ الأمر إلى صاحبه المدبر عند شهوده أن الحركة والسكون صادرة  عن الحق بلا واسطة، فيرى الحركة من اسمه الباسط و يشهد السكون من اسمه القابض، فافهم .
( فقد ابتلى أيوب عليه السلام و غيره) و ما سألوا رفع ما ابتلاهم الله به، ثم اقتضى فهم الحال في زمان آخر أن يسألوا رفع ذلك فرفع الله عنهم .
و هنا تفصيل آخر من حيث إجابة السؤال، فإن الإجابة على ضروب شتى إجابة في عين المسئول فيه و بذله على التعيين دون تأخير و تراخ أو بعد مدة .
و إجابة ثمرتها التفكر، و قد نبهت الشريعة على ذلك، و إجابة بلبيك أو ما يقوم مقامه و كل دعاء و سؤال يصدر من الداعي بلسان من الألسنة المذكورة في تقاسيم الأسئلة حسّب علم الداعي بالمسئول منه و المسئول فيه .
ولصحة التصور وجودة الاستحضار في القبول أثر عظيم اعتبره صلى الله عليه و سلم حيث حرض عليه عليا رضي الله عنه و كرم وجهه، لما علمه الدعاء و فيه: "اللهم اهدني و سدّدني."
فقال له: اذكر بهدايتك هداية الطريق، و بالسداد سداد السهم، فأمره باستحضار هذين الأمرين حال الدعاء، فافهم .
(قل يا علي اللهم اهدني وسددني واذكر بالهدى هدايتك الطريق وبالسداد سداد السهم) قال القاضي : أمره بأن يسأل الله الهداية والسداد وأن يكون في ذلك مخطرا بباله أن المطلوب هداية كهداية من ركب متن الطريق وأخذ في المنهج المستقيم وسدادا كسداد السهم نحو الغرض والمعنى أن يكون في سؤاله طالبا غاية الهدى ونهاية السداد اهـ. فتح القدير للمناوي
فلما كانت إجابة السؤال على أنحاء شتى، فقال: و التعجيل بالمسئول فيه: أي سرعة حصوله، و الإبطاء بالمسئول فيه يكون للقدر المعين: أي بحسب القدر أو بحسب الوقت له: أي للمسئول فيه.
قال تعالى: "و إنْ مِنْ شيْءٍ إلّا عِنْدنا خزائِنهُ وما ننِّزلهُ إلّا بقدرٍ معْلوٍم" [ الحجر: 21] و هو وقته، و كذلك مقداره عند الله و لكن من حضرة المقيت فإنه سار به: أي خادم الحق و خادمه في القدر و أحكامه، و هي حضرة تعين الأوقات و الأقوات و موازينها .
قال الشيخ المصنف رضي الله عنه : ( فإذن وافق السؤال الوقت أسرع بالإجابة، و إذا تأخر الوقت إما في الدنيا و إما في الآخرة تأخرت الإجابة، أي المسئول فيه لا الإجابة التي هي لبيك من الله فافهم هذا .)
قال الشيخ الشارح رضي الله عنه :
( فإذا وفق السؤال الوقت أسرع بالإجابة) كما إذا وفق الدواء الداء يرى بإذن الله، و لا يعلم تلك الموافقة إلا من أشرف على الحقائق في موطنها و الأعيان في عدمها ثابتة في العلم، و لا أعيان لها في الوجود فمن يكون بهذا الكشف و الحال فلا يسأل المحال.
(و إذا تأخر الوقت ): أي وقت الإجابة بتقدم السؤال قبل الوقت إمّا في الدنيا و إمّا في الآخرة تأخرت الإجابة لفوات شرط الإجابة، و هو المقابلة: أي مقابلة السؤال .

قال الشيخ صدر الدين قدّس سره في شرح الفاتحة:
إنّ صحة التصور واستقامة التوجه حال الطلب، وهذا عند الدعاء شرط قوي في الإجابة .
و مما ورد مما يؤيد ما ذكر قوله صلى الله عليه و سلم : "لو عرفتم الله حق معرفته لزالت بدعائكم الجبال".
"" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لو عرفتم الله حق معرفته لعلمتم العلم الذي ليس معه به جهل ولو عرفتم الله حق معرفته لزالت الجبال بدعائكم , وما أوتي أحد من اليقين شيئا إلا ما لم يؤت منه أكثر مما أوتي , فقال معاذ بن جبل ولا أنت يا رسول الله , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولا أنا» قال معاذ: فقد بلغنا أن عيسى ابن مريم عليه السلام كان يمشي على الماء , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولو ازداد يقينا لمشى على الهواء " رواه ابونعيم والسيوطي الجامع الكبير
 "لو خفتم الله تعالى حق خيفته، لعلمتم العلم الذي لا جهل معه، ولو عرفتم الله حق معرفته لزالت لدعائكم الجبال". " الجامع الصغير ""
أي (المسئول فيه ): أي تأخرت الإجابة في السؤال فيه فإنه لم يضمن له إجابة في عين المسئول فيه شفقة عليه و رحمة .
قال تعالى: "فيكْشِفُ ما تدْعون إليْهِ إنْ شاء "[الأنعام: 41] لأنه قد يسأل العبد فيما لاخير له فيه.
قال تعالى: "ويدعُ الِإنسانُ بالشِّر دُعاءهُ بالخيْر"ِ [ الإسراء: 11] .
و ورد في الحديث القدسي عن الله تعالى أنه قال : " إنّ من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من العبادة لو أعطيته إياه لداخله العجب فأفسده ذلك"
وهكذا إلى أن قال : "و إني أدبر عبادي لعلمي بقلوبهم إني عليم خبير"
الإجابة التي هي لفظة لبيك من الله تعالى فإنها ما يتأخر عن الدعاء بالنسبة إلى كل عبد داع .
ورد في الخبر ما قال:قط يا رب ثلاثا إلا قال الله لبيك عبدي فيعجل الله تعالى ما يشاء و يؤخر ما يشاء". رواه الديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه. أورده السيوطي في الكبير و الغرائب الملتقطة من مسند الفردوس لابن حجر العسقلاني.
"" قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن الله إذا أحب عبدا وأراد أن يصافيه صب عليه البلاء صبا وثجه عليه ثجا ، فإذا دعا العبد قال يا رباه قال الله لبيك عبدي لا تسألني شيئا إلا أعطيتك إما أن أعجله لك وإما أن أدخره لك. رواه أبو دنيا والبزار والسيوطي في الكبير والناوي في فتح القدير وغيرهم .""
قال رضي الله عنه في الفتوحات: إنّ هذه التلبية لا بد منها من الله تعالى في حق كل سائل إن قضى مراده، أو لم يقض، فافهم هذا: أي أنّ شرط الإجابة المقابلة بين السؤال و وقت الإجابة .
فالإجابة بلبيك ما يفارق السؤال. و أمّا الإجابة بالمسئول فيه فبالمشيئة كما ذكره.
.
واتساب

No comments:

Post a Comment