Monday, July 8, 2019

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الحادية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الحادية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الأول فص حكمة إلهية فى كلمة آدمية الفقرة الحادية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

01 - The Wisdom Of  Divinity In The Word Of ADAM

الفقرة الحادية والعشرون :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ  :
قوله رضي الله عنه :  (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.)
(ولما)، أي حين (اقتضاه)، أي اقتضى واجب الوجود لهذا الإنسان الحادث بمعنی طلبه من الأزل (لذاته)، حتى يصير بسبب ذلك موصوفة عند ذاته بالأوصاف
كان ذلك الإنسان الحادث (واجب) وجوده (به)، أي بمن اقتضاه لذاته وهو واجب الوجود.
(ولما كان استناده)، أي استناد هذا الإنسان الحادث (إلى من ظهر عنه لذاته)، وهو الواجب الوجود (اقتضى) الأمر بالضرورة (أن يكون) هذا الإنسان (على صورته)، أي على صورة واجب الوجود.
ثم بين وجه كونه على صورته بقوله : (فيما)، أي في كل أمر (ينسب إليه تعالى) نسبة صادرة (من) جهة (كل شيء) وكل شيء هو هذا الإنسان الحادث كبيرا كان وهو المسمى بالعالم، فإن الإنسان الكبير كما سبق أو صغيرا وهو الإنسان الصغير وهو آدم وبنوه إلى يوم القيامة .
ثم بين الذي ينسب إليه تعالى من كل شيء بقوله : (من اسم) کالقادر والخالق (وصفة) كالقدرة والتخليق وغير ذلك مما فصلناه في عقائد أهل البداية (ما عدا الوجوب)، أي وجوب الوجود (الذاتي).
أي الذي لله تعالى من ذاته لا من غيره (الخاص) به تعالی (فإن ذلك لا يصح في) الإنسان (الحادث) أبدا.
(وإن كان) الإنسان الحادث (واجب الوجود) أيضا كما ذكرنا (ولكن وجوبه)، أي وجوب وجوده (بغيره لا بنفسه) .
فهو من جهة كون الإنسان وجوده واجبا على صورة الواجب الوجود الذاتي، ومن جهة كون وجوب وجوده بغيره ليس على صورته .
واعلم أن هذا الاقتضاء الذي اقتضاه واجب الوجود الذاتي لهذا الإنسان الحادث الذي هو واجب الوجود بغيره.
إنما هو اقتضاء ذاتي كما ذكر، والاقتضاء الذاتي هو طلب الذات حضورها عندها بطلبه هو عين ذاتها خارج عن أوصافها مثل اقتضائها لأوصافها.
فإن ذلك الاقتضاء ليس من جملة أوصافها بل هو ذاتها، وإلا لكانت أوصافها حادثة لها، لأنها مطلوبة لها حينئذ وليس كذلك بل هي قديمة أزلية .
ثم إن هذا الاقتضاء الذاتي الذي هو طلب الذات حضورها عندها اقتضى انقسام الذات إلى طالب ومطلوب وحاضر ومحضور.
ولا شيء غير الذات المقدسة فانقسمت بالضرورة إلى طالب ومطلوب وحاضر ومحضور.
وكل أمرين متقابلين لا بد أن يكون بينهما أمر ثالث فاصل بينهما ليتميز كل أمر منهما عن الآخر.
فيتم ذلك الاقتضاء المذكور، فظهرت الأوصاف الإلهية والأسماء الذاتية التي لا يبلغها العد والإحصاء من بين هذين الحضرتين القديمتين :
حضرة الطالب وحضرة المطلوب. والحاضر والمحضور.
فوصف بها الطالب باعتبار المطلوب، ووصف بها المطلوب باعتبار الطالب .
فظهر المطلوب على صورة الطالب باعتبار اتصافه بهذه الأوصاف، مع تباين الطالب والمطلوب بالنظر إلى ذات كل واحد منهما. وإن كانا كلاهما ذاتا واحدة في الحقيقة.
ولكن أين الطالب من المطلوب؟ . . وأين الفاعل من المفعول؟
فإن الأوصاف التي هي البرزخ الفاصل بين الحضرتين وإن اتصف بها كل واحد من الطالب والمطلوب حتى كان كل واحد منهما على صورة الآخر.
ولكن هي منسوبة إلى من اتصف بها، فحيث اتصف بها الطالب فهي أوصاف طالبية.
وحيث اتصف المطلوب فهي أوصاف مطلوبية، وهي على كل حال صورة واحدة اقتضتها الذات الواحدة لحضرتيها المذكورتين .
وهذا معنی اقتضاء واجب الوجود لذاته، أن يكون هذا الإنسان الحادث على صورته في كل اسم وصفة له تعالی مطلقا ما عدا الوجوب الذاتي الخاص.
فإن هذه الأوصاف إذا نسبت إلى هذا الطالب من حيث هو طالب بقي المطلوب معدوما.
إذ هو عین ذات الطالب وقد كان طالبا، واشتغل بالطالبية باعتبار اتصافه بالأوصاف المذكورة.
فلا مطلوب حينئذ، فإذا وجد باعتبار اتصافه بالأوصاف مشتقة من أوصاف الطالب المذكورة انقسمت الذات إلى طالب ومطلوب كما ذكرنا.
وانقسمت الأوصاف أيضا كذلك إلى أوصاف الطالب الأصلية وأوصاف المطلوب الفرعية.
بقي الطالب واجب الوجود لذاته والمطلوب واجب الوجود لغيره.
وذلك الغير هو الطالب فافترقا من هذا الوجه فقط واشتركا في جميع الأوصاف المذكورة ما عدا هذا الوجه فقط .
وكانت أوصاف الطالب قديمة وأوصاف المطلوب حادثة.
ولا شك أن صورة الشيء هي مجموع أوصافه وأسمائه فقط إلا ذاته.
فلهذا كان المطلوب على صورة الطالب، والطالب هو الحق تعالی والمطلوب هو الإنسان الحادث .
والظاهر الطالب هو الإنسان الحادث، لأنه المطلوب، والباطن عن المطلوب هو الحق تعالی، لأنه الطالب له، والله أعلم وأحكم.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.)
(ولما اقتضاه) أي اقتضى الواجب الوجود هذا الحادث.
قوله : (لذاته) متعلق باقتضی (كان) الحادث (واجبة به) أي بالواجب الوجود والاقتضاء ههنا بمعنى الإعطاء لا بمعنى الإيجاب.
كما قال الذي أعطى الوجود أو بمعنى الإيجاب بحسب تعلق الإرادة (ولما كان استناده) .
أي الحادث قوله : (إلا من ظهر عنه) متعلق بالاستناد قوله : (لذاته) متعلق بیان (اقتضى) الحادث اقتضاء ذاتية أن يكون أي أن يتكون ويوجد (على صورته) أي على صفة موجودة (فيما ينسب) الحادث (إليه) إلى موجوده (من كل شيء من اسم وصفه ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح للحادث) .
وإلا لكان واجبة لا حادثة، وإن كان واجب الوجود (ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه) وإلا لم يكن ممكنا بل واجبا بالوجوب الذاتي.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي:  (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شي ء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.)
فما أرى أن فيه ما يحتاج إلى الشرح لأن عبارة الشيخ فيه وافية بالمقصود وليس هو مما يحتاج إلى الذكر الجلي بل هو من مدركات أفهام الناس


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.)
قال رضي الله عنه : " ولمّا كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته ، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم وصفة " .
يعني : من حيث اقتضائه أن يكون على صورته بحيث لا يخرج الاسم والصفة من حقيقتها الخاصّة ، وإن أوجبت الإضافة نعتا ، ليس لها بالفعل ، بل بالصلاحية وبشرط الإضافة كما ذكر في حقيقة العلم والحياة .
قال رضي الله عنه : "ما عدا الوجوب الذاتيّ فإنّ ذلك لا يصحّ في الحادث وإن كان واجب الوجود ، ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه ".
يعني رضي الله عنه :
لمّا كان العبد على صورة سيّده ، وجب أن يكون واجبا ، ولكن وجود العبد ووجوبه مستفاد من الواجب بذاته الموجب لوجود هذا الحادث ، فما له قدم في الوجوب الذاتي لكون وجوب وجود العبد لا بذاته لا بذات مطلقة منها ذاته ، أو وجود مطلق منه وجوده .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.)
معناه ولما اقتضى الواجب لذاته الممكن لذاته كان الممكن لذاته واجبا به معدوما في حد نفسه مستندا إليه في وجوده وعينه لأنه الذي أعطى عينه من ذاته ثم وجوده من اسمه النور .
فاستناده إلى الواجب الذي ظهر عنه لذاته اقتضى أن يكون على صورته في كل ما ينسب إلى ذلك الممكن من اسم وصفة وأي شيء كان لأن أصله العدم .
فاستند إلى الواجب في عينه وكل ما يتبع عينه من صفاته ووجوده وذلك صمديته تعالى أو في كل ما ينسب إلى الواجب والمراد بالممكن كل ما للواجب الصمد إلا الوجوب الذاتي وإنما قيد الوجوب بالذاتي لأنه ما لم  يجب لم يوجد لكنه واجب به لا بنفسه

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.)
قوله رضي الله عنه : "إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شئ، من اسم وصفة، ما عدا الوجوب الذاتي، فإن ذلك لا يصح للحادث وإن كان واجب الوجود, ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه"أي، اقتضى هذا الاستناد أن يكون الحادث على صورة الواجب، أي، يكون متصفا بصفاته وجميع ما ينسب إليه من الكمالات ما عدا الوجوب الذاتي، وإلا لزم انقلاب الممكن من حيث هو ممكن واجبا وذلك لأنه اتصف بالوجود والأسماء والصفات لازمة للوجود فوجب أيضا اتصافه بلوازم الوجود وإلا لزم تخلف اللازم عن الملزوم.
ولأن المعلول أثر العلة، والآثار بذواتها وصفاتها دلائل على صفات المؤثر وذاته، ولا بد أن يكون في الدليل شيء من المدلول، لذلك صار الدليل العقلي أيضا مشتملا على النتيجة: فإن إحدى مقدمتيه مشتملة على موضوع النتيجة، والأخرى على محمولها، والأوسط جامع بينهما.
ولأن العلة الغائية من إيجاد الحادث عرفان الموجد، كما قال تعالى: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون".
والعبادة تستلزم معرفة المعبود ولو بوجه، مع أن عباس، رضى الله عنه، فسرها هنا بالمعرفة. ولا يعرف الشيء إلا بما فيه من غيره، لذلك قال، عليه السلام، حين سئل:" بم عرفت الله؟ عرفت الأشياء بالله." أي، عرفته به أولا، ثم عرفت به غيره.
ولما كان وجوده من غيره،صار أيضا وجوبه بغيره. وغير الإنسان من الموجودات، وإن كان متصفا بالوجود، لكن لا صلاحية له لظهور جميع الكمالات فيه، كما مر في أول الفص.
وقوله: "لذاته" يجوز أن يكون متعلقا ب "الاستناد". أي، ولما كان استناد الحادث إلى من يوجده لذات الحادث، اقتضى أن يكون على صورة موجده.
ويجوز أن يكون متعلقا بـ "ظهر" وعلى هذا ضمير "لذاته" يجوز أن يعود إلى "من" ويجوز أن يعود إلى "الحادث".
وعلى الأول معناه: لما كان استناد الحادث إلى موجد ظهر الحادث عنه لاقتضاء ذات الموجد إياه، اقتضى أن يكون علىصورته، وعلى الثاني، ظهر لاقتضاء ذات الحادث الموجد إياه.
والله أعلم.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ:
قوله رضي الله عنه :  (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شي ء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.)
ثم أشار إلى وجه ارتباط الواجب بالمحدث بظهوره فيه. فقال رضي الله عنه : (ولما كان استناده) أي: الحادث (إلى من ظهر) الحادث (عنه لذاته) بلا واسطة أمر آخر حتى يقال : يحتمل أخذ صورة الواسطة المغايرة لصورة الأصل (اقتضى) استناده إليه لذاته (أن يكون) هذا الحادث (على صورته)؛ لأن صورة الفرع تابعة لصورة الأصل على ما هو العادة المشهورة.
فالحادث شارك الحق في الصورة الوجودية، ولوازمها مشاركة صورة الإنسان الظاهرة في المرأة للإنسان المجازي لها.
وليس المراد الاشتراك في الصورة الحسية بل المراد في الصورة المعنوية، وهو الاشتراك بينهما (فيما ينسب إليه) أي: إلى من ظهر عنه (من كل شيء من اسم) دال على الذات وحده، ومع صفة (وصفة ماعدا) الوصف الذي هو
(الوجوب الذاتي؛ فإن) ظهور (ذلك لا يصح في الحادث)؛ لأن لازمه هو الافتقار الذاتي ينافي هذا الوصف، (وإن كان) الحادث، إنما (واجب الوجود) من حيث إن موجده أوجب له الوجود، وإن وجوده ضروري حال كونه موجودا، وهي الضرورة المسماة بالضرورة لشرط المحمود (لكن وجوبه بغيره لا بنفسه)، فليس هذا الوجوب لوجود الحادث صورة للوجوب الذاتي الذي هو وصف الحق، بل غايته أنه صورة للوجوب من حيث أنه وجوب في الجملة.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي:  (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شي ء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.)
فأشار إلى هذا بقوله رضي الله عنه : ( ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به ) .
ومنها : إنّ استناد الممكن في الافتقار والاستفاضة لما كان إلى الواجب الظاهر هو عنه لذاته ، اقتضى أن يكون الممكن مثله في جميع ما نسب إليه إلَّا الوجوب الذاتي ، وذلك لأنّ ما ظهر عن المبدء لذاته لا بدّ وأن يظهر المبدء به بذاته ، ويكون مظهرا لها بجميع مقتضياتها ، وإلَّا ما كان ظاهرا عن المبدء لذاته ، بل بواسطة ما ظهر به من المقتضيات .
كما يطلعك على ذلك ظهور الكلام الجامع للكل عن الإنسان من حيث الجمعيّة الكماليّة التي له وإلى ذلك أشار بقوله : ( ولمّا كان استناده إلى ما ظهر عنه لذاته اقتضى أن يكون على صورته ، فيما ينسب إليه من كلّ شيء من اسم وصفه ، ما عدا الوجوب الذاتي ، فإنّ ذلك لا يصحّ في الحادث ) للمنافاة الضروريّة بين الضرورة الذاتيّة والإمكان الذاتي ، فالحادث بحسب وجوده الموجود به ( وإن كان واجب الوجود ، ولكن وجوبه بغيره ، لا بنفسه ) .
فلئن قيل : سائر ما في الحادث من الصفات كذلك ليست عين ما في الواجب - كالعلم والقدرة والإرادة وغيرها - ضرورة أنّ الحادث حاكم عليها بالحدوث كما مرّ ، فما وجه تخصيص الوجوب بذلك ؟
قلنا: هو أنّ الحادث يمكن اتّصافه بسائر تلك الصفات بالذات ، دون الوجوب ، فإنّه لا يتّصف به إلَّا بملاحظة نسبته إلى الواجب ، وذلك لأنّ الوجوب طرف ظاهريّة الوجود ، وليس للممكن منها نصيب كما عرفت .
ثمّ لمّا مهّد هذا الأصل ، يشير إلى ما يتفرّع عليه من الأحكام ، مؤيّدا بما في التنزيل من الآيات الدالَّة عليها ، تأسيسا لذلك الأصل وتشييدا لما يبتنى عليه من أمر امّهات الأسماء التي هي بمنزلة المبادئ للمسائل المبحوث عنها في هذه الحكمة على ما عرفت .
أعني الإضافيات الأربع التي لها الإحاطة بجميع الأسماء الإلهيّة منها والكونيّة والدلالة على سائر الطرق التنزيهيّة منها والتشبيهيّة .

شرح الجامي للملا عبد الرحمن ابن أحمد ابن محمد الجامي 898 هـ :
قوله رضي الله عنه :  (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شي ء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه.)
قوله : "و لما اقتضاه لذاته كان واجباً به. "
(ولما اقتضاه) أي الواجب الحادث لذاته.
أي التجلي ذاته المتجلية السارية فيه (كان واجبة به) في وجوب المعلول بعلته .
فكما أعطاه الوجود أعطاه وجوب الوجود أيضا .
فكل واحد من الوجود ووجوبه أثر في الواجب الممكن فلكل من الواجب والممكن حكم على الآخر .
كما كان لكل من الأمور الكلية والأعيان الخارجية حكم على الآخر.
ثم لما فرغ من بيان الارتباط بين الحق والعالم وكان ذلك الارتباط على وجه يقتضي أن يكون العالم على صورته سبحانه نبه عليه.
قوله : "و لما كان استنادُه إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شئ من اسم و صفة ما عدا الوجوبَ الذاتيَّ فإن ذلك لا يصح في الحادث و إن كان واجب الوجود و لكن وجوبه بغيره لا بنفسه."
بقوله : (ولما كان استناده)، أي استناد الحادث (إلى من ظهر)، أي الحادث (عنه لذاته) المتجلية بأحدية جمعه الأسماء في كل ما ظهر عنه.
(يقتضي) ذلك الاستناد (أن يكون) الحادث الظاهر عنه (على صورته) وصفته (فيما ينسب إليه) تعالى (من كل شيء) بیان لما (من اسم وصفة) بيان لشيء.
فحاصله أن يكون على صفته تعالى في كل اسم.
وصفة تنسب إليه تعالى كما أنه ينسب كل اسم وصفة إليه تعالى. كذلك إلى الحادث.
فإنه بأحدية جمعه الأسماء متجلي وصار فيه .
ولذا قيل : كل موجود متصف بالصفات السبع الكمالية لكن ظهورها فيه بحسب استعداده وقابليته (ما عدا الوجوب الذاتي) الخاص .
(فإن ذلك)، أي الوجوب الذاتي (لا بصع للحادث) ولا ينسب إليه (وإن كان)، أي الحادث (واجب الوجود) بالمعنى الأعم.
فإنه أعم من أن يكون وجوبه بالذات أو بالغير، والحادث وإن لم يكن واجبا بذاته لكنه واجب بغيره كما قال (ولكن وجوبه)، أي وجوب الحادث (بغيره) الذي هو موجده (لا بنفسه) وإلا انقلب الممكن واجبا .
.

كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940 هـ:قال الشيخ رضي الله عنه : (ولما اقتضاه لذاته كان واجبا به. ولما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم وصفة ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح في الحادث وإن كان واجب الوجود ولكن وجوبه بغيره لا بنفسه. )
قال المصنف رضي الله عنه : [و لما اقتضاه بذاته كان واجبا به ]
قال الشارح رضي الله عنه :
أي واجبا بواجب الوجود لأن الذاتيات لا تتخلف عن ذواتها، و الأشياء إذا اقتضت الأمور لذواتها لا للوازمها و إعراضها لم يصح أن تتبدل ما دامت ذواتها .
و الذوات لها الدوام في نفسها لنفسها فالمقتضى الذاتي كذلك، فإني أدرجت لك في هذه العبارة إشارات لم يسعها أواني الألفاظ و ظروف الحروف، و أدرجت فيها معان غير واهية، و تعيها أذن واعية، فافهم .

قال المصنف رضي الله عنه : [ و لما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من كل شيء من اسم و صفة، ما عدا الوجوب الذاتي فإن ذلك لا يصح للحادث و إن كان واجب الوجود و لكن وجوبه بغيره لا بنفسه .]

قال الشارح رضي الله عنه :
( و لما كان استناده إلى من ظهر عنه لذاته) لا لأمر عرضي اقتضى أن يكون على صورته .
قال الله تعالى: "قلْ كُلٌّ  يعْملُ على شاكلتهِ " [ الإسراء: 84] .
ورد في الخبر الصحيح : "إن الله خلق آدم على صورته". رواه الشيخان البخاري و مسلم رضي الله عنهما .
أي لما كان استناد المحدث إلى المحدث من اقتضاء ذاتي من المحدث الفاعل، و ذلك لأنه متصوّر الحق تعالى لما جاء في الحديث ذكر الصورة، فعلمنا أن الله تعالى إنما أراد خلقه على الصورة من حيث أنه يتصوّر إلا من حيث ما يعلمه من غير تصور.
فكل ما يتصوّره المتصورون فهو عينه لا غيره كان من كان لأنه ليس بخارج عنه.
ولا بد للعالم أن يكون متصوّرا له على ما تظهر عينه إذ لم يبق في الإمكان معنى إلا و قد ظهر في العالم متصور، ولا خفاء أن الشكل و الصورة يألف شكله و صورته و هو الإنسان الكامل الذي لا يماثل في "ليس كمثله  شيء"، و هو محل الجمع لصورة الحضرة الإلهية و لصورة العالم الكبير، و انفصل من جميع المولدات لأن جميع المولدات ما عدا الإنسان الكامل موجود عن العالم، فهو أم بغير أب كوجود عيسى عليه السلام من حيث الطبيعية، بخلاف الإنسان الكامل فإنه بين أب و أم، فافهم .

قال رضي الله عنه في الباب الثامن و الثمانين و مائتين من الفتوحات بعد ذكر هذه المسألة: 
و إنما نبهتك على هذا لئلّا تقول أن جميع المولدات وجدت بين الله و العالم و ما كان الأمر كذلك، و إلا فلا فائدة لقوله صلى الله عليه و سلم : "خلق آدم على صورته". 
ولا كما يتوهمه بعض أصحابنا بل شيوخنا من كونه ذاتا و سبع صفات، فإن ذلك غير صحيح .
فإن الإنسان الحيواني معلوم أن له الذات و الصفات، بل لكل حيوان كما للإنسان الكامل، و إن كان التفاوت بالنقصان و الزيادة و ليس الأمر في نفس الأمر كذلك، بل كان يبطل اختصاص الإنسان الكامل بالصورة، فابحث على هذا الكنز حتى يفتح الله عليك كما فتح به على من يشاء من عباده، انتهى كلامه رضي الله عنه .
و إنما خلقت على صورته حتى تطلع منك على ما أخفاه فيك من قرة أعين، بل حتى تطلع على ما في نفسه تعالى .
قال رضي الله عنه: العلم الذي يعطي السعادة للعبد هو العلم الذي يعلم ما في نفس الحق و لا يعلم ذلك أحد من خلق الله إلا بإعلام الله .
قال تعالى: "و لا يحِيطون بشيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إلّا  بما شاء " [ البقرة: 255] .
قال الله تعالى عن الكامل عليه السلام: إنه قال اعترافا أو تأدبا بأدب النبوّات: "تعلمُ ما في نفْسِي" أي من حيث أنه عينها .
"ولا أعْلمُ ما فِي نفْسِك" [ المائدة: 117] من حيث أني غيرك في هذا الموطن .

يقول: المحمّدي الذي يغبطه النبيون يوم الفزع الأكبر بلا خوف و لا فزع، وأعلم ما في نفسك، وذلك إمّا من مقام من عرف نفسه فقد عرف ربه لأن نفسه استهلكت و فنيت.
و ما قال ما قال إلا بلسان الذات هذا كمالهم عند البقاء، فلا يعلم ما في نفسه سواه لأن هذا لسان الولاية، و الله الولي الحميد و على ما نقول شهيد، فافهم .
وإن خرجنا عن المقصود و لكن ما خرجنا بالكلية، بل نحن ندندن حواليه، و أردت أن أظهر لك هذه الإشارة لتكون لك بشارة إن كنت من المحمّديين حتى تعرف قدر سيدك صلى اللّ ه عليه و سلم، و قدر وارثيه لتعلم معنى قوله صلى الله عليه و سلم : "أوتيت جوامع الكلم".
و قوله صلى الله عليه و سلم : "علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل".
كما قال القطب الوارث في هذا المقام: أوتيتم اللقب، و أوتينا ما لم تؤتوا، فافهم . 
فإن قيل: إذا كان ظهوره على الصورة، فما هذا التغير الذي يطرأ على الإنسان في نفسه، وصورة الحق لا تقبل التغير الذي يطرأ على الإنسان في نفسه؟ 
قلنا: إن الله تبارك وتعالى قال في هذا المقام: "سنفْرغُ لكُمْ أيُّه الثّقلانِ" [ الرحمن: 31] . 
و قال صلى الله عليه و سلم : "إن الحق يتجلى في أدنى صورة". رواه البخاري ومسلم  
لم يتحول عند إنكارهم إلى الصورة التي عرفوها فيها بالعلامة التي يعرفونها، فقد أضاف إلى نفسه هذا المقام وهو العلي عن مقام التغير بذاته، ولكن التجليات الإلهية في المظاهر على قدر العقائد، فيختلف باختلافها.
وبهذا الاعتبار ارتفع الاعتراض الوهمي تعالى الله عن ذلك علوّا كبيرا .

"" قال سيدي عبد الوهاب الشعراني: يا أخي : (أن للحق تبارك وتعالى تجليين تجلي في رتبة الإطلاق حيث لا خلق، وتجلي في رتبة التقييد بعد خلق الخلق، ولكل من هذين التجليين جاءت الشرائع والأخبار الإلهية، فمن قال بتنزل الحق تعالى في مرتبة التقييد على الدوام أزلا وأبدا کالمجسمة والحلولية والقائلين بالاتحاد أخطأوا، ومن قال بعدم التنزل من مرتبة الإطلاق على الدوام أبدا كالمنزهة فقد أخطأوا، فرجع يا أخي كل كلام يعطي التنزيه إلى مرتبة الإطلاق، وكل كلام يعطي ظاهره التشبيه إلى مرتبة التقيد،  يرتفع الخلاف عندك والتعارض من جميع الآيات والأخبار) انتهى . ""

"" أضاف المحقق: أعلم يا أخي أن تجلى الإطلاق هو: كل ما أشعر بعدم وجود العالم المشار إليه بس كان الله ولا شيء معه.
وتجلي التقييد هو: كل ما أشعر بعدم وجود العالم المشار إليه بـ «كان الله ولا شيء معه.
و تجلي التقييد هو: كل ما أشعر بوجود العبد مع الرب من سائر حضرات الأسماء الإلهية .
فتجلى الإطلاق هو: تجليه تعالى في ذاته لذاته على الدوام، وذلك لا يكون إلا في حضرة الاسم (الله) ، والاسم (الأحد)
و تجلي التقييد هو: تجليه تعالى لعباده في بقية الأسماء التي تطلبهم: كالرب، والخالق، والرازق، والرحمن، والمعز، والمذل، والمنتقم، وغيرها من سائر ما علمناه، وما استأثر الله بعلمه؛ فإن الرب يطلب المربوب و جودا وتقديرا في العلم الإلهين، ولا يعقل إلا معه، وكذلك الخالق وما بعدها
وأما حضرة الذات التي هي تجليه تعالى في الاسم الله أو الاسم الأحد فلا تطلب شيئا من العالم، "ومن جاهد فإنما يجاهد نفسه إن الله لغني عن العالمين" [العنكبوت:6].
ولذلك كان لا يعقل لحضرها أحكام، ولا يصح أن يؤخذ عنها بشرائع ولا أحكام؛ اذ ليس معها سواها.
وتأمل يا أخي لو يقع التجلي في رتبة التقييد ، كان التحلي في رتبة الإطلاق كما كان قبل حلق الخلق المشار إليه ب «كان الله ولا شيء معه» من كان معه حتى بتلقي عنه شرائع، ومن كان هناك يعمل بما أو لا يعمل من أهل القبضتين.
وأنشدوا:
قد كان ربك موجودا ولا معه     …. شيء سواه ولا ماض ولا ات
فلما خلق الله تعالى الخلق وتجلى في رتبة التقيد التي هي كناية على المرآة المنطبع فيها صور الموجودات أجمع وسمي لنا نفسه بالأسماء الطالبة لأهل حضراتها.
ولا بد لك أيضا من إثبات من تحكم فيه حضرات الأسماء الإلهية: کـ المعز، والمنتقم، والغفور، فإن أثر هذه الأسماء في حق الحق محال .
فقد بان لك أنه تعالى من حين أظهر الخلق ما تجلى لهم قط في رتبة الإطلاق؛ لأن هذه الرتبة تنفي بذاتها وجود غيرها معها، وما تجلى بعد إظهار هم إلا في رتبة التقييد.
ومن لازم شهود أهل العقول أنفسهم معه التحييز والتحديد والحصر؛ إذ المقيد لا يشهد إلا مقيدا، وأما الإطلاق فإنما يعلم فقط بالإعلام الإلهي لا بالعقل.
ولذلك قررنا غير ما مرة أن أعلى مشاهدة العبد أن يرى إطلاق الحق تعالى وتقييد الكون، فهذا إذا حقيقة وحدته تقيدا.
فإن أصل التقييد وسيبه إنما هو التمييز ، حتى لا تختلط الحقائق، وقد صار الحق تعالى في قلب هذا الشاهد مقيدا بالإطلاق؛ لأن الإطلاق بلا مقابل لا يعقل، ولو كان التجلي في كل صورة في العالم.
وبلغنا عن الشيخ محيي الدين ابن العربي رحمه الله : 
أنه كان يقول بإدراك نجلى الإطلاق ذوقا، وهذا لا يصح إلا عند من يقول أن الحق تعالى يقبل حكم كل ممكن من حيث أنه عين الوجود.
بل ولو قيل بذلك لا يتخلص له إلا عند فنائه، لا في حال بقائه مع الحق، وحينئذ فما رأى إطلاق الحق إلا الحق، فافهم.
وإياك والغلط؛ فإنه لا حلول ولا اتحاد ولا يلحق عبد رتبة ربه أبدا، ولو صار الحق تعالی سمعه وبصره وجميع قواه فإن الحق تعالى قد أثبت عين العبد معه بالضمير في قوله في الحديث القدسي: «كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به»، إلى أخر النسق.
فإن قيل: إن كلام الحق تعالى قديم، وقد قال الله تعالى"هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش" [الحديد: 4].
وهذا يشعر بأنا معه في الأزل، كما يقول بذلك الفلاسفة.
قلنا: التحقيق أن العالم كله قدم في العلم الإلهي حادث في الظهور .
وقد قال صلى الله عليه وسلم: «كان الله ولا شيء معه»،
وأجمع المحققون على أن المراد بـ (كان) الوجود، لا أنها على صورة (كان) التي هي من الأفعال الماضية، فهو حرف وجودي، لا فعل يطلب الزمان، كما يتوهمه بعضهم.
حتى أنهم أدرجوا في الحديث: (وهو الآن على ما عليه كان لتخيلهم أن تصريفها كتصريف الأفعال.
کـ کان ويكون وكائن ومكون، فمعنى الحديث: الله موجود ولا شيء معه في حضرة ذاته: أي ما ثم من وجوده واجب لذاته، إلا هو وحده. ""
فلمّا كان الإنسان على الصورة اقتضى أن يكون سريع التغيير كثير الخواطر، فلا يزال يتقلب في كل نفس لو ظهرت لرأيت عجبا لكونه على صورة الأصل .
و هو كل يوم هو في شأن، فمن المحال ثبوت العالم زمانين على حالة واحدة، فلا يزال يتقلب في كل آن، يسمّي الخواطر بحكم الأصل الذي كل يوم هو في شأن، فأصل التغيير من تغيير الأصل الذي يمدّه، و ذلك لما علمنا أنه الدهر، و أن صفة الدهر الحول القلب .

و في الحديث الصحيح : "إنه تعالى يتحوّل في الصور فيعرف و ينكر". ذكره الحافظ ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب والمباركفوري في التحفة.
قال الشيخ رضي الله عنه: لما رأيت اختلاف عيني و لم يستقر لي أصل، فطلبت الإقالة من وجودي . 
فقال: أما ترضى أن تكون مثلي و ليس كمثله شيء، انتهى كلامه .
فأثر الانتقالات في الأحوال من أثر كونه تعالى كل يوم هو في شأن .

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه: و لا يشهدها كشفا إلا أصحاب الأحوال، و لا يشهدها حالا إلا أهل السياحات، و لا يشهدها علما إلا القائلون بتحدد الأعراض في كل زمان و هم طائفة من أهل الكلام القائلون بأن الأعراض لا تبقي زمانين، فافهم .
( فيما ينسب إليه تعالى من كل شي ء ): أي فيما يجوز أن ينسب إليه إمّا في أول الأمر كالاسم فإن له الأسماء، و إمّا ثانيا  كالصفة فإن له بعد نسبتها إلينا .
فلهذا قال رضي الله عنه: (من اسم )، قال الله تعالى: "لهُ الْأسْماءُ الحُسْنى يسبِّحُ لهُ ما في السّماواتِ والْأرضِ و هُو العزيزُ الحكِيمُ" [ الحشر: 24] أثبت لنفسه الأسماء .

قال رضي الله عنه في الباب الثامن و الثلاثين و ثلاثمائة من "الفتوحات": 
أعلم الخلق بالله صلى الله عليه و سلم من هذا المقام : "لا أحصي ثناء عليك". الحديث لأن الثناء بالأسماء و أسماؤه الحسنى لا تحصى، فالثناء عليه لا يحصى، و الألسنة تكلّ فيها و تعيي .
وأمّا الثناء من حيث التسبيح تنحصر، و تحصى، و لا تكلّ به الألسنة و لا تعني لأنه نفي عن كل وصف لا إثبات فيه .
( و صفة) و هي من النسب التي لا يجوز أن ينسب إليه تعالى في أول الأمر، بل تنسب إليه بعد نسبة ذلك إلينا .
قال الله تعالى: "سُبْحان ربِّك رب العِزِّة عمّا يصِفُون" [ الصافات: 180] أطلق و لم يقيد بصفة دون صفة، و العزة المنع من الوصول إليه  شيء من الثناء عليه .
قال الإمام الغزالي رحمه الله في بعض تصانيفه إشارة إلى هذا المقام .
والمعنى: إن الناس ينزهونه عن نقائض الصفات، و أنا أنزهه عن كمالها .
أما ترى أن بعض العلماء تنبهوا لهذا المعنى، و إن لم يلم مرضى علماء الرسوم و لكن هو حق من وجه، و ذلك أنهم لما رأوا أن المشاركة بين الحق و الخلق ما يصح حتى في إطلاق الألفاظ عليه .
فإذا قيل لهم: إنه موجود.
قالوا: ليس بمعدوم.
و إذا قيل: إنه عالم.
قالوا: ليس بجاهل .
و هكذا جمع الصفات الثبوتية، فإن الحادث موصوف به و لا مشاركة، فافهم .

قال رضي الله عنه في حضرة الحضرات من "الفتوحات":
فإن الأصل التعري و التنزيه و التبري عن الصفات مطلقا و لا سيما في الله .
إذا كان أبو يزيد رضي الله عنه يقول: لا صفة لي فالحق أولى أن يطلق عن التقييد بالصفات لغنائه عن العالم لأن الصفات إنما تطلب الأكوان، فلو كان في الحق ما يطلب العالم لم يصح كونه غنيا عمّا هو طالب، فافهم .

و ذكر رضي الله عنه في الباب الثامن و الثلاثين و ثلاثمائة من "الفتوحات" : 
فانظر حكمة الله تعالى في كونه لم يحصل له صفة في كتبه، بل نزه نفسه عن الوصف .
فقال: "وللّهِ الْأسْماءُ الحُسْنى" [ الأعراف: 180] فجعلها اسما، ولم يجعلها نعوتا وصفاتا ولكن هي لنا نعوت و صفات يثني علينا بها .
قال تعالى: "بالمُؤْمِنين رؤُفٌ رحِيمٌ" [ التوبة: 128] و أذن لنا بالتخلق في الأسماء الحسنى و هو عين ما قلنا، ثم أثنينا به عليه لأنه حميد و له عواقب الثناء، فأثنى الله على نفسه بها .
و قال : "إن الكبرياء ردائي" .وهي صفة عبده و هو رداؤه، فإنه من منزل ثناء الحق على نفسه بغناه عن خلقه بخلقه، فافهم .
إن هذا عين ما سيقوله رضي الله عنه في المتن بعد سطرين .

و هو قوله: فما وصفناه بوصف إلا كنا نحن ذلك الوصف، و هكذا الأمر لما كان استناد المستند إلى المستند لذاته، اقتضى أن يكون على صورته فيما ينسب إليه من الأسماء.
و هو التخلق بأخلاق الله تعالى و إحصاء الأسماء الحسنى، و فيما لا ينسب إليه كالصفات لأنه تعالى جمع له التقييد و الإطلاق، كما جمع لنفسه بين التنزيه و التشبيه، فقال تعالى: "ليس كمِثلهِ شيْءٌ" [ الشورى: 12] .
و من هذا المقام قال أبو يزيد قدّس سره لما قيل له كيف أصبحت؟
فقال: لا صباح لي و لا مساء، إنما الصباح و المساء لمن تقيد بالصفة و أنا لا صفة لي، فوصف نفسه بعدم التقيد بالصفات، فإذا كانت الصفة قيدا لا يقبله العبد المقيد، فكيف تطلق على المطلق الحقيقي، و هو رضي الله عنه أشار بهذا إلى التجرد الحقيقي، فافهم . 
( غير الوجوب الذاتي) ما استفاده من أحد فإنه وصف ذاتي لا يفارقه أبدا . 

قال رضي الله عنه في الفتوحات الباب التاسع و الستين و ثلاثمائة: 
إن كل حكم في العالم لا بد أن يستند إلى نعت إلهيّ، إلا النعت الذاتي التي يستحقه الحق الذاتي و به كان غنيا، و النعت للعالم بالاستحقاق و به كان فقيرا، بل عبدا . 
و من هذا الذوق قيل: الفقير لا يحتاج فافهم، فإن المحل ما يحتمل البسط فإن ذلك: أي اقتضاؤه لذاته لا يصح في الحادث، و إن كان واجب الوجود: أي من كونه حادثا لا يصح له هذا، و إن كان يصح له وجوب الوجود من وجه آخر . 
( و لكن وجوبه بغيره لا بنفسه ): أي من حيث أنه حادث بخلاف ما نحن بصدد بيانه، فإنه من اقتضاء ذاتي من الوجه الحق، فهو واجب بوجوبه لإيجابه، فإن الذاتيات لا تفارق الذات بوجه من الوجوه و إلا يلزم خلاف المفروض، فافهم . 
قال رضي الله عنه في "الفتوحات" في الاسم الحق
إن للحق وجوب الوجود بنفسه، و للخلق وجوب الوجود لا أقول بغيره، فإن الغير ما له عين و إن كان له حكم كالنسب لا عين لها و لها الحكم . 

.
واتساب

No comments:

Post a Comment