Tuesday, July 9, 2019

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of HUD

الفقرة الرابعة عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال رضي الله عنه : ( أين المتقون؟ أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع. وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم. «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا.)
قال رضي الله عنه : (أين المتقون) يعني أنهم كانوا في الدنيا منتسبين إلى الحق تعالى لا إلى آبائهم وأمهاتهم إلا من حيث النسبة المجازية الذاهبة بذهاب الدنيا ، وزوال علاقة المجاز التي هي مجرد السببية أو المحلية، فإن المتقين يعرفون ذلك.
ووصف التقوى ألزمهم ذلك وهم حجة الحق تعالى على الناس، ثم بين المتقين بقوله (أي) القوم الذين اتخذوا الله تعالى (وقاية لهم) عندهم فلم يكونوا هم عند أنفسهم بل كان هو عند أنفسهم فاتقوا بظهوره لهم ظهور أنفسهم لهم فهم عندهم هؤلاء هم وهم في الفناء والزوال .
قال رضي الله عنه : (فكان الحق) تعالی (ظاهرهم أي) ما يظهر لهم منهم وهو (عين صورهم الظاهرة) لهم من حيث حسهم وعقلهم، وهم الذين كانوا سمع الحق وبصره لتقربهم بالفرائض.
(وهو)، أي المتقي بهذا النوع من التقوى وهي تقوی خواص الخواص من كل شيء سوى الله تعالى كما أن تقوى الخواص من المعاصي وتقوى العوام من الكفر.
قال رضي الله عنه : (أعظم الناس) كلهم ولهذا كان من خواص الخواص (وأحقهم)، أي أحق الناس اسم المتقی وبصفة التقوى و باستحقاق ما للمتقين من الثناء في الدنيا والجزاء في الآخرة (وأقواهم)، أي أقوى الناس بصيرة في معرفة الله، وقلبا في خدمته بالأعمال الصالحة (عند الجميع).
أي جميع الناس من الخواص والعوام (وقد يكون المتقي) من خواص الخواص معناه بعكس ما ذكر يعني (من جعل نفسه) عنده (وقاية للحق) تعالی (بصورته) الظاهرة له بحسه وعقله فكان هو الظاهر لنفسه بربه وربه غيب عنه.
فقد اتقی ظهور ربه له بظهور نفسه بربه لا به (إذ)، أي لأنه (هوية)، أي ذات (الحق) تعالی ووجوده المطلق عين (قوی) جمع قوة (العبد) المتقرب بالنوافل كما مر في الحديث کسمعه وبصره لا أذنه وعينه .
قال رضي الله عنه : (فجعل)، أي هذا المتقي (مسمى العبد)، الذي هو مجموع الصورة الظاهرة والباطنة (وقاية لمسمى الحق) سبحانه (على) طريق (الشهود) فالحق سبحانه يشهد العبد ببصره ويسمعه بسمعه والعبد مشهود لا شاهد، والأول شاهد لا مشهود، والأول حال السالك والثاني حال الواصل، وكلاهما من خواص الخواص.
وهما النوعان الواردان في حديث الإحسان وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم : «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه».
وهو حال المتقي الأول فإنه يرى الله تعالى لا يرى معه غيره، فقد اتقى نفسه بربه وجعل ربه وقاية له من نفسه، وجيء فيه بأداة التشبيه وهي كان المقتضية لتشبيه رؤية تلك الحالة برؤية الله تعالى من حيث كمال الحضور معه سبحانه.
والفناء عن شهود كل شيء سواه، وهي رؤية الغائب في الحاضر، کرؤية زيد الغائب عنك عند رؤية داره أو ثوبه أو دابته بتذكرك له كمال التذكر.
بحيث تغيب عن الحاضر الذي أحضر ذلك الغائب عندك وتحضر عند الغائب.
وإليه أشار الشيخ شرف الدين عمر بن الفارض قدس الله سره بقوله :
 ناب بدر التمام طيف محيا ... ك، لطرفي، بيقظتي، إذ حكاكا
فتراءيت في سواك لعين ... بك قرت، وما رأيت سواكا
وكذاك الخليل قلب قبلي ... طرفه، حين راقب الأفلاكا
ثم أشارة صلى الله عليه وسلم إلى النوع الثاني من الإحسان بقوله "فإن لم تكن تراه فإنه يراك". ""أضاف الجامع : فإن لم تكن = ان كنت فانيا في الله تراه بعين الحق و ترى نفسك ""
أي فإن لم تكن ترى الحق في حال كونك كأنك تراه بأن غبت عن شهود الغائب عنك الذي كنت تشهده، وحضرت عند نفسك التي كنت تشهد بها ذلك الغائب
عنك، فكن في هذه الحالة بحيث أنه تعالى يراك.
لأنه بصرك الذي تبصر به وهذا أعلى من الأول، لأنه صحو من محو ورجوع إلى عين الحقيقة قال رضي الله عنه : (حتى يتميز) بحسب هذا النوع الثاني من التقوى إذ فيه ظهور العبد (العالم من غير العالم) بخلاف النوع الأول فإنه لا ظهور للعبد فيه أصلا قال الله تعالى ("قل") لهم يا محمد صلى الله عليه وسلم ("هل يستوى ")، أي يتساوى عندهم وهو استفهام إنکاري، أي لا يستوي القوم (" الذين يعلمون")، أي يتصفون بالعلم (و) القوم ("الذين لا يعلمون") [الزمر: 9].
أي لا يتصفون بصفة العلم ("إنما يتذكر") ما ذكر ("أولوا")، أي أصحاب ("الألباب " وهم) [الرعد: 19].
أي أولو الألباب (الناظرون في لب الشيء الذي هو) باطن الشيء المطلوب من ذلك (الشيء) و"كل شيء هالك إلا وجهه" [القصص: 88] كما قال تعالی .
فوجهه سبحانه لب كل شيء فهو المطلوب
كما قال تعالى : "يردون وجهه" [الأنعام: 52]، وقال تعالى: "إنما نطعمكم لوجه الله" [الإنسان: 9] .
قال رضي الله عنه : (فما سبق مقصر) في السلوك إليه تعالى بالأعمال الصالحة (مجدا) في ذلك أبدا (كذلك لا يماثل أجير)، أي عامل بقصد الجزاء (عبدا)، أي عاملا بوصف العبودية للربوبية، فإن المجد العامل بالعبودية من الذين يعلمون، والمقصر العامل للجزاء من الذين لا يعلمون والعارف الكامل من أولي الألباب الذين يتذكرون .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )
قال رضي الله عنه : (این المتقون أي الذين اتخذوا الله وقاية) لأنفسهم بإسناد ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم كلها إلى أن الحق (فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة) فتحققوا بقوله تعالى اليوم أضع نسبكم بفنائكم في الله وبقائهم به .
قال رضي الله عنه : (وهو) أفرد الضمير باعتبار قوله : (أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع) أي عند جميع أهل الله لوصولهم نهاية الأمر فكان قولهم إن الحق عين الصور الظاهرة صادقة لشهر دهم إن انتساب العالم كله إلى الحق.
قال رضي الله عنه : (وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته) أي بسبب كون العبد صورة الحق أي بسبب إسناد العبد صورة الحق إلى نفسه وإنما كان الحق صورة المنقي (إذ هوية الحق) عين (قوى العبد كما قال كنت سمعه وبصره فمسمى العبد حينئذ) أي حين كون المتقي (وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق نوى العبد فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق) فأثبت هذا المتقي الفعل لنفسه وقاية لربه في المنام إذ حينئذ يكون العبد صورة الحق.
وأما المتقون الذين اتخذوا الله وقاية فحينئذ مسمى الحق وقاية لمسمى العبد وهي إسناد العبد جميع أحواله إلى الحق .
قال رضي الله عنه : (على الشهود) متعلق بقوله وقاية لمسمى الحق أي هذه الوقاية سواء كانت وقاية للحق أو وقاية للعبد كانت على الشهود لا على التقليد (حتى يتميز العالم من غير العالم) في مقام النقري بسبب المشاهدة فمن جعل نفسه وقاية للحق من غير الشهود فليس بعالم بمقام التقرى ولم يكن من المتقين .
وكذلك من اتخذ الله وقاية بلا مشاهدة ليس من أهل العلم ولا من أهل التقوى فالعالم من كان علمه بالمشاهدة فمن لم يكن علمه بالمشاهدة والذوق فليس بعالم .
فميز الله تعالى بين العالم وغير العالم بقوله: (قل: "هل يستوي الذين يعلمون ")  الحق بالشهود "والذين لا يعلمون" [الزمر: 9] بدونه فنفى الحق العلم ممن لا يعلمون بالمشاهدة .


ويدل على ذلك قوله تعالى : " إنما يتذكر" أي ما يعلم الحق "إلا أولوا الألباب "  فمن لم يكن من أولي الألباب لم يكن عالما فأورد هذه الآية دليلا على أن :
المراد من قوله : "قل هل يستوي الذين يعلمون" هم العالمون بالمشاهدة (وهم) أي أولو الألباب قال رضي الله عنه : (الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء) ولب الشيء وهو جهة حقية فمن نظر في هذه الجهة بشاهد الحق فيها فهو العالم .
قال رضي الله عنه : (فما سبق) أي فما تقدم في رتب العلم بالله (مقصر) وهو الذي يطلبه تحصيل العلم بنظر العقل وهو مسمى بأهل النظر .
قال رضي الله عنه : (مجدا) وهو أهل التصفية والمجاهدة "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" فهم يطلعون لب الشيء ويعلمونه على ما هو عليه فلا مذام من حيث اللب فالمتقون هم الذين اتخذوا وقاية من حيث اللب لا من حيث الصورة .
فإن صورة الأشياء كلها حدوث والحدوث كله مذام في حق الحق لا ينسب إلى الله تعالی عند أهل الله .
وكذلك كل ما ينسب إلى كسب العبد لا بنسبه من هذا الوجه إلى الحق.
ولما بين الفرق بين المقصر والمجد في العلم أراد أن يبين الفرق بينهما في العمل بقوله: (كذلك لا يماثل أجير)، وهو الذي يعمل للنجاة عن النار والدخول في الجنة (عبدا) وهو الذي يلازم باب سيده بمقتضى أوامره من غير طلب الأجر من عبادته فكم بينهما .
فالمراد أن أهل الظاهر لا يصل إلى درجة أهل الله لا في العلم ولا في العمل فقد علمت مما ذكر أن الحق قد يكون وقاية للعبد ، والعبد قد يكون وقاية للحق.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال رضي الله عنه : " أين المتقون؟  أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.  وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.  «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. "
قوله: أين المتقون؟ أي الذين اتخذوا الله وقاية، فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة.
قال: وقد يفسر بأن يجعل العبد وقاية للحق إذا شهد أن ذاته عبارة عن وجوده والحق باطن بالقوى في ذلك الظاهر، وهذا هو بعض المشاهد الجزئية ثم أثنى على ذوي الألباب وفسر ذلك بالناظرين في لب الأشياء وهم المحمديون.
وقال: ما سبق مقصر مجدا.
قال: كذلك أنه لا يماثل أجير عبدا، والأجير هنا هو الذي يبتغي الثواب من الله على طاعته، وأما العبد فهو الذي يخدم عبودية لا يطلب عليها جزاء.
قال: وإذا ثبت الوقاية من الطرفين صدق أن تسمى الكون ربا وأن تسميه عبدا، وإن شئت قلت: هو الحق الخلق معا،
وإن شئت قلت: لا هو خلق من كل وجه ولا هو حق من كل وجه،


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال رضي الله عنه : « أين المتّقون ؟ » أي الذين اتّخذوا الله وقاية ، فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة ، وهو أعظم الناس وأحقّهم وأقواهم عند الجميع ، وقد يكون المتّقيّ من جعل نفسه وقاية للحق بصورته ، إذ هوية الحق قوى العبد فجعل مسمّى العبد وقاية لمسمّى الحق على الشهود ، حتى يتميّز العالم من غير العالم " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ " وهم الناظرون في لبّ الشيء الذي هو المطلوب من الشيء " .
قلت : هذا عبد الله ، وهو عبد الرحمن ، وذلك عبد الرحيم ، أو عبد الكريم أو المنعم أو الغنيّ أو غيره ، وصار كل واحد من الربّ والمربوب وقاية للآخر في المذموم والمحمود ، إذ الأفعال والآثار والأخلاق والنعوت لتعيّن ذلك الوجود صالح لإضافة الأفعال والآثار والأخلاق وما شاكل ذلك إليه ، وكل واحد منهما - أعني الربّ والمربوب - ظاهر أو باطن للآخر باعتبارين - كما تقدّم - جامع بين الظاهرية والمظهرية دائما . والصفات منتشية من الربّ الذي هو الوجود الحق .
والعبد الذي هو المظهر القابل فإن أضفت الأفعال والآثار المذمومة إلى العبد ، كان العبد وقاية لربّه من أن تضاف إليه تلك المذامّ والنقائص والقبائح ، أحكام العدم اللازم للعبد الممكن القابل .
وإن أضفت الفضائل والمحاسن والمحامد والكمالات إلى الحق ، كان الحق وقاية للعبد من إضافة ما ليس له من ذاته بالحقيقة لكونها وجودية والوجود للحق ، بل الوجود الحقّ إليه  حقيقة.
وكان أيضا حينئذ بوجه آخر وقاية للعبد من آثار النقائص والمذامّ الظاهرة منها جزاء وفاقا ، فالعالم هو الذي يضيف الحقائق إلى أصولها ، فخذ ما هو لك بالأصالة ، وأعطه ما له كذلك ، تكن من الأدباء العلماء ، فإنّ العالم من العالم لا يستوي معه غير العالم قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ "  ينظرون من كل شيء في لبّه ، لكونهم في أنفسهم أرباب الألباب .
قال رضي الله عنه : « فما سبق مقصّر مجدّا ، كذلك لا يماثل أجير عبدا " لكون المقصّر أبدا قاصرا عن بلوغ الكمال .
والعبد أيضا لا يماثله في كمال مؤاتاته لظهور آثار مالكه فيه أجير ، فإنّه عبد أجرته لا عبد لسيّده ، ولا بدّ للسيد من العبد ، وليس كذلك الأجير ، فقد يقوم العبد بأعمال الأجير ، وليس للأجير أن يقوم بالعبدانية الذاتية التي للعبد .




شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال الشيخ رضي الله عنه : ( أين المتقون أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة وهو أعظم الناس وأحقهم وأقواهم عند الجميع ) .
وهم الذين عرفوا فناءهم الأصلي به ، فكان الحق وجوداتهم الظاهرة وأعيانهم الباطنة ، لفناء أنياتهم وحقائقهم ، فكيف بصفاتهم وأفعالهم ، فهم الشاهدون له بذاته المشهودون بجماله بعينه ، فهم أعظم الناس قدرا وأحقهم وجودا وقربا وأقواهم صفة وفعلا ، وإفراد الضمير في قوله : وهو أعظم الناس ، محمول على المعنى أي والمتقى بهذا المعنى .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وقد يكون المتقى من جعل نفسه وقاية للحق بصورته ، إذ هوية الحق قوى العبد ، فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ والَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ  وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء ) .
وقد يكون المتقى من له قرب النوافل فشهد الحق مستترا بصورته فجعل لعينه ، وما يسمى به وقاية للحق وهو صورته ، لأن هوية الحق قوى العبد فكان شاهدا للحق باسمه الباطن ، عالما متميزا عن الجاهل الغائب الذي لا يعرف الحق ، وهو ذو لب متذكر للمعارف والحقائق المعنوية لغلبة التنزيه عليه ، أو هو ناظر بلبه في لب الشيء الذي المطلوب منه هو تجلى الحق من إضافة صفات العبد وأفعاله إليه ، موف حقوق العبودية لربه مجدّ في خدمة سيده .
"" إضافة بالي زادة :  ( اتخذوا الله وقاية ) لأنفسهم بإسناد ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم كلها إلى الحق ، فتحقق بقوله : « اليوم أضع نسبكم » بغنائهم في الله وبقائهم به ( وأقواه عند الجميع ) أي عند جميع أهل الله لوصولهم نهاية الأمر ، فكان قولهم : إن الحق عين الصورة الظاهرة صادقا لشهودهم أن انتساب العالم كله إلى الحق اهـ بالى
(وإذا كان الحق وقاية للعبد بوجه ) أي من حيث كون الحق ظاهر للعبد ، نظرا إلى قوله : فأين المتقون ( والعبد وقاية للحق بوجه ) أي من حيث كون العبد ظاهر الحق ، فقد حصل في تلك المسألة خمسة أوجه كلها صحيحة ( فقل في الكون ) اهـ بالى . ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فما سبق مقصر مجدا ، كذلك لا يماثل أجير عبدا ) أي أن هذا العبد المتقى من حيث أنه عالم بربه مجد في القيام بحقه في مقام عبدانيته ، فلا يسبقه المقصر الذي لا يشهد ربه الجاهل به الطالب أجره بعمله ولا يساويه كما ذكر في الآية ، لأنه عبد أجرة عابد لنفسه عائب عن ربه ، بخلاف الأول العالم المخلص ، فإنه عبد ربه على الشهود فلا يماثله الأول.


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال رضي الله عنه : (أين المتقون الذين اتخذوا الله وقاية ، فكان الحق ظاهرهم ، أي ، عين صورهم الظاهرة ) . لما جعل انتساب العالم إليه في ذاته وصفاته وأفعاله ومنها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم .
قال : أين المتقون الذين جعلوا الحق وقاية لأنفسهم في ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم ، ليستروا ذواتهم في ذاته وصفاتهم وأفعالهم في صفاته وأفعاله . وهم الذين قيل عنهم شعرا :
تسترت عن دهري بظل جناحه  ...... فعيني ترى دهري وليس يراني
فلو تسأل الأيام ما اسمى ما درت .....  وأين مكاني ، ما درين مكاني  
فيكون الحق عين صورهم الظاهرة - كما قال : ( كنت سمعه وبصره . . . ) -
في نتيجة قرب النوافل .
قال رضي الله عنه : ( وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع ) . أي ، هذا المتقى هو أعظم الناس منزلة عند الله ، وأحقه بالمغفرة ممن يتق الله بنسبة المذام إلى نفسه ، لأنه في عين المغفرة الكبرى والسترة العظمى .
وأقوى الناس عند جميع أهل الله ، لظهوره بالقدرة من خرق العادة وإظهار الكرامة . لأن يده يد الحق ، وسمعه وبصره سمع الحق وبصره .
ولما كان من المتقين من يجعل نفسه وقاية للحق - في المذام بنسبتها إلى نفسه لا إلى ربه - ويجعل الحق وقاية لنفسه في الكمالات - كما مر في الفص الآدمي .
قال رضي الله عنه :( وقد يكون المتقى من يجعل نفسه وقاية للحق بصورته ، إذ هوية الحق قوى العبد ،
فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق )
فحينئذ يصير العبد ظاهر الحق وهو باطنه ، لأن هوية الحق عين قوى العبد ، كما قال : " كنت سمعه وبصره " .
فسمى العبد حينئذ وقاية لمسمى الحق ، وهو الهوية المندرجة في الصورة العبدية
(على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم . "قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ؟ " )
أي ، هذا الاتحاد والجعل إنما ينبغي أن يكون بناء على شهود الحق في كلتا الحضرتين - حضرة المحامد وحضرة المذام - حتى يتميز العالم العارف من الجاهل بالأمر على ما هو عليه .
فإنه إذا لم يكن عن شهود الحق ، يكون محجوبا بنفسه من ربه لرؤيته الأفعال من نفسه - حسنها وقبيحها - فيلحق بالمشركين .
ولما كان العلم الصحيح هو الذي يكون مركوزا في الباطن والعالم يتذكره بحسب التوجه إليه ، أردفه بقوله : ( " إنما يتذكر أولوا الألباب" وهم الناظرون في لب الشئ الذي هو المطلوب من الشئ ) .
لأن علومهم وجدانيات - يظهر عليهم عند صفاء قلوبهم ، فتحصل لهم التذكرة بما هو مركوز فيهم فائض عليهم من مقام التقديس لا تعملي كسبي بالعقل المشوب بالوهم والفكر المخيل بالفهم.
قال رضي الله عنه : ( فما سبق مقصر مجدا ) . أي ، فما رأينا سبق من أهل التقصير والنقصان ، من اجتهد في تحصيل الكمال وعمل بما يرضى به الرحمان . قال تعالى : "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا".
وفرق بين أهل الاجتهاد أيضا بقوله : ( كذلك لا يماثل أجير عبدا ) .
فإن الأجير لا يزال نظره إلى الأجرة ، والعبد لا يعمل للأجرة ، بل للعبودية .
والأجير ينصرف عند وصول أجرته من باب المستأجر ، والعبد ملازم لباب سيده .
فالعالم بمقام عبوديته العامل بمقتضى أوامر سيده ، ليس كالعامل الجاهل ، فإنه يعمل للخلاص من النار وحصول الجنة .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
ثم قال الشيخ رحمه الله: (أين المتقون؟) أي: الذين يعرفون انتساب الأسماء إلى الحق باعتبار انتسابها إلى صور الموجودات، إذ هم الذين رأوه ظاهر الأشياء.
وإليه الإشارة بقوله: (أي: الذين اتخذوا الله وقاية) بحيث يخفى فيه عندهم جهة الخلق بالكلية، (فكان الله ظاهرهم).
ولما أوهم أن ظهوره فيهم كظهوره في سائر الأشياء رفعه بقوله: (أي: عين صورهم الظاهرة) بحيث لا تطابق صورهم الحق بقدر الطاقة البشرية وبذلك صاروا متقين عن الشرك الخفي أيضا، وهذا أعني قوله اليوم: أضع نسبكم إلى قوله: أين المتقون اقتباس لطيف موهم مأخوذ مما يروى في الأخبار في تفسير قوله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون" [المؤمنون:101]، ومعناه: اليوم أبطل افتخارکم بانتساب بعضكم إلى بعض، وأرفع افتخار من كان منتسبا إلى طاقته، وهم المتقون.
ولكمال ظهور الحق فيه (هو أعظم الناس) قدما أي: سبقا إلى مراتب القرب (وأحقه) أي: أتم في ظهور صفات الحق (وأقواه) في التصرف بالحق (عند الجميع) أي: عند جميع من علمه وعلم حاله، وهذا المعنى منسوب إلى الحق، ويعرف كون أسماء الحق منسوبة إليه باعتبار انتسابها إلينا أيضا.
قال رضي الله عنه : (وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق) بأن صار ظاهر الحق، وصار الحق باطنه فينسب إليه الحق، وهو لا ينسب إلى الحق، كما في قوله: «كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه».
قال رضي الله عنه : (وهوية الحق قوى العبد) فكان سمع العبد وبصره وسائر قواه ظهرت في مرآة الحق، وصورة المرأة متحدة بالمرأة سيما إذا كانت عين صورة تلك المرآة لكنها مضافة إلى ذي الصورة.
قال رضي الله عنه : (فجعل مسمى العبد)، وهو المجموع من الصورة، والعين الثابتة (وقاية لمسمی الحق)، وهو الوجود الحقيقي؛ لأن صورة المرآة تستر المرآة، والساتر وقاية على المستور، وإنما صار المسمى الحق.
لأنه (على الشهود) أي: شهود الحق غير؛ فإن فيه فلابد وأن ينعكس وقاية صورته في مرآة الحق عند مشاهدته الحق، ويصير سمعه وبصره عين الحق يشاهد الكل، ويسمع كلماتهم في مرآة الحق.
قال رضي الله عنه : (حتى يتميز) في شهوده (العالم عن غير العالم) فإن غير العالم وإن ظهرت صورته في مرآة الحق لم يصر عالما إذ الصورة لا تصير من جنس المرآة.  
وإنما جعلت قوى هذا المنفي من جنس المرأة؛ لأنها اكتسبت أولا صورة كاملة استعدت بها رؤية الحق؛ فكانت الصورة الظاهرة في مرآة الحق كأنها عين المرآة بخلاف صورة غيره.
ويدل على هذا قوله تعالى: ("قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون") [الزمر: 9]  فإنهما وإن كانا في مرآة الحق لكن ("إنما يتذكر أولوا الألباب"
[الزمر: 9] وهم الناظرون في لب الشيء)، فهؤلاء إنما صاروا متقين مشاهدين.
لأنهم لا ينظرون إلى صورهم، ولو في مرآة الحق بل إلى لب الصور، وهو الحق لأن لب الشيء عبارة عن الأمر (الذي هو المطلوب من الشيء)، فكانوا طالبين مشاهدة الحق الذي هو لب الكل، فانعكست صورهم إلى مرآة الحق، فصار نظرهم إلى صورهم بالضرورة.
قال رضي الله عنه : (فما سبق مقصر مجدا)، وإن استويا في عدم رؤية اللب لكن هذا المنفى المجد عالم باللب، والمقصر غير عالم به فلا يستويان.
قال رضي الله عنه : (كذلك لا يماثل أجير عبدا) أي: هذا المنفي المحد لما كان طالبا لرؤية اللب كان أجيرا، والمنفي الأول لما لم يكن طالبا لشيء إذ لم يبقي شيئا حتى يبقى له طلب كان عبدا، وكما لا يستوي المقصر مع المجد كذلك لا يماثل أجير عبدا.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
للمتّقي اعتباران
قال رضي الله عنه : (أين المتّقون ؟ أي الذين اتّخذوا الله وقاية ،فكان الحقّ ظاهرهم ،أي عين صورهم الظاهرة ) لوقايته لهم ( وهو أعظم الناس ) قدر الشهود صورته أعظم ما في الوجود ( وأحقّه ) شهودا ، أي الواقع أظهر مطابقة لشهوده من شهود غيرهم ، وهو ظاهر.
( وأقواه ) حجّة ( عند الجميع ) وذلك أنّ الظاهر أنزل المراتب ، فهو أشمل ، فسائر الحجج تثبت مدعاه .
قال رضي الله عنه : ( وقد يكون المتّقي من جعل نفسه وقاية للحقّ بصورته ) وهو أن يكون الحقّ باطنه ، وهو ظاهر الحقّ لوقايته له
قال رضي الله عنه : ( إذ هويّة الحقّ قوى العبد فجعل مسمّى العبد وقاية لمسمّى الحقّ على الشهود ) عن أن ينتسب إلى الحقّ جهل أو شيء من نقائص الأوصاف الكونيّة فجعل مرجع ذلك كلَّها إلى العبد .
قال رضي الله عنه : ( حتّى يتميّز العالم ) ومن يوصف بالأوصاف الكماليّة ( عن غير العالم ) ممن ينتسب إليه النقائص ويوصف بها ( " قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الأَلْبابِ " [ 39 / 9 ] وهم الناظرون في لبّ الشيء ) ، المطَّلعون على غايته وحدّه .
قال رضي الله عنه : ( الذي هو المطلوب من الشيء ) وأنت قد نبّهت على ما بين اللبّ والحدّ من النسب الدالَّة التلويحيّة .
( فما سبق مقصّر ) واقف بين الأوساط ( مجدّا ) واصلا إلى حدّه ( كذلك لا يماثل أجير) يعمل بجعل هو يحرّكه وهو مجعوله ( عبدا ) يسوقه ويجرّه الفواتح والخواتم ، كما سبق في بحث السائق والآخذ بالناصية .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(  أين المتقون؟
أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع.
وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم.
«قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا. )  
قال رضي الله عنه : ( أين المتقون؟ أي الذين اتخذوا الله وقاية فكان الحق ظاهرهم أي عين صورهم الظاهرة، وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع. وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية للحق بصورته إذ هوية الحق قوى العبد. فجعل مسمى العبد وقاية لمسمى الحق على الشهود حتى يتميز العالم من غير العالم. «قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)  
قال رضي الله عنه :  (أين المتقون أي الذين اتخذوا الله وقاية) لأنفسهم حيث تحققوا بفناء أنياتهم وحقائقهم فكيف بفناء صفاتهم وأفعالهم (فكان الحق ظاهرهم، أي عين صورهم) العلمية والعينية (الظاهرة) أو ظهور العينية فـ بالنسبة إلى الصور العلمية.
وأما ظهور الصور العلمية فـ بالنسبة إلى ما هي صور له وهو الشؤون الذاتية وإنما كان الحق ظاهرهم، لأنه وقاية لهم والوقاية ظاهر من يسترها وهو باطنها.
والمراد بصورهم الظاهرة ما يعم القوى الظاهرة وما يعم القوى الظاهرة والباطنة ، بل الأعيان وباطنة فكلها صور ظاهرة الثابتة فإنها وإن كانت منقسمة إلى ظاهره - بالنسبة إلى أعيانهم الثابتة التي هي أيضا ظاهرة بالنسبة إلى الأسماء الإلهية وهي بالنسبة إلى عين الذات المجهول النعت.
قال رضي الله عنه :  (وهم)، أي المنقون بالمعنى المذكور حيث عرفوا فناءهم الأصلي فكان الحق وجوداتهم الظاهرة وأعيانهم الباطنة لفناء أنياتهم وحفائفهم فكيف بصفاتهم وأفعالهم، فهم الشاهدون له بذاته المشاهدون لجماله بعينه فهم (أعظم الناس) قدرة (وأحقهم) وجودة وقربا (وأقواهم) صفة وفعلا .
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي الله عنه وهو أعظم الناس بإفراد الضمير حملا على المعنى، أي المتقي أعظم الناس موافقة لقوله: (وقد يكون المتقي من جعل نفسه وقاية اللحن بصورته) المحسوسة المشهودة لا بقواه الباطنة فيها (إذ هوية الحق) التي يكون العبد بصورته وقاية لها هي (قوى العبد) الباطنة فكيف يكون العبد بقواه الباطنة التي هي عين هوية الحق وقاية لها.
قال رضي الله عنه :  (فجعل مسمى العبد) بصورته المشهودة (وقاية بمسمى الحق)، الذي هو عين قوى الحق الباطنة فكل واحد من هذا الاتحاد والجعل إنما اعتبر إذا كانا مبنيين (على الشهود)، أي المشاهدة والكشف لا على الاستدلال والتقييد.
قال رضي الله عنه :  (حتى يتميز العالم) بالعلم الشهودي (من غير العالم) على هذا الوجه فغير العالم يشمل المستدل والمقلد كليهما .
قال رضي الله عنه :  ("هل يستوي الذين يعلمون ") الأمر على ما هو عليه علما شهوديا ("والذين لا يعلمون") الأمر كذلك.


قال رضي عنه : (  إنما يتذكر أولوا الألباب» وهم الناظرون في لب الشيء الذي هو المطلوب من الشيء. فما سبق مقصر مجدا كذلك لا يماثل أجير عبدا.)
قال رضي الله عنه :  ("إنما يتذكر") بأمثال هذه العلوم ("أولوا الألباب") [الزمر: 9] المذكورة هذه العلوم وأمثالها في أصل فطرتهم (وهم الناظرون بعين الكشف) والمشاهدة بعد تصفية قلوبهم وتخليتها بالكلية عن الصور الكونية .
قال رضي الله عنه :  (في لب الشيء الذي هو المطلوب من) ذلك (الشيء) وهو الاسم الإلهي الذي يكون المقصود من وجود ذلك الشيء مظهريته .
قال رضي الله عنه :  (فما سبق مقصر) في هذه التصفية (مجدا) فيها بل لم يتحق، (كذلك لا يماثل أجير) يعمل للأجرة (عبدا) يعمل للعبودية فإن الأجير عند أجرته بتصرف من باب المستأجرة عند وصولها والعبد ملازم لباب سيده غير منصرف عنه على حالي أصلا فكذلك بعبدا الحق لمحض العبودية ليس من بعبده للفوز بالجنة والنجاة من النار.



واتساب

No comments:

Post a Comment