Saturday, July 13, 2019

السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثالث فص حكمة سبوحية فى كلمة نوحية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

 03 - The Wisdom Of Exaltation In The Word Of NOAH

الفقرة الثالثة عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله.
«ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
قال رضي الله عنه : "وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله. «ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". "
(وبهذا) الأمر المذكور، أي بسببه (كان الحق) سبحانه وتعالى (مالك الملك ) [آل عمران: 26]، فإن الملك الحقيقي لله سبحانه وقد استخلف فيه بنی آدم فلبني آدم الملك الحقيقي أيضا بطريق الاستخلاف والنيابة عن الحق تعالى.
فالحق تعالی مالك الملك لذلك وهو من أسمائه (كما قال) الإمام (الترمذي) رحمه الله تعالى في أسئلته وبسط الجواب عنها الشيخ المصنف قدس الله سره في الفتوحات المكية ("ومكروا" )، أي قوم نوح بنوح عليه السلام ("مكرا كبارا") [نوح: 22]، أي كبيرة فنسب الله تعالى الكبر إلى مكرهم لما يأتي في بيانه وسبب هذا المكر منهم (لأن الدعوة إلى الله) تعالى الحاصلة من نوح عليه السلام كذلك من جميع الأنبياء عليهم السلام لأممهم (مکر) في حقيقة الأمر من نوح عليه السلام كذلك جميع الأنبياء عليهم السلام بإذن الله تعالی فهي مكر من الله تعالى (بالمدعو) من قوم نوح وغيرهم
(لأنه)، أي المدعو (ما عدم) الله تعالى من البداية، لأن المدعو ظهور إلهي من بداية أمره تعالى (فيدعی) بنبي أو غيره (إلى الغاية) التي هي الله تعالى كما قال :
"وأن إلى ربك المنتهى" [النجم: 42]، ثم إن كل الدعاة إلى الله تعالی مأمورون بالدعوة على وجه المكر بالمدعو كما ذكر حيث قال حكاية عن نبينا عليه السلام بقوله تعالى: «قل هذه ، سبيلي (أدعوا إلى الله على بصيرة) أنا ومن اتبعني» [يوسف: 108] الآية .
وهم العارفون الوارثون (فهذا)، أي ما ذكر من الدعوة على بصيرة (عين المكر) الإلهي من الداعي والداعي فيه (على بصيرة) كما أمره الله تعالی بذلك (فنبه سبحانه) وتعالى في هذه الآية.
(أن الأمر) من حيث صور المدعوين والداعين (له) تعالى وحده (كله)، أي جميع ذلك الأمر فليس لأحد منه شيء كما قال تعالى النبيه وليس لك من الأمر شيء (فأجابوه)، أي أجاب قوم نوح نوح عليه السلام (مكرا) أيضا (كما دعاهم) هو أيضا (مكرا).


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله.  «ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
قال رضي الله عنه : (وبهذا) أي وبسبب ملك الاستخلاف (كان الحق مالك الملك كما قال الترمذي) إذ الموكل ماله التصرف في الوكيل بجعله وكيلا فكان الحق مالكة لملكه في اصطلاح أهل الله في ملك الاستخلاف. (ومكروا) أي قوم نوح عليه السلام بنوح (مكرا كبارا لأن الدعوة) أي دعوة الأنبياء (إلى الله تعالی مکر بالمدعو) أي قومه "يقصد قوم نوح عليه السلام" .
(لأنه) أي الله تعالى وهر المدعو إليه (ما عدم من البداية) وهي ما يعبدون من الأصنام إذ لا ينكر أحد وجود الحق وربوبيته وإنما وقع الغلط في تعيينه وإضافة ربوبيته فبعضهم أضائها إلى أنفسهم وبعضهم إلى الأصنام أو غير ذلك والأنبياء يدعون قومهم من هؤلاء وهي البداية فلا عدم الحق من هؤلاء (فيدعى إلى الغاية ادعو إلى الله) وهو معبود بالحق
(فهذا) أي الدعوة من البداية إلى الغاية ذكر الإشارة باعتبار القول (عين المكر على بصيرة) لعلمهم ما يدعونه فکانت دعوة الأنبياء وإن كان مكرا لكونها على بصيرة حق واقع.
(فنبه) يعني لما دعا نوح عليه السلام قومه من البداية إلى الغاية نبه (أن الأمر له كله) لكون دعوته يشير ذلك وهو "استغفروا ربكم" حيث أضاف الرب إلى كل واحد منهم أي استروا كل واحد منكم ربكم الخاص بكم فشبه أن هوية الحق بالربوبية سارية في كل موجود و مكروا بسبب ذلك
(فأجابوه مكرا كما دعاهم) يعني لما نبه نوح عليه السلام في دعوته لقومه (مكرا) أجابوه مکرا كما دعاهم جزاء عن مكره .
لأنه وإن دعاهم إلى الله من حيث أسمائه لكنه نبه في دعوته ثبوت الحق في كل موجود فكانت الدعوة من حيث الأسماء مختفية مستورة بهذا التنبيه .
فلما علموا منه ذلك مكروا فقالوا: فالحق معنا ومع أصنامنا فنحن على دعوتك لم تركنا أصنامنا بل نعبد الحق في صورة أصنامنا .
لكون الحق ظاهرة في أصنامنا فلم يعلموا دعوة النبي بسبب التنبيه فأجابوا مكرا.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله.
«ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
قلت : فالملك لله وهو وكيلهم، فالملك لهم وذلك ملك الاستخلاف. وبهذا كان الحق تعالی مالك الملك كما قال الترمذي، رحمه الله تعالی.
" مكروا مكرا كبارا" 22 سورة نوح.  لأن الدعوة إلى الله تعالی مکر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعى إلى الغاية .
"أدعوا إلى الله" 108 یوسف. فهذا عين المكر، على بصيرة فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم.
فجاء المحمدی وعلم أن الدعوة إلى الله ما هي من حيث هويته وإنما هي من حيث أسمائه.
فقال: "يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا" 80 مریم. فجاء بحرف الغاية وقرنها بالاسم، فعرفنا أن العالم كان تحت حيطة اسم إلهي أوجب عليهم أن يكونوا متقین. فقالوا في مكرهم: " لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا " فإنهم إذا تركوهم جهلوا من الحق على قدر ما تركوا من هؤلاء.
فإن للحق في كل معبود وجها يعرفه من عرفه ويجهله من جهله.
في المحمديين: " وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه" 23 الإسراء. أي حكم.
قال: فأجابوه مكرا كما دعاهم مکرا، ثم قال: من المحمديين ، أنه علم أن الدعوة من اسمه الهادي والمدعو هو من تبع الاسم المضل، فمن كانت نسبته في الحقيقة إلى الاسم الهادي وصورة الدعوة عامة لتعذر الإتيان بها خاصة لكل فرد فرد.
ثم شبه رضي الله عنه، هذه القصة بمضمون قوله تعالى: «يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا" (مريم: 85) فجاء بحرف «إلى» التي هي للغاية وقرنها بالاسم الرحمن ولكن لما ذكر المتقين علمنا أن المحشركان من حضرة الاسم المنتقم، فإنه هو الذي يتقي منه ولا يكون الاتقاء من الاسم الرحمن.
فإذن المحشر كان من حضرة اسم إلى حضرة اسم وإذا اعتبرت الهوية لم يكن هناك حشر فمعاني الحشر على قاعدته هو مكر.
ثم عاد إلى قوم نوح وبين أنهم إنما أجابوا الداعي مكرا أيضا بما ذكر من نسبتهم لمن قال : "لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا" (نوح: 23).
فكأنه قال: إنهم صرحوا بما كانوا واخفوه حالة مكرهم في الاجابة إذ قد علموا أن هذه التي دعوها آلهة هي عندهم ظهورات إلهية. والشيخ، رضي الله عنه، يسمى الظهورات مظاهر ومجالي، بناء على قاعدته من الإقرار بالأعيان الثابتة .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله.
«ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
قال رضي الله عنه : « وبهذا كان الحقّ ملك الملك » .
قال العبد : لمّا تحقّقنا أنّ ما بنا من نعمة فمن الله ، تحقّق أنّ الوجود الذي هو أفضل النعم وأشرف النسب والقسم من الله ، والوجود الحقّ هو المتعيّن في جميع صور النعماء والآلاء والأيادي ، وفي صور الملاذّ والملاهي ، في الصورة الثبوتية الأمرية والسلبية في المناهي ، وأنّ التعيّنات لا تبقى زمانين إلى أقصى ما أقصى به لا يتناهى .
وأنّ الوجود الحقّ يتبدّل ويتبذّل مع الآنات ملابس تعيّن وظهور وتنوّع بحلي ، وتحلّ وسفور في ستور من سرّ الخلق الجديد الذي هم منه في لبس ملابس من جميع الأمور فكما أنّ حقائق الأشياء مع قطع النظر عن الوجود المتعيّن بها وفيها نسب راجعة إلى العدم ، كذلك الوجود الحقّ يقتضي لحقيقته التجلَّى والظهور والتعيّن بصورة النور في المظاهر والمجالي .
على التواتر والتوالي ، من غير فتور إلى الأبد من أزل وقدم ، فلو كان مشهود العباد هو الحقّ الذي هو قوامهم وقيامهم ، وهو الحيّ القيّوم فيهم وقيّامهم ، فرأوا الملك والمال والولد والنعم لله حقيقة لا لهم دونه ، فإنّهم بلا « هو » عدم صرف والعدم لا يملك ، فالملك لله فيهم بالأصالة بلا شريك ، ولهم فيه لا بالحقيقة بل بالتمليك ، وأنّ المرجوع في كل ذلك إلى الله .
" أَلا إِلَى الله تَصِيرُ الأُمُورُ و " هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ " وهو المليك المالك للملك والملكوت ، لكان الحقّ في تجلَّيه لهم بحسب ظنونهم فكان لهم مالا وملكا أبديّا وملكا سرمديّا وهم ملكه ، فهو ملك ملكهم ، إذا زال عنهم ما بأيديهم من مالهم وملكهم ممّا تخيّلوا أنّه لهم بالأصالة من كفرهم وشركهم فحجبوا في عين الكشف ، وسكروا بالوصف ، قبل الشرب والرشف .
قال أبو يزيد البسطاميّ سلام الله عليه في مناجاته إيّاه ومحاضرته لمولاه وقد تجلَّي له المليك المقتدر : « ملكي أعظم من ملك ، لكونك لي وأنا لك ، فأنا ملكك وأنت ملكي ، وأنت العظيم الأعظم وملكي أنت ، فأنت أعظم من ملكك وهو أنا » ، فافهم .
قال الشيخ رضي الله عنه : « كما قال الترمذيّ » .
يعني رضي الله عنه الشيخ الكامل ، الإمام الفاضل ، قدوة الطائفة العالية ، أستاد الطريقة ، وبرهان الحقيقة ، محمّد بن عليّ الترمذيّ الحكيم المؤذّن ، وذلك أنّه ذكر من جملة ما أجمل في مسائله عن الخاتم المحمدي ، خاتم الولاية الخاصّة المحمدية قبل ولادة هذا الخاتم بمائتي سنة ، ثم لمّا ولد وبلغ ، أجابه فيها رضي الله عنه فقال : « مالك الملك » وقد ورد علينا وارد في هذا المقام حالا شهوديّا  . شعر :
يا منتهى السؤل أنت القصد والغرض .......      لي فيك عن كلّ شيء فاتني عوض
مالي سواك ومالي في هواك سوى    ..... سوء الظنون سواء في السوي عرض
الأبيات بطولها .
قال رضي الله عنه : " وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً " ، لأنّ الدعوة إلى الله مكر بالمدعوّ ، لأنّه ما عدم من البداية فيدعى إلى النهاية " أَدْعُوا إِلَى الله "  فهذا عين المكر "عَلى بَصِيرَةٍ "  فنبّه أنّ الأمر كلَّه له ، فأجابوه مكرا كما دعاهم مكرا " .
قال العبد : حقيقة الدعوة تقتضي الفرقان والتمييز والبينونة والتحييز ، ولا تتحقّق إلَّا في البين بين اثنين . فيدخل « من » و « إلى » لبداية دعائه في الأين .
وحقيقة المدعوّ عين الأمرين وعين الغاية والبداية في كل عين عين ، فالدعوة من عين أو أعيان مع كون الحقّ عين المدعوّ والمدعوّ عنه إلى الحق من كونه أيضا عينه كذلك مكر ، لكون المدعوّ إليه عين ما منه يدعو إلى عينه في نظر المكاشف وإلى غيره في عين غير المكاشف الواصف العارف ، فجاؤوا بأكبر نوع من المكر ، وهو إجابتهم للداعي لهم مكرا في صورة الردّ ، وإقرارهم بما يدعى الدعوة إليه ، في صور الإنكار والنكر والكفر .
فقابلوا مكر الداعي بهم من حيث لا يشعرون ، فأجابوه بالفعل مكرا في كل ما دعاهم إلى الله كذلك من حيث يعلمون ولا يعلمون .
والذي قال رضي الله عنه : « فنبّه أنّ الأمر كلَّه لله » .
يعني سلام الله عليه : أنّ كلَّا من الداعي والمدعوّ ، مأمور بما هو به ظاهر ، ويحكم سلطنته له تحت أمر قاهر وباهر ، فالداعي مأمور بالدعوة والأمر ، والمدعوّ مأمور بما خلق له ، وكلّ ميسّر لما خلق الله .
ولكنّ الله علم أنّ صلاح المستعدّين المستحيين في الدعوة بالإقلاع عن الانهماك في صور التفرقة والحجاب، وذلك أنّهم تناهوا في الخروج إلى أقاصي عوالم الإمكان والظهور، فلو تابوا إلى الله العالم بأحدية جمع الوحدة الباطنة في أعيان الكثرة.
لحصل لهم الكمال الجمعي في ذلك التناهي بالعروج ، والانتهاء في الرجوع إلى الأصل الباطن الذي منه البروز والخروج والدروج ، ولكنّهما الأهواء عمت فأعمت فأصمّهم الله وأعمى أبصارهم ، وحبّك الشيء يعمي ويصمّ عن غيره ولو بالنسبة والإضافة .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله.
«ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
قال رضي الله عنه : ( وبهذا كان الحق مالك الملك ، كما قال الترمذي ) وهو إشارة إلى ما ذكر الشيخ العارف محمد بن على الحكيم الترمذي من جملة سؤالاته لأنه التي سأل عنها الخاتم للولاية قبل ولادة الشيخ العارف محيى الدين بما يأتى سنة وهو قوله ما ملك الملك ، وإلى هذا المعنى أشار الشيخ العارف أبو يزيد البسطامي قدس الله روحه في مناجاته .
وقد تجلى له الملك الحق المبين فقال : ملكى أعظم من ملكك لكونك لي وأنا لك ، فأنا ملكك وأنت ملكى ، وأنت العظيم الأعظم وملكى أنت فأنت أعظم من ملكك وهو أنا .
قوله  رضي الله عنه : ( " ومَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً " - لأن الدعوة إلى الله مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعى إلى الغاية – " أَدْعُوا إِلَى الله " - فهذا عين المكر – " عَلى بَصِيرَةٍ " - ) معناه أن الدعوة إلى الله دعوة منه إليه لأن الله عين المدعو والداعي والبداية والغاية لكونه عين كل شيء فهو مكر بالمدعو لأن المدعو مع الله فكيف يدعى إلى الله فقابلوا مكر الداعي بمكر أعظم من مكره .
فقالوا : " ولا تَذَرُنَّ وَدًّا ولا سُواعاً ولا يَغُوثَ ويَعُوقَ ونَسْراً " فإنهم إذا تركوهم ، فقد تركوا الحق وجهلوه بقدر ما تركوا من هؤلاء ، فإن للحق في كل معبود وجها يعرفه من يعرفه ويجهله من يجهله ، فهم مقرون بما يدعو الداعي إليه .
وفي صورة الإنكار مجيبون دعوته في صورة الرد من حيث لا يشعرون ، فإن الدعوة فرقان وهم في القرآن ، فكأنهم مع كفرهم يقولون قد أتينا الله ونحن معه فإن المدعو معه عين المدعو إليه في شهود المكاشف وغيره في اعتقاد غير المكاشف .
فعندهم أنه لو أجابوه ظاهرا لتركوا الحق إلى الباطل فلذلك كان مكرهم أكبر من مكره ، فقوله ادعوا إلى الله عين المكر على بصيرة أي على علم بأن الدعوة منه إليه ( فنبه عليه السلام أن الأمر له كله ) وأنه يدعو بأمر الله والمدعو يجيبه بالفعل وأنه مطيع بما أمر به واقف مع ما خلق له وأريد منه تحت حكم قاهر وسلطنة أمر باهر .
وهو معنى قوله ( فأجابوه مكرا كما دعاهم ) على ما ذكر آنفا لكنه يعلم أن صلاح المستعدين المجيبين في قبول الدعوة من حيث أنهم وقعوا في غاية التفرقة والحجاب وتعمقوا في أقاصى عالم الإمكان فلو أجابوا لخرجوا من التفرقة إلى الجمع ، وخلصوا من مهاوي الإمكان إلى ذرى الجمع ، وبلغوا كمالهم الجمعى الذي منه يبدأ الأمر وإليه عاد.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله.
«ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وبهذا كان الحق (ملك الملك) كما قال الترمذي) أي، وبسبب أن الحق
أثبت ملك الاستخلاف للعباد الكمل وجعل نفسه وكيلا منهم، وللموكل أن يتصرف في الوكيل بحسب العزل والإثبات كما يتصرف في الملك، صار الحق ملك ملكه.
وذكر الشيخ رضي الله عنه في اصطلاحاته: (مالك الملك هو الحق في حال مجازات العبد على ما كان منه مما أمر به). فمعناه: أن الحق جزى عبده على ما عمل مما أمر به.
واعلم، أن جزاء الأعمال الصادرة من العباد إنما هو بحسب نياتهم: فمن
كان عمله للجنة يجازيه بها، ومن كان عمله لله نفسه، ولا رغبة في الجنة ولا رهبة من النار، فالحق جزاؤه لا غير، كما جاء في الحديث القدسي: (من أحبني قتلته، ومن قتلته فعلى ديته ومن على ديته، فأنا ديته).
وقال أبو يزيد في مناجاته، عند تجلى الحق له: (ملكي أعظم من ملكك لكونك لي وأنا لك، فأنا ملكك وأنت ملكي، وأنت العظيم الأعظم، وملكي أنت، فأنت أعظم من ملكك وهو أنا.)
وقوله: (كما قال الترمذي) إشارة إلى ما سأل الشيخ الكامل المكمل،
محمد بن على الترمذي، قدس الله روحه، أسئلة لا يجيب عنها إلا أكابر الأولياء أوقطب الوقت. ومن جملتها: (ما ملك الملك؟
ولما ولد وبلغ الشيخ رضي الله عنه أجاب عنها. وفي كتاب الفتوحات، في المجلد الثاني، مذكورة مع أجوبتها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ومكروا مكرا كبارا، لأن الدعوة إلى الله مكر بالمدعو، لأنه ما عدم من البداية، فيدعى إلى الغاية "ادعوا إلى الله" فهذا عين المكر على بصيرة. فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم). أي، لما مكر نوح عليه السلام معهم، مكروا مكرا كبارا في جوابه. وذلك لأن الدعوة إلى الله مكر من الداعي بالمدعو، لأن المدعو ما عدم الحق من البداية حتى يدعى إليه في الغاية، لأنه مظهر هويته في بعض مراتب وجوده، فالحق معه بل هو عينه.
فالداعي إذا دعى، مظهرا ما يمكر به: فإنه يريد أن الحق ليس معه، وهو غيره، وهو عين المكر. لكن مثل هذا المكر من الأنبياء إنما هو على بصيرة.
كما قال رضي الله عنه : (ادعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني). أي، يعلم النبي إنه مظهر هوية الحق، لكن يدعوه ليخلصه عن القيود وترتفع عنه الحجب الموجبة للضلالة، فيرى ذاته مظهرا للهوية، ويشاهد جميع الموجودات مظاهر الحق، ويعبده بجميع أسمائه وصفاته، كما عبده من حيث اسمه الخاص.
وفاعل (نبه) ضمير يرجع إلى نوح، أو إلى الحق. أي، نبههم على أن الملك كله لله، ليس كما تخيلوا أنه لهم.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله.
«ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
قال رضي الله عنه : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله. «ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ".)
قال رضي الله عنه : (وبهذا) أي: وبتلك المعارف الكشفية (كان الحق مالك الملك) تتصرف عبيده في معارفه تصرف الملاك، وينتفعون بها انتفاعهم، (كما قال الترمذي).
وقد روي عن أبي يزيد البسطامي رضي الله عنه أنه قال في مناجاته حين تجلى له الملك الحق المبين: " ملكي أعظم من ملكك؛ لأنك لي، وأنا لك، فأنا ملكك وأنت ملكي، وأنت العظيم الأعظم".
وإلى هذا أشار الشيخ رضي الله عنه في اصطلاحاته إذ قال: مالك الملك هو الحق في حال مجازاة العبد على ما كان منه إذ أعظم المجازاة ما يكون بالمعارف الإلهية ؛ فافهم، فإنه مزلة القدم.
ولما فرغ عن بيان تقليدهم من لم يزده ماله وولده إلا خسارا شرع في بيان أخذهم بقول نوح الكلية على سبيل المكر والمكابرة بما ينجر إلى ما كانوا عليه من عبادة الأصنام فقال: ("ومكروا" [نوح: 22]).
أي: مكرت أرواحهم في إجابة دعوة نوح إذا أجابوه لا في التنزيه، ولا في الظهور في الكل، بل في بعض المظاهر، أو في الكل مع جعل المظاهر القاصرة كاملة بحيث تستحق العبادة فكان مكرهم ( "مكرا كبارا" [نوح: 22])، کابروا فيه مع نوح العلي وقصدوا بذلك جزاء مكره في دعوتهم إلى الله تعالی؛ (لأن الدعوة إلى الله) من حيث اشتمال هذا الاسم سائر الأسماء (مكر بالمدعو) لإصلاح أمره وإرشاده من حيث لا يشعر.
إذ لو قيل له: إنه يدعي من اسم إلى اسم مع أنه مع الله بكل حال لربما كابر وزعم أنه مع الاسم المدعو إليه، كالرحيم، والغفور من حيث إنه يراه غير مؤاخذ بذنوبه، مرزوقا معافي.
وإنما قلنا: إنه مكر بالمدعو؛ (لأنه) أي: اسم الله من حيث شموله للأسماء (ما عدم من البداية) التي فيها المدعو الآن؛ لأنه لا يخلوا عن تجلي اسم من الأسماء الإلهية (فيدعی إلى الغاية) التي فيها الله خاصة، بل هو فيهما بالتجلي؛ لكنه في الأول بالاسم القهري، وفي الثاني بالاسم اللطفي.
فهذا أي: الدعاء من بعض الأسماء إلى بعض في المعنى مع كونه في اللفظ ("أدعوا إلى الله" [يوسف: 18]) تعالی (عين المكر) بالمدعو لإصلاحه وإرشاده، كما قال: لكنه ("على بصيرة" [يوسف: 18]) من الداعي إذ علم بمكابرة المدعو لو صرح له بالمدعو إليه من الأسماء، (فنبه) روح المدعو بمكره على مكر الداعي، إذ علم (أن الأمر) أي: أمر البداية والغاية (له كله) .
إذ الكل من حيث مظاهر الأسماء الداخلة تحت حيطة هذا الاسم الكلي، وقد خصصه نوح اللي بالأسماء اللطفية، إذ دعاهم إليه من حيث تضمنه إياها خاصة.
(فأجابوه مکرا) بقبول دعوته في غير الصورة المطلوبة؛ لأنه دعاهم إلى التنزيه باعتبار ذاته، والتشبيه باعتبار ظهوره في المظاهر، وهم إنما قبلوا دعوته بتخصيص ظهوره ببعض المظاهر أو الكل مع جعل البعض القاصرة كأنها الكل حتى جعلوها مستحقة للعبادة .
وهو غلط إذ المظهر الكامل هو الإنسان فلا يليق به أن يعبد ما دونه، وهو أيضا لا يستحق العبادة من غيره؛ لأن غاية كماله أن يظهر بالعبودية التي هي أصله، وقصدوا بذلك أن يجيبوه مكرا (كما دعاهم مكرا) من بعض الأسماء إلى بعض، مع أنه أظهر أنه يدعوهم إلى الله الذي هو الكل


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله.
«ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
قال الشيخ رضي الله عنه : (وبهذا) أي بما ظهر من هذه الحكمة وهو أنّ أحوال العقائد التي هي أملاك أصحابها النوحيين الخاسرين في التصرّف فيها ، وهي بالنسبة إلى أصحابها المحمّديين ممالك مستخلفين فيها ومنفقين منها كلَّها حقّ . كما سيجيء تحقيقه ففي هذه الصورة.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( كان الحقّ ملك الملك ، كما قال الترمذي ) في أسئلته ، وقد أجاب الشيخ عنها في الفتوحات "المكية " .
فإنّ الحكيم محمّد بن علي الترمذي قد سأل الخاتم للولاية عن أسئلته ، وكان قبل الشيخ بأربعمائة سنة تقريبا ، وصرّح بأنّ الخاتم هو الذي يجيب عنها ،ومن جملتها : « كم مجالس ملك الملك»؟
فأجابه أوّلا بأنّه على عدد الحقائق الملكيّة والناريّة والإنسانيّة ، واستحقاقاتها الداعية لإجابة الحقّ فيما سأله منه .
ثمّ بسطه بما معناه : إنّ الكلام هاهنا مسبوق بمعرفة ملك الملك ، وذلك موقوف على معرفة الملك ، وهو الذي يقضي فيه مالكه بما شاء فلا يمنع عنه . . . فالمأمور هو الذي يقال له الملك ، والآمر هو المالك . . . سواء كان المأمور دونه أو مثله أو أعلى . . . فإنّ قول العبد : « اهدنا » أمر منه ، وإن سمّي دعاء .
فإذا فهمت هذا وعلمت أنّ المأمور قد امتثل أمر آمره ، فأجابه فيما سأل منه ، أو اعترف بأنّه يجيبه إذا دعاه لما يدعوه إليه .
إذا كان المدعوّ أعلى منه فقد صيّر نفسه - هذا الأعلى - ملكا لهذا الدون ، وهذا الدون هو تحت حكم هذا الأعلى وقدرته وأمره ، فهو ملكه بلا شكّ ، وقد قرّرنا أنّ الدون الذي هو بهذه المثابة - قد يأمر سيّده ، فيجيب السيّد لأمره ، فيصير بتلك الإجابة ملكا له .
وإن كان عن اختيار منه فيصحّ أن يقال في السيّد : « إنّه ملك الملك » لأنّه أجاب أمر عبده ، وعبده ملك له ، والمأمور هو الملك ، فالسيّد عند الإجابة ملك الملك .
فعلم وجه التفاوت بين الكلمتين في هذه الحكمة .
ومن جملة تلك الحكم ما قال تعالى حكاية عن قوم نوح : ( "وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً "[ 71 / 22 ] لأنّ الدعوة إلى الله مكر بالمدعوّ ) ، " حيث قال نوح : « ربّ إنّي دعوتهم » مطلقا ، ولا شكّ أنّ الحقّ عين المدعوّ والداعي والبداية والنهاية ، فالدعوة مكر بالمدعوّ ضرورة ( لأنّه ما عدم من البداية فيدعى إلى الغاية ) .
وأمّا محمّد فما أطلق في دعوته بل قال : ( " أَدْعُوا إِلَى الله " على بصيرة ) أي على وقوف وعلم بأنّه بحسب هويّته الجمعيّة عين الكلّ .
لكن الدعوة إنّما هي بحسب أسمائه المهيمنة في وقتها ، ( فهذا عين المكر على بصيرة ) وحيث قيّد دعوته بالبصيرة علم أنّه إذا كان عين الكل يستدعي أن يكون الدعوة حقّا ، إذ هي عينه .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فنبّه أنّ الأمر له كلَّه ) فليس للداعي دخل في الدعوة أصلا .
وإذ ليس في الدعوة النوحيّة هذا التنبيه ، بل إجمال من القول ، أجمل قومه أيضا في الجواب ، (فأجابوه مكرا ، كما دعاهم ) امتثالا لما أمرهم لسان الوقت وعملا بمقتضاه .
ولما كان في الدعوة المحمّديّة ذلك التفصيل ، فهم قومه منه ذلك.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله.
«ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
قال رضي الله عنه : (وبهذا كان الحق تعالى مالك الملك كما قال الترمذي رحمه الله. )
(وبهذا)، أي يكون الملك لله فإنه يستلزم أن يكون العبد ملكا لله ويكون الحق وكيلا له فإنه يقتضي أن يكون الحق ملكا للعبد فإن للموكل أن يتصرف في وكيله كما ينصرف المالك في ملكه.
(كان الحق) سبحانه (ملك الملك) بكسر الميم فيهما (كما قال) الشيخ أبو عبد الله محمد بن علي الحكيم (الترمذي) قدس الله تعالی سره في جملة سؤالاته التي سأل عنها الخاتم للولاية المحمدية قبل ولادة الشيخ المصنف رضي الله عنه بقرون كثيرة.
فأجاب عنها الشيخ رضي الله عنه حيث اطلع عليها، ويمكن أن يقال معنى قوله : وبهذا، أي بإثبات الملك لكل واحد من الحق والعبد، كان الحق سبحانه مالك الملك، فإن العبد أيضا قد يمتك الحق تعالی بل العبد المحض لا يملك إلا إياه .
قال الشيخ رضي الله عنه في الباب التاسع والأربعين وأربعمائة من الفتوحات : اعلم أنه لا يملك المملوك إلا سيذه، ولهذا يسمى الترمذي الحكيم الحق سبحانه ملك الملك غير سيده لا يملك عبد.
فإن العبد في كل حال يفصد سیده فلا يزال تصرف سيده بأحواله في جميع أموره، ولا معنى للملك إلا التصرف بالقهر والشدة ومهما لم يقم السيد بما يطالبه به العبد فقد زالت سيادته من ذلك الوجه.
وأحوال العبد على قسمين : ذاتية وعرضية
وهو بكل حال بتصرف فيه سيده والكل عبيد الله تعالى، فمن كان دوني الهمة قليل العلم كثيف الحجاب غليظ القفا ترك الحق وتعبد عبید الحق ونازع الحق في ربوبيته فخرج من عبودينه .
فهو وإن كان عبدا في نفس الأمر فليس هو عبد مصطنع ولا مختص، فإذا لم يتعبد أحد من عباد الله كان عبدا خالصا لله تعالی فتصرف فيه سيده بجميع أحواله فلا يزال الحق في شأن هذا العبد خلاق على الدوام بحسب انتقالاته في الأحوال.
""وقال الشيخ رضي الله عنه : (قال صلى الله عليه وسلم "خادم القوم سيدهم" لأنه القائم بأمورهم لأنهم عاجزون عن القيام بما تقتضيه أحوالهم. فمن عرف صورة التصريف عرف مرتبة السيد من مرتبة العبد . فيتصف العبد بامتثال أمر سيده والسيد بالقيام بضرورات عبده . فلا يتفرغ العبد مع ما قررناه من حاله مع حال سيده أن يقتني عبدا يتصرف فيه لأنه يشهد عيانا أن ذلك العبد الآخر يتصرف في سيده تصرفه .
فيعلم أنه مثله عبد لله وإذا كان عبد الله لم يصح أن يتعبده هذا العبد فما ملك عبد إلا حجاب.).""
وقال أيضا في هذا الباب: لقيت سليمان الديبلي فأجرني في مباسطة كانت بيني وبينه في العلم الإلهي ..
فقلت له : أريد أن أسمع منك بعض ما كان بينك وبين الحق من المباسطة.
فقال: باسطني يوما في سري في الملك فقال لي: إن ملكي عظيم، فقلت له : ملكي أعظم من ملكك، فقال : كيف تقول، فقلت : له مثلك في ملكي وليس مثلك في ملكك. فقال : صدقت
قال رضي الله عنه : أشار إلى التصريف بالحال والأمر وهو ما قررناه وهذا قريب مما قاله أبو يزيد البسطامي قدس الله سره في مناجاته : "ملكي أعظم من ملكك" لكونك لي وأنا لك فأنا ملكك وأنت ملكي وأنت العظيم الأعظم وملكي أنت فأنت أعظم من ملكك وهو أنا .
"" فقال الشيخ رضي الله عنه : فإذا علمت هذا علمت قدرك ومرتبتك ومعنى ربوبيتك وعلى من تكون ربا في عين عبد وهو بالعلم قريب وبالحال أقرب وألذ في الشهود والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.""
ثم قال رضي الله عنه : («ومكروا مكرا كبارا»، لأن الدعوة إلى الله تعالى مكر بالمدعو لأنه ما عدم من البداية فيدعي إلى الغاية. «أدعوا إلى الله» فهذا عين المكر، «على بصيرة» فنبه أن الأمر له كله، فأجابوه مكرا كما دعاهم "مكرا ". )
ثم أشار رضي الله عنه إلى قوله تعالى حكاية عن شكاية نوح عليه السلام عن قومه ("ومكروا مكرا كبارا" نوح : 22). أي مكر قوم نوح عليه السلام في جواب دعوته مكرا عظيما.
كان نوح عليه السلام مكر بهم في الدعوة وذلك (لأن الدعوة إلى الله مكر بالمدعو) وإمرار الأمر على غير ما هو عليه في نفسه (لأنه)، أي المدعو (ما عدم) على البناء للفاعل يعني ما فقد الله سبحانه (من البداية فيدعى إلى الغاية) فيجده فيها ، ولأنه أي الله سبحانه وتعالى ما عدم على البناء للمفعول من البداية فيدعي المدعو الى الغاية ليجده فيها بل هو عين المدعو منه والمدعو إليه كما هو عين المدعو والداعي.

قوله رضي الله عنه (أدعو إلى الله)، يدل على فقدانه عن بعض هذه المراتب وهو غير ما هو الأمر عليه في نفسه (فهذا عين المكر)، وقوله : (على بصيرة)، أي على علم بأن الدعوة منه وإليه وهو الداعي والمدعو (فنبه)، أي هذا القول أو الداعي أو الله سبحانه به (على أن الأمر له)، أي لله سبحانه (کله) فهو الموجود في البداية والمقصود في النهاية والداعي في مرتبة المدعو في أخرى، فحقيقة الدعوة أن يدعو اسم اسم من اسم إلى اسم آخر ، فقوم نوح ما فهموا حقيقتها بل حسبوها مكرا (فأجابوه)، أي قوم نوح عليه السلام (مكرا) به (كما دعاهم) مكرا (لهم) ومجيء جوابهم بعيد هذا .

واتساب

No comments:

Post a Comment