Wednesday, July 10, 2019

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة التاسعة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة التاسعة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني فص حكمة نفثية فى كلمة شيثية الفقرة التاسعة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله


02 - The Wisdom Of Expiration In The Word Of SETH

الفقرة التاسعة والعشرون:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى.  فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور.  وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه.  فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. )قال رضي الله عنه : "فمنه خرج و إليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن الله. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من الله شيء، وما في أحد من سوى نفسه شي ء وإن تنوعت عليه الصور. وما كل أحد يعرف هذا، وأن الأمر على ذلك، إلا آحاد من أهل الله.
فإذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله تعالى."
(فمنه)، أي من أبيه (خرج) الابن إلى عالم الدنيا (وإليه)، أي إلى أبيه (يعود) بعد فناء هويته كالحبة تدفن تحت الأرض فنبتت حشيشة، ثم تخرج تلك الحبة في أعلى الحشيشة، فترجع إلى أصلها بعد فناء الزائد عليها من الساق والورق والقشر
(فما أتاه) أى الأب وهو آدم عليه السلام (غريب) عنه بل أتاه ابنه وهو بضعه منه بل هو خرج منه وأتي إليه وليس بأجنبي عنه.
ولهذا اعتبر الشرع نسب الولادة في الإنسان فخصه بأحكام ليست لغيره وهذا أمر واضح (لمن عقل) كل شيء (عن الله) تعالى بدون واسطة.
 فلا خفاء فيه عنده ومن عقل عن غير الله تعالى خفي عليه وشكك فيه .
(وكل عطاء في الكون على هذا المجرى) يكون بحسب استعداد السائل له فإذا أعطيه ، فما أعطى غیر استعداده لا مطلقا، فقد رجع إليه ما خرج منه (فما في أحد) مطلقا من نبي أو ملك أو ولي (من الله) تعالى (شيء) فمن عرفه تعالى منهم إنما عرف استعداده.
 فإستعداده ظهر له في نور معرفة الله تعالى التي تعرض لها، ولو لم يتعرض لها بسؤاله ما أعطته استعداده منها (وما في أحد من سوى نفسه) المستعدة لمعرفة (شيء) فلم يعرف أحد غير نفسه.
(وإن تنوعت عليه)، أي على ذلك الأحد الذي استعد لمعرفة غيره فعرف نفسه في نور معرفة غيره فقط (الصور) الكثيرة فالتبس عليه أمره، فإنه يعرف نفسه من قبل في صورة، ثم ظهرت له نفسه في صورة أخرى عند تعرضه لنور معرفته غيره بحسب استعداده .
فكلما تحقق في معرفة غيره تبدلت له نفسه بحسب اختلاف استعدادها في أطوارها بصور كثيرة منسوبة عند نفسه إلى ذلك الغير.
وإنما هي صور نفسه فقط، والغير على ما هو عليه لا يعرف.
(وما كل أحد) ممن تعرض لهذا العلم (يعرف هذا) الأمر لخفائه ودقته على الأفهام وعزته على الأذواق والمواجيد .
(و) لا كل أحد يعرف أن الأمر المذكور في عين الحقيقة (على ذلك) الوصف من غير شك (إلا آحاد) منفردون بالمعرفة المذكورة (من أهل) طريق (الله) تعالی (فإذا رأيت) يا أيها المريد (من يعرف ذلك) الأمر العظيم المذكور ذوقا ووجدانا (فاعتمد عليه) تفلح باتباعه إن شاء الله تعالى.
(فذلك) العارف المذكور (هو عين صفاء خلاصة)، أي زبدة (خاصة الخاصة من عموم أهل) طريق (الله) تعالی.
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور.  وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه. فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. )قال رضي الله عنه : (فمنه خرج) في صورة النطفة (وإليه عاد) بصیرورته على صورة أبيه فالهبة عبارة عن الإخراج والإعادة .
فإذا كان الولد سر (فما أتاه) أي فما أتي الولد أباه (غريب) أي على غير صورة أبيه بل أتي على صورة أبيه لذلك أحبه .
وإذا لم يأت على صورته استكره ونفر منه وليس له ولد ولا بد لسر الشيء بأن يعود إلى ذلك الشيء .
أو فما أتاه عن خارج نفسه قعوده إليه منه (لمن عقل عن الله) أي لمن كان على بصيرة من ربه و علم الأشياء على ما هي عليه (وكل عطاء في الكون على هذا المجرى) أي وكل ما وهب الله للعباد من العطايا ليس إلا منهم وإليهم وإذا كان عطاء الحق على هذا.
(فما في أحد من الله شيء) من العطايا إلا منه وإليه حتى الوجود منه وإليه بأمر الله وهو قول كن (وما في أحد من سوى نفسه شيء) فكان العطاء الذي خرج من نفسه وعاد إليه عين نفسه لا غير .
قال رضي الله عنه : (وإن تنوعت عليه الصور وما كل أحد يعرف هذا) أي ما قلناه (وإن الأمر على ذلك) أي وما يعرف أن أمر العطاء على ما بيناه في نفس الأمر فقوله يعرف هذا يتعلق بالمذكور.
وقوله : وإن الأمر على ذلك يتعلق بمطابقتة في نفس الأمر الأول مرتبة التصور الثاني التصديق (إلا آحاد من أهل الله) وهم الذين تحققوا بالتجليات الأسمائية ووقفوا بأسرار الأسماء والصفات.
(فإذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه) فإنه من كبار الأولياء يرشدك إلى مقصودك (فذلك) العلم (عين صفاء خلاصة) وهي العلوم العالية الصافية الخالصة عن شرب كدورات النفسانية .
وكيف لم يعتمد من يعرف بمثل هذا العلم (خاصة الخاصة) الخاصة أهل التجلي الصفاتي وخاصة الخاصة أهل التجني الذاتي.
(من عموم أهل الله) أي من جمهور أهل الله فإذا لم يكن في أحد من الله شيء ولا في أحد من سوى نفسه شيء.
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور.  وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه.  فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. )وقوله رضي الله عنه : "فمنه خرج وإليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن الله.."
قلتيعني أن شيث، عليه السلام، هو أول أولاد آدم، عليه السلام، وهو ولد ابنه وهذا باعتبار أن آدم لما كانت عينه الثابتة على قاعدة اصطلاح الشيخ، رضي الله عنه، متعينة في الأزل وفيها كل ما هو صادر عنها في المستقبل، فإذا اعتبرت، اعتبرت لواحقها معها وإن كانت الأجسام متباينة.
وقوله رضي الله عنه : "وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من الله شیء، وما في أحد من سوى نفسه شيء وإن تنوعت عليه الصوره."قلت : إذا فهم على ما قررناه من أن لواحق الأعيان الثابتة أنها تكون معها في الاعتبار.قال رضي الله عنه"وما كل أحد يعرف هذا، وأن الأمر على ذلك، إلا آحاد من أهل الله. فإذا رأيت من يعرف ذلك، فاعتمد عليه وذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله تعالی."
قلت: هذا لا يحتاج إلى شرح ، إلا أن هذا الولي الذي أشار إليه، رضي الله عنه، لا يعرفه إلا من هو مثله وقد يعرفه من يراه مثلا يسأل عن هذا المشرب فيجيب بأحسن ما يجيب غيره. فهذه علامة حسنة تعرف بها حال الأكابر من هو دونهم.
شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور.  وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه. فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. )قال رضي الله عنه : " فمنه خرج وإليه عاد ، فما أتاه غريب لمن عقل عن الله " .
قال العبد : الولد سر ابيه فمنه خرج وإليه عاد ، فإنّ الهبات والأعطيات تعود على حقائق القوابل المظهريّة المرتبيّة ، والأمر محصور بين الوجود والمرتبة ، والإحاطة والجمع بحقائقها يقتضيان الحصر فيهما ويقضيان بهما ، ولهذا ذكر الشيخ رضي الله عنه سرّ الختميّة في هذا الفصّ .
ثمّ إنّ صورة الوهب والهبة الإلهيّة إنّما تكون في الواحد متعدّدة ومتكثّرة ، فهو صورة سرّه القابل للوهب ، فما وصل إليه إلَّا منه ولكن بالحق ، فمنه خرج وإليه عاد .
فما أتاه غريب من غيره ولا من الخارج ، ولا سيّما خارج عن صورة أحديّة جمع الكلّ ، فلا خروج ولا دخول إلَّا بالنسبة والإضافة ، فما خرج عن صورة أحديّة جمع الكلّ عاد على صور تفصيله في الكلَّية التي هي فيه هو أوّلا وهو فيها هي آخرا .
قال رضي الله عنه : " وكلّ عطاء في الكون على هذا المجرى ، فما في أحد من الله شيء وما في أحد من سوى نفسه شيء وإن تنوّعت عليه الصور " .
قال العبد : المواهب والعطايا التي تجري على أيدي العبيد والوسائط وبدونها إنّما هي صور استدعتها خصوصيات القوابل من الوجود المتعيّن فيها بحسبها ، والوجود الفائض من الحق ذاتيّ له ، وقبوله للقوابل إنّما هو بحسب الاستعدادات الذاتية غير المجعولة والخصوصيات ، فلولاها لما تعيّنت صور المواهب والعطايا من خزائن الجود الإلهيّة للقوابل بحسبها .
فوصولها وحصولها وإن كان من خزائن الله ولكنّ المستدعي والمعيّن الموجب لتعيّنها إنّما هو من القوابل وتنوّع صور المواهب للمعطي له في عين الفيض الواحد .
والفيض الواحد إنّما هو بحسب صور الاستعدادات ، فما في أحد من الله شيء ، وإلَّا لزمته مفاسد لا تخفى من التبعيض والتجزّي والحلول وغيرها.
وكذلك ليس في أحد من غيره شيء ، إذ صور المواهب من خصوص استعداده ، وحقيقتها الفيض الوجودي وهو عينه لا غيره في الحقيقة ، فافهم ، فما آتاه الله ما آتاه إلَّا منه .
قال رضي الله عنه : " وما كلّ أحد يعرف هذا ، وأنّ الأمر على ذلك ، إلَّا آحاد من أهل الله ، فإذا رأيت من يعرف ذلك ، فاعتمد عليه ، فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصّة الخاصّة من عموم أهل الله تعالى " .
قال العبد : لا يعرف هذا السرّ الخفيّ إلَّا الأفراد الكمّل ، وهم على طبقات والكلّ يرون النعم والمواهب من الله ، لسريان سرّ " وَما بِكُمْ من نِعْمَةٍ فَمِنَ الله ".
 وهذا المشهد الذي ذكرنا في ظاهر المفهوم يوهم خلاف هذا ، وليس ذلك كذلك ، لأنّ هؤلاء الطبقات :
منهم : من يرى النعم كلَّها من الله ولكن بالأسباب التي هي غير الله .
ومنهم : من لا يرى الأثر للأسباب والوسائط ، وهي سوى الحقّ كذلك في زعمهم .
ومنهم : من يراها شروطا لا أسبابا ولا عللا ولا وسائط .
ومنهم : من يرى النعم من الله بلا واسطة .
ومنهم : من يرى الوسائط والأسباب أيضا من نعم الله .
وجميع هؤلاء الأصناف محجوبون في عين الكشف ، ومشركون في عين التوحيد ، لأنّهم وإن وجدوا الله تعالى في رؤية النعم كلَّها من الله ، ولكنّهم أثبتوا الوسائط والنعم والمنعم عليه والمنعم أغيارا بعضها للبعض ، والحقيقة تأبى إلَّا أن يكون هو الله الواحد الأحد الظاهر الباطن الواحد الكثير . فالمسمّى واحدا هو الوجود الواحد الحق الذي به تحقّق الحقائق من حيث حقيقته ، وهو المسمّى كثيرا أيضا من حيث تعيّناته في القوابل ، والمنعم هو المفيض لذلك الواحد الكثير ، والمنعم عليه هو المعيّن القابل لتعيّنات أخر بعد الوجود .
فالظاهرية والباطنية والأصالة والفرعية نسب ، فإذا وجد من يرى النعم الواصلة إليه في عرصة الوجود العيني من مدرجة عينه الثابتة ، في الحق أزلا وأبدا من حيث إنّ تلك العين الثابتة عين الحق ، فقد جمع بين رؤية النعم كلَّها من الله ورؤية المنعم عليه عين المنعم ، وشهد أحدية الوجود على ما هي عليه الأمر في نفسه ، فكان هو عين صفاء خلاصة خاصّة الخاصّة من عموم أهل الله .
فإنّ العامّة من أهل الله يرون التوحيد وهو ستّة وثلاثون مقاما كلَّيا نطق بها القرآن في مواضع عدّة فيها ذكر "لا إِله َ إِلَّا الله" في كل موضع منها نعت مقام من مقامات التوحيد.
وأمّا الخاصّة فيرون الوحدة فإنّ التوحيد فيه كثرة الموحّد والموحّد والتوحيد وهي أغيار عقلا عاديّا، والوحدة ليست كذلك.
وأمّا خاصّة الخاصّة فيرون الوحدة في الكثرة، ولا غيريّة بينهما.
وخلاصة خاصّة الخاصّة يرون الكثرة في الوحدة.
وصفاء خلاصة خاصّة الخاصّة يجمعون بين الشهودين، وهم في هذا الشهود الجمعي على طبقات:
فكامل له الجمع ، وأكمل منه شهودا أن يرى الكثرة في الوحدة عينها ، ويرى الوحدة في الكثرة عينها كذلك شهودا جمعيا ، ويشهدون العين الأحدية جامعة بين الشهودين في الشاهد والمشهود .
وأكمل وأعلى وأفضل منه أن يشهد العين الجامعة مطلقة عن الوحدة والكثرة والجمع بينهما وعن الإطلاق المفهوم في عين السواء بين ثبوت ذلك كلَّها لها وانتفائه عنها ، وهؤلاء هم صفوة صفاء خلاصة خاصّة الخاصّة ، جعلنا الله وإيّاك منهم بمنّه ، إنّه قدير خبير .
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور. وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه. فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. )قال رضي الله عنه : " فبيده مفتاح العطايا " لأن العطايا تصدر من الأسماء ، وهو يعرف الأسماء وما يعرف أحد شيئا إلا بما فيه من ذلك الشيء فهو من لا يعرف الأسماء إلا لأنها فيه وهو مفتاح العطايا ، فصح قوله بيده مفتاح العطايا " على اختلاف أصنافها ونسبها " فإن اختلاف أصناف العطايا إنما يكون باختلاف الأسماء التي هي مصادرها على ما مر .
قوله رضي الله عنه : " فإن الله وهبه لآدم أول ما وهبه وما وهبه إلا منه " معناه أنه عطاء من مقتضيات الأسماء التي علمه الله تعالى إياها حيث قال :" وعَلَّمَ آدَمَ الأَسْماءَ كُلَّها ".
وقد مر أنه أراد بآدم حقيقة النوع الإنسانى الذي هو الروح الأعظم والنفس الواحدة التي عبر عنها بالعين الواحدة والحضرة الواحدية وحضرة الأسماء الأول الذاتية .
فيكون أول مولود وهبه الله تعالى له هي النفس الناطقة الكلية والقلب الأعظم ، الذي يظهر فيه العطايا الأسمائية من الروح الأعظم.
فمن ثم قال : "وما وهبه إلا منه" ، لأن العطايا هي لوازم الأسماء التي لآدم .
ولهذا علله بقوله"لأن الولد سر أبيه فمنه خرج وإليه عاد ، فما أتاه غريب لمن عقل عن الله" أي معانى الأسماء كما عقلها آدم عنه.
"وكل عطاء في الكون على هذا المجرى فما في أحد من الله شيء " أي شيء غريب لم يكن في عينه فإن الأعيان وأنصابها تقسمت بالتجلى الذاتي .
فما لم يكن في أحد من الفيض الأقدس بذلك التجلي قبل الوجود الخارجي لم يهبه الله له قط لأنه ليس بنصيبه فصح .
قوله :" وما في أحد من سوى نفسه شيء " وإن تنوعت عليه الصور .
قوله :" وما كل أحد يعرف هذا وإن الأمر على ذلك إلا آحاد من أهل الله ، فإذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه ، فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله " ظاهر ، وذلك أن صفاء حقيقة خاصة الخاصة من شوب الغيرية والخلقية ، يقتضي أنهم لا يرون إلا الأحدية غير محتجبين بالأسباب والوسائط ، لأنهم مكاشفون بوجود الأحد الواحد الكبير المتعال الظاهر الباطن ، ويرون إثبات الغير شركاء .
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور. وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه. فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. )ﻗﺎﻝ رضى الله عنه : (ﻓﻤﻨﻪ ﺧﺮﺝ ﻭﺇﻟﻴﻪ ﻋﺎﺩ) ﺃﻱ، ﺧﺮﺝ ﻣﻨﻪ ﻓﻲ ﺻﻮﺭﺓ ﺍﻟﻨﻄﻔﺔ ﺍﻟﻤﻠﻘﺎﺓ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺣﻢ، ﻭﺇﻟﻴﻪ ﻋﺎﺩ ﺑﺼﻴﺮﻭﺭﺗﻪ ﺇﻧﺴﺎﻧﺎ ﺩﺍﺧﻼ ﻓﻲ ﺣﺪﻩ ﻭ ﺣﻘﻴﻘﺘﻪ.
ﻭﻓﻴﻪ ﺇﺷﺎﺭﺓ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﺁﺩﻡ ﺃﻳﻀﺎ ﺳﺮ ﺍﻟﺤﻖ، ﻷﻧﻪ ﻣﻨﻪ ﻇﻬﻮﺭﻩ ﻭﺇﻟﻴﻪ ﻋﻮﺩﻩ، ﻟﺬﻟﻚ ﻗﺎﻝ ﻛﺎﺷﻒ ﺍﻷﺳﺮﺍﺭ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ، ﺧﺎﺗﻢ ﺍﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﻜﻠﻴﺔ: (ﺇﻧﻲ ﺫﺍﻫﺐ ﺇﻟﻰ ﺃﺑﻰ ﻭ ﺃﺑﻴﻜﻢ ﺍﻟﺴﻤﺎﻭﻱ).
ﻓﺄﻃﻠﻖ ﺍﺳﻢ "ﺍﻷﺏ" ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻇﺎﻫﺮﺍ ﻣﻄﻠﻘﺎ ﻋﻠﻰ "ﺭﻭﺡ ﺍﻟﻘﺪﺱ".
ﻗﺎﻝ رضى الله عنه : (ﻓﻤﺎ ﺃﺗﺎﻩ ﻏﺮﻳﺐ ﻟﻤﻦ ﻋﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ) ﺑﺎﻟﻌﻴﻦ ﺍﻟﻤﻬﻤﻠﺔ ﻭﺍﻟﻘﺎﻑ ﺑﻌﺪﻫﺎ. ﻭﻓﻲ ﺑﻌﺾ ﺍﻟﻨﺴﺦ ﺑﺎﻟﻐﻴﻦ ﺍﻟﻤﻌﺠﻤﺔ ﻭﺍﻟﻔﺎﺀ ﺑﻌﺪﻫﺎ. ﻓﻌﻠﻰ ﺍﻷﻭﻝ "ﻣﺎ" ﻟﻠﻨﻔﻲ. ﺃﻱ، (ﻣﺎ ﺃﺗﺎﻩ ﻏﺮﻳﺐ، ﺑﻞ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻪ) ﻻ ﻣﻦ ﺧﺎﺭﺝ ﻋﻨﻪ.
(ﻟﻤﻦ ﻋﻘﻞ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ) ﺃﻱ، ﻓﻬﻢ ﻭﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ. ﻭﻋﻠﻰ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﺑﻤﻌﻨﻰ "ﺍﻟﺬﻱ". ﺃﻱ، ﻓﺎﻟﺬﻱ ﺃﺗﺎﻩ ﻏﺮﻳﺐ ﻟﻤﻦ ﻳﻜﻮﻥ ﻏﺎﻓﻼ ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺃﻓﻌﺎﻟﻪ ﻭﺃﺳﺮﺍﺭﻩ. ﻭﺍﻷﻭﻝ ﺃﺻﺢ.
ﻭﻗﻮﻟﻪ : "ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ" ﻳﺠﻮﺯ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﻘﻮﻟﻪ: "ﻏﺮﻳﺐ" ﺃﻱ، ﻓﻤﺎ ﺃﺗﺎﻩ ﻏﺮﻳﺐ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﻞ ﺃﺗﺎﻩ ﻣﻦ ﻋﻴﻨﻪ ﻋﻨﺪ ﻣﻦ ﻋﻘﻞ ﻋﻴﻨﻪ ﻭﻋﺮﻑ ﺍﺳﺘﻌﺪﺍﺩﻩ.
ﻭﻳﺆﻳﺪ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻌﻨﻰ ﻗﻮﻟﻪ: (ﻓﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﺊ، ﻭﻻ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺳﻮﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﺊ) ﻓﻤﻦ ﻋﺮﻑ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﺷﻴﺌﺎ ﺇﻻ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﻳﻌﻄﻴﻪ ﻋﻴﻦ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺊ، ﻓﻼ ﻳﺴﺘﻐﺮﺏ ﺫﻟﻚ.
ﻭﻳﻘﺎﻝ: ﺃﺗﺎﻩ ﻭﺃﺗﻰ ﺑﻪ ﻭﺃﺗﻰ ﻋﻠﻴﻪ. ﻛﻤﺎ ﻳﻘﺎﻝ: ﺟﺎﺀﻩ ﻭﺟﺎﺀ ﺑﻪ ﻭﺟﺎﺀ ﻋﻠﻴﻪ.
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ: "ﻫﻞ ﺃﺗﻴﻚ ﺣﺪﻳﺚ ﺍﻟﻐﺎﺷﻴﺔ". (ﻭﻛﻞ ﻋﻄﺎﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺠﺮﻯ) ﺃﻱ، ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻌﻄﺎﻳﺎ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﺰﻝ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﻀﺮﺓ ﺍﻹﻟﻬﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺃﻳﺪﻱ ﺍﻷﺳﻤﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻜﻤﻞ، ﻭﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﺎ ﺗﺤﺘﻬﺎ ﻣﻦ ﺃﺭﻭﺍﺡ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩ، ﻟﻴﺲ ﺇﻻ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﺇﻟﻴﻬﻢ، ﻓﺈﻥ ﺃﻋﻴﺎﻧﻬﻢ ﺍﻟﺜﺎﺑﺘﺔ ﺍﻗﺘﻀﺖ ﺫﻟﻚ ﺑﺤﺴﺐ ﻗﺎﺑﻠﻴﺘﻬﻢ، ﻭﺍﻟﺤﻖ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺎ ﻫﻲ ﻗﺎﺑﻠﺔ ﻟﻪ.
ﻗﺎﻝ رضى الله عنه : (ﻓﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﺊ ﻭﻻ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺳﻮﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﺊ. ﻭﺇﻥ ﺗﻨﻮﻋﺖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻮﺭ) ﺃﻱ، ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﺑﺤﺴﺐ ﻗﺎﺑﻠﻴﺘﻬﻢ، ﻓﻤﺎ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺷﺊ ﺳﻮﻯ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ، ﻭﻻ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﻣﻦ ﺳﻮﻯ ﻧﻔﺴﻪ ﺷﺊ، ﻓﺈﻥ ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﻈﻬﺮ ﻋﻠﻰ ﺃﺣﺪ، ﻓﻬﻮ ﺍﻗﺘﻀﺎﺀ ﻋﻴﻨﻪ، ﻭﺍﻟﺤﻖ ﻳﻌﻄﻰ ﺍﻟﻮﺟﻮﺩ ﺑﺤﺴﺒﻪ، ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﺼﻮﺭ ﺍﻟﻔﺎﺋﻀﺔ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺊ ﺍﻟﻈﺎﻫﺮ ﻣﺘﻨﻮﻋﺔ، ﻭﺫﻟﻚ ﺍﻟﺘﻨﻮﻉ ﺃﻳﻀﺎ ﺭﺍﺟﻊ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ. ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺩ ﻫﺎﻫﻨﺎ، ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻴﺾ ﺍﻟﻤﻘﺪﺱ ﻻ ﺍﻷﻗﺪﺱ.
ﻭﺇﻻ ﻳﻜﻮﻥ ﻣﻨﺎﻗﻀﺎ ﻟﻘﻮﻟﻪ: (ﻓﺎﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ ﻣﻨﻪ ﺍﺑﺘﺪﺍﺅﻩ ﻭﺍﻧﺘﻬﺎﺅﻩ).
ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻗﻠﻮﺏ ﻋﺒﺎﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﺎﺑﻌﺔ ﻟﻠﺘﺠﻠﻴﺎﺕ ﺍﻟﻮﺍﺭﺩﺓ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭ (ﻛﻞ ﻳﻮﻡ ﻫﻮ ﻓﻲ ﺷﺄﻥ) ﻛﺬﻟﻚ ﻳﺘﻨﻮﻉ ﻛﻼﻣﻪ رضى الله عنه  ﻓﻲ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﻭﺍﻷﺳﺮﺍﺭ: ﻓﺘﺎﺭﺓ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻔﻴﺾ ﺍﻷﻗﺪﺱ ﻭﻳﺠﻌﻞ ﺍﻟﻜﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﻭﺗﺎﺭﺓ ﻳﺘﻜﻠﻢ ﻓﻴﻤﺎ ﻳﻘﺘﻀﻰ ﺍﻷﻋﻴﺎﻥ ﻓﻴﻨﺴﺐ ﺫﻟﻚ ﺇﻟﻴﻬﺎ، ﻓﻼ ﺗﻨﺎﻗﺾ.
(ﻭﻣﺎ ﻛﻞ ﺃﺣﺪ ﻳﻌﺮﻑ ﻫﺬﺍ ﻭﺃﻥ ﺍﻷﻣﺮ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ، ﺇﻻ ﺁﺣﺎﺩ ﻣﻦ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ). ﻭﻫﻢ ﺍﻟﻤﻄﻠﻌﻮﻥ ﻋﻠﻰ ﺃﺳﺮﺍﺭ ﺍﻟﻘﺪﺭ.
 ﻗﺎﻝ رضى الله عنه : (ﻓﺈﺫﺍ ﺭﺃﻳﺖ ﻣﻦ ﻳﻌﺮﻑ ﺫﻟﻚ، ﻓﺎﻋﺘﻤﺪ ﻋﻠﻴﻪ) ﺃﻱ، ﻋﻠﻰ ﻗﻮﻟﻪ، ﻷﻧﻪ ﺣﻖ ﻣﻄﺎﺑﻖ ﻟﻤﺎ ﻓﻲ ﻧﻔﺲ ﺍﻷﻣﺮ. ﻭﻟﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﻟﻚ ﺍﻟﻮﺍﺻﻞ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻘﻄﻊ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ﻭﻳﺼﻞ ﺇﻟﻰ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻷﻗﻄﺎﺏ ﻭﺍﻷﻓﺮﺍﺩ ﻭﻗﻠﻴﻼ ﻭﻫﻮ ﺍﻟﺨﻼﺻﺔ.
ﻗﺎﻝ: (ﻓﺬﻟﻚ ﻫﻮ ﻋﻴﻦ ﺻﻔﺎﺀ ﺧﻼﺻﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﻣﻦ ﻋﻤﻮﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻠﻪ).
ﻭﻫﻢ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻣﺮ ﺫﻛﺮﻫﻢ ﻋﻨﺪ ﺑﻴﺎﻥ ﺍﻟﺴﺎﻟﻜﻴﻦ ﻭﺍﻟﺨﻼﺻﺔ ﺍﻟﻮﺍﺻﻞ، ﻭﺧﺎﺻﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﺬﻱ ﺭﺟﻊ ﺑﺎﻟﺤﻖ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﻠﻖ، ﻭﺻﻔﺎﺀ ﺧﻼﺻﺔ ﺍﻟﺨﺎﺻﺔ ﺍﻟﻌﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﺤﻘﺎﺋﻖ ﺍﻟﺤﻘﺎﻧﻴﺔ ﺍﻟﺼﺎﻓﻴﺔ ﻋﻦ ﺷﻮﺏ ﺍﻷﻛﻮﺍﻥ ﻭﻧﻘﺎﺋﺺ ﺍﻹﻣﻜﺎﻥ .
شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور. وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه. فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. )
قال رضي الله عنه : (فمنه خرج، وإليه عاد، فما أتاه غريب لمن عقل عن الله) أي أدرك منه بلا توسط آلة ولا وساطة عبارة.
ولفظ «العقل» له خصوصية هاهنا من دون "الأخذ" و "الكشف" وغيره من حيث أنه من علوم التفرقة التي يعتبر فيها التفصيل، فلابد من عقل يضبطها، ضبط جمعية للأطراف والنهايات ، فالواصلون إلى هذا الإدراك هم الحكماء الإلهيون ، أرباب العقول الكاملة والأذواق الشاملة .
وما قيل": «إن غفل» من الغفلة، بناء على أن «ما» موصولة فهو بعيد ، نشأ من الغفلة عن مقصود الكتاب ، فإنه تعريض بمن عقل عن الأسباب أعني أهل النظر كما سيجيء ما يؤيده .
قال رضي الله عنه : (وكل عطاء في الكون على هذا المجرى) بواسطة كان ذلك ، أو بلا واسطة، ذاتيا كان ، أو أسمائيا - فإنك قد عرفت أن العطاء الذاتي هو الذي بصورة استعداد المعطى له ، لاغير ؛ والمرآة نصبها الله مثالا له .( فما في أحد من الله شيء) من خصوصيات العطايا ، وإن كان أصلها ذاتية إلهية ، فإن تلك الحضرة أقدس وأنزه من أن يحضر لديها تلك النسب ، كما سبق تحقيقه في مثال المرأة والصورة المتمثلة فيها ، إذ قد ظهر أنه ليس في التجليات الإلهية خصوصية إلا من القوابل .
قال رضي الله عنه : ( وما في أحد من سوى نفسه شيء ، وإن تنوعت عليه الصور ) أي على ذلك الأحد بحسب سيره في مواطن أراضى استعداده و مسالك عرضها الواسع الذي لاحد لأبعادها ، ولا عد لأفراد الصور المتشخصة فيها ، فتكون هذه الصور التي لا يبلغها الإحصاء عدا وحدا تنوع بها ذلك الأحد مع أحديته، فالكل فيه ، وما فيه من الله شيء.
قال رضي الله عنه : (وما كل أحد يعرف هذا وأن الأمر على ذلك ، إلآ آحاد من أهل الله) صاحب الإشراف على متعانق الأطراف وشاهد الأحدية الجمعية الذاتية ، بأن الكل منه وإليه ، لا خارج منه شيء أصلا ، وأن الله بذاته منزه عن هذه النسب كلها .
لا يقال : إن أحديته تعالى إذا كان أحدية جمع لا تنافي تعدد النسب تقده وتنزهه ؟
لأن الذي ينافيه النسبة مطلقا هو هذه الأحدية ، دون أحدية الفرق - کما مر.
(فإذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه، فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله تعالى) ، المعدودين في طي هذه الحكمة بأنواعها وأصنافها .
فذلك الكامل هو عين المنتقدين من الأصفياء، وخلاصة طبقات المنتجبين من الكتل، طبقا على طبق، إلى سبع مراتب لما عرفت سترها غير مرة على ما صرح إليه بعبارته هذه - فلا تغفل.
خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور. وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه. فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. )قال رضي الله عنه :  "فمنه خرج و إليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن الله."
قال رضي الله عنه : 
 (فمنه خرج) سره، (وإليه عاد) السر حين صار هبة له.
(فما أتاه) أي: آدم عليه السلام (غریب) من العطاء بل سره هو الذي أعطاه، وهذه المعرفة إنما تكمل (لمن عقل عن الله تعالی) أنه ما أعطى شيئا إلا ما علمه منه فاقتضاه، ومقتضی عين السر سره؛ فهو المردود عليه.
قال رضي الله عنه : "وكل عطاء في الكون على هذا المجرى.
فما في أحد من الله شيء، وما في أحد من سوى نفسه شي ء وإن تنوعت عليه الصور.
وما كل أحد يعرف هذا، وأن الأمر على ذلك، إلا آحاد من أهل الله.
فإذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله تعالى."
ثم صرح بالتعميم نفيا لما يتوهم من تخصيص كون الولد سر أبيه؛ فقال: (وكل عطاء في الكون على هذا المجرى)، وهو رد للشيء مقتضى العين الثابتة للشيء عليه، (فما في أحد من الله شيء) ابتداء من غير اقتضاه عينه إياه، وإذا كان كل عطاء للشيء من مقتضى عينه.
(فما في أحد من سوى نفسه شيء، وإن تنوعت عليه الصور) أي: صور العطايا مع وحدة العين القابلة وذلك لاختلاف استعداداتها المتعاقبة، وكل استعداد سابق مع الأمر المتجدد سبب لاستعداد لاحق، وكل استعداد جديد يقتضي صورة جديدة.
(وما كل أحد) من العارفين (يعرف هذا) أي: اقتضاء كل عين صورا مختلفة باستعداداتها المختلفة بل يتوهم أن استعداد كل عين لما كان من الفيض الأقدس لم يكن فيه اختلاف.
وهو غلط إذ الفيض الأقدس إنما يتعلق بالاستعداد الكلي، وأما الاستعدادات الجزئية التي هي مفاضة، فمن الفيض المقدس بأسباب متوسطة.
""إنما قال عنه: (يعرف) ولم يقل: (يعلم)؛ لأن المعلومات كلها تذكار، فإنها كانت معلومة ثم أنسيت ثم أعلمت، فسميت معرفة؛ لأنها مسبوقة بالجهل بخلاف العلم، فلهذا إن العلم صفة الحق، والمعرفة صفة الكون.""
 ولا يعرف (أن الأمر) الإلهي الكلي (ذلك) التفصيل يتنصل إلى استعدادات جزئية، فتختلف الصور باختلاف تلك الاستعدادات الجزئية (إلا أحاد من أهل الله) المحيطون بتفاصيل أسرار القدر.
ثم بالغ في مدحهم بقوله: (وإذا رأيت من يعرف ذلك) معرفة شهودية،( فاعتمد عليه فذلك عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله) الواقفين على سر القدر.
وذلك لأن عامة أهل الله، إنما يعرفون أن الله تعالى ما فعل بهم إلا ما علم منهم، وخاصتهم علموا أنهم أعطوه العلم هم فحكم عليهم بما علم منهم.
وخاصة الخاصة علموا أنهم حكموا على الله أن يحكم عليهم بما علم منهم، وخلاصتهم علموا أن ذلك الحكم بحسب استعدادهم الأول.
وصفاء الخلاصة علموا أن الاستعداد الأول يفصل إلى هذه الاستعدادات المختلفة، وأمر كل شيء راجع إلى عينه لا غيره، وإذا كان كل عطاء، وفيض في الكون لا يكون إلا عن عين المعطى له ونفسه.
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ ابن العربي الطائي الحاتمي : (فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور. وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه. فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى. )قال رضي الله عنه : "فمنه خرج وإليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن الله. وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من الله شيء، وما في أحد من سوى نفسه شي ء وإن تنوعت عليه الصور. وما كل أحد يعرف هذا، وأن الأمر على ذلك، إلا آحاد من أهل الله.
فإذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله تعالى."
قال رضي الله عنه : (فمنه خرج) بصورة النطفة ألمانية في الرحم (وإليه عاد) بصيرورته إنسانا داخلا في حده وحقيقته.
قال رضي الله عنه : (فما أتاه غريب) من خارج وذلك ظاهر (لمن عقل) الحقائق وأدركها (عن الله) لا من عنده نفسه بفكره ونظره (وكل عطاء) يقع (في الكون) جارى (على هذا المجرى) فإنه لا يأتي المعطى له إلا منه لا من خارج.
 فإنه ما لم تقتضي عينه الثابتة ذلك العطاء لا يأتيه أصلا (فما في أحد) من المعطی لهم (من الله) المعطي (شيء) بل الله يظهر ما كان مستورة موجودة فيه بالقوة.
قال رضي الله عنه : (ولا في أحد من سوى نفسه شيء)، بل ما يظهر فيه إلا ما كان مستورة فيه (وإن تنوعت عليه)، أي على ذلك الشيء (الصور) بحسب تنوع استعدادات الأخذ المعطى له، ففي أي صورة كان ذلك الشيء لا يكون من سوى نفس المطعی له أو على ذلك الأخذ فمن أي صورة وصل إليه ذلك الشيء.
فهو من نفسه فإن تنك الصورة كانت موجودة فيه بالقوة، ثم ظهرت بالفعل بعد تحقق شرط ظهورها فما فاض ما فاض عليه من سوى نفسه.
ولا يخفى أن ذلك إنما هو باعتبار الشيخ المقدس لا الأقدس فلا يناقض ما سبق لأن الأمر كله منه ابتداؤه وانتهاؤه .
(وما كل أحد) من أهل الله (يعرف هذا) الحكم يعني أنه ما في أحد من الله ولا من أحد سوى نفسه شيء.
(وأن الأمر) يعني أمر العطاء في الكون كله جار على ذلك المجرى.
(إلا آحاد من أهل الله فإذا رأيت من بعرف ذلك فاعتمد عليه) فيما يقول لأنه حق مطابق أما في الواقع.
قال رضي الله عنه : (فذلك) الذي يعرف ذلك (عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله)، فعموم أهل الله المؤمنون الموجودون، وخاصتهم السالكون السائرون إليه تعالى، وخاصة الخاصة المتحققون بقرب النوافل، و خلاصة خاصة الخاصة المتحققون بقرب الفرائض.
وصفاء الخاصة أي : صفوتهم صاحب مقام قاب قوسين الجامع بين القربين.
وعين الصفاء أي: المختار من هؤلاء الصفوة صاحب مقام أو أدنى الغير المقيد بالجمع بل له الدور في المقامات الثلاث من غير تقييد بواحد منها.
وهذا خاصة نبينا صلى الله عليه وسلم وكمل ورثته.
.

كتاب مجمع البحرين في شرح الفصين الشيخ ناصر بن الحسن السبتي الكيلاني 940هـ:
قال رضي الله عنه :  ( فمنه خرج وإِليه عاد. فما أتاه غريب لمن عقل عن اللَّه.  وكل عطاء في الكون على هذا المجرى. فما في أحد من اللَّه شي‏ء، وما في أحد من سوى نفسه شي‏ء وإِن تنوعت عليه الصور.  وما كل أحد يعرف هذا، وأَنَّ الأمر على ذلك، إِلا آحاد من أهل اللَّه.
فإِذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل اللَّه تعالى.  )
قال المصنف رضي الله عنه : [فمنه خرج و إليه عاد . فما أتاه غريب لمن عقل عن الله تعالى .  وكل عطاء في الكون على هذا المجرى . فما في أحد من الله شيء ولا في أحد من سوى نفسه شيء وإن تنوعت عليه الصور . وما كل أحد يعرف هذا وأن الأمر على ذلك إلا آحاد من أهل الله. فإذا رأيت من يعرف ذلك فاعتمد عليه . فذلك هو عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله].

قال الشارح رضي الله عنه :
( فمنه خرج و إليه عاد ): أي من آدم خرج شيث علما و وجودا و صورة و معنى، و إليه عاد نفعه.
أي نفع شيث عليه السلام لأنه رأى تلك الكمالات المفصّلة في نفسه بولده الذي هو إفشاء سره، و إنشاء أمره، و تفصيل مجمله، و إعراب معجمه، فما عمّ آدم و من دونه ذلك التفصيل في نفسه إلا بواسطة روحه الأقدس.
أي روح شيث عليه السلام لأنه بواسطة و ممد لكل من يتعلم في مثل هذا العلم سوى روح الختم، فإنه ختمت به الإحاطة، و ما وراء الله مرمى .
قال تعالى: " وأنّ اللّه قدْ أحاط بكُل شيْءٍ عِلْماً" [ الطلاق: 12] . وعلمه عين ذاته، وذاته عين الوجود.
فقد أحاط بكل شي ء وجودا، هذا هو الختم الذي ختم به العلم و الوجود، فافهم .
( فما أتاه غريب ): أي إذا أوتي الولد أسرار الوالد فما أتاه غريب: أي أجنبي من خارج لأنه تفصيل ما أجمل فيه عليهما السلام، فكما أن الولد عضو من أعضائه التي فصل منه.
كذلك من حيث تفصيل ما عنده من المحملات الأمهات، فمن علم الأمر على هذا النمط علم ما قلناه.

و ذلك لا يكون (إلا لمن عقل عن الله) تجليا شهاديا عيانيا، أو تعريفا إيمانيا لأنه على كشف و علم منه، بل (وكل عطاء في الكون على هذا المجرى)، فإنه ما يجني أحد من شجرة نفسه إلا ثمرة غرسها، ولكن الناس لا يشعرون .
فما في أحد من الله  شيء ): أي بل (و ما في أحد إلا ما هو له) .
" فمن وجد خيرا فليحمد الله و من وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه"
انظر ما الذي أخبرك سيد الخلق صلوات الله وسلامه عليه و آله في هذا الحديث، أدبك بأحسن تأديب، تتأدب مع الله، إنك من وجه مرآة وجوده تعالى، و هو تعالى مرآة أحوالك.
فما دام العبد محاذيا له، يقابل كل شيء بالطهارة المشروطة المعتبرة عند العلماء بالله، إنهم أهل الله وخاصته، فيظهر فيه كل كمال، وإذا انحرف عن كمال المسامتة لاقتصاء حكم حقيقة الانحراف لأنه حقيقة لا يلومنّ إلا نفسه، فافهم .
( و إن تنوعت عليه الصور) لا تحسبها أنها خارجة عنك، كما ترى في المرائي المختلفة صورا مختلفة، طولا و عرضا، فإنها تنوّعت الصور بحسب المرائي لا غير، وأنت الرائي على ما أنت عليه، و تعلم بذلك في نفسك، ولا تنكر تنوعات صورك بل تعلم أنها صورك، وهكذا الأمر في الكون .
وإن شئت قلت في الإلهيات: أما ترى صور المنام، إنك ترى صورا مختلفة، و نتحقق أنه لا غير هناك .

قال الشيخ ابن الفارض قدّس سره في هذا المقام :
أتحسب من ناجاك في سنة ......      سواك بأنواع العلوم الجليلة
فإنه قدّس سره ضرب المثل لوحدة النفس مع تنوعات أوصافها و صورها، فإنه عينها لا غيرها، (و ما كل أحد) (من عموم أهل الله) بل خواصه، (يعرف هذا ): أي أن الأمر منك إليك .
إنما قال رضي الله عنه: (يعرف) و لم يقل: (يعلم) لأن المعلومات كلها تذكار، فإنها كانت معلومة ثم أنسيت ثم أعلمت، فسمّيت معرفة لأنها مسبوقة بالجهل "بل بالنسيان "بخلاف العلم "مسبوق بالجهل". فلهذا إن العلم صفة الحق، و المعرفة صفة الكون.
(وأن الأمر على ذلك ): أي لا يعرف أن كل ما خرج منك يعود إليك، (إلا آحاد من أهل الله )، أهل القرآن هم أهل الله . لأن القرآن كلام الله، و كلامه علمه، و علمه عينه، فلم يجعل لهم صفة سوى عينه، و لا مقام أشرف ممن كان عين الحق صفته على علم منه، فافهم .
وأما آحادهم فهو الذي كشف له عن عينه، و رأى أحكامها بعينها بحسب القابليات و الاستعدادات، ثم تنزل من عالم الغيب إلى عالم الشهادة، بلا قصور و فتور، بل بعلم و شعور، بل بكشف و شهود و حضر، بل بذوق في نفسه، إن الأمر منه بدأ و إليه يعود .
( فإذا رأيت من يعرف ذلك) بالكشف و الشهود و الذوق، (فاعتمد عليه أنه) صاحب علم تام عام، فإنه لا يكشف هذا الكل أحد، بل هو للمعتني الفرد المعتمد الذي به الحل و العقد .
( فذلك ): أي ذلك العارف هو (عين صفاء خلاصة خاصة الخاصة من عموم أهل الله تعالى) .
هذه مراتب خمس للخواص من عموم أهل الله، و هم أهل القرآن، فإنهم أهل الله و خاصته على هذه المراتب الخمس، فالخاصة هو المخصوص بعناية الوصول خاصة، و خاصة الخاصة، و الواصل المردود، و لكن من الحق بالحق، و خلاصتها هو الواصل المردود به لا بالحق، و هذا أتم من الأول لأنه صاحب جمع و فرق، بخلاف الأول فإنه صاحب جمع لا يرى في الوجود غير الله، و صفاؤها هو الذي صفا عن كدورات الأكوان، و لوّث شوب الحدوث و الإمكان، و عينها: أي عين الإنسان الكبير، المسمّى بالعالم، و هو جلاء مرآة الوجود الذي أشار إليه في النص الآدمي بقوله: (كان آدم عين جلاء تلك المرآة التي هي العالم المسمّى بالإنسان الكبير )، فافهم .
واتساب

No comments:

Post a Comment