Sunday, February 9, 2020

 السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك قلنا إنّ الحقّ المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلّقها بإيجاد المرحومين . ولها أثر آخر بالسّؤال ، فيسأل المحجوبون الحقّ أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم اللّه فيقولون يا اللّه ارحمنا ، ولا يرحمهم إلّا بقيام الرّحمة بهم . فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنّما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحلّ . فهو الرّاحم على الحقيقة . فلا يرحم اللّه عباده المعتنى بهم إلّا بالرّحمة . فإذا قامت بهم الرّحمة وجدوا حكمها ذوقا . )

قال رضي الله عنه :  (ولذلك) ، أي لأجل ما ذكر (قلنا) بالمعنى فيما مر في شيئية تلك العين الواحدة التي هي مرجع الأسماء الإلهية لا تلك العين الواحدة (إن الحق المخلوق في الاعتقادات) وهو تلك الشيئية المذكورة (أوّل شيء مرحوم) بالرحمة الإلهية المذكورة (بعد رحمتها) ، أي تلك الرحمة (بنفسها) لنفسها (في تعلقها) ، أي الرحمة (بإيجاد) جميع (المرحومين) بها فإن إيجادها لهم رحمة منها بنفسها إذا تم لها ما كانت مهتمة به ومتوجهة إلى حصولها منه (ولها) ، أي للرحمة أيضا (أثر آخر) بوجه ثان وهو الأثر (بالسؤال) ، أي الطلب وهي الرحمة الخاصة التي كتبها للمؤمنين المتقين (فيسأل المحجوبون) عن معرفة اللّه تعالى من الناس الحق تعالى ، أي يدعونه ويطلبون منه أن يرحمهم بهذه الرحمة الخاصة المذكورة حال كون ذلك الحق تعالى الذي يدعونه ويسألونه في اعتقادهم ، أي هم متصوّرون له بخيالهم أنه الحق تعالى وهو الحق المخلوق في الاعتقادات .

قال رضي الله عنه :  (وأهل الكشف) من العارفين باللّه تعالى (يسألون) ، أي يدعون ويلتمسون (رحمة اللّه) تعالى الواسعة (أن تقوم) ، أي تظهر وتتبيّن (بهم) فتظهر بها لهم أعيان أحوالهم الملائمة الثابتة في حضرة العلم القديم بالعدم الأصلي (فيسألونها) ،
أي يدعون الرحمة باسم اللّه تعالى الجامع لجميع الأسماء فيقولون في سؤالهم ودعائهم (يا اللّه ارحمنا
أي يا جامع الأسماء كلها أظهر فينا ما ظهر فيك من الرحمة الواسعة وهم يعلمون أنه (لا يرحمهم إلا قيام) ، أي ظهور الرحمة الإلهية بهم كظهورها في الحضرات الأسمائية والمراتب الذاتية الصفاتية .

قال رضي الله عنه :  (فلها) ، أي للرحمة الواسعة (الحكم) في كل محكوم عليه أي الظهور والتجلي به فيه (لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل) المحكوم عليه لا للحاكم من حيث هو حاكم وأن نسب الحكم الحاكم في الظاهر أنه أثره وإنما هو في نفس الأمر أثر المحكوم عليه إذ لولا قبوله لذلك الحكم واستعداده له ما ظهر فيه ،
فاستعداده وقبوله أثر فيه لا فعل الفاعل فما تأثر إلا بما منه (فهو) ، أي ذلك المعنى القائم بالمحل المرحوم هو الراحم لذلك المرحوم (على الحقيقة) وما قام بكل شيء حتى اقتضى وجوده إلا الرحمة الإلهية كما مر ذكره ، فهي استعداد كل شيء لما هو مستعد له وهي قبول كل شيء لما هو قابل له ، وهي أيضا التي توصل كل مستعد وقابل لما هو مستعد له وقابل له ،

فلها الواسع الأعظم من جميع الوجوه والاعتبارات فلا يرحم اللّه تعالى (عباده المعتنى بهم) من أهل الكشف والوجود وهم المؤمنون المتقون (إلا بالرحمة) القائمة بهم ظهورا وتجليا .
قال رضي الله عنه :  (فإذا قامت بهم) ، أي ظهرت لهم منهم الرحمة الإلهية الواسعة لهم ولغيرهم وجدوا حكمها فيهم ذوقا ، أي كشفا ومعاينة لا تخيلا وفهما ، فصارت تلك الرحمة العامة خاصة بهم وهو قوله :فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ[ الأعراف : 156 ] بعد قوله :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي ولأجل أن الرحمة رحمت الحق المخلوق بنفسها بالإيجاد ( قلنا ) أي نقول عبر بالماضي لتحقق وقوع معناه أو لسبق هذا القول منه معنى في قوله فأول ما وسعته الرحمة نفسها ثم الشيئية المشار إليها

قال رضي الله عنه :  ( أن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلقها بإيجاد المرحومين ولها أثر آخر بالسؤال ) وهو أثر الرحمة الرحمية ( فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم ) بأن يغفر لهم عن ذنوبهم ويدخلهم الجنة ( في اعتقادهم ) يتعلق بالحق أن يسألون الحق الذي هو في اعتقادهم أن يرحمهم
قال رضي الله عنه :  ( وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ) ومعنى قيام الرحمة بهم اتصافهم بالرحمة ( فيسألونها باسم اللّه ) أي يسألون الرحمة عن الحضرة الجامعة الإلهية فكم بين السؤالين ( فيقولون ) أي أهل الكشف في السؤال يا اللّه ارحمنا ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم لأن مرادهم بالسؤال هو لا غير كما إذا سأل أهل الحجاب

فقال في السؤال ( يا اللّه ارحمنا ولا يرحمهم إلا قيام ) أثر ( الرحمة بهم ) وهو الاستراحة في عيشة راضية وهو يعطي كل ذي حق حقه ولما كان اعتقاد المحجوبين مطابقا بما وصف اللّه به ذاته وصفاته وعرف به نفسه في الشرع المطهر أجاب اللّه سؤالهم وأعمالهم ويغفر لهم من ذنوبهم ويدخلهم الجنة إذ لا وسعة لكل أحد بهذا المقام في السؤال والأعمال فإذا كان لها الأثر بالذات والأثر بالسؤال

قال رضي الله عنه :  ( فلها الحكم ) في كل راحم ومرحوم لا لغيرها ( لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل فهو ) أي هذا المعنى القائم بالمحل ( الراحم على الحقيقة ) لا المحل فالراحم هو الرحمة لا من اتصف بها ( فلا يرحم عباده المعتنى بهم ) وهم أهل الكشف والوجود ( إلا بالرحمة ) فقامت بهم

قال رضي الله عنه :  ( فإذا قامت بهم الرحمة وجدوا حكمها ) في أنفسهم ( ذوقا ) فإن الرحمة تحكم عليهم أن يرحموا من طلب منهم الرحمة فعلموا ذوقا كيف يرحمهم اللّه عباده فإن الرحمة حاكمة على الحق أن يرحم من يسأل الرحمة من عباده فإذا وجدوا حكم الرحمة فقد ذكرتهم الرحمة ( فمن ذكرته الرحمة ) أي قامت الرحمة به ( فقد رحم ) لكون الرحمة حاكمة عليه أن يرحم على غيره ممن يسأل الرحمة منه ( واسم الفاعل ) ممن ذكرته الرحمة ( هو الرحيم والراحم ) فكان رحيمية الرحيم أو الراحم من حكم الرحمة القائمة هي به

قال رضي الله عنه :  ( والحكم لا يتصف بالخلق لأنه أمر توجيه المعاني لذواتها ) لمن اتصف بها من الذوات فالرحمة معنى من المعاني لأنها لا عين لها في الخارج توجب الحكم لذاتها الذي لا عين له في الخارج لذلك قالرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍوجودا وحكما ولم يكتف بقوله وجودا والأمور التي توجبها المعاني أحوال فالحكم حال من الأحوال

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

قال رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين. ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا. ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل. فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

ثم قال: إن الايجاد رحمة ومنها ایجاد الآلام أي هو رحمة للآلام أنفسها وأستدام، رضي الله عنه، الكلام حتى انتهى إلى الذوات، فجعلها لا موجودة ولا معدومة وسبب ذلك أنه تعالى، 
إذا قلنا: إنه إنما يوجد ما يوجده رحمة منه 
فنقول: فالرحمة نفسها هو قد أوجدها فإن كان رحمها ثم أوجدها فقد كانت الرحمة فيه من حيث هي صفته، والتقدير إنها لم يكن موجودة فهي إذن موجودة لا موجودة فخرج القول إلى إثبات الذوات التي لا موجودة ولا معدومة، 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

قال رضي الله عنه :  (ولهذا قلنا : إنّ الحق المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها ، في تعلَّقها بإيجاد المرحومين . ولها أثر آخر بالسؤال ، فيسأل المحجوبون الحقّ أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم الله ، فيقولون : يا الله ارحمنا ، ولا يرحمهم إلَّا قيام الرحمة بهم ، فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنّما هو في الحقيقة بالمعنى القائم بالمحلّ ) .

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الوجود الحق المتعيّن في كل عين عين بعد تعيّنه بالمظهر وقيامه بمحلّ الظهور - يحكم على القابل بمقتضى حقيقته وقيامها ، أعني الرحمة الوجودية الفيضة  ، وليست إلَّا الوجود بعينها أوّلا بالذات في حقائق الأشياء وأعيانها الثابتة ، فبنفس تعلَّقها بالحقائق أزلا للإيجاد يوجد الحقّ المخلوق في الاعتقادات بعد تعيّنها في عين نفسها - يعني الرحمة - ونسب ذات الرحمة ،
فإنّ تعيّن الوجود في علوم المعتقدين بعد تعيّنه في علم الله ، فتعلَّق الرحمة الوجودية به كذلك - بحسب تعلَّقه في حقائقهم - متأخّر الرتبة عن حقيقة الرحمة ، ومتقدّم على المرحوم بحسب اعتقادهم .

قال رضي الله عنه  : ) فهو الراحم على الحقيقة ، فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلَّا بالرحمة ، فإذا قامت بهم الرحمة وجدوا حكمها ذوقا ،)
يعني : الراحم - وهو الحق - عين الرحمة وإلَّا لزم كونه محلَّا للحوادث .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك قلنا : إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلقها بإيجاد المرحومين ، ولها أثر آخر بالسؤال . فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم فيسألونها باسم الله ، فيقولون : يا الله ارحمنا ، ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم فلها الحكم ، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل ) .

أثر الرحمة بالذات : إيجادها كل عين ثابتة على العموم ، فرحمة الحق المخلوق في الاعتقادات بتبعية رحمتها أعيان المعتقدين ، فإنه عين ثابتة في أعيان المعتقدين الثابتة ، فرحمت أولا بنفسها في تعلقها بايجاد المرحومين من الأعيان فتعينت بها وظهرت في مظاهرها وانتشرت ، فكان في ضمن تعلقها بإيجاد المرحومين رحمة إيجاد الحق المخلوق فكان أول مرحوم المتعلقة بالأعيان ، لأن الحق المعتقد حال من أحوال أعيان المعتقدين فبنفس تعلقها بالأعيان تعلقت به ، وأما أثر الرحمة بالسؤال ، فهو أن يترتب على سؤال الطالبين ،

وهم : إما محجوبون ، وإما أهل الكشف
فالمحجوبون : يسألون الحق الذي هو ربهم في اعتقادهم أن يرحمهم ، فهم من يرحمون من الراحم المتجلى في صور معتقداتهم بحسب ما يعتقدونه ، فإن تعين الرحمة الوجودية في علم المعتقدين واعتقاداتهم بعد تعينها في علم الله ، فتعلق الرحمة المطلوبة بهم بحسب تعينها في أعيانها متأخر الرتبة عن حقيقة الرحمة متقدم في علم الله على المرحوم بحسب اعتقاده ،
وأما أهل الكشف : فيسألون رحمة الله أن تقوم بهم باسم الله فلها الحكم عليهم ، لأن القائم بالمحل يحكم على القابل بمقتضى حقيقته ، فلا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم فيجعلهم راحمين ، وهو منتهى قوله ( فهو الراحم على الحقيقة ) يعنى المحل القائم بالرحمة.

"" أضاف بالي زادة :
وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم : أي يسألون قيام الرحمة اتصافهم بالرحمة فيسألونها باسم الله ، أي يسألون الرحمة عن الحضرة الجامعة الحكم بين السؤالين .اهـ بالى زادة

فهو الراحم على الحقيقة لا المحل فالراحم هو الرحمة لا من اتصف بها ، قوله وجدوا حكمها في أنفسهم ذوقا فإن الرحمة تحكم عليهم أن يرحموا من طلب منهم الرحمة فعلموا ذوقا كيف يرحم الله عباده فإن الرحمة حاكمة على الحق أن يرحم من يسأل الرحمة من عباده فإذا وجدوا حكم الرحمة فقد ذكرتهم الرحمة ومن ذكرته الرحمة أي قامت به الرحمة فقد رحم غيره .اهـ بالى زادة""

( فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ) ليكونوا موصوفين بصفته ( فإذا قامت بهم الرحمة وجدوا حكمها ذوقا). كما ذكر في الفص الأول من حكم الحياة والعلم على الحي والعالم
"" أضاف بالي زادة :
قوله (لذواتها ) أي من اتصف بها من الذوات ، فالرحمة معنى من المعاني لأنها لا عين لها في الخارج توجب الحكم لذاتها الذي لا عين له في الخارج لذلك قال - رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ )   - وجودا وحكما ، ولم يكتف بقوله وجودا والأمور التي توجبها المعاني أحوال ، فالحكم حال من الأحوال ، فالأحوال لا موجودة .اهـ بالى زادة

فصفات الحق موجود زائد على ذاته في العقل فإن لها حقائق معقولة ممتازة ، وأما في الخارج فلا أعيان لها فلا وجود فكان وجودها في الخارج عين ذاته تعالى والتحق الحكماء والمعتزلة في هذه المسألة بأهل الحق .اهـ بالى زادة . ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولذلك قلنا : إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شئ مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلقها بإيجاد المرحومين . ) أي ، ولأجل أن الحق المخلوق بحسب الاعتقادات أول شئ مرحوم بعد تعلق الرحمة الذاتية بنفسها بالإيجاد ،
قلنا من قبل : إن أول ما وسعت الرحمة الذاتية شيئية تلك العين الموجدة للرحمة الصفاتية ، وهي عين الاسم ( الرحمن ) . ولما كان ( الرحمن ) هو الذي يتجلى بحسب اعتقاد المعتقدين ، ويصير حقا مخلوقا فيدخل في جملة ما يتعلق الرحمة بإيجاده من الأعيان المرحومة ، جعله مقول القول بحسب المعنى .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولها أثر آخر بالسؤال ، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم . وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم "الله" ، فيقولون : يا الله ارحمنا . ولا يرحمهم إلا بقيام الرحمة بهم . )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( الأثر الآخر ) هو أثر الرحمة الرحيمية المعطية لكل عين ما يوصل إلى كمالها ، إما بسؤال لسان الاستعداد ، أو بسؤال لسان الحال والقال ، كما مر من قبل فيسأل المحجوبون أن يرحمهم الحق الذي هو معتقدهم ، ويغفر لذنوبهم ويتجاوز عنهم رغبة في الجنة وهربا من النار .
وأهل الكشف يسألون أن يتصفوا بالرحمة ، فيقومون بها من الحضرة الإلهية المطلقة ، لا من الإلهية المقيدة ، فيقولون : يا الله ارحمنا بلسان استعداداتهم .

ولا يرحمهم إلا بأن يجعل قيام الرحمة بهم ، فيكونوا راحمين لأنفسهم ولغيرهم من المستعدين بإيصالهم إلى الكمال .
هذا بالنسبة إلى بعض المكاشفين ، لا بالنسبة إلى المحققين ، فإنهم يختارون مقام العبودية على الربوبية ويجوز أن يكون بالنسبة إلى جميع المكاشفين ويكون المراد الاتصاف بها ، لا الظهور بها ، فإن الكمل لا يطلبون الظهور بالصفة الرحمانية
.
( فلها الحكم ، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل ، فهو الراحم على الحقيقة . ) أي ، فللرحمة الحكم في كل مرحوم ، لأن المعنى القائم بالمحل ، هو الحاكم في الحقيقة على نفس المحل ، أو على من دونه .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( المعنى ) هو الحاكم ، لا نفس السلطان . ولكون المعنى قائما بالمحل يظن أنه هو الحاكم . وكذلك جميع المعاني . ويظهر حقيقة هذا الكلام في أصحاب المناصب ، كالسلطان والقاضي والوزير وغيرهم .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة . ) أي ، بقيام الرحمة بهم ، ليكونوا راحمين .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإذا قامت بهم الرحمة ، وجدوا حكمها ذوقا)
أي ، الرحيمية لقيامها به ، كما في الكاملين ، أو بالمغفرة وإعطاء الجنة ، كما في العابدين الزاهدين المحجوبين عن معرفة الحقائق .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

قال رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا : إنّ الحقّ المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلّقها بإيجاد المرحومين ، ولها أثر آخر بالسّؤال ، فيسأل المحجوبون الحقّ أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم اللّه فيقولون يا اللّه ارحمنا ، ولا يرحمهم إلّا بقيام الرّحمة بهم ، فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنّما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحلّ ، فهو الرّاحم على الحقيقة ؛ فلا يرحم اللّه عباده المعتنى بهم إلّا بالرّحمة ، فإذا قامت بهم الرّحمة وجدوا حكمها ذوقا )

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك ) أي : ولأجل أن الحق المخلوق عينا ثابتة قابلة للوجود في الذهن أو الخارج ، ( قلنا : إن الحق المخلوق ) أي : الصورة الوجودية في الخارج أو الذهن ( أول شيء مرحوم ) للرحمة بالأثر الذاتي ( بعد رحمتها ) المتعلقة ( بنفسها ) ، فهذه الأولية ( في تعلقها بإيجاد ) سائر ( المرحومين )  من الأكوان والأعيان ، فتعلقها بالأكوان سابق على تعلقها بالأعيان ، فإن الأعيان إنما وجدت بوجود صور الوجود الحق فيها ، فوجود الأكوان التي هي صور وجود الحق سابق على وجود الأعيان ، وهذا أثر الرحمة بالذات ،

قال رضي الله عنه :  ( ولها أثر آخر ) لا بالذات ، ولا بالنظر إلى المجيد بل ( بالسؤال ) من المرحوم بلسان حاله أو مقاله لموافقة الغرض أو ملائمته الطبع ، ولا يخل في منعه من لم يسأل ، وإن كان في إعطائه إياه مزيد إفضال ، إذ لا مانع ما لا يستوجبه الشيء غير تخيل ،

وإذا كان هذا الأثر منها بالسؤال منا ، فالسؤال مؤثر في تأثيرها لكنها عين التأثير ، فالسؤال مؤثر فيها ، وهو حادث ، وما يؤثر فيه الحادث فهو حادث ، وفي غرض لا يقوم بذات اللّه تعالى ؛ لامتناع قيام الحوادث بذاته عزّ وجل فهي قائمة بذواتنا ، ولكن لا يعرف المحجوبون هذا ؛ ( فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم ) برحمة قائمة بذاته ( في اعتقادهم ) ، فربما يرحمهم برحمة قائمة بصورته المنطبعة في اعتقادهم ؛ لكونه عند ظن عبده به ، وربما لا يرحمهم ؛ لأنهم سألوا أمرا باطلا ، ويتفاوت في هذا المضطر منهم وغيره .
قال رضي الله عنه :  ( وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ) بإشراق نورها عليهم ، فيسألونها باسم اللّه ليزكيهم هذا الاسم فيسعد محلهم لقبول النور من رحمته ، فيقولون : باللّه ، وينادون الاسم الجامع ؛ ليتم تزكية نفوسهم بنوره الكامل .

( ارحمنا ) أي : أشرق علينا نور رحمتك ؛ لتقوم بنا الرحمة ، وإنما أوّلناه بهذا ؛ لأنه لا يرحمهم بتحصيل مسئولهم إلا قيام الرحمة بهم ؛ لأن الرحمة القائمة بالحق لا تتوقف في التأثير على فعل الغير ، وإنما تتوقف على استعداده بحسب جريان السنة الإلهية ، ولا استعداد لإشراق نور الرحمة الإلهية عليهم إلا بالتزكية الحاصلة عن سؤالهم إياها باسمه المفيد للتزكية بمقتضى قوله :قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى ( 14 ) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ( 15 )[ الأعلى : 14 ، 15 ] ، فإشراق نور الرحمة منه رحمة منه ؛
"" أضاف المحقق :
أي : تجل علينا باسمك الرحيم ، واجعلنا راحمين كما أنك راحم ، فانظر الفرق بين السؤالين ؛ فإن المسؤول عنه في السؤال الأول للحق المخلوق الذي لا شعار له بنفسه ، ولا لغيره ؛ فكيف يتمكن من اتصال الرحمة إليه . شرح الجامي ."".

قال رضي الله عنه :  ( فلها الحكم ) ، وإن اجتمعت هاهنا الرحمتان ؛ ( لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل ) ، إذا استند إليه وإلى الأمر المباين ؛ لأن القائم بالمحل سبب قريب والمنفصل سبب بعيد ، والتأثير إنما هو للقريب ، وإن لم يستقل بدون البعيد ، وإذا كان أثر الرحمة بالسؤال بلسان الحال والمقال مما يوافق الغرض ، أو يلاءم الطبع بالرحمة القائمة بالمرحوم ، ( فلا يرحم اللّه عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ) الموجودة فيهم رحمة تقوم بهم ؛ لأن رحمتهم من قبيل ما يوافق الغرض أو يلائم الطبع لا محالة فهم ، وإن لم يسألوا بلسان المقال سألوا بلسان الحال .

قال رضي الله عنه :  ( فإذا أقامت بهم الرحمة ) المسئولة ( وجدوا حكمها ) ، وهو تأثيرها بحصول المسؤول ، ويتسمى الفاعل راحما أو رحيما ، والمفعول مرحوما ( ذوقا ) ؛ لأن هذا الحكم من جملة الأحوال التي ليست موجودة ولا معدومة ، فلا يدرك إلا بالذوق ،
فإن العقل لا يدرك الواسطة بين المعدوم والموجود ، وسائر المشاعر إنما تدرك الموجودات ؛ وذلك لأن المعتبر هاهنا أربعة أمور :
الرحمة ،
وذات الراحم ،
وذات المرحوم ،
وتأثير الرحمة في حصول المسؤول ،
وفي تسميتها راحما ومرحوما ، والموجود إنما هو الثلاثة الأول.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

قال الشيخ رضي الله : (ولذلك قلنا إنّ الحقّ المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم ) باعتبار أنّه الغاية وهي الأوّل في مرحوميّته ، وإن كان بعد أسباب بحسب الوجود فهو الأوّل والآخر
وإليه أشار بقوله : ( بعد رحمتها بنفسها في تعلَّقها بإيجاد المرحومين ) .
ثمّ ليعلم أنّ المصنّف قد أدرج في عبارته هذه دقيقة منطوية على جلائل الحكم ، وهي أنّ الأوّل إنما يكون أكمل إذا ظهر فيه أنّه الآخر من حيث أنّه باطن .

وتلك الأوّلية إنما يتصف بها الكامل إذا كان غاية لذي غاية مفضية إليها ، كما في الحقّ المخلوق وهذا من الحكم الجليلة لهذا الأثر الذاتي من الرحمة والتنزّل الجمليّ منها ، فإنّه به صار أوّلا باطنا ، آخرا ، ظاهرا - فلا تغفل .

يختلف سؤال أعيان أهل الحجاب وأهل الكشف
فهذا أوّل الآثار من الرحمة عند انبساطها بنفسها ( ولها أثر آخر بالسؤال )

من تلك الأعيان ، فتتفاوت مقترحاتهم بحسب نيّاتهم ومقتضياتهم عند إفصاح ألسنة استعداداتهم وأحوالهم وأقوالهم ، ( فيسأل المحجوبون من الحقّ أن يرحمهم ) من حيث صورته المخلوقة لهم ( في اعتقادهم ) .
و « الحقّ » في لسان الاصطلاح من الأسماء العامّة التي تشمل مراتب الوجود - إلهيّة وكيانيّة - فإنّ الشيخ قال في مصطلحاته :
" الحقّ ما أوجب على العبد من جانب الله ، وما أوجب الحق على نفسه "  . " وما أوجبه "
فيصدق على الصورة المخلوقة التي هي مسؤول المحجوبين .

""أضاف الجامع :
قال الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات الباب الخامس والسبعون ومائتان : 
فالرجوع الإلهي الأول رجوع عناية وتفضل والرجوع الثاني الذي أنتجه رجوعهم إليه
سبحانه في قوله من تقرب إلى شبرا تقربت منه ذراعا  ............
فالرجوع الإلهي الثاني يتضمن أمرين رجوع الاستحقاق منه بمنزلة الجسد
ورجوع المنة منه بمنزلة الروح للجسد الذي به حياته
فإنه وإن كان الاستحقاق بما أوجبه الحق على نفسه فإن الحقيقة تعطي أن لا يستحق العبد شيئا على سيده فمن منته سبحانه على عبد إن أوجب له على نفسه ليأنس العبد بما أوجبه الحق عليه من طاعته ليسارع بأداء ما وجب عليه
فإذا حصل العبد في هذا المقام فليس وراءه مرمى لرام
ويعلم أن الله قد أراد أن ينقله من عالم شهادته إلى عالم غيبه ليكون له غيبه شهادة في موطن آخر غير هذا الموطن له حكم آخر
وهو الموطن الذي تكون فيه المظاهر الإلهية وهو أوسع المواطن
فلهذا عبر عن هذا المنزل بالأجل المسمى لأنه أجل البعث إليه من عالم الشهادة المقيد بالصورة التي لا تقبل التحول في الصور لكن تقبل التغيير وهو زوال عينها بغيرها
لذلك الغيب الذي كانت به فيدبر الروح الغيبي صورة ذلك الغير
فلهذا قلنا يقبل التغيير ولا يقبل التحويل فإن الحقائق لا تتبدل . أهـ ""

قال الشيخ رضي الله : ( وأهل الكشف ) إذ تحققوا أنّ ذواتهم أثر سريان الرحمة الذاتيّة ما عيّنوا للمسئول منه وجها ، فهم ( يسألون رحمة الله ) مطلقا ، لا من اسم خاصّ ( أن تقوم بهم ) وإذ كان القائم بهم والحاكم على نشأتهم الخاصّة إنما هي الرحمة الإلهية ،
قال الشيخ رضي الله : ( فيسألونها باسم الله ) لا بأنفسهم ، ولا بشيء من الأسماء الجزئية فهم لا يزالون تالين بسائر الألسنة : « بسم الله الرحمن الرحيم » ، داعين سائلين به الرحمة المقوّمة لهم ، القائمة بهم ( فيقولون : يا الله ارحمنا ) .

الرحمة هي الحاكمة
ثمّ إنّ المبادر من عبارته حيث قال : « أن يقوم بهم » أنّ الرحمة قائمة بالعين ، والعين مقوّمة لها ، والحكم إنما هو للرحمة ،
فصرّح بذلك قائلا : ( ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم ، فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل )
وكما بيّن ذلك في الفصّ الآدمي ، أنّ الحياة هي الحاكمة على الحيّ كما ترى في أنّ السلطنة هي الحاكمة على السلطان ، وأنّ الوزارة هي الحاكمة على الوزير ، وكذا سائر المراتب والمناصب هي الحاكمة على من قامت به .

العلم الذوقي أنهى مراتب الرحمة
فعلم أنّ ذلك المعنى هو الحاكم ( فهو الراحم ) ، أي المعنى القائم بالمحل هو الراحم ( على الحقيقة . فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ) القائمة بالأعيان أنفسها ، ومن جملة صورها الوجود أو العلم والمراد بهذه الرحمة هو العلم ، فلذلك خصّ العباد المعتنين بهم .

وقال أيضا : ( فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا ) وهذا أنهى مراتب الرحمة ، أعني العلم الذوقيّ الذي هو عبارة عن وجدان العارف رحمة الله القائمة به ، المقوّمة إيّاه بما هو الأوّل والآخر .

فقد بيّن بهذا الكلام أمر الرحمة وتفصيل جزئيّاتها من المبدء الذي هو قبول القابل وسؤاله بألسنة الاستعدادات ، إلى المنتهى الذي هو العلم الذوقيّ .
ويصدق على سائر المراتب أنّه ذكر الرحمة ، فإنّ المراتب الوجوديّة منها ذكر النفس الرحماني ، والشهوديّة منها ذكر النفس الإنساني ، والرحمة تشملها

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم بعد رحمتها نفسها في تعلقها بإيجاد الموجودين.
ولها أثر آخر بالسؤال، فيسأل المحجوبون الحق أن يرحمهم في اعتقادهم، وأهل الكشف يسألون رحمة الله أن تقوم بهم، فيسألونها باسم الله فيقولون يا الله ارحمنا.
ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة بهم، فلها الحكم، لأن الحكم إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل.
فهو الراحم على الحقيقة. فلا يرحم الله عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة، فإذا قامت بهم وجدوا حكمها ذوقا.)

قال رضي الله عنه :  ( ولذلك قلنا إنّ الحقّ المخلوق في الاعتقادات أوّل شيء مرحوم بعد رحمتها بنفسها في تعلّقها بإيجاد المرحومين .)
( ولذلك ) ، أي لكون الرحمة رأت الحق المخلوق في الاعتقادات عينا ثابتة فرحمته بنفسها .

( قلنا : إن الحق المخلوق في الاعتقادات أول شيء مرحوم ) ، أي مشمول للرحمة ( بعد رحمتها بنفسها ) أولية كائنة ( في تعلقها بإيجاد المرحومين ) في العلم والعين ولا يذهب عليك أن القول بأولية الحق المخلوق ما وقع بخصوصه بل في ضمن أمر كلي هو بعض من أفراده.

حيث قال : ثم المشيئة المشار إليها فإنها كما عرفت شاملة لشيئية الأسماء الإلهية والأعيان الثابتة التي عين الحق المخلوق الثابتة في العلم واحدة منها ، فالرحمة شملتها في المرتبة الثابتة بعد رحمتها بنفسها شمولا أوليا بالنسبة إلى ما بعد المرتبة الثابتة .
ولما فرغ من بيان الأثر الأول للرحمة من حيث النظر إلى متعلقها فقال :

قال رضي الله عنه :  ( ولها أثر آخر بالسّؤال ، فيسأل المحجوبون الحقّ أن يرحمهم في اعتقادهم ، وأهل الكشف يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ، فيسألونها باسم اللّه فيقولون يا اللّه ارحمنا ، ولا يرحمهم إلّا بقيام الرّحمة بهم . فلها الحكم ، لأنّ الحكم إنّما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحلّ . فهو الرّاحم على الحقيقة . فلا يرحم اللّه عباده المعنى بهم إلّا بالرّحمة . فإذا قامت بهم الرّحمة وجدوا حكمها ذوقا . )

قال رضي الله عنه :  ( ولها أثر آخر ) لا بالذات ولا بالنظر إلى المجيد بل ( بالسؤال ) ، أي بالنظر إلى سؤال المرحومين وإلى اختلاف أحوالهم في هذا السؤال حالا ومقالا ( فيسأل المحجوبون ) عن انكشاف الحقائق على ما هي عليه ( الحق أن يرحمهم ) ، حال كونه مخلوقا ( في اعتقادهم ) ، فالمسؤول عنه في هذا السؤال الحق المخلوق ، والمسؤول الرحمة الواقعة منه عليهم بوصول أثرها إليهم ( وأهل الكشف ) المكاشفون بالحقائق على ما هي عليه ( يسألون رحمة اللّه أن تقوم بهم ) ، فالمسؤول عنه في سؤالهم رحمة اللّه والمسؤول قيامها بهم ليصيروا راحمين كما كانوا مرحومين ( فيسألونها ) ، أي الرحمة معبرين عنها ( باسم اللّه ) الوجود الحق الجامع لجميع الأسماء ،

وذلك لأنه تعالى عين الرحمة كما ستقع الإشارة إلى ذلك ( فيقولون : يا اللّه ارحمنا ) ، أي تجلّ علينا باسمك الرحيم ، واجعلنا راحمين كما أنك راحم ، فانظر الفرق بين السؤالين فإن المسؤول عنه في السؤال الأول الحق المخلوق الذي لا شعار له بنفسه ولا لغيره فكيف يتمكن من اتصال الرحمة إليه والمسؤول أثر الرحمة ،

والمسؤول عنه في السؤال الثاني اللّه الرحمن الرحيم ، والمسؤول تجليه عليهم بالاسم الرحيم قاصدين أيضا الرحمة إلى من سواهم إن كانوا من المتوسطين ، أو التمكن من ذلك الإيصال من غير ظهور به إن كانوا من المنتهين فإنهم لا يطلبون الظهور بالصفات الإلهية بل لا يتجاوزون مقام العبودية ( ولا يرحمهم إلا قيام الرحمة ) ، أي الرحمة القائمة ( بهم فلها ) ، أي للرحمة ( الحكم ) على المرحوم ( لأن الحكم ) بغير وسط

قال رضي الله عنه :  ( إنما هو في الحقيقة للمعنى القائم بالمحل ) ، على المحل كما أن الحكم على العالم من غير وسط ، بالعالمية إنما هو للعلم القائم به ، فإن معنى العلم بجعل ذات العالم عالما بغير وسط ومفيض العلم يجعله عالما بواسطة العلم

قال رضي الله عنه :  ( فهو ) ، أي المعنى القائم بمحل الرحمة أعني الرحمة هو ( الراحم ) ، أي الحاكم عليه براحميته ( على الحقيقة فلا يرحم اللّه عباده المعتنى بهم إلا بالرحمة ) ، بل لا يرحمهم إلا الرحمة ( فإذا قامت بهم الرحمة ) وجعلتهم راحمين ( وجدوا حكمها ) ، أي حكم الرحمة يعني الراحمية في أنفسهم (ذوقا . ) بإيصال أثرها إليهم كالمحجوبين فقد رحم.

.
واتساب

No comments:

Post a Comment