Wednesday, February 12, 2020

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الأولى .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :

22 - فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
إلياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثم بعث إلى قرية بعلبك، وبعل اسم صنم، وبك هو سلطان تلك القرية.
وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان إلياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان من اللبنانة، وهي الحاجة عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار.
فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الأعراض النفسية.
فكان الحق فيه منزها، فكان على النصف من المعرفة بالله، فإن العقل إذا تجرد لنفسه من حيث أخذه العلوم عن نظره، كانت معرفته بالله على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه الله المعرفة بالتجلي كملت معرفته بالله، فنزه في موضع و شبه في موضع، ورأى سريان الحق في الصور الطبيعية والعنصرية.
وما بقيت له صورة إلا ويرى عين الحق عينها.
وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند الله، و حكمت بهذه المعرفة الأوهام كلها.
ولذلك كانت الأوهام أقوى سلطانا في هذه النشأة من العقول، لأن العاقل ولو بلغ في عقله ما بلغ لم يخل من حكم الوهم عليه والتصور فيما عقل.
فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا.
ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق.
ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة.
وروح هذه الحكمة و فصها أن الأمر ينقسم إلى مؤثر و مؤثر فيه وهما عبارتان: فالمؤثر بكل وجه وعلى كل حال وفي كل حضرة و هو الله.
والمؤثر فيه بكل وجه و على كل حال و في كل حضرة هو العالم فإذا ورد.
فألحق كل شيء بأصله الذي يناسبه ، فإن الوارد أبدا لا بد أن يكون فرعا عن أصل كما كانت المحبة الإلهية عن النوافل من العبد .
فهذا أثر بين مؤثر و مؤثر فيه: و كما كان الحق سمع العبد وبصره و قواه عن هذه المحبة. فهذا أثر مقرر لا يقدر على إنكاره لثبوته شرعا إن كنت مؤمنا.
وأما العقل السليم، فهو إما صاحب تجل إلهي في مجلى طبيعي فيعرف ما قلناه، وإما مؤمن مسلم يؤمن به كما ورد في الصحيح.
ولا بد من سلطان الوهم أن يحكم على العاقل الباحث فيما جاء به الحق في هذه الصورة لأنه مؤمن بها.
وأما غير المؤمن فيحكم على الوهم بالوهم فيتخيل بنظره الفكري أنه قد أحال على الله ما أعطاه ذلك التجلي في الرؤيا، و الوهم في ذلك لا يفارقه من حيث لا يشعر لغفلته عن نفسه ، ومن ذلك قوله تعالى «ادعوني أستجب لكم».
قال تعالى «و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان» إذ لا يكون مجيبا إلا إذا كان من يدعوه، وإن كان عين الداعي عين المجيب.
فلا خلاف في اختلاف الصور، فهما صورتان بلا شك.
وتلك الصور كلها كالأعضاء لزيد: فمعلوم أن زيدا حقيقة واحدة شخصية، وأن يده ليست صورة رجله و لا رأسه ولا عينه ولا حاجبه.
فهو الكثير الواحد: الكثير بالصور ، الواحد بالعين.
وكالإنسان: واحد بالعين بلا شك. ولا نشك أن عمرا ما هو زيد ولا خالد ولا جعفر، وأن أشخاص هذه العين الواحدة لا تتناهى وجودا.
فهو و إن كان واحدا بالعين، فهو كثير بالصور والأشخاص .
وقد علمت قطعا إن كنت مؤمنا أن الحق عينه يتجلى يوم القيامة في صورة فيعرف، ثم يتحول في صورة فينكر، ثم يتحول عنها في صورة فيعرف، وهو المتجلي ليس غيره في كل صورة.
ومعلوم أن هذه الصورة ما هي تلك الصورة الأخرى: فكأن العين الواحدة قامت مقام المرآة، فإذا نظر الناظر فيها إلى صورة معتقده في الله عرفه فأقر به.
وإذا اتفق أن يرى فيها معتقد غيره أنكره، كما يرى في المرآة صورته وصورة غيره.
فالمرآة عين واحدة والصور كثيرة في عين الرائي، وليس في المرآة صورة منها جملة واحدة، مع كون المرآة لها أثر في الصور بوجه وما لها أثر بوجه: فالأثر الذي لها كونها ترد الصورة متغيرة الشكل من الصغر والكبر والطول والعرض، فلها أثر في المقادير، وذلك راجع إليها.
وإنما كانت هذه التغيرات منها لاختلاف مقادير المرائي: فانظر في المثال مرآة واحدة من هذه المرايا، لا تنظر الجماعة، وهو نظرك من حيث كونه ذاتا: فهو غني عن العالمين، ومن حيث الأسماء الإلهية فذلك الوقت يكون كالمرايا: فأي اسم إلهي نظرت فيه نفسك أو من نظر، فإنما يظهر في الناظر حقيقة ذلك الاسم: فهكذا هو الأمر إن فهمت .
فلا تجزع ولا تخف فإن الله يحب الشجاعة ولو على قتل حية، وليست الحية سوى نفسك.
والحية حية لنفسها بالصورة والحقيقة.
والشيء لا يقتل عن نفسه. و إن أفسدت الصورة في الحس فإن الحد يضبطها و الخيال لا يزيلها. و إذا كان الأمر على هذا فهذا هو الأمان على الذوات و العزة و المنعة، فإنك لا تقدر على فساد الحدود.
وأي عزة أعظم من هذه العزة؟ فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن .
ومما يدلك على ضعف النظر العقلي من حيث فكره، كون العقل يحكم على العلة أنها لا تكون معلولة لمن هي علة له : هذا حكم العقل لا خفاء به، وما في علم التجلي إلا هذا، وهو أن العلة تكون معلولة لمن هي علة له.
والذي حكم به العقل صحيح مع التحرير في النظر، وغايته في ذلك أن يقول إذا رأى الأمر على خلاف ما أعطاه الدليل النظري، إن العين بعد ثبت أنها واحدة في هذا الكثير، فمن حيث هي علة في صورة من هذه الصور لمعلول ما، فلا تكون معلولة لمعلولها، في حال كونها علة، بل ينتقل الحكم بانتقالها في الصور، فتكون معلولة لمعلولها، فيصير معلولها علة لها .
هذا غايته إذا كان قد رأى الأمر على ما هو عليه، و لم يقف مع نظره الفكرى.
وإذا كان الأمر في العلية بهذه المثابة، فما ظنك باتساع النظر العقلي في غير هذا المضيق؟
فلا أعقل من الرسل صلوات الله عليهم وقد جاءوا بما جاءوا به في الخبر عن الجناب الإلهي، فأثبتوا ما أثبته العقل وزادوا ما لا يستقل العقل بإدراكه، وما يحيله العقل رأسا ويقر به في التجلي.
فإذا خلا بعد التجلي بنفسه حار فيما رآه: فإن كان عبد رب رد العقل إليه، و إن كان عبد نظر رد الحق إلى حكمه .
وهذا لا يكون إلا ما دام في هذه النشأة الدنيوية محجوبا عن نشأته الأخروية في الدنيا.
فإن العارفين يظهرون هنا كأنهم في الصورة الدنيا لما يجري عليهم من أحكامها، والله تعالى قد حولهم في بواطنهم في النشأة الأخروية، لا بد من ذلك.
فهم بالصورة مجهولون إلا لمن كشف الله عن بصيرته فأدرك.
فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.
فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.

متن نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر محمد ابن العربي الطائي الحاتمي 638 هـ :
22 - نقش فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية
يقول الله تعالى : " أحسن الخالقين " ويقول الله : " أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ" [النحل : 17]
فخلق الناس : التقدير ، وهذا الخلق الآخر : الإيجاد .

الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص صدر الدين القونوي 673 هـ :
22 - فك ختم الفص الإلياسى
1 / 22  - انما أضيفت هذه الحكمة بالصفة الايناسية من أجل الصفة الذاتية التي جبل الله بها الياس حتى ناسب بها الملائكة وناسب بها الأناسي ،
فثبت له الانس مع الطائفتين فكانوا يأنسون به ويجلسون اليه ، وكان هو ايضا انيسهم وجليسهم ، والسر فيما ذكرنا الذي لا يطلع عليه الا الندر من عباد الله هو ان بين قوى الأرواح العالية والقوى المزاجية الإنسانية امتزاجات على انحاء يحدث بينهما فعل وانفعال وغلبة ومغلوبية ينتهى الى كيفيات معقولة شبيهة بالامتحان الواقعة في هذا العالم ، مثل استحالة الماء هواء والهواء نارا ونحو ذلك .

2 / 22  - فمن الأناسي المتروحنين من ينتهى في تروحنه الى الرتبة الملكية فتستهلك قواه المزاجية الطبيعية في قوى روحانية ثابتة الحكم بحسب استيلاء سلطنة تلك القوى الروحانية على القوى الطبيعية ، كصورة الاستحالات في عالمنا هذا ، وهذا وصف بعض من هذا شأنه ، وظهور من هذا شأنه في هذا العالم انما هو كظهور الملك هنا بشرا سويا ،
والرائي لمن هذا شأنه انما يراه بموجب حكم احدى المناسبات الخمس التي سبقت الإشارة إليها ، فان ثبتت المناسبة بين الرائي والمرئي من حيث الذات :
يراه في صورته الاصلية التي كان عليها قبل تروحنه ، وان لم تثبت المناسبة بينهما من حيث الذات ، كان رؤيته له بحسب المرتبة التي تجمعها في الأصل او بحسب الصفة التي يشتركان فيها ، او الفعل او الحال ، وكيفية الصورة المرئية يكون بحسب كمال الصفة المشتركة فيها ونقصانها ، وكذلك الفعل والحال .

3 / 22 - واما الاشتراك في المرتبة : فيتفاوت الامر فيها بحسب تفاوت حظوظها منها ، وهذا شأن الخضر عليه السلام ، وعكس ذلك شأن عيسى عليه السلام ، فان نسبته ملكية ،
فظهوره  في الصورة الطبيعية هو من أجل امه التي كانت محل الإلقاء والنفخ لما بينا من ان كينونة كل شيء في شيء انما يكون بحسب المحل ، سواء كان المحل معنويا او صوريا .

واذكر ما أشار الحق سبحانه اليه في كتابه : و " هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ " [ الحديد / 4 ] فادخل نفسه مع عباده في الامكنة ، مع انه منزه عن الزمان والمكان .
وقوله صلى الله عليه وآله :ان العبد إذا قام يصلى فان الله ينصب له وجهه تلقاه ، ونحو ذلك مما تكرر ذكره في الكتاب والسنة .
وتذكر ايضا ما اتفق عليه المحققون من ان تجلى الحق لمن تجلى له انما يكون بحسب المتجلى له ، لا بحسبه وتذكر ايضا شأن المراة مع ما ينطبع فيها .

4 / 22  -  واما الياس عليه السلام فإنه لما كانت الممازجة الحاصلة بين القواه الروحانية والطبيعية قبل تروحنه واقعة على وجه قريب من التساوي ناسب الملأ الأعلى والأسفل فتأتى له الانس بهما ، والجمع بين صفتيهما فهو كالبرزخ بين النشأة الملكية والنشأة الانسالية ، فلهذا كان جامعا بين احكامهما.  

كلمات و مصطلحات وردت في فص حكمة إناسية في كلمة إلياسية :

مصطلح إلياس و إدريس
في اللغة
" إلياس: أحد الأنبياء المرسلين ورد ذكره في القرآن الكريم ".

في الاصطلاح الصوفي

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" إلياس: عبارة عن القبض، وقد يكون ما يعطيه على يد الخضر " .
الشريف الجرجاني
و يقول: " إلياس عليه السلام : فإنه إدريس، ولارتفاعه إلى العالم الروحاني استهلكت قواه المزاجية في الغيب وقبضت فيه، ولذلك عبر عن القبض به " .

يقول الشيخ بالي أفندي :
إلياس عليه السلام: هو الذي حصل على تمام أمر التشبيه والتنزيه لما أنس الملائكة وخالطهم بحسب مزاجه الروحاني التنزيهي، وأنس الإنسان بحسب مزاجه العنصري التشبيهي .

تقول د. سعاد الحكيم في المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة:
جعل ابن العربي " الخضر " في مقابل " الياس ".
الأول عبّر به عن " البسط " والثاني عبّر به عن القبض.
وان استطعنا ان نلمح الصلة بين الخضر والياس مما جعل ابن العربي يقابلهما، فإننا بصعوبة نتمكن من التكهن بالعلاقة بين الخضر والبسط، وبين الياس والقبض.

الخضر والياس يجمعهما شيء واحد عند ابن العربي: الحياة.
فإن الياس الذي هو إدريس رفعه اللّه مكانا عليا، وهو إلى الآن حي [انظر " إدريس "] والخضر كذلك يتمتع بهذه الحياة المستمرة.
ومن ناحية ثانية، ان " صاحب الزمان " أو " القطب " يمدّ أرواح المؤمنين والسالكين بتجليات يجدن اثرها في نفوسهم: قبضا وبسطا.

هذان الاثران هما للاسمين الإلهيين: الجلال والجمال ،
ويكون عطاء القطب هذا عن طريقين: الياس والخضر.
الأول: للقبض والثاني للبسط.

مصطلح إدريس
في اللغة:
" إدريس قيل إنه قبل نوح، قال ابن إسحاق: كان إدريس أول بني آدم أعطي النبوة، وهو إخنوخ بن يراد بن مهلاييل بن انوش بن تينان بن شيت بن آدم، وهو اسم سرياني وقيل عربي مشتق من الدراسة لكثرة درسه الصحف. . .
وفي صحيح ابن حبان انه كان نبيا رسولا وانه أول من خط بالقلم ".

في القرآن:
إدريس في القرآن نبي صدّيق رفعه اللّه مكانا عليا ، وكان من الصابرين الصالحين." وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا ". [مريم : 56-57]
" وَإِسْماعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ، كُلٌّ مِنَ الصَّابِرِينَ. وَأَدْخَلْناهُمْ فِي رَحْمَتِنا إِنَّهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ " [الأنبياء : 85-86  ]

فادريس يشبه إلى حد بعيد نوحا، وقد خص الشيخ الأكبر نوحا بالحكمة السبوحية، وإدريس بالحكمة القدوسية، وغني عن البيان ان التسبيح والتقديس هما من فعل العقل الذي طغى في دعوة نوح وإدريس.
ويضع ابن العربي في مقابل نوح وإدريس:
محمدا صلى اللّه عليه وسلم الذي زاوج بعدى المعرفة الإلهية، فنوح وإدريس للفرقان والتنزيه والعقل. ومحمد صلى اللّه عليه وسلم للقرآن.
والتنزيه في التشبيه والتشبيه في التنزيه، والعقل والوهم.

يقول ابن العربي:
" ثم بعث إدريس إلى قرية بعلبك، وبعل: اسم صنم، وبك:
هو سلطان تلك القرية، وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك.
وكان الياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان - من اللبانة وهي الحاجة - عن فرس من نار، وجميع الاته من نار فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه
القسم الأول - إدريس هو رمز للعقل الانساني في حال تجرده التام عن جميع علاقاته بالبدن أو هو العقل المحض في تطلعه إلى المعرفة الكاملة باللّه . وهو قطب روحاني يمد الأولياء.

تقول د .  سعاد الحكيم  في المعجم الصوفي الحكمة في حدود الكلمة :
" الياس: يعبر به عن القبض 19 " (اصطلاحات ابن العربي ص 293)
على اننا لم نجد نصوصا عند ابن العربي تبين وجه العلاقة بين القبض وبين الياس حتى يعبر عنه، فننقل تعريف الجرجاني.
" الالياس: يعبر به عن القبض فإنه إدريس ولارتفاعه إلى العالم الروحاني استهلكت قواه المزاجية في الغيب وقبضت فيه. ولذلك عبر عن القبض به " (التعريفات ص 36)

" انما سميت حكمته عليه السلام ايناسية، لما انس بالانس بنشأته الجسمانية، وبالملك بنشأته الروحانية. . . وهو كالبرزخ بين النشأة الملكية والانسانية. . .
أو لأن الايناس هو ابصار الشيء على وجه الانس وكذا به قال تعالى في حق موسى عليه السلام. . .
وكذا ابصر الياس عليه السلام فرسا من نار وجميع آلاته عليه من نار وانس به فركبه، فابصاره الفرس في صورة نارية مع الانس به إيناس فلذا سميت حكمته ايناسية ".
(شرح الفصوص ج 2 ص 266)


يقول عبد الرزاق القاشاني لطائف الأعلام في إشارات أهل الإلهام
" إلياس: يكنى به عن القبض كما يكنى بالخضر عن البسط. أمهات الأسماء:
هي أصول الأسماء التي عرفتها."

يقول نور الدين عبد الرحمن جامي في الدرة الفاخرة في تحقيق مذهب الصوفية :
22 - ولذا قيل في إدريس عليه السلام إنّه هو إلياس المرسل إلى بعلبك لا بمعنى أن العين خلع الصّورة الإدريسية ولبس الصّورة الإلياسيّة وإلا كان قولا بالتّناسخ.
بل إن هويّة إدريس مع كونها قائمة في أنيّته وصورته في السّماء الرابعة ظهرت وتعيّنت في إنيّة إلياس الباقي إلى الآن،
فتكون من حيث العين والحقيقة واحدة ومن حيث التعيّن الصوري اثنتين كنحو جبريل وميكائيل وعزرائيل يظهرون في الآن الواحد في مائة ألف مكان بصور شتّى كلّها قائمة بهم.

تقول د. سعاد الحكيم :

لقد افرد ابن العربي فصين كاملين لنبي واحد هو إدريس أو الياس:
" فص حكمة قدوسية في كلمة ادريسية " الفص 4 و " فص حكمة ايناسية في كلمة الياسية " [الفص 22] وهذا الافراد الذي خص به إدريس، قد يعود إلى أنه في نظر
 الشيخ الأكبر ينفرد عن الأنبياء بنشأتين:
الأولى كان فيها نبيا قبل نوح ثم رفعه اللّه مكانا عليا،
واعاده في نشأة أخرى رسولا ولا يزال حيا حتى اليوم.

يقول ابن العربي:
" فمن أراد العثور على هذه الحكمة الالياسية الإدريسية الذي أنشأه اللّه نشأتين 6، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع ونزل رسولا بعد ذلك. . . " (الفصوص 1/ 186).

ويمكن التمييز بين موقفين لابن العربي من إدريس يستتبعان المفهومين التاليين:
أولا - الموقف الأول ينظر إلى إدريس كشخص يحده زمان ومكان.
إدريس والياس هما شخص واحد بنشأتين وظهورين على الأرض. الأول نشأة جسمانية كان فيها نبيا قبل نوح.
ثم رفعه اللّه مكانا عليا، واعاده في نشأة روحانية في شخص الياس، وهو لا يزال حيا، ومثله في البناء الفلسفي للشيخ الأكبر كمثل عيسى في الفكر الاسلامي.
فقد كان نبيا ثم رفعه اللّه إلى السماء وسيعود في آخر الزمان (في شخص ختم الولاية العامة عند ابن العربي) الا ان عيسى ليس له نشأتان وهو لم يمت بالتأكيد. وليس بامكاننا ان نؤكد ان إدريس لم يمت بل ربما مات واعاده اللّه في نشأة أخرى.

يقول الشيخ ابن العربي:
" فعلو المكان " ورفعناه مكانا عليا " وأعلى الأمكنة المكان الذي تدور عليه رحى عالم الأفلاك وهو فلك الشمس، وفيه مقام روحانية إدريس عليه السلام ".
(فصوص 1/ 75).
" الياس هو إدريس كان نبيا قبل نوح، ورفعه اللّه مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس 7. . . " (ف 1/ 181).


" ثم عرج [جبريل] به [بمحمد صلى اللّه عليه وسلم] إلى السماء الرابعة فاستفتح وقال وقيل له، ففتحت فإذا بإدريس عليه السلام بجسمه فإنه ما مات إلى الآن بل رفعه اللّه مكانا عليا، وهو هذه السماء قلب السماوات وقطبها. . . " (فتوحات 3/ 341).

ابن العربي ينظر إلى إدريس كرمز:
إدريس هو رمز للعقل الانساني في حال تجرده التام عن جميع علاقاته بالبدن أو هو العقل المحض في تطلعه إلى المعرفة الكاملة باللّه . وهو قطب روحاني يمد الأولياء.

فادريس يشبه إلى حد بعيد نوحا، وقد خص الشيخ الأكبر نوحا بالحكمة السبوحية، وإدريس بالحكمة القدوسية، وغني عن البيان ان التسبيح والتقديس هما من فعل العقل الذي طغى في دعوة نوح وإدريس.

ويضع ابن العربي في مقابل نوح وإدريس:محمدا صلى اللّه عليه وسلم الذي زاوج بعدى المعرفة الإلهية، فنوح وإدريس للفرقان والتنزيه والعقل. ومحمد صلى اللّه عليه وسلم للقرآن. والتنزيه في التشبيه والتشبيه في التنزيه، والعقل والوهم.

يقول الشيخ ابن العربي:
" ثم بعث إدريس إلى قرية بعلبك، وبعل: اسم صنم، وبك:
هو سلطان تلك القرية، وكان هذا الصنم المسمى بعلا مخصوصا بالملك. وكان الياس الذي هو إدريس قد مثل له انفلاق الجبل المسمى لبنان - من اللبانة وهي الحاجة - عن فرس من نار، وجميع الاته من نار فلما رآه ركب عليه فسقطت عنه الشهوة
، فكان عقلا بلا شهوة، فلم يبق له تعلق بما تتعلق به الاغراض النفسية.
فكان الحق فيه منزها فكان على النصف من المعرفة باللّه، فان العقل إذا تجرد لنفسه. . . كانت معرفته باللّه على التنزيه لا على التشبيه.
وإذا أعطاه اللّه المعرفة بالتجلي كملت معرفته باللّه، فنزّه في موضع وشبّه في موضع. . . وهذه المعرفة التامة التي جاءت بها الشرائع المنزلة من عند اللّه وحكمت بهذه المعرفة الأوهام 14 كلها. . . " [فصوص 1/ 181]

ويقابل ابن العربي بين تنزيه إدريس وتنزيه محمد صلى اللّه عليه وسلم فالأول تنزيه عقلي فهو على النصف من المعرفة باللّه. اما محمد صلى اللّه عليه وسلم فقد اختص بالقرآن وهو يتضمن الفرقان والآية: " فليس كمثله شيء " تجمع الامرين (تشبيه - تنزيه) في واحد 15.
(ب) ان إدريس يمثل القطب الروحاني الذي يمد الأولياء بالروحانيات 16، يقول ابن العربي:
" ان ثمّ رجالا سبعة يقال لهم الابدال. يحفظ اللّه بهم الأقاليم السبعة لكل بدل إقليم، وإليهم تنظر روحانيات السماوات السبع. ولكل شخص منهم قوة (منبعثة) من روحانيات الأنبياء الكائنين في هذه السماوات، وهم: إبراهيم الخليل، يليه موسى، يليه هارون، يتلوه إدريس، يتلوه يوسف، يتلوه عيسى يتلوه آدم. . . فكل امر علمي يكون في يوم الأحد فمن مادة إدريس عليه السلام. . . فمما يحصل لهذا الشخص المخصوص من الابدال، بهذا الإقليم، من العلوم: علم اسرار الروحانيات. . . " (ف السفر الثاني ص ص 376 - 377).
" السماء الرابعة وهي قلب العالم وقلب السماوات. . . واسكن [اللّه] فيها قطب الأرواح الانسانية وهو إدريس عليه السلام ". (ف 2/ 445).
القسم الثاني - الياس الذي هو إدريس رمز للقبض في مقابل الخضر، رمز البسط 17.
" فان قلت: وما الغوث؟ قلنا صاحب الزمان 18 وواحده، وقد يكون ما يعطيه على يد الياس [من حيث إنه القطب الروحاني] فان قلت:
وما الياس؟ قلنا: عبارة عن القبض وقد يكون ما يعطيه على يد الخضر. فان قلت: وما الخضر قلنا عبارة عن البسط. . . " (ف 2/ 131).
 
يقول الشريف الجرجاني :
" الالياس، يعبر به عن القبض فإنه إدريس ولارتفاعه إلى العالم الروحاني استهلكت قواه المزاجية في الغيب وقبضت فيه. ولذلك عبر عن القبض به " (التعريفات ص 36)


يقول نور الدين عبد الرحمن جامي في الدرة الفاخرة في تحقيق مذهب الصوفية :
ولذا قيل في إدريس عليه السلام إنّه هو إلياس المرسل إلى بعلبك لا بمعنى أن العين خلع الصّورة الإدريسية ولبس الصّورة الإلياسيّة وإلا كان قولا بالتّناسخ
بل إن هويّة إدريس مع كونها قائمة في أنيّته وصورته في السّماء الرابعة ظهرت وتعيّنت في إنيّة إلياس الباقي إلى الآن،
فتكون من حيث العين والحقيقة واحدة ومن حيث التعيّن الصوري اثنتين كنحو جبريل وميكائيل وعزرائيل يظهرون في الآن الواحد في مائة ألف مكان بصور شتّى كلّها قائمة بهم.

مصطلح التشبيه
في اللغة
" شبه الشيء بالشيء : مثله .
تشبيه في الفلسفة : تصور الآلهة في ذاتها وصفاتها على غرار الإنسان " .

في الإصطلاح الصوفي
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" التشبيه : هو تثنية المشبه " .

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" للخلق في مشاهدتهم ربهم نسبتين : نسبة تنزيه ونسبة تشبيه ، وبكليهما جاءت الكتب الإلهية والأخبار النبوية .
فمن شهد التنزيه فقط كالمنزهة من المتكلمين أخطأ .
ومن قال بالتشبيه فقط ، كالحلولية والاتحادية ، أخطأ .
ومن قال بالجمع بين التشبيه والتنزيه أصاب .
فالعامة في مقام التشبيه ،
والعقلاء في مقام التنزيه ،
والعارفون بالله تعالى في مقام التشبيه والتنزيه " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" التنزيه عند أهل الحقائق في الجناب الإلهي عين التحديد والتقييد . فالمنزه إما جاهل وإما صاحب سوء أدب .
ولكن إذا أطلقاه وقالا به ، فالقائل بالشرائع المؤمن إذا نزه ووقف عند التنزيه ولم ير غير ذلك فقد أساء الأدب وأكذب الحق والرسل ( عليهم السلام ) وهو لا يشعر
وكذلك من شبهه وما نزهه فقد قيده وحدده وما عرفه . ومن جمع في معرفته بين التنزيه والتشبيه بالوصفين على الإجمال - لأنه يستحيل ذلك على التفصيل لعدم الإحاطة بما في العالم من الصور - فقد عرفه مجملا لا على التفصيل " .

ويقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" إنه تعالى من حيث البرزخية الثانية ، قابلا للإطلاق والتقييد ، والوحدة والكثرة ، والتنزيه والتشبيه ، والوجوب والإمكان ، والحقية والخلقية  
ومن هذه البرزخية جاءت الآيات والأحاديث التي هي خارجة عن طور العقل ، ولا يقبلها إلا بتأويلها وردها إلى مداركه ، ويسميها متشابهات .
فإنه تعالى ذكر في كتبه وعلى ألسنة رسله : إن له عينا وعينين وأعينا ويدين ووصف العبد بالفعل والترك والعلم والإرادة
إن للحق مرتبتين : مرتبة إطلاق ، ومرتبة تقييد ومنها جاءت الشرائع ونزلت الكتب وأرسلت الرسل ... فاصرف ما ورد في الكتب والأخبار النبوية من التنزيه المطلق ، إلى مرتبة الإطلاق ، واصرف ما ورد فيهما من التشبيه ، إلى مرتبة التقييد ، والظهور بالمظاهر ، وأعتقد التنزيه في التشبيه ، والإطلاق في التقييد ، تكن ربانيا كاملا لا منزها فقط ، ولا مشبها فقط " .
يقول الشيخ بالي زاده أفندي :
" [ لا إله إلا الله ] كلمة عزيزة مركبة من النفي والإثبات ، فنفيه إشارة إلى تنزيه الحق ، وإثباته إشارة إلى تشبيه الحق ، وصورته المخصوصة إشارة إلى أن ذاته تعالى جامعة محيطة بكل ما يدخل تحت العدم المطلق والوجود المطلق ،
فكما لا يخلو النفي عن الإثبات ولا الإثبات عن النفي في كلمة التوحيد كذلك لا يخلو التنزيه عن التشبيه ولا التشبيه عن التنزيه ..
وكما يكفر قائل النفي بدون الإثبات ، كذلك يكفر المشبه بدون التنزيه وبالعكس أي يستر بعض أحكام الله التي جاءت بها الشرائع
جمع التنزيه والتشبيه يرجع إلى العقل والوهم . فالعقل ينزه الحق عما يثبت له الوهم ، والوهم يثبت للحق عما ينزهه عنه والشهود يجمع بينهما بلا تخلل آن " .

علم التشبيه بين الأشياء : من علوم منزل خلقت الأشياء من أجلك وخلقتك من أجلي فلا تهتك ما خلقت من أجلي فيما خلقت من أجلك ، وهو من الحضرة الموسوية ، ومنه تعلم الروابط التي تجمعها والوجوه وإن فرقتها أمور أخر ، فحكم الجامع لا يزول كما أن حكم الفارق لا يزول فإنه الحكم المقوم لذات الشيء  .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" التشبيه الإلهي : هو عبارة عن صورة الجمال ، لأن الجمال الإلهي له معان ، وهي الأسماء والأوصاف الإلهية ، وله صور وهي تجليات تلك المعاني فيما يقع عليه
من المحسوس أو المعقول . فالمحسوس كما في قوله : ] رأيت ربي في صورة شاب
أمرد ، والمعقول كقوله عز وجل : " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء"، وهذه الصورة هي المرادة بالتشبيه ، ولا شك أن الله تعالى في ظهوره بصورة جماله باق على ما استحقه من تنزيهه " .

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :علم حضرات التشبيه الإلهي والكوني : هو من علوم القوم الكشفية ، ومنه يعلم أن للحق تعالى التجلي بصفة التشبيه ، وليس لعباده أن يتشبهوا به في الصفات إلا في أمور خاصة ورد بها الشرع . ومتعلق هذا العلم السمع ، وليس للعقل فيه مدخل  .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" التشبيه الذاتي : هو ما عليه من صور الموجودات المحسوسات أو ما يشبه المحسوسات في الخيال " .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" التشبيه الوصفي : هو ما عليه صور المعاني الأسمائية المنزهة عما يشبه المحسوس في الخيال ، وهذه الصورة تتعقل في الذهن ولا تتكيف في الحس " .

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
" للخلق في مشاهدة ربهم نسبتان :
نسبة تنزيه ، ونسبة تنزل إلى الخيال بضرب من التشبيه .
فنسبة التنزيه تجليه تعالى في : " ليس كمثله شيء " .

مصطلح التنزيه  
في اللغة :
1. نزه نفسه عن القبيح : أبعدها عنه .
2. نزه الله من السوء : بعده عنه " .

في الاصطلاح الصوفي
يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" التنزيه : هو تنزيهه تعالى عما لا يليق بجلال قدسه الأقدس تعالى وتقدس " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي:
" التنزيه : هو تحديد المنزه " .
ويقول : " التنزيه : وصف عدمي " .

يقول الشريف الجرجاني:
" التنزيه : عبارة عن تبعيد الرب عن أوصاف البشر " .

يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري:
" التنزيه : هو إبعاد الله تعالى في الظاهر عن الشركاء والأنداد ، وفي
الباطن ، لا تشاهد غيره ولا ترجو ولا تخاف سواه ، كذلك في كل الأحوال " .

يقول الشيخ عبد الكريم الجيلي:
" التنزيه : هو تنزيه الحق تعالى لنفسه كما يعلمه لذاته ، وهذا التنزيه لا يقابله تشبيه بل هو سر منزه عن مقابلة التشبيه " .
ويقول :
" التنزيه : عبارة عن انفراد القديم بأوصافه وأسمائه وذاته ، كما يستحقه من نفسه لنفسه بطريق الأصالة والتعالي ، لا باعتبار أن المحدث ماثله أو شابهه ، فانفرد الحق سبحانه وتعالى عن ذلك ، فليس بأيدينا من التنزيه إلا التنزيه المحدث والتحق به التنزيه القديم , لأن التنزيه المحدث ما بأزائه نسبة من جنسه ليس بأزاء التنزيه القديم نسبة من جنسه , لأن الحق لا يقبل الضد ولا يعلم كيف تنزيهه ، فلأجل ذا نقول تنزيهه عن التنزيه " .

يقول الشيخ عبد الحميد التبريزي:
" التنزيه : عبارة عن انفراد الذات بأسماء وأوصاف وأفعال يستحق بشأنه من غير مشاركة لها بغيرها "  .

يقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار:
" التنزيه عند أهل الحقيقة : أن لا تشرك معه في حكم سواه ، بل التنزيه : أن لا ترى إلا إياه ، بل التنزيه : أن لا تحكم بأنك تراه " .

يقول الشيخ عبد القادر الجزائري :
" كل ما ورد في الكتاب والسنة من التنزيه فمحله : مرتبة التجرد عن المظاهر من اسمه تعالى الباطن " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" وجود تنزيه الحق مطلقا عن صفات الخلق لا يعول عليه، فإنه يؤدي إلى نفي ما أثبته ورفعه".

يقول الشيخ الحسين بن منصور الحلاج في تنزيه الإلهية:
" من ظن أن الإلهية تمتزج بالبشرية أو البشرية تمتزج بالإلهية فقد كفر ،
فإن الله تعالى تفرد بذاته وصفاته عن ذوات الخلق وصفاتهم ، فلا يشبههم بوجه من الوجوه ، ولا يشبهونه بشيء من الأشياء ،
وكيف يتصور الشبه بين القديم والمحدث، ومن زعم أن البارئ في مكان أو على مكان أو متصل بمكان أو يتصور على الضمير أو يتخايل في الأوهام أو يدخل تحت الصفة والنعت أشرك " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" حقيقة التنزيه : إنما هي لله ، فانه المنزه لذاته ، والعبد لا يكون منزها أبدا ولا يصح ، وإن تنزه عن شيء ما لم يتنزه عن شيء آخر ، فمن حقيقته أنه لا يقبل التنزيه " .

يقول الشيخ أبو علي بن الكاتب :
" المعتزلة نزهوا الله تعالى من حيث العقول فأخطأوا ، والصوفية نزهوه تعالى من حيث العلم فأصابوا " .

يقول الشيخ محمد أبو المواهب الشاذلي :
" حضرة التنزيه : هي حضرة نفي السلوب ، وإثبات الوجوب  ".

يقول الشيخ محمد بهاء الدين البيطار :
"النعلين : هما التشبيه والتنزيه " .

يقول الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي :
" خلع النعلين : إشارة لزوال شفعيه الإنسان " . "" يقصد بالشفعية : التشبيه والتنزيه""

يقول الشيخ عبد الوهاب الشعراني علم تنزيه الحق تعالى عن التشبيه :
" هو من علوم القوم الكشفية ، ومنه يعلم بيان أنه لا يصح التشبيه بالإله جملة عند المحققين ، وأنه لم يقل به من الحكماء إلا من لا معرفة له بالحقائق ، فلا ينبغي قول من قال أنه ينبغي التشبيه بالإله  ."

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" تنزيه الشرع : هو المفهوم في العموم من التعالي عن المشارك في الألوهية " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" ثمرة التنزيه الشرعي : نفي الاشتراك في مرتبة الألوهية ، ونفي المشابهة والمساواة في الصفات الثبوتية مع الاشتراك فيها " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" تنزيه العقل : هو المفهوم في الخصوص من تعاليه تعالى عن أن يوصف بالإمكان " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" ثمرة التنزيه العقلي : تنزيه الحق عما يسمى غيرا أو سوى بالصفات السلبية ، حذرا من نقائص مفروضة في الأذهان غير واقعة في الأعيان " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني:
" تنزيه الكشف : هو المشاهدة لحضرة إطلاق الذات المثبت للجمعية للحق " .

يقول الشيخ كمال الدين القاشاني :
" ثمرة التنزيه الكشفي : هو إثبات الجمعية للحق مع عدم الحصر ، ومع تميز أحكام الأسماء بعضها عن بعض ، إذ لا يصح أن يضاف كل حكم إلى كل اسم ، ولهذا فإن من الأحكام الثابتة لبعض الأسماء ما يستحيل إضافته إلى أسماء آخر ، وهكذا الأمر في الصفات .
ومن ثمرات التنزيه الكشفي أيضا : نفي السوى مع بقاء حكم العدد دون فرض نقص بسلب أو تعلق كمال يضاف إلى الحق بإثبات مثبت ، توحيدا كان ذلك الكمال أو غيره من الصفات " .

يقول الشيخ في التشبيه والتنزيه من طريق المعنى في الفتوحات الباب التاسع والعشرون :
" وأما العلم النافع في ذلك أن نقول كما أنه سبحانه لا يشبه شيئا كذلك لا تشبهه الأشياء
وقد قام الدليل العقلي والشرعي على نفي التشبيه وإثبات التنزيه من طريق المعنى
وما بقي الأمر إلا في إطلاق اللفظ عليه سبحانه الذي أباح لنا إطلاقه عليه في القرآن أو على لسان رسوله
فأما إطلاقه عليه فلا يخلو إما أن يكون العبد مأمورا بذلك الإطلاق فيكون إطلاقه طاعة فرضا ويكون المتلفظ به مأجورا مطيعا مثل قوله في تكبيرة الإحرام" الله أكبر" وهي لفظة وزنها يقتضي المفاضلة وهو سبحانه لا يفاضل
وإما أن يكون مخيرا فيكون بحسب ما يقصده المتلفظ وبحسب حكم الله فيه
وإذا أطلقناه فلا يخلو الإنسان إما أن يطلقه ويصحب نفسه في ذاك الإطلاق المعنى المفهوم منه في الوضع بذلك اللسان
أو لا يطلقه إلا تعبدا شرعيا على مراد الله فيه من غير أن يتصور المعنى الذي وضع له في ذلك اللسان
كالفارسي الذي لا يعلم اللسان العربي وهو يتلو القرآن ولا يعقل معناه وله أجر التلاوة
كذلك العربي فيما تشابه من القرآن والسنة يتلوه أو يذكر به ربه تعبدا شرعيا على مراد الله فيه من غير ميل إلى جانب بعينه مخصص
فإن التنزيه ونفي التشبيه يطلبه أن وقف بوهمه عند التلاوة لهذه الآيات
فالأسلم والأولى في حق العبد أن يرد علم ذلك إلى الله في إرادته إطلاق تلك الألفاظ عليه إلا إن أطلعه الله على ذلك وما المراد بتلك الألفاظ من نبي أو ولي محدث ملهم عَلى بَيِّنَةٍ من رَبِّهِ فيما يلهم فيه أو يحدث فذلك مباح له بل واجب عليه أن يعتقد المفهوم منه الذي أخبر به في الهامة أو في حديثه
وليعلم أن الآيات المتشابهات إنما نزلت ابتلاء من الله لعباده
ثم بالغ سبحانه في نصيحة عباده في ذلك ونهاهم أن يتبعوا المتشابه بالحكم
أي لا يحكموا عليه بشيء فإن تأويله لا يعلمه إلا الله
وأما الرَّاسِخُونَ في الْعِلْمِ إن علموه فبإعلام الله لا بفكرهم واجتهادهم
فإن الأمر أعظم أن تستقل العقول بإدراكه من غير إخبار إلهي فالتسليم أولى
والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ . " أهـ

يقول الشيخ في الباب الثالث والسبعون في الإجابة على السؤال الثالث والعشرون ومائة :
" ومن هنا وجد في العالم الأمور المبهمة لأنه ما من شيء في العالم إلا وأصله من حقيقة إلهية
ولهذا وصف الحق نفسه بما يقوم الدليل العقلي على تنزيهه عن ذلك فما يقبله إلا بطريق الايمان والتسليم ومن زاد فبالتأويل على الوجه اللائق في النظر العقلي
وأهل الكشف أصحاب القوة الإلهية التي وراء طور العقل يعرف ذلك كما تفهمه العامة ويعلم ما سبب قبوله لهذا الوصف مع نزاهته بليس كمثله شيء
وهذا خارج عن مدارك العقول بأفكارها
فالعامة في مقام التشبيه
وهؤلاء "أهل الكشف " في التشبيه والتنزيه
والعقلاء في التنزيه خاصة فجمع الله لأهل خاصته بين الطرفين.
فمن لم يعرف القبضة هكذا فما قدر الله حق قدره
فإنه إن لم يقل العبد إن الله لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فما قدر الله حق قدره
وإن لم يقل إن خلق آدم بيده فما قدر الله حق قدره
وأين الانقسام من عدم الانقسام وأين المركب من البسيط
فالكون يغاير مركبه بسيطه وعدده توحيده وأحديته والحق عين تركيبه عين بسيطه عين أحديته عين كثرته من غير مغايرة ولا اختلاف نسب
وإن اختلفت الآثار فعن عين واحدة
وهذا لا يصح إلا في الحق تعالى
ولكن إذا نسبنا نحن بالعبارة فلا بد أن نغاير كان كذا من نسبة كذا وكذا من نسبة كذا لا بد من ذلك للافهام " أهـ.

يقول الشيخ في الباب السادس والتسعون وأربعمائة :
" فكما سبح الله نفسه عن التشبيه سبح الممكن نفسه عن التنزيه لما في التشبيه والتنزيه من الحد فهم بين مدخل ومخرج
وما ظفر بالأمر على ما هو عليه إلا من جمع بينهما فقال بالتنزيه من وجه عقلا وشرعا
وقال بالتشبيه من وجه شرعا لا عقلا
والشهود يقضي بما جاءت به الرسل إلى أممها في الله فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ ومن شاءَ فَلْيَكْفُرْ
فكل واصف فإنما هو واقف مع نعت مخصوص
فينزه الله نفسه عن ذلك النعت من حيث تخصيصه لا من حيث إنه له
فإن له أحدية المجموع لا أحدية كل واحد من المجموع . " أهـمصطلح الحية
في اللغة :" حية :رتبة من الزواحف كالثعبان والأفعى وغيرهما " .

في الاصطلاح الصوفي

يقول الباحث محمد غازي عرابي:
" تحويل العصا إلى حية رمز المعرفة اللدنية ، إذ الحية رمز الحكمة " .

يرى الشيخ محيي الدين ابن العربي أن :
الجلوة إنما تبتدي بعد الخلوة ، ذلك أن الجلوة هي خروج العبد من الخلوة بالنعوت الإلهية .
ومن المعروف حديثا عند أعضاء الطرق الصوفية أن الجلوة تعبير عن نعم الله ، من الفتوح ، والكشوف ، وخوارق العادات ، والتجليات التي تظهر على قلوب المريدين ، والمعروف أيضا أن الشيطان يظهر للمريد المبتدىء في الخلوة في صور متعددة كترغيب في محظور ، أو ترهيب في شكل حية رقطاء ، أو ثعبان ضخم ، يريد أن يفترسه 
ويقاوم المريد هذا الشيطان الماكر بالذكر والتأمل والصمت ومخالفة النفس والجوع ، والسهر ، والدعاء ، وقراءة الورد ، بشكل منتظم حتى ينتصر على أعداء الله ويغلب على حاله الرجاء بعد الخوف ، والأمن بعد الرهبة ، فإذا ظهر له الشيطان في أي صورة هزمه وصرعه ، لأنه يشعر بأن الله معه .

ثم إذا خرج من الخلوة يخرج متصفا بالكمالات الأخلاقية وهذا ما يقصد إليه الشيخ الأكبر من أن المريد يخرج من الخلوة متصفا بالنعوت الإلهية وهي جميعا من الله فيظهرها عليه ،
وهذا ما نجده عند بعض أفراد الطريق من قدرات خارقة في الجلوات كخرق سلك في خد المريد وخروجه من الجانب الآخر دون تأثير مادي أو ترك اثر أو سقوط نقطة من دم ، ولا يجد العلم تفسيرا لهذه الظاهرة التي يجدها في الجلوات .
وكذلك نرى أن بعض مريدي الرفاعية ، لا يخافون الثعابين ، وفي رأينا أن الثعبان يمثل النفس الأمارة ، فإذا روض الثعبان فمعنى ذلك القدرة على ترويض وتأديب النفس والشيطان جميعا " .

واتساب

No comments:

Post a Comment