Wednesday, February 12, 2020

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالسّتر ليظهر تفاضل استعداد الصّور ، فإنّ المتجلّي في صورة بحكم استعداد تلك الصّورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ولا بدّ من ذلك .   مثل من يرى الحقّ في النّوم ولا ينكر هذا وأنّه لا شكّ الحقّ عينه فتتبعه لوازم تلك الصّورة وحقائقها الّتي تجلّى فيها في النّوم ، ثمّ بعد ذلك يعبّر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التّنزيه عقلا . فإن كان الّذي يعبّرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزية فقط ، بل يعطيها حقّها من التّنزيه وممّا ظهرت فيه .  فاللّه على التّحقيق عبارة لمن فهم الإشارة .)

(ولكن قد أمرنا ، أي أمرنا الشارع (بالستر فيما لا تبلغه عقول القاصرين من العلوم كما قال صلى اللّه عليه وسلم : « كلموا الناس بما يعرفون ودعوا ما ينكرون ".أخرجه البخاري في صحيحه بلفظ "" : « حدثوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب اللّه ورسوله » ""

(ليظهر) بذلك (تفاضل استعداد) أي تهيئة (الصور) الإنسانية لقبول فيض التجلي نفسها ، فتذوق تلك الصور حلاوة الوهب الإلهي وليظهر (أن المتجلي) الحق (في صورة) إنسانية ظاهر (بحكم استعداد تلك الصورة) لما قبلته من الإدراك (فينسب إليه) ، أي إلى المتجلي الحق سبحانه (ما تعطيه حقيقتها )، أي حقيقة تلك الصورة فيكون هو تعالى الظاهر بذلك دونها وما تعطيه (لوازمها) ،
أي لوازم تلك الصورة من نسبة العلم أو الجهل أو نحو ذلك مما هو لازم حقيقة تلك الصور بحيث لا ينفك عنها ، لأنه من جملة أحوالها (لا بد من ذلك) ،

أي من بقاء حقيقة تلك الصورة ولوازمها ، لأن المتجلي الحق بها هكذا أراد أن يتجلى فلا ينبغي أن تعطيها خلاف ما يظهر منها ، وإن كانت لا تقبل منه إلا مقدار استعدادها فإن استعدادها يقبل من فيض التجلي بحسبه ، وإن كان منامك هو أيضا من فيض التجلي عليها ، ولكنها لا تشعر لوقوفها في الفرق عن شهود الجمع .

(مثل من يرى الحق) تعالى (في النوم ولا ينكر هذا) ، الذي رآه أنه الحق سبحانه (وأنه لا شك) عنده (أن الحق تعالى عينه ، أي عين ما رأى (فتتبعه) ، أي تتبع ذلك المرئي في النوم لوازم (تلك الصورة) المرئية من الكبر أو الصغر أو الحسن أو ضده ونحو ذلك (وحقائقها التي تجلى فيها في النوم) كحقيقة غلام أو رجل أو جارية أو امرأة ونحو ذلك من غير الإنسان أيضا .

(ثم بعد ذلك) ، أي بعد تحققه بصورة ما رأى في النوم وضبطه لوازمها (يعبر) ذلك الرائي في النوم أي (يجاوز عنها) ، أي عن صورة ما رأى (إلى أمر آخر) تناسبه تلك الصورة فتأول رؤياه إليه على أكمل الوجوه بحيث (يقتضي) ذلك حصول التنزيه للّه تعالى (عقلا) عن كل ما لا يليق به ، لأنه تعالى نور والنور يكشف عن كل شيء مستور ، ويرجع حسن تلك الصورة أو سوءها إلى حال الرائي وأنه منهمك في الباطل ، وقد استقصينا طرفا واسعا من رؤية اللّه تعالى في النوم في كتابنا تعطير الأنام في تعبير المنام .
(فإن كان الذي يعبرها) ، أي تلك الرؤيا (ذا كشف) ، أي بصيرة نافذة في الغيب (أو) ذا (إيمان) ، أي تصديق وإذعان من غير كشف فلا يجوز ،

أي لا يتجاوز (عنها) ، أي عن صورة ما رأى (إلى تنزيه) اللّه تعالى (فقط بل يعطيها) ، أي صورة ما رأى (حقها) ، أي حق تلك الصورة (من التنزيه للّه) تعالى وحقها أيضا مما) ، أي من أمر الصورة التي (ظهرت) تلك الصورة فيه من التشبيه للّه تعالى فينزه ويشبه ويعمل بالعقل وبمقتضاه وهو التنزيه ، وبالحس وبمقتضاه وهو التشبيه (فاللّه) ، أي هذا الاسم الجامع (على التحقيق) في المعرفة (عبارة) لفظية في اللسان ومعنوية في القلب والجنان عن المرتبة الكلية التي هي مرتبة الألوهية الجامعة للجمعية الأسمائية الإلهية العالمية المظهرية الإمكانية الانفعالية (لمن فهم الإشارة) الوضعية الإلهية على صفحات المكان والزمان .


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )
ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور ) بتجلي الحق المراد من هذا الكلام النهي عن الظهور بما تقرر من أسرار التنزيه والتشبيه والأمر بالستر ليظهر التفاضل

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن المتجلي في صورة ) إنما يتجلى ( بحكم استعداد تلك الصورة فينسب إليه ) أي المتجلي وهو الحق ( ما تعطيه حقيقتها ) أي حقيقة تلك الصورة ( و ) ينسب إليه ما تعطيه ( لوازمها ) أي لوازم تلك الحقيقة فلا يذوق هذه المسألة إلا من تجلى له الحق في صورة استعداد فينسبه ما نسبه لنفسه ويشاهده بذلك التجلي تفاضل الصور فيشبهه فينزهه.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لا بد من ذلك ) في التجلي فلا بد لظهور استعداد الصور من التجلي مثل هذه المسألة بما وقع في المنام من الصور الإلهية حتى يعلم منه ما في اليقظة فإن اليقظة على الحقيقة منام ، قال عليه السلام : « الناس نيام » فكما قيل إنما الكون خيال ،
فقال رضي الله عنه  : ( مثل من يرى الحق في النوم ) في صورة ( ولا ينكر هذا ) كما رأى رسول اللّه عليه السلام وقال : « رأيت ربي في أحسن صورة شاب » ( وأنه لا شك الحق عينه ) أي ولا ينكر أن الحق عين ذلك المرئي بلا شك ( فيتبعه ( أي الحق ( لوازم تلك الصورة وحقائقها )
قوله رضي الله عنه : ( التي تجلى فيها في النوم ) صفة للصورة ( ثم بعد ذلك يعبر ) ذلك الرائي ( أي يجاز عنها ) أي عن الصورة التي رأى فيها الحق ( إلى أمر آخر يقتضي ) ذلك الأمر ( التنزيه عقلا فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو ) ذا ( إيمان فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط بل يعطيها حقها ) أي بل ذلك الرائي يعطي حق تلك الصورة المرئية ( من التنزيه ومما ظهرت ) تلك الصورة ( فيه ) الضمير راجع إلى ما ،
فكان لهذه الصورة حقان حق التنزيه وحق التشبيه مما يلزمها في المنام فالعابر المذكور يعطي لها حقها في التنزيه بأن يقول الحق منزه عن الصورة بحسب ذاته ويعطي حقها من التشبيه بأن يقول هذه صورة من الصور التي يظهر فيها الحق هكذا أهل الكشف والشهود يرى الحق في كل صورة وفي كل كلام ينزه ويشبه يعني يرى .
من وجه ولم ير من وجه فجمع الرؤية وعدمها في صورة واحدة في زمان واحد ( فاللّه ) يعني فإذا علمت ما ذكرته فاعلم فلفظة اللّه في قوله تعالى رُسُلُ اللَّهِ اللّه أعلم

 ( على التحقيق عبارة ) عن ذات الحق من حيث ظهوره بالألوهية وما يظهر ألوهيته تعالى إلا في صورة مألوهاته فكما يظهر في صور مصنوعاته يظهر في كلامه ، لذلك وجه بالخبرية والابتدائية إعطاء الحق التشبيه والتنزيه في الكلام أيضا أو معناه فاللّه على التحقيق عبارة أي نسبة وإضافة في التحقيق لا وجود له في الخارج ثم جعل علما لذات الواجب الوجود من حيث اتصافه بالألوهية بالنسبة إلى مألوهاته فجعله خبرا بناء على هذا الأصل بلا اعتبار كونه علما للذات فإن اعتبار الذات مانع للخبرية ولا اعتبار هذا التحقيق .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( لمن فهم الإشارة ) أي إشارة كلامه القديم فإن أهل الإشارة يفهم من وجه لفظة اللّه هذا المعنى في هذا المقام وإن تركه أهل الشرع أو معناه أن يقول فاللّه على التحقيق عبارة أي يعبر عنه القارئ بهذين الوجهين إلى التنزيه ،

والتشبيه كما يعبر عن مسماه في المقام إليهما فإن قيل إن اللّه علم لذات الواجب الوجود فمن أطلق على غيره فقد كفر وأشرك باللّه تعالى فكيف وجه هذا الكامل وجه الخبرية قلنا إن معنى التنزيه والتشبيه عندهم عين معنى النفي والإثبات في كلمة التوحيد عند أهل الشرع ألا ترى كيف يعم النفي بحسب المفهوم وجود الواجب والممكن في كلمة التوحيد لذلك لو توقف القائل في النفي زمانا بلا عذر يكفر فوجب بالشرع ذلك النفي المحال على اللّه تعالى بمقارنة الإثبات بمعنى لولا الإثبات لاستحال على اللّه ذلك النفي فلا وجود لهذا النفي في الشرع ولا في نفس الأمر إلا بإثبات لذلك تسمى كلمة لا كلاما
وإن كان تفيد فائدة الكلام إذ الكلام يقتضي وجود الأجزاء قبل التأليف في كلمة عزيزة مركبة من النفي والإثبات فنفيه إشارة إلى تنزيه الحق وإثباته إشارة إلى تشبيه الحق وصورته المخصوصة إشارة إلى أن ذاته تعالى جامعة محيطة بكل ما يدخل تحت العدم المطلق والوجود المطلق ، فكما لا يخلو النفي عن الإثبات ولا الإثبات عن النفي في كلمة التوحيد كذلك لا يخلو التنزيه عن التشبيه ولا التشبيه عن التنزيه كما مر ،
فكما يكفر قائل النفي بدون الإثبات كذلك يكفر المشبه بدون التنزيه وبالعكس
أي يستر بعض أحكام اللّه التي جاءت بها الشرائع فظهر أنه إنما يلزم ذلك لو لم يقارن ذلك الإطلاق التشبيهي إلى التنزيه فهو بعينه مع التنزيه النفي مع الإثبات
فأطلق فنزه في زمان واحد فلا ينفك الوجه الخبري عن الوجه الابتدائي ولا الابتدائية عن الخبري في مشاهدة أهل الذوق فما أطلق فقط بدون النفي حتى يكفر
بل أطلق فنفى في زمان واحد بلا فصل بينهما بشيء فيهما كلمة واحدة لا عين لها في الخارج كما أن كلمة التوحيد لا عين لها في الخارج إذ ما في الخارج شيء مركب من النفي والإثبات يصدق عليه هي بل ما في الخارج إلا ذات واحدة مستجمعة بجميع الصفات
مع أن هذا الوجه أي الوجه الخبري في اللّه مختص بالرسل عندهم لا يتناول إلى غيرهم من الأعيان لكون الحق سمعهم وبصرهم وجميع قواهم من أجل تحصيلهم بالنوافل المحبة الإلهية فلم يكن الحق قوي لمن لم يحصل له هذا الكمال
فصدق اللّه على الرسل إلى التنزيه مقدار صدق النفي عليه إلى الإثبات بل هو أقصر منه صدقا لطول النفي باللسان منه وليس هذا أعقل من ذلك فجمع بين التنزيه والتشبيه أهل الحقيقة والشهود في قولهم هو لا هو كما جمع في كلمة التوحيد بين النفي والإثبات ،
فجمع الشهود بينهما أسرع من جمع اللسان لأن جمع التنزيه والتشبيه يرجع إلى العقل والوهم فالعقل ينزه الحق عما يثبت له الوهم والوهم يثبت للحق عما ينزهه عنه والشهود يجمع بينهما بلا تخلل آن والشيخ قدس سره وجه بالخبرية أعلاما للمحجوبين بهذا المعنى وهو من لطائف كلام رب العزة وأسراره لا يطلعه إلا أهل الإشارة بهذا التوفيق وبهذا ظهر تقدم أهل الكشف والذوق في رتب العلم عند أهل الانصاف .
ولما فرغ عن بيان حقيقة التنزيه والتشبيه وما يلزمهما من الأحكام شرع فيما هو المقصود من هذا الفص ،

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.  فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.  فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال رضي الله عنه :  (ولكن قد أمرنا بالستر ) .
يعني رضي الله عنه  : لهم وعنهم وفي نظرهم وبموجب زعمهم ، ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ، وإنّ المتجلَّي في صورة هو بحكم استعداد تلك الصورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ، لا بدّ من ذلك )
 حتى ينسب إلى المتجلَّي ما ينسب إلى تلك الصورة من الحجاب ، والكشف ، والتجلَّي والستر ، والعرفان والمنكر .

قال رضي الله عنه  : ( مثل من يرى الحق في النوم ، ولا شكّ هذا ، وأنّه لا شكّ الحقّ عينه ، فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلَّى فيها في النوم ، ثم بعد ذلك يعبر - أي يجاز - عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا ، فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط ، بل يعطيها حقها من التنزيه ، وممّا ظهرت فيه ) . يعني : من التشبيه

قال رضي الله عنه :  ( فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة)
يشير رضي الله عنه  إلى ما ذكر أوّلا عن سعة سلطان الوهم ، والوهم قوّة ، لها مدخل في التخيّلات ، وتحكَّم أيضا في المعقولات والمحسوسات ، من شأنها أن تركَّب أقيسة كلَّية من الموادّ الجزئية ، وتحكم بالشاهد على الغائب.

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال رضي الله عنه :  (ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور ، وإن المتجلى في صورة بحكم استعداد تلك الصورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها لا بد من ذلك )
ولكن قد أمرنا بالستر عنهم وأن نكلمهم على حسب نظرهم واعتقادهم بموجب زعمهم ، كما قيل : كلموا الناس على قدر عقولهم ، فإن الله تعالى قال : " وما أَرْسَلْنا من رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِه " وما أمكنهم فهمه.
أي فينسب إلى المتجلى ما تعطيه حقيقة تلك الصورة التي هي المجلى ولوازمها من الحجاب والكشف والتجلي والسر والعرفان والذكر ( مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا ، وإنه لا شك الحق عينه ) وأنه هو الحق عينه بلا شك .

قال رضي الله عنه :  ( فيتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم ، ثم بعد ذلك يعبر أي يجتاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا ، فإن كان الذي يعبرها ذا كشف وإيمان فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط بل يعطيها حقها من التنزيه ، ومما ظهرت فيه أي من التشبيه فاللَّه على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة ) .
"" أضاف بالي زادة :
( ولوازمها ) أي لوازم تلك الحقيقة فلا يذوق هذه المسألة إلا من تجلى له الحق في صورة استعداده فينميه ما نسبه لنفسه ، ويشاهده بذلك التجلي تفاضل الصور فيشبهه وينزهه ولا بد من ذلك في التجلي ، فلا بد لظهور استعداد الصور من التجلي مثل هذه المسألة بما وقع في المنام من الصور الإلهية حتى يعلم منه ما في اليقظة فإنها على الحقيقة قال عليه الصلاة والسلام « الناس نيام » وكما قيل : إنما الكون خيال .اهـ بالى  زادة. ""

يعنى أن الأمر بالستر إنما ورد سلطان الوهم على هذه النشأة فلا بد من الستر ليظهر تفاضل الاستعداد .
واعلم أن الوهم قوة تحكم في المتخيلات وتدرك المعاني الجزئية في المحسوسات ، وأحكامها في المعاني الجزئية التي تدركها من المحسوسات والمتخيلات أكثرها صحيحة ، وقد يحكم أيضا في المعقولات والمعاني الكلية بأحكام كلها فاسدة إلى ما شاء الله ، والتميز بين صحيحها وفاسدها لا يتيسر إلا لمن أخلصه الله بنور الهداية الحقانية ، وو فقه لإدراك الحق والصواب ، وأيد عقله بتأييد روح القدس ،

ومن شأن هذه القوة أن تركت أقيسة استقرائية أو تمثيلية من المواد الجزئية فتحكم من الجزئي على الكلى ، وتجعل الحكم بالقياس كليا والمقيس عليه جزئي ، وتحكم بالشاهد على الغائب والاستيلاء به على العقل يفسد أكثر أحكام العقل إلا ما صار لبا ،
والمقال الذي يتفاضل الاستعداد به ، هو أن الله قد يتجلى في صورة إنسانية مثلا في النوم فالمؤمن العاقل يؤمن بذلك ويتوهم أنه مطرد في جميع صور التجلي حتى أنه يظن أنه تعالى كما تجلى في هذه الصورة ، وأنه إذا تجلى تجلى في صورة إنسانية ، أو أن الصورة الإنسانية صورته مطلقا ، والمنزه ينزه الحق عن الصورة بالدليل العقلي ،

ويحكم الوهم أن التجرد عن الصورة له ذاتي فلا يعطيه الفكر إلا ذلك ، فيعبر عنها إلى ما يقتضيه التنزيه العقلي ، فحصره فيما لا صورة له ، وحدده وشبهه بالعقول والمجردات ،
ويتوهم أنه قد نزهه غاية التنزيه وهو في عين التشبيه ،
وأما صاحب الكشف فلا يعبر عنها إلى التنزيه المحض ، بل يعطيها حقها من التنزيه بأن لا يقيد الحق بصورة ، ولا يعطله عن جميع الصور ولا يجرده ويعطيها أيضا حقها مما ظهرت فيه من التشبيه بأن يضيف إليه في تلك الصورة أحكام تلك الصورة ولا يقيده بها ،
ويعلم أنه كلما شاء ظهر في أي صورة شاء فيضاف إليه ما يضاف إلى تلك الصورة وإن شاء لم يظهر في صورة أصلا ، وهو في كل موطن ومقام وظهور وبطون منزه عن ذلك كله غير مقيد بتجرد ولا لا تجرد ولا بإطلاق ولا لا إطلاق ،
فاللَّه عند التحقيق لفظ وعبارة فهم منه كل أحد ما بلغه من معرفته للحق بحسب استعداده ، ولمن فهم إشارة الحق وأهله عن الحق الصريح .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وإن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها لا بد من ذلك.)
أي ، أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعدادات الأعيان في المظاهر ، فإن التجلي لا يقع على عين من الأعيان إلا بحسب استعداد تلك العين ، فيعلم الفاضل من المفضول ، ويتميز المراتب ( فينسب إليه ) أي ، إلى الحق المتجلي ، ما تعطيه حقيقة العين التي هي المجلى .
( ولوازمها ) أي ، حقيقة أعراضها الذاتية من اللوازم الحاصلة فيها عند المتجلي ، كما مر مرارا من أن المرايا لها أحكام لا تظهر إلا عند التجلي من الصغر والكبر والاستطالة والاستدارة ، وأمثالها .
( مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا . ) أي ، رؤية الحق في النوم كما لا ينكر رؤيته في الآخرة ( وأنه لا شك الحق عينه ) أي ، وأن المرئي هو الحق عينه بلا شك .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم . ثم ، بعد ذلك يعبر أي يجازعنها إلى أمر آخر يقتضى التنزيه عقلا . فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط ، بل يعطيها حقها من التنزيه ومما ظهرت فيه.) أي ، الهوية الإلهية فيه .

لما ذكر أن المتجلي إنما يتجلى بحسب استعداد المتجلى له ، وجعل منسوبا إليه ما تعطيه حقيقة المتجلى له من الصور ولوازمها ، ذكر له مثالا :
وهو أن الإنسان يرى الحق في نومه على صورة من الصور ، ولا شك أن الحق هو المتجلي في تلك الصورة لروح النائم ، فلوازم تلك الصورة من الشكل والوضع واللون كلها تلحق الحق بتبعية الصورة وهذا عين التشبيه .
ثم ، المعبر إن كان من أصحاب النظر والعقل ، يعبر عنها ويقول ، إن الحق منزه عن الصورة . فالمراد بهذه الصورة كذا وكذا ، من المعاني المناسبة للتنزيه المجردة عن الصورة .
ويلزمه التحديد بل التشبيه بما لا صورة له ، كالعقول والمعاني المجردة .

وهو لا يشعر يدرك المعاني الجزئية في المحسوسات وأحكامه في المعاني الجزئية أكثرها صحيحة ، ويحكم في المعقولات والمعاني الكلية بأحكام كلها فاسدة إلا ما شاء الله ، غير مناسب لما ذكره الشيخ  ) رضي الله عنه .

لأنه ذكر أن الوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الإنسانية وبه جاءت الشرائع المنزلة ، فهو في صدد تصويب أحكام الوهم ، تخطئته.
(فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة.) لما نقل كلامه ، رضي الله عنه ، إلى قوله تعالى رسل الله : الله أعلم حيث يجعل رسالاته ، وذكر أن لها وجها إلى الخبرية ووجها إلى الابتدائية ، وبين التنزيه والتشبيه في المثال، قال منتجا عما ذكره :
( فالله على التحقيق عبارة ) أي ، فلفظ ( الله ) في ( الله أعلم ) في الحقيقة عبارة عن حقيقة ظهرت في صور الرسل لمن فهم ما أشرنا إليه من جعلنا ( الله ) خبرا (الرسل) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

قال رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالسّتر ليظهر تفاضل استعداد الصّور ، فإنّ المتجلّي في صورة بحكم استعداد تلك الصّورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ولا بدّ من ذلك ، مثل من يرى الحقّ في النّوم ولا ينكر هذا ، وأنّه لا شكّ الحقّ عينه فتتبعه لوازم تلك الصّورة وحقائقها الّتي تجلّى فيها في النّوم ، ثمّ بعد ذلك يعبّر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التّنزيه عقلا ، فإن كان الّذي يعبّرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزية فقط ، بل يعطيها حقّها من التّنزيه وممّا ظهرت فيه ، فاللّه على التّحقيق عبارة لمن فهم الإشارة ) .
، ( ولكن قد أمرنا بالستر ) أي : بستر ظهور الحق على بعض صوره دون البعض بقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « ما أحد يحدث قوما بحديث لا يبلغه قولهم إلا كان فتنة على البعض » . أورده ابن القيم في الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح وابن كثير في التفسير وذكره العجلوني.
وقوله صلّى اللّه عليه وسلّم : « إنا معاشر الأنبياء أمرنا أن نكلّم الناس على قدر عقولهم » .
ذكره المناوي في فيض القدير وابي نعيم في الحلية والعجلوني في كشف الخفاء . وعزاه الحافظ ابن حجر العسقلاني لمسند الحسن بن سفيان من حديث ابن عباس بلفظ "أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم".
وقول علي رضي اللّه عنه : " إن هاهنا لعلوم جمة ، وأشار إلى صدره لو وجدت لها حملة " .
وقول العارفين : إفشاء سر الربوبية كفر .

قال رضي الله عنه :  ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ) بقبول ما يرد عليها من المعارف الإلهية ، فالكامل يعرف تنزيهه في ذاته ، وظهوره في الموجودات كلها ، والقاصر يقتصر على التنزيه تارة ، وهو المؤمن ، وعلى التشبيه تارة وهو الكافر ، ومنهم من يجمع بينهما لكن بحصر ظهوره ببعض المظاهر ، وهو أيضا كافر لا، لاعتقاد ظهوره فيها ، بل لجعله في حكم في استحقاق العبادة أو لا يحصر ،
ولكن ينكر المظاهر الكاملة كالأنبياء ، والملائكة ، والكتب الإلهية ، وتري القاصرة مظاهر كاملة ، فيكفر أيضا لرؤيته القصور عن الكمال الإلهي ، وكل هؤلاء وإن كانوا مظاهر الحق فلا تفاوت ظهور الحق فيها ، يظهر في بعضها بالعلم الكامل ، وفي بعضها لم يظهر .
كذلك ( فإن المتجلي في صورة ) يكون ( بحكم استعداد تلك الصورة ) ، والاستعدادات متفاوتة ، فيتفاوت حكم المتجلي فيها ،

وإن كان كاملا في ذاته ، ( فينسب إليه ) أي : إلى المتجلي ( ما تعطيه حقيقتها ) من نحو الملائكية ، والإنسانية ، والحيوانية ، والجمادية ، ( ولوازمها ) من العلم والجهل وسائر العوارض مع التفاوت الذي فيها ، مثل نسبتنا إليها هذه الحقائق واللوازم عند ظهورها في صور الأشياء بنسبة المعبرين كلهم من القدماء والمتأخرين إياها إليها عند رؤيتها في المنام بصورها ( مثل من يرى الحق في المنام ) بصورة تشبيهية ، ( ولا ينكر هذا ) لكونه مأثورا من السلف مع أن الشيء لما جاز أن يرى في المنام على خلاف صورته ، فرؤية من لا صورة له في ذاته مقصور بصورة في المنام لا تزيد على ذلك .

قال رضي الله عنه :  ( وإنه ) أي : المرئي ( لا شكّ الحق عينه ) ، إذ رؤي على أنه الحق ، وقد وعظ ، ونصح ، وفعل خلاف ما يفعله الشيطان ، ولم يوجب اعتقاد كون الحق على تلك الصورة في نفسه ، ( فيتبعه ) أي : الحق المرئي في تلك الصورة عند المعبر معان هي ( لوازم ) تلك الصورة وحقائقها ، وإن كانت ( تلك الصورة ) هي ( التي تجلى الحق فيها في النوم ) "في نسخة : المنام "
، وليس للحق في نفسه تلك اللوازم والحقائق ، فالمعبر بنسبها إليه من حيث تجليه في تلك الصورة التي لها تلك الحقائق واللوازم سواء كان منزها أو مشبها أو جامعا بينهما .
( ثم بعد ذلك ) أي : بعد نسبة تلك الحقائق واللوازم إلى الحق ، ( يعبر أي يجاوز عنها ) أي : تلك اللوازم والحقائق ( إلى أمر آخر ) يناسبها ، لكنه يكون مما ( يقتضي التنزيه عقلا ) ، واحترز به عن تنزيه الكمّل ، وهو التنزيه عن عدم الجمع بين التنزيه والتشبيه ، هذا إذا كان المعبر من أهل النظر أو مقلدا لهم ، ( فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو ) لم يكن ذا كشف ، ولكن كان ذا ( إيمان ) بطريق الكشف ،

قال رضي الله عنه :  (فلا يجوز) أي : لا يتجاوز ( عنها ) ، أي : عين تلك اللوازم والحقائق إلى صرف التنزيه ، ( بل يعطيها ) أي : الذات الإلهية (حقها من التنزيه) بأن يقول : إنها ظهرت في هذه الصورة ، وليست صورتها في الواقع ، (ومما ظهرت فيه) من التشبيه وقع بينهما ، فأنبه على أن (التحقيق عبارة) عن المعبر عنه والمعبر إليه ، بل عن كل شيء باعتبار استقراره في مقر غيره تارة ، وباعتبار ظهوره في المظاهر أخرى ،(لمن فهم الإشارة) إلى الجمع بين التنزيه والتشبيه فيه .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )
ولكن أمرنا بالستر ) وأن لا يظهر للناس إلا ما هو على قدر عقولهم وطبق عقائدهم ، وذلك ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ) ويتمّ به أمر ظهور تفاصيل أحكام الأسماء بجزئيّاتها على ما هو مبتغى ألسنة استعداداتهم .

التجلي بحكم استعداد محله
( و ) يظهر ( أن المتجلَّي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة ، فينسب ) المتجلَّى له ، أو على صيغة المجهول وهو أظهر وفي بعض النسخ أيضا : " فإنّ المتجلي " ، وذلك غير بعيد عن الصواب .

( إليه ) أي إلى المتجلَّي ( ما تعطيه ) تلك الصورة ( حقيقتها ولوازمها ) أي ينسب المجلى إلى المتجلَّي ما يعطيه عين ذلك المجلى من التنزيه والتشبيه ولوازمه - من الظهور والستر والمعرفة والنكر كذا وغير ذلك - كل ذلك تحقيقا لقضيّة الظهور والإظهار ، وتفصيل أحكام الجزئيّات وإعطاء حكم الكثرة حقّها .

رؤية الحقّ في النوم والاختلاف في تعبيره
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا بدّ من ذلك ، مثل من يرى الحقّ في النوم ، ولا ينكر هذا ) لسعة عالم المثال ، وظهور كل ما يمكن أن يتخيّل فيه عند كلّ أحد ( وأنّه لا شك الحقّ عينه ) ، فإنّه عين سائر المراتب من الحضرات والعوالم ، ( فيتبعه ) الحقّ ( لوازم تلك الصورة ) ، أي أعراضها الخارجة عن ذاتها - كالوضع والمقدار واللون المعيّن مما يلزم تلك الصورة - ( وحقائقها ) أي ذاتيّاتها التي يتقوّم بها الصورة ( التي تجلَّى فيها ) الحقّ ( في النوم ثمّ بعد ذلك ) عند الانتباه في النشأة الجمعيّة وانقهار حكم الخيال والمثال ( يعبر ) أصله من العبر ، وهو تجاوز من حال إلى حال ، ومنه اشتق عبرة العين والعبارة ، وإليه أشار بقوله :

قال الشيخ رضي الله عنه :  (أي يجاوز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه ) عقلا ، إن كان المعبّر من أرباب العقول والأنظار ، ( فإن كان الذي يعبرها ذا كشف أو إيمان فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط ) فإنّ أحدهما صاحب القلب .
والآخر من ألقى إليه السمع وهو شهيد وهما إنما يحكمان بالتنزيه الذي في التشبيه - لا بالذي يقابله ، وهو المعبّر عنه بـ « فقط » - ( بل يعطيها حقا من التنزيه ومما ظهرت فيه ) من الأوصاف التي هي مبدأ التشبيه إذ قد عرفت أنّ الحقّ عين هذه الصورة المثاليّة في عالمها .

التعبير والعبارة
وأما في عالم اليقظة والانتباه الذي هو موطن التحقيق ، فهو العبارة التي يعبّر بها عن تلك الصورة ، وإليه أشار بقوله : ( فاللَّه على التحقيق عبارة ) يعبّر بها سائر الصور التي رأى بها الراؤون في مداركهم .
فإنّ الوجود الكلامي هو الذي تفرّد به الحقّ من العين الموجود ، واختصّ به من بين الصور الخارجيّة تحقيقا ، على ما نطقت به الشرايع وجاءت به الرسل وإلَّا فسائر الأطوار من الوجود وجميع المراتب الاستيداعيّة منها والاستقراريّة للحقّ فيها جهة وللعالم فيها أخرى ، كما سيحقّق أمره آنفا .
ثمّ إنّ العبارة التي قد اختصّت بالحقّ لها صورة ظاهرة ، وهي الحروف التي هي مختزن الحقائق الإلهيّة ، كما نبّهت على بعض ما اشتمل عليه الحروف « الله » ، ولها معنى خفيّ ، وهو العبور عمّا يدرك ، ويحيط به المدارك كما نبّه عليه في تعبير الرؤيا ، وإليه أشار بقوله : ( لمن فهم الإشارة ) ، فإنّ الإشارة هي المعنى الخفيّ . المؤثر هو الله تعالى ، والمؤثر فيه العالم



شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولكن قد أمرنا بالستر ليظهر تفاضل استعداد الصور، وأن المتجلي في صورة بحكم استعداد تلك الصورة، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها و لوازمها لا بد من ذلك: مثل من يرى الحق في النوم ولا ينكر هذا وأنه لا شك الحق عينه فتتبعه لوازم تلك الصورة وحقائقها التي تجلى فيها في النوم، ثم بعد ذلك يعبر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التنزيه عقلا.
فإن كان الذي يعبرها ذا كشف و إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط، بل يعطيها حقها في التنزيه و مما ظهرت فيه.
فالله على التحقيق عبارة لمن فهم الإشارة. )

( ولكن قد أمرنا بالستر ) ، وألا يظهر للناس إلا ما هو على قدر عقولهم وإنما أمرنا بالستر ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ) في إظهار أحكام المتجلي فيها وإعطائها لوازمها له من غير تصرف أمر خارج عنها ( فيها )

وليظهر ( أن المتجلي في صورة إنما يكون بحكم استعداد تلك الصورة فنسبت ) على البناء للفاعل ، أي ينسب استعداد تلك الصورة أو على البناء للمفعول ، أي ينسب ( إليه ) ،
أي إلى المتجلي ( ما يعطيه ) الضمير المنصوب إما عائد إلى التجلي أو إلى ما الموصولة ،
( حقيقتها ) ، أي حقيقة تلك الصورة ( ولوازمها لا بد من ذلك مثل من يرى الحق في النوم ولا يذكر هذا وإنه ) بكسر الهمزة عطفا على جملة لا ينكر أو بفتحها عطفا على هذا ، أي وأنه أي المرئي في النوم ( لا شك الحق عينه ) فالحق عينه خبر إن ولا شك معترضة بين اسمه وخبره ( فتتبعه لوازم تلك الصورة ) ، أي أعراضها الخارجة عن ذاتها كالوضع والمقدار واللون ( وحقائقها ) ، أي ذاتياتها المقومة لها ( التي تجلى ) الحق ( فيها في النوم ) الموصول إما صفة للصورة وللوازمها وحقائقها ( ثم بعد ذلك ) ،

أي عند التيقظ والانتباه ( يعبر ) ، أي يجاز ( عنها ) ، أي عن تلك الصورة ( إلى أمر آخر يقتضي التنزيه ) عن الصورة وأحكامها ( عقلا ) ، أي من حيث العقل ، فإن العقل من حيث هو لا يحكم إلا بتنزيهه عن الصور وأحكامها ( فإن كان الذي يعبرها ذا كشف ) وعيان ممن له قلب ( أو إيمان ) وتقليد ممن أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[ ق : 37 ] .
( فلا يجوز عنها إلى تنزيه فقط بل يعطيها حقها في التنزيه ) ، بأن تقول هذه الصورة باعتبار ما هي صورة له منزه عن الصورة الحسية والمثالية والعقلية كلها .

( ومما ظهرت فيه ) ، أي ويعطى حقها من الصفات التشبيهية التي ظهرت فيه ، أي في الحق سبحانه من جهة ظهوره في هذه الصورة بأن يقول الحق سبحانه ،
وإن كان بحسب ذاته منزها عن هذه الصورة وأحكامها لكن بحسب ظهوره في هذه الصورة عينها ، وأحكامها أحكامه فلا ينفيها عنه مطلقا وإذ قد عرفت أن اللّه في اللَّهُ أَعْلَمُ ذو وجهين ناظر أحدهما إلى التنزيه والآخر إلى التشبيه ، واتضح عندك سر التنزيه والتشبيه بمثاله أورد هناك

قال رضي الله عنه :  ( فاللّه على التّحقيق عبارة لمن فهم الإشارة) .
 ( فاللّه ) المشير أحد وجهيه إلى التنزيه والآخر إلى التشبيه واتضح معناهما غاية الاتضاح بواسطة المثال المذكور فهو وضوح الدلالة عليهما ( على التحقيق عبارة ) ، أي كالعبارة لا إشارة ، لأنه لا خفاء به لكن كونه في وضوح المعنى كالعبارة إنما هو

 ( لمن فهم الإشارة ) ، لا للمتحمد على العبارة خصوصا على الوجه الذي حملنا كلامه رضي اللّه عنه عليه ، فإن فيه إشارة إلى إشارة ولا يبعد أن يجعل ذلك قرينة عليه ،

ولما انجر كلامه رضي اللّه عنه إلى أن استعدادات الصور متفاضلة في إظهار أحكام الحق المتجلي فيها ، أو أنها تعطى الحق وتنسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ، وهذا نوع تأثير من الصورة في الحق المتجلي فيها أراد أن يبين المؤثر في الحقيقة ما هو والمؤثر فيه ما هو
.
واتساب

No comments:

Post a Comment