Sunday, February 9, 2020

 السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

 السفر الحادي والعشرون فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية الفقرة التاسعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )

قال رضي الله عنه:  ( وإن كانت الرّحمة جامعة فإنّها بالنّسبة إلى كلّ اسم إلهي مختلفة . فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكلّ اسم إلهيّ. فرحمة اللّه والكناية هي الّتي وسعت كلّ شيء.
ثمّ لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهيّة. فما تعمّ بالنّسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهيّ في قول السّائل ربّ ارحم، وغير ذلك من الأسماء حتّى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني.
وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذّات المسمّاة، وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة، فيدعو بها في الرّحمة من حيث دلالتها على الذّات المسمّاة بذلك الاسم لا غير .لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الّذي ينفصل به عن غيره ويتميّز، فإنّه لا يتميّز عن غيره وهو عنده دليل الذّات، وإنّما يتميّز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان ، حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها :  وإن كان الكلّ قد سيق ليدلّ على عين واحدة مسمّاة . ولا خلاف في أنّه لكلّ اسم حكم ليس للآخر، فذلك ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذّات المسمّاة.)

قال رضي الله عنه:  (وإن كانت الرحمة جامعة) واسعة لكل شيء كما مر وهي مهيمنة على جميع الأسماء الإلهية (فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي) من أسماء اللّه تعالى (مختلفة) لاقتضاء كل اسم من تلك الأسماء أمرا لا يقتضيه الاسم الآخر فتختلف الرحمة باختلاف مقتضيات الأسماء فلكل اسم رحمة تليق به فتنظر في آثاره على حسب مقتضاه (فلهذا )،
أي لما ذكر (يسأل) بالبناء للمفعول أي يطلب منه ويدعى اللّه (سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي) من أسمائه تعالى فكلما تجلى سبحانه على أثر من الآثار باسم من أسمائه اقتضى ذلك الاسم أن أثره ذلك يسأل الرحمة من اللّه تعالى له (فرحمة اللّه) تعالى وهو الاسم الجامع لجميع الأسماء ورحمة الكناية وهي الضمير الراجع إلى اللّه تعالى لقوله تعالى : " وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ" [ الأعراف : 156]

قال رضي الله عنه:  (هي) الرحمة (التي وسعت كل شيء) كما أخبر تعالى (ثم لها) ، أي لهذه الرحمة الواسعة (شعب) ، أي فروع (كثيرة تتعدد) تلك الشعب وتتفرع وتتكثر (بتعدد الأسماء الإلهية) وكثرتها (فما تعم) ، أي الرحمة (بالنسبة إلى ذلك الاسم) الواحد (الخاص الإلهي) من تلك الأسماء الإلهية (في قول السائل رب) ، أي يا رب (ارحم) فإنه طلب الرحمة منه من حيث الاسم الرب فما هو طلب الرحمة العامة الواسعة (وغير ذلك من الأسماء) الإلهية كذلك كقوله :
يا شافي ارحمني أو يا رزاق أو يا فتاح (حتى) الاسم (المنتقم) من الأسماء الإلهية له ،
أي لعبده (أن يقول) في دعائه (يا منتقم ارحمني) ونحو ذلك ، ولهذا ترى كل مؤمن أو كافر على أي حال كان يرتجي الرحمة من اللّه تعالى ويدعوه .
وقال تعالى :كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ[ المؤمنون :53].

 وإنما كان ذلك لأن هذه الأسماء الإلهية تدل على الذات الإلهية المسماة بهذه الأسماء المذكورة بحيث أن كل اسم منها بانفراده يدل على تلك الذات بتمامها وتدل ، أي تلك الأسماء أيضا بحقائقها ، أي بما به كل اسم منها يتميز عن الاسم الآخر على معان جمع معنى مختلفة تلك المعاني وآثارها مختلفة أيضا لاختلافها فيدعو العبد الداعي بها ،

أي بتلك الأسماء يعني أن كل عبد يدعو باسم يخصه في طلب حصول الرحمة له من حيث دلالتها ، أي تلك الأسماء على الذات الإلهية المسماة بذلك الاسم الذي دعا به ذلك الداعي لا غير ، لا يدعو الداعي الاسم الذي يخصه من تلك الأسماء الإلهية بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الخاص الذي دعا به ذلك الداعي الذي ينفصل ، أي ذلك الاسم به عن غيره من المعنى الخاص .

قال رضي الله عنه:  (ويتميز) عن جميع الأسماء الإلهية ، فإن الاسم بهذا الاعتبار لا يقتضي الرحمة بل يقتضي ما هو بصدد التوجه إليه من ظهور خاصيته في أثره فإنه ، أي ذلك الاسم الخاص حيث سأل الداعي منه الرحمة (لا يتميز عن غيره) من بقية الأسماء الإلهية من وجه دلالته على الرحمة (وهو) ، أي ذلك الاسم الخاص (عنده) ، أي عند ذلك الداعي به دليل الذات الإلهية ، لأنه طلب منه مقتضى دلالته على الذات الإلهية لا مقتضى ما يميزه عن غيره من بقية الأسماء (وإنما يتميز) ، أي ذلك الاسم الخاص (بنفسه) ، أي بما هو مقتضى اعتباريته ونسبته إلى الذات الإلهية لا دلالته عليها من حيث إنه اسمها (عن غيره) من بقية الأسماء الإلهية (لذاته) ،

أي لمعنى تقتضيه ذات ذلك الاسم إذا الاسم (المصطلح عليه في اصطلاح الشرع أو اللغة (بأي لفظ كان من الألفاظ العربية وغيرها (حقيقة متميزة بذاتها) وذاتها ، أي الخصوصية المستندة بذلك اللفظ إلى الذات الإلهية (عن غيرها) من حقائق بقية الأسماء الإلهية (وإن كان للكل) ،
أي الأسماء الإلهية كلها (قد سيق)، أي ورد في كلام اللّه تعالى وكلام رسوله عليه السلام (ليدل على عين)، أي ذات واحدة لا تعدد فيها بوجه من الوجوه مطلقا مسماة تلك العين الواحدة بتلك الأسماء كلها (فلا خلاف) من واحد (في أنه)،
أي الشأن (لكل اسم) إلهي من تلك الأسماء (حكم) يعود على الذات المسماة بذلك الاسم عند المشاهدة لها وعلى الأثر الظاهر في عينه بذلك الاسم.

قال رضي الله عنه:  (فذلك)، أي الحكم المذكور (أيضا ينبغي أن يعتبر) في دلالة كل اسم إلهي (كما تعتبر دلالته)، أي كل اسم إلهي (على الذات) الإلهية المسماة بتلك الأسماء كلها فيكون لكل اسم إلهي ثلاث دلالات: دلالة في نفسه على نفسه بما يتميز به عن غيره من خصوص ذاته المقتضي لظهور إلهي خاص وأثر كوني خاص، ودلالة على الذات الإلهية من جهة أنها مسماة به ودلالة على حكم مخصوص للمسمى به وهو الذات الإلهية من حيث ظهورها للمعارف وعلى حكم مخصوص أيضا للأثر الصادر عن ذلك الاسم .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )

قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة ) في المرتبة الرحمانية الاجمالية وهي مرتبة اسم اللّه واسم الرحمن ( جامعة ) لأنواعها ( فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة فلهذا ) الاختلاف ( يسأل ) على البناء المجهول أو على البناء المعلوم أي يسأل العبد ( سبحانه ) وكذلك ( أن يرحم ) جاز فيه الوجهان قوله ( بكل اسم إلهي ) يجوز أن يتعلق بيرحم وأن يتعلق بيسأل فأيهما أعمل قدّر مفعول الآخر فهو من باب التنازع ( فرحمه اللّه ) أي رحم اللّه ذلك السائل،

قال رضي الله عنه :  ( والكناية ) وهي ضمير المتكلم في ورحمتي وسعت كل شيء ، والخطاب فيرَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ ( هي التي وسعت كل شيء ) إذ ذاته تعالى عين الرحمة فوسعة الرحمة وسعة ذات الحق ( ثم ) أي بعد جامعيتها وو سعتها كل شيء ( لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية ) فإذا تعددت بتعدد الأسماء ( فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي ) الذي يسأل اللّه السائل بذلك الاسم الخاص الإلهي الحاصل ( في قول السائل يا رب ارحم وغير ذلك من الأسماء ) سواء كان من الاسم الجامع كالاسم اللّه والاسم الرحمن

( حتى المنتقم له ) أي للسائل ( بأن يقول يا منتقم ارحمني ) أي ارفع عني العذاب فإذا قلت يا اللّه أو يا رحمن أو غير ذلك ارحمني تريد الاتصاف بكمالات اللائقة بك فلا تعم الرحمة في قول السائل يا رب ارحم بالنسبة إلى اسم الرب جميع أنواع الرحمة بل تريد نوعا مخصوصا من أنواع الرحمة

قال رضي الله عنه :  ( وذلك ) أي بيان عدم عموم الرحمة ( أن هذه الأسماء ) وهي الأسماء الحسنى التي يدعو السائل بها الرحمة ( تدل على الذات المسماة وتدل بحقائقها ) الممتازة عن غيره ( على معان مختلفة فيدعو ) السائل ( بها في ) طلب ( الرحمة من حيث دلالتها ) أي من حيث دلالة الاسم المدعوّ ( على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ) أي اعتبر الداعي دلالة الاسم على الذات المسماة بهذا الاسم فقط

قال رضي الله عنه :   ( لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل ) ذلك الاسم ( به ) أي بذلك المدلول ( عن غيره ويتميز ) أي لا يدعو به في الرحمة من حيث دلالته على هذا المعنى يعني إذا قال المريض يا شافي ارحمني يدل الشافي على الذات وعلى معنى يمتاز به عن الاسم الآخر وذلك المعنى حقيقة كلية نوعية تحته خصوصيات كثيرة فإذا اعتبر هذا المعنى تعم الرحمة جميع ما تحته من الخصوصيات المتكثرة فلا نظر للسائل فيه حتى تكون الرحمة في سؤاله عامة بالنسبة إلى ذلك الاسم

قال رضي الله عنه :  ( فإنه ) أي الاسم الخاص ( لا يتميز عن غيره ) في الدلالة على الذات ( وهو ) أي ذلك الاسم الخاص ( عنده ) أي السائل ( دليل الذات ) لا دليل الحقيقة المتميزة إذ لا حاجة له في الحقيقة المتميزة بل حاجته في الذات التي هي قاضي الحاجات وقبلتها
( وإنما يتميز ) الاسم الخاص ( بنفسه عن غيره لذاته إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها ) وهذا المعنى مسلوب في نظر السائل عن دلالة الاسم عليه ( وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة ) وهي ذات الحق ( ولا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر فذلك الحكم أيضا ينبغي أن يعتبر ) في ذلك الاسم في السؤال

قال رضي الله عنه :  ( كما يعتبر دلالتها على الذات المسماة ) فاختصت الرحمة بحكم ذلك الاسم فما تعم الرحمة بالنسبة إلى ذلك الاسم فإذا قال المريض يا شافي ارحمني فلا يريد إلا صحة البدن بالخلاص عن المرض فقد اعتبر حكم الشافي في الرحمة وهي هذه الصحة المخصوصة وكذا في غيره فقد ظهر منه أن الرحمة تتعدد بتعدد الأسماء وتتبع حكم كل اسم دعيت به

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )

قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي. فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية. فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء. حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة. فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز. فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها: وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة. فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )

فنقول: إنه إنما يوجد ما يوجده رحمة منه،  فالرحمة نفسها هو قد أوجدها فإن كان رحمها ثم أوجدها فقد كانت الرحمة فيه من حيث هي صفته، والتقدير إنها لم يكن موجودة فهي إذن موجودة لا موجودة فخرج القول إلى إثبات الذوات التي لا موجودة ولا معدومة، 
ثم تقرر أن قبول الحق تعالى للصفات إنما هو نسب واعتبارات وما بعد هذا واضح بنفسه .

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
قال رضي الله عنه : ) وإن كانت الرحمة جامعة ، فإنّها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة ، فلهذا يسأل - سبحانه - أن يرحم بكل اسم إلهيّ ، فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كلّ شيء.(.

""أضاف المحقق :
 المراد هو الرحمة المضافة إلى ضمير المتكلَّم في قوله : رحمتي ، فالمراد من « الكناية » هو الضمير أي رحمة الكناية . في النسختين وأكثر النسخ : فرحمه اللَّه والكناية "".

قال رضي الله عنه : (ثمّ لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهية، فما تعمّ بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهي في قول السائل : يا ربّ ارحم وغير ذلك من الأسماء حتى « المنتقم » له أن يقول : يا منتقم ارحمني ، وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذات المسمّاة وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة ، فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسمّاة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره لذاته ، إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها ، وإن كان الكلّ قد سيق ليدلّ على عين واحدة مسمّاة ، فلا خلاف في أنّه لكل اسم حكم ليس للآخر فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما يعتبر دلالته على الذات المسمّاة).

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ رحمة الامتنان ذاتية ، ليست في مقابلة عمل ، تنال الأشياء كلَّها ، فكل ما تناولته الشيئية تناله هذه الرحمة ولا بدّ ، و « اعمل ما شئت فقد غفرت لك » و « غفران ما تقدّم وما تأخّر » من مقتضى هذه الرحمة ، ولسانها يقول ذلك .

وبهذه الرحمة استظهار الأبالسة والشياطين والسحرة والكفرة والفجرة والمردة والفراعنة ، وقد سبق كلّ ذلك مرارا ، فتذكَّره تذكر ، والله الموفّق .
 
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )

قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة ) كالرحمة بالرزق والعلم والحفظ وأمثال ذلك من معاني الأسماء الإلهية .
قال رضي الله عنه :  ( فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي ، فرحمة الله والكناية ) أي الضمير في قوله :" ورَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ "  .

قال رضي الله عنه :  ( هي التي وسعت كل شيء ، ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية ، فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل : يا رب ارحم ، وغير ذلك من الأسماء حتى المنتقم له أن يقول : يا منتقم ارحمني ، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة وتدل بحقائقها على معان مختلفة فيدعوه بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة) أي الله مطلقا

"" أضاف بالي زادة :
( يا منتقم ارحمني ) أي ارفع عنى العذاب ، فإذا قلت : يا الله أو يا رحمن ارحمني تريد الاتصاف بالكمالات اللائقة بك ، فلا تعم الرحمة في قول السائل : يا رب ارحم بالنسبة إلى اسم الرب جميع أنواع الرحمة ، بل يريد نوعا مخصوصا من الرحمة .اهـ بالى زادة ""

قال رضي الله عنه :  ( لا بما مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات ) أي ذات الله من حيث هي لا باعتبار المعنى الخاص المميز .
 ( وإنما يتميز به بنفسه عن غيره لذاته ) أي لخصوصية ذات الاسم الخاص .

قال رضي الله عنه :  ( إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها ، وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة ، فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر ، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما يعتبر دلالتها على الذات المسماة ).
"" أضاف بالي زادة :
(على الذات المسماة ) فاختصت الرحمة بحكم ذلك الاسم ، فما تعم الرحمة بالنسبة إلى ذلك الاسم ، فإذا قال المريض : يا شافى ارحمني ، فلا يريد إلا صحة البدن بالخلاص عن المرض ، فقد اعتبر حكم الشافي في الرحمة وهي هذه الصحة المخصوصة وكذا في غيره ، فظهر منه أن الرحمة تتعدد بتعدد الأسماء وتتبع حكم كل اسم دعيت به .اهـ بالى زادة ""

رحمة الامتنان ذاتية تنال الأشياء كلها لأنها ليست في مقابلة عمل ، فكل ما تناولته الشيئية تناله هذه الرحمة ، وبهذه الرحمة استظهار الأبالسة والفراعنة والكفرة والسحرة ، والله المنان وعليه التكلان .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )

قال رضي الله عنه :  (وإن كانت الرحمة جامعة ، فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة . فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي ، فرحمه الله . ) ( يسأل ) على المبنى للمفعول .
و ( أن يرحم ) على المبنى للفاعل . أي ، الرحمة الذاتية ، وإن كانت جامعة لجميع أنواع الرحمة ، لكنها يختلف بالنسبة إلى الأسماء المختلفة ، إذ كل منها يرحم مظهره وداعيه بما يخصه ، ويعطى حقيقته .
( فلهذا ) أي ، فلأجل هذا الاختلاف يسأل الحق سبحانه أن يرحم بكل واحد من أسمائه ، فيرحم الله ذلك السائل بالاسم الذي سأل .
قال رضي الله عنه :  ( فرحمه الله ) بمعنى يرحمه الله ، كما يقال في الدعاء : رحمه الله . ويجوز أن يكون ب‍ ( التاء ) والإضافة إلى ( الله ) . أي ، فرحمها الله .

قال رضي الله عنه :  ( والكناية هي التي وسعت كل شئ . ) ( الكناية ) هي ضمير المتكلم في قوله : ( ورحمتي وسعت كل شئ ) . والمخاطب في قوله : ( ربنا وسعت كل شئ رحمة وعلما ) أي ، رحمة الله والذات التي ( الكناية ) تدل عليها ، هي التي وسعت كل شئ إذ رحمته عين ذاته كما مر آنفا .
( ثم ، لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية . فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل : رب ارحم . وغير ذلك من الأسماء .

حتى ( المنتقم ) ، له أن يقول : ( يا منتقم ، ارحمني ، ) ( ما ) في قوله : ( فما تعم ) للنفي .
أي ، ثم للرحمة الإلهية شعب كثيرة يتعدد بتعدد الأسماء الإلهية . أي ، إذا قال
السائل : رب ارحمني . أو : يا الله ارحمني . أو غير ذلك من الأسماء ، حتى للسائل
أن يقول : يا منتقم ارحمني . فما تعم الرحمة وإن كان الاسم المدعو من الأسماء الجامعة ، كالاسم ( الله ) و ( الرحمن ) و ( الرب ) . أي ، ليس المطلوب بالرحمة من جميع الأسماء معنى عاما شاملا للكل ، بل معنى خاصا .
فإنك إذا قلت : يا رب ارحمني . تريد أن يجعلك موصوفا بالكمالات . وإذا قلت : يا منتقم ارحمني . تريد أن يخفف عنك العذاب .

قال رضي الله عنه : (وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة ، وتدل بحقائقها على معان مختلفة، فيدعو بها في الرحمة ) أي ، فيدعو الداعي بتلك الأسماء في طلب الرحمة.

قال رضي الله عنه :  ( من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ، ) ( ذلك ) إشارة إلى قوله : ( فما تعم ) . أي ، فما تعم الرحمة . لأن الأسماء تدل على الذات وتدل بحقائقها .
أي ، بما تتميز به عن غيرها على المعاني المختلفة ، فدعاء الداعي بتلك الأسماء في طلب الرحمة ، إنما هو من حيث إنها تدل على الذات المسماة بها لا غير . أي ، نظر الداعي في دعائه إنما هو إلى الذات المسماة بالأسماء فقط ، أي اسم كان .

قال رضي الله عنه :  ( لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز . ) أي ، لا بالخصوصيات المتكثرة المتميزة بعضها عن بعض .

قال رضي الله عنه :  ( فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات . ) أي ، فإن الاسم الخاص لا يتميز عن غيره من حيث إنه يدل على الذات الواحدة وهو عنده ، أي ذلك الاسم الخاص عند السائل ، دليل بالذات ، وليس نظره إلا إلى الذات ، فإنها قبلة الحاجات ، وإن كان المسؤول لا يصدر من الذات إلا على يدي الاسم الخاص من حيث خصوصيته .

قال رضي الله عنه :  ( وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته ، إذ المصطلح عليه ، بأي لفظ كان ، حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها . )
أي ، وإنما يتميز الاسم الخاص بنفسه عن غيره لذاته ، إذ الحقيقة المصطلحة عليها بالألفاظ ، أي لفظ كان ، متميزة بذاتها عن غيرها .
ألا ترى أن ( العليم ) متميز عن ( القادر ) بعين العلم ، و ( القادر ) متميز عنه بعين القدرة ، والكل في الدلالة على الذات الإلهية غير متميزة . وإليه أشار بقوله :

قال رضي الله عنه: (وإن كان الكل قد سبق ليدل على عين واحدة مسماة . ولا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر ، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر، كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة.).

 أي ، ولا خلاف أن لكل اسم حكما يختص به ، وليس ذلك للآخر ، فذلك الحكم أيضا ينبغي أن يعتبره السائل كما اعتبر الذات ، وذلك لأن السائل لا بد له من مطلوب يطلبه ، فينبغي أن يطلب ذلك من الذات باسم يعطى بخصوصية مطلوبه ، كما لمريض إذا دعا ( يا الله ) أو ( يا رحمان ) ينبغي أن يعتبر الشفاء ليقتضي الله حاجته على يد ( الشافي ) .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )

قال رضي الله عنه :  (وإن كانت الرّحمة جامعة ؛ فإنّها بالنّسبة إلى كلّ اسم إلهي مختلفة ، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكلّ اسم إلهيّ ، فرحمة اللّه والكناية هي الّتي وسعت كلّ شيء ، ثمّ لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهيّة ، فما تعمّ بالنّسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهيّ في قول السّائل ربّ ارحم ، وغير ذلك من الأسماء حتّى المنتقم له أن يقول : يا منتقم ارحمني ، وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذّات المسمّاة ، وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة ، فيدعو بها في الرّحمة من حيث دلالتها على الذّات المسمّاة بذلك الاسم لا غير ، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الّذي ينفصل به عن غيره ويتميّز ، فإنّه لا يتميّز عن غيره ، وهو عنده دليل الذّات ، وإنّما يتميّز بنفسه عن غيره لذاته ، إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان ، حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها ، وإن كان الكلّ قد سيق ليدلّ على عين واحدة مسمّاة ، ولا خلاف في أنّه لكلّ اسم حكم ليس للآخر ، فذلك ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذّات المسمّاة ) .

ثم أشار إلى أن هذه الصفات ، وإن كانت أحوالا ، فللحق منها أسماء تختلف آثارها باختلافها ، وإن كان مرجع تلك الآثار أمرا واحدا كمرجع تلك الأسماء والصفات ؛
فقال : ( وإن كانت الرّحمة جامعة ؛ فإنّها بالنّسبة إلى كلّ اسم إلهي مختلفة ) إذ الفعل بحسب الفاعل وهي الفاعلة ، إذ الذات من حيث هي لها الغنى عن العالمين والأسماء مختلفة الحقائق ، وهذه إشارة إلى بيان الرحمة الواردة في حق زكريا عليه السّلام ، وأنها منسوبة إلى الذات لإضافته إلى هويته في قوله :عَبْدَهُ زَكَرِيَّا ،وإلى الاسم الجامع فيذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ[ مريم : 2 ] ،
وإن كان سؤاله من ربه خاصة ؛ لأنه طلب إحياء ذكره ، وهو لا يتم إلا بذكر ذاته واسمه الجامع .

قال رضي الله عنه :  ( فلهذا ) أي : فلاختلافها باختلاف الأسماء ( يسأل ) أي : يسأله ( سبحانه ) العارفون ( أن يرحم بكل اسم إلهي ) ، أي : يذكر تفصيل كل اسم إلهي في الدعاء ؛ فيقال : يا حفيظ احفظنا ، ويا قوي قوّنا ، ويا رزاق ارزقنا ، والمراد بالاسم الإلهي ما به الربوبية ، وهي مع اختلافها ترجع إلى الاسم الجامع ، بل إلى الذات من حيث جمعها للكل ، ( فرحمة اللّه والكناية ) أي : المضافة إلى أحدهما ( هي التي وسعت كل شيء ) ، إذ لا يخلو شيء عن وجه منها وأقله الوجود .

قال رضي الله عنه :  ( ثم ) أي : بعد اجتماعهما عند الاسم الجامع ، والذات ( لها شعب كثيرة ) كيف وهي ( تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية ) التي لا تحصى ، فهي وإن عمت بالنسبة إلى الاسم الجامع ، وإلى سائر الأسماء إذا أخذت كلية ، ( فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص ) الجزئي الحقيقي ، كالرب المنسوب إلى السائل ( في قول السائل : رب ارحم ، وغير ذلك من الأسماء ) التي هي جزئيات إضافية ، فإن الرحمة المنسوبة إليها ليست جامعة كالتي نسبت إلى الاسم الجامع والذات ، فإن لكل منها رحمة خاصة ، وإن كان لبعضها مفهوم يدل على ما يقابل الرحمة ،

وإليه الإشارة بقوله : ( حتى المنتقم له أن يقول : يا منتقم ارحمني ) ، فإن الرحمة المتعلقة ، وإن كانت وجودية عامة من وجه ؛ فهي لا تتعلق إلا بوجود خاص هو الانتقام ، فهو لو كان مطلوب سائل لكان رحمة عليه من حيث هو مطلوبه أيضا ، وذلك الاختلاف عليها مع رجوعها إلى أمر واحد ، إذ علتها الأسماء لا الذات لغناه عن العالمين .

وللأسماء وحدة باعتبار الذات ، وكثرة باعتبار خصائصها ؛ ( وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات ) لا من حيث هي ذات ، وهي الغنية بل من حيث هي ( المسماة ) بها ، ولا تبطل بذلك وحدتها ، ( وتدل ) أيضا ( بحقائقها ) التي يراها العقل زائدة على الذات مع عينيتها في الواقع ( على معان مختلفة ) ، وإذا كان للأسماء هذان الاعتباران ، وهي الوسائل في الدعاء ، وطلب الحوائج ، ( فتدعو بها في ) طلب ( الرحمة ) من الاعتبارين جميعا ( من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ) ،
إذ لا معنى للدعاء بالاسم من حيث دلالته على الذات من حيث هي ذات ؛ لغناها عن العالمين ، فلا تعلق لها بحاجته ، ولا معنى للدعاء به من حيث دلالته على الذات المسماة به ، وبغيره من الأسماء ؛ لاشتمالها على نقيض حاجته أيضا ، فلا تتعين حاجته ، ولكن لا يدعونه ( بما يعطيه مدلول ذلك الاسم ) فقط ، إذ لا أثر للاسم بهذا الاعتبار ؛ لأنه من جملة الأحوال والمؤثر هو الموجود .

وذلك المدلول هو ( الذي ينفصل ) ذلك الاسم ( به عن غيره ) ، وليس المراد به :
المغايرة الكلية ، بل إنه ( يتميز ) عنه فيصير لا عينه ، ولما أنه لا غيره ، فلا يدعو بهذه الحيثية ؛ ( فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده ) ، أي : عند التميز ( دليل الذات ) التي هي الأمر الموجود المؤثر ، إذ دلالتها على الذات مشتركة بين جميعها ، والتميز إنما يكون بالأمر المحض كما قال ،

قال رضي الله عنه :  ( وإنما يتميز ) كل اسم ( بنفسه ) ، أي : بمعنى يختص بنفسه ( عن غيره ) الذي يتميز عنه الأول ( لذاته ) ، فلا يشارك أحدهما الآخر بذلك الاعتبار أصلا ، بخلاف تميز الجنس عن النوع بالجزئية ، وعن الفصل بالعموم ؛ فإنه لأمر عارض لا يمنع اشتراكهما في الأصل الذي هو حقيقتهما ، وإنما كان للأسماء هذا التمييز مع أنها موضوعة لمسمى واحد .

إذ المعنى ( المصطلح عليه بأي لفظ كان ) أي : سواء كان له مع غيره دلالة على أمر واحد أم لا ( حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها ) بالأصل في ذلك اختلاف الألفاظ لاختلاف المعاني ، وبالعكس ، والترادف والاشتراك على خلاف الأصل ، وإليه الإشارة بقوله : ( وإن كان الكل ) ، أي : جميع الأسماء ( قد سيق ) ، أي : وضع ( ليدل على عين واحدة مسماة ) بها ، فلا دلالة لذلك على الترادف ، إذ ( لا خلاف ) بين أهل اللغة ولا أهل الشرع ( في أنه لكل اسم حكم ) معنوي ( ليست للآخر ) ، وليس ذلك في الأسماء المترادفة ، وإذا كان للاسم المدعو به هذا التميز ، وهذا مقصود في الحاجة ،

قال رضي الله عنه :  ( فذلك ) أيضا ( ينبغي أن يعتبر ) في الدعاء بذلك الاسم ، وإن لم يكن للاسم بذلك الاعتبار وحده أثر ، فله أثر إذا ضم إلى الذات ، فيعتبره ( كما تعتبر دلالته على الذات ) ؛ فإنه كما لا أثر له بدون الذات ، فلا أثر للذات بدونه لغناه عن العالمين .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )

تختلف كيفية سعة الرحمة لكل اسم
ثمّ إنّه ( وإن كانت الرحمة جامعة ) لسائر تلك النسب والإضافات ، ( فإنّها بالنسبة إلى كل اسم إلهيّ مختلفة ) فإنّ رحمة المعزّ غير المذلّ والضارّ غير النافع ، مغايرة بالحقيقة ، لتضادّ ما يترتّب عليها من الأحكام والآثار ( فلهذا يسأل سبحانه ) بلسان الاستعداد ( أن يرحم ) الأعيان ( بكل اسم إلهيّ ، فرحمه الله ) على ما عبّر عنه لسان الخاتم الناطق بالقول الثابت للاستعدادات بقوله تعالى : “  رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ “  ، والتعبير عن الرحمة بصيغة الماضي إشارة إلى ما مهّد من شمول الرحمة لسؤال القابل وأحكامه ، فلها تقدّم ذاتي على السؤال وإن تأخّر عنه وجودا وحكما .

قال رضي الله عنه :  ( والكناية ) المعبّرة بياء التكلَّم ( هي التي وسعت كل شيء ) بناء على ما تقرّر من أنّ الرحمة عين الراحم .

"" أضاف المحقق :
قال القيصري: " الكناية هي ضمير المتكلم في قوله : ( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلّ شَيْءٍ ) [ 7 / 156 ] والمخاطب في قوله : ( رَبّنَا وَسِعْتَ كُلّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً ) [ 40 / 7 ] ، أي رحمة الله ، والذات التي الكناية تدل عليها هي التي وسعت كل شيء ، إذ رحمته عين ذاته" . ""

والذي يلوحك على تحقيقه دلالة الياء على النسبة الجامعة لمختلفات المنتسبات في نفس نسبته وإضافته ، وهو لا ينسب إلى شيء .
ومن ثمة قال :
الذات والأسماء ، واختلاف الرحمة بالنسبة إلى كلّ اسم
قال رضي الله عنه :  ( ثم ) إنّ الرحمة ( لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهيّة ) وتتخصّص بخصائصها ، ( فما تعمّ بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهيّ ) الذي به تتخصّص ، سواء كان ظاهر الاندراج في حيطة الرحمة كما ( في قول السائل : " يا ربّ ارحم " ، وغير ذلك من الأسماء )
الخفيّة الاندراج ( حتّى المنتقم له أن يقول : « يا منتقم ارحمني » ، وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذات  المسمّاة ، وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة ، فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم )

لا من حيث دلالتها على الأسماء المتقابلة وخصوصياتها الامتيازيّة . فالرحمة المدعوّ بها في كل اسم دالَّة على الذات باعتبار خصوصيّة ذلك الاسم ، ( لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم ) فقط بدون دلالتها على الذات ،
فإنّه هو ( الذي ينفصل به عن غيره ويتميّز ) وهذه الحيثيّة لإشعارها بالغير لا تصلح لأن تكون دالَّة على الذات ، ( فإنّه لا يتميّز عن غيره ، وهو عنده دليل الذات ) ، أي من حيث التميّز ، وعند كونه مميّزا لا يصلح للدلالة .

منشأ التفرقة بين الأسماء
وهذا منشأ التفرقة بين الأسماء الإلهيّة التي عيّنها الشارع لأن يدعو بها الحقّ ، وبين الأسماء الكيانيّة التي لا رخصة فيها لذلك من الشارع ، على أن الكلّ أسماء الحقّ ، فإنّ الدالّ منها على الخصوصيّة الامتيازيّة إنما يدلّ على نفسه الممتازة عن الغير ، ( وإنما يتميّز بنفسه عن غيره لذاته ) ، فإنّ التمييز والتفرقة ذاتي الاسم ،
قال رضي الله عنه :  ( إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان ) - عربيّا معرّبا أو غيره - ( حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها ، وإن كان الكلّ قد سيق ) في نفس الأمر بدون اعتبار من الوضع والاصطلاح ( ليدل على عين واحدة مسماة ، فلا خلاف في أنّ لكل اسم ليس للآخر . فكذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة ) .

والحاصل أنّ الألفاظ لها في نفسها دلالة على الذات المسماة ، وعلى الخصوصيّة الامتيازيّة ، فإذا اعتبر لها هذان المعنيان فهي أسماء الحقّ ، وإن كان باعتبار الوضع والاصطلاح وجعل الجاعل ليست له إلا الدلالة على الخصوصيّة فقط .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي مختلفة، فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي.
فرحمة الله والكناية هي التي وسعت كل شيء. ثم لها شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية.
فما تعم بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي في قول السائل رب ارحم، وغير ذلك من الأسماء.
حتى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني، وذلك لأن هذه الأسماء تدل على الذات المسماة، وتدل بحقائقها على معان مختلفة.
فيدعو بها في الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير، لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الذي ينفصل به عن غيره ويتميز.
فإنه لا يتميز عن غيره وهو عنده دليل الذات، وإنما يتميز بنفسه عن غيره لذاته، إذ المصطلح عليه بأي لفظ كان حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها:
وإن كان الكل قد سيق ليدل على عين واحدة مسماة.
فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ليس للآخر، فذلك أيضا ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذات المسماة. )
 
قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرّحمة جامعة فإنّها بالنّسبة إلى كلّ اسم إلهي مختلفة . فلهذا يسأل سبحانه أن يرحم بكلّ اسم إلهيّ . فرحمة اللّه والكناية هي الّتي وسعت كلّ شيء . ثمّ لها شعب كثيرة تتعدّد بتعدّد الأسماء الإلهيّة . فما تعمّ بالنّسبة إلى ذلك الاسم الخاصّ الإلهيّ في قول السّائل ربّ ارحم ، وغير ذلك من الأسماء حتّى المنتقم له أن يقول يا منتقم ارحمني . وذلك لأنّ هذه الأسماء تدلّ على الذّات المسمّاة ، وتدلّ بحقائقها على معان مختلفة ، فيدعو بها في الرّحمة من حيث دلالتها على الذّات المسمّاة بذلك الاسم لا غير).

وإضافات ، وظاهر أن القول بنفي الصفات ينافي ما ذهب إليه رضي اللّه عنه آنفا من دعوى العينية وإحالة إلى الذوق والكشف ، ولا يبعد أن يقال مرجع القولين إلى معنى واحد ، فإن المراد قال رضي الله عنه :  ( وإن كانت الرحمة جامعة ) لأنواع الرحمة ( فإنها بالنسبة إلى كل اسم إلهي ) بل بالنسبة إلى جميع الأسماء ( مختلفة ) متنوعة بحسب اختلاف الأسماء وتنوعها ( فلهذا ) الاختلاف ( يسأل سبحانه أن يرحم بكل اسم إلهي ) رحمة خاصة تناسبه ( فرحمة اللّه ) التي هي عين الذات كما صرح به أولا ( و ) رحمة ( الكناية ) ، أي المضافة إلى ضمير المتكلم الذي هو كناية عن تلك الذات ( هي التي وسعت كل شيء ) من غير خصوصية اسم دون اسم في قوله تعالى :وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ[ الأعراف : 156 ] ،

قال رضي الله عنه :  ( ثم لها ) ، أي للرحمة ( شعب كثيرة تتعدد بتعدد الأسماء الإلهية ) ، ولكل شعبة منها اختصاص باسم خاص ( فما تعم ) الرحمة جميع شعبها إذا اعتبرت ( بالنسبة إلى ذلك الاسم الخاص الإلهي ) .

قال رضي الله عنه :  ( قوله ) : فرحمة اللّه مصدر مضاف إلى فاعله وحمله على صيغة الفعل تصحيف الذي هو الرب مثلا ( في قول السائل رب ارحم ) ، طالبا منه ترتيبه في مراتب الكمال ( وغير ذلك من الأسماء حتى المنتقم ) ، مع أن الانتقام يضاد الرحمة فإن ( له ) ، أي للسائل ( أن يقول : يا منتقم ارحمني ) طالبا منه الرحمة التي تناسبه وهي تخفيف العذاب ، أو تخليصه منه أو الانتقام من الذين ظلموه فإنه رحمة بالنسبة إلى السائل المظلوم .

قال رضي الله عنه :  ( وذلك ) ، أي عدم عموم الرحمة جميع سعتها إذا اعتبرت بالنسبة إلى اسم خاص ( لأن هذه الأسماء تدل على الذات ) الإلهية ( المسماة ) بها بحسب تخصيص الشارع وإرادة الداعي فإنها بحسب اللغة موضوعة لذات مبهمة غاية الإبهام يحتمل الذات وغيرها ( وتدل بحقائقها ) ، أي بسبب مفهوماتها الكثيرة المتمايزة والدالة عليها ( على معان مختلفة فيدعو ) السائل ( بها ) ، أي بكل اسم من تلك الأسماء ( في ) طلب ( الرحمة من حيث دلالتها على الذات المسماة بذلك الاسم لا غير ) ، لأن قبلة الحاجات ووجه استجابة الدعوات إنما هي تلك الدعوات.

قال رضي الله عنه :  ( لا بما يعطيه مدلول ذلك الاسم الّذي ينفصل به عن غيره ويتميّز ، فإنّه لا يتميّز عن غيره وهو عنده دليل الذّات ، وإنّما يتميّز بنفسه عن غيره لذاته ، إذ المصطلح عليه بأيّ لفظ كان ، حقيقة متميّزة بذاتها عن غيرها : وإن كان الكلّ قد سيق ليدلّ على عين واحدة مسمّاة . ولا خلاف في أنّه لكلّ اسم حكم ليس للآخر ، فذلك ينبغي أن يعتبر كما تعتبر دلالتها على الذّات المسمّاة . )

قال رضي الله عنه :  ( لا بما يعطيه ) ، أي لا لمجرد خصوصية يقتضيها ( مدلول ذلك الاسم ) ، ومفهومه ( الذي ينفصل الاسم به عن غيره ) من الأسماء ( ويتميز فإنه ) ، أي ذلك الاسم ( لا يتميز ) بما تعطيه من الخصوصية ( عن غيره وهو عنده ) ، أي عند الداعي ( دليل الذات ) الإلهية ، أي لا يتميز عن غيره بخصوصية مدلوله خبره قصد دلالته على الذات الإلهية .

قال رضي الله عنه :  ( وإنما يتميز ) ذلك الاسم ( بنفسه ) ، أي بحسب مفهومه الاصطلاحي ( عن غيره لذاته ) من غير اعتبار خصوصية خارجة عنه ( إذ ) المعنى ( المصطلح عليه ) يعني الموضوع اصطلاحا ( بأي لفظ كان ) عربي أو عبري إذا لم يكن من الألفاظ المترادفة ( حقيقة متميزة بذاتها عن غيرها ) ثم إنه ( وإن كان الكل ) ، أي كل واحد من الأسماء ( قد سبق ) ، أي استعمل ( ليدل على عين واحدة مسماة ) ، وهي الذات الإلهية
( فلا خلاف في أنه لكل اسم حكم ) ، ليس للآخر ( فذلك ) الحكم ( أيضا ينبغي أن يعتبر ) بالرفع كذا صح في النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه وهو مبني على حذف أن الناصبة ومحو أثرها ،

أي ينبغي أن يعتبر ذلك الحكم أيضا فيما إذا قصد بذلك الاسم ( كما تعتبر دلالته على الذات ) الإلهية ( المسماة ) فعلى السائل أنه إذا دعا بذلك الاسم أن يلحظ ذلك الحكم ويطلب مطلوبه من الذات ولكن على يد ذلك الاسم من حيث خصوصيته فإذا قال المريض : يا شافي ، فإنه يطلب مقصوده أعني رحمة الشفاء من الذات الإلهية من حيث اسمها الشافي ، فالرحمة المترتبة على هذا الاسم من بين الاسم لا تعم جميع شعب الرحمة المترتبة على سائر الأسماء .

.
واتساب

No comments:

Post a Comment