Saturday, February 15, 2020

22 – شرح نقش فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

22 – شرح نقش فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

22 – شرح نقش فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي
يقول الله تعالى : " أحسن الخالقين " ويقول الله : " أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ" [النحل : 17] فخلق الناس : التقدير ، وهذا الخلق الآخر : الإيجاد .

إنّما خصّت الكلمة الالياسية بالحكمة الايناسية لأنّه عليه السلام قد غلب عليه الروحانية و القوّة الملكوتية حتّى ناسب بها الملائكة و أنس بهم، كما أنس بواسطة جسمانيته بالانس. فقد أنس بالطائفتين و خالط الفريقين.
و كان له من كل منهما رفقاء يأنس بهم. و بلغ من كمال الروحانية مبلغا لا يؤثّر فيه الموت، كالخضر و عيسى عليهما السلام.
قال رضى الله عنه، «إلياس هو إدريس.
كان نبيا قبل نوح عليه السلام. ورفعه الله مكانا عليا، فهو في قلب الأفلاك ساكن وهو فلك الشمس.
ثمّ بعث إلى قرية بعلبكّ ... ثمّ مثّل له انفلاق الجبل المسمّى «لبنان» ... عن فرس من نار، وجميع آلاته من نار. فلمّا رآه، ركب عليه، فسقطت عنه‏ .
كان الحكم بأنّ إلياس عين إدريس مستفاد من الشهود للأمر على ما هو عليه، فانّه رضى الله عنه كان يشاهد جميع أرواح الأنبياء عليهم السلام في مشاهده، كما صرّح به في فص هود عليه السلام من فصوص الحكم و في غيره من الكتب.
و يؤيّد ذلك قراءة ابن مسعود «و إنّ إدريس» في موضع "إلياس" و قراءة بعضهم «إدراسين» في موضع «إلياسين» على أنّهما لغتان في إدريس وإلياس. منه. الشهوة، فكان عقلا بلا شهوة».

(يقول) إلياس عليه السلام مخاطبا لقومه العاكفين على عبادة صنم كانوا يسمّونه «بعلا»، «أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ» جعل عليه السلام صفة الخالقية مشتركة بين الحق سبحانه و بين من سواه.
(و يقول الله تعالى، "أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ")، أثبت الخلق لذاته و نفاه عمّن سواه.
فبين الكلامين بحسب الظاهر تدافع و تناقض.
فأشار رضى الله عنه إلى التوفيق بينهما بقوله، فخلق الناس المفهوم من كلام إلياس عليه السلام هو التقدير- فانّ الخلق في اللغة جاء على ثلاثة معان:
أحدها التقدير يقال، «خلقت النعل»، إذا قدّرته.
و ثانيها الجمع، و منه «الخليقة» لجماعة المخلوقات.
و ثالثها بمعنى القطع يقال، «خلقت هذا على ذاك»، أي قطعته على مقداره.
فمعنى كونه أحسن الخالقين أنّه أحسن المقدّرين.
(و هذا الخلق الاخر) المذكور في قوله تعالى، «أَ فَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ»، هو(الإيجاد) عرفا شرعيا، لأنّ الموجد سبحانه يجمع بين الوجود و الماهية و يقتطع من أشعّة مطلق نور الوجود قدرا معيّنا و يضيفه إلى الحقيقة الكونية بقطع نسبته من إطلاقه.

حال إدريس عليه السلام في الرفع إلى السماء كانت كحال عيسى عليه السلام.
وكان كثير الرياضة، مغلّبا لقواه الروحانية على النفسانية، مبالغا في التنزيه.
وقد تدرّج في الرياضة والسير إلى عالم القدس والتجرّد عن‏ لمّا رأى إلياس عليه السلام تمادى قومه على كفرهم، دعا ربّه أن يقبضه إليه، فيريحه منهم.
فقيل له، «انظر يوم كذا، فاخرج فيه إلى بلد كذا. فما جاءك من شي‏ء، فاركبه ولا تهبه».
فخرج، ومعه اليسع عليه السلام، حتّى إذا كان بالبلد الذي ذكر له في المكان الذي أمر به، أقبل فرس من نار حتّى وقف بين يديه.
فوثب عليه، فانطلق، وكساه الله الريش وألبسه النور وقطع عنه لذّة المطعم و المشرب.
وطار في الملائكة وكان إنسيا ملكيا سمائيا أرضيا.
كذا في تاريخ ابن الجوزي رحمه الله..

منه علائق الحسّ حتّى بقي ستّ عشر سنة لم ينم ولم يأكل ولم يشرب على ما نقل.
فعرج إلى السماء الرابعة، التي هي محلّ القطب.
ثمّ نزل بعد مدّة ببعلبكّ، كما ينزل عيسى عليه السلام على ما أخبرنا نبينا صلّى الله عليه وسلم.

فكان «إلياس» النبي صلّى الله عليه وسلم و«الجبل المسمّى لبنان» حقيقته الجسمانية التي يبلغ فيها الروح الإنساني الإلهي لبانتها وحاجتها من تكميل قواها بها وفيها، و«انفلاقها» صورة الفرقان العقلي بين العالي الشريف والسافل السخيف من قواها وحقائق ذاتها، و«الصورة الفرسية المتمثّلة من نار» نفسه الناطقة،
وهي نور في صورة فرس من نار فالصورة النارية لشدّة الشوق والطلب الإرادي لاحراق القوى الشهوية وإحراق حجبها المانعة عن الانسلاخ والتقديس والطهارة عن الأوساخ والصورة الفرسية لحقيقة همّته المترقّية إلى أعالى ذرى العروج، و«جميع آلاته» صورة تكامل قواه الروحانية للانسلاخ والمفارقة عن الأدناس والأوساخ لأجل السير والسلوك الروحاني الذي كان بصدده.
فلمّا أمر بالركوب عليه، ركبه، فسقطت القوى الشهوية منه عن التعلّق بالملاذّ الجسمانية الطبيعية.
فبقي روحا مجردا عن الشهوات، كالملائكة و الأرواح.
.

واتساب

No comments:

Post a Comment