Saturday, February 15, 2020

21 – شرح نقش فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

21 – شرح نقش فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

21 – شرح نقش فص حكمة مالكية في كلمة زكرياوية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لمّا فاز زكريا برحمة الربوبية ستر نداءه ربه عن أسماع الحاضرين .  فناداه بسره  "نداءً خفياً"  فأنتج من لم تجر العادة بإنتاجه . فإن العقم مانع .
ولذلك )

اعلم أنّ سرّ وصف حكمته بالحكمة المالكية هو من أجل أنّ الغالب على أحواله كان حكم الاسم «المالك»، لأنّ الملك الشدّة، و المليك الشديد، و أنّ الله ذو القوّة المتين، فأيّده الله بقوّة سرت في همّته و توجّهه، فأثمرت الاجابة و حصول المراد.
وقد علمت أنّ الهمّة من الأسباب الباطنة و الأسباب الباطنة أقوى حكما من الأسباب الظاهرة المعتادة و أحقّ نسبة إلى الحق.
ولهذا كان أهل عالم الأمر أتمّ قوّة من أهل عالم الخلق و أعظم تأثيرا.
وأيضا فلنتذكّر قضية «وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ» فانّه لو لا إمداد الحق زكريّا و زوجته بقوّة غيبية ربّانية خارجة عن الأسباب المعتادة، ما صلحت زوجته، و لا تيسّر لها الحمل منه.
ولهذا لمّا بشّره الحق بيحيى، استغرب ذلك و قال، «رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ من الْكِبَرِ عِتِيًّا».
فأجابه الحق تعالى بقوله، «قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ من قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً»، أي و إن كان حصول مثل هذا من جهة الأسباب الظاهرة صعبا، بل متعذّرا، فانّه بالنسبة إلى ذى القدرة التامّة و القوّة و المتانة هيّن.
ثمّ إنّه كما سرت تلك القوّة من الحق في زكريّا و زوجته، تعدّت منهما إلى يحيى. و لذلك قال له الحق سبحانه، "يا يَحْيى‏ خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ". فاعلم ذلك. و الله الهادي.

(لما فاز زكريا عليه السلام برحمة الربوبية) ، بمعنى التربية بالنعمة و المدد و القيام بما فيه صلاحه، و بمعنى الإصلاح أيضا لقوله تعالى، «وَ أَصْلَحْنا لَهُ زَوْجَهُ»، (ستر نداءه ربه) و دعاءه إيّاه سبحانه (عن إسماع الحاضرين فناداه بسره).
ليكون أجمع للهمّة و أبعد عن التفرقة، فيكون أقوى تأثيرا.
فأنتج نداؤه الخفىّ لقوّة تأثيره من لم تجر العادة بانتاجه، و هو يحيى، الذي ولد بين شيخ فإن و عجوز عقيم لم يعهد إنتاجها، فإن العقم مانع من الإنتاج.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (قال : " الريح العقيم " وفرّق بينها وبين اللواقح .  وجعل الله يحيى ببركة دعائه وارث ما عنده .  فأشبه وارث جماعة من آل ابراهيم .)

و لذلك، أيّ لكون العقم مانعا من الإنتاج، قال الله سبحانه، «الرِّيحَ الْعَقِيمَ».
فوصف سبحانه الريح بالعقم لعدم إنتاجها خيرا، و فرق بينها، أي بين الريح العقيم، (و بين «اللواقح»)، فـ «اللواقح» ما أنتجت خيرا من إنشاء سحاب ماطر، و «العقيم» ما كانت بخلافها، فالعقم أينما كان مانع من الإنتاج.

(و جعل الله يحيى ببركة دعائه)، أي دعاء زكريّا عليه السلام حيث قال، «فَهَبْ لِي من لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ من آلِ يَعْقُوبَ»، (وارث ما عنده) من العلم و النبوّة و الدعوة إلى الهداية و الأبعاد من الضلالة و غيرها.
(فأشبه) يحيى عليه السلام مريم في الوراثة، لأنّه لمّا كفل زكريّا عليه السلام مريم و تصدّى لتربيتها، أورث فيها بعض صفاتها الكمالية، فهي ترث ما عنده أو في الحصورية، لأنّها كانت من جملة ما كان عند زكريّا لكفالته إيّاها فلمّا ورث يحيى ما عنده، ورث بعض صفاتها، فأشبهها فيه.
و كذلك جعله وارث جماعة من آل إبراهيم من الأنبياء و الأولياء و العلماء في الأمور المذكورة آنفا.


واتساب

No comments:

Post a Comment