Wednesday, February 12, 2020

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السادسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السادسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السادسة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السادسة عشر :-
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (   فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.  )

قال رضي الله عنه :  (فما من عارف باللّه من حيث التّجلّي الإلهيّ إلّا وهو على النّشأة الآخرة : قد حشر في دنياه ونشر من قبره ؛ فهو يرى ما لا يرون ويشهد ما لا يشهدون ، عناية من اللّه تعالى ببعض عباده في ذلك .  فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسيّة الإدريسيّة الّذي أنشأه اللّه نشأتين ، فكان نبيّا قبل نوح عليه السّلام ، ثمّ رفع ونزل رسولا بعد ذلك ، فجمع اللّه له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته ، وليكن حيوانا مطلقا حتّى يكشف ما تكشفه كلّ دابّة ما عدا الثّقلين ؛ فحينئذ يعلم أنّه قد تحقّق بحيوانيّته .  وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف ، فيرى من يعذّب في قبره ومن ينعّم ، ويرى الميّت حيّا والصّامت متكلّما والقاعد ماشيا . والعلامة الثّانية الخرس بحيث إنّه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقّق بحيوانيّته . وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنّه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقّق بحيوانيّته . ولمّا أقامني اللّه في هذا المقام تحقّقت بحيوانيّتي تحقّقا كلّيا . فكنت أرى وأريد أن أنطق بما أشاهده فلا أستطيع ؛ فكنت لا أفرّق بيني وبين الخرس الّذين لا يتكلّمون . )

(فما من عارف باللّه) تعالى في كل زمان إلى يوم القيامة (من حيث التجلي الإلهي) عليه وانكشاف الأمر الرباني له (إلا وهو) ، أي ذلك العارف قائم (على النشأة) ، أي الخلقة (الأخروية) التي قال تعالى :وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرى [ النجم : 47 ] ،

وذلك لأنه قد مات بالموت الاختياري ، وقبر في ترابه الذي خلق منه وسئل في قبره وتنعم بنعيم القبر وفني جسمه وتفرقت أجزاء تركيبه ونفخ في صوره (وقد حشر) في أرض القيامة كل ذلك وهو (في دنياه) بين الغافلين ولا يشعرون به (ونشر) ، أي خرج (من قبره إلى عالم آخرته (فهو) ، أي ذلك العارف يرى كشفا بحسه وعقله (ما لا يرون) ، أي الناس (ويشهد) ، أي يعاين من عوالم غيب الملكوت والملك (ما لا يشهدون) ، أي الناس وهذا (عناية من اللّه تعالى) ، أي محض فضل ومنة واعتناء (ببعض عباده) تعالى المؤمنين في ذلك الأمر المذكور فمن أراد العثور) ،

أي الاطلاع (على هذه الحكمة) الإلهية (الإلياسية الإدريسية) ، أي المنسوبة إلى إلياس الذي هو إدريس عليه السلام (الذي أنشأه) ، أي خلقه (اللّه تعالى نشأتين) ، أي مرتين (فكان) إدريس عليه السلام (نبيا) فقط (قبل نوح عليه السلام) فهو أحد أجداد نوح عليه السلام واسمه يومئذ إدريس عليه السلام (ثم رفع) إلى السماء الرابعة كما قال تعالى :وَرَفَعْناهُ مَكاناً عَلِيًّا [ مريم : 57 ] .

وقد ذكر المصنف قدس اللّه سره فص حكمته فيما تقدم بعد فص حكمة نوح عليه السلام ونزل ، أي إدريس عليه السلام من السماء (رسولا بعد ذلك) الرفع إلى أهل قرية بعلبك كما مر ذكره وكان اسمه حينئذ إلياس عليه السلام .

وذكر المصنف قدس اللّه سره هذا الفص لبيان حكمته (فجمع اللّه) تعالى (له) ، أي لإدريس عليه السلام (بين المنزلتين) ، أي منزلة النبوّة أوّلا قبل نوح عليه السلام من غير رسالة ، ومنزلة الرسالة أيضا مع النبوّة بعد نوح عليه السلام (فلينزل) ،
أي أداء العثور على ذلك (عن حكم عقله) عليه بالكلية إلى حكم (شهوته) عليه بما تقتضيه في التناول المباح دون المحظور عليه وليكن في ذلك الحال (حيوانا مطلقا) ،
أي في جميع أموره الظاهرة والباطنة (حتى يكشف) من غيب الملكوت (ما تكشفه كل دابة من الحيوانات (ما عدا الثقلين) ، أي الإنس والجن (فحينئذ يعلم) ، أي ذلك الذي يريد العثور والاطلاع إذا فعل كذلك أنه قد تحقق بحيوانيته في نفسه وخرج عن حكم عقله بالكلية (وعلامته) ،
أي علامة من تحقق بحيوانيته (علامتان) العلامة (الواحدة هذا الكشف) المذكور عما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين (فترى من يعذب في قبره ومن ينعم) في قبره ولا يحجبه عن شهود ذلك إدراك عقله ، لأنه قد تجرد عن حكمه ، ولا يحجب العقلاء عن أمور الغيب والملكوت إلا دخولهم تحت أحكام عقولهم في ظواهرهم وبواطنهم .

(ويرى الميت) المقبور وغيره (حيا و) يرى (الصامت) من حجر أو شجر (متكلما) بنطق عربي فصيح ويرى (القاعد) من الناس وغيرهم (ماشيا) قبل إتيان الزمان الذي قدر مشيه فيه (والعلامة الثانية من ذلك الخرس ، أي عدم القدرة على النطق بالكلية مع سلامة آلة النطق (بحيث أنه لو أراد أن (ينطق بما رآه) من تلك الأمور الملكوتية (لم يقدر) على ذلك من غلبة الحيوانية عليه (فحينئذ) ، أي إذا كان بهذه المثابة فإنه (يتحقق بحيوانيته) كما ذكر .

وقال المصنف قدس اللّه سره : (كان لنا تلميذ) ، أي مريد خادم لطريقنا طالب لعلمنا منا (قد حصل له هذا الكشف) المذكور في العلامة الأولى للتحقق بالحيوانية (غير أنه) ، أي ذلك التلميذ (لم يحفظ عليه الخرس) فكان ينطق ببعض ما يرى من ذلك لفوت العلامة الثانية منه (فلم يتحقق بحيوانيته) على الوجه التام (ولما أقامني اللّه) تعالى .

قال المصنف عن نفسه قدس اللّه سره (في هذا المقام ، أي مقام الكشف المذكور (تحققت بحيوانيتي) في (نفسي تحققا كليا) فكنت في تلك الحال أرى ببصري وببصيرتي (وأريد أن أنطق بما أشاهده) من تلك الأمور (فلا أستطيع) لكمال تحققي بالحيوانية (فكنت لا أفرّق بيني وبين) القوم (الخرس) جمع أخرس (الذين لا يتكلمون) لعدم قدرتهم على الكلام .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (   فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.  )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما من عارف باللّه من حيث التجلي الإلهي إلا وهو على النشأة الأخروية قد حشر في دنياه ونشر من قبره ) في باطنه ( فهو يرى ما لا يرون ) أي المحجوبون ( ويشهد ما لا يشهدون عناية من اللّه ببعض عباده في ذلك ) المقام الدنيوي فعجل لهم ما أجل لغيرهم فأنشأ اللّه العارفين نشأتين فجمع العارفون في حال حياتهم نشأتين دنيوية وأخروية.

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فمن أراد العثور ) أي الاطلاع ( على هذه الحكمة الالياسية الإدريسية الذي أنشأه اللّه نشأتين ) فجمع الالياس وهو إدريس نشأتين نشأة دنيوية ونشأة أخروية من حيث التجلي الإلهي كما ذكر في حق العارفين ( فكان نبيا قبل نوح ثم رفع ) إلى السماء ( ونزل رسولا بعد ذلك فجمع اللّه ) فيه ( بين المنزلتين ) النبوة والرسالة ( فلينزل ) جواب من ( عن حكم عقله إلى شهوته وليكن حيوانا مطلقا ) بحيث لا يحكم العقل عليه أصلا فيفوته العقل مطلقا ( حتى يكشف ) ذلك النازل ( ما يكشفه كل دابة ما عدا الثقلين ) من أحوال الموتى من التنعيم والتعذيب ( فحينئذ ) أي فحين يكشف ما يكشف كل دابة ( يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته ) فيه أنزل منزلة إدريس حيث نزل عن سماء غفلة إلى أرض نفسه فهذا النزول لا يكون إلا بعد العروج إلى سماء الروح بالرياضات والمجاهدات كما كان رفع إدريس إلى السماء كذلك

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وعلامته ) أي وشرط التحقق بمقام الحيوانية ( علامتان الواحدة هذا الكشف ) المذكور وهو قوله حتى يكشف ما يكشفه كل دابة فإذا كشف هذا المذكور ( فيرى من يعذب في قبره ومن ينعم ويرى الميت حيا في قبره والصامت متكلما والقاعد ماشيا والعلامة الثانية الخرس بحيث أنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ ) أي فحين تحقق العلامتان .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( يتحقق بحيوانيته وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته ) لعدم وجود العلامتين ( ولما أقامني اللّه تعالى في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا فكنت أرى وأريد أن أنطق بما أشاهده فلا أستطيع فكنت لا أفترق بيني وبين الخرس الذين لا يتكلمون).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (   فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.  )

قال رضي الله عنه : (فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك. فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته. وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا. والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته. وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته. ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون. )

قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.)

فما من عارف بالله من حيث التجلَّي الإلهي إلَّا وهو على النشأة الآخرة قد حشر في دنياه ).
أي جمع ليوم الجمع « ونشر من قبره » أي انطلق عن قيده ولم يتقيد بتعينه ،

قال رضي الله عنه  : ( فهو يرى ما لا يرون ويشهد ما لا يشهدون عناية من الله ببعض عباده في ذلك .
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين ، وكان نبيّا قبل نوح ، ثم رفع ونزل رسولا بعد ذلك ، فجمع الله له بين المنزلين ، فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته ، ويكون حيوانا مطلقا )  يعني من غير تصرّف عقلي  .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( حتى يكشف ما يكشفه كلّ دابّة ما عدا الثقلين ، فحينئذ علم أنّه قد تحقّق بحيوانيته . وعلامته علامتان : الواحدة هذا الكشف ، فيرى من يعذّب في قبره ومن ينعّم ، ويرى الميّت حيا والصامت متكلَّما والقاعد ماشيا .
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنّه لو أراد أن ينطق بما رآه ، لم يقدر ، فحينئذ يتحقّق بحيوانيته .
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف ، غير أنّه لم يحفظ عليه الخرس ، فلم يتحقّق بحيوانيته . ولمّا أقامني الله في هذا المقام تحقّقت بحيوانيتي تحقّقا كلَّيا ، فكنت أرى وأريد النطق بما أشاهده ، فلا أستطيع ، فكنت لا أرى الفرق بيني وبين الخرس الذين لا يتكلَّمون ) .

قال العبد : إنّما ذكر الشيخ  رضي الله عنه  قبيل ذكره سرّ هذا الكشف مسألة ظهور العين الواحدة في صور كثيرة هي في تلك الصور عينها غير مقيّدة ولا منحصرة في شيء منها ، فيصدق على تلك العين الواحدة في صورة من تلك الصور الكثيرة أنّها عينها في صورة أخرى أو صور أخر من وجه ، ويصدق أيضا أنّها من كونها في صورة عينها أنّها عين الأخرى من حيث تغاير الصورتين ، والتعيين باعتبار آخر ،
فيقال في إدريس : إنّه هو إلياس عينه ، أو إلياس المرسل إلى بعلبكّ هو إدريس الذي كان يوحى إليه قبل نوح من حيث التعين ، ويصدق أنّه غيره من حيث الصورة والتعيّن ، فتحقّق ولا تغلط في الحقائق والأعيان بالتباس التعينات عليك .
فلو قلنا : إنّ العين أخلت الصورة الإدريسية وانتقلت إلى الصورة الإلياسية فكانت عامرتها دون الصورة الإدريسية ، لكان عين القول بالتناسخ ، ولكنّ الفرق ما بيّنّا ، فتدبّر وتبصّر ،
فإنّا نقول : إنّ عين إدريس وهويته - مع كونها قائمة في إنّيّة إدريس وصورته في السماء الرابعة

هي الظاهرة في الصورة الإلياسية ، والمتعيّنة في إنّيّة إلياس الباقي إلى الآن ، فيكونان من حيث العين والحقيقة واحدا ، ومن حيث التعيّن الصوري والظهور الشخصي اثنين ، كحقيقة جبرئيل وعزرائيل وميكائيل ، يظهرون في الآن الواحد في مائة ألف مكان بصور شتّى ، كلَّها قائمة موجودة مشهودة بهؤلاء الأرواح الكلَّية الكاملة، فكذلك أرواح الكمّل وأنفسهم ، فافهم.

وكذلك الحق - المتجلَّي في صور تجلَّيات لا تتناهى وتعيّنات أسماء إلهية لا تحصى - واحد في ذاته وعينه المنزّهة في عين كونه كثيرا بالصور والتعيّنات .

ثمّ إنّه رضي الله عنه  أحال التحقّق بهذه الحقيقة على الحقيقة من غير الطريقة على أن يتحقّق السالك بحيوانيته ، وينزل من حكم العقل إلى حيوانيته ، ويعزل عن حكم العقل جانبا ، حتى يبقى حيوانا محضا حقيقة ليعلم سرّ نزول إدريس - بعد أن تحقّق بروحانيته حتى بقي عقلا مجرّدا بلا شهوة - إلى صورة إلياسية مبعوثا إلى أهل بعلبكّ ،
وفائدته في ذلك ، التحقّق بالمنزلتين : منزلة شهود الحق والتحقّق به في الملإ الأعلى ذوقا ، والتحقّق بشهود الحق أيضا في الأسفل والتحقّق به كذلك .
حقّقنا الله وإيّاك بحقائق الجمع بين هذين الكمالين بحوله وفضله وطوله ، إنّه قدير .

ولهذا دعا قومه في صورة إلياسية ، وأخبرهم بأحدية العين في عين كثرة لا تنحصر ،
فقال الله تعالى حكاية عنهم في القرآن أنّه قال لهم : "الله رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ " مع تحقّق كثرة المربوبين في أزمنة متغايرة بالتعين ، ومعلوم أنّ نسبة مربوب إلى ربّ غير النسبة الأخرى إلى مربوب آخر ،
على أنّ النسبة والتعيّن والربوبية والمربوبية في الكلّ من حيث الإطلاق واحدة أيضا ، ولكن ليست هذه النسبة عين تلك النسبة الأخرى ، فاعقل ذلك ولا تغفله ولا تهمله أبدا ،
فإدريس هو إلياس بحقيقته وعينه ، وليست صورته الإدريسية عين صورته الإلياسية ، فالصورتان متميّزتان غيران والعين واحدة ،
والصورة من كونها صورة مطلقة  واحدة أيضا ، فلا غيرية إلَّا في التعيّن والتشخّص لا غير، وهو متعلَّق الحدوث والفناء والزوال وغيرها ، فافهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (   فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.  )

قال رضي الله عنه : ( فما من عارف باللَّه من حيث التجلي الإلهي إلا وهو على النشأة الآخرة قد حشر في دنياه ونشر من قبره ، فهو يرى ما لا يرون ويشهد ما لا يشهدون عناية من الله ببعض عباده في ذلك )
قد حشر أي جمع ليوم الجمع فشاهد أحوال القيامة ونشر من قبره أحيا بالحياة الأخروية عن قبر تقيده ، وانغماسه في غواشيه بالمتجرد عن ملابسته .
"" أضاف بالي زادة :
فعجل لهم ما أجل لغيرهم ، فأنشأ الله العارفين نشأتين في حال حياتهم دنيوية وأخروية . أهـ بالى زادة  . ""

قال رضي الله عنه : (فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله تعالى نشأتين فكان نبيا قبل نوح ، ثم رفع ونزل رسولا بعد ذلك ، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته ويكون حيوانا مطلقا) أي من غير تصرف عقلي

قال رضي الله عنه :  ( حتى يكشف ما يكشفه كل دابة ما عدا الثقلين ، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته ، وعلامته علامتان ، الواحدة هذا الكشف ، فيرى من يعذب في قبره ومن ينعم ، ويرى الميت حيا ، والصامت متكلما ، والقاعد ماشيا . والعلامة الثانية الحرس ، بحيث أنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر ، فحينئذ يتحقق بحيوانيته ، وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف ، غير أنه لم يحفظ عليه الحرس فلم يتحقق بحيوانيته ، ولما أقامني الله تعالى في هذا المقام تحققت بحيوانيتى تحققا كليا ، فكنت أرى وأريد أن أنطق بما أشاهده فلا أستطيع ، فكنت لا أفرق بيني وبين الخرس الذين لا يتكلمون )
لما ذكر قبيل ذكره من كشف النشأتين مثال ظهور العين الواحدة في صور كثيرة هي في تلك الصور عينها غير متقيد ولا منحصر في شيء منها ،

فيصدق على تلك العين الواحدة في صورة من تلك الصور الكثيرة أنها عينها في صورة أخرى أو صور أخر من وجه ، ويصدق أيضا أنها غير الأخرى من حيث تغاير الصورتين والتعين من وجه ،
علم من ذلك ظهور إلياس في النشأتين ، وأن إلياس المرسل إلى بعلبك هو عين إدريس الذي كان يوحى إليه قبل نوح من حيث العين والحقيقة ، ويصدق أنه غيره من حيث الصورة والتعين فلا تلتبس عليك التعينات ،
فلو قلنا : إن العين أخذت الصورة الإدريسية وانتقلت إلى الصورة الإلياسية لكان عين القول بالتناسخ ، ولكنا نقول : إن عين إدريس وهويته مع كونها قائمة في إنية إدريس وصورته في السماء الرابعة هي الظاهرة في الصورة الإلياسية والمتعينة في إنية إلياس ،
فيكونان من حيث العين واحدا ومن حيث التعين الصوري والظهور الشخصي اثنين كحقيقة جبريل وعزرائيل وميكائيل ،

فإنهم يظهرون في الآن الواحد في مائة ألف مكان بصور شتى ، كلها قائمة موجودة هؤلاء الأرواح الكلية الكاملة فكذلك أرواح الكمل وأنفسهم ، وكالحق المتجلى في صور تجليات غير متناهية ، وتعينات أسماء إلهية لا تحصى كثرة مع أحدية ذاته وعينه المتنزهة عن أن تتكثر بالصور والتعينات ،
ثم إنه قدس سره أحال التحقق بهذا المعنى والاطلاع على الحكمة الإلياسية عن أن يتحقق السالك بحيوانيته ويتنزل عن رتبة العقل وحكمه حتى يبقى حيوانا محضا ، ليعلم سر نزول إدريس بعد أن تحقق بروحانيته حتى بقي عقلا مجردا بلا شهوة إلى صورة إلياس مبعوثا إلى أهل بعلبك .

وفائدة التحقق بالمنزلتين منزلة شهود الحق والتحقق به في الملإ الأعلى ذوقا ومنزلة ،
والتحقق بشهود الحق أيضا في العالم الأسفل والتحقق به ليكشف ما تكشفه كل دابة أي يطلع على عذاب القبر والتنعم فيه ، فإنه يطلع على ذلك الحيوانات العجم شهودا دون الثقلين ، والباقي ظاهر
"" أضاف بالي زادة :
( تحقق بحيوانيته ) فيه نزل منزلة إدريس عليه السلام حيث نزل عن سماء عقله إلى أرض نفسه ، فهذا النزول لا يكون إلا بعد العروج إلى سماء الروح بالرياضات والمجاهدات كما كان رفع إدريس إلى السماء كذلك .أهـ بالى زداة ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (   فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.  )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا وهو على النشأة الأخراوية : قد حشر في دنياه ونشر من قبره ، فهو يرى ما لا يرون ، ويشهد ما لا يشهدون ، عناية من الله ببعض عباده في ذلك . )
وإنما قال رضي الله عنه  : ( من حيث التجلي الإلهي ) لأن العارفين لهم مراتب بحسب سيرهم في الملكوت والجبروت والمثال المقيد والمطلق .
وأدناهم صاحب العرفان العلمي المجرد . والحشر والنشر يقع لكل منهم أبدا بحسب مقامهم مع أهل ذلك الموطن الذي حصلوا فيه ، فيشاهدون أنهم حشروا فيه ونشروا من قبور أبدانهم ورفع عنهم الحجب ووضع لهم الميزان والصراط ، وحكم الحق العدل بالفصل والقضاء .
كل ذلك على سبيل الشهود ، فيروا ما لا يراه المحجوبون ويشهدوا ما لا يشهده المنغمسون في الهيئات الجسمانية والصفات الظلمانية ، عناية من الله ببعض عباده حيث عجل له ما أجل لغيره ليتدارك باقي عمره ويحصل ما به حصول الدرجات العالية ، فإن الدنيا مزرعة الآخرة .
 
قال رضي الله عنه :  ( فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله تعالى نشأتين فكان نبيا قبل نوح، عليه السلام، ثم رفع فنزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل من حكم عقله إلى شهوته، ويكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته . ) .

أي ، فمن أراد أن يطلع على حكمة إلياس ، الذي كان إدريسا نبيا قبل نوح ، فرفع إلى السماء ، ثم نزل رسولا ليجمع بين النبوة والرسالة وهو المراد ب‍ ( المنزلتين ) فلينزل عن حكم عقله الذي هو السماء ، إلى محل نفسه وشهوته الذي هو الأرض ، بالنسبة إليها ليناسبه في التنزل .

قال رضي الله عنه :  ( ويكون حيوانا مطلقا ) أي ، كالحيوان الذي لا يزاحمه عقله بالتصرف في الأشياء ، بل منقادا للواردات الرحمانية من المقام الحيوانية حتى يشاهد روحانية ( إلياس ) ومقامه المختص به ، فيطلع على الحكم
الخصيصة به ، وينكشف له ما تكشفه كل دابة سوى الثقلين من الاطلاع على أحوال الموتى بالتنعيم والتعذيب وغيرهما ، وعند هذا الانكشاف يعلم أنه قد تحقق بالمقام الحيوانية .

وينبغي أن ينتقل مرة أخرى إلى المقام العقلي المجرد بالانقطاع من الشهوات الجسمانية واللذات الطبيعية ، كما سقطت شهوة إلياس ، عليه السلام ، ليصير ما أدركه عين اليقين ، ويكون متحققا وذائقا لما عاينه وشاهده .

كما أشار إليه من بعد بقوله رضي الله عنه  : ( إذا تحقق بما ذكرناه ، انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا). (وعلامته) أي ، وعلامة التحقق بهذا المقام على ما أعطانا
(علامتان: الواحدة هذا الكشف) المذكور (فيرى من يعذب في قبره ومن ينعم ، ويرى الميت حيا) بالحياة البرزخية (والصامت متكلما) بالكلمات الروحانية الملكوتية ، (والقاعد ماشيا) بالحركات المعنوية والمثالية . (والعلامة الثانية الخرس) أي، البكم.

قال رضي الله عنه :  (بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه، لم يقدر، فحينئذ يتحقق بحيوانيته.) أي ، بمقام الحيوانية ، لأن الحيوان لم يقدر أن يتكلم حسا بما يراه ، وإن كان متكلما في عالمه المثالي بروحه ومعناه .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (   فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.  )

قال رضي الله عنه :  ( فما من عارف باللّه من حيث التّجلّي الإلهيّ إلّا وهو على النّشأة الآخرة ، قد حشر في دنياه ونشر من قبره ؛ فهو يرى ما لا يرون ويشهد ما لا يشهدون ، عناية من اللّه تعالى ببعض عباده في ذلك ).

( فما من عارف باللّه ) القاطع للالتفات إلى غيره إذا عرف حق معرفته ، وهي الحاصلة ( من حيث التجلي الإلهي ) لا من حيث النظر الفكري الذي لأهل الكلام والفلسفة ( إلا وهو على النشأة الآخرة ) .

ولذلك يقولون : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا ، كأنه ( قد حشر ) إلى مولاه ، وإن كان ( في دنياه ، ونشر عن قبره ) الحاجب له نوع حجاب عن الآخرة ، وإن كان البرزخ أشبه بالآخرة من الدنيا ، ( فهو يرى ما لا يرون ) من الأمور النظرية التي لا يأمن النظر فيها عن الغلط ، ( ويشهد ما لا يشهدون ) مما لا يستقل النظر بإدراكه أصلا ،

وليس ذلك من الكشف حتى يدل على أن من لم يحصل له من كسبه أنه غير مقبول ، بل أنه يكون ( عناية من اللّه ببعض عباده في ذلك ) لئلا يتحير إذا رآه في الآخرة ، فجاء كمن كان مدّ يده في ظلمة ، ففتح اللّه عن نور عظيم يخاف عليه العمى ،
وإذا كان الوقوف مع النظر العقلي موجبا للقصور نزل إدريس عليه السّلام عن السماء بعد ما رفع إليه يلحق فيه بالملائكة عن عقله المجرد ؛ ليعود إلى الحيوانية مرة أخرى ، فبعث إلى طائفة من الإنسان الذين بقيت حيوانيتهم لتناسبهم .

قال رضي الله عنه :  ( فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسيّة الإدريسيّة الّذي أنشأه اللّه نشأتين ، فكان نبيّا قبل نوح عليه السّلام ، ثمّ رفع ونزل رسولا بعد ذلك ، فجمع اللّه له بين المنزلتين ، فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته ، وليكن حيوانا مطلقا حتّى يكشف ما تكشفه كلّ دابّة ما عدا الثّقلين ؛ فحينئذ يعلم أنّه قد تحقّق بحيوانيّته ).
"" أضاف تحقيق :
فبه نزل منزلة إدريس عليه السّلام حيث نزل عن سماء عقله إلى أرض نفسه ؛ فهذا النزول لا يكون إلا بعد العروج إلى سماء الروح بالرياضيات والمجاهدات كما رفع إدريس إلى السماء كذلك أهـ . شرح القاشاني . ""

قال رضي الله عنه :  ( فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية ) ، إذ إلياس هو ( الذي أنشأه اللّه نشأتين ) فأعطاه الحيوانية مرتين من غير نسخ ، بل بتقليب جسمه من الحيوانية إلى الروحانية ، ثم منها إلى الحيوانية مع بقاء صورته المثالية الحيوانية ،
( فكان ) عند الحيوانية الأولى ( نبيّا قبل نوح عليه السّلام ) مسمى بإدريس عليه السّلام ، ( ثم رفع ) يجعل جسمه في حكم الروحانيات ، فكانت حكمته قدوسية ؛ لكون معرفته تنزيهية محضة حتى كان على النصف من المعرفة ، ( ثم نزل ) ثانيا بعود حيوانيته ؛ ليكون ( رسولا بعد ذلك ) المحصل له المعرفة التشبيهية ، ( فجمع اللّه له بين المنزلتين ) الملكية والحيوانية على أكمل الوجوه فيهما ؛ فلذلك جعل له الشيخ - رحمه اللّه - فصين في كتابه .

قال رضي الله عنه :  ( فلينزل عن حكم عقله ) إذا غلب عليه الملكية نسبية ( إلى شهوته ) ؛ ليعود إلى الحيوانية الكاملة ؛ لكونها بعد الملكية بسببه كالفرق بعد الجمع ، ( ويكون حيوانا مطلقا ) وإلا ضعفت حيوانيته ، فلا تزول غلبة الملكية عنه ولا يضره ذلك ، بل يفيده فائدة جليلة ( حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ) تدب على الأرض ( ما عدا الثقلين ) من أحوال الميت وغيره من الأمور الأخروية ، فليست هذه الحيوانية كحيوانية الإنسان والجان إن قلنا : إنه حيوان لخلوها عن هذه الخاصة التي هي مقتضى الحيوانية ، فكأن حيوانيته ليست بحيوانية ، فإذا حصلت هذه الخاصة في العارف ، ( فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته ) .

قال رضي الله عنه :  ( وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف ، فيرى من يعذّب في قبره ومن ينعّم ، ويرى الميّت حيّا والصّامت متكلّما والقاعد ماشيا ، والعلامة الثّانية الخرس بحيث إنّه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقّق بحيوانيّته ، وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنّه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقّق بحيوانيّته ، ولمّا أقامني اللّه في هذا المقام تحقّقت بحيوانيّتي تحقّقا كلّيّا ، فكنت أرى وأريد أن أنطق بما أشاهده فلا أستطيع ؛ فكنت لا أفرّق بيني وبين الخرس الّذين لا يتكلّمون)

ثم أشار إلى خواص هذه الحيوانية ؛ ليعلم أن من استجمعها كان متحققا بها من كل وجه ، وإلا كان متحققا بها من وجه دون وجه ، ومن ليس فيه شيء منهما ، فكأنه ليس بحيوان أصلا ، وإن عد من الحيوانات ، فقال : ( وعلامته علامتان العلامة الواحدة هذا الكشف ) المخصوص بمن تخفت حيوانيته عن الإنسانية والجنية ، وهو كشف الأمور البرزخية ما في البرزخ والقيمة وسائر الملكوتيات .

أما كشف ما في البرزخ ، ( فيرى من تعذب في قبره ومن تنعم ، ويرى الميت حيّا ) معذبا أو منعما ، ( والصامت متكلما ) ناطقا ، كما أشار إليه بقوله عزّ وجل :عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ[ النمل : 16 ] ، وقوله :أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ[ فصلت : 21 ] ،
وقوله :وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ[ الإسراء : 44 ] ،
( والقاعدة ماشيا ) ، كما أشار إليه قوله عزّ وجل :وَتَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ[ النمل : 88 ] .

قال رضي الله عنه :  ( والعلامة الثانية الخرس ) « بمعني: القهر » عن النطق الإنساني ( بحيث لو أراد أن ينطق بما رآه ) في الحس أو في الكشف ( لم يقدر ) على النطق ، ( فحينئذ ) أي : حين إذ يجمع العلامتين ( يتحقق بحيوانيته ) من كل وجه لجمعيته خواصها ،
( وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف ) الذي هو العلامة الأولى ، ( غير أنه ) لم تحصل له العلامة الثانية ، إذ ( لم يحفظ عليه الخرس ، فلم يتحقق بحيوانيته ) من كل وجه ،
بل لا يقال : إنه تحقق بها من وجه أيضا ، إذ هذه العلامة هي الظاهرة ، فإذا فقدها فكأنما فقد الحيوانية من كل وجه ،

قال رضي الله عنه :  ( ولما أقامني اللّه في هذا المقام ) أي : مقام الكشف عن أحوال الميت ، ونطق الصامت ، وحركة القاعد ( تحققت بحيوانيتي ) بظهور العلامة الثانية التي هي أظهر العلامات ، فكان ( تحققا كليّا ) ، وإن لم يتبدل على الصورة الإنسانية ، فليست الإنسانية بتلك الصورة بل بالنطق ، وقد ذهب عني بالكلية ( فكنت أرى ) أشياء مما ذكرنا ومن غيره ، ( وأريد أن أنطق بما أشاهده ) من ذلك الكشف بقصد الإرشاد ( فلا أستطيع ) ، وليس عدم هذه الاستطاعة كعدم استطاعة المريض ، بل كعدم استطاعة الأخرس .

قال رضي الله عنه :  ( فكنت لا أفرق بيني وبين الخرس الذين لا يتكلمون ) بشيء من الكلام لا كالذين يتكلمون بالبعض ويعجزون عن البعض ، وإذا كان لهذه الحيوانية بعد الملكية هذا الكشف .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (   فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.  )

العارف شاهد بعين الآخرة في دنياه
قال رضي الله عنه :  ( فما من عارف باللَّه من حيث التجلَّي الإلهيّ ) - لا من حيث النظر العقلي والعقائد التقليديّة ( إلا وهو على النشأة الآخرة قد حشر في دنياه ) أي أظهر عليه مواطنها الحسابيّة ومواقفها الميزانيّة الخطابيّة ، وأخرج له صورة الجمعيّة الكليّة الكتابيّة ، بما انطوت عليه من خيره وشره ، وتميّز بينهما في ميزان العدل ، فإنّ الحشر إخراج الجماعة عن مقرّهم ( ونشر من قبره ) ، أي بسط صورة تلك الجمعيّة من مقرّ خفائه ومكامن صنوف حجبه الجسمانيّة

والطبيعيّة والعاديّة ، على صحائف الإظهار ومجالي الشعور والإشعار ، برقوم الانبساط والانتشار .
قال رضي الله عنه :  ( فهو يرى ما لا يرون ) حسّا ( ويشهد ما لا يشهدون ) ذوقا وعقلا ، ( عناية من الله ببعض عباده في ذلك ) الكمال الخاصّ ، موطن تعانق الأطراف ، الظاهر به النهايات والغايات ومن ثمّة يرى ظهور كل من المتقابلين في مقابله كالآخرة في الدنيا ، والخفاء في الصورة الظاهرة ، والعروج في صورة النزول كما يشير إليه بقوله :

سلوك من أراد الحكمة الإلياسيّة 
قال رضي الله عنه :  ( فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية ) التي إنما يتحقّق بهما كلّ من استحكمت فيه رقائق الجمعيّة المزاجيّة فيه ، واستعدّ بذلك للعروج في مدارج تنزّلات المزاج  من الاستيداعيّة منه والاستقراريّة  والترقّي إلى المعراج الذاتي والوحدة الحقيقيّة ، ولذلك يتمكَّن من الجمع بين المنزلتين والفوز بخصائص الزمانين في سلسلتين
.
وصاحب هذه الحكمة هو ( التي أنشأه الله نشأتين ) بقوّة الرقيقة الاتحاديّة التي له بين الباطن منه والظاهر .

وفي ظاهر عبارته ما يدلّ على هذا ، حيث أنّث الموصول للحكمة ، وذكَّر الضمير لصاحبها لكمال الاتّحاد بينهما ، فإنّ صاحب هذه الحكمة أنشئ أوّلا في السلسلة الآدميّة التي بها يؤسّس مادّة الأوضاع التشريعيّة الدينيّة ، التي إنّما تمّت قواعد بنيانها بنوح ، كما يكشف عن ذلك تلويحه مع بيّناته
وإليه أشار بقوله : ( وكان نبيّا قبل نوح ) لتحقّقه بالدراية الحكميّة العلميّة ، كما يكشف عنه اسمه التي سمّي به فيها يعني إدريس وقيل : هو المسمّى بهرمس الهرامسة ، واضع قوانين الحكمة وممهّد ترتيبها وتدوينها ، ( ثمّ رفع ) بميامن تلك العلوم وكمال رقيقته الاتحاديّة التي بها ، ( ونزل ) بقوّة تلك الرقيقة الاتحاديّة الامتزاجيّة ( رسولا بعد ذلك ) في السلسلة التي ختم فيها أمر الرسالة ، ولذلك سمّي فيها بـ « إلياس » أي معرّف قلب القرآن ومظهره ( فجمع الله له ) في رفعه ونزوله أولا وآخرا ( بين المنزلتين ) نبوّة ورسالة .

 النزول إلى الحيوانيّة
قال رضي الله عنه :  ( فلينزل ) ذلك المريد الذي أراد العروج على هذا المعراج الذاتي والوحدة الإطلاقيّة ، منحدرا يرتقي ( عن حكم عقله إلى شهوته ويكون حيوانا مطلقا ) ، فإنّ العقل وإن كان موطن العلم والحكم بما هو مقتضى التنزّه والتقدّس ، ولكن لوقوعه في مقابلة الإطلاق الحقيقيّ والعين الواحدة بالوحدة الذاتيّة قد قوي فيه قهرمان التقيّد والتعيّن ، وظهر سلطان التفرقة العالميّة والامتياز الخلقيّ العبديّ ولذلك تراه وقد قيل في قطر من أقطار عالمه : “  أَنَا خَيْرٌ “  ، وفي آخر منها : “  نَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ “  .

ومن ثمّة إذا تنزّل عن حكمه المفرّق إلى الحيوان المطلق الذي هو أصل بنيته ومادّة جمعيّته يظهر له من أمر الجمع الإطلاقيّ ما يتبيّن لديه كليّات الأمور وجزئيّاتها على ما هي عليه ، ( حتّى يكشف ما يكشفه كلّ دابّة ) ممّا هو في غيب العقل ومداركه الفارقة ، من الأمور الظاهرة لدى الحيوانات المطلقة ، المخفّفة عن أعباء أحمال العقل وتكاليفه - يعني ( ما عدا الثقلين - فحينئذ يعلم أنّه قد تحقّق بحيوانيّته ) .

علامة النزول إلى الحيوانيّة
قال رضي الله عنه :  ( وعلامته علامتان : الواحدة هذا الكشف ) الكاشف عن موطن الجمع ، والعين الواحدة الإطلاقيّة ، فلا ينحجب صاحبه بأحد العالمين عن الآخر، ( فيرى من يعذّب في قبره ومن ينعّم ) ، ولا بأحد المتقابلين عمّا يقابله ( فيرى الميت حيّا ، والصامت متكلَّما ، والقاعد ماشيا.
( والعلامة الثانية الخرس ) الذي هو مقتضى الحيوان بإطلاقه ، ( بحيث أنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيّته ) .
(وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف، غير أنّه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقّق بحيوانيّته ولما أقامني الله في هذا المقام تحقّقت بحيوانيّتي تحقّقا كليّا فكنت أرى وأريد النطق بما أشاهده ، فلا أستطيع فكنت لا افرّق بيني وبين الخرس الذين لا يتكلمون ) .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  (   فما من عارف بالله من حيث التجلي الإلهي إلا و هو على النشأة الآخرة: قد حشر في دنياه و نشر في قبره ، فهو يرى ما لا ترون، ويشهد ما لا تشهدون، عناية من الله ببعض عباده في ذلك.
فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية الذي أنشأه الله نشأتين، فكان نبيا قبل نوح ثم رفع و نزل رسولا بعد ذلك، فجمع الله له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته، و يكون حيوانا مطلقا حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين، فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته.
وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف، فيرى من يعذب في قبره و من ينعم، ويرى الميت حيا والصامت متكلما والقاعد ماشيا.
والعلامة الثانية الخرس بحيث إنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته.
وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته.
ولما أقامني الله في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا، فكنت أرى وأريد النطق
بما أشاهده فلا أستطيع، فكنت لا أفرق بيني و بين الخرس الذين لا يتكلمون.  )قال رضي الله عنه :  ( فما من عارف باللّه من حيث التّجلّي الإلهيّ إلّا وهو على النّشأة الآخرة : قد حشر في دنياه ونشر من قبره ؛ فهو يرى ما لا يرون ويشهد ما لا يشهدون ، عناية من اللّه تعالى ببعض عباده في ذلك .)

قال رضي الله عنه :  ( فما من عارف باللّه من حيث التجلي الإلهي ) ، لا من حيث نظره العقلي ( إلا وهو على النشأة الآخرة فقد حشر في دنياه ونشر من قبره ) ، أي بدنه ( فهو يرى ما لا يرون ويشهد ما لا يشهدون عناية من اللّه ببعض عباده في ذلك) .

قال رضي الله عنه :  ( فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسيّة الإدريسيّة الّذي أنشأه اللّه نشأتين ، فكان نبيّا قبل نوح عليه السّلام ، ثمّ رفع ونزل رسولا بعد ذلك ، فجمع اللّه له بين المنزلتين فلينزل عن حكم عقله إلى شهوته ، وليكن حيوانا مطلقا حتّى يكشف ما تكشفه كلّ دابّة ما عدا الثّقلين ؛ فحينئذ يعلم أنّه قد تحقّق بحيوانيّته . وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف ، فيرى من يعذّب في قبره ومن ينعّم ، ويرى الميّت حيّا والصّامت متكلّما والقاعد ماشيا . والعلامة الثّانية الخرس بحيث إنّه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقّق بحيوانيّته . وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنّه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقّق بحيوانيّته . ولمّا أقامني اللّه في هذا المقام تحقّقت بحيوانيّتي تحقّقا كلّيا . فكنت أرى وأريد أن أنطق بما أشاهده فلا أستطيع ؛ فكنت لا أفرّق بيني وبين الخرس الّذين لا يتكلّمون) .

قال رضي الله عنه :  (فمن أراد العثور على هذه الحكمة الإلياسية الإدريسية ) المنسوبة إلى (الذي أنشأه اللّه نشأتين) : نشأة النبوة والرسالة ( فكان نبيا قبل نوح ) عليه السلام ( ثم رفع ونزل رسولا بعد ذلك فجمع اللّه له بين المنزلتين فلينزل ) ، أي من أراد العلو على هذه الحكمة ( عن حكم عقله ) الذي له حكم السماء ( إلى شهوته ) ، التي لها حكم الأرض ( وليكن حيوانا مطلقا ) ، لا يزاحمه العقل بالتصرف في الأشياء منقادا للواردات الرحمانية من مقام الحيوانية ( حتى يكشف ما تكشفه كل دابة ما عدا الثقلين فحينئذ يعلم أنه قد تحقق بحيوانيته . وعلامته علامتان الواحدة هذا الكشف ، فيرى من يعذب في قبره ومن ينعم ، ويرى الميت حيا ) بالحياة البرزخية

( والصامت متكلما ) ، بالكلمات الروحانية الملكوتية ، ( والقاعد ماشيا ) بالحركات المعنوية والمثالية
( والعلامة الثانية الخرس ) ، أي البكم ( بحيث أنه لو أراد أن ينطق بما رآه لم يقدر فحينئذ يتحقق بحيوانيته . وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس فلم يتحقق بحيوانيته . ولما أقامني اللّه في هذا المقام تحققت بحيوانيتي تحققا كليا ، فكنت أرى وأريد النطق بما أشاهده فلم أستطع ، فكنت لا أفرق بيني وبين الخرس الذين لا يتكلمون .)
من مقام الحيوانية.
 .
الفقرة السادسة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
واتساب

No comments:

Post a Comment