Wednesday, February 12, 2020

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الرابعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الرابعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الرابعة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السّلطان الأعظم في هذه النشأة الصّوريّة الإنسانيّة ، وبه جاءت الشّرائع المنزلة فشبّهت ونزّهت ، شبّهت في التّنزيه بالوهم ، ونزّهت في التّشبيه بالعقل . فارتبط الكلّ بالكلّ ، فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه . قال اللّه تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌفنزّه وشبّه ،وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11 ] فشبّه . وهي أعظم آية نزلت في التّنزيه ومع ذلك لم تخل عن التّشبيه بالكاف . فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلّا بما ذكرناه . ثمّ قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ( 180 ) [ الصافات : 180 ].  وما يصفونه إلّا بما تعطيه عقولهم . فنزّه نفسه عن تنزيههم إذ حدّدوه بذلك التّنزيه ، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا . )

(فالوهم هو السلطان الأعظم ) المستولي القاهر في هذه النشأة ، أي الخلقة

(الصورية الكاملة الإنسانية وبه) ، أي بالوهم والحكم به في الاعتقاد (جاءت الشرائع المنزلة) من اللّه تعالى (فشبهت) ، أي الشرائع الحق تعالى ونزهت أيضا الحق تعالى ليعرف سبحانه ظاهرا وباطنا وأوّلا وآخرا (فشبهت) الحق سبحانه في حال التنزيه له لحكمها (بالوهم) في الصور (ونزهت) أيضا الحق تعالى في حال التشبيه له لحكمها (بالعقل) في العجز عنه (فارتبط الكل) ، أي جميع صور التشبيه المحسوسة والمعقولة والموهومة (بالكل) ، أي جميع مراتب التنزيه .

(فلا يمكن أن يخلو تنزيه) للحق تعالى (عن تشبيه) أصلا ، فإن المنزه للحق تعالى لا بد أن يتصوّر الحق تعالى في خياله وقت الحكم عليه بالتنزيه عن كل ما لا يليق به من كل ما سواه ، فإن الحكم فرع التصوّر لأنه لا يمكن الحكم على شيء بأمر من الأمور إلا بعد تصوّره في الذهن ، وإلا لم يكن حكم أصلا ، وهو بديهي عند العقلاء فقد لزم من التنزيه التشبيه في كل ما وجد تنزيه ولا يمكن أن يخلو أيضا تشبيه للحق تعالى بشيء من الصور (عن تنزيه) أصلا فإن من شبهه سبحانه بصورة حسية أو عقلية حكم بأنه لا يشبه كل ما عداها من الصور وهو التنزيه للحق تعالى .

قال اللّه تعالى :"لَيْسَ كَمِثْلِهِ" سبحانه "شَيْءٌ"[ الشورى : 11 ] بإثبات المثل له فنزّه مثله تعالى عن مشابهة كل شيء بكاف التشبيه المنفية بليس فلزم من ذلك تنزيه نفسه بالأولى وشبّه نفسه تعالى بإثبات المثل له ("وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ")، أي لا سميع ولا بصير غيره تعالى ، فإن تعريف الطرفين يفيد الحصر كقوله تعالى :هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ[ غافر : 65 ] .
فشبه سبحانه نفسه بإثبات صورة كل سميع بصير أنه صورته كما ورد في الحديث : « كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به » .

( وهي) ، أي هذه الآية (أعظم آية) في القرآن (نزلت في التنزيه) الإلهي (ومع ذلك) ، أي كونها نزلت في التنزيه لم تخل عن تشبيه للّه تعالى (بالكاف) أي بسببها لأنه يلزم منها ثبوت المثل له تعالى وهو تشبيه ، فلو لم تكن الكاف لانتفى المثل بالكلية والأصل عدم الزيادة في الكاف وفي المثل ، فالتقرير على أصلية كل واحد منهما وهو الأليق ببلاغة القرآن العظيم .

(وهو) ، أي اللّه تعالى الذي أنزل هذه الآية أعلم العلماء بنفسه سبحانه ومع ذلك ما عبر تعالى (عن نفسه إلا بما ذكرناه) من الآية المذكورة (ثم قال اللّه) تعالى أيضا عن نفسه (سبحان ربك) والخطاب لمحمد صلى اللّه عليه وسلم ،

أي سبح ربك ونزهه وقدسه (رب العزة) ، أي الرفعة عن إدراك العقول والحواس (عما يصفون) ، أي الواصفون له تعالى مع كثرة اختلافهم في أوصافه تعالى وما ينبغي أن يكون عليه تعالى (وما يصفونه) ، أي الواصفون المنزه عن وصفهم إلا بما تعطيه لهم (عقولهم) مما ينبغي أن يكون عليه عندهم لنبذهم الوقوف مع الشرع وما جاء به من الأوصاف .

(فنزه) سبحانه نفسه بكلمة سبحان التي هي علم على التسبيح (عن تنزيههم) ، أي تنزيه الواصفين له تعالى إذ ، أي لأنهم (حدوه) ، أي جعلوا له تعالى حدا (بذلك التنزيه) الذي أتوا به في حقه تعالى عندهم فإنهم حكموا عليه بعدم مشابهته لشيء مطلقا وكل محكوم عليه قد تصوّره الحاكم عليه في نفسه بصورة غفل عنها في وقت الحكم عليه لاشتغاله بمضمون الحكم من نفي مشابهة كل شيء له تعالى والتصور بالصورة هو التحديد بالحد (وذلك) إنما كان (لقصور العقول كلها عن إدراك مثل هذا) التعريف الإلهي الوارد عنه تعالى من التنزيه في التشبيه والتشبيه في التنزيه .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

فقال رضي الله عنه : ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الانسانية وبه ) أي وبهذا المعنى وهو التشبيه ( جاءت الشرائع المنزلة ) والتنزيه أعاد تنزيل الشرائع ليورد بعض الأحكام عليها .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فشبهت ونزهت شبهت في التنزيه ) أي في تنزيه العقل ( بالوهم ونزهت في التشبيه ) أي في تشبيه الوهم ( بالعقل فارتبط الكل بالكل ) أي ارتبط كل واحد منهما بالآخر ( فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه ) ولما فرغ عن بيان التنزيه والتشبيه شرع في إيراد الآيات الجامعة بين التنزيه والتشبيه

فقال رضي الله عنه : ( قال تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ( فنزه ) بحكم العقل ( فشبه ) بحكم الوهم فالتنزيه ناظر إلى جهة النفي وهو على تقدير زيادة الكاف والتشبيه ناظر إلى جهة الإثبات لأنه لما نفى المماثلة عن مثله فقد أثبت المثل لنفسه وهو التشبيه .
والمراد بالمثل هو الإنسان المخلوق على صورته والمراد بالمماثلة هو الاتصاف بصفات الحق كالحياة والعلم والقدرة وغير ذلك ما عدا الوجوب الذاتي

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُفشبه ) ولم يقل ونزه وإن كان فيه التنزيه أيضا لعدم استفادة التنزيه من نفس الكلام بل إنما يستفاد التنزيه من تقديم الضمير بخلاف الأول فإن التنزيه والتشبيه مستفاد من نفس الكلام ( وهي ) أي هذه الآية ( أعظم آية تنزيه نزلت ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف فهو ) أي الحق ( اعلم العلماء بنفسه وما عبر عن التعبير عن نفسه إلا بما ذكرناه ) من التنزيه والتشبيه بحكم العقل والوهم ( ثم قال سبحان ربك رب العزة عما يصفون ، وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حددوه بذلك التنزيه ) والتحديد بالتنزيه تشبيه وهم لا يشعرون بذلك .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وذلك ) التحديد الذي يلزمهم من تنزيههم ( لقصور العقول عن إدراك مثل هذا ) أي عن إدراك أن التنزيه عين التحديد بخلاف الوهم فإنه يدرك ذلك لذلك حكم على العقل بالتشبيه فيما نزهه فلما نزه وشبه ثم نزه نفسه عن التنزيه وأبقى التشبيه على حاله كان الاعتماد في إدراك الأمر على ما كان عليه في نفسه على الوهم دون العقل فإن الأمر في نفسه لا يخلو عن صورة ما بالشرع والكشف ، والعقل يجرده عنها دائما والوهم يشبهها له دائما.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.  فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه. وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف. فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه. ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم. فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق وما ذكره بعد ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه النشأة الإنسانية الكاملة ، وبه جاءت الشرائع المنزلة ، فشبّهت ونزّهت ، شبّهت في التنزيه بالوهم ، ونزّهت في التشبيه بالعقل ، فارتبط الكلّ بالكلّ ، فلم يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ، ولا تشبيه عن تنزيه، قال تعالى : "لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ" فنزّه وشبّه ) .

يعني  رضي الله عنه  : نزّه في عين التشبيه ، لأنّه نزّه في مماثلة المثل ما لا يماثله في هذه المثلية وهو عين التشبّه ، لأنّه إثبات المثل ونفي مماثلته ، فنزّه أن يكون شيء من الأشياء مثلا لهذا المثل المنزّه ، فينتفي عن الحق المماثلة بالأحرى والأحقّ ، وذلك على أنّ الكاف غير زائدة ، فهو - كما ذكرنا - تنزيه في تشبيه أو تشبيه في تنزيه ، وكلاهما سائغ فيه ، فتأمّل .

 ( "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ" فشبّه)  أي شبّه في عين التنزيه ، لأنّه أثبت السمع والبصر اللذين هما ثابتان عرفا للعبد ، ولكنّه خصّص الإضافة إليه - سبحانه - فإنّه حملهما على هويته تعالى المنزّهة المقدّسة عن أن يكون معه غيره ، فهو السميع لا سميع غيره معه ، وهو البصير لا بصير سواه دونه كذلك ،
ولذلك يسوغ أيضا كالأوّل في " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ " أن يكون تنزيها في عين التشبيه من حيث تخصيص السميعية والبصيرية اللتين اشترك فيهما ، عرفا وعقلا وشرعا لا كشفا كلّ حيوان ذو بصر وسمع بالحق دونه إن فرضت غيرا ، فانظر تداخل الحقائق بعضها في البعض من حيث النظرة الكشفي والتحقيق الشهودي الكمالي .

قال رضي الله عنه  : ( وهي أعظم آية نزلت في التنزيه ، ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف ، فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلَّا بما ذكرناه ، ثم قال :   ( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ )  وما يصفونه إلَّا بما تعطيه عقولهم ، فنزّه نفسه عن تنزيههم ، إذ حدّدوه بذلك التنزيه ، وذلك لقصور العقل عن إدراك مثل هذا ) .

يعني رضي الله عنه  قصور العقل المقيّد بالقوّة البشرية النظرية بالفكر ، لا العقول المنوّرة القابلة نور التجلَّي والوهب الإلهيّين على الكشف والشهود .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قال رضي الله عنه :  (فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه النشأة الصورية الكاملة الإنسانية . وبه جاءت الشرائع المنزلة فشبهت ونزهت شهت في التنزيه بالوهم ونزهت في التشبيه بالعقل فارتبط الكل بالكل ، فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه ، قال الله تعالى : " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ "  فنزه وشبه ).

أي نزه في عين التشبيه حيث نفى عن كل شيء مماثلة في مثليته وهو عين التشبيه. لأنه إثبات المثل .
ولما نفى عن كل شيء مماثلة المثل نزه الحق أن يكون مثلا له لأنه شيء من الأشياء فلا يماثل ذلك المثل ، وإذا لم يكن مثل مثله فبالأحرى أن يكون ذلك المثل ليس مثلا له وذلك في غاية التنزيه ، فهو تشبيه في تنزيه وتنزيه في تشبيه (" وهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " فشبه )
أي في عين التنزيه لأنه أثبت له السمعية والبصرية اللتين هما صفتان ثابتتان للعبد وهو محض التشبيه ، لكنه خصصهما بالصيغة التركيبية المفيدة للحصر حيث حمل الصفتين المعرفتين بلام الجنس على ضميره ، فأفاد أنه هو السميع وحده لا سميع غيره ، وهو البصير وحده لا بصير غيره وهو عين التنزيه ، فتأمل

قال رضي الله عنه(وهي أعظم آية نزلت في التنزيه ، ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف ، فهو أعلم  العلماء بنفسه ، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه ، ثم قال :" سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ " وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم ، فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حددوه بذلك التنزيه ، وذلك لقصور العقل عن إدراك مثل هذا)

يعنى العقول البشرية المفيدة بالنظر الفكري، لا العقول المنورة بنور التجلي والكشف الشهودي .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية ، وبه جاءت الشرائع المنزلة فشبهت ونزهت ، شبهت ) أي ، الشرائع .
( في التنزيه ) أي مقام التنزيه ( بالوهم ) أي ، بلسان الوهم . إذ الوهم لا يعطى إلا إدراك المعاني الجزئية في الصور الحسية ، فهو يتصور موجودا ما في الخارج ، مشخصا مفارقا عن
غيره ، منزها عن كونه جسما أو جسمانيا أو زمانيا أو مكانيا . وذلك عين التشبيه .

قال رضي الله عنه :  ( ونزهت في التشبيه بالعقل ) أي ، نزهت الشرائع في مقام التشبيه بلسان العقل ، إذ العقل يجرد المعاني الكلية عن الغواشي الحسية التي يثبتها الوهم . ( فارتبط الكل بالكل . ) أي ، التشبيه والتنزيه .
قال رضي الله عنه :  ( فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ، ولا تشبيه عن تنزيه . ) وذلك لأن كلما نزهته عنه من النقائص ، فهو ثابت له عند ظهوره في المراتب الكونية وهو التشبيه .
وكلما شبهته وأثبت له من الكمالات ، فهو منفى عنه في مرتبة أحديته وهو التنزيه .

قال رضي الله عنه :  ( قال الله تعالى : "ليس كمثله شئ " فنزه وشبه . ) أما تنزيهه فظاهر ، لأنه نفى المماثلة على تقدير زيادة ( الكاف ) . وعلى عدم زيادته أيضا يلزم المطلوب ، لأن نفى المماثلة عن المثل ، يوجب نفى المماثلة عن نفسه بطريق الأولى .
وأما تشبيهه ، فإنه أثبت له مثلا ونفى عنه المماثلة . وإثبات المثل تشبيه .
وليس ذلك المثل إلا الإنسان المخلوق على صورته ، المتصف بكمالاته إلا الوجوب الذاتي الفارق بينهما . كما مر في ( الفص الآدمي ) .

قال الشيخ ، رضي الله عنه ، في كتاب الأسرار والصلاة : على أول مبدع كان ولا موجود ظهر هنالك ولا نجم فسماه مثلا . وقد أوجده فردا لا ينقسم في قوله : "ليس كمثله شئ " . وهو العالم الفرد العلم .

قال رضي الله عنه :  ( "وهو السميع البصير " فشبه . ) لأنه أثبت له ما هو ثابت لغيره . ونزه أيضا في هذا القول ، لأن تقديم الضمير يوجب حصر السمع والبصر فيه ، فنزه عن المشاركة مع الغير فيهما.

قال رضي الله عنه :  (وهي أعظم آية تنزيه نزلت ، ومع ذلك لم تخل عن تشبيه ، ب‍ ( الكاف ) . فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه . ثم ، قال : " سبحان ربك رب العزة عما يصفون " . ) أي ، عما يصفونه بحسب مبالغ عقولهم .
قال رضي الله عنه :  ( وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم . فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حددوه بذلك التنزيه.) لأن التميز عن كل شئ محدود بتمايزه عنها .
( وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا.) أي ، وذلك التحديد يحصل من قصور العقول عن إدراك الحقائق الإلهية وشؤونها على ما هي عليها . وما استفادت العقول المنورة هذه المعاني أيضا إلا بإعلام الله والاطلاع على أسرار آياته ، لا بأنفسهم .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السّلطان الأعظم في هذه النشأة الصّوريّة الإنسانيّة ، وبه جاءت الشّرائع المنزلة فشبّهت ونزّهت ، شبّهت في التّنزيه بالوهم ، ونزّهت في التّشبيه بالعقل ، فارتبط الكلّ بالكلّ ، فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه ) .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه ) الصورة الكاملة المتعقلة للمجردات ( الإنسانية ) بخلاف الملائكة ، ومن صار في حكمهم كإلياس عليه السّلام ، ولا ينافي حكم الوهم فيه كماله ، إذ ( به جاءت الشرائع المنزلة ) التي لا يتم إدراك العقل بدونها ، كما لا يتم إدراك الحواس بدون الشمس ، وإن كانت الشمس إنما تدركها الحواس ،
( فشبهت ) بحكم الوهم ، ( ونزهت ) بحكم العقل لصحة إدراكهما ، فجمعتهما في موضع واحد ، إذ ( شبهت ) في مقام ( التنزيه بالوهم ) ؛ فإنه يتبادر إليه عند ظهوره في المظاهر بصورها أن له هذه الصور في ذاته مع تنزهه في ذاته عنها ، ( ونزهت ) في مقام ( التشبيه بالعقل ) ،
فإنه يقول : أنه وإن ظهرت له هذه الصورة في المظاهر ، فهو على تنزه الرائي ؛ لأن ما بالذات لا يزول بالغير ، ( فارتبط الكل ) من التنزيه والتشبيه ( بالكل ) من غير تناقض ، بل على سبيل الوجوب ، ( فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ، ولا تشبيه عن تنزيه ) ؛ لاختلاط حكم العقل والوهم من غير مفارقة أحد الحكمين للآخر .

قال رضي الله عنه :  (قال اللّه تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، فنزّه وشبّه ،وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11 ] فشبّه ، وهي أعظم آية نزلت في التّنزيه ، ومع ذلك لم تخل عن التّشبيه بالكاف ؛ فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلّا بما ذكرناه ، ثمّ قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ[ الصافات : 180 ] ، وما يصفونه إلّا بما تعطيه عقولهم ، فنزّه نفسه عن تنزيههم إذ حدّدوه بذلك التّنزيه ، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا ) .
والدليل على الجمع بينهما في الشرائع ما ( قال اللّه تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [ الشورى : 11 ] ، فنزه ) بنفي مثل المثل أولا ، ولزمه نفي المثل ثانيا ، وإلا كان نفسه مثلا لمثله ، ولكنه نسبه أولا ، إذ لم ينفه المثل من أول الأمر ،( وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ،فشبه ) تصريحا بما فهم أولا من التشبيه في ضمن التنزيه ، فعلم أن هذا التشبيه أيضا في ضمن التنزيه ، كما أن ذلك التنزيه في ضمن التشبيه ، ( وهي أعظم آية نزلت في التنزيه ).
"" أضاف المحقق :
التنزيه : هو تعالى الحق عما لا يليق بجلال قدسه الأقدس ، والتنزيه على ثلاثة أقسام : تنزيه الشرع ؛ هو المفهوم في العموم من تعاليه تعالى عن المشارك في الألوهية ،
وتنزيه العقل : هو المفهوم في الخصوص من تعاليه تعالى عن أن يوصف بالإمكان ،
وتنزيه الكشف : هو المشاهد لحضرة إطلاق الذات المثبت للجمعية للحق ؛ فإن من شاهد إطلاق الذات صار التنزيه في نظره ، إنما هو إثبات جمعيته تعالى لكل شيء ، وإنه لا يصح التنزيه حقيقة لمن لم يشاهده تعالى كذلك .أهـ لطائف الإعلام ""  

قال رضي الله عنه :  (ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف ) المشعرة به من وجه ، إذ تقدير زيادتها خلاف الأصل بل لا يجوز أن يقال في القرآن بالزيادة الخالية عن الفائدة ، وإذا لم تخل أعظم الآيات الواردة في التنزيه عن التشبيه ، فما ظنك بآيات التشبيه ، وبما دون هذه الآية من آيات التنزيه والإخبار ، ولولا أن في الجمع بين التنزيه والتشبيه كمال المعرفة لم يرد ذلك في كلام اللّه تعالى ،
إذ ( هو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبر عن نفسه ) على لسانه ، ولسان رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم مع كمال قدرته على العبارات الصريحة في جميع الأمور ( إلا بما ذكرناه ) من التشبيه أو التنزيه معه ، فإن صح أنه ذكر محض التنزيه ،
فلا شكّ أنه ( ثم قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) المانعة لوصول العقول والأوهام إليه( عَمَّا يَصِفُونَ[ الصافات : 180 ] ) ؛ فدخل فيه أرباب العقول والأوهام جميعا ، ولا شكّ أنه لا عبرة بالوهم ما لم يصدقه العقل ، فالآية لتنزيه الحق نفسه عن تنزيهات العقلاء .

كما قال رضي الله عنه : ( وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم ) التي تمنع عزته وصولها إليه ، ( فنزه نفسه عن تنزيههم ) وإن صح به إيمانهم ، إذ القائل بالتشبيه المحض كافر ( إذ حددوه بذلك التنزيه ) حتى منعوا ظهوره في المظاهر ، ومنعوا وصفه بالصفات التي توجد في خلقه ما يناسبها نوع مناسبة ؛ ( وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا ) الأمر الجامع بين التنزيه والتشبيه ؛ لأنه من جملة المدركات المختصة بنوع خاص ، فالعقل وإن كان أعلاها ، فهو قاصر على إدراك المجردات ، فلا يدرك الحق إلا من جهة تجرده ، وهي جهة التنزيه والوهم يدركه من جهة التشبيه .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانيّة ) .

ويمكن أن يجعل هذا إشارة إلى تأويل ما رمز فيه من القصّة المصدّر بها ، فإنّ قرية جمعيّة هذه النشأة التي فيها صنم الصورة الكاملة الإنسانيّة - الملوّح إليه في كلامه ظاهرا سلطانها - إنما هو الوهم وذلك الصنم قد اختصّ به على ما بيّن في طيّ عبارته هذه .

الآيات الناظرة بحكم الوهم
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وبه جاءت الشرايع المنزلة ) أي بحكم الوهم ومقتضاه أنزلت الآيات الكاشفة عن التشبيه ، كقوله تعالى : “  وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى “  [ 8 / 17 ] وقوله : “  لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ “  [ 42 / 11 ] - وغيره من الآيات .
( فشبّهت ونزّهت : شبّهت في التنزيه بالوهم ) ، إذ من شأن الوهم أن يعيّن المعاني الكلَّيّة المنزّهة عن الموادّ المشخّصة ويشخّصها ،
ثمّ يجري عليها أحكام الجزئيّات والأشخاص كما أنّ من شأن العقل أن ينتزع من الأشخاص الماديّة موادّهم المشخّصة ، وحذف عنهم موجبات التشخّص بإجراء أحكام الكليّات المنزّهة عن الموادّ عليها ولذلك قال : ( ونزّهت في التشبيه بالعقل ) .

الكلي والجزئي
ثمّ إذ قد كان الأمر في الوجود بين كلَّين :
كلّ منزّه عن الموادّ المشخّصة التي يلبسه إيّاها الوهم ، وبها يدركه ، وهو المسمّى بالكلي في عرف النظر .
وكلّ متلبّس بالموادّ المشخّصة ينتزعها عنه العقل ، وبها يتعقّله ، وهو الذي يسمّى بالجزئي عندهم .
وذلك لما تقرّر في المقدّمة أنّ الإطلاق له صورتان : مؤدّى إحداهما التنزيه ، ومؤدّى الأخرى التشبيه وإذ كان ظاهر الإطلاق هو الكليّة الإحاطيّة ، فهي صورته .
ولذلك قال : ( فارتبط الكلّ بالكلّ ) ارتباط الكلَّي بجزئيه - وهو الكلّ - والكلّ بجزئه وهو الكلَّي ويلازم أحدهما الآخر ، تلازم حكم العقل حكم الوهم ( فلم يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ، ولا تشبيه عن تنزيه ) .

التنزيه في عين التشبيه في القرآن الكريم
أما الأول فكما ( قال تعالى : "لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ " فإنّه ظاهر في التنزيه ، حيث نفى عن كلّ شيء أن يماثل مثله ، فضلا عن أن يكون مثله .
ولذلك قال : ( فنزّه ) .
وإذ قد توجّه النفي إلى مثل المثل - الذي هو مدلول كاف التشبيه - يكون المثل مثبتا في أصل دلالة الآية ، وقوله : ( فشبّه ) إشارة إليه .
فعلم أن التنزيه والآيات الدالَّة عليه لا يخلو عن تشبيه ، وكذلك التشبيه والآيات الدالَّة عليه لا يخلو عن التنزيه ، كما في قوله تعالى : ( "وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ "  ) ، فإنّ ظاهره أن صاحب السمع والبصر هو الحقّ ، وهو محض التشبيه ولذلك قال : ( فشبّه ) بحسب الدلالة التي له في أصل معناه اللغوي .
ونزّه أيضا بحسب الدلالة التي له أيضا ، وذلك بحسب خاصيّة التركيب لدى التخاطب ، وهو ما يفيد الحصر من وضع صورة تركيبه - على ما بيّن في صنعة الأدب - وما قال : « فنزّه » اكتفاء بما مهّد أنّ كل تشبيه لا يخلو عن تنزيه ، وتنبيها أيضا على أنّ دلالته على التنزيه ليست غير دلالته على محض التشبيه ، فإنّ تنزيهه يحصر السمع والبصر فيه ، وهو عين التشبيه الكاشف عن محض التنزيه .
ولذلك قال رضي الله عنه  : (وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم يخل عن تشبيه بالكاف) ، فإنّ أصل معنى الكاف - لغة - هو التشبيه .
هذا ما انزل لبيان تعريف الحقّ نفسه ، من القرآن الذي هو كلام الله المنزل على عبده ، يعني الخاتم ، ( فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلَّا بما ذكرناه ) . قصور المنزّهين من أهل النظر عن التنزيه الحقيقي  ثمّ إنّه بعد ما أظهر معنى التنزيه الحقيقي وبيّن حقيقته ، نبّه على قصور التنزيه الرسمي الذي هو مدرك العقول الخالية عن آثار الجمعيّة القلبيّة الإنسانيّة ،

وإليه أشار بقوله : ( ثمّ قال : “  سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ “)  [ 37 / 180 ] ، والعامّة من ذوي العقول النظريّة ، وأهل الكثرة الإمكانيّة ، على ما هو مدلول ضمير الجمع في “  يَصِفُونَ “  والمفهوم منه ذوقا ولغة ، ( وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم فنزّه نفسه عن تنزيههم ) ، وهو التنزيه الذي يقابل التشبيه ، وهو المقيّد المحدّد ( إذ حدّدوه بذلك التنزيه ، وذلك لقصور العقل عن إدراك مثل هذا ) ، لغلبة التجرّد على نشأته القدسيّة العلية ، على ما عليه الملأ الأعلى . ما جاء في الشرائع مما تحكم به الأوهام

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية، و به جاءت الشرائع المنزلة فشبهت و نزهت، شبهت في التنزيه بالوهم، و نزهت في التشبيه بالعقل.
فارتبط الكل بالكل، فلم يتمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه: قال تعالى «ليس كمثله شيء» فنزه و شبه، «وهو السميع البصير» فشبه.
وهي أعظم آية تنزيه نزلت، ومع ذلك لم تخل عن التشبيه بالكاف.
فهو أعلم العلماء بنفسه، وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه.
ثم قال «سبحان ربك رب العزة عما يصفون» وما يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم.
فنزه نفسه عن تنزيههم إذ حدوده بذلك التنزيه، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا. )

قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السّلطان الأعظم في هذه النشأة الصّوريّة الإنسانيّة ، وبه جاءت الشّرائع المنزلة فشبّهت ونزّهت ، شبّهت في التّنزيه بالوهم ، ونزّهت في التّشبيه بالعقل . فارتبط الكلّ بالكلّ ، فلا يمكن أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه .  قال اللّه تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فنزّه وشبّه ،وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[ الشورى : 11 ] فشبّه . وهي أعظم آية نزلت في التّنزيه ومع ذلك لم تخل عن التّشبيه بالكاف. فهو أعلم العلماء بنفسه ، وما عبّر عن نفسه إلّا بما ذكرناه . ثمّ قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ [ الصافات  :180].)

قال رضي الله عنه :  ( فالوهم هو السلطان الأعظم في هذه الصورة الكاملة الإنسانية وبه ) ، أي بالوهم وما يحكم به .
قال رضي الله عنه :  ( جاءت الشرائع المنزلة من عند اللّه فشبهت ) الشرائع ( ونزهت ، شبهت في ) مقام ( التنزيه بالوهم ) ، وحكمه إذ الوهم تلبس المعاني عن الصور نوعا من الصورة ( ونزهت في ) مقام ( التشبيه بالعقل ) وحكمه إذ العقل يجرد المعاني المنزهة في حدّ ذواتها عن الصور التي ألبسها الوهم لها ( فارتبط الكل ) ، أي كل من العقل والوهم ( بالكل ) ، أي بكل واحد من التنزيه والتشبيه .

أما ارتباط العقل بالتنزيه فظاهر ، وأما ارتباطه بالتشبيه فحكمه برفعه ، هذا إذا كان الكل إفراديا ، وأما إذا كان مجموعيا فمجموع أفراد كل من التنزيه والتشبيه كل ، وكل من الكلين مرتبط بالآخر ارتباط أجزاء كل منهما بأجزاء الآخر ، كل جزء بجزء ( فلم يمكن ) .
وفي النسخة المقابلة بالأصل فلم يتمكن ( أن يخلو تنزيه عن تشبيه ولا تشبيه عن تنزيه ) .

أما الأول فكما ( قال تعالى :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فنزه ) ، لأن نفي المماثلة عن مثله يوجب نفي المماثلة عن نفسه بالطريق الأولى ، أو بأن يقال : نفي مثل المثل يستلزم نفي المثل ، لأنه لو كان له مثل ما يلزم أن يكون لمثله مثل وهو نفسه ، ولو قال بزيادة الكاف على خلاف الظاهر فالأمر ظاهر ( وشبه ) ، لأنه أثبت له مثلا ونفى أن يكون لمثله مثل فإثبات المثل تشبيه .

وأما الثاني فكما قال تعالى : (وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُفشبه ) فإنه أثبت له ما هو ثابت للخلق أعني السمع والبصر ونزه أيضا بحصر السمع والبصر فيه فلا شركة ، أو بإثباتهما له فإن ذلك تنزيه له عن الانحصار في التنزيه وهو كمال التنزيه ، ولم يقل ونزه اكتفاء بما سبق من أنه لا يخلف تشبيه عن تنزيه ( وهي ) ، أي قوله :لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ( أعظم آية نزلت في التشبيه ومع ذلك لم تخل عن تشبيه بالكاف ) ، أي بسبب إدخال الكاف على المثل فإنه يدل بحسب الظاهر على إثبات المثل ( فهو أعلم العلماء بنفسه وما عبر عن نفسه إلا بما ذكرناه ، ثم قال :سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ) [ الصافات  : 180]

قال رضي الله عنه :  ( وما يصفونه إلّا بما تعطيه عقولهم . فنزّه نفسه عن تنزيههم إذ حدّدوه بذلك التّنزيه ، وذلك لقصور العقول عن إدراك مثل هذا . )

قال رضي الله عنه :  (ولا يصفونه إلا بما تعطيه عقولهم ) ، من الصفات التنزيهية ( فنزه نفسه عن تنزيهم إذ حدوده بذلك التنزيه ) وجعلوه متميزا عن الأشياء محدودا بتمايزه عنها ، ( وذلك ) التحديد ( لقصور العقول ) ، من حيث أنظارها الفكرية ( عن إدراك مثل هذا ) الذي ذكرناه من اشتمال كل تنزيه على تشبيه وكل تشبيه على تنزيه فهو سبحانه مشبه في مجالي صفاته كما أنه منزه في حقيقة ذاته
 .
واتساب

No comments:

Post a Comment