Wednesday, February 12, 2020

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

الفقرة الثالثة عشر :-
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )

قال رضي الله عنه : ( فتتخيّل بالوهم أنّك قتلت ، وبالعقل والوهم لم تزل الصّورة موجودة في الحدّ .  والدّليل على ذلك :"وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى" [ الأنفال : 17 ] .  والعين ما أدركت إلّا الصّورة المحمّديّة الّتي ثبت لها الرّمي في الحسّ ، وهي الّتي نفى اللّه الرّمي عنها أوّلا ثمّ أثبته لها وسطا ، ثمّ عاد بالاستدراك أنّ اللّه هو الرّاميّ في صورة محمّديّة ، ولا بدّ من الإيمان بهذا .  فأنظر إلى هذا المؤثّر حتّى أنزل الحقّ في صورة محمّديّة . وأخبر الحقّ نفسه عباده بذلك ، فما قال أحد منّا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه ، وخبره صدق والإيمان به واجب ، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه ؛ فإمّا عالم ، وإمّا مسلم مؤمن . )

فتتخيل يا أيها الإنسان بالوهم ، أي بسبب القوّة الواهمة المستولية عليك أنك قتلت ، أي نفسك وأفسدتها وأعدمتها وبالعقل والوهم أيضا لم تزل الصورة النفسانية منك موجودة على ما هي عليه في الحد الذاتي أي تعريفها بماهيتها وإن فسدت صورة جسدها واضمحلت ،
ولولا أن النفوس صور الحق تعالى الظاهر بها للأبد بحيث لا تضمحل ولا تزل ما كان لها هذه العزة والمنعة عن أن يصل إليها فساد أو يتطرق إليها فناء أو زوال إلا فيه تعالى كما هو وصفها الحقيقي .

والدليل على ذلك الأمر المذكور قوله تعالى عن نبينا محمد صلى اللّه عليه وسلم لما أخذ كفا من تراب ورمى به في وجوه الأعداء في بعض الغزوات .
وقال : « شاهت الوجوه » .  رواه مسلم وابن حبان في صحيحه ورواه غيرهما .
فانهزموا ولم يبق أحد منهم إلا وصل التراب في عينيه (" وَما رَمَيْتَ") من حيث أن صورتك للّه تعالى تجلى بها ("إِذْ رَمَيْتَ") من حيث أن صورتك لك ظهرت بها ("وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى") [ الأنفال : 17 ] من حيث أن الصورة له ولهذا اخترق العادة في هزم الأحزاب وإيصال التراب وذلك قوله عليه السلام : " وهزم الأحزاب وحده ولا شيء قبله ولا شيء بعده." قال المحقق : رواه ابن سلام في الأموال
""أضاف الجامع : من الشواهد عليه
1- حديث : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا إله إلا الله وحده، أعز جنده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده، ولا شيء بعده". رواه احمد بالمسند
2 - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول:" لا إله إلا الله وحده أنجز وعده، ونصر عبده، وغلب الأحزاب وحده ولا شيء بعده".  رواه الجوزي في جامع المسانيد و شهاب الدين أحمد في إتحاف الخيرة المهرة . ""

(والعين) الناظرة من الحاضرين (ما أدركت) في الظاهر (إلا الصورة المحمدية) ، أي المنسوبة إلى محمد صلى اللّه عليه وسلم (التي ثبت لها الرمي المذكور (في الحس وهي) ، أي تلك الصورة المحمدية (التي نفى اللّه تعالى (الرمي) المذكور (عنها أوّلا) بقوله سبحانه :وَما رَمَيْتَ، أي في نفس الأمر (ثم أثبته) ، أي الرمي سبحانه (لها) ، أي للصورة المحمدية (وسطا) ، أي ثانيا في وسط الكلام بقوله :إِذْ رَمَيْتَ، أي بحسب ما يظهر منك للحس .

(ثم عاد) تعالى (بالاستدراك) آخرا وثالثا إن اللّه تعالى (هو الرامي) وحده (في صورة محمدية) ظاهرة فقال تعالى ولكن اللّه رمى ، أي في نفس الأمر ، لأنه "هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ"[ الحديد : 3 ] .
وقال تعالى أيضا في هذه الآية قبل ذلك في حق الصحابة رضي اللّه عنهم لما كانوا يفتخرون بقتل المشركين في تلك الغزوة فيقول الرجل : أنا قتلت خمسة ،
ويقول الرجل : أنا قتلت عشرة ونحو ذلك على حسب ما ورد في الخبر عنهم .
فقال تعالى لهم كما قال لنبيه عليه السلام :فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ[ الأنفال : 17 ] ، أي من حيث أن صوركم ليست لكم ولكن اللّه قتلهم ،
أي من حيث أن صوركم للّه تعالى تجلى بها فقتل المشركين ، ولم يقل لهم إذ قتلتموهم
كما قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم : إذ رميت لأنهم لا يحتاجون إلى إثبات الفرق ، لأنه أصل فيهم فلا يتكلفون لشهوده بخلاف النبي صلى اللّه عليه وسلم ،

فإنه لولا إثبات الفرق له بقوله :إِذْ رَمَيْتَ لوقف في أصله وهو الجمع ، فنفى الفعل عنه بالكلية وأثبته للّه تعالى وحده فقط ،
والكمال بالجمع في الفرق والفرق في الجمع (ولا بد من الإيمان) ، أي التصديق بهذا الأمر المذكور لأنه قرآن منزل وهو حق لا شبهة فيه (فانظر) يا أيها السالك (إلى هذا المؤثر) في رميه المذكور (حتى أنزل الحق) وهو وجوده تعالى أي أظهره للحس (في صورة محمدية) يراها كل أحد ولا يعرفها إلا العارفون ويجحده الجاهلون.

قال تعالى :وَتَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ [ الأعراف : 198 ] .
وقال عليه السلام : "من رآني فقد رأى الحق " . رواه احمد بالمسند
(وأخبر الحق) تعالى (نفسه) تأكيد للحق (عباده) مفعول أخبر (بذلك) ، أي أنه تعالى حق في صورة محمدية كما هو مضمون الآية المذكورة (فما قال أحد منا) معشر العباد (عنه) تعالى (ذلك الأمر المذكور (بل هو) سبحانه (قال الشيخ رضي الله عنه : ) ذلك (عن نفسه) في كلامه القديم المنزل على نبيه صلى اللّه عليه وسلم (وخبره) تعالى (صدق) من غير شبهة كما قال سبحانه :"وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا"[النساء : 122].

(والإيمان) ، أي التصديق (به) ، أي بما قاله تعالى عن نفسه من ذلك (واجب) ، أي فرض على المكلفين بحيث يكفر منكره والشاك فيه (سواء أدركت) يا أيها الإنسان (علم) ، أي مفهوم معنى (ما قال) تعالى من ذلك فإنه يجب الإيمان بذلك العلم المذكور (أو لم تدركه) ، أي علم ما قال سبحانه (فإما) أنك (عالم) بذلك القول الإلهي (وإما مسلم) ، أي مذعن له (مؤمن) ،
أي مصدق به والجاحد له كافر لا محالة والمتأوّل مبتدع لعدوله عن الحق القرآني المؤيد بالسنة من غير ضرورة وليس القصور عن أحوال الكاملين وأذواق السالكين بعد رقي التأويل خصوصا ممن يدعي العلم وينسب نفسه إلى معرفة الكتاب والسنة وليس له حال رباني ولا كشف وجداني فإن الإسلام له أسلم والإيمان بحاله أحكم واللّه أعلم .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )
( فتتخيل ) أنت ( بالوهم ) الفكري ( أنك قتلت ) وأزلت الصورة مطلقا ( وبالعقل ) المنور بنور القدس ( والوهم ) السلطاني ( لم تزل الصورة موجودة في الحد ) وإنك لا تقتل إلا في تخيل عقلك المشوب بالوهم والأمر في نفسه ليس على ما في تخيلك بل القاتل في الحقيقة هو اللّه لا أنت .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والدليل على ذلك ) أي على أنك قاتل في تخيلك بالوهم وأن اللّه هو القاتل في الحقيقة لا أنت ( قوله تعالى :وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى[ الأنفال : 17 ] ،والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس وهي ) أي الصورة المحمدية .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( التي نفى اللّه الرمي عنها أوّلا ) بقولهما رَمَيْتَ ( ثم أثبته ) أي الرمي ( لها ) أي للصورة المحمدية ( وسطا ) بقوله إِذْ رَمَيْتَ بناء على ما أدركته العين من ثبوت الرمي لها في الحس ( ثم عاد بالاستدراك أن اللّه هو الرامي في صورة محمدية ) فاثبت الحق لنفسه الرمي ملاصقا بالصورة المحمدية لا من حيث كونه مجردا عنها والمقصود أن الرمي أثر حاصل بينهما .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولا بد من الإيمان بهذا فانظر إلى هذا المؤثر ) وهو الرمي فإنه وإن كان في التحقيق أثرا للحق لكنه يؤثر فيه ( حتى أنزل ) هذا المؤثر ( الحق في صورة محمدية ) فالمعلول علة لعلة بوجه كما سيأتي فإن تأثير الحق في وجود الرمي وتأثير الرمي في نزول الحق في صورة رامية ليظهر منه .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأخبر ) الحق قوله ( نفسه ) بالنصب أو بالرفع ( عباده بذلك ) أي رميه في صورة محمدية ( فما قال أحد منا ذلك بل هو قائل عن نفسه وخبره صدق والايمان به واجب سواء أدركت ) بالذوق والشهود ( علم ما قال ) الحق في الرمي ( أو لم تدركه ) فإذا وجب الايمان به ( فإما عالم ) أنت ( وإما مسلم مؤمن ) ولا ثالث إلا باطل وهو العقل الذي ينقاد إلى نظره الفكري في تحصيل مجهولاته ، فإن طابق شيء بنظره الفكري قبل وإلا فلا .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )

قال رضي الله عنه : (فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد . والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية. ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية. وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه. وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )
قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )

قال رضي الله عنه : (فتتخيّل بالوهم أنّك قتلت ، وبالعقل والوهم لم تزل الصورة موجودة في الحدّ ، والدليل على ذلك "وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى ". والعين ما أدركت إلَّا الصورة المحمدية التي ينسب لها الرمي في الحسّ ، وهي التي نفى الله الرمي عنها أوّلا ، ثم أثبته لها وسطا ، ثم عاد بالاستدراك أنّ الله هو الرامي في صورة محمدية ، ولا بدّ من الإيمان بهذا ، فانظر إلى هذا المؤثّر ، حتى أنزل الحق في صورة محمدية ، فأخبر الحق نفسه عباده بذلك ، فما قال أحد منّا عنه ذلك ، بل هو قال عن نفسه ، وخبره صدق والإيمان به واجب ، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه ، فإمّا عالم أو مسلم مؤمن.)

يشير إلى أنّ العلَّية معلولة وجودا وتقديرا لمعلوليّة المعلول ،
لأنّه لولا معلولية المعلول لم تتحقّق علَّية العلَّة ، وحينئذ لم تكن العلَّة علَّة لهذا المعلول ،
فعلَّيّة العلَّة متوقّفة التحقق على معلولية المعلول ، فإذن معلولية المعلول علَّة لعلَّية العلَّة ، ولولا العلة وعلَّيّتها - لما كان المعلول معلولا ولا المعلولية نعتا له ، فتكون علَّية العلَّة علَّة لمعلولية المعلول ، والمعلول معلول بقيام المعلولية به ،
وكذلك العلة علَّة لقيام العلَّية بها فالعلة مع علَّيتها - التي بها علة للمعلول - معلولة لمعلولية المعلول التي هو بها معلول ، إذ هي عينه ، كما أنّ العلَّية ليست زائدة على العلَّة إلَّا في التعقّل لا في الوجود ، إذ العقل ينتزع معنى العلَّية فيفرزه زائدا على عين العلة ، وليس كذلك ،
إذ العلَّية والمعلولية لا عين لهما خارجا عن العلَّة والمعلول في الوجود ، إذ لو كان لهما تحقّق وجودي دون عين العلة والمعلول ، لتحقّق امتيازهما عنهما في الوجود ، والامتياز ليس إلَّا في تعقّل المتعقّل ، وكذلك جميع المتضايفات لا تحقّق لأحدهما إلَّا بالآخر ، فكلّ منهما علة لمعلوله ،

فيقول الناظر المناظر والمفكَّر الماهر بعد تحقّقه أحدية عين العلة والمعلول :
هذه العين الواحدة باعتبار كونها علة ليست معلولة لعلَّته بل باعتبار آخر فتنتقل العلَّية إلى المعلول باعتبار آخر ، والمعلولية إلى العلَّة كذلك باعتبار آخر ، وبتغاير الاعتبارين يتغاير الحكمان ، فنقول : والعلَّة باعتبار عليّته ليست معلولة لمعلولها ، والمعلول باعتبار معلوليته ليس علَّة لعلَّته إلَّا باعتبار الانتقال المذكور ،

فنقول له بلسان الذوق والتحقيق : للعين الواحدة فيهما مع وجود الاعتبارين صلاحية قبول الكلّ بكونها عين العلة وعين المعلول ، حال كون العلة علَّة وكون المعلول معلولا ، وعين العلية والمعلولية المعتبرتين في العلة والمعلول حالتئذ ، فهي في عينها جامعة بين العلية والمعلولية ، فهي العلة بعلَّيتها والمعلول بمعلوليتها ، إذ لا يمكن اعتبار هذه العين الواحدة إلَّا وجميع الاعتبارات لها من عينها في حالة واحدة على السواء .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )

قال رضي الله عنه :  (وإذا كان الأمر على هذا فهذا هو الأمان على الذوات والعزة والمنعة ، فإنك لا تقدر على إفساد الحدود ، وأي عزة أعظم من هذه العزة فتتخيل بالوهم أنك قتلت . وبالعقل والوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد ، والدليل على ذلك  " وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى " والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها هذا الرمي في الحس ، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ، ثم أثبته لها وسطا ، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية ، ولا بد من الإيمان بهذا فانظر إلى هذا المؤثر حتى نزل الحق في صورة محمدية وأخبر الحق نفسه عباده بذلك ، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه ، وخبره صدق والإيمان به واجب ، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه ، فإما عالم وإما مسلم مؤمن ).

يعنى أن العلية معلولة وجودا وتقديرا لمعلولية المعلول ، لأنه لولا معلولية المعلول لم تتحقق علية العلة ، فعلية العلة موقوفة التحقق على معلولية المعلول ، فإذن معلولية المعلول علة لعلية العلة وعليتها ، وكذلك العلة وعكسها ، لما كان المعلول معلولا لهما لأنهما متضايفان ،
فيتوقف كل واحد منهما على الآخر ذهنا وخارجا فتكون علية العلة علة لمعلولية المعلول ، ومعلولية المعلول علة لعلية العلة ، والمعلول معلول بقيام المعلولية به ،
وكذلك العلة علة بقيام العلية بها ، فالعلة مع عليتها التي هي بها علة للمعلول معلول لمعلولية المعلول الذي هو بها معلول ، ومعلولية المعلول ليست زائدة عليه إلا في العقل ،
 كما أن علية العلة ليست بزائدة على العلة إلا في العقل فهي في الخارج عينه ، لكن العقل ينزع معنى المعلولية فيجعله زائدا على ذات المعلول ،
وكذا معنى العلية بالنسبة إلى ذات العلة ، وليس كذلك في الخارج ، إذ العلة والمعلولية لا غير لهما في الخارج زائدة على العلة والمعلول في الوجود ، لأنه لو كان لها تحقق وجودي دون عين العلة والمعلول في الوجود لتحقق امتيازها عنهما في الوجود ،
لكن الامتياز ليس إلا في التعقل ، وكذلك جميع أقسام المتضايفين لا تحقق لأحدهما وجودا إلا بالآخر فكل منها علة لمعلوله

"" أضاف بالي زادة :
أنزل الحق في صورة محمدية فالمعلول علة لعلته بوجه كما سيأتي ، فإن تأثير الحق ، في وجود الرمي وتأثير الرمي في نزول الحق في صورة رامية ليظهر منه اهـ بالى زادة ""

ومعنى قوله : والذي حكم العقل به صحيح مع التحرير في النظر أن ذلك صحيح عند تحرير المبحث ومحل النزاع ، لأن الذي حكم العقل به هو أن الشيء الذي يتوقف عليه وجود شيء آخر حتى يتحقق به لا يتحقق في وجوده على وجود ذلك المتأخر المتحقق به وإلا لزم الدور ، وذلك عند تجريد المرادين عن معنى التضايف ، أما إذا أخذهما من حيث أنهما متضايفان فلا بد من التوقف في الجانبين .
وفي بعض النسخ : مع التحرز في النظر ، أي الاحتراز عن معنى التضايف فيهما وغايته أي وغاية الناظر والمفكر إذا رأى الأمر على خلاف مقتضى الدليل العقلي ، وتحقق أن العين واحدة في هذه الصورة الكثيرة أن يقول إنها وإن كانت حقيقة واحدة في العلة والمعلول فهي من حيث كونها علة في صورة من الصور الكثيرة لمعلول ما ، فلا تكون معلولة لمعلولها فيكون معلولها حينئذ علة لها وهي معلولة له .

وحينئذ لم يقف مع نظره العقلي وجوابه بلسان الذوق . والتحقيق أن العين الواحدة في الصورتين لها صلاحية قبول الأمرين بالاعتبارين ،
فلها حال كونها علة صلاحية كونها معلولا ، وحال كونها معلولا صلاحية كونها علة ، فهي في عينها جامعة للعلية والمعلولية وأحكامهما ،
فكانت علة بعليتها ومعلولة بمعلوليتها ، فلها بحسب الأحوال جميع هذه الاعتبارات من حيث عينها على السواء ،

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )

قال رضي الله عنه : (فتتخيل بالوهم إنك قتلت ، وبالعقل والوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد.) أي ، فتتوهم أنك قتلت ، والقاتل في الحقيقة هو الله . والمقتول هو باق في العالم العقلي ، وصورته موجودة في العالم المثالي . وتشاهد بالعقل المنور والوهم المدرك للمعاني الجزئية أن صورتها العقلية موجودة في الحقيقة ، وما أفسدت إلا صورتها الحسية .

قال رضي الله عنه : ( والدليل على ذلك ) أي ، على أن القاتل هو الله ، لا أنت ، هو قوله تعالى :(" وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" . والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي) أي، الصورة المحمدية (التي نفى الله الرمي عنها أولا، ثم أثبته لها وسطا) بقوله: (إذ رميت).

قال رضي الله عنه : (ثم عاد بالاستدراك : أن الله هو الرامي في صورة محمدية. ولا بد من الإيمان بهذا.)
( فانظر إلى هذا المؤثر ) وهو الاسم ( الرامي ) كيف تنزل لإظهار فعله في المظاهر . (حتى أنزل الحق ) هذا المعنى المذكور . (في صورة محمدية. أخبر الحق نفسه.) بالنصب . أي، عن نفسه . ويجوز أن يكون بالرفع ، فيكون تأكيدا (للحق) .

قال رضي الله عنه : (عباده بذلك . فما قال أحد منا عنه ذلك ، بل هو قال عن نفسه. وخبره صدق والإيمان به واجب ، سواء أدركت علم ما قال ) ، أي ، أحطت بعقلك بسر ما قال وجعل نفسه راميا في صورة محمدية بعقلك ( أو لم تدركه . فإما عالم )
أي ، فالناس إما عالم . ( وإما مسلم مؤمن . ) بالإيمان التقليدي .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل والوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )

قال رضي الله عنه :  ( فتتخيّل بالوهم أنّك قتلت ، وبالعقل والوهم لم تزل الصّورة موجودة في الحدّ ، والدّليل على ذلك وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى [ الأنفال : 17 ] ،
والعين ما أدركت إلّا الصّورة المحمّديّة الّتي ثبت لها الرّمي في الحسّ ، وهي الّتي نفى اللّه الرّمي عنها أوّلا ثمّ أثبته لها وسطا ، ثمّ عاد بالاستدراك أنّ اللّه هو الرّاميّ في صورة محمّديّة ، ولا بدّ من الإيمان بهذا ) .

قال رضي الله عنه :  ( فتتخيل بالوهم ) عند إفنائها ( أنك قتلت ، وبالعقل والوهم لم تزل الصورة ) فضلا عن الذات ( موجودة في الحد ) .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( والدليل على ذلك ) أي : على كون الفاني في نظرك باقيا في الواقع وفي حس غيرك ، وفي الحد قوله تعالى :( وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى) [ الأنفال : 17 ] ؛  فكيف تفني في الواقع الصورة المحمدية ؟

قال رضي الله عنه :  ( والعين ) الباصرة من الناس ( ما أدركت ) للرامي ( إلا الصورة المحمدية ) ، إذ هي ( التي ثبت لها الرامي في الحس ) ، وهذه الصورة المحمدية ( هي التي نفى اللّه الرمي عنها ) ، أو باعتبار فنائها ، ( ثم أثبته ) أي : الرامي ( لها وسطا ) لثبوتها حسّا ، ورؤية العين الرامي منها ، وهي لا تكذب .

قال رضي الله عنه :  ( ثم ) لما كانت فانية من حيث هي باقية من حيث هي لربها قائمة ( عاد بالاستدراك ) ، وبيّن ( أن اللّه هو الرامي ) باعتبار إشراقه وظهوره ( في صورة محمدية ) ، فلا يمكن إنكار ظهوره في المحدثات ؛ وذلك لأنه ( لا بدّ من الإيمان بهذا ) النص الدّال على ظهوره في الصورة المحمدية ، ولا قائل بالفرق بينها وبين سائر الصور ، وعلى أنه أثر فناء النفس .

قال رضي الله عنه :  ( فانظر إلى هذا المؤثّر حتّى أنزل الحقّ في صورة محمّديّة ، وأخبر الحقّ نفسه عباده بذلك ، فما قال أحد منّا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه ، وخبره صدق والإيمان به واجب ، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه ؛ فإمّا عالم ، وإمّا مسلم مؤمن )

قال رضي الله عنه : ( فانظر إلى هذا المؤثر ) الذي بلغ النهاية في التأثير ( حتى أنزل الحق ) بإشراق نوره ( في صورة محمدية ) ، ولا يقال : كيف يؤثر الفناء وهو عدمي ؟
لأنّا نقول : ( أخبر الحق نفسه ) لا في مظهر يمكن أن يدخل فيه الشيطان ( عباده ) الكمّل الذين ليس للشيطان عليهم سلطان ( بذلك ) التأثير للفناء في تجليه ، ولو أنكرتم علينا هذا القول ، ( فما قال أحد منا ) ابتداء ( عنه ذلك ) ، ( بل هو قال عن نفسه ) أولا فتبعناهم ، وليس ذلك بطريق الأمر ، حتى يمكن أن يقال لغلبة أمر بالاعتقاد على خلاف الواقع ، كما أن له أن يكلف بالمحال عند الأشعري ، بل هو بطريق الخبر

قال رضي الله عنه : ( وخبره صدق ) بحيث يكون تكذيبه كفرا ؛ وذلك لأن ( الإيمان به واجب ) بحيث لا يجوز التوقف فيما لم تعلم منه ، بل ( سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه ) ، وبعد الإيمان ؛ ( فإما ) ما أنت ( عالم ) بتأويله ، ( وإما مسلم ) علمه إلى اللّه من غير إنكار ؛ لأنك ( مؤمن ) فإنا تبعناه في مثل ذلك القول ، فلا ينبغي أن ينكر علينا أيضا ،
بل لا بدّ من تسليم ما لم نحط بعلمه ، وكيف ينكر أثر العدمي بالنظر العقلي بعض النص الإلهي ، مع أنه قد صح بالكشف الصحيح باتفاق أهله تأثير اختلاف المجال في اختلاف التجلي ، مع أن التجلي علة وجود المجالي ، فقد أثر المعلول المعدوم قبل تأثير العلة فيه في علته بالاختلاف .


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (فتخيّل بالوهم أنّك قتلت) .

أيّ وهم حكمه باطل
وهذا الوهم الذي يتبع المتخيّلة في أحكامها هو الذي يذمّه الحكماء المحققون وينسبون أحكامه إلى الفساد ، حيث يشيرون إلى الأحكام الفاسدة بأنّها أوهام ، وصار ذلك مزلَّة أقدام المتأخّرين منهم ، وحسبوا أن الوهم مطلقا حكمه باطل وليس كذلك ، فإنّ الوهم المستقلّ بالحكم أو الذي يتبع العقل في حكمه ، فهو من أساطين حكَّام هذه النشأة عند اقتناص الحقائق الذوقيّة ،
ولذلك قال : ( وبالعقل والوهم لم تزل الصورة موجودة في الحدّ ) ، أي الحدّ الكلَّي الكاشف عن الحقيقة ، لا يزال الوهم يتصوّر فيه أشخاصها وجزئيّاتها فصورة الشخص التي غابت بالقتل عن الحسّ وحكمت المتخيّلة - عند استتباعها الواهمة - بفسادها تبعا للحسّ ، لا زالت موجودة فإنّ مقوّمات حقيقته وذاتيّات حدّه غير قابلة للفساد أصلا ، والعوارض المشخّصة لها إنما هي لوازم غير ممكنة الانفكاك عنها .

وما رميت إذ رميت
فعلم من تشبيب هذه المقدّمات أنّ نفس العبد حيّة في ذاتها ، على ما أشير إليه في العبارة الختميّة ، ولها تأثير في ذاتها ، ولكن لا من حيث أنّها عبد وإن قتلت وأسقطت عنها الإضافات من الأفعال والصفات ، ( والدليل على ذلك ) عقلا وذوقا ما أشير إليه آنفا ونقلا قوله تعالى : ( “  وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى “  والعين ما أدركت ) عند مشاهدة ذلك الفعل وصدوره من الفاعل ( إلَّا الصورة المحمديّة ، التي ثبت لها الرمي في  الحسّ ) ، ولا شكّ أنّ الصورة الحسيّة من كل شيء هي الفاسدة بذاتها ، لأنّها صورة كونيّة ظليّة ، وإن كانت في الحقيقة هي المشتملة على الصورة الحيّة بذاتها ، وهي التي باعتبار التأثير منها ونسبة الفعل إليها حقّ - كما سبق بيانه .

ولذلك قال رضي الله عنه  : ( وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ) ، يعني باعتبار الصورة الأولى ، ( ثم أثبته لها وسطا ) ، يعني باعتبار الصورة الحقيقيّة التي هي البرزخ الجامع بين العبديّة والحقيّة ، الواقعة في وسط الاعتدال ولذلك وقعت في العبارة القرآنيّة وسطا بين نفي التأثير عن الصورة المحمديّة وبين استدراك إثباته لله تعالى فيها ، كما قال :  

الرامي هو الله في الصورة المحمّديّة   
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ عاد بالاستدراك أنّ الله هو الرامي في صورة محمديّة ) وفي خصوصيّة عبارته هاهنا بقوله : « ثم عاد » إشعار بدقيقة من جلائل الحكم ، وهي أنّ المعاد الحقيقيّ والمراد الغائيّ إنما هو الظهور بصورة الأثر ، والبروز بكسوة الغلبة بالفعل والقهر ، والكلام والخبر فهي إشارة إلى ختم الولاية ، كما أنّ الأولين - يعني النفي والإثبات - إشارة إلى ختم النبوّة.

قال رضي الله عنه :  ( ولا بدّ من الإيمان بهذا ) ، يعني أنّ التأثير مطلقا بدءا وإعادة للحقّ ، ولكن في صورة محمديّة ( فانظر إلى هذا المؤثّر ) كيف تنزل متدرّجا في إظهار كماله صورة ومعنى ، من آدم في مدارج الأنبياء ( حتى أنزل الحقّ في صورة محمّديّة ) خاتميّة مظهرة لأمر الكمال بالتعبير عن تمام الكلام ، وكاشفه له عن تمام المرام ، حيث أبان ( وأخبر الحقّ نفسه عباده بذلك ، فما قال أحد منّا ذلك ، بل هو قال عن نفسه - وخبره صدق والإيمان به واجب ، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه ) ،

فإنّ الفائزين بنيل الكمال الإنساني - كما مرّ غير مرّة - قد انحصر أمرهم في طائفتين : وهما العالمون أصحاب القلوب ، أو المؤمنون أرباب إلقاء السمع : ( فإمّا عالم ، وإمّا مسلم مؤمن ) .

الفرق بين حكم النظر والذوق في مسألة العلة والمعلول
ثمّ إنّه استشعر أن يقال هاهنا : إنّ أصحاب العقول الذين يستحصلون المعارف والحقائق بالنظر والفكر - لا يتمّ هذا الكلام عندهم ولا يستقيم هذا الحصر في الطائفتين لديهم ، فأشار إلى دفع مقالهم بقوله :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فتتخيل بالوهم أنك قتلت، وبالعقل و الوهم لم تزل الصورة موجودة في الحد .
والدليل على ذلك «و ما رميت إذ رميت ولكن الله رمى» : والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس، وهي التي نفى الله الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا، ثم عاد بالاستدراك أن الله هو الرامي في صورة محمدية.
ولا بد من الإيمان بهذا. فانظر إلى هذا المؤثر حتى أنزل الحق في صورة محمدية.
وأخبر الحق نفسه عباده بذلك، فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه.
وخبره صدق والإيمان به واجب، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه: فإما عالم و إما مسلم مؤمن . )

قال رضي الله عنه : ( فتتخيّل بالوهم أنّك قتلت ، وبالعقل والوهم لم تزل الصّورة موجودة في الحدّ . والدّليل على ذلكوَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى[ الأنفال : 17 ] . والعين ما أدركت إلّا الصّورة المحمّديّة الّتي ثبت لها الرّمي في الحسّ ، وهي الّتي نفى اللّه الرّمي عنها أوّلا ثمّ أثبته لها وسطا ، ثمّ عاد بالاستدراك أنّ اللّه هو الرّاميّ في صورة محمّديّة، ولا بدّ من الإيمان بهذا.فأنظر إلى هذا المؤثّر حتّى أنزل الحقّ في صورة محمّديّة . وأخبر الحقّ نفسه عباده بذلك ، فما قال أحد منّا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه ، وخبره صدق والإيمان به)

( فتتخيل بالوهم ) الكاذب ( أنك قتلت ) وأفنيت المقتول بالكلية ( وبالعقل والوهم ) الصادق ، أي بحكمها ( لم تزل الصورة ) ، أي صورته العقلية ( موجودة في الحد ) ، بل في صورته المثالية في عالم المثال وصورته الروحية في عالم الأرواح إن كان ذا روح مجرد مما قتلته بالحقيقة حيث قتلته بالصورة .

( والدليل على ذلك ) ، أي ما يدل على مثل ذلك من نفي الفعل بحسب الحقيقة وإثباته بحسب الصورة قوله تعالى : (وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ) [ الأنفال : 17 ] ،
أي ما رميت حقيقة إذ رميت صورة (وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى والعين ما أدركت إلا الصورة المحمدية التي ثبت لها الرمي في الحس وهي ) ، أي الصورة المحمدية هي ( التي نفى اللّه الرمي عنها أولا ثم أثبته لها وسطا ثم عاد بالاستدراك أن اللّه هو الرامي في صورة محمدية ولا بد من الإيمان بهذا .

فانظر إلى هذا المؤثر ) ، بفعل الرمي كيف نزل عن مرتبة الجمعية ( حتى أنزل ) نفسه يعني ( الحق في صورة محمدية وأخبر الحق نفسه ) ، بالرفع تأكيد للحق ( عباده بذلك فما قال أحد منا عنه ذلك بل هو قال عن نفسه وخبره صدق والإيمان به

قال رضي الله عنه :  ( واجب ، سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه ؛ فإمّا عالم ، وإمّا مسلم مؤمن . )

(واجب سواء أدركت علم ما قال أو لم تدركه فأما ) أنت ( عالم ) ، أي ممن له قلب ( وإما مسلم مؤمن ) ممن أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ .

 .
الفقرة الثالثة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
واتساب

No comments:

Post a Comment