Saturday, February 15, 2020

20 – شرح نقش فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

20 – شرح نقش فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

20 – شرح نقش فص حكمة جلالية في كلمة يحيوية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي
إنّما اختصّت الكلمة اليحيوية بالحكمة الجلالية لأنّ من شأن الجلال القهر لما يقال له «الغير» و «السوي» و إثبات الوحدة الإطلاقية و نفى ما يشعر بالثنوية على ما هو مقتضى التعيّنات الجلائية، و لذلك يستلزم الأولية و الخفاء.
و كان في يحيى أيضا هذه الوحدة حتّى لا تغاير بين اسمه و صفته و صورته و معناه، و به صار مظهرا للأوّلية بأن لم يكن له سميّا قبله.

و أيضا كان الغالب على حاله أحكام الجلال من القبض و الخشية و الحزن و البكاء و الجدّ و الجهد في العمل و الهيبة و الرقّة و الخشوع في القلب.
روى أنّه بكى من خشية الله حتّى خدّت الدموع في خدّه أخاديد.
و كان لا يضحك إلّا ما شاء الله. و ورد في الحديث ما معناه أنّ يحيى و عيسى عليهما السلام تفاوضا، فقال يحيى لعيسى كالمعاتب له لبسطه، «كأنّك قد أمنت مكر الله و عذابه».
فقال عيسى، «كأنّك أيست من فضل الله و رحمته».
فأوحى الله إليهما أنّ «أحبّكما إلىّ أحسنكما ظنّا بى».
و كل ذلك من مقتضيات حضرة الجلال و القيام بحقّها. و لذلك قتل في سبيل الله، و قتل على دمه سبعون ألفا حتّى سكن دمه من فورانه.

اعلم أنّه ليس في الوجود موجود يستهلك كثرة صفاته و أفعاله في وحدة ذاته بحيث يضمحلّ لديها كلّ عدد و معدود إلّا الحق سبحانه. فمن عنايته بشأن يحيى عليه السلام أن جعل له من هذا الكمال نصيبا، فأقامه مقام نفسه.
فأدرج اسمه و صفته و فعله في وحدة ذاته بأن جمع في اسمه بين الدلالة على ذاته و بين الدلالة على صفته و فعله فاتّحد الكل بحسب الوجود اللفظي:
أمّا دلالته على ذاته، فللعلمية و أمّا على فعله، فلأنّه صيغة فعل يدلّ على إحيائه ذكر زكريّا عليه السلام و أمّا على صفته، فلأنّه ليس

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أنزله منزلته من الأسماء . فلم يجعل له من قبل سمياً . فبعد ذلك وقع الإقتداء به في اسمه . ليرجع إليه . وآثرت فيه همة أبيه لما أشرب قلبه من مريم . وكانت منقطعة من الرجال . فجعلهُ حصوراً بهذا التخيل .
والحكماء عثرت على هذا مثل هذا .
فإذا جامع أحدٌ أهله فليخيل في نفسه عند إنزاله الماء أفضل الموجودات .
فإن الولد يأخذ من ذلك بحظ وافر . إن لم يأخذه كله .)

إحياؤه ذكر زكريّا إلّا للاتّصاف بصفاته و الظهور بها.

و لمّا كانت الوحدة تستلزم الأوّلية و عدم المسبوقية بالغير، (أنزله)، أي أنزل الله يحيى، أي (منزلة)، أي منزلة نفسه تعالى، (في) أوّلية الأسماء فكما كان لإسمه سبحانه الأوّلية- أعنى الاسم «الله»، حيث لم يسمّ به غيره سبحانه قبله و لا بعده- كذلك أعطاه الأوّلية في الاسم.
(فلم يجعل له)، أي ليحيى، (من قبل)، أي قبل تسميته بـ «يحيى»، (سميا)، أي مشاركا له في هذا الاسم. و المراد بأوّلية اسم الشي‏ء أن يكون اسميّته و علميّته أوّلا بالنسبة إلى ذلك الشي‏ء، لا إلى غيره.
فبعد ذلك، أي بعد أن أعطاه الأوّلية في ذلك الاسم، (وقع) من غيره (الإقتداء به)، أي بيحيى، (في اسمه) هذا، (ليرجع اليه) ، و يجعل أصلا في التسمية بهذا الاسم.
فمن سمّى به إنّما سمّى به على سبيل التطفّل و التبعية.
(و أثرت فيه)، أي في يحيى، (همة أبيه) زكريّا عليه السلام- فانّ الهمة من الأسباب الباطنة- (لما أشرب قلبه) ، أي قلب أبيه زكريّا، (من) حبّ (مريم)، فانّ أوّل الأسباب في وجود يحيى إستحسان أبيه عليهما السلام حال مريم.
فتوجّه بهمّته ملتجئا إلى ربّه بدعائه.
فاستجاب له ربّه و رزقه يحيى عليه السلام. (فجعله) الله أو أبوه (حصورا) لم يقرب النساء، حصرا لنفسه، أي منعا لها عن الشهوات، بهذا التخيل، أي بسبب تخيّله مريم و إستحسانه أحوالها عند إرسال همّته على وجود يحيى.
و في بعض النسخ: «فجعله حصورا هذا التخيّل»، على أن يكون «هذا التخيّل» فاعلا لقوله "جعله".
(و الحكماء عثرت) و اطّلعت (على مثل هذا، فإذا جامع أحد أهله، فليخيل هو في نفسه) و أهله أيضا في نفسها (عند إنزال الماء) في رحمها (أفضل الموجودات) المستحضرة عنده، (فإن الولد يأخذ من ذلك التخيّل بحظ وافر) و نصيب كامل من الأمر المتخيّل و أحواله و أوصافه و أخلاقه، (ان لم يأخذ كله).
و ذلك لأنّ الولد إنّما يتكوّن بحسب ما غلب على الوالدين‏ من الصفات و الهيئات النفسانية و الأعراض الجسمانية و الصور الذهنية الخيالية
.

فالصورة التي يشهدها الوالدان أو يتخيّلانها حال المواقعة لها تأثير عظيم في حال الولد حتّى قيل: "إنّ إمرأة ولدت ولدا صورته صورة البشر، و جسمه جسم الحيّة و لمّا سئلت عنها، أخبرت بأنّها حين المواقعة رأت حيّة."

واتساب

No comments:

Post a Comment