Wednesday, February 12, 2020

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة السابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
الفقرة السابعة عشر :-
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

قال رضي الله عنه :  ( فإذا تحقّق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجرّدا في غير مادّة طبيعيّة ، فيشهد أمورا هي أصول لما يظهر في الصّور الطّبيعيّة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في الصّور الطّبيعيّة علما ذوقيّا .  فإن كوشف على أنّ الطّبيعيّة عين نفس الرّحمن فقد أوتي خيرا كثيرا .  وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله : فيلحق بالعارفين ويعرف عند ذلك ذوقا : فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ [ الأنفال : 17 ] .  وما قتلهم إلّا الحديد والضّارب والّذي خلف هذه الصّور . فبالمجموع وقع القتل والرّمي ، فيشاهد الأمور بأصولها وصورها .  فيكون تامّا . فإن شهد النّفس كان مع التّمام كاملا : فلا يرى إلّا اللّه سبحانه عين ما يرى . فيرى الرّائي عين المرئيّ . وهذا القدر كاف ، واللّه الموفّق الهادي .)

(فإذا تحقق) السالك (بما ذكرنا) من حيوانيته على التمام انتقل بعد ذلك إلى أن يكون عقلا مجردا ، أي خالصا قائما (في غير مادة )، أي صورة طبيعية عنصرية فيشهد عند ذلك أمورا كثيرة ملكوتية هي أصول لما يظهر في الصور الطبيعية العنصرية كأرواح الكواكب المسلطة على تدبير الأجسام الإنسانية والحيوانية والنباتية والجمادية وأسرار الحفظة الكرام الكاتبين الذين هم في مواد الأعمال الإنسانية ، وأنوار القبض والبسط والجلال والجمال الساري في عالم القلوب والنفوس البشرية وغير ذلك .

(فيعلم) بذلك (من أين يظهر هذا الحكم) الإلهي المطلق (في الصور الطبيعية) العنصرية مع بعد المناسبة بينهما (علما ذوقيا) ، أي مستندا إلى الذوق وهو الوجدان (فإن كوشف) في هذا المقام بأن كاشفه الحق تعالى أي كشف له (على أن الطبيعة) الكلية السارية في مجموع العالم مادة له في جميع الصور الحسية والعقلية (عين نفس) بفتح الفاء (الرحمن) الوارد في الحديث كما مر ذكره (فقد أوتي) ، آتاه اللّه تعالى (خيرا كثيرا) ، لأن ذلك الكشف حصل له بالنور الذاتي الذي قال تعالى :اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ[ النور : 35 ].
 وهذا النور الذاتي إذا سرى في كلية العبد أبطلها وقام بنفسه فيها ، فكان هيولى كل شيء وتحقيق بالغيب غيبا وبالشهادة شهادة وحاز مرتبة الكمال المطلق للحق بالنقص المحقق للعبد .

(وإن اقتصر) ، أي السالك (معه) ، أي مع عقله المجرد (على ما ذكرنا) من ذلك الكشف السابق (فهذا القدر يكفيه من المعرفة) باللّه تعالى الصحيحة (الحاكمة على عقله) في رتبة التنزيه بالكشف عن حكم الظهور في صور الطبيعة (فيلحق) ، أي صاحب هذه المعرفة المذكورة (بالعارفين) الكاملين (ويعرف عند ذلك ذوقا) ، أي وجدانا من نفسه معنى قوله تعالى : ("فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ") [ الأنفال : 17 ] ،
أي المشركين والخطاب للصحابة رضي اللّه عنهم مع أنهم قتلوهم في الظاهر للحس (ولكن الله قتلهم) بكم وبأسلحتكم (وما قتلهم) بحسب ما يظهر لكل أحد (إلا الحديد) وهو السيف والرمح ونحو ذلك (والضارب) بالحديد وهم الصحابة رضي اللّه عنهم ، والعالم النفساني والروحاني والأمر الإلهي الرباني (والذي خلق هذه الصور) . " وفي نسخة : والذي خلف هذه الصور بدل  الذي خلق هذه الصور".

 المذكورة (فبالمجموع) من ذلك كله (وقع القتل) للمشركين من الصحابة رضي اللّه عنهم (و) كذلك (الرمي) من النبي صلى اللّه عليه وسلم .

(فيشاهد) صاحب هذه المعرفة المذكورة جميع (الأمور بأصولها) الروحانية (وصورها) الطبيعية والعنصرية (فيكون) عارفا (تاما) ، أي غير ناقص المعرفة (فإن شهد) مع ذلك عين (النفس) بفتح الفاء الرحماني كما ذكر (كان مع التمام) في المعرفة (كاملا
أي زائدا المعرفة فائضا مكملا لغيره (فلا يرى) في هذا الوجود (إلا اللّه تعالى) فيرى (عين ما يرى) من كل محسوس ومعقول وموهوم مع تميزه تعالى عنده عنها بالوجود المطلق على ما هو عليه أزلا وأبدا ،
وتميزها عنه تعالى بصورها الثابتة في حضرة علمه القديم من غير وجود لها أصلا (فيرى) ببصره وبصيرته الرائي منه ومن غيره هو (عين المرئي) منه ومن غيره ويتحقق بالجمع والفرق (وهذا القدر كاف) في المعرفة (واللّه الموفق والهادي) في النهايات والمبادي .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

قال رضي الله عنه : (فإذا تحقق ) ذلك النازل ( بما ذكرناه ) من مقام حيوانيته ( انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية ) فحينئذ قد تحقق بمقام إلياسية (فيشهد أمورا) كلية مجردة في غير مادة طبيعية ( هي أصول لما تظهر في الصورة الطبيعية ) كشهود إلياس.

قال رضي الله عنه : ( فيعلم ) حينئذ ( من أين يظهر هذا الحكم ) وهو الرمي والقتل وغير ذلك ( في الصور الطبيعية علما ذوقيا ) كما علم إلياس ( فإن كوشف ) لهذا العارف المشاهد أصول الأمور مع هذا الكشف ( على أن الطبيعية عين النفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا وإن اقتصر ) هذا العارف ( معه ) أي مع هذا الكشف ( على ما ذكرناه فهذا القدر ) أي كشف الأصول الظاهرة في صور الطبيعة على الاقتصار ( يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله فيلحق بالعارفين ويعرف عند ذلك ) الشهود ( ذوقا ) معنى قوله تعالى :فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ[ الأنفال : 17 ] ، لشهوده كيفية صدور الأفعال من اللّه .

قال رضي الله عنه :  ( وما قتلهم ) في الحقيقة ( إلا الحديد والضارب والذي خلق هذه الصورة ) الضاربية والحديدية وهو الذات الإلهية الباقية بعد إفناء هذه الصورة العنصرية ( فبالمجموع وقع القتل والرمي فيشاهد الأمور بأصولها ) وهي الحقائق المجردة الإلهية والحقائق المجردة الكونية ( وصورها ) الطبيعية والعنصرية ويشاهد كيفية صدور الأحكام من جملتها ( فيكون تاما ) في المعرفة باللّه لا كاملا ( فإن شهد النفس ) أي فإن شهد مع ذلك أن النفس الرحمن عين الطبيعية .

قال رضي الله عنه :  ( كان مع التمام كاملا ) في المعرفة باللّه فعلى هذا التقدير ( فلا يرى إلا اللّه في عين كل ما يرى فيرى الرائي عين المرئي ) فمن حيث أنه كاملا يرى الرائي عين المرئي ويرى غيره من حيث أنه تام لا كامل فجمع بين الشهودين شهود النفس الرحمن وشهود أصول الأمور وصورها فلكل شهود حكم في هذا العارف ( وهذا القدر ) من البيان في المعرفة باللّه ( كاف ) للطالبين والسالكين إلى اللّه ( واللّه الموفق والهادي إلى سبيل الرشاد ) .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

قال رضي الله عنه : (فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا. فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور. فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى. فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

قال رضي الله عنه  : ( فإذا تحقّق بما ذكرناه » يعني إذا نزل إلى حيوانيته وتحقّق بها « انتقل إلى أن يكون عقلا مجرّدا في غير مادّة طبيعية ، فيشهد أمورا هي أصول لما يظهر في الصور الطبيعية ، فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في الصور الطبيعية علما ذوقيا ) .

يعني  رضي الله عنه  : أنّ السالك المتحقّق بحيوانيته إن انتقل بعد ذلك إلى التحقّق بكونه عقلا مجرّدا عن القيود الطبيعية ، تحقّق حينئذ ذوقا أنّ العين - التي كانت في العقل عين العقل ، وفي النفس عين النفس ، وفي المعاني معنى مجرّدا معقولا ، وفي الحقّية وجودا بحتا صرفا هو عين ذاته - تباركت وتعالت : وهو في الحيوان حيوان وفي الجماد " جماد " قد ظهرت العين الحقيقة بهذه الصور كلَّها ، فهي أصل الكلّ ومنشؤه ومنبعه ، ومنه وعليه منبعثه ومهيعه ، وإلى العين مصيره ومرجعه ، وأنّه أيضا في صورة من صورها أصل ومنشأ لصورة أخرى بعدها .

قال رضي الله عنه  : (فإن كوشف على أنّ الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا)
فإنّه قد أوتي الحكمة التي بها يغلب أعيان خلق العالم كلَّه مع كثرة صورها غير المتناهية حقّا واحدا أحدا لا كثرة فيه أصلا ، وهذا هو الخير الكثير .

قال رضي الله عنه : ( وإن اقتصر معه على ما ذكرناه ، فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله ، فيلحق بالعارفين ويعرف عند ذلك ذوقا  "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ الله قَتَلَهُمْ ").

يعني  رضي الله عنه  : أنّ الله قتلهم في صوركم وموادّكم ، ( وما قتلهم إلَّا الحديد والضارب والذي خلف هذه الصور ، فبالمجموع وقع القتل والرمي ، فيشاهد الأمور بأصولها وصورها ، فيكون تامّا ، فإن شهد النفس ، كان مع التمام كاملا ، فلا يرى إلَّا الله عين ما يرى ، فيرى الرائي عين المرئيّ ) كما كان يرى العلَّة عين المعلول
( وهذا القدر كاف ، والله الموفق  الهادي ) .

 شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

( فإذا تحقق بما ذكرناه ) أي عند نزوله إلى حيوانيته والتحقق بها ( انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في مادة طبيعية ، فيشهد أمورا هي أصول لما يظهر في الصور الطبيعية ، فيعلم من أين يظهر هذا الحكم في الصورة الطبيعية علما ذوقيا )
يعنى أن السالك المتحقق بحيوانيته إذا انتقل بعد ذلك إلى التحقق بكونه عقلا مجردا عن القيود الطبيعية ،
تحقق حينئذ ذوقا أن العين التي كانت في عالم العقل عقلا هي في عالم النفس نفس ، فشهد في العالم العقلي عقولا هي أصول لما في العالم الأسفل من الصور الطبيعية ،
فيعلم أن الأحكام المختلفة في الصور الطبيعية هي معاني الأعيان والحقائق العقلية علما ذوقيا ، فالحقيقة التي هي وجود بحث صرف هي ذاته تعالى في عالم الأعيان عين ،
وفي عالم المعاني معنى صرف معقول ، وفي عالم العقول عقل مجرد ، وفي عالم النفس نفس ، وفي عالم الحيوان حيوان ، وفي النبات نبات ، وفي الجماد جماد ،
فقد ظهرت العين الحقيقة في المراتب كلها بهذه الصور مع بقائها على حالها في عالمها فهي أصل الكل ومنشؤه ومنبعه ، وإلى الأصل الأول والحقيقة الأولى مصيره ومرجعه " وإِلَى الله تُرْجَعُ الأُمُورُ " منه بدأ الكل وإليه يعود

قال رضي الله عنه : (فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن "فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً")   فإنه قد أوتى الحكمة التي بها تنقلب أعيان خلق العالم كله ، مع كثرة صورها الغير المتناهية حقا واحدا أحدا لا كثرة فيه أصلا وهو الخير الكثير ، لأن الغالب على حاله الإحسان العلمي والحكمة والتوحيد

قال رضي الله عنه : (وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله فيلحق بالعارفين، ويعرف عند ذلك ذوقا "فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ ولكِنَّ الله قَتَلَهُمْ")
يعنى أن الله قتلهم في صوركم وموادكم

قال رضي الله عنه :  ( وما قتلهم إلا الحديد والضارب والذي خلف هذه الصورة ، فبالمجموع وقع القتل والرمي فيشاهد الأمور بأصولها وصورها فيكون تاما ، فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا ، فإن النفس الرحماني هو عين فيض الوجود والحياة على الكل بل عين تنزل الحق إلى الصور كلها ) فلا يرى إلا الله عين ما يرى فيرى الرائي عين المرئي ، وهذا القدر كاف ،
والله الموفق والهادي .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكان لنا تلميذ قد حصل له هذا الكشف غير أنه لم يحفظ عليه الخرس ، فلم يتحقق بحيوانيته . ولما أقامني الله في هذا المقام ، تحققت بحيوانيتي تحققا كليا ، فكنت أرى وأريد أن أنطق بما أشاهده فلا أستطيع ، فكنت لا أفرق بيني وبين الخرس الذين
لا يتكلمون).

قال رضي الله عنه :  ( فإذا تحقق بما ذكرناه ) أي ، بالمقام الحيوانية وانكشف له أسرار عالم الطبيعة وشاهد الأحوال البرزخية وعلم حقيقة ما جاء به الشريعة .

قال رضي الله عنه :  ( انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية ، فيشهد أمورا هي أصول لما يظهر في الصورة الطبيعية فيعلم من أين يظهر هذا الحكم في صورة الطبيعة ، علما ذوقيا. )
وإنما ينتقل إلى مقام العقل المجرد مرة أخرى بعد شهود الأمر على ما هو عليه في البرزخ ، لأنه إذا صار عقلا مجردا ، شارك العقول المجردة والأرواح المطهرة ، واطلع على عالم
الجبروت وما فيه من الأنوار القاهرة ، فحينئذ يشاهد أمورا كلية وحقائق مجردة ، هي أصول لما يظهر في عالم الطبيعة ، فيعلم ذوقا أن الأمور الكلية كيف تنزل وتصير جزئية محسوسة مصورة بالصورة الطبيعية العنصرية ، من غير تنزل روحه المجردة إلى هذه الصورة الإنسانية والمقام الحيوانية .
وبرجوعها إلى مقامها الأصلي وتحققها بالعهد الأول يعرف كيفية تنزلات الذات الإلهية من المقام

قال رضي الله عنه :  ( الأحدية ) و ( الواحدية ) إلى المراتب الكونية وظهورها في جميع مراتب العوالم السفلية والعلوية ، شريفها وخسيسها ، عظيمها وحقيرها ، فيشاهد الحق في جميع
مراتب الوجود شهودا حاليا ، فيفوز بالسعادة العظمى والمرتبة الكبرى .
رزقنا الله وإياكم السعادة وجعلنا ممن كمل وطهر بالعبادة .

قال رضي الله عنه :  (فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن ، فقد أوتى خيرا كثيرا.) أي، فإن علم ذوقا أن الطبيعة هي التي تسمى ب‍ (النفس الرحماني) وليست مغائرة له في الحقيقة ، فقد أوتى خيرا كثيرا .
وتفسير (الطبيعة) و (النفس الرحماني) قد مر في (الفص العيسوي) ومواضع أخر مرارا ، فلا نحتاج إلى ذكرهما هاهنا .
قال رضي الله عنه :  ( وإن اقتصر معه ) أي ، مع مقام الخرس ( على ما ذكرناه ) من شهود الأمور التي هي أصول لما يظهر في الصورة الطبيعية ، ( فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله ) أي ، النظر الفكري .

قال رضي الله عنه :  (فيلحق بالعارفين، ويعرف عند ذلك ذوقا) حقيقة قوله تعالى: ("فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم".) لأنه شهد ظهور الحق في جميع مراتب الوجود وكيفية صدور الأفعال منه في المظاهر الكونية ،
فنفى القتل عنهم، وأضاف إلى الله، كما قال : ( وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى ).
( وما قتلهم إلا الحديد والضارب ، والذي خلف هذه الصور) من الهوية الإلهية .
(فبالمجموع وقع القتل والرمي) (فيشاهد الأمور) عطف على قوله : (ويعرف عند ذلك ذوقا ) . ( بأصولها ) وهي الحقائق المجردة الكونية . (وصورها) وهي الصور الطبيعية والعنصرية والمثالية الخيالية . (فيكون تاما.)

قال رضي الله عنه :  (فإن شهد النفس) بفتح (الفاء) . أي ، فإن شهد مع الحقائق المجردة النفس الرحماني. (كان مع التمام كاملا : فلا يرى إلا الله عين ما يرى.) أي، لا يرى في كل عين ما يرى إلا الله، لاغيره.
(فيرى الرائي عين المرئي. وهذا القدر كاف.) أي، في العرفان. (والله الموفق والهادي
. )


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

قال رضي الله عنه :  ( فإذا تحقّق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجرّدا في غير مادّة طبيعيّة ، فيشهد أمورا هي أصول لما يظهر في الصّور الطّبيعيّة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في الصّور الطّبيعيّة علما ذوقيّا ، فإن كوشف على أنّ الطّبيعيّة عين نفس الرّحمن فقد أوتي خيرا كثيرا ، إن اقتصر معه على ما ذكرناه ؛ فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله ؛ فيلحق بالعارفين ، ويعرف عند ذلك ذوقا ،فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ [  الأنفال : 17 ] ، وما قتلهم إلّا الحديد والضّارب والّذي خلف هذه الصّور . فبالمجموع وقع القتل والرّمي، فيشاهد الأمور بأصولها وصورها ، فيكون تامّا؛ فإن شهد النّفس كان مع التّمام كاملا ؛ فلا يرى إلّا اللّه سبحانه عين ما يرى ، فيرى الرّائي عين المرئيّ، وهذا القدر كاف ، واللّه الموفّق الهادي ).

قال رضي الله عنه :  ( فإذا تحقق ) العارف ( بما ذكرنا ) من الحيوانية ، ثم الملكية ،
ثم الحيوانية مع الكشف المذكور ( انتقل ) من هذه الحيوانية ( إلى أن يكون عقلا مجردا ) ؛ لأن هذه الحيوانية تجذبه إلى العالم العلوي أشد من جذب الملكية التي قبلها ، فتكمل ملكيته ثانيا أكمل بما كانت عند الانتقال من الحيوانية الأولى ؛ لأنها بحسب المنتقل منه ،

فيصير ( في غير مادة طبيعية ) ، بل إما في مادة مثالية أو لا يبقى في مادة أصلا ، ( فيشهد ) بهذه الملكية بعد الحيوانية الثانية ( أمورا هي أصول لما يظهر في الصور الطبيعية ) ؛ لالتحاقه بالملأ الأعلى فوق رتبة الملائكة السماوية ، وهي منتقشة بالفعل بكل ما يؤخذ في عالم الكون والفساد وبالأسباب الحقيقية ؛
لذلك بخلاف الملائكة السماوية فإن انتعاشها بذلك لا يكون بالفعل بجميع ما يكون فيه البعض ، ثم يمحي ويثبت البعض الآخر على حسب حركات أفلاكها ، وليس فيها أسباب ذلك وأسرارها على وجه الاستيعاب والاستقصاء ، ( فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في الصور الطبيعية ) أي : يعرف ذلك في حكم جزئي يطلع عليه ، فيمكنه في الجملة التصرف في العالم بمقتضى ذلك ،

قال رضي الله عنه :  ( فإن كشف ) له مع ذلك ( أن الطبيعة عين نفس الرحمن ، فقد أوتي خيرا كثيرا ) ، إذ يحصل له كمال المعرفة مع كمال التصرف في العالم ، إذ يرى نفسه الذي هو من الصور الطبيعية عين نفس الرحمن الذي به سريان إشراق نوره في الموجودات ، وهو الذي يتحد به الحق مع الخلق ، فيتم له التوحيد ( وإن اقتصر معه ) أي : مع الانتقال إلى العقل المجرد ( على ما ذكرنا ) من شهود أصول ما يظهر في الصور الطبيعية .

قال رضي الله عنه :  ( فهذا القدر يكفيه من المعرفة ) وإن لم يبلغ إلى كمالها المفضي إلى التوحيد ، لكنها من المعرفة ( الحاكمة على عقله ، فيلحق ) في الجملة ( بالعارفين ) ؛ لأنه لما اطلع على أصول ما يظهر في الصور الطبيعية اطلع على أصل تلك الأصول ، وهي ظهور الحق بصور أسمائه في الموجودات ، ( فيعرف عند ذلك ذوقا ) وراء المعرفة العلمية معنى قوله تعالى :( فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى) [ الأنفال : 17 ] ، إذ
يعرف أن اللّه هو القاتل والرامي باعتبار ذاته ، وباعتبار ظهوره في الحديد والضارب والرامي بصور أسمائه ؛

وذلك لأنه ( ما قتلهم إلا الحديد والضارب ، والذي خلق هذه الصور ) ، وما رماهم إلا الحديد والقوس والرامي ، والذي خلق هذه الصور ، ( فبالمجموع وقع القتل والرمي ، فيشاهد الأمور بأصولها ) ، كالخالق وأسمائه ( وصورها ) كالحديد والضارب ، ( فيكون تامّا ) في المعرفة لكن فيه تفرقة .

( فإن شهد ) مع ذلك ( النفس ) الرحماني بعين الصور الطبيعية ( كان مع التمام كاملا ) ؛ لوصوله إلى رتبة التوحيد ،
"" أضاف المحقق :
أي : شهد مع ذلك أن النفس الرحماني غير الطبيعية كان مع التمام كاملا في المعرفة باللّه .أهـ شرح القاشاني. ""

قال رضي الله عنه :  ( فلا يرى إلا اللّه عين ما يرى ) من الصور الطبيعية ، فلا تتفرق في نظره الصور والخالق بخلاف نظر الأول ، فيصير كما قال الإمام حجة الإسلام الغزالي في الباب الثالث من كتاب « التلاوة » : بل التوحيد الخالص ألا يرى في كل شيء إلا اللّه ،
( وهذا القدر كاف ) في تمام المعرفة وكمالها ، وإن كان لا يخلو عن النظر في الأسماء والنفس ، واللّه الموفق لتحصيل هذا الكمال ، والهادي لطريق تحصيله ، ( واللّه الموفق ) لمراتب الأكملية ، و ( الهادي ) للسير فيه ومنه بعد السير إليه ؛ فافهم ، فإنه مزلة للقدم .

ولما فرغ عن بيان الحكمة الإيناسية المفيدة للأنس بالعوالم ، شرع في بيان الحكمة الإحسانية المفيدة أنس العبد بالحق والحق بالعبد ، فيرى العبد ربه في كل شيء ، والرب يرى صور أسمائه وآثارها في خلقه ،
وهذا هو الإحسان المشار إليه بقوله عليه السّلام : « أن تعبد اللّه كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ؛ فإنه يراك »  ؛
فقال : فص الحكمة الإحسانية في الكلمة اللقمانية

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

العقل البالغ
قال رضي الله عنه :  ( فإذا تحقّق بما ذكرناه ) من الإطلاق الحقيقيّ الجامع بين الوحدة العينيّة والكثرة التعينيّة عند تحقّقه بالحيوانيّة الكليّة تحقّقا كليّا ، خالصا عن تقيّدات الموادّ وتشخّصات الأفراد .
فلذلك ( انتقل إلى أن يكون عقلا مجرّدا ) عن مشخّصاته الفارقة ( في غير مادة طبيعية ) ، فإنّها هي مبدأ التفرقة والتكثّر ، وهذا العقل هو البالغ رتبة استوائه القلبي - كما أشير إليه غير مرّة - والعالم حقائق الأمور بما هي عليه بأصولها وفروعها وخصائصها وأعراضها ( فيشهد أمورا ) في ذلك الموطن العلمي الإطلاقي

قال رضي الله عنه :  ( هي أصول لما يظهر في الصور الطبيعيّة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صورة الطبيعة ) يعني ظهور شخص واحد في صورتين ، كظهور إدريس في صورة إلياس ، مع بقاء الأول بحاله ، بدون نسخ ولا فسخ على ما هو مدرك العامّة في ذلك .

فإنّك قد عرفت حيث حقّق الارتباط بين الكلَّين أنّ طريان الكثرة للواحد لا يزيله عن أمر الوحدة وما يعوقه عنها ، بل يقوّيه ويكمله .

ومن جملة ما ظهر من هذه الأصول أمر العقل ومدركه في الصور الطبيعيّة ، حيث قصر نظر العقل فيها على طرق التنزيه ، ولا يتمكَّن من إدراك طرف التشبيه أصلا ، ما دام في صورته الطبيعيّة ، والوهم على عكس ذلك - ( علما ذوقيّا ) فإنّ العقل حينئذ في مقرّ إطلاقه الجمعي ، لا مجال لتفرقة الدليل والمدلول هناك أصلا .

قال رضي الله عنه : (فإن كوشف) مع العلم بهذه الكثرة وخصائص الكثير (على أنّ الطبيعة) التي هي مبدأ تلك الكثرة (عين نفس الرحمن) - وهي العين الواحدة في الصور الكثيرة - ( فقد أوتي خيرا كثيرا) ، ضرورة أنّ نفس الرحمن هو الوجود الذي هو الخير ، فإذا شوهد ذلك في الكثير فقد أوتي خيرا كثيرا .

وظهر من كلامه هذا أنّ الحكمة - التي من أوتيها فقد أوتي خيرا كثيرا - إنما هو التحقّق بالوحدة الحقّيّة مع الكثرة الكونيّة ، مرتبطا أحدهما بالآخر ، على ما لا يخفى للمتأمّل في حروفها الكاشفة عنها ( وإن اقتصر معه على ما ذكرنا ) من التحقّق بأصول تلك الصور ، ومبادئ تلك الخصائص ، دون الوجه  الجمعيّ الإحاطيّ النفسي الرحمانيّ ، ( فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله ) بالقصور ما دام في صورته الطبيعيّة .

لا يعرف حقّ الأمر غير العارفين
وفي هذا القيد استشعار أنّ طائفة أهل النظر من الفلاسفة والمتكلمين الذين قد حكم عليهم عقولهم ، ليسوا من المعرفة في شيء وهذه الطائفة لمّا علمت قصور مدارك العقل وعجزه عرفت أمر العقل بما هو عليه ( فيلحق بالعارفين ، ويعرف عند ذلك ) التحقّق بمبادئ الأفعال ، وارتباط كل أصل بفروعه المنشعبة عنه ( ذوقا ) يعني قوله تعالى : - ("فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ الله قَتَلَهُمْ“).

قال رضي الله عنه :  ( وما قتلهم ) لدى المدارك الحسّية ( إلا الحديد والضارب الذي خلف هذه الصور ) منحجبا بها عن تلك المدارك ، منكشفا لدى العقل الصافي مشرب شعوره عن شوائب العادات والتقليدات الواهية ، ورسومها الخالية ( فبالمجموع وقع ) هذا ( القتل والرمي ) .

وإنما خصّ هذان الفعلان في تحقيق الأمر من عالم الأفعال لكمال ظهورهما وتوجّه المدارك نحوهما بجوامع قصدها ، ولأنّهما أيضا من الكليّات التي تترتّب عليها أمور وأحكام جزئيّة فإذا نظر العارف فيهما عند صدورهما من المجموع ، وتميّز بين الأصول والفروع ( فيشاهد الأمور بأصولها وصورها ، فيكون تامّا ).

قال رضي الله عنه :  (فإن شهد النفس ) الرحمانيّ - الذي هو أصل الأصول - ( كان مع التمام كاملا ) فإنّك قد عرفت فيما سلف أنّ الكمال باحتياز غايات الأمور وحدودها ، وهو الحقّ في صورة النفس الرحماني الذي تتّحد به الكلمات الوجوديّة كلَّها ، اتّحاد الكلمات اللفظيّة بالنفس الإنسانيّ ( فلا يرى إلَّا الله عين ما يرى ، فيرى الرائي عين المرئي ) ،
وهذا هو احتياز الغايات فإنّ الرؤية التي هي غاية الحركة الوجوديّة قد اتّحدت بها غاية الظهور ، يعني المرئي - وغاية الإظهار - يعني الرائي - فانحازت برؤية الغايات .

قال رضي الله عنه :  (وهذا القدر يكفي) للبيب المتفطَّن في تحقيق أمر الكمال ، (والله الموفّق والهادي) له إلى إدراكه وتحقّقه .
تم الفص الإلياسي

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية، فيشهد  أمورا هي أصول لما يظهر في صور الطبيعة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في صور الطبيعة علما ذوقيا.
فإن كوشف على أن الطبيعة عين نفس الرحمن فقد أوتي خيرا كثيرا، وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله: فيلحق بالعارفين و يعرف عند ذلك ذوقا «فلم تقتلوهم و لكن الله قتلهم»: و ما قتلهم إلا الحديد و الضارب، و الذي خلف هذه الصور.
فبالمجموع وقع القتل و الرمي، فيشاهد الأمور بأصولها و صورها، فيكون تاما. فإن شهد النفس كان مع التمام كاملا: فلا يرى إلا الله عين ما يرى.
فيرى الرائي عين المرئي . وهذا القدر كاف، والله الموفق الهادي.  )

قال رضي الله عنه :  ( فإذا تحقّق بما ذكرناه انتقل إلى أن يكون عقلا مجرّدا في غير مادّة طبيعيّة ، فيشهد أمورا هي أصول لما يظهر في الصّور الطّبيعيّة فيعلم من أين ظهر هذا الحكم في الصّور الطّبيعيّة علما ذوقيّا .)

قال رضي الله عنه :  ( فإذا تحقق بما ذكرناه انتقل ) من مقام الحيوانية ( إلى أن يكون عقلا مجردا في غير مادة طبيعية فيشهد أمورا هي أصول لما يظهر في الصور الطبيعية فيعلم من أين يظهر هذا الحكم في الصور الطبيعية علما ذوقيا .

قال رضي الله عنه :  ( فإن كوشف على أنّ الطّبيعيّة عين نفس الرّحمن فقد أوتي خيرا كثيرا .  وإن اقتصر معه على ما ذكرناه فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله : فيلحق بالعارفين ويعرف عند ذلك ذوقا :فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ [ الأنفال : 17].وما قتلهم إلّا الحديد والضّارب والّذي خلف هذه الصّور . فبالمجموع وقع القتل والرّمي ، فيشاهد الأمور بأصولها وصورها . فيكون تامّا . فإن شهد النّفس كان مع التّمام كاملا : فلا يرى إلّا اللّه سبحانه عين ما يرى . فيرى الرّائي عين المرئيّ . وهذا القدر كاف ، واللّه الموفّق الهادي .)

فإن كوشف على أن الطبيعة ) التي هي مبدأ الكثرة ( عين نفس الرحمن ) الذي هو العين الواحد في الصور الكبيرة ( فقد أوتي خيرا كثيرا ) . ضرورة أن نفس الرحمن هو الوجود الذي هو الخير فإذا شوهد ذلك الكثير فقد أوتي خيرا كثيرا .

قال رضي الله عنه :  ( وإن اقتصر معه ) ، أي مع الخرس ( على ما ذكرناه ) ، من مشاهدة أمور هي أصول لما يظهر في الطبيعة ( فهذا القدر يكفيه من المعرفة الحاكمة على عقله ) بالكشف ( فيلحق بالعارفين ويعرف عند ذلك ذوقا ) ،

حقيقة قوله تعالى : (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْوما قتلهم إلا الحديد والضارب الرباني الذي خلف هذه الصورة فبالمجموع وقع القتل والرمي ، فيشاهد الأمور بأصولها وصورها فيكون تاما ، وإن شهد النفس الرحماني ) الذي هو أصل الأصيل ( كان مع التمام كاملا ) ، فإن الكمال هو الوصول إلى غايات الأمور وهو الحق في صورة النفس الرحماني الذي متحد به الكلمات الوجودية كلها اتحاد الكلمات اللفظية بالنفس الإنساني .

قال رضي الله عنه :  (فلا يرى إلا اللّه عين ما يرى ، فيرى الرائي عين المرئي وهذا القدر كاف ) في التحقيق بمقام الكمال وإن كانت مرتبة التكميل فوقه ( واللّه الموفق ) لسلوك سبيل مرتبة الكمال والتكميل ( والهادي ) إلى سواء السبيل .

تم الفص الإلياسي
 .
الفقرة السادسة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله
واتساب

No comments:

Post a Comment