Wednesday, February 12, 2020

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني والعشرون فص حكمة إيناسية في كلمة إلياسية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ جاءت الشّرائع كلّها بما تحكم به الأوهام . فلم تخل عن صفة يظهر فيها . كذا قالت ، وبذا جاءت . فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحقّ التّجلّي فلحقت بالرّسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل اللّه .اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُفاللَّهُ أَعْلَمُموجّه له وجه بالخبريّة إلى رسل اللّه ، وله وجه بالابتداء إلىأَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ. وكلا الوجهين حقيقة فيه ولذلك قلنا بالتّشبيه في التّنزيه وبالتّنزيه في التّشبيه .  وبعد أن تقرّر هذا فنرخي السّتور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلّى فيها الحقّ . )

(ثم جاءت الشرائع كلها) من عند اللّه تعالى إلى الأمم المكلفين بها على ألسنة أنبيائهم ورسلهم عليهم السلام بما تحكم به الأوهام على العقول الإنسانية من التصوير والتمثيل في حق اللّه تعالى مع التنزيه والتقديس عن جميع ذلك فأقرّ الصور لمحة ونفاها لمحة ، لأن أمره تعالى "كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ"، فيقال فيه هو هذا ثم يقال : ليس (هو) هذا لانتفائه في اللمحة الثانية .
(فلم يخل الحق تعالى عن صفة) عند الأوهام العقلية (يظهر فيها) للعقلاء

(كذا قالت ، أي الشرائع كلها بمضمون حكمها وصريح عبارات أدلتها النقلية (وبذا ، أي بما ذكر جاءت ، أي الشرائع من عند اللّه تعالى إلى الأمم بواسطة المرسلين عليهم السلام (فعملت جميع الأمم على ذلك ، أي وصفت الحق تعالى بما تعطيه أوهامها من الأوصاف المختلفة (فأعطاها الحق تعالى (التجلي ، أي الانكشاف في حضرة الأوهام فتكلم كل واحد بما تجلى له في وهمه من الصفات الإلهية (فلحقت تلك الأمم (بالرسل والأنبياء عليهم السلام وراثة نبوية في نفس الأمر من غير متابعة شرعية منهم في البعض فإنهم كفروا وإن وافقوا المقصود ،
لأن المطلوب منهم أخذ المقصود بالمتابعة لا بالاستقلال ، لأن الاستقلال رسالة من اللّه تعالى وهم لم يرسلوا فنطقت ، أي الأمم بما نطقت به يعني الأمم من الصفات الإلهية على حسب ما وقع لهم التجلي الإلهي في أوهامهم وتخيلاتهم فأصابوا الحق ، لأن الكل تجلياته سبحانه وأخطأوا حيث لم يأذن اللّه تعالى فإنه ليس كل صواب مقبولا .

قال تعالى :وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ[ البقرة : 189 ] .
مع أن المقصود إتيان البيوت وقد حصل سواء أتى من الظهور أو من الأبواب الكبرى ، ولكن البر أي الإحسان إلى الشارع الإتيان من الأبواب ، أي المتابعة في ذلك كتارك الأكل نهارا لا يسمى صائما حتى ينوي متابعة الشارع فيما شرعه من ذلك ،
وهكذا جميع المشروعات من الفروض والنوافل ، فالنية شرط في حصول العبادات مطلقا في المأمور والمنهي ، وهو قول النبي صلى اللّه عليه وسلم : " إنما الأعمال بالنيات " .
أو بما نطقت به . رواه البخاري ورواه أبو داود ورواه غيرهما .

رسل اللّه فاعل نطقت لأنهم ورثتهم من حيث الأوهام البشرية التي لم تقبل منهم لعدم متابعتهم لهم فيها كما تبعت الأنبياء عليهم السلام ربهم في ذلك .
قال تعالى :قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ[ الكهف : 110 ] ،
فالفارق الوحي وهو القذف في القلب والكل يقذف في قلوبهم ولكن المتابعة الإلهية تنتجها المعرفة الربانية وهي المقتضية للقبول على الوجه التام فلولا متابعة الأنبياء عليهم السلام لأمر ربهم على الكشف في نفوسهم لما فرق بينهم وبين أممهم في التجليات الإلهية ومقتضى ما تعطى من الأوصاف وكذلك الوراثة النبوية في الأمم ما قبل منها إلا وراثة أهل المتابعة دون غيرهم ولهذا قال تعالى عن الكافرين :وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ "اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ"[ الأنعام : 124 ] .
بأن يأذن اللّه تعالى لهم بذلك فيكون ما يجدونه من الأوصاف عن الوحي النبوي لا عن وسواس نفوسهم كما قال تعالى :"وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ" [ ق :16] ،
فثبت له تعالى العلم بجعل الرسالة في المرسلين عليهم السلام ، والعلم أيضا بوسواس النفوس في غير أهل المتابعة من الناس . ثم قال تعالى :وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ[ ق : 16]

فأثبت القرب إلى الإنسان بجميع أنواع الإنسان على السواء من غير تفاوت ، وبقي التفاوت بوسواس النفس ، ووحي الرب وهو الجعل للرسالة في المرسلين دون غيرهم ، لا العلم بهم فإنه مشترك كما ذكرنا فاللّه أعلم .

الواقع في هذه العبارة في هذا الكتاب كلام موجه ، أي ذو وجهين له وجه بالخبرية ، أي موجه بكونه خبرا إلى ، قوله هنا رسل اللّه إذا تم الكلام على قوله بما نطقت به الآية التي سبب نزولها كما ذكر البيضاوي في تفسره :  أن كفار قريش لما قال أبو جهل تزاحمنا بنو عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا : منا نبي يوحى إليه واللّه لا نرضى به إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه انتهى .

"" أضاف المحقق :
ونص ما أورده البيضاوي في تفسيره كاملا :وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ [ الأنعام : 124 ]
يعني كفار قريش لما روي : أن أبا جهل قال : زاحمنا بني عبد مناف في الشرف حتى إذا صرنا كفرسي رهان قالوا : منا نبي يوحي إليه اللّه لا نرضى به إلا أن يأتينا وحي كما يأتيه ، فنزلت :اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ[ الأنعام : 124 ]
استئناف للرد عليهم بأن النبوة ليست بالنسب والمال وإنما هي بفضائل نفسانية يخص اللّه سبحانه وتعالى بها من يشاء من عباده فيجتبي لرسالاته من علم أنه يصلح لها ، وهو أعلم بالمكان الذي يضعها فيه . تفسير البيضاوي . أهـ ""

فيبقى قوله تعالى :قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ[ الأنعام : 124].
، فنائب الفاعل ضمير أوتي راجع إلى نبيهم الذي جاءتهم آيته ، أي معجزته وهو محمد صلى اللّه عليه وسلم ، لأنهم لم يقولوا مثل ما أوتي جميع الأنبياء والرسل ،
وإنما قالوا : إن يأتينا وحي كما يأتيه ، فرسل : مبتدأ ، واللّه : مضاف إليه ، واللّه : خبر المبتدأ كما قال تعالى  :إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ( 49 ) [ القمر : 49 ] .
في قراءة رفع كل على أنها خبر إنّ ثم قوله : اعلم ، صفة للّه بإضمار هو تعالى ، وحيث يجعل رسالته متعلق بأعلم وله ، أي لقوله اللّه وجه آخر موجه أيضا بالابتداء ، أي هو مبتدأ إلى أعلم فأعلم خبر المبتدأ حيث يجعل رسالته متعلق بأعلم أيضا

وكلا الوجهين في عبارة هذا الكتاب هنا (حقيقة فيه) ، أي في اللّه تعالى على حسب ما ورد عنه سبحانه (فلذلك) ، أي لكونهما حقيقة لا مجازا (قلنا) في حقه تعالى (بالتشبيه) للّه تعالى (في التنزيه) حيث كان الكلام أنهم نطقوا بما نطقت به رسل اللّه من التجليات في أوهامهم اللَّهُ "أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ" .
فهو تعالى منزه عن كل ما نطقوا به ، لأن اللّه تعالى لم يجعل الرسالة فيهم ، فهو تنزيه اللّه تعالى والتشبيه في ضمنه لمطابقتهم ما نطقت به الرسل عليهم السلام .

وقلنا أيضا (بالتنزيه) للّه تعالى (في التشبيه) حيث كان الكلام أنهم نطقوا بما نطقوا به ورسل اللّه هم اللّه وهو تشبيه للّه تعالى والتنزيه في ضمنه حيث أثبت الرسل صورا إنسانية مسماة بأسماء معلومة ، فجعلها مبتدأ والمبتدأ غير الخبر ، وإلا لما صح الحمل ولزم تحصيل الحاصل مثل قولك : زيد زيد فلا فائدة فيه .

(وبعد أن نقول) لك يا أيها السالك (هذا) الكلام (فنرخي الستور) على وجوه الأسرار (ونسدل الحجب على عين المنتقد) ، أي المنكر وعين (المعتقد) ، أي المصدق لئلا تفسد المعاني الصحيحة بالأفهام الفاسدة أو يصعب إدراكها فتوجب وقفه فإن وراء ما ذكر أسرار الاتحاد الروحاني وأنوار الاختلاف الجسماني فلا يسعه إلا العبد الفاني والسر المتداني ،
فإن الشريعة مجرد بيان والحقيقة خلاصة عيان ، والكل ثابت فلا يتغير بما هو يكون وما هو كائن وما كان لأنه نفس الأمر في وعائي الزمان والمكان وإن كانا ، أي المنتقد والمعتقد أيضا اللذين نسبة الحقائق عليهما (من بعض صور ما تجلى) ، أي انكشف (فيها الحق) تعالى لأهل الكمال .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها ) من لدن آدم إلى محمد عليهم السلام ( بما تحكم به الأوهام كلها ) وما حكم الأوهام إلا بسريان الحق في كل صورة من الصور التنزيهية والتشبيهية فكذلك الشرع جاء نزه وشبه ثم نزه عن التنزيه
وقرر بذلك حكم الوهم فإذا جاءت الشرائع بما حكم به الأوهام ( فلم تخل ) من الأخلاء أي لم تجعل الشرائع ( الحق ) خاليا ( عن صفة تظهر فيها ) إذ لا بد بظهور الحق من صفة وثبوت تلك الصفة له عين التشبيه على أن كونه في كنزه ظهوره بصفة الخفاء والعماء وتنزيه الشرع إنما هو بمقتضى العقول لا لكون الأمر في نفسه كذلك لذلك نزه عن تنزيه العقول بقوله سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ( كذا ) أي كقولي هذا

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( قالت ) الشرائع ( وبذا ) أي وبما حكم الأوهام ( جاءت فعلمت الأمم ) أي جميع الأمم ( على ذلك ) أي على ما جاءت به الشرائع وحكم الأوهام ( فأعطاها ) أي الأمم ( الحق التجلي ) الذي يحصل به شهود سريان الحق في جميع الصور كما أعطاه الرسل .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلحقت ) الأمم في هذا التجلي ( بالرسل وراثة فنطقت ) الأمم ( بما نطقت به رسل اللّه ) من التنزيه والتشبيه وقال اللّه تعالى (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ، فاللّه أعلم موجه له وجه بالخبرية إلى رسل اللّه ) على تقدير أن يكون قوله لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ كلاما تاما بأن جعل مفعول أوتي الذي أقيم مقام الفاعل ضميرا عائدا إلى الرسل ،
فعلى هذا قوله رُسُلُ اللَّهِ مبتدأ اللّه خبره واعلم خبر مبتدأ محذوف
أي رسل اللّه هم عين اللّه من جهة اتصافهم بالصفات الحقانية وإن كانوا غيره من جهة اتصافهم بالصفات الامكانية فكان هذا القول من قبيل إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ ، ومن أكرمني فقد أكرم اللّه وغير ذلك ولا استحالة في هذا التوجيه والمقصود من هذا التوجيه مع أنه لا يخلو عن تعسف إظهار التشبيه للمحجوبين في الآية

فلا يظهر لهم التشبيه في الآية إلا بهذا الوجه ( وله وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالته ) وهو ظاهر وبهذا الوجه ثبت التنزيه أي اللّه أعلم لا غير ) وكلا الوجهين حقيقة فيه ) ،

أي في اللّه أما أكون وجه الابتداء حقيقة فلكون دلالتهما على الذات الموصوفة بالألوهية حقيقة وأما كون وجه الخبرية حقيقة فلكونه للوصفية في التحقيق ( لذلك ) أي لأجل كون كلا الوجهين حقيقة ) قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه ، وبعد أن تقرر هذا ) ولما انتقل كلامه إلى مقام الفرق والفرق لا يكون إلا بالاحتجاب

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد ) وهو أهل الحقيقة ( والمعتقد ) وهو الذي يعتقد بأهل الحق ويصدق فيما بقوله ( وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق) بتجلي الحق المراد من هذا الكلام النهي عن الظهور بما تقرر من أسرار التنزيه والتشبيه والأمر بالستر ليظهر التفاضل .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

قال رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها. كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته . «فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته . و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه. وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

قلت : الشيخ رضي الله عنه وصف حال الوهم في الإنسان وأنه سلطان عظیم لقبوله التنزيه والتشبيه وما جمعهما إلا عارف .
وأما العقل فهو بشطر المعرفة أنسب، لأنه يقتضي التنزيه دون التشبيه .
وأما الحس فلا يقتضي إلا التشبيه والجامع هو الوهم أو المحقق. وما ذكره بعد ظاهر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

قال رضي الله عنه  : ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام ، فلم تخل الحقّ عن صفة يظهر فيها ، كذا قالت ، وبذا جاءت ، فعملت الأمم على ذلك ، فأعطاها الحقّ التجلَّي ، فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله  " الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه ُ "   فـ « الله أعلم » موجّه : له وجه بالخبرية إلى رسل الله وله وجه بالابتداء إلى « أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه ُ).

بمعنى أنّ قولهم : " لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ الله "  يعني هذا الرسول ، وتمّ كلام القوم ، وابتدأ برسل الله ، ثم حمل « الله أعلم » على « رسل الله » ، بمعنى أنّ رسل الله هم الله ، فإنّه هويّتهم وهم صورته ، وهو من حيث هو أعلم حيث يجعل رسالاته ، فجعل الله هوية رسله ، فكان تشبيها في عين تنزيه .
والوجه المشهور ظاهر ، وفي تسويغ هذا الوجه دقّة وتلطَّف ، فتدبّره بفهمك الثاقب .

ولذلك قال  رضي الله عنه : ( وكلا الوجهين حقيقة فيه ، لذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه )
فإنّك إذا حملت « الله أعلم » على " رسل الله " ، نفيت الغيرية ، فأثبتّ الوحدة الحقيقية ،
كقوله عليه السّلام : « هذه يد الله » وأشار إلى يمينه المباركة صلَّى الله عليه وسلم فأوّل أهل الحجاب ، وآمن أهل الإيمان ، وكشف أهل الشهود والعيان أنّ يده عليه السّلام هي عين يد الله العليا في قوله : "يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ " رأي عيان ، فافهم .

قال رضي الله عنه  : ( وبعد أن تقرّر هذا ، فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلَّي فيها الحق )

يعني رضي الله عنه  : لهم وعنهم وفي نظرهم وبموجب زعمهم ، ( ليظهر تفاضل استعداد الصور ، وإنّ المتجلَّي في صورة هو بحكم استعداد تلك الصورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ، لا بدّ من ذلك )
 حتى ينسب إلى المتجلَّي ما ينسب إلى تلك الصورة من الحجاب ، والكشف ، والتجلَّي والستر ، والعرفان والمنكر .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

قال رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام ، فلم تخل الحق عن صفة يظهر فيها ، كذا قالت وبذا جاءت ، فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فألحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به " رُسُلُ الله الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه " فاللَّه أعلم موجه له وجه بالخبرية إلى رسل الله ، وله وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالته ) .

والوجه الأول : أن يوقف على قولهم :" لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ " أي هذا الرسول على أن القول قد تم وابتدأ بقوله -   ( رُسُلُ الله ، الله )   - بمعنى أن رسل الله هم الله ، وأعلم خبر مبتدإ محذوف أي هو أعلم حيث يجعل رسالاته ، والمعنى رسل الله صورته والله هويتهم ، وهو من حيث هم وهم من حيث هو أعلم من حيث يجعل رسالاته ، وإذا كان الله هوية الرسل والرسل صورته كان تشبيها في عين تنزيه . والوجه الثاني هو المشهور ظاهرا .
( وكلا الوجهين حقيقة فيه فلذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه ، وبالتنزيه في التشبيه ) أي فلأن الوجه المذكور أولا حقيقة
كالوجه الثاني قلنا بالتشبيه في عين التنزيه ، ونفى الغيرية في إثبات الوحدة الحقيقية كقوله عليه الصلاة والسلام « هذه يد الله » وأشار إلى يمينه المباركة ،
وهذا الحديث أوله أهل الحجاب وآمن به أهل الإيمان ، وعاين أهل الكشف والشهود أن يده صلى الله عليه وسلم عين يد الله العليا في قوله : " يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ "  وكانت يد رسول الله فوق أيديهم رأى أعيان

"" أضاف بالي زادة :
( عن صفة يظهر فيها ) إذ لا بد لظهور الحق من صفة ، وثبوت تلك الصفة له عين التشبيه ، على أن كونه في كنزه ظهوره بصفة الخفاء والعماء ، وتنزيه الشرع إنما هو بمقتضى العقول لا لكون الأمر في نفسه كذلك ، لذلك نزه عن تنزيه العقول بقوله :" سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ" .اهـ بالى زادة. ""

قال رضي الله عنه : (وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق)

أي بعد تقدير قاعدة الجمع بين التنزيه والتشبيه نسدل الغطاء على عين المنتقد ، أي المحقق العاقل الذي خلاصة المذاهب بالنظر العقلي البرهاني ، والمعتقد أي المقلد لما اعتقده بالعقد الإيماني وإن كانا من جملة مظاهر الحق ومجاليه ، ولكن قد أمرنا بالستر عنهم وأن نكلمهم على حسب نظرهم واعتقادهم بموجب زعمهم ، كما قيل : كلموا الناس على قدر عقولهم ، فإن الله تعالى قال : " وما أَرْسَلْنا من رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِه " وما أمكنهم فهمه

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

قال الشيخ رضي الله عنه :  (ثم ، جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام ، فلم تخل الحق عن صفة يظهر فيها . ) " لم تخل " من " الإخلاء " .
أي ، جاءت الشرائع كلها بمقتضى القوة الوهمية على التشبيه والتنزيه ، فلم تجعل الحق خاليا عن صفة يظهر الحق فيها وهو عين التشبيه .

قال رضي الله عنه :  (كذا قالت) أي الشرائع . (وبذا جاءت فعملت الأمم على ذلك) أي بمقتضى ذلك .
(فأعطاها) أي ، أعطى الحق الأمم . فأنث الضمير باعتبار تأنيث الجمع (الحق التجلي) أي ، تجلى عليهم بتلك الصفات الموجبة للتشبيه .
(فلحقت) أي الأمم . (بالرسل وراثة) أي، من جهة الوراثة . (فنطقت) أي، الأمم. (بما نطقت به رسل الله.) من التنزيه والتشبيه .

قال رضي الله عنه :  (الله أعلم حيث يجعل رسالاته. ف‍ "الله أعلم " موجه : له وجه بالخبرية إلى "رسل الله" . وله وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته . وكلا الوجهين حقيقة فيه . ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه، وبالتنزيه في التشبيه.) لما جعل الأمة ملحقة بالرسل بحكم الوراثة .

وقال رضي الله عنه  : ( فنطقت بما نطقت به رسل الله ) - أدرج قوله تعالى : ( وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله . الله أعلم حيث يجعل رسالته ) . ليبين التنزيه والتشبيه فيه .

فقوله رضي الله عنه : ( الله أعلم ، موجه ) أي ، موجه بالوجهين : الخبرية ، والابتدائية .
أما خبريته ، فلأن قوله تعالى : ( لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى ) . كلام تام ، لأن المفعول الذي أقيم فيه مقام الفاعل ضمير عائد إلى ( الرسول ) .
أي ، لن نؤمن بالآية حتى نؤتى مثل ما أوتى الرسول المبلغ إياها .

ف‍ ( رسل الله ) ، " الله " جملة أخرى . أي ، رسل الله هم مظاهر الله . و ( أعلم ) خبر مبتداء محذوف . أي ، هو أعلم حيث يجعل رسالاته .
والثاني ، ( الله ) مبتدأ و ( أعلم ) خبره . فهو كلام مستأنف .
والوجه الأول وإن كان فيه تعسفات كثيرة ، لكن لما كان في نفس الأمر كلاما حقا ، التزمه . ويظهر حقيته لمن يعرف سر قوله تعالى : " إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله . يد الله فوق أيديهم . ومن يطع الرسول فقد أطاع الله " . وأمثال ذلك .

وكلا الوجهين حقيقة فيه . أي ، حق مطابق لما في نفس الأمر ، لا مجاز ، كما زعم أهل الظاهر في آية ( المبايعة ) و ( الطاعة ) وأمثالها . وإذا كان هوية الحق عين هوية الرسول ، ( 9 ) كان التشبيه الذي في الرسل ثابتا للتنزيه الذي في هوية الحق وبالعكس .

وذلك معنى قوله : ( ولذلك قلنا . . . ) - إلى آخره . أي ، ولأجل أن كلا الوجهين حقيقة في هذا الكلام ، قلنا بالتشبيه في عين التنزيه ، إذ هوية الحق
المنزه هي التي ظهرت في صورة الرسل المشبهة ، والهوية الظاهرة في الصور المشبهة
هي التي كانت منزهة في المرتبة الأحدية .

قال رضي الله عنه :  (وبعد أن تقرر هذا ، فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق . ) .
أي ، وبعد أن تقرر أن التنزيه لا يخلو عن التشبيه وبالعكس ، نرخي الستور ونسدل الأغطية على عين المنتقد .
وهو المحقق الذي يعلم خلاصة المعاني والحقائق ، إما بالكشف والعيان أو بالنظر والبرهان ، وعلى عين المعتقد المؤمن بأهل الحقائق والعرفان.
(وإن كانا ) "من بعض صور ما تجلى فيها الحق"  .. أي ، المنتقد والمعتقد ، من بعض المظاهر التي تجلى الحق فيها .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

قال رضي الله عنه :  (ثمّ جاءت الشّرائع كلّها بما تحكم به الأوهام ، فلم تخل عن صفة يظهر فيها ، كذا قالت ، وبذا جاءت ، فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحقّ التّجلّي فلحقت بالرّسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ فاللَّهُ أَعْلَمُ موجّه له وجه بالخبريّة إلى رسل اللّه ، وله وجه بالابتداء إلله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ،وكلا الوجهين حقيقة فيه ، ولذلك قلنا بالتّشبيه في التّنزيه ، وبالتّنزيه في التّشبيه ، وبعد أن تقرّر هذا فنرخي السّتور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلّى فيها الحقّ )


"" أضاف المحقق :
أي ما تعطيه حقيقتها ولوازمها: لوازم تلك الحقيقة ؛ فلا يذوق هذه المسألة إلا من تجلى له الحق في صورة استعداده فينسيه ما نسب لنفسه ، ويشاهده بذلك التجلي تفاضل الصور فيشبهه وينزهه ، ولا بدّ من ذلك في التجلي ، فلابدّ لظهور استعداد الصور من التجلي مثل هذه المسألة بما وقع في المنام من الصور الإلهية حتى يعلم منه ما في اليقظة ؛ فإنها على الحقيقة إهـ .شرح القاشاني  .""

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع ) شريعة موسى عليه السّلام وعيسى عليه السّلام ومحمد صلّى اللّه عليه وسلّم وغيرهم عليهم السّلام ( كلها بما تحكم به الأوهام ) من التشبيه ، ( فلم تخل ) الحق فيما ورد فيها من التنزيهات فضلا عن التشبيهات ( عن صفة يظهر فيهما ) في المظاهر الخلقية حتى أنه يظهر بالتنزيه في الأرواح والملائكة العلوية ، فيشارك بها المظاهر ، والمشاركة مستلزمة للتشبيه ، بل عينها
( كذا قالت ) في المظاهر ، ( وبذا جاءت ) في الباطن ، فلا يجوز فيها التأول الموجب لرفع الظواهر بالكلية ، إذ لو كان لبينه الرسل ، لكنهم ما بينوا ؛ ( فعملت الأمم ) في اعتقاداتهم على ذلك ، ( فأعطاها التجلي ) الذي لا يعطيه المستمرين على الغلط ، فصاروا أولياء ، ( فلحقت بالرسل ) ورأت علومهم وأحوالهم .

( فنطقت بما نطقت به رسل اللّه ) من التنزيه تارة ، والتشبيه أخرى ، والجمع بينهما طورا ومن سائر العلوم والمعارف ، فأشبه كمالهم الكمال النبوي الذي لا يعرف قدره إلا اللّه كما قال :( اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [ الأنعام : 124 ] ) كيف ؟
وهم مظاهره الجامعة لما فيه من الصفات القابلة للظهور في المظاهر ، وفي ذلك كمال التشبيه ، فقد أشار إليه في هذه الآية بوجه من الوجوه ،( اللَّهُ أَعْلَمُ ) في القرآن بعد قوله :رُسُلُ اللَّهِ[ الأنعام : 124 ] .
( موجه ) ، أي : قابل لتوجيهه إلى ما ذكرنا من التنزيه والتشبيه جميعا ، لكن بوجهين مختلفين إذ ( له ) ، أي : لقوله :اللَّهِ ( وجه بالخبرية ) عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على أن يوقف على قوله :مِثْلَ ما أُوتِيَ ،ويكون فيه ضمير لنبينا محمد صلّى اللّه عليه وسلّم .

ثم قال الشيخ رضي الله عنه :  "رُسُلُ اللَّهِ اللَّهُ" ،فأسند اللّه ( إلى رسل اللّه ) أي : رسل اللّه هم المظاهر الكاملة ، كأنهم هم اللّه ظهر فيهم بجميع أسمائه وصفاته ، وهذا الوجه يدل على التشبيه ، ( وله وجه ) يدل على التنزيه ( بالابتداء إلىأَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ ،) فإنه لما قطعت هذه الجملة عن قوله :مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ أشار إلى انقطاع الحق عن رسله ،
وهو دليل التنزيه ، فإنه لما تنزه عن التعلق بهم من حيث غناه عنهم ، فهو عن المتعلق بغيرهم أنزه ، وإنما تعلق بهم من حيث كمال ظهوره في المظاهر بهم بعد ظهوره في ذاته لذاته ، وتعلق بغيرهم لكونهم من مقدماتهم أو متمماتهم ، ( وكلا الوجهين حقيقة فيه ) ، إذ لا مجاز في الإسناد ولا في المفردات ، بل غايته حذف حرف التشبيه في أحد الوجهين من غير إقامة شيء مقامه ، حتى يكون فيه مجاز بالحذف ،

وحذف المبتدأ من قوله :أَعْلَمُ على ذلك الوجه ، فيجب الأخذ بالوجهين ، وإن كان في أحدهما كلفة الحذف ، ففيه كمال الفائدة حتى أن التنزيه إنما يكمل باعتباره ، فيجب الجمع بينهما ؛ ( فلذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه ، وبالتنزيه في التشبيه ) ؛ لأنهما مفهوما الجمع بين الوجهين .

( وبعد أن تقرر هذا ) عندنا بهذه الأدلة أنهما من النصوص ، فذلك بطريق الإشارة ، وليس فيها ما يلزم به الخصم من أهل النظر ، ولا من أهل التقليد ، ( فنرخي السّتور ) على وجه الاستدلال بها ، ( ونسدل الحجب ) على المدلول لا في حق أهل الكشف ، ولا المؤمنين بطريقتهم ، بل ( على عين المنتقد ) الناظر في الأدلة المتعارضة لتزييف البعض ، وترجيح البعض مع صحتهما من وجه دون وجه ، ( والمعتقد بالتقليد ) لبعض الطوائف دون البعض ، مع أن الكل مصيب من وجه دون وجه بمقدار ما ظهر لهم واستر عنهم ، كالعميان فيما لمسوا من الفيل ، وما يلمسون منه ، فلا يقول لهما بالتشبيه بظهوره في المظاهر ،
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق ) ، ويلزم منه ستر الحق على الحق .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

ما جاء في الشرائع مما تحكم به الأوهام
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثمّ جاءت الشرايع كلَّها بما تحكم به الأوهام ) ، لما لها من الإدراكات البرزخيّة الجمعيّة القلبيّة التي بها تفرّد الإنسان ، ومنها يستحصل كمالاته الخصيصة به ( فلم تخل ) الشرايع ( الحقّ ) عند إظهاره للأمم ( عن صفة يظهر فيها ) من الأوصاف الوجوديّة والمعاني الجزئيّة التي هي مدارك الأوهام ، كالاستواء على العرش ، والاختصاص بالفوقيّة ، وإثبات بعض الجوارح كاليد وغيره من القوى .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (كذا قالت ) الشرايع ( وبذا جاءت ) الرسل من عند الله ( فعملت الأمم على ذلك ) من الاعتقاد بتلك المعاني تقليدا لهم ، ولأنّ التقليد في العقائد القلبيّة التي يعقدها المقلَّد تابعا للمقلَّد له فيه إنما هو من قبيل الأعمال ، لا العلوم ، قال : « فعملت » ، دون : « علمت » مع أنّه من المعلومات ، تنبيها لهذه الدقيقة ( فأعطاها الحقّ التجلَّي ، فلحقت بالرسل وراثة ) للقرابة التي هي للأمم بحسب نيّاتهم وهممهم ، من الصورة التي عليها عقد بواطنهم ، وبها تصوّرت عقولهم ( فنطقت بما نطقت به رسل الله ) من الكلمة الجامعة بين التشبيه والتنزيه ، صورة ومعنى .

وجهي التفسير في الآية الكريمة : الله أعلم . . .
فلذلك ترى في كلامه هذا وجهين من الصورة : إحداهما كاشفة عن التنزيه ، والأخرى عن التشبيه فإن قوله تعالى : ( “  الله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَه " رسالاته ) فيه الوجهان المذكوران ( فـ “  الله أَعْلَمُ “  موجّه ) بالوجهين :
(له وجه بالخبريّة إلى “  رُسُلُ الله “  ) وذلك أن توقف على قولهم “  لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ “  [ 6 / 124 ] أي هذا الرسول .
فتمّ هنا كلام القوم ، وابتدأ بقوله : " رُسُلُ الله الله "  ، بمعنى أنّ رسل الله هم الله ، وهو طرف التشبيه ووجهه الكاشف عنه ، و "  أَعْلَمُ "  حينئذ خبر مبتدأ محذوف ، أي "هو أعلم حيث يجعل رسالاته " .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وله وجه بالابتداء إلى « أعلم حيث يجعل رسالاته » ) وهذا الوجه هو الكاشف عن التنزيه ظاهرا ، فإنّه تضمّن التشبيه أيضا ، كما أن الأوّل متضمّن للتنزيه على ما يخفى ، إلَّا أنّ الغرض اشتمال هذه الصورة الكلاميّة للوجهين .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وكلا الوجهين حقيقة فيه ) ، أي لا تفاوت بينهما بحسب التقدّم والتأخّر والوضوح والخفاء على ما هو المبادر إلى الأذهان العامّة من العلماء الرسميّة التي عندهم لا محتمل للوجه الأوّل أصلا ،

وذلك لما لهم من الحجب التقليدية والاعتقادات الاعتياديّة التي قد استحصلوها من آبائهم وراثة ومن مشايخهم واستاذيهم تعلَّما وكسبا ، فلا يمكن لهم الترقّي عنها أصلا ، ولذلك ترى الكمّل من الأنبياء لا يظهرون لهم من ذلك شيئا ، مع أنهم مبعوثون للإظهار ، ومأمورون بالإشاعة والإبلاغ وإلى ذلك أشار بقوله :

كلَّموا الناس على قدر عقولهم
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه ، وبالتنزيه في التشبيه وبعد أن تقرّر ) أمر إظهاره ( هذا ) على الطالب المسترشد والمتفطَّن المهتدي ( فنرخي الستور ونسدل الحجب على عين المنتقد ) الذي ينقد بنظره العقليّ فرائد الحقائق والمعارف ، ويذهب إليها ، كما هو سبيل سائر المتكلَّمين والحكماء ، وهو صاحب التنزيه ، لا حظَّ له في التشبيه أصلا ( والمعتقد ) الذي يعتقد ظاهر ما انزل من الكتاب بلا تأويل فيه ولا تدبّر وتفتيش عنه ، كما قيل : « الاستواء معلوم ، والكيفيّة مجهولة ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة » وهو المشبّه الصرف الذي لا حظَّ له في التنزيه أصلا .

فلا بدّ للمحقق أن يمكَّنهما فيما هم عليه بإرخاء الستور والحجب ، ( وإن كانا من بعض صور ما تجلَّى فيها الحقّ ) وأن لا يظهر للناس إلا ما هو على قدر عقولهم وطبق عقائدهم .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام. فلم تخل عن صفة يظهر فيها.
كذا قالت، و بذا جاءت. فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحق التجلي فلحقت بالرسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل الله «الله أعلم حيث يجعل رسالته .
«فالله أعلم» موجه: له وجه بالخبرية إلى رسل الله، و له وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته .
و كلا الوجهين حقيقة فيه، ولذلك قلنا بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه.
وبعد أن تقرر هذا فنرخي الستور و نسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ، وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق. )

قال رضي الله عنه :  ( ثمّ جاءت الشّرائع كلّها بما تحكم به الأوهام . فلم تخل عن صفة يظهر فيها . كذا قالت، وبذا جاءت . فعملت الأمم على ذلك فأعطاها الحقّ التّجلّي فلحقت بالرّسل وراثة ، فنطقت بما نطقت به رسل اللّه .اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ فاللَّهُ أَعْلَمُ موجّه له وجه بالخبريّة إلى رسل اللّه ، وله وجه بالابتداء إلىأَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ. وكلا الوجهين حقيقة فيه)

قال رضي الله عنه :  ( ثم جاءت الشرائع كلها بما تحكم به الأوهام ) ، من التشبيه ( فلم يخل ) من الإخلاء ، أي لم تخل الشرائع ( الحق سبحانه عن صفة يظهر فيها ) ، أي من شأنه الظهور فيها في الصفات التشبيهية التي تنفيها العقول بنظرها الفكري بل ذكر الكل بعضها بالصريح وبعضها بالمقايسة كالاستواء على العرش والاختصاص بالفوقية وإثبات بعض الجوارح كاليد وغيرها من القوى ( كذا قالت ) الشرائع ( وبذا جاءت فعملت الأمم ) ، أي جرت ( على ذلك فأعطاها الحق التجلي ) في الصور التشبيهية ( فلحقت ) ، أي الأمم ( بالرسل وراثة ) لا أصالة ( فنطقت ) ، أي الأمم ( بما نطقت به رسل اللّه ) من صفتي التنزيه والتشبيه (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ) [ الأنعام : 124 ] أصالة ووراثة ولما ذكر رضي اللّه عنه هذا الكلام على سبيل الاقتباس من قوله تعالى :وَإِذا جاءَتْهُمْ آيَةٌ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللَّهِ[ الأنعام : 124 ]

اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُأراد أن يبين فيه ما تحتمله من صورتي التنزيه والتشبيه تأكيدا لما هو بصدد بيانه فقال : ( فاللّه ) في اللّه ( أعلم ) في الآية المذكورة ( موجه له ) وجهان :
قال رضي الله عنه :  ( وجه بالخبرية إلى رسل اللّه ) بأن يكون المسند إليه في أوتي ضمير الرسول ورسل اللّه مبتدأ واللّه أعلم خبره وأَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ خبر مبتدأ محذوف ، أي هو أعلم ،
ولا يخفى ما في حمل اللّه على رسل اللّه من التشبيه ( وله وجه بالابتداء إلى أعلم حيث يجعل رسالاته ) كما هو الظاهر من غير تكلف ولا تشبيه في هذا المعنى ،
بل فيه تمييز بين اللّه ورسله وهو عين التنزيه ( فكلا الوجهين ) حقيقة تأتيه متحققة ( فيه ) ، أي في هذا الكلام لا تفاوت بينهما في أصل الانفهام من اللفظ وإن اختلف بحسب الحذف والإضمار والوضوح والخفاء

قال رضي الله عنه :  (ولذلك قلنا بالتّشبيه في التّنزيه وبالتّنزيه في التّشبيه . وبعد أن تقرّر هذا فنرخي السّتور ونسدل الحجب على عين المنتقد والمعتقد ،)
 ( فلذلك ) ، أي لمتحقق هذين الوجهين في هذا الكلام ( قلنا : بالتشبيه في التنزيه وبالتنزيه في التشبيه ) لأن أحد الوجهين ناظر إلى التنزيه والآخر إلى التشبيه فبالنظر إلى مجموعهما تنزيه في تشبيه وتشبيه في تنزيه ، وإن قد وصلت إلى هذا المقام واطلعت على ما في الوجه الأول من التكلف والتعسف ورأيته محل أن يطعن به الطاعنون المتحمدون على الظواهر على الشيخ رضي اللّه عنه ،

بل وجدت على حاشية بعض الشروح بخط بعض الأكابر أن حمل أبلغ الكلام وأفصحه على مثل هذا التوجيه الذي ينبو عنه الطبع السليم والعقل المستقيم من غير ضرورة في غاية التعسف ، بل لا يكاد يصبح بوجه أصلا ، أصابني هم عظيم لمكان اعتقادي بعلو شأن الشيخ ،
فبينا أنا في ذلك إذ ألقى في قلبي نعته على وجه الإجمال محملا لكماله رضي اللّه عنه من غير ارتكاب تكلف وتعسف ،

وحين أمعنت النظر فيه وفصلته انشرح له صدري واطمأن له قلبي ،
وهو أن أهل الإشارة كثيرا ما يفهمون من الكلمات القرآنية وغيرها معاني لا يساعدها عليها ما يسبقها من الكلمات الأخر ولا ما يلحقها ، بل يفهمونها مع قطع النظر عن السابق واللاحق ،
فإذا كان القارئ من أهل الإشارة وقرأ هذه الآية إلى أن وصل إلى رسل اللّه ،
اللّه ووجده على صورة المبتدأ والخبر لم يبعد أن يفهم فيه أن رسل اللّه هم اللّه من غير فهم حاجة في فهم هذا المعنى إلى حذف ولا إضمار ولا تقدير ويكون لاسم اللّه

فياللَّهُ أَعْلَمُ وجهان :
وجه إلى الخبرية نظرا إلى المعنى المفهوم بلسان الإشارة ،
ووجه إلى الابتداء نظرا إلى المعنى المراد بلسان العبارة ،
وما أحسن حينئذ استرداف بيان الوجهين بقوله :
وكلا الوجهين حقيقة فيه ، أي كلا الوجهين متحققة ثابتة في اسم اللّه أو في هذا الكلام من غير انفكاك أحدهما عن الآخر
ولذلك ، أي لتحققها على الوجه قلنا بالتشبيه في التنزيه والتنزيه في التشبيه .
( وبعد أن تقرر هذا ) القدر من صور التنزيه والتشبيه ( فترخى السدول وتسدل الحجب عن عين المنتقد ) ، وهو المتحكم بعقله على كلام أولياء اللّه بالنقد والتزييف ( والمعتقد ) ، وهو المؤمن بأحوالهم فما عمله آمن به وما أشكل عليه فرض إلى عالمه .

وقيل : المنتقد هو الذي ينقد بنظره العقلي فرائد الحقائق والمعارف ويذهب إليها كما هو سبيل الحكماء والمتكلمين ، وهو صاحب التنبيه لاحظ له في التشبيه أصلا ، والمعتقد الذي يعتقد ظاهر ما أنزل من الكتاب بلا تأويل فيه ولا تدبر ، ونقتبس عنه كما قيل الاستواء معلوم والكيفية مجهولة والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة وهو التشبيه وإن كانا من بعض صور ما تجلّى فيها الحقّ
 .
ولكن قد أمرنا بالسّتر ليظهر تفاضل استعداد الصّور ، فإنّ المتجلّي في صورة بحكم استعداد تلك الصّورة ، فينسب إليه ما تعطيه حقيقتها ولوازمها ولا بدّ من ذلك .
مثل من يرى الحقّ في النّوم ولا ينكر هذا وأنّه لا شكّ الحقّ عينه فتتبعه لوازم تلك الصّورة وحقائقها الّتي تجلّى فيها في النّوم ، ثمّ بعد ذلك يعبّر أي يجاز عنها إلى أمر آخر يقتضي التّنزيه عقلا . فإن كان الّذي يعبّرها ذا كشف أو إيمان ، فلا يجوز عنها إلى تنزية فقط ، بل يعطيها حقّها من التّنزيه وممّا ظهرت فيه .

الصرف الذي لاحظ له في التنزيه ، فلا بد للمحقق من تمكينها فيما هما عليه بإرخاء الستور واعتدال الحجب ( وإن كانا من بعض صور ما تجلى فيها الحق ) بصفة العلم .
.
واتساب

No comments:

Post a Comment