Saturday, February 15, 2020

20 -  فك ختم الفص اليحيوى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم

20 - فك ختم الفص اليحيوى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم

20 -  فك ختم الفص اليحيوى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم 

كتاب الفكوك في أسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي
20 / 1 - اعلم ان موجب تسمية هذه الحكمة بالحكمة الجلالية امر ان :
أحدهما يختص بحال يحيى عليه السلام والآخر يختص بذاته وصفته وأسمه ، فلنبدأ بذكر ما يختص بذاته وصفته وأسمه
فنقول: قد ثبت ان الحق سبحانه ذو الجلال والإكرام ، ومن أسمائه الجليل ، وليس في الوجود موجود يستهلك كثرة صفاته وأسمائه في وحدة ذاته بحيث يضمحل لذاتها كل عدد ومعدود إلا الحق سبحانه ،
فمن عنايته بشأن يحيى عليه السلام - وان جعل له من هذا الكمال نصيبا - فأنزله منزلة نفسه ، فأدرج اسمه وصفته في وحدة ذاته ، ولم يفعل ذلك بغيره ، ممن وجد قبله .

2 / 20  - فشرفه بذلك وبالأولية التي هي من أمهات نعوت الحق وشرفه أيضا بأن أتاه الحكم صبيا وبالبشرى بحسن الخاتمة هنا وفيما بعد الموت والمحشر بقوله تعالى : " وسَلامٌ عَلَيْه يَوْمَ وُلِدَ ويَوْمَ يَمُوتُ ويَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا " [ مريم / 15 ] وهذا من نوع ما نبهت عليه في فك ختم الفص الصالحي في الحاشية من ان كل ما يكون نسبته الى الحق من حيث الأسباب الباطنة اقوى ، كانت اضافته الى الحق اقوى وأتم .
3 / 20  - وحصول الولد بين المرأة العاقرة والشيخ الفاني يبعد إضافته الى الأسباب المعتادة الظاهرة ، وكان صمت أبيه الثلاثة الأيام وأمر الحق له بالذكر والتسبيح وأمره قومه أيضا بالتسبيح بكرة وعشيا سببا لتكميل استعداده الذي قبل من الحق الحكم والحنان والزكاة في حال صباه ،
كما كان صمت مريم احد الأسباب المعينة بإذن الله في نطق عيسى ، لان مدار امر الوجود على الظهور والبطون ،
فما نقص من الباطن اخذه الظاهر وتقوى به وبالعكس أيضا ، فافهم تصب ان شاء الله .

4 / 20 -  وايضا فليعلم ان الهمة من الأسباب الباطنة ، وأول الأسباب في وجود يحيى إستحسان الله حال مريم سلام الله عليها ، فتوجه بهمته ملتجئا الى ربه بدعائه ، فاستجاب له ربه ورزقه يحيى ، ولو لا وجود أبيه زكريا وإصلاح الحق زوجته له لخرج يحيى مثل عيسى يتكلم بالحكمة في المهد ، لكن لما كان حكم الطبيعة في مثل هذا الأمر اقوى من حكم الروحانية ، وكان الأمر في قضية عيسى بالعكس ، تأخر ذلك الى عهد الصبى .

5 / 20  - والأمر الاخر من الأمرين المشار إليهما هو انه ينبغي لك ان تعلم ان الصفات تنقسم بنحو من القسمة الى قسمين : صفات ذاتية وصفات حالية ،
فالصفات الذاتية واضحة عند الأكثرين ،
وأما الصفات الحالية : كالغضب والرضاء والقبض والبسط ونحو ذلك .

6 / 20 - وهذه الصفات الحالية في اصطلاح اهل طريق الله ترجع الى ثلاثة اصول :
إحدها مقام الجلال والآخر مقام الجمال
والآخر مقام الكمال ، فلمقام الجلال الهيبة والقبض والخشية والورع والتقى ونحو ذلك ،
ولمقام الجمال الرجاء والبسط والأنس واللطف والرحمة والنعيم والإحسان ونحو ذلك ،
ولمقام الكمال الحيطة بالجلال والجمال وتوابعهما من الأحوال والجمع بين كل ذلك وسواه .

7 / 20 - وكان الغالب على ظاهر يحيى الأحوال الجلالية ، فلذلك سمى شيخنا رضى الله عنه حكمته بحكمة الجلالية وورد في الحديث ما هذا معناه :
ان يحيى وعيسى عليهما السلام تفاوضا ، فقال يحيى لعيسى كالمعاتب له لبسطه - :
كأنك قد أمنت مكر الله وعذابه ؟
فقال له عيسى : كأنك آيست من فضل الله ورحمته ؟
فأوحى الله إليهما : ان أحبكما الى أحسنكما ظنا بى .
فهذا ما يسر الله ذكره من التنبيه على سر الحكمة اليحيوية وحاله وصفته ، فتدبر ترشد ان شاء الله .
 .
التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment