Saturday, July 20, 2019

 البحث الثاني من مباحث خطبة الكتاب تحقيق في وجوه تسمية اسم "الله" .للشارح مؤيد الدين قبل البدء بشرح خطبة كتاب فصوص الحكم

البحث الثاني من مباحث خطبة الكتاب تحقيق في وجوه تسمية اسم "الله" .للشارح مؤيد الدين قبل البدء بشرح خطبة كتاب فصوص الحكم

 البحث الثاني من مباحث خطبة الكتاب تحقيق في وجوه تسمية اسم "الله" .للشارح مؤيد الدين قبل البدء بشرح خطبة كتاب فصوص الحكم

شرح الشيخ مؤيد الدين الجندي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي

فنقول : الاسم « الله » ويكنى عنه في عرف أهل الطريق بـ « الجلالة » ، تعظيما لذكره فيه من أمّهات القواعد وكلَّيات الضوابط والأصول التي نذكر ها هنا أبحاث عشرة :
الأوّل : في الاختلاف الوارد بين علماء الرسوم
ذهب الخليل وسيبويه والمبرّد من علماء العربية إلى أنّه اسم علم للذات .
ومن علماء الشريعة أبو حنيفة والشافعي والغزّالي والإمام محمّد بن عمر الخطيب الرازي وأبو زيد البلخيّ والقفّال الشاشيّ والخطَّابي من المتكلَّمة والنظَّار - رحمة الله عليهم - إلى أنّه علم .
وكلَّهم اختاروا القول بعلميّته .
ثم اختلفوا في أنّه عربي أو عبري فذهب أبو زيد وجماعة من المتكلَّمين إلى أنّه مأخوذ من اللغة العبرانية لأنّ اليهود والنصارى يقولون في الاسم العلم « إلها » فحذفت العرب الألف التي بعد الهاء طلبا للتخفيف ، كما فعلوا في " اليوم " و " النور " و " الروح " فإنّها أيضا منقولة من اللغة العبرانية وكانت " نورا " و " يوما " و " روحا "
فحذفوا الألفات من هذه الكلمات ، فقالوا فيها : " يوم " و " نور " و " روح .
وبطلان ما ذهبوا إليه بيّن لأنّا نقول :
لا نسلَّم أنّ هذه الكلمات عبرية ، بل عربية في أصل الوضع ، وليست مأخوذة للغة العرب من لغة أخرى .
بل هي ممّا تواطأت فيه اللغتان ، وكثيرا ما يقع مثل ذلك من التواطؤ بين اللغات ، والتواطؤ فيها بين اللغتين لا يوجب الجزم بكونها مأخوذة من إحداهما للأخرى ، ولا كون إحداهما أقدم من الأخرى ، وإن أوهم احتمال ذلك ، فلا يوجب الجزم ، بل المواطأة وقعت فيها بينها لسرّ نذكره .
وأيضا :
لأنّ الواضع الحقيقي  وهو الله وضع هذا الاسم علما للموجد لما علم في حروفها وتركيبها من الحقائق والأسرار الدالَّة عليه سبحانه ، ثم أوحى إلى واضعي اللغات من قدماء البشر .
أو ألهمهم وضع هذه الألفاظ لهذه المعاني على التواطؤ من غير مواضعه ولا مشاورة بين الواضعين ، ولا سيّما وهذا الاسم مخصوص عند العرب بالموجد الخالق للعالمين .
قال تعالى : " وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ من خَلَقَ السَّماواتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ الله " .آية 61 سورة العنكبوت
وأيضا : لو قلنا : إنّه مأخوذ من لغة غير لغة العرب ، لكان غير عربي وقد أخبر الله بأنّ القرآن عربي قال الله تعالى : " إِنَّا أَنْزَلْناه ُ قُرْآناً عَرَبِيًّا ". آية 2 سورة يوسف.
وقال الله تعالى : " إِنَّا جَعَلْناه ُ قُرْآناً عَرَبِيًّا " آية 3 سورة الزخرف.
ولو كان عبريا ، لما كان عربيا ، هذا باطل وكفر بالله لما فيه من التكذيب .
وأيضا :  فإنّ لغة العرب أوسع وأكمل من سائر اللغات ، فإن كانت في الاسم " الله " الذي هو أوّل الأسماء والمسمّيات مفتقرة إلى غيرها من اللغات ، لكان فيها من النقص والضيق ما لا يخفى ، ولا سيّما وقد ذكر الله كونه عربيا في مقام مدح القرآن ، فيجب أن يكون عربيا .
والأصحّ الأرجح أنّه اسم عربي وقعت المواطأة فيه بين اللغتين لشدّة مناسبة الحقائق الحرفية التركيبية وحقائق مسمّاه على ما سيأتيك نبؤه - إن شاء الله - عن قريب .
البحث الثاني : في حجج القائلين بعلميّته
وما يرد عليها من الردّ والمنع وهي من وجوه :
منها :  أنّ الله تعالى أقام هذا الاسم مقام الذات موضوعا لسائر الأسماء والصفات ، وحمل سائر الأسماء عليه ، فقال : " وَلِلَّه ِ الأَسْماءُ الْحُسْنى " آية 180 سورة الأعراف .
فأضاف جميع الأسماء الحسنى إلى هذا الاسم ، ووضعه موضع المسمّى .
وقال أيضا : " هُوَ الله الَّذِي لا إِله َ إِلَّا هُوَ " .  " لَه ُ الأَسْماءُ الْحُسْنى " آبة 22-24 سورة الحشر .
فقدّمه على سائر الأسماء ، وحمله على هويّته الذاتية المقدّسة ، ثم بعد نفي الألوهية عن غيره أثبتها له بالاستثناء ، ووصفه بسائر الأسماء وسمّاه بها فكان هذا الاسم مسمّى لجميعها وهي أسماء له ، فلو لم يكن علما للذات لم يكن كذلك .
ويجاب عن هذا :
بأنّه إنّما يلزم بما ذكرتم أنّه سمّي بسائر الأسماء وأقيم مقام المسمّى ، ولا يلزم أن يكون علما للذات .
وممّا احتجّ به مثبتو علميّته :
أنّ المشتقّ عبارة عن اسم موصوف بصفة يدلّ عليها الاشتقاق اللفظي ، وتفهم منه ، وحينئذ يكون المفهوم منه كلَّيا لا يمنع نفس تصوّره عن وقوع الشركة فيه ، وعلى هذا تكون لفظة « الله » كلَّية غير ممتنعة عن وقوع الشركة فيه ، وذلك باطل لما فيه من الشركة .
ويجاب عنه :
بأنّه لو كانت الألوهية صفة كلَّية يشترك فيها كثيرون ، لكان ما ذكرتم واردا ، ولكنّا لا نسلَّم ذلك ، بل هي صفة أحدية جمعية جامعة لحقائق هي مخصوصة بذات الموجد .
ولا نسلَّم أيضا أنّ دلالته جزئية مخصوصة بصفة معيّنة ، بل يدلّ على عدّة معان بالاشتقاق اللفظي وكلَّها موجودة لذات واجب الوجود ، فلا تقع فيها الشركة لعدم وجود تلك المعاني في ذات غيره .
وأيضا : لا نسلَّم أنّ كلّ مشتقّ كلَّيّ كما ذكرتم غير مانع عن وقوع الشركة ، بل إذا كان بحقيقته يقتضي الاشتراك في الوضع والدلالة كلفظة " العين " ، بل هو مخصوص بحقيقة الموجد .
كالشمس مخصوصة بالنيّر الأعظم مع دلالتها على الشموس وهو الارتفاع والعلوّ والإباء وشدّة التسخين وهي معان مخصوصة الجمعية في الشمس .
وإن كان كل واحد منها موجودا في غير النيّر الأعظم ، ولكن أحديّة جمع جميع هذه المعاني في النيّر الأعظم ، فكذلك دلالة هذا الاسم دلالة أحدية جمع جميع ما في قوّة دلالة اسم « الله » من المعاني .
وممّا احتجّ به مثبتو العلميّة أيضا :
أنّه لو كان مشتقّا ، لكان من أسماء الصفات ، وحينئذ لم تكن إقامته مقام الموصوف أولى من غيره ، ولكن هذا الاسم موصوف ومنعوت بسائر الأسماء دون غيره ، فهو اسم علم للمسمّى .
والجواب :
أنّه لا تلزم من هذا علميّته فقد يكون بعض الأسماء والصفات أجمع وأعمّ وأكمل وأتمّ في معناه لحقائق الموجدية .
فيندرج سائره تحت حيطته ، فيقام مقام المسمّى ويوصف بالجمع ، ولا يكون علما للذات ، ونحن ما نعني بالعلم إلَّا الاسم الدالّ على حقيقة الذات ، وذاته تعالى لا تنحصر في مدلول معيّن ، فلا يجوز أن يكون لها اسم علم ، بل هو اسم مقدّم على جميع الأسماء ، جامع لمعاني الكلّ وهو الاسم « الله » ومع هذا فغير ممتنع أيضا أن يحمل هذا الاسم على غيره من الأسماء .

وقد قيل :
إنّ كل واحد من الأسماء الإلهيّة يقام مقام المسمّى موضوعا ، ويحمل عليه هذا الاسم ، كما ذهب إليه ابن قسيّ رضي الله عنه فيقال مثلا : " الرحمن الله " ، و الرحيم الله " ، و " الكريم الله " ، وهذا صحيح ، غير ممتنع شرعا وعقلا وكشفا ، وقد ورد هذا النمط في الأدعية المأثورة ، وأصله في القرآن كثير وإن لم يهتد إليه إلَّا أهله .
كما يقع في جواب الاستفهام مثل قوله : " قُلْ من رَبُّ السَّماواتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ "  "فَسَيَقُولُونَ الله آية 86 – 87 سورة المؤمنون .
معناه : ربّ السماوات السبع وربّ العرش العظيم الله ، فافهم .
فهذه محصول كلَّيات أقوال المثبتين لعلميته ، وجوابها بلسان التحقيق والإيجاز .
البحث الثالث : في حجج مثبتي الاشتقاق
ذهب جمع كثير من العلماء بالعربية ، والأشاعرة ، وجمهور المعتزلة إلى أنّ هذا الاسم مشتقّ .
واحتجّوا بحجج :

منها : أنّ وضع الاسم العلم يتوقّف على معرفة حقيقة الذات ، وذاته - تعالى - غير معلومة للخلق ، فوضع العلم لها محال .
وقد أجيب عنه : بأنّه وإن لم تكن ذاته معلومة للخلق ، وليس لهم أن يضعوا لها اسما علما ، لكن ذاته - تعالى - معلومة له فلا يمتنع عليه أن يضع اسما علما لذاته تعالى .
والجواب عن هذا : أنّ الهوية الذاتية مطلقة بالإطلاق الحقيقي وهي تقتضي بحقيقتها أن لا تعلم ولا تنحصر ولا تعرف ولا تتناهى ولا تحدّ ، وحقيقة العلم الإحاطة بالمعلوم وكشفه على سبيل التمييز عن غيره فحقيقة العلم لا تتعلَّق بها وحقيقة الذات تقتضي أن لا تعلم ، والشيء إذا اقتضى أمرا لذاته ، فإنّه لا يزال عليه ما دامت ذاته ، فلو وضع الحق لنفسه اسما علما لا يفهم منه إلَّا خصوص الذات ، لكان محصورا في دلالة ذلك الاسم ، وصارت الذات المطلقة مقيّدة به ، وهذا محال .
وأيضا : ليس في قوّة لفظ من الألفاظ أن يدلّ على الذات المطلقة دلالة إطلاقية .
لكون أيّ لفظ فرض مقيّدا بتركيب خاصّ وليس في قوّة المقيّد أن يعطي غير ما في حقيقته ، ولا في قوّة حقيقة العلمية أن تحيط بما لا يقتضي الإحاطة به لذاته.
لأنّ العلم سواء أضيف إلى الخلق أو إلى الحق فإنّ الإضافة لا تخرجه عن حقيقته .
والحقائق لا تتبدّل فلا تطلق حقيقة مقيّدة بالحقيقة ولا تتقيّد حقيقة مطلقة من كونها كذلك .
والعلم على كل حال نسبة من نسب الذات ، متميّزة عن غيرها وهي وإن كانت نسبة محيطة بالمعلوم فإنّها محيطة بالذات المنضبطة المحصورة المقيّدة المتميّزة عن غيرها بحدّها .
وليس في قوّة نسبة من نسب الذات أن تحيط بالذات غير المحاطة ، وإلَّا لزم قلب الحقائق ، وخرجت الذات عن مقتضياتها الذاتية ، وذلك بيّن البطلان .
فإن قيل :
العلم الذاتي عين الذات ، فلا يكون من هذا الوجه غيرها ، فلا يمتنع على العلم الذاتي الإحاطة بالذات .
قلنا : فعلى هذا لا تكون الإحاطة للنسبة العلمية من حيث هي كذلك ، بل تكون الإحاطة للذات ، ومرادنا قصور النسبة العلمية في حقيقتها من كونها نسبة من النسب الإلهية عن الإحاطة بكنه الذات المطلقة .
وعلى كل تقدير فإنّ الإحاطة بالذات المطلقة محال ، فلا تعلم أصلا ، فليس لها اسم علم لفظي ، فافهم .
وممّا احتجّ به مثبتو الاشتقاق :
أنّ العلم يقوم مقام الإشارة إلى ذات المسمّى وحقيقته ، وحقيقته - تعالى - لا يشار إليها ، لما في الإشارة من التعيين والتمييز والتحديد فوضع الاسم عليه محال .
وأجيب عن هذا :
بأنّه وإن امتنعت الإشارة الحسيّة إليه تعالى لامتناع انحصاره في جهة حسّيّة ، ولكن لا تمتنع الإشارة العقلية إليه .
كما قال تعالى : " قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ " آية 1 سورة الإخلاص.
وقال : " فَذلِكُمُ الله رَبُّكُمُ الْحَقُّ " آية 32 سورة يونس.
وقال : " ذلِكَ رَبُّ الْعالَمِينَ " آية 9 سورة فصلت .
و « هو » و « ذلك » و « ذلكم » إشارات عقلية ، فلا يمتنع وضع الاسم العلم عليه بهذا الاعتبار .
والجواب :
أنّا لا نسلَّم عدم امتناع الإشارة العقلية إلى الذات المطلقة ، وإلَّا لكانت متعيّنة غير مطلقة ، وهي غير متعيّنة من جميع الوجوه.
فلا تتعيّن الإشارة إليها ، وإن قيل بالإشارة المطلقة العقلية ، فليست إلَّا إلى إطلاق الذات لا إليها.
وجميع ما وردت من الإشارات المذكورة سواء كانت من الحق أو الخلق إشارات إلى نسبه الذاتية وحقائق أسمائه ومسمّياته وحيثيات صفاته ، كالأحدية والربوبيّة والهويّة .
وليست إلى حقيقة ذاته تعالى فإنّ حقيقة ذاته تعالى لا يشار إليها ، ولا تعلم ، ولا يحاط بها .
ولا تتعيّن تعيّنا تنحصر فيه لكون كلّ متعيّن متميّزا عن غيره وكلّ متميز عن شيء أو أشياء .
فإنّه محدود مخصوص مقيد بكونه متميزا عن غيره ، وخارجا عنه ، وعدم كونه عين غيره ، وما لا يتعيّن ولا يعلم ولا يجهل ولا يشار إليه على سبيل الحصر.
فلا يوضع اسم علم له ، سواء كان الواضع خلقا أو فرض حقّا فإنّ الحقيقة تأباه .
ولا يقال : يوضع لفظ إذا ذكر يفهم تلك الذات المطلقة من غير دلالة اشتقاقية على سبيل الإجمال والإيماء ، فيكون علما لها .
فإنّا نقول : لا فائدة في وضع ما لا يدلّ على الذات التي لا تعلم به ولا تسمّى ، وما لا دلالة فيه فلا يفهم إذا الفهم مبنيّ على الدلالة ، فما لا يدلّ لا يفهم منه ، وما لا يستدلّ عليه لا دلالة عليه ، فلا يفهم كذلك بوضع ما لا يدلّ عليه ، فافهم .
وهذا تمام البحث في هذا الاختلاف الوارد ، وسيتحقّق لك سرّه إن شاء الله عن قريب بلسان غريب .
البحث الرابع : في وجوه الاشتقاق على قول القائلين
وهي من عشرة أوجه صحّحت من حيث اللغة العربية :
أحدها : أنّه مأخوذ من أله يأله : إذا فزع ولجأ ، وأصله « إلاه » على وزن فعال بمعنى مفعول لكونه مفزع كلّ فزع وملجأ كل جزع .
فلمّا أدخلت لام التعريف ، حذفت الهمزة طلبا للتخفيف ، وأدغمت لام التعريف في لام الأصل وفخّمت للتعظيم ، فقيل : الله .
والثاني : من الوله وهو شدّة المحبّة ، بمعنى أنّه تعالى هو المحبوب بأشدّ ما يكون من المحبّة .
كما قال تعالى : "وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّه " آية 165 سورة البقرة .
وقد وصف الله -تعالى بالمحبّيّة والمحبوبية في قوله : " يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَه ُ " آية 54 سورة المائدة.
وقد روّينا في الأحاديث الإلهية عن الله تعالى أنّه قال : " كنت كنزا مخفيّا فأحببت أن أعرف ".
وفي رواية أخرى : « أردت » عوض " أحببت " والإرادة طلب حبّي .
والأصل فيه « ولاه » فأبدل الواو همزة ، كما في " إشاح " و " إساد ط ، فإنّهما " وشاح " و " وساد " فاستثقلوا الابتداء بحرف العلَّة ، فأبدلوا الواو بالهمزة ، ثم عرّفت الكلمة وأدغمت وفخّمت كما مرّ .
والوجه الثالث : أنّه مشتق من « لاه يلوه » : إذا احتجب لأنّه تعالى محتجب -برداء كبريائه وإزار عظمته  عن إدراك أبصار العيون ، وإبصار أعين البصائر " لا تُدْرِكُه ُ الأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصارَ " آية 103 سورة الأنعام  .
الرابع : أنّه مأخوذ من « لاه » : إذا ارتفع وذلك لأنّ الرفعة الحقيقية لله ، وهو الرفيع الرافع ، ولكن رفعته لا بالمكان ولا بالمكانة ، بل بالذات وإطلاقه عن التقييد برفعة المكان والمكانة ، وبكونه معطيا للرفعة .
الخامس : أنّه مأخوذ من قولهم : « ألهت بالمكان » : إذا أقام بالمكان .
قال الشاعر :
ألهت بدار ما ..... بين رسومها
ويكون هذا المعنى بالنسبة إليه تعالى كناية عن الدوام والثبات والبقاء الذاتية له ، وفيها معنى اللزوم والإقامة على مقتضى ذاته .
وأيضا : لأنّ الألوهية ملزومة العالم فلا يتصوّر وجود الألوهية بلا مألوه ، ولا وجود الربوبية بلا مربوب وجودا وتقديرا ، فهو إشارة إلى اللزوم الذي بين الإله والمألوه والربّ والمربوب .
السادس : أنّه مشتق من الإلهيّة ، وهي القدرة على الإيجاد والاختراع ، وهي ذاتية لله تعالى .
ولم ترد الإلهية بهذا المعنى ، والاشتقاق ماض لا مستقبل ، وهذه الحقيقة خصوص ذات الموجد .
وقيل : هي أحقّ هذه الوجوه بالحق . فافهم .
السابع : من أله يأله : إذا تحيّر لأنّ ذاته محيّرة - اسم فاعل - ومقام الحيرة الكبرى حضرته فقد حيّرت عقول أولي الألباب ، والحيرة في الله أعلى درجات العلماء به .
قال بعض العارفين : « يا حيرة يا دهشة يا خوفا لا تتقرّي » .
الثامن :  أنّه مشتق من الإلاهة وهي العبادة من أله يأله : إذا عبد .
وقرأ ابن عبّاس "ويذرك وإلهتك" آية 127 سورة الأعراف  ، أي عبادتك .
وتألَّه : إذا تعبّد ، والله تعالى هو المعبود على الحقيقة في نفس الأمر ، سواء عرفه العارف أو لم يعرف ، وقصده أو لم يقصده . " أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاه ُ " آبة 40 سورة يوسف .
وهو المعبود أيضا في كلّ ما عبد من الأصنام ، والكفر في الحصر وستر وجه الحق الموجد في شيء معيّن ، ليس له ذلك ، وهو هواه وخياله .
التاسع : من وله الفصيل بأمّه : إذا أولع ، والمعنى أنّ الخلق مولهون ومولعون بالله في التضرّع إليه ، والسؤال عنه على كل حال .
العاشر : أنّ الأصل في هذا الاسم هو هاء الكناية عن غيب ذاته وهويّته غير المتعيّنة إذ الهاء - كناية الغائب - إشارة إلى غيب هويته ، ثم زيد فيه لام الملك أو لام التخصيص إذ الكلّ له تعالى وهو مالك الكلّ بالتخصيص.
فاللام إشارة إلى أنّ ملكية الكلّ من عالمي الملك والملكوت له تعالى ثم زيد فيه على لام الملك لام التعريف نفيا لتوهّم إمكان وقوع الشركة في كناية الغائب وفي الملكية عرفا شرعيا لا حقيقة .
لأنّ كل ما هو مشهود من العالم ملك لذات غيبية إلهية حقيقة .
وإن ظهر بعضها في العرف الشرعي ملكا للعبد ،وتلك الذات الغيبيّة لا يحاط بها علما وشهودا ومعرفة ووجودا ثم فخّموه تعظيما ، فصار « الله » على ما ترى.
فهذه هي الوجوه العشرة الاشتقاقية المشهورة ، التي ذهب إليها القائلون بأنّ « الله » اسم مشتق من أهل العربية والكلام .
ذهب إلى كل واحد من هذه الوجوه طائفة من علماء الرسوم ، وأوردت في ذلك على كل وجه منها شبه وشكوك ، وأجيب عنها .
إنّنا لسنا بصدد التعرّض لذكر تفصيلها من الطرفين في هذا الموضع بأكثر ممّا ذكرنا ، " وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ " آية 4 سورة الأحزاب.
البحث الخامس : في إشارة جمليّة إلى العلمية يقتضيها هذا الاسم بما فيه من الاختصاص .
اعلم : أنّ هذا الاسم في مشرب التحقيق علم للذات الموجدة الموصوفة بالألوهية والربوبية وسائر النعوت والصفات الوجوبية ، لا مطلقا من حيث إطلاق الذات بل من حيث إنّه يدلّ بموجب اشتقاقاتها على أحد جمع جميع هذه المعاني .
فإنّ ذات الإله الموجد من كونها إلها تستحقّ هذه الحقائق بالذات ، كما يستقصى فيها الكلام فيما بعد
إن شاء الله تعالى فهو علم للإله الموجد ، لا للذات الغيبية الغنيّة عن العالمين .
فإنّ الذات من حيث إطلاقها عن الموجدية والموصوفية بالأسماء والصفات لا تتعيّن إليها إشارة ، ولا تعلم.
ولا يكون لها اسم معيّن علم لا يفهم منه غير الخصوصية الذاتية .
فليس « الله » علما للذات من كونها لا تعلم ولا يحاط بها ، بل علم للموجد من حيث ارتباط العالم به وارتباطه بالعالم .
ولأنّ الدالّ على ذاته الأحدية وهويّته الغيبية وبساطته الحقيقية لا يكون اسما مركَّبا تركيبا خاصّا من حروف متعدّدة ، بل الدالّ على البسيط الحقيقي يجب أن يكون بسيطا كذلك .
وأحقّ الحروف البسيطة التي يشاربها إلى غيب ذات الله حرف الهاء .
فإنّه ضمير الغائب في الدلالة بالوضع الأصلي ، وكذلك الهاء شكل الإحاطة لفظا وخطَّا في الوضع العربي . أمّا خطَّا فظاهر .
وأمّا لفظا فإنّها تبتدئ من وسط الصدر ، فتمرّ على جميع المخارج ، فتحيط بخواصّ سائر الحروف كإحاطة غيب الذات على مراتب تعيّناتها إحاطة ذاتية أحدية جمعية .
فيتعين من حضرة العلم الذاتي ويمتدّ على الملكوت وملكوت الملكوت والجبروت إلى عالم الملك والشهادة ثم ترجع بعد مرورها عليها في امتدادها بكرورها راجعة .
كذلك إلى مخرج الهمزة في الوضع العربي الكامل مكمّلة لدورية الروحانية الإحاطية ، فافهم .
وعلى هذا فعلميّة « الله » الجلالة جلَّت وتعالت ليست لكنه الذات المطلقة من حيث لا تعيّنها وإطلاقها.
ولكن من كون هذا الاسم اسما لواجب الوجود بالذات ، موجد الذوات الكائنات ، والنسب والإضافات ، مبدع العلويات الروحانيات ، خالق السفليات الجسمانيات ، مفيض الوجود على الماهيات الكيانيات فهو اسم علم للمرتبة الأحدية الجمعية الموجدة الجامعة للمعاني المذكورة في وجوه الاشتقاق كلَّها .
لا للذات المطلقة باعتبار تجرّدها وإطلاقها عن النسب والإضافات ، وسائر الأسماء والصفات فإنّ اعتبار الذات المطلقة تعالى سابق على اعتبار كونه موصوفا بالألوهيّة .
مسمّى بأسماء الربوبية والنسب الوجوبية ، كالموجدية والعلَّيّة والمبدئيّة والإلهيّة ، فافهم .
فإن قيل : على ما ذكرتم يكون مشتقّا لكونه دالَّا على هذه المعاني ، وهي معان زائدة على الذات .
قلنا : الذات الموجدة حقيقة واحدة أحدية جامعة لهذه المعاني والنسب بالذات فهي فيها هي ، ليست زائدة عليها ، وإن تعقّلت كذلك فليس ذلك إلَّا في التعقّل ، وكذلك الذات المطلقة أيضا تتعقّل مطلقة عنها ، وليست في الوجود مجرّدة عن هذه النسب ، ولا هي زائدة عليها .
ولكنّ العقل ينتزع الحقائق الجمعية الأحدية ، ويتعقّل كلّ واحدة على حدتها ويتعقّلها مجموعة وأحديّة ، بمعنى استهلاك الكثرة التي انتزعت عن الوجود تعقّليّتها فرادى ولكن ليس للعقل أن يحكم عليها أنّها زائدة على الذات في الوجود فليس كذلك إلَّا في التعقّل ، ولكنّ العقول الضعيفة تغلط وهو موضع الغلط المضرّ في علوم الحقيقة ، فتحفّظ إن شاء الله العزيز .
فالاسم « الله » وإن كان مشتقّا باعتبار ، فهو علم باعتبار آخر لذات ذات أحدية جمعية لجميع هذه المعاني ، فالله - تعالى - مفيض الوجود على كل موجود ، فالكلّ مستند إليه ، مستمدّ منه ، مفتقر إليه ، في حضرة الجود يقتضي الشهود .
فله الرفعة الذاتية بالذات بالمرتبة والشرف والوجود الذاتي ، على ما دونه من الموجودات ، وهو محتجب بكنه كبريائه وكمال عظمته عن العقول البشرية ، والمدارك الفكرية النظرية ، والإحاطة العلمية الفكرية وهو ملجأ الكلّ ، ومفزع الفرع والأصل ، في حالتي الصدع والفصل ، والجمع والوصل .
[right]وهو المستجار والمجير ، الذي يستجير إليه الفزع الفقير ، والجزع الحقير ، ومنه الفزع ، وإليه المهرب والمفزع الصغير والكبير .
وكذلك هو تعالى إله يوله به ويتولَّه فيه العالمون العالمون ، فيشتدّ ولههم به أو ولهه به منهم وفيهم وبهم ، فهم به ولهون ، وفيه والهون ، وبه مولهون ، وهو المحبّ المحبوب ، والطالب المطلوب ، والموجودات بالالتجاء إليه مولعون .
وكذلك توله وتحار فيه العقول ، ويذهب فيه إليه منه كلّ مذهب في الفروع والأصول ، والوصول بلا حصول محصول .
وكذلك يتولَّع الكلّ بالتضرّع إليه ، والسؤال منه وممّا بيديه وعنده ولديه ،والتعويل عليه .
وكذلك إله معبود بكلّ مكان في كل ما عبد ويعبد ، مسجود له كلّ أوان وزمان في كل ما إليه يسجد ، ممّا يتخيّل ويتمثّل ويعقل ويشهد .
وكذلك إله قادر بالذات ، قدير على الاختراع وإبداع المبدعات ، مقتدر على إيجاد الذوات واختراع المخترعات ، من الأجناس والأنواع والشخصيات ، إلى ما لا يتناهي من الممكنات لعدم تناهي التجلَّيات .
وكذلك هو إله ، له ما في الأرضين والسماوات ، وما بينهما وما فوقهما وتحتهما من الأفلاك المحيطات ، والنفوس الروحانيات ، والأرواح النورانيات ، والتجلَّيات الجليّات والخفيّات ، والحقائق العلَّية العلمية المعنوّيات ، والأعيان الثابتات ، والنسب والإضافات.
فعلميّة هذا الاسم لذات ذات أسماء وصفات ، ونسب و اعتبارات ، لا للذات المطلقة عن جميع هذه القيود والسمات ، وعن السلب والإثبات .
البحث السادس : في تتمّة هذا الأصل بالتنصيص على صريح الحق .
قد علمت - أيّدك الله بروح منه - فيما سلف أنّ للذات في ذاتيّتها « 2 » اعتبارين هي أحديّة جمعها :
أحدهما : اعتبار إطلاقها عن كل حكم ، وتجرّدها عن كل صفة واسم ، وعدم انحصارها ولا تعيّنها في إحاطة كل علم ، وتنزيهها عن كل نسبة ورسم ، وعن دخولها تحت إشارة أو عبارة ووسم  فليس له سبحانه لهذا الاعتبار اسم دالّ عليه دلالة مطابقة إطلاقية للحقيقة المطلقة عن الألفاظ المركَّبة من الحروف .
ولا عن الحروف البسائط الخالية عن التركيب .
والذي ذكرنا من دلالة بعض الحروف البسيطة عليه كدلالة هاء كناية الغائب وألف الوحدانية على ما سيذكر.  إنّما هي دلالة على نسب الذات ، لا على الذات من حيث هي هي .
فدلالة الهاء بمعناها على غيب الذات وبصورتها اللفظية والرقمية على إحاطتها بالغيب والشهادة .
ودلالة الألف على لا تعيّنه بمرتبة من المراتب على التعيين والتقييد ، كلا تعيّن الألف في مخرج من المخارج ، فافهم .
والاعتبار الثاني للذات : اعتبار النسبة والإضافة والارتباط ، أي ذات ذات أسماء وصفات ، ونسب وإضافات ، وحيثيات وتعيّنات وتجلَّيات وعلميّة الجلالة - أعني الاسم « الله » - بهذا الاعتبار الثاني ، فهو علم لذات الألوهية ، لا للذات المطلقة عن الاعتبارات وسائر النسب والإضافات ، فافهم .
البحث السابع : في سبب اختصاص هذا الاسم بالتقدّم والموصوفية على غيره وكونه مسمّى بما عداه من الأسماء والصفات والنسب والإضافات .
اعلم : أنّه لمّا كان كل اسم اسم من الأسماء - مع اشتراك الكلّ في الدلالة على العين الواحدة المسمّاة بالجميع - دالَّا على مفهوم ومدلول مخصوص دلالة تميّزه عن مدلول اسم آخر مفهوم منه ، كدلالة « العليم » على ذات الألوهية من حيث إحاطته بالمعلومات كشفا وتمييزا .
ودلالة « القدير » عليها من حيث الإيجاد وإيقاع الأثر ، ودلالة « المريد » على تخصيص بعض المعلومات بأمر دون أمر بموجب التعيين والتمييز العلمي .
وذلك المعنى هو حقيقة تلك النسبة بموجب الاشتقاق اللفظي من السلب والإثبات ، ولم يكن في اسم منها دلالة جمعية أحدية على خصوصيات سائر الأسماء بالاستلزام والتضمّن ، بخلاف اسم " الله " فإنّ له أحدية جمع جميعها باشتمال الألوهية على حقائق كليّة هي أمّهات الجميع .
وهي : الحياة ، والعلم ، والإرادة ، والقدرة لعدم تحقّق حقيقة الألوهية إلَّا لذات ذات حياة وعلم وإرادة وقدرة ولعدم تصوّرنا الإله إلَّا كذلك ولاستيعاب هذه الحقائق الأربع لسائر الأسماء والصفات والنسب والإضافات ، فاستحقّ لما هذا الاسم دون غيره التقدّم والموصوفية لأنّ ما عداه نسبه وأسماؤه وصفاته ، ولم يقو غيره على ذلك .
فإن قيل : قد ورد النصّ بدلالة المساواة بين سائر الأسماء معه من حيث الاسمية في قوله - تعالى - : "قُلِ ادْعُوا الله أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَه ُ الأَسْماءُ الْحُسْنى " 110آية  سورة الاسراء .
فإنّ الضمير في « له » عائد إلى هويّته -تعالى المسمّاة بالجميع ، الزائدة على مدلول الاشتقاق بأحدية الجمع ، ولهذا ألزم الله بحجّته البالغة الغالبة عبدة الأصنام من المشركين الذين نسبوا الإلهية إلى غير هذه الهوية الأحدية الجمعية بقوله تعالى: " قُلْ سَمُّوهُمْ " آبة 33 سورة الرعد .
لعلمه بأنّهم إذا سمّوا ما يعبدون ، سمّوها بأسمائها الخصيصة بها ، كالشمس والقمر والخشب والحجر ، فيتحقّق عندهم إذ ذاك أنّ ما يعبدون غير الله .
ومن جمعية هذا الاسم أيضا أنّه جامع بين العلمية والاشتقاق ، لكونه علما لذات مسمّاة بجميع الأسماء من كونه جامعا لخصائص جميع المدلولات المختلفة الكثيرة المتماثلة منها والمتقابلة .
كما قيل لأبي سعيد الخرّاز  رحمه الله « بم عرفت الله ؟ »
قال : " بجمعه بين الأضداد ".
فإنّ كون الهوية الواحدة من جميع الوجوه مسمّاة بالأسماء الكثيرة المتقابلة المتماثلة يقتضي عجز العقول فيها عن إدراكها .
فلمّا دلّ هذا الاسم دون ما عداه من الأسماء على الأحدية الجمعية الكليّة الحاصرة لحقائق الربوبية المتقابلة منها والمتماثلة كما يدلّ الأسماء الأعلام على مسمّياتها استحقّ التقدّم عليها ، فافهم .
البحث الثامن : في إشارات كشفية إلى حقائق حرفية يعطيها هذا الاسم من حروفها وتركيبها في طور التحقيق
ويشتمل على أبحاث عشرة :
أحدها : أنّ هذا الاسم في قاعدة المشرب الكمالي الختمي مركَّب من ستّة أحرف :
الهمزة ، واللامين ، وألف بعدهما ، وهاء ، وواو بعدها ، وهذه صورته « ال ل اه و » .
فالهمزة : إشارة إلى التعيّن الأوّل ، والقطع - دون الاتّصال - إشارة إلى انفصال التعيّن الأوّل عن اللاتعيّن بامتياز الاسم « الظاهر » محيطا بما احتواه من التعيّنات العينية والشؤون المظهرية .
والألف الخفيّة في الهمزة لفظا كخفاء الهمزة في الألف رقما إشارة إلى أحدية نفس النفس المتعيّن بالتعيّن الأوّل لأنّ العين المتعيّنة بالتعيّن الأوّل - .
من حيث هي كذلك متميّزة عن العين غير المتعيّنة في التعيّن الأوّل باللَّاتعيّن من حيث لا تعيّنها الذاتي إذ العين من حيث هي تقتضي اللاتعيّن في مرتبة إطلاقها وبطونها العيني الحقيقي .
والتعيّن أيضا في مرتبة الظهور وهي المتعيّنة في المرتبتين معا .
وهي في كلّ من المرتبتين أو النسبتين كيف قلت عينهما فهما حرف واحد.
ولكنّ العين المتعيّنة بالتعيّن الأوّل باطنة ، والتعيّن ظاهر ، فظهرت الهمزة في اللفظ وخفيت الألف فيها ولأنّ الألف صورة العين المتعينة بالتعين .
وغير المتعينة في اللاتعين ، لم يظهر لها عين في المخرج اللفظي تمتاز به عن حرف آخر لأنّه لا مخرج للألف أصلا إذ هي أخت الفتحة ونفس النفس الممتدّ من أيّ مخرج حرفيّ فرض .
ومشاركة الألف لباقي الحروف إنّما هي بحسب المرتبة ، وهو التعين الأوّل فيما نحن بصدده ، فتعيّن الألف لأجل ذلك إنّما هو بالهمزة في اللفظ .
ولأنّ المرتبة حقيقة معقولة لا تعيّن لها في الحسّ ، ولا تحقّق لها بدون المتعين به وفيه ، كان وجود الهمزة بوجود الألف رقما كوجود المرتبة بوجود ذي المرتبة والتعيّن بوجود المتعيّن .
ولهذا السرّ وما ذكر لم يظهر للألف في النفس الرحماني ومراتبه ، وفي النفس الإنساني ومخارجه .
تعيّن تميّز به عن غيرها من الحروف لأنّها عين النفس الممتدّ من باطن القلب لمخرج الهمزة التي هي نظيرة التعيّن الأوّل الجامع لجميع التعيّنات ولأنّ الألف عين النفس المتعيّن في جميع المخارج الحرفية ظاهرا  بصور الحروف كلَّها .
كان قيامها به وهو قيوم ، والحروف في مشرب التحقيق هو فيها عينها وهي صور تفصيله ، كما أنّ الحروف في أحدية النفس عينه ، فهي فيه هو ، كما أنّه فيها هي .
تكملة : ولأنّ التعيّن الأوّل من حيث قطع النظر عمّا تعيّن به وفيه - وهو الوجود الحق ليس إلَّا نسبة لا تحقّق لها بدون المتعيّن به وفيه ، لم يظهر للهمزة التي هي إشارة إليه في عالم الرقم الإنساني .
الذي هو نظير عالم الملك والشهادة وجود ، وكذلك المراتب من حيث هي مراتب لا وجود لها إلَّا بالتعينات المترتّبة فيها وجودا يتميّز به عن المتعين بها وفيها .
وكما أنّ الألف لا تعيّن لها في عالم اللفظ الذي هو نظير العالم الروحاني الكلامي القولي .
كما قال تعالى : "إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناه ُ أَنْ نَقُولَ لَه ُ كُنْ فَيَكُونُ " آية 40 سورة النحل.
وذلك لأنّ الألف عين الكلّ كالنفس الرحماني عين كلّ من نفّس عنه ، والكلّ من كونه كلَّا لا تعيّن له يشار إليه .
كما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم : " وإنّ الملأ الأعلى " وهم الروحانيون " ليطلبونه كما تطلبونه أنتم " ، يعني الملأ الأسفل وهم الجسمانيون وذلك لأنّ الألف وهو النفس الواحد عين الحروف العلوية والسفلية ، والحروف لا يجدونه و " هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا " آية 7 سورة المجادلة .
" وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْه ِ من حَبْلِ الْوَرِيدِ " آية 16 سورة ق .
فالهمزة ظاهرة في اللفظ ولها تعيّن مخرجي من أعلى الصدر ممّا يلي القلب عندنا .
وعند القرّاء : 
هي من الحروف الحلقية ، والألف باطنة فيها وهي الظاهرة في الرقم وإن خفيت في اللفظ ، ككون النفس الرحماني عين الأرواح المروّحة بالنفس الرحماني المحمول في أعيانهم .
ككون الكلمة محمولة في الروح الأمين كذلك الألف عين كل حرف في كل مخرج وهي المسمّاة بأسماء الحروف الظاهرة بأعيانها ، فهي لها كالقوالب والظروف.
وكذلك الواحد الذي هو روح الألف في العدد - ليس له وجود في العدد لكونه غير معدود ، فما هو داخل من كونه واحدا في مراتب العدد إذ لا يصحّ إطلاق اسم العدد إلَّا على ما يتعدّد .
والواحد له الأوّلية والقبلية الذاتية والمرتبيّة على مرتبة العدد .
البحث الثاني من الثامن : اعلم : أنّ التعيّن صورة في المتعين بذلك التعين وفيه
فما له وجود بلا أمر متعيّن فيه ، وذلك الأمر فيما نحن بصدده النفس ، والنفس مادّة وهيولى للصور الحرفية .
والحروف إنّما هي تعيّنات نفسية في المراتب المخرجية ، كما أنّ صور الموجودات الكونية إنّما هي تنوّعات تجلَّيات النفس الرحماني .
وكما أنّ نفس الإنسان إنّما ينبعث من القلب ، فله تعيّن في القلب غير متميّز عن المتعيّن ، وهو فيه عين المتعين .
وهذا الاعتبار سابق على اعتبار امتداده إلى المخارج ، وتعيّنه فيها يوجب تلك المدارج في التنزّلات والمعارج ، وهو اعتبار إجمال الألف وأحديّتها الجمعية النفسية .
وذلك لأنّ الألف وهو الواحد ، أو النفس الإنساني ، أو النفس الرحماني ، أو الوجود الحق الساري في حقائق الموجودات له ثلاثة مراتب :
إحداها : قبل امتداده ، وهو مرتبة إجماله واندماجه وانجماده وأحديّته قبل تعيّن آحاده ، فالحروف والأعداد والموجودات والمعدودات فيها مندمجة وفيها مضمّنة ومندرجة مجملة متّحدة ، وهي مرتبة استهلاكها فيها استهلاكا لا تظهر أعيانها ولا تتميّز فيتأتّى تبيانها ولا يتأتّى بيانها .
وفي هذه المرتبة لا يمكن لممكن شهودها وعيانها كاعتبارنا للنفس الإنساني والنفس الرحماني والواحد الأحد في تعيّنه الكياني ، أو غيب القلب الإنساني ، أو غيب عين التعين الأوّل الكمالي الذاتي الإلهي الإنساني .
قبل التنفّس وامتداد النفس من قبل المتنفّس ، وقبل تفصيل مجملات التعينات من التعين الأوّل فإنّ النفس للمتنفّس واجب التحقّق - والعين المتعيّنة بالتعين الأوّل ثابتة له فيه ، والواحد في أحديته أصل للواحد الذي هو مبدأ العدد - وإن لم يتنفّس بالفعل أدنى زمان .
والواحد بهذا الاعتبار أحد تنتفي عنه الكثرة الوجودية والنسبية ، وهو مقام « كان الله ولا شيء معه » .
ومقام استهلاك الكثرة الأسمائية في الأحدية الذاتية .
ومقام كون النفس في قبضة قلب المتنفّس ، ولا معيّة لأعيان الحروف بالنفس لاستهلاكها فيه كاستهلاك النفس أيضا في نفس المتنفّس لعدم النفس قبل الامتداد إلى الإيجاد ، وبهذا الاعتبار تكون الألف في عالم الرقم عين النقطة في النقطة ، ككون الحروف في الألف التي في النقطة ، فافهم .
والاعتبار الثاني : اعتبار مرتبة امتداد النفس الإنساني والرحماني بالإيجاد إلى أعيان الحروف ، وحروف الأعيان حال تعيّناتها في مخارجها وتنزّلاتها في مدارجها ورجوعها إلى الباطن في مراجع معارجها .
وفي هذه المرتبة تحقّق وجود عين الألف.
وهو نفس ممتدّ ، له من حيث امتداده اعتبارات ثلاثة أيضا لأنّه:
إمّا عارج من أسفل سافلين إلى أعلى علَّيّين
أو هابط من الأعلى إلى الأسفل
أو جامع بين النزول والعروج ، والدروج والخروج.
وهو باعتبار طلوعه وعروجه يكون أخت الفتحة في العرف العربي .
وباعتبار هبوطه يكون أخت الكسرة كذلك ، ويسمّى ياء .
وبالاعتبار الجمعي أخت الضمّة ، ويسمّى واوا فالألف والواو والياء صور الألف ، الذاتية الوجودية النفسية في مراتبها الكلَّية .
فهي ألفات كلَّها في طور التحقيق لأنّها أنفاس ممتدّة ، وليست الاعتبارات المخرجية وتعيّناتها من وجه مخرجة لها عن الحقيقة الألفيّة حين امتدادها إلى العلو والسفل والجمع . فهي كتعيّن الألف من مخرج الهمزة .
وفي التحقيق لا مخرج لهذه الحروف أعني حروف المدّ واللَّين ، وهذا الاعتبار اعتبار واحدية الواحد " وَإِلهُكُمْ إِله ٌ واحِدٌ " آية 163 سورة البقرة.
فهو نصف الاثنين وثلث الثلاثة وربع الأربعة وخمس الخمسة ، جزء من أيّ عدد فرضنا وبهذا الاعتبار يكون الواحد مبدأ للعدد ولا يتنزّه عن الكثرة النسبية .
ويستلزم الربّ المربوب والإله المألوه ، وينشئ الواحد من نسب ذاته تعيّنات تجلَّياته وتنوّعات تعدّداته ، وإنّما لا يتنزّه الواحد من هذا الوجه عن الكثرة النسبية لأنّه مبدأ النسب والإضافات ومسمى الأسماء وموصوف الذات .
فلو تنزّه وترفّع عنها ، لما كان مبدأ لها ولا مبدئا منشئا بذاته إيّاها .
وهو بهذا الاعتبار داخل بالقوّة في العدد لا بالفعل ، فهو بالقوّة والصلاحية نصف وثلث وربع وخمس وغيرها .
وإذا شاء إنشاء العدد بالفعل ، تعيّن بذاته في مراتب تعيّناته وتعدّداته ، فكان مع كونه عين الكلّ نصفا وثلثا وربعا وغيرها بالفعل ، وهذه النسب ونسب النسب إلى ما لا يتناهى معقولة التحقّق في ذات الواحد .
والواحد بهذا الاعتبار من كونه مبدأ للعدد سابق على مرتبة التعين العددي ، مسبوق بالإطلاق الذاتي الأحدى ، وهو اعتبار « الله » من حيث قيام الألوهية به متجلَّيا للموجدية والربوبية ، فافهم .
فهو الواحد الأحد ، الذي أظهر بوجوده أعيان الموجودات في مراتب العدد .
الاعتبار الثالث : اعتبار مرتبة تعيّن النفس في المخارج وصور الحروف ، وتشكلَّه بأشكال هذه المعاني والظروف ، وتجلَّيات الواحد في أعيان الآحاد ، وتعدّداته في عقود مراتب الأعداد ومسمّياتها بأسمائها ، التي لا تحصى ولا تتناهى ، ظاهرا بإنّيّاتها ومظهرا ومظهرا لأنبائها وآياتها .
وهي أيضا مراتب تعيّنات التجلَّي النفسي الرحماني الإلهي الوجودي والفيض الذاتي الجودي ، المنبعث من غيب باطن القلب وهو التعيّن الأوّل إلى حضرة أحدية جمع الجمع والوجود ، على ظاهرية الاسم الظاهر المشهود المعهود الموجود .

فما ثمّ إلَّا هو ، هو الأوّل الأحد ، والآخر أبد الأبد ، والظاهر بالعدد ، والباطن عمّا تعدّد ، والجامع بين ما تأحّد وتوحّد وتجدّد ، فتعدّد وتقيّد وتحدّد فالوجود الواحد الحق في هذه المرتبة لاتّصافه بالمحدثات المتجدّدة والتعينات المتكثّرة المتعدّدة يظهر بأوصافها ونعوتها متكثّر التعدّد والتعيّن .
متجدّد التجلَّي والتّبين فإنّه في كلّ ماهية ماهية بحسبها لا بحسبه ، خارجا عنها في حقيقته المطلقة لكون كلّ مطلق في كلّ مقيّد متقيّدا كذلك ، ككون اللون في الأبيض أبيض ، وفي الأسود أسود ، وفي الحمرة حمرة ، وفي الخضرة خضرة على التعيين والتقييد ، مع إطلاقه في عينه لا في أينه ، فافهم .
البحث الثالث منه أي من البحث الثامن :
ولأنّ مبدأ الانبعاث النفسيّ الرحماني الذي انفتحت فيه صور الحروف الشهودية والكلمات والسور والآيات الوجودية ، وهو الهيولى لهذه الصور الحرفية ، كما أومأنا إلى ذلك إنّما هو التعيّن الأوّل.
الذي هو نظير القلب من النشأة الإنسانية للنفس الإنساني ، ومخارجه مخرج الهمزة من قربه .
وقبل حصول الامتداد النفسي الرحماني والإنساني معا في المراتب والمخارج لا ظهور لعينه ، فهو خفيّ الحكم لاستهلاك إحدى نسبتي الواحد وهي واحديّته ومبدئيته في أخراهما ، وهي أحدية الأحد .
لهذه الإشارة لم يظهر للألف في التلفّظ بـ « الله » عين وقامت الهمزة مقامها ونابت منابها ، كقيام المظهر مقام الظاهر ، وظهور الخليفة بصورة المستخلف .
بحيث لا يظهر للمنوب عين يمتاز بها عن عين النائب إذ هو فيه عينه ، فالأثر والحكم منه فيه ، فافهم . وصورة الفتحة التي في همزة « الله » إشارة إلى أنّ التعيّن الأوّل مفتاح مفاتيح الغيب .
وبه ومنه فتح باب التعيّنات النفسية والصور الوجودية الأنفسية والتجلَّيات الشؤونية الشهودية الأقدسية .
ولأنّ ألف النفس ، له ثلاثة أوجه :
أحدها : نزاهتها ولا تعيّنها في كل مخرج مخرج له عن إطلاقه وأحديته .
والثاني : اعتبار تعيّنه بحسب المبدئية والأوّلية للتعينات .
والثالث : اعتبار برزخيّته وجمعيته بهويته بين التعين واللا تعين ، من كونه عينهما وعين الظاهر والباطن ، والأوّل والآخر .
وهذه الوجوه غير الاعتبارات الثلاثة الأول المذكورة ، فلا يشتبه عليك .
لا جرم ظهر مثالا لهذا السرّ في عالم الرقم الرسمي في الوضع الكامل العربي الأحدي الجمعي ، شكل الألف أحدية جمع نقط ثلاث وهو الخطَّ إذ النقطة أصل الخطَّ والسطح والسمك .
وهي إشارة إلى معقولية نسبة التعين ومع قطع النظر عن النقطة ، فلا خطَّ وإذ لا خطَّ فلا سطح فلا سمك ، وما ثمّ إلَّا بياض مطلق لا تعيّن فيه ، فنفس التعين حقيقة النقطة وهي صورته ومثاله في الرقم ، وهو عالم الحسّ والمحسوس .
ثمّ إن كلّ نقطة رقمتها بالأسود مثلا أو بأيّ لو كان ، إذا وضعت في سطح البياض ، فلا بدّ أن تقع على مثلها من جرم البياض المطلق ،
فتكون نقطتين :
نقطة ذات لون
ونقطة لا لون لها

فذات اللون منهما إشارة إلى التعيّن وهي الحجابية الظاهرية المظهرية ، والبياض مثلا في النقطة التي لا لون لها إشارة إلى النور الحق المتعين بالتعين الأوّل من البياض الإطلاقي اللاتعيّني.
وباتّصال النقطتين يتحقّق الوجود الثالث البرزخي الذي أوجب أحديّتهما وهو عينهما وأحدية جمعهما .
والخطَّ وهو الألف عبارة عن الهيئة الاجتماعية من مجموع النقط الثلاث ، وكذلك الخطَّ ، له في وضع الرسم ورسم الخط والرقم حركات ثلاث واعتبارات كذلك بحسبها لازمة لوجود الخطَّ :
أحدها : الحركة المستقيمة باعتبار التعالي والرفعة الذاتية وهي مرتبة النزاهة والقدس والغنى وانقطاع النسبة من الغير كما أشرنا إليه في الحركات النفسية الألفية الروحانية .
وبهذا الاعتبار لا يتّصل الألف بحرف أصلا إلَّا من حيث أوليّته لأنّه آخر كل آخر فلا آخر بعده إذ الوجود الحق هو الباقي الدائم بعد فناء كل تعين وتجدّد سرّ " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه ُ " آية 88 سورة القصص .
والاعتبار الثاني : اعتبار التنزّل والتجلَّي وتعيّن الفيض الإيجادي بصورة التدلَّي والارتباط المرتبي ، كالعلَّة مع المعلول ، والألوهة مع المألوه ، والربوبية مع المربوب ، وبهذا الاعتبار يرفع الألف من اتّصل به ، فإنّ الألف وإن لم يتّصل هو بغيره ، فإنّه يوصل من اتّصل به ويصله ويطلقه بالفتح ألا ترى اتّصال جميع الحروف بالألف بهذا الاعتبار من العلو إلى السفل .
ثم الحركة المستقيمة إمّا من الفوق إلى التحت أو من التحت إلى الفوق ، فإنّ الربّ سبحانه على الصراط المستقيم ، ونسبة الفوق والتحت إليه على السواء .
كما أشار إلى ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بقوله : " لو دلَّيتم بحبل ، لهبط على الله " هذا في نسبة التحت إلى الله .
وأمّا نسبة الفوق إليه بقوله - تعالى - : " يَدُ الله فَوْقَ أَيْدِيهِمْ " آية 10 سورة الفتح .
وقوله : " وَهُوَ الَّذِي في السَّماءِ إِله ٌ وَفي الأَرْضِ إِله ٌ " آية 84 سورة الزخرف.
واكتفى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الخرساء بإشارتها إلى السماء في الجواب عن سؤاله عنها : " أين ربّنا ؟ " فهذا نسبة الفوق إليه تعالى .
واعتبار الحركة الألفيّة من الفوق إلى التحت إشارة إلى تنزّل المطلق بالتجلَّي تحقيقا لارتباط المطلق بالمقيّد ولإيجاد أعيان الحروف .
واعتبار حركته من التحت إلى الفوق إشارة إلى عود التجلَّي المقيّد إلى إطلاقه الأوّل بعد التقيد بخصوص القابل وعروجه من الظاهر إلى الباطن ، ورجوعه من السفل إلى العلو ، وذلك بثلاثة أوجه :
أحدها : بالمعراج والانسلاخ على قانون طريق أهل هذا الشأن .
والثاني : بالموت ومفارقة الجوهر النفساني عن هذا الجوهر الكثيف الظلماني " من كانَ يَرْجُوا لِقاءَ الله فَإِنَّ أَجَلَ الله لَآتٍ " آية 8 سورة العنكبوت .
والثالث : بطريق النوم " الله يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ في مَنامِها " آية 42 سورة الزمر .
والحركة الثالثة الألفيّة في العرض ، وهي على ثلاثة أنحاء أيضا :
أحدها : دورية إحاطية ، وفي هذه الحركة تتّصل نقطته الآخرية بنقطته الأوّلية وتكون عينها فإنّ المحيط أوّل وآخر بعين ما به أوّل ، وذلك عند كمال الدائرة فإن لم تكمل ، فهو في درجات الهلالية القمرية الارتقائية - إن كان في مراتب الخروج والدروج - أو في درجات الأهلَّة السرارية في مراتب الرجوع والعروج ، كما سنستقصي القول في ذلك عند ذكرنا أسرار هاء الله .
والثاني : حركته من اليمين إلى اليسار ، وهو إشارة إلى تمثّل الأرواح وتجسّد الملائكة وتشخّص التجلَّي .
والثالث :  من اليمين وذلك عند رجوع النفوس الروحانية عن القوالب والقوابل الجسمانية إلى عالم الأرواح بالموت في العموم ، وتروحن البشر وانحلال الصور التركيبية الثقلية إلى الصور الروحانية .
البرزخية والمثالية والنورانية والعقلية والعلمية الإلهية في الخصوص .
وكل هذه الحركات الألفيّة في هذه المرتبة الثالثة لنسبة بيان مراتب العدد والحروف والموجودات العينية ، فافهم .
البحث الرابع من البحث الثامن : الألف الممتدّة في العرض باء
وهو أوّل معلول ظهر من الحضرة الوحدانية الألفية ، كذلك روح الباء وهو عدده أوّل معلول الواحد وهو أوّل الأعداد باء بيان مراتب العدد الأصالة المطلق الواحد الأحد .
وإبانة المتعين المقيد بعين تعيّنه وتقيّده إنّه عن سابق مطلق لا يتقيد ، غير متعين بالأزل والأبد عن كل أمد . وإذا اتّصل ألف « الله » المتنزّل بالتجلَّي والتدلَّي بباء عبدانيّة التعين المظهري الكمالي ، ظهرت صورة لام الملكوت الأعلى .
وعند التحقيق يتحقّق أنّه لا يتّصل الألف المتجلَّي بسرّ التدلَّي والتولَّي إلَّا بالألف المعترّض للتعرّض والتلقّي بحقائق التجلَّي بعد التجلَّي .
فما ثمّ إلَّا نفس رحماني جوديّ ، وفيض تجلّ وجودي من امتداد ألف شهودي ، بتعيّن في لام لوح قابلية القابل ، وبعد التعين يكون قابلا مبيّنا مبيّنا للتجلَّي الثاني معيّنا معيّنا ، فالأوّل بهذا الاعتبار هو الظاهر ، والباطن هو الآخر لتأخّر تعيّنه في قابلية الأوّل .
ولهذا السرّ كانت صورة اللام في الخطَّ العربي الكامل مركَّبا من ألف نازل متّصل تعريضه بألف معترض ، وهو الباء في ثاني المرتبة الألفية الإلهية المتجلَّية سرّ التدلَّي متعرّضا للتلقّي .
واللام لأمان : لام الملكوت الذي بيده ، ولام الملك الذي " لِلَّه ِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ " آية 16 سورة المؤمنون .
وكذلك « اللام » يتضمّن ألفا من بسائطه ، وكذلك في " الألف " لام إشارة إلى استلزام الربّ للمربوب والإله للمألوه .
والألف الذي في « اللام » إشارة إلى الوجود الحق المتعيّن في قابلية الباء الذي هو العقل الأوّل القابل لمجملات العلوم الحقّية الملكوتية في ألواح المظاهر الخلقية.
فاللام الأوّل من « الله » لام لوح تفصيل الملكوت .
والثاني الذي في ألف لام الملكوت هو لام لوح تفصيل الملك الذي هو مظاهر ومجال لتفصيل الملكوت .
فلام الملكوت لام لوح تفصيل الألف الإلهي .
ولام الملك لام لوح تفصيل الملكوت و  فَسُبْحَانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (83) سورة يس.
والألف ملكوت الملكوت وملك الملك والملك والملكوت وملكوت الملكوت أو ملك ملكوت ملكوت لله ، وهو هو هو هو المليك والملك الملكوت للملك والمالك للملك.
فاللامان إشارتان إلى أنّ الملك والملكوت له تعالى بالاعتبارات الثلاثة المعتبرة عند أهل العربية ، يعني لام الملك والتخصيص والإضافة ، واللام في هذه الاعتبارات الثلاثة مجال ظهور آثار الملك وإحكام أحكام قدرة المالك .
وإشارة إلى تفصيل ما كان مجملا في الألف من عوالم الحروف والكلمات .
فاللام لام لوح تفصيل الألف الواحد الأحد في سائر مراتب العدد والكثرة الحرفية ، منفصلة ومتّصلة في الكلمات والسور والآيات والكتب المنزلة بمداد المدد ولأنّ لوح هذا التفصيل على وجهين : ظاهر وباطن .
وإن شئت فقل : غيب وشهادة ، أو صورة ومعنى أو ملك وملكوت كيف قلت فكل هذه العبارات والاعتبارات سائغة .
فاللام الأولى الملكيّة من وجه بالنسبة إلينا ، الساكنة المدغمة هي لام لوح التفصيل الملكي العيني الظاهر ، المدغمة في لام لوح التفصيل الملكوتي العيني الباطن ، وسكون لام الملك الظاهر القابل إلى لام الملكوت  الباطن المقبول مدغمة .
إشارة إلى أنّ القابل الذي هو الظاهر أو الشهادة أو الملك مدرج من وجه في الباطن ، والغيب محيط بالشهادة.
وإن كان اعتبارنا من وجه آخر بالعكس فإنّ الظاهر يستلزم الباطن ، والباطن مدرج  في الظاهر ، والغيب محمول في الشهادة ، والملك حامل للملكوت .
فلام لوح تفصيل الملكوت مدغم في لام لوح تفصيل الملك ، وهذا ظاهر تعرفه العقول .
والوجه الأوّل أولى وأوجه فإنّ الظاهر والشهادة والملك ظهرت عن باطن سابق ، وغيب متقدّم ، وملكوت محيط أوّل .
فافهم سرّ إدغام أحد اللامين في الآخر ، طردا وعكسا ، إن كنت ممّن له قلب ، أو ألقى السمع وأنت شهيد وهو غايتك .
وكما أنّ مرتبة الغني الذاتي تقتضي الارتباط ، وتقضي بعدم التجلَّي وانقطاع النسبة وما للتراب وربّ الأرباب من النسبة .
فكذلك ألف « الله » لم يتّصل بلامي الملك والملكوت لعدم الرابطة وانقطاع المناسبة بين المطلق من حيث إطلاقه وبين المقيد من كونه مقيدا ، ولانقطاع اللاتعيّن عن التعين .
وانفراد « الله » مستقلَّا بكماله الذاتي عن الاتّصال بالتعيّن الأسمائي والصفاتي ، وبما دونه من تعيّنات صور الجلال والجمال ، اللذين هما لوحا تفصيل الألف الذاتي الإلهي المطلق النزيه المنزّه المقدّس تعالى .
وكما أنّه لا ارتباط بين الوجود والعدم ، ولا اجتماع بين الإطلاق والتقييد من وجه واحد وبين التعيّن واللاتعيّن .
فكذلك لا ارتباط بين الألف واللام الأوّل ، ولكنّ اللام إذا اتّصل بالألف رفعه الألف إلى مقام الإطلاق بالفتح الغيبي .
كما هو لفظ « اللام » في الوضع العربي المعتبر عندنا ، وفيما نحن بصدده فإنّه بهذا الاعتبار لام وألف وميم ، فالألف منقطع عن الميم ساكن قد اتّصل اللام به ، ففتحه للرفع ورفعه بالفتح إلى إطلاقه ، فلم يبق له حظَّا في اتّصال ميمه .
واللام الثاني هو لام لوح تفصيل الملكوت متّصل بالتجلَّي الوجودي بالنسبة الأولى لقبول حقائق لام لوح تفصيل الملكوت نور الفيض النفسي الوجودي ، وتجلَّي التعيّن الجودي .
في مقام العيني العياني الشهودي قبل عوالم الملك فإنّ عوالم الملكوت والمجرّدات في زعم من يقول به من الأرواح والعقول والنفوس ، قبلت الوجود الفائض الواصل بالتجلَّي الألفي النازل .
والتدلَّي النفسيّ الحاصل في الروح القابل من الموجد المتجلَّي أوّلا قبولا أحديا جمليّا كلَّيا بلا واسطة وجودية عين نور التجلَّي النفسي الألفي الرحماني .
ثم فاض منها على ما أدغم فيها ، فلمّا سرى فيها ، كمّلها ورفعها وحملها وأوصلها إلى إطلاقه ، فافهم .
البحث الخامس من البحث الثامن : في وصل هذا الأصل
اعلم  أنّ الملكوت ، له نسبتان : نسبة إلى الملك ، وأخرى إلى المالك .
فبنسبته إلى الملك تظهر آثار المالك في الملك ، والملك في الملك ، ومن حيث نسبته إلى المالك يتّصل به ويوصل من اتّصل به ويكمل من استكمل به ومنه .
فسكون لام الملك بهذا الاعتبار في تابوت سكينة لام الملكوت تحت إلقاء ألف التعيّن الأوّل الإلهي المتلقّى من ألف النفس ، وبسكون القابل المتجلَّى له تحت حكم الملقي الملقى نزل ألف التجلَّي سرّ التدلَّي ، ويحصل القبول والتلقّي لأسرار الترقّي والتولَّي .
وفي هذا المقام يكون المطلق عين المقيد وبحسبه ، ويكون الألف عين اللام الأوّل الساكن باتّصال الألف بتعريفيه إلى رأس الباء ووجود حقيقة لام لوح الملك.
لأنّ الألف المتجلَّى له ينقل بوجوده المقيّد وبماله ونفسه وبهويته ، فغني عنها ، وخرج عن جميع ما يلزم الوجود من الحياة والعلم والإرادة والقدرة ونسبها ولوازمها وعوارضها ولواحقها وعن نفسه وعينه وهويته وإنّيّته .
فأحبّ الله التجلَّي إذ ذاك ، وحمله على عرش الألف الأوّل الذي لا يوصل إليه ، وهو منقطع النسبة بالغني عن لوحي لامي تفصيلي الملك والملكوت .
فكان سمعه وبصره ويده ورجله وجميع جوارحه وقواه وعينه ، ككون الظاهر عين المظهر ، ولا حظَّ للَّام إذ ذاك من الحركة إلَّا السكون وهو الجزم فإنّ الوجه القابل من المظهر ، للصورة الظاهرة فيه لا يظهر لاستهلاكه في عين الظاهر .
واعلم : أنّه لمّا وقع نور التجلَّي الألفي الخفيّ في همزة التعيّن الأوّل من مطلق مرتبة التعين ، ولم يكن قابل ، فرجع في نفسه وانثنى ودار دورة نفسية وتثنّى على حاقّ مركزه الأسنى ، وثنى إلى طلب القابل عنان عنايته وعيانه وثنّى .
ولمّا كان التجلَّي حبّيّا ، ودار بنفسه في نفسه دورا إحاطيا ، على جميع الأعيان النّفسية والنسب العلمية والشؤون الذاتية التعينية .
حصلت بالعروج إلى أقصى مراتب الشهود ، والرجوع إلى منبعث التجلَّي من حضرة الجمع والوجود دورة تامّة إحاطيّة في نفسه .
وانبعث بسراية أنوار التجلَّي الألفي الخفيّ حركة عشقية بين الحقائق التي للكثرة النسبية المستهلكة قبل التجلَّي في قهر أحدية الواحد الأحد .
وهي نسب الملك والإضافة والتخصيص المذكورة في بيان الحركات الثلاث اللاميّة فارتبط الإله بالمألوه والربّ بالمربوب والملك بالملك والملكوت بالمالك ، فوجدت اللام الساكنة وهو لام الملك والشهادة مدغمة في لام الملكوت بهذا الاعتبار ، فلمّا حصل الارتباط وظهر للألف لاتّصال اللام به الجمعية والانضباط.
رفع الألف واللام الثاني ، فارتفع بارتفاعه ، واعتلى وانطلق باعتلائه واتّساعه إلى العلوّ الذاتي الألفي فإنّ الألف أخت الفتحة وأوصله بحركة الفتح إلى ألف « الله » المتجلَّي .
وفي مقام شهود الألف وشهادته لا يظهر له بعد اللام الملكي المدغم في اللام الملكوتي المفتوح بالألف الذي اتّصل به عين ولا حظَّ في الخطَّ .
والرقم الأحدية شكل اللام لأنّه أفناه عنه بالكليّة ولم يبق منه بقية ، حتى يظهر وجود الألف لفظا لعدم ظهور سطح المرآة عند شهود الصورة فيها لأنّ الألف النفسي في اللامين عينهما ومع كونه عينهما فإنّه غير متعيّن في عين تعيّنهما به وتعيّنه بهما وفيهما تعيّنا يميّزه عنهما .
فلا يظهر له وجود في الرقم ، ولكن اعتبار اندغام لام الملك في لام الملكوت بتغليب القوى والحقائق الروحانية الملكوتية على أحكام حقائق الملك والشهادة .
وبكمال تبعيّة الظاهر للباطن وانفتاح لام الملكوت القلبي إلى فوقيّته المطلقة يظهر عين الألف غير المتعيّن في أعيان اللامين ، فيتّصلان به ويرفعهما بحركة الفتح إلى العلو وإلى الفوقية الألفية ، فافهم قوله تعالى على لسان الكامل :
" من اتّصل بي رفعته ، ومن تقرّب إليّ شبرا ، تقرّبت منه ذراعا ، ومن تقرّب إليّ ذراعا ، تقرّبت إليه باعا ، ومن أتاني يمشي ، أتيته هرولة ".
" وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ " آية 4 سورة الأحزاب.
البحث السادس من البحث الثامن : في أسرار هاء « الله » تعالى وهي الكناية عن الغيب الذاتي الإلهي
والهوية المحيطة بالملك والملكوت ، والظاهر والباطن ، والغيب والشهادة .
وبيانه :  أنّ الخطَّ الألفيّ النفسيّ ، إذا كان دوريا إحاطيا ، فإنّه تتّصل نقطته الآخرية بنقطته الأوّلية إشارة إلى أنّ التجلَّي النفسي المستجنّ في الروح الإضافي .
والألف الإلهية المستوية على عرش القلب الإنساني المؤمني التقويّ متّصل بالألف الإلهية الذاتية الأوّلية الغيبيّة آخرا في صورة اللام المتّصل بالألف أحد الألفين ظاهر والآخر باطن .
فتتحصّل للألف إحاطته بالظاهر والباطن ، والغيب والشهادة ، والملك والملكوت .
وهذه صورة الهاء التي للهوية الغيبيّة والعينية ، فهو الأوّل الخفيّ في اللفظ ، الجليّ في الرقم ، وهو الباطن في همزة عين التعيّن الأوّل لفظا والآخر الظاهر بعد اللامين لفظا لا خطَّا .
وهذا مقام اضمحلال أحوال السائرين واستهلاك مقامات السالكين وفناء أعيان الإنّيّة الوجودية في الهوية الأحدية الجمعيّة الإحاطية بالأوّلية والآخرية والظاهرية والباطنية .
حتى فني ما لم يكن ، وبقي من لم يزل ، كما قلنا في هذا المشهد : شعر :
هويّته أبقت فناء هويّتي       ...... وإنّي به فيه عديم لواجد
وقد فنيت إنّيّتي في هويّة        ...... إحاطية ذاتية لم تشاهد
ولأحدية العين الواحدة - التي لا عين غيرها - أنفة وغيرة من مقام الغيرية ، فلا غير يثبت ، لظهورها ، ولا ظلام يقوم ، لنورها .
عطس رجل بحضرة الجنيد قدّس سرّه فقال : « الحمد لله » .
قال الجنيد : « قل كما قال الله تعالى : " الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ " * آية 2 سورة الفاتحة .
فقال الرجل : « ومن العالم حتى يذكر مع الله ؟ ! »
فقال الجنيد : " الآن يا أخي فقل فإنّ المحدث إذا قرن بالقديم ، لم يبق له أثر ".
وهذا مقام الوله الذي لأهل الفناء في الله تعالى .
ولكنّ الفاني إذا تحقّق بعد تعدّي مراتب فنائه وهي سبع على ما عرف وتحقّق فناء فنائه ، تحقّق ببقاء الحق في هاء هوية الوجه الباقي في قوله : " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه ُ " آية 88 سورة الفرقان .
حينئذ قال : " الْحَمْدُ لِلَّه ِ رَبِّ الْعالَمِينَ ".
كما قال الله تعالى وأشار إليه الجنيد رضي الله عنه -هو الأستاد المحقّق .
وهذا مقام الورثة في اللامقام وهو أعلى من مقام الأوّل بدرجات كثيرة ومراتب خطيرة أثيرة لأنّه شهود محض ، لا يتحرّك معه لسان ولا يضطرب فيه جنان ، ولا يبلغه بيان ، فافهم .

ثم نرجع إلى ما كنّا بصدده فنقول :
اللام الثاني لام عرش الألف ، والعرش ظلّ الله كما قال تعالى : " أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ " آية 45 سورة الفرقان .
وبامتداد الظلّ الإلهي الذي هو لام لوح تفصيل الملكوت إلى الفوقية الإطلاقية والعلوّ الألفي يظهر نون عين الألف .
والنون نونان ، قوسان لدائرة الهاء المحيطة باللامين ويتّصل الألف الآخر بالألف الأوّل لكون النهاية منعطفة على البداية بعد انتهائه إلى الغاية والآخريّة متّصلة بالأوّلية .
ويبقى لاما لوحي الملك والملكوت والظاهر والباطن متّصلتين ، فظهرت صورة الهاء المحيطة بواوها الباطن .
وجزء الاتّصال بين اللام والهاء إشارة إلى سنّة الارتباط الذي به تقع المشاهدة وهو مركز ألف لام العلم ، ومقام اضمحلال العدد في الواحد الأحد .
وفناء عين العبد فيمن أوجد « كان الله ولا شيء معه » وهو الآن على ما عليه كان .
والجزء الموصل بين لام الملك والشهادة ولام الغيب والملكوت مركز العالم الأوسط ، ومحيط البسيط الأوسط ، وهو عالم الجبروت ، الثالث .
البحث السابع من البحث الثامن  : في التتمّة انقطاع الألف الإلهي ظهور سرّ "كان الله ولا شيء معه "
وتحقيقه في عالم الرقم والحروف المشاكلة للألف في عدم الاتّصال بما بعدها بعدد الحقائق العالية العامّة لأنّها هي السلطان في وجودها .
وهي مظاهر التجليات الألفية المتدلَّية ياء ، ومناظر الهويات اليائية وهو فيها وهي
الدال ، والذال ، والراء ، والزاي ، والواو .
فالدال حقيقة الجسم الكلَّي .
والذال المتغذّي .
والراء هو الحسّاس المتحرّك .
والزاي الناطق .
والواو لحقيقة المرتبة الإنسانية .
وانحصرت حقائق حقائق عالم الملك والشهادة الظاهرة بعالم الكون والفساد في هذه الحروف ، وهي لا تتصل بغيرها لأنّها حقائق الأجناس العالية .
فهي لا تتصل بغيرها -لكنّ الأشخاص تتّصل بها أجزاء ولكن يتّصل بها غيرها من غيبها وما قبلها لأنّ العلم بالملك والشهادة من العالم متقدّم بالنسبة إلى العالم من العالم على العلم بالملكوت وألواح الأرواح .
فلمّا تمّمت الهوية الأوّلية والآخرية والظاهرية والباطنية أراد الله تعالى أن يظهر في المنتهى صورة المبتدأ في تقديم ألفه الأزليّ الأوّل المنقطع المنزّه عن الاتّصال بما بعده من الحروف من كلّ وجه .
فأوجد هاء « الهو » متّصلا بواوه منقطعا عن ألف لام لوح الملكوت لفظا المتّصل بلامه رقما وخطَّا ، فبقيت الهاء بواوها مستقلَّة في اللفظ ، منقطعة عن اللام .
ولأنّ مركز ألف العلم بالملكوت ولامه متّصل بألف الآخرية المنقطعة عن ألف الأوّلية ، لظهور الحقيقة الإحاطية الهائية الغيبية وجد في عالم التخطيط لام لوحي تفصيلي الملكوت المفتوحة لوجود الألف اللفظي النفسي متّصلة بصورة الهاء خطَّا منقطعة بألفها عن الهاء لفظا .
وعن عالم الأنفاس تحقيقا لانفصال الحقّيّة عن الخلقية ، ففني المحدث بظهور القديم .
فبقي ألفان : ألف الذات وألف العلم لأنّ الأوّلية والآخرية ، والظاهرية والباطنية فنيت بفناء لام الملك في لام الملكوت ، كفناء لام الملكوت في ألف العلم المحيط .
فلم يبق إلَّا ألفان على أنفسهما منقطعتان بقيامهما عن رقدتهما وانحلالهما عن عقدتهما ، فلمّا اتّصلتا ، فني كلّ منهما في الآخر وكذلك فنيت الأوّلية في الآخرية والآخرية في الأوّلية .
وكذلك الظاهرية في الباطنية والباطنية في الظاهرية التي كان وجودها بألفي لامي لوحي تفصيلي الملك والملكوت ، فحصل ألف واحد محيط بما بين بدايته ونهايته على شكل الهاء ، وبظهور شكل الهاء المحيط الكلي الأحدي الجمعي علم أنّ الله أحاط بكلّ شيء علما .
وأحصى كلّ شيء عددا ، فعاد الأمر آخرا ، كما كان أوّلا فإنّ التجلَّي الحبّي الإلهي في بدء التجلي الإيجادي خرج من باطن قلب التعيّن الأوّل ودرج في الألف النفسي ومرّ على حضرة أحدية الجمع في العلم الذاتي على جميع حقائق الشؤون الذاتية والحقائق الفعلية الإلهية إلى أن يبلغ غاية حضرة الإمكان .
فلم يجد محلّ تعيّن التجلَّي تماما ، فرجع قهقرى إلى باطن القلب ، فتمّت دورة التجلَّي ، فتنفّس بألف النفس المحيط كإحاطة التجلَّي الحبّي ، فلمّا كان ما كان ، وبان ما بان ، بسرّ هذا الشأن ، عاد الأمر دوريا كما كان ، فما في الوجود إلَّا الله العظيم الشأن " كُلُّ من عَلَيْها فانٍ . وَيَبْقى وَجْه ُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرامِ"آية 26-27 سورة الرخمن.
البحث الثامن من البحث الثامن في تكملة هذه التتمّة
أعلم : أنّ الحركات الإعرابية إشارات إلى النعوت والأحكام والصفات والنسب والإضافات ، وإلى اللوازم
ولوازم اللوازم والتوابع واللواحق والعارضات . وكما أنّ الذوات تتميّز بالصفات ، فكذلك بالحركات الإعرابية  تتميّز الكلمات .
ولأنّ الأصل في هاء الله الذي هو ضمير الهوية الذاتية الإلهية إنّما هو الرفع لكون الرفعة ذاتية لها ، وتوارد النصب والجرّ عليها إنّما هو بحسب القوابل .
فيستلزم الهاء وجود الواو بالضرورة لأنّ الواو أخت الضمّة ، والهاء محلّ التعيين وحروف الاسم « الله » على عموم وجوهها من وصل وقطع هي الهمزة الأولى والهاء الأخرى مخرجها من قرب القلب عندنا .
ثم إنّ اللام مخرجه اللسان الذي هو ترجمان القلب بين الهمزة والهاء لأنّ لام لوح التفصيل ترجمان تعيّن الألف النفسي ولكون اللسان ترجمان القلب .
لا ما التفصيلين بين حرفي القلب كحصول مخرج اللام - وهو اللسان - بين الهمزة والهاء ومخرجهما من حوالي القلب .
وواو « الهو » إشارة إلى الجمعية الأحدية الإنسانية الأخيرة التي للمرتبة وجودها بالهاء المتّصل بها من غيبها وما قبلها .
ولمّا أفنت اللام اللوحية التفصيلية الملكوتية اللام اللوحية الملكية وأخذتها عنها ، وأوصلها بحركتها الفتحية إلى الألف ، فوهبها الإطلاق الألفيّ والإحاطية الهائية ، فظهرت مرتبة الحقيقة الأحدية الجمعية الإنسانية في واو الهاء ، فافهم .
البحث التاسع من البحث الثامن في واو الهوية
اعلم : أنّ الواو للمرتبة الإنسانية الكمالية الجمعية الأحدية من جهتين كلَّيتين :
إحداهما : أنّ الواو ضمير الجمع في علم العربية .
والثانية : أنّ الواو ، لها الإحاطة والشمول بخصوصيات الحروف المترتّبة في المراتب المخرجية إذ الواو تبتدئ ممّا بين الشفتين ابتداء جميعا في النفس .
ثم تمتدّ كذلك عارجة من الشفتين إلى الصدر ، ثم تعود إلى ما منه بدأت ، فتمرّ على مخارج الحروف كلَّها في دورتها الإحاطية الجمعية ، فتنصبغ بأحكامها في تلك الدورة .
وأيضا : الواو أخت الضمّة وهي الجمع ، وكما أنّ للواو الإحاطة والجمعية الباطنة المعنوية ، فكذلك الهاء ، لها الإحاطة الظاهرة .
والواو باطن الهاء ، وابتداء حركة الهاء ومخرجها من باطن الصدر يمتدّ بها النفس إلى ظاهر الشفتين ، ثم يعود إلى ما منه بدأ ، وتتمّ دورته محيطا بما مرّ عليه من خصائص المخارج الحرفية ، فالهاء ظاهر الواو وحركة الواو من عالم الشهادة والملك إلى غيب النفس .
ثم العود كذلك إلى ما بدأ منه ، فالهاء خارج في عروجه ، دارج في رجوعه ودروجه ، والواو دارج في عروجه ، خارج في رجوعه بعد دروجه ، وعروجه بخروجه ، فهما منطبقان أحدهما على الآخر انطباقا لا ينفكّ أحدهما عن الآخر كاعتناق اللام بالألف ، لا يقتضي الانفكاك والطلاق عبوديّة لا تقبل الحرّيّة والعتاق .
ثم اعلم : أنّ الواو والهاء والألف والياء ، كلَّها مراتب تعيّنات الألف في ألفيّته ، من كونه تعيّنا ممتدّا لا من حيث تعيّنه في المخارج ومناصب تبيّناته ومخارج تجلياته ومدارج تنوّعات تعيناته ، فالألف المستقيم لعلوّه وفتحه وخروجه عن القيود المخرجية الحرفية بعروجه ، والياء لانكساره وانخفاضه بتدلَّيه وتنزّله وتجلَّيه بدروجه ، والواو لجمعه الباطن الجامع بين دخوله وخروجه ، والهاء لجمعه وأحدية جمعه برجوعه وعروجه .
وفي تركيب هذه الحروف المقدّسة المحيطة الجامعة بعضها مع بعض على اختلاف أوضاعها تكون الأسماء الإلهية المتصرّفة في الكون لأصحاب العلوم الروحانية في العوالم العلوية والسفلية الجسمانية ، ولها معان في اللغة السريانية والعبرانية القديمتين .
وإذا عرفت هذا فاعلم : أنّ الوجود ظاهر النفس الرحماني ، والجمعية المرتبيّة باطنته ، والنفس الرّحمانيّ مادّة الحروف الوجودية كلَّها وهو الألف وأوّل مبدئيّة التعين الأوّل الموجب لانفصال الظاهرية والشهادة بالتعيّن عن الغيب المطلق كتعيّن ألف "الله " في الهمزة ، واللام الأوّل للملك والثاني للملكوت.
إشارة إلى أنّ عالمي الملك  والملكوت لوحان تفصّل فيهما الألف المجمل في الأزل ، وبعد تفصيل الصورة الألفيّة في الظاهر والباطن والغيب والشهادة ، فلا بدّ من الجمع والإحاطة الألفية الأولى أن يظهر آخرا بعد التفصيل وهو الإنسان الكامل .
وكما أنّه لا يكتفى من الإنسان بالنسبة إلى مراد الحق الذي هو كمال الجلاء والاستجلاء على الصورة الظاهرة ، بل المراد جمعيّته الباطنة المرتبيّة التي هي أحدية الجمع الكمالي .
بمعنى أنّ الإنسان الكامل يتحقّق بالبرزخيّة بين حضرة الوجوب وحضرة الإمكان آخرا كما أنّ التعين الأوّل في الأوّل جامع بين حقائق الوجوب الحقّيّة وبين حقائق الإمكان الخلقية جمعا أحديا قبل التفصيل فكذلك بعد تفصيل ارتباط حقائق الوجوب بحقائق الكيان في مرتبة الإمكان .
فلا بدّ من جمع أحديّ يجمع جميع الحقّيات الألوهية الوجوبية الحقّيّة والجمعيّات الكونية الخلقية ، وصورة هذه الجمعية هو الإنسان الكامل بالفعل ، فافهم .
البحث العاشر من البحث الثامن :
اعلم أيّدك الله بروحه ، وأمدّك بفتح لوحه وفتوحه من نور يوحيه : أنّ نفس الحقيقة المطلقة - التي هي حقيقة الحقائق الكبرى
التي نظيرها النقطة في مطلق البياض إذا جاش بنفسها في نفسها فامتدّ للتفصيل بحقيقة النفس ، كان في مبدأ الامتداد وحدانيا جمعيّا مشتملا على حقيقتي الظاهرية والباطنية ، والفعل والانفعال .
ولأنّ القابل غير خارج عنه ينعطف الفيض النفسي على نفسه ، فيحصل بالعروج والرجوع صورة الإحاطة بحقيقة فلك الإشارة .
والنصف الأعلى من هذا الفلك المحيط لعماء الربّ ، وفيه صور الربوبية وأشخاص الحقائق الإلهية النورية الوجوبية ، كما أشار إليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عند سؤال أبي رزين العقيلي منه عليه السّلام : " أين كان ربّنا قبل أن يخلق خلقه ؟ "
قال : " كان في عماء ما فوقه هواء وما تحته هواء " .
على ما سيأتيك نبؤه إن شاء الله تعالى .
والنصف الأسفل عماء الكون ، وأسميّه « غماء » بالغين المعجمة ويشتمل على الصور الكيانية وموجودات الحقيقة الإمكانية ما بين المعنويّات الشأنية والكيانية.
ومجرّداتها العقلية والنفسية الروحانية ، وطبيعتها الجسمانية وعنصريّتها الأركانية ، وسماويّها العلويّ وأرضيّها السفليّ وروحانيّتها الملكية والجنّيّة .
وغير ذلك من الصور المثالية المطلقة والخيالية المقيدة الحيوانية ، والصور الذهنية واللفظية والرقمية ، فافهم . وما أظنّك تفهم ولكن تتخيّل وتتوهّم ، والله الملهم والمعلم .
فالهمزة للتعيّن الأوّل ، والألف المنبعثة من التعيّن الأوّل هو النفس الممتدّ وحدانيا قبل انفصال أحد العماءين عن الآخر .
وحكم هذه الحكمة يظهر فيمن يظهر الألف بالمدّتين :
الألف واللام من الله ، وذلك عند تلقين الشيخ ، وهكذا تلقّنت الذكر بالجلالة جلَّت وعزّت من الشيخ رضي الله عنه ولنا في المدّات النفسية الإنسانية عند الغناء وفي مدّات أصوات الشابّات وانعقادات الأنفاس بحسب الألحان والنغمات ، أسرار وتجلَّيات وإلقاءات وتلقّيات لطيفة من حضرة اللطيف الخبير ، وسرّه ما ذكرت من سريان سرّ النفس الرحماني في عالم الأنفاس ، فتذكَّر .
فاللامان لهذا الاعتبار عماء الربّ وغماء المربوب ، ولا شكّ أنّ غماء العبد مدغم في عماء الربّ ، إذ الأرباب تستلزم المربوبين من وجه وتتضمّنهم من وجه.
وكذلك الإله المألوه ، والعلَّة المعلول ، والخالق المخلوق ، والرازق والمرزوق وجودا وتقديرا إذ المتضايفان لا يعقل أحدهما بدون الآخر أصلا ورأسا ، ولا تحقّق لأحدهما إلَّا مع الآخر وجودا وتقديرا .
فاللام الأوّل مدغم في الثاني لهذا السّر ، وباجتماع بحري العماءين في عين بحر النفس المحيط بالكلّ تتحقّق أحدية جمع بحري الوجوب والإمكان بالصورة الإلهية التي حذيت صورة آدم عليها ، فهي مجمع البحرين : بحر الغيب وبحر الشهادة ، وبحر الإمكان وبحر الوجوب .
وإذا تعيّنت هذه الصورة الإلهية الجمعية إحاطيّة ، تعيّنت مرتبة الإنسان الكامل في برزخ الجمع بين الحضرتين ، فيتحقّق للمحقّق المحقّ والمدقّق المدقّ أنّ الوجود من مبدئه إلى منتهاه مراتب تجلَّيات الله فما في الوجود على الحقيقة إلَّا الله ، كما قلنا : شعر :
هو الواحد الموجود في الكلّ وحدة      ..... سوى أنّه في الوهم سمّي بالسوى
فإذا قلنا « الله » نشهد التعيّن الأوّل من الهمزة ، ومن المدّ النفسي الألفي - الذي بعد الهمزة في صورة من يقول به - النفس الرحمانيّ وامتداده إلى أقصى مراتب الجمع
والوجود ، ومن اللام الأوّل المدغم لوح تفصيل الملك .
ومن اللام الثاني المفتوح لوح تفصيل الملكوت ، ومن فتحه فتح باب الفتوحات الإلهية والتجلَّيات النفسية الألفية الرحمانية من لوح التفصيل في أحد العالمين :
الملكي أو الملكوتي بأحد الاعتبارين المذكورين إن تذكَّرت .
ومن الألف الثاني الذي يظهر بعد اللام الثاني  تحقّق وجود الحق وبقائه الدائم الأزلي الإلهي ، بعد فناء حجابية العالمين : بـ " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه ُ " آية 88 سورة القصص.


كما أشار إليه أيضا في ظهور وجود الله بعد تحقّق فناء عين السراب في شهود العطشان "كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُه ُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَه ُ لَمْ يَجِدْه ُ شَيْئاً وَوَجَدَ الله عِنْدَه ُ فَوَفَّاه ُ حِسابَه ُ " آية 39 سورة النور .
وشهدنا أيضا من هاء الله إحاطة أحدية جمع الجمع الإلهي والعبدانيّ الملكي والملكوتي بالإحاطة الكلية المشار إليها بقوله : " أَلا إِنَّه ُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ " آية 54 سورة فصلت .
بجميع الإنّيّات الشأنية والكائنة ، ربّانيّها وكيانيّها .
ونشهد من الواو المتّصل بالهاء أحديّ جمع الجمع المرتبي الإنساني الكمالي .
فمجموع ما في الوجود ظاهر بالله ومظهره ، ناطق به ، وهو قوله وكلامه وفيه مسكه وختامه ، ومنه فتحه ونظامه وبه قوامه وقيامه ، وهو قيّامه ، هو هو لا إله إلَّا هو ، سبحانه أن يكون معه غيره في الوجود وهو العزيز الحكيم .


وصل متمّم للبحث السابع في الإشارة إلى الاسم
العلم الحقيقي الوجودي المركَّب من الحروف النفسية الرحمانية ، وهو الاسم الأعظم الذي به يكون التصرّف والتصريف في الأكوان والعوالم .
اعلم : أنّ الاسم  كما قيل كلمة مفردة دالَّة على معنى مفرد بالوضع غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة .
من خواصّ الاسم أن يخبر عنه ويخبر به ، ويدخله لام التعريف وتنوين التنكير .
والعلم من ذلك ما لا يدخله التعريف لاستغنائه عن ذلك .
ولمّا لم يوجد دالّ على الذات المطلقة تباركت من لفظ مفرد في النفس الإنساني إلَّا هذا الاسم ، بدلالة الأحدية الجمعية والتركيبية الحرفية على ما تقدّم ووجدنا في النفس الرحماني والوضع الإلهي كلمة تامّة الدلالة بحقيقتها وذاتها ووجودها ومرتبتها وأحدية جمعها الكمالية على الذات المطلقة الإلهية .
دلالة مفردة أحدية جمعية غير مقترنة بالحدوث الزماني وهو الإنسان الكامل لكمال دلالة ذاته على الذات ، وكمال دلالة أسمائه وصفاته على الأسماء والصفات.
أمّا ذاته فلأنّها جامعة لخصوصيات الذوات جميعها ، بل هي أحدية جمع جمعها الأوّل والآخر ، على ما نذكره إن شاء الله في الفصّ الآدمي .
وأمّا صفاته فلأنّ الإنسان الكامل مسمّى بأحدية جمع جميع الأسماء الربانية الحقّيّة والأسماء الكيانية الخلقية ، وموصوف منعوت بسائر الأسماء والنعوت الوجوبية والإمكانية .
وأمّا مرتبته فأحدية جمع جميع المراتب الفعلية والانفعالية والوجودية والمظهرية فإنّه البرزخ بين بحري الوجوب والإمكان ، والحدّ الفاصل بين التعين واللا تعين ، والتقييد والإطلاق . والإنسان الكامل من حيث كماله ، له أحدية جمع جميع هذه الجمعيات كلَّها بالفعل .
فلمّا دلّ بذاته ومرتبته وجمعيته على الجمعية الإلهية الكمالية ، دلالة جمعية أحدية مطابقة لأحدية جمع جميع التعين الأوّل ، والحقيقة المطلقة الجامعة لجميع الحقائق الكلَّية ، واستوعبت دلالته لجميع الحقائق الذاتية.
وأحاطت جمعيّته بالإطلاق والتعين والوحدة والأحدية والكثرة النسبية والوجودية ، ولم يكن من الموجودات العينية موجود تكون له هذه الدلالة المحيطة الكلية المطابقة للإحاطة والإطلاق الذاتيين .
تعيّنت علميّته الاسمية ، وقام هذا الاسم الأعظم مقام الإشارة إلى الذات المطلقة الإلهية وأخّر بحقيقته من حقيقة الله ، فهو الاسم العلم للذات الموجدة للعوالم كلَّها ، وهو الاسم الأعظم الذي هو مطلق التصرّف والتحكَّم على العوالم ، فافهم .

البحث الكلَّيّ : في المتمّمات والمكمّلات والخواتيم لهذه الأصول .
اعلم : أنّ فلك الحقيقة الإنسانية الكمالية كمرآة كريّة مجلوّة مسوّاة متمكَّنة في مركزية دائرة الوجود المطلق العامّ ، وهي فلك الإشارة المحيطة بالموجودات كلَّها ، وحقيقتها هاء الهوية الكبرى التي تنقطع دونها الإشارات وتنتهي إليها الكنايات .
وهذا الفلك الأعظم محيط بفلكين عظيمين :
أحدهما : فلك حضرة الوجوب والإلهية والربوبية .
والثاني : فلك الحضرة الخلقية والحقائق الكونية .
وكلّ واحد من فلكي حضرة الوجوب والإمكان مركز دائرته ، وفلكه في أحد ربعي النصف الواحد من قوسي دائرة الهوية الكبرى المشار إليها ، والنصف الآخر منه مطلق أبدا إطلاقا فعليا حقيقيا لا حصر فيه .
ولا ينبغي أن يتصوّر من قولنا : « فلك » أو « دائرة » معنى الانحصار والتناهي والتقيّد ، كما في محيط كلّ دائرة أو فلك جسماني .
فإنّ ذلك التناهي والانحصار بالنسبة إلى ما في ضمن المحيط لا للمحيط ، ولا يلزم أن يكون كلّ محيط متناهيا أو واجهة مخصوصة .
فإنّ ذلك إنّما يكون في محيط غير مطلق الإحاطة ، ونحن لا نعني بهذه الدائرة وفلكها إلَّا الوجود الحق المطلق غير المضاف المحيط الذي لا يتعقّل تناهيه من جهة أصلا ورأسا ، فافهم .
وهذا الفلك المحيط أحد شطريه عالم الإطلاق واللاتعيّن وغيب الغيب والبياض المطلق .
والشطر الآخر وهو نون القوس الثاني محيط على حضرتي الوجوب والإمكان وفلكيهما .


فنون هذا القوس من هذا الكتاب المحيط الأعظم نونان :
أحدهما : نون قوس دائرة الوجوب .
والثاني : نون قوس دائرة الإمكان .
ونسبة هذين القوسين أو النونين معا من الدائرة الكبرى نسبة النصف ونسبة كل واحد من فلكي الوجوب والإمكان إلى الفلك الأعظم المحيط نسبة الربع إلى الكلّ.
وقد اشتملت دائرة فلك الوجوب في أحد الأرباع الأربعة من الفلك الأعظم على جميع نسب الربوبية وحقائق الألوهية وأحاطت بصفات الذات الكلَّية ، وهذه الدائرة في سطح عماء الربّ الذي ما فوقه هواء ولا تحته هواء .
وفي ضمن هذه الدائرة دائرة الإمكان محيطة على الحقائق الكيانية ، ومشتملة على الأعيان والموجودات الإمكانية ، وكلّ واحدة من الدائرتين مرتبطة بالأخرى.
ومنضبطة بحيث إنّ كلّ نقطة في محيط دائرة كلّ واحد من مركزي فلك حضرة الوجوب وحضرة الإمكان تحت نقطة من نقط محيط الآخر ، وذلك باعتبار تلازم إحداهما الأخرى .
ولكن بالنسبة إلى محيط الدائرة العظمى كلّ منهما في ربع يحاذي ويقابل الأخرى ، وتلازم هذين الفلكين - محيطا أحدهما بالآخر تلازم ذاتي لا يقبل الانفكاك ، كما بين حقيقتي الربّ والمربوب والإله والمألوه فإنّ الرازقية بلا مرزوق والخالقية بلا مخلوق وجودا وتقديرا لا تحقّق لهما .
ودائرة كلّ واحدة من حضرتي الوجوب والإمكان تتحرّك إلى الأخرى بحركة عشقية غير الحركة المتطابقة لحركة الأخرى فإنّ حركة فلك الوجوب والإلهية إلى حضرة الإمكان للإحداث والإيجاد بالفعل والاقتدار والتأثير والإحاطة .
وحركة الفلك الخلقية إلى مركز فلك الوجوب والربوبية بالانفعال والانكسار والافتقار والذلَّة والعجز والتأثّر والحدوث والتجدّد والانحصار .
وكلّ واحدة واحدة من الحقائق الكلَّية الكيانية والحروف الانفعالية الإمكانية متوجّهة بافتقارها الذاتي إلى حقيقة كلَّية ربّانية وصورة إلهية حقّانية .
كتوجّهها إليها كذلك باقتدارها وتأثيرها وفيضها الجوديّ وانبعاث تجلَّيها الوجودي إلى كل حقيقة حقيقة هي محاذيتها وربّها ، والفلك المحيط بالكلّ الذي هو فلك الأفلاك الإلهية دائرة هاء الهوية الكبرى التي تتحرّك حركة محيطة كلية أحدية جمعية قهرية دائمة ، يندرج في حركتها الحركتان المذكورتان لفلكي الوجوب والإمكان .
وكواكب هذه الأفلاك وأنوارها صور حقائق الربوبية ، وأنوار النسب الإلهية الوجوبية ، ونقط حقائق محيط فلك الذات الإلهية .
ولكل حقيقة كلية فلك يدور على مركز حقيقتها وبحركتها تتعيّن نقط محيط فلكها وهي حقائق النسب الفرعية ، وهذه الأفلاك متداخل بعضها في البعض بحسب حقائقها ، ودرج مراتبها ودقائقها ، وبحسب توجّهاتها إلى مظاهرها وامتداد دقائقها لإمدادها من خلائقها .
وبتفصيل عظيم ليس هاهنا موضع تشكيلها ورسمها على تفصيلها ، نذكرها بإذن الله في كتاب الألوهية ، إن شاء الله تعالى وهو الموفّق .
وصل في وصل
وإذا تقرّر ما ذكرنا ، فاعلم : أنّ المرآة - الكلَّية الكريّة الإنسانية المجلوّة المذكورة أوّلا - هي في حاقّ المركزية التي للدائرة العظمى ، ومالها حركة أصلا ، بل على تمكَّنها المركزي القطبي .
ولكنّ الدائرة المحيطة الهائية الكلَّية تقابل في حركتها الكلية المحيطة بكل حقيقة حقيقة من حقائق العالمين في كل آن من الزمان كلّ جزء جزء فرضناه من هذه الأكرة المذكورة .
فتظهر بالضرورة في ذلك الجزء من المرآة صورة الحقيقة المقابلة من دائرة الهوية فيكون أحد طرفي الكرة المجلوّة - دائما - جامعا محيطا بجميع النقوش والصور والنقط ، الذي يحاذيه من دائرة الهاء الكبرى .
فأحد شطري أحد شطريه وسع جميع ما في حضرة الوجوب من الحقائق الأسمائية والنسب الربانية ، وكذلك وسع ثانيهما جميع ما في حضرة الإمكان من صور الأكوان ، فهو من هذا الوجه حق خلق دائما ، واجب ممكن ، جامع بين الحقّية والخلقية ،
وهو من جهة أحد شطرية الآخر مطلق على جميع هذه الأمور الربانية والنقوش الكيانية في محاذاة الإطلاق الذاتية ، ولا إحاطة ولا جمعية فوق هذه الإحاطة والجمعية.
فاستحقّ الإنسان الكامل لهذه الأسرار بهذا الاعتبار أن يكون دالَّا على ذات الموجد دلالة مطابقة علميّة يقوم مقام الإشارة إليها لعموم نشأته وإحاطة حقيقته وكمال جمعيته ، فهو قائم - لحقيقته في حاقّ مركزية فلك الكمال وبرزخ البحرين - مقام العلمية ، وأغنى عن دخول لام التعريف . فافهم .
تتمّة للوصل
قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حكاية عن الله تعالى : « ما وسعني أرضي ولا سمائي ، ووسعني قلب عبدي المؤمن »
وقال : « المؤمن مرآة المؤمن » ، فالعبد المؤمن هو المرآة المجلوّة التي تعطي بسعتها لصورة الناظر الإلهي فيها الأمان عن التغيّر والتحريف .
فالصورة الظاهرة فيها ظاهرة في مرآة قلبه القابلة للصور والحقائق الإلهية الوجودية ، وأمّهات أسماء الربوبية ، فقلبه نظير التعين الأوّل ، وحقيقة الحقائق الإلهية والكيانية ، وحرف الحروف الخلقية والحقّانية.
ونفسه نظير النفس الرحماني الذي هو مادّة صور حروف الحقائق كلَّها ، كما أنّ نفس الإنسان مادّة الحروف الإنسانية جميعها .
فهو إشارة إلى ألف الله ، والتعيّن النفسي من قلبه بالهمزة يشير إلى التعين الأوّل ، وباطن قلبه يشير إلى لام لوح تفصيل الملكوت ، وظاهر صورته يشير إلى لام تفصيل الملك .
وسرّه الوحداني وحقّه المستجنّ في قلبه وحقيقته ومظهريته الكاملة إشارة إلى الألف الإلهي الذي بعد لام لوح التفصيل الملكوتي ، وهو  بهويته الكلَّية الجامعة بين جميع الجمعيات.
إشارة إلى الهاء التي هي آخر حروف الاسم « الله » فافهم .
فإذا فهمت هذا ، علمت أنّ الله قد نظم كليات نشأة الإنسان الكامل على مطابقة حروف الاسم « الله » فهو إذن عرش الله ، كما أنّ محدّد الجهات عرش الاسم « الرحمن » والكرسيّ الكريم عرش الاسم « الرحيم » إذ لكلّ واحدة من الحقائق الكلَّية الربانية عرش كلي من الحقائق الكلية الخلقية الكيانية .
وهي حقائق الأجناس والأنواع العالية والمتوسّطة والسافلة بحسب عموم حيطتها وسعة فلكها ، وعرش الاسم « الله » هو قلب الإنسان الكامل الذي وسعه حين ضاق عنه فسيح عالم السماوات والأرض .
فهو الاسم العلم المشاربة إلى الله في الكشف الأتمّ والشهود الأعمّ ، كما قلنا في مدح كامل عصره : شعر
لو كان فينا للألوهة صورة   ...... هي أنت لا أكني ولا أتردّد
ولهذا لم يظهر دعوى الربوبية والألوهية إلَّا في هذا النوع ، وظهر أيضا فيه ضدّ ذلك ، حتى لم يبق من الموجودات ما لم يعبده هذا النوع من العلويات والسفليات . فافهم .
تكملة
المراد من وضع الاسم العلم هو الإشارة بذكره إلى المسمّى ، لا الإشارة إلى الاسم أنّه هو هو ، فلا تكون الإشارة إلى هذا المذكور الكامل - لأنّه الاسم الأعظم العلم إشارة إلى الله سبحانه فلا تغلط ، وافهم ، ما المراد ؟ -
بل وجوده في العالم إشارة من الله إلى الله ، فهو المثل المضروب بوجوده للمثل المقدّس المنزّه عن الشبه
والمثل في قوله تعالى : 
" لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ " آية 11 سورة الشورى .
"وَلِلَّه ِ الْمَثَلُ الأَعْلى " آية 60 سورة النحل .
ولمّا كان المراد من وضع الاسم العلم هو الإشارة بذكره إلى المسمّى .
فلو كان للذات المطلقة اسم علم لفظيّ ، لكان المراد من ذكره مع غيره تعريفها وتعيينها فكل تعريف فإنّه مسبوق بالمعرفة .
والثابت أنّ الذات المطلقة لا تعرف ولا تعرّف ، فليس في وضع الاسم العلم من حيث هذا الوجه فائدة ولأنّ تعريف ما من شأنه أن لا يعرف ، والإشارة إلى ما لا يتعيّن للإشارة محال .
وأيضا : وضع الاسم العلم إنّما يكون فيما يدرك بالحواسّ ، أو يتصوّر في الوهم أو ينضبط في العقل ، والذات المطلقة - تباركت وتعالت - لذاتها تقتضي عدم الانضباط في المدرك ، وتمتنع عن إدراك الحواسّ وتصوّر الأوهام ، فوضع الاسم العلم لها من ألفاظ النفس الإنساني ممتنع .
وأيضا : لمّا كانت العلَّة الغائيّة من وضع الاسم العلم هو أن يتميّز المسمّى عمّا يشاركه في نوعه أو جنسه أو صنعه وفنّه ، ويتعالى الجناب الإلهي عن الدخول تحت جنس أو نوع أو يشاركه شيء ، فيتعالى أن يوضع له اسم علم من عالم الكلمات والحروف النفسية الإنسانية ، ولا سيّما والاسم العلم لا يوضع إلَّا لما كان معلوما وهو من حيث هو هو لا يعلم - كما مرّ مرارا - فيمنع عن وضع الاسم العلم عليه .
وأيضا : الأسماء والألفاظ دالَّات على المشخّصات الذهنية لا على أعيان الموجودات العينية لأنّها تدلّ على المعاني ، وهي أمور ذهنية عناها العاني .
والذات المنزّهة تجلّ وتعظم عن جميع التشخّصات والتصوّرات والتعينات الخارجية والذهنية والعقلية ، وليس من عالم اللفظ اسم مفرد مركَّب من حروف يسيرة تركيبا جزئيا تقييديا ، له دلالة تامّة على الذات المطلقة على سبيل المطابقة .
فليس لها منه اسم علم ، وإنّما الممكن للعارفين به - سبحانه - والعالمين أن يعرّفوه بالألفاظ الدالَّة على نسبته الذاتية وحقائقه الصفاتية لا غير .
خاتمة للتكملة في الاسم الأعظم
اعلم : أنّ الاسم الأعظم الذي اشتهر ذكره ، وطاب خبره ونشره ، ووجب طيّه عن علوم الخلق ، وحرم تعريفه ونشره - من عالم الحقائق والمعاني حقيقة ومعنى ، ومن عالم الصور والألفاظ صورة ومعنى .
أمّا حقيقته فهي أحدية جمع جمع الحقائق الجمعية الكمالية .
وأمّا معناه فهو الإنسان الكامل في كل عصر ، وهو قطب الأقطاب ، حامل الأمانة الإلهية ، خليفة الله ونائبه الظاهر بصورته التي خلق عليها آدم عليه السّلام .
وأمّا صورته حسّا فهي صورة كامل ذلك العصر .
وهذا العلم الذي ذكرناه كان محرّما على جميع الأمم قبل نبيّنا صلَّى الله عليه وسلَّم ، وأنّه كان محرّما على سائر الأمم قبلنا لأنّ الحقيقة الإنسانية الكمالية لم تكن ظهرت بعد في أكمل صورتها .
بل كانت في ظهورها بحسب قابلية كامل ذلك العصر فحسب ، فلمّا وجد معنى الاسم وصورته حقيقة بوجود رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أباح الله العلم به أعني بمعنى الاسم الأعظم  في أمّته التي هي خير أمّة
"كنتم خير أمة أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ " آية 110 سورة آل عمران. كرامة لنبيّنا صلَّى الله عليه وسلَّم  .
وأمّا صورته اللفظية فإنّها مركَّبة من أسماء وحروف تركيبا خاصّا على وضع خصيص به يعلمه من أعلمه الله به إمّا بلا واسطة :   رؤيا أو كشفا أو تجلَّيا ، أو بواسطة مظهره الكامل .
وقد اختلف العلماء الظاهرية فيه اختلافا لا يتدارك ولا يتلافى .
والصحيح أنّ الله تعالى طوى علم ذلك عن أكثر هذه الأمّة لما يعلم سبحانه في طيّه من الحكم والمصالح ، ولم يأذن للكمّل والأقطاب الذين تحقّقوا بهذا الاسم حقيقة .
ومعنى وصورة أن يعرّفوا الخلق من هذا الاسم الأعظم إلَّا بعض أسمائه وحروفه التي يشتمل عليها هيئاته التركيبية ويحتوي عليها وضعها وتركيبها الخاصّ المنتج لأنواع التسخيرات والتأثيرات .
وأصناف التصريفات والتصرّفات في الكون من الولاية والعزل والإحياء والقتل والشفاء والتمريض وغير ذلك .
فمن أسماء الله هذا الاسم هو " الله " و " المحيط " و " القدير " و " الحيّ " و "القيّوم " ،
ومن حروفه « ا ، د ، ذ ، ر ، ز ، و ، لا » .
كما ذكره الشيخ رضي الله عنه في جواب مسائل سألها الحكيم محمد بن علي الترمذي ، صاحب النوادر رضي الله عنه من جملتها قوله :
« ما الاسم الأعظم ؟
وما حروفه ؟
وما كلماته ؟ » فافهم ، والله الموفّق .
وهذا آخر كلامنا في هذا الاسم وهي الجلالة جلَّت وتباركت وتعالت في هذا الكتاب .

" وَالله يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ " آية 4 سورة الأحزاب .

.

واتساب

No comments:

Post a Comment