Monday, July 15, 2019

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله


07 - The Wisdom Of Sublimity In The Word Of ISHMAEL

الفقرة الثانية :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)

07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
هذا نص الحكمة الإسماعيلية ذكرها بعد حكمة إسحاق عليه السلام، لأن فيه تتمة لمبحث الربوبية ولمناسبة الأخوة بين إسحاق وإسماعيل عليه السلام.
"" أضاف الجامع : أن مقام إسماعيل عليه السلام كان الرضا يقول الشيخ سهل بن عبد الله التستري : " كان إسماعيل عليه السلام واقفا مع الله على مقام الرضى ، ولكنه لم يحب أن يدعي حال الرضى ، فإنه من أجل المقامات . فأخبر عن نفسه بحال اصبر ، فإن الصبر يوصف به الضعفاء والأقوياء .أهـ""
قال الشيخ رضي الله عنه : (فص حكمة علية) بالتشديد أي منسوبة إلى العلو كما تقدم (في كلمة إسماعيلية) إنما اختصت حكمة إسماعيل عليه السلام بكونها علية لأنه عليه السلام أبو العرب ومن العرب نبینا صلى الله عليه وسلم وأخوه إسحاق عليه السلام أبو العجم .
والعرب أفضل من العجم خصوصا ونبينا عليه السلام منهم فعلو إسماعيل عليه السلام بذريته التي منها محمد صلى الله عليه وسلم مما لا يخفى.
ولهذا كان لسان أهل الجنة في الجنة اللسان العربي ونزل القرآن العظيم باللغة العربية إكراما لنبينا عليه السلام ومدح الله تعالى القرآن بذلك فقال :"قرءانا عربيا غير ذي عوج"[الزمر: 28].
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء. وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل. وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
(اعلم) أيها السالك في طريق القادر المالك (أن مسمی) اسم (الله)، أي الذات العلية المسماة بهذا الاسم في الشرع المحمدي (إحدى)، أي أحد غیر منقسم ولا يمكن فيه الشركة (بالذات)، أي بحسب ذاته العلية من حيث هو في غيبه الأزلي الأبدي (كل)، أي هو كل شيء من المحسوسات والمعقولات في الظاهر والباطن والغيب والشهادة في الماضي والآتي على معنى أنه كثير بسبب وجود الأسماء الكثيرة ولم يذكر الصفات، لأن الصفات هي الأسماء قبل  ظهورها بالآثار فإذا ظهرت بالآثار فهي الأسماء.
(وكل موجود) من المحسوسات المعقولات (فما له من الله) تعالى الذي هو الخالق للكل الجامع لجميع الأسماء (إلا ربه)، أي مالكه الذي توجه على إيجاده مدة وجوده بما شاء من حضرات أسمائه العلية كل لمحة باسم خاص يقتضي حالة بخصوصة هو عليها ذلك الموجود في تلك اللمحة (خاصة)، أي لا غير من بقية الأسماء الإلهية غير الرب وبقية الأسماء تظهر شيئا فشيئا في دولة اسم الرب لا استقلالا فالاسم الرب له جميع الأسماء الإلهية في وقت توجهه على كل موجود
ظهر في ذلك الموجود بما يشاء منها ونظيره في الظهور بجميع الأسماء أيضا الاسم الرحمن المستوي على العرش فالاسم الرب مستو على عرش وجود كل شيء وهو العرش الكريم والاسم الرحمن مستو على عرش وجود السموات والأرض وما بينهما وهو العرش المجيد والاسم الله الجامع لجميع الأسماء أيضا مستو على عرش العلم الإلهي استواء أزلية أبدية وهو العرش العظيم.
(مستحيل أن يكون له)، أي لكل موجود من الله تعالى (الكل)، أي كل الأسماء إذ الحادث ضيق عن سعة الأسماء الإلهية ، فلا يسع منها إلا اسما بعد اسم يظهر فيه من تحت حيطة الاسم الرب فكان الاسم الرب في حال ظهوره لابسة وكان كل اسم يظهر به حلة يلبسها الاسم الرب ويظهر بها على ذلك الموجود واللابس، في حلة يلبسها لا يتغير في نفسه فلكل شيء اسم الرب خاصة في حلة من حلل تلك الأسماء.
(وأما) بالحضرة (الأحدية الإلهية) التي هي مقام الذات العلية من غير اعتبار الأسماء الإلهية (فما لأحد) من المخلوقات أصلا (فيها قدم)، أي وجود وثبوت (لأنه)، أي الشأن (لا يقال لواحد منها)، أي اعتبار واحد من اعتباراتها (شيء)، اي موجود ثابت (ولآخر)، أي لاعتبار آخر (منها شيء) أيضا موجود ثابت (لأنها)، أي الحضرة الأحدية المذكورة (لا تقبل التبعيض) الاعتباري أصلا بخلاف الحضرة الواحدية فإنها تقبل الاعتبارات الكثيرة ولهذا صدر عنها كل شيء وحصلت الكثرة في مظاهرها فالكل شيء قدم فيها (فأحديته تعالى مجموع كله) سبحانه، أي أسماؤه وصفاته وأفعاله وأحكامه (بالقوة) وهو ذاته العلية لا من حيث اعتبار أصلا.
(والسعيد)، أي صاحب السعادة ضد الشقاوة (من كان عند ربه)، أي مالكه الذي يربيه بدر قیومیته من ثدي آثاره الكونية المجعولة أسبابا معایشه ومعاديه حتی بوصله إلى نهاية كماله (مرضيا)، أي مقبولا فاعلا ما هو المطلوب منه في تلك
الحضرة (وما ثم) بالفتح، أي هناك يعني في هذا الوجود من جميع المخلوقات (إلا من)، أي مخلوق ولم يقل ما تغليبا للعقلاء إذ هم المراد في هذا الكلام (هو مرضي)، أي مقبول قائم بما هو مطلوب منه (عند ربه)، أي رب ذلك المخلوق المتجلي عليه باسمه الرب من حضرة اسم إلهي خاص يقتضي ظهور أثر خاص في ذلك المخلوق وذلك المخلوق قابل لما هو مقتضى ذلك الاسم وظاهر به متصف بمقتضاه سواء كان خيرة أو شرة (لأنه)، أي ذلك المخلوق (هو الذي يبقي عليه)، أي على ربه صفة (ربوبيته)، أي الرب سبحانه فكيف لا يكون مرضيا عنده لما قدمناه من أن الربوبية والعبودية صفتان إضافيتان لا يعقل الاتصاف بأحدهما بدون الآخرة .
ولا يقال : هذا يقتضي حدوث صفة الربوبية للرب سبحانه بسبب حدوث صفة العبودية للعبد، لأنا نقول العبد في حضرة العالم الإلهي عبد موصوف بصفة العبودية قبل ظهوره في عالم الوجود والعبد الظاهر في عالم الوجود لا يتوقف عليه شيء أصلا بل يتوقف هو على غيره وهو إيجاد مولاه له (فهو)، أي ذلك العبد (عنده)، أي عند ربه (مرضي به) كيفما كان فالرب الظاهر المتجلي باسم المضل على عبده الضال راض عن عبده أيضا، لأنه فاعل ما هو مقتضى المطلوب منه في ذلك الاسم من الضلال فهو مرضي عنه في تلك الحضرة وإن كان مغضوب عليه من حضرة الاسم المهدي وغيره وهكذا.
(فهو)، أي ذلك العبد حينئذ (سعید) حيث كان مرضيا عنه؛ ولهذا قال تعالى : " كل حزب بما لديهم فرحون" [المؤمنون: 53].
وقال تعالى : "كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا " [الإسراء: 20]، وإذا كان سعيدا فلا يلزم أن يكون جميع السعادات سواء ولا كل سعید مجزية بما به يجزي ذلك السعيد الآخر بل ?ل .
اسم يتجلى به الاسم الرب على العبد له سعادة مخصوصة وكل سعادة لها جزاء مخصوص بل كل رضى لا يشبه الرضى الآخر والله واسع عليم.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
أي العلوم المنسوبة إلى المرتبة العلية حاصلة في روح هذا النبي عليه السلام شرع في بيان هذه العلوم فابتدأ بالاسم الجامع لكونه أعلى المراتب الاسماعيلية.
""يشرح هذا الفص بعض نواحي العلاقة بين الحق والخلق او بين الواحد والكثير وهو الموضوع الذي أشار إلى الأسماء الإلهية التي يطلق عليها اسم الأرباب وما يقابل هذه الأسماء مظاهر العالم العالم الخارجي وهي يطلق عليه اسم العبيد.""
بقوله: (اعلم أن مسمى الله تعالى أحدي بالذات) أي لا كثر في ذاته (كل بالاسماء) أي كل مجموع يجمع الأسماء والصفات فكان لمسمى الله أحديتان :  الذاتية والاسمائية
فيسمى الأحدية الذاتية بالأحدية الإلهية والأحدية الأسمائية بمقام جمع الأسماء (وكل موجود فما له) أي فما لكل واحد من أفراد الإنسان (من) مسمى (الله تعالی) باعتبار ?ونه ?لا بالأسماء ."كل الأسماء له"
(إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل) لذلك قال النبي عليه السلام: "رأيت ربي"  ولم يقل : "رأيت رب العالمين"  وإن كان حقيقته وروحه الأعظم مربوبا الكل إلا أنه بوجوده الحسي واستعداده الجزئي له رب خاص فوق سائر الأرباب. وكذلك سائر الأنبياء عليهم السلام يتنوع فيهم الكل بحسب استعدادهم فلا يمكن لأحد من هذا الوجه لكل من حيث هو كل .
(وأما الأحدية الإلهية) وهي الأحدية الذاتية التي يشير إليها بقوله: أحدي الذات (فما لواحد) من الأسماء (فيها قدم) أي وجود فليس لها الربوبية لأحد فكانت خارجة عن قوله عليه السلام : "من عرف نفسه فقد عرف ربه"  فلا تعرف بمعرفة النفس بل يعرف ما له الربوبية وبعد ذلك تعرف هذه الأحدية الإلهية عن كشف إلهي .
وإنما لم يكن لواحد من الأسماء فيها قدم (لأنه لا يقال لواحد منها) أي من الذات الأحدية (شيء ولآخر منها شيء) .
حتى يتعين الأسماء فيها بالوجود المنعين الذي يتميز به كل منها عن الآخر .
وانما لا يقال هذا القول في حقها (لأنها) أي لأن الأحدية الإلهية (لا تقبل التبعيض) حتى يقال لها هذا الكلام (فأحديته مجموع كله بالقوة) .
والضمير الأول راجع إلى مسمى الله والثاني إلى الأسماء باعتبار الاتحاد في هذه الأحدية .
فمعناه فأحدية مسمى الله ما كان كل الأسماء مجموعة فيه بالقوة فباعتبار جمعية الأسماء في مسمى الله بالقوة يسمى أحدي بالذات وباعتبار جمعيتها فيه بالفعل كل بالأسماء (والسعيد من كان عند ربه مرضيا وما ثمة) أي وما في العالم من العباد (إلا من هو مرضي عند ربه) وما في العالم شقي من هذا الوجه بل كله سعيد وإن كان بعضه شقية وبعضه سعيدأ من وجه آخر وإنما كان كل العباد مرضيا عند ربهم الخاص بهم (لأنه الذي يبقى عليه ربوبيته) أي ربوبية الرب.
(فهو) أي الذي يبقى عليه ربوبية ربه (عنده) أي عند ربه (مرضي) لبقاء ربوبيته عليه فإذا كان مرضيا (فهو سعيد) والمراد من هذا الكلام إظهار عموم معنى السعادة المستورة عن إدراك أهل الحجاب لا السعادة النافعة المعتبرة عند الله.  


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء. وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل. وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة. والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
قلت : قوله رضي الله عنه: أن مسمى الله تعالى أحدي بالذات، يعني أن ذاته منزهة عن التكثر باعتبار ما هي ذات ليس معها غيرها ولا اسم لها بهذا الاعتبار ولا صفة ولا فعل وهذا هو ثابت لها من حيث تثبت.
وقولنا في هذا الاعتبار مسمى الله هو قول للضرورة وإلا فلا يطلق عليها هذا الاسم ولا غيره ولا يقال لمن ينطق به: أنه س?ت عن معنى قابل للنطق فهذا هو الذي ينبغي أن يفهم من قوله، رضي الله عنه: أنه أحدي بالذات.
وأما قوله: كل بالأسماء، فينبغي أن يفهم منه أنه لو كانت أسماؤه متناهية العدد بالفعل لقيل: أنه كل بالأسماء، وسكت، رضي الله عنه، عن بيان هذا الشرط، وسبب هذا الاشتراط عدم تناهي أسمائه بالفعل فكيف بالقوة وما لا يتناهی لا يقال فيه كل، لكنا مع علمنا أن ما لا يتناهي بالعدد لا يكون له كل، فإنا لا ننفي" أن يكون فيه ما له كل وبعض، فإن ما لا يتناهي ففيه المتناهي فباعتبار التناهي المذكور ينسب إليه الكلية والبعضية.
وإنما قال الشيخ رضي الله عنه، ذلك مع أن نصيب كل موجود من وجود الله تعالی غیر نصيب الآخر بالعدد لأنه إنما اعتبر حقيقة الأحدية كما مثلناه من أن المائية لا تختلف في النقطة والبحر.
قوله: فأحديته مجموع كله بالقوة.
قلت: ينبغي أن يفهم من قوله: مجموع كله، ما به یشترك المجموع أو ما به يشترك الكل من الوجود الأحدي، وإلا فظاهر المجموع والكل ينصرف إلى التعداد وليس ذلك هو المقصود، بل المقصود ما به يتحد المعدود كالذهبية في الدنانير المعدودة، لأن مثل هذا هو أحدية الجمع لا الجمع.
والمقصود هنا إنما هو الأحدية ثم أخذ، رضي الله عنه، في ذكر إسماعيل وكونه كان عند ربه مرضيا كما ورد في الكتاب العزيز، فذكر كلاما حاصله أن كل أحد سعيد لأنه عند ربه مرضي.
قوله: هو الذي يبقي عليه ربوبيته، يعني أن العبد هو الذي يبقى على ربه" ربوبیته بحقيقة عبوديته، فالعبد بذلك عند ربه مرضي.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
07 -  فصّ حكمة عليّة في كلمة إسماعيلية
قال رضي الله عنه : ( اعلم أنّ مسمّى الله أحديّ بالذات ، كلّ بالأسماء ) .
قال العبد : يعني رضي الله عنه : أنّ المسمّى بالله في ذاته واحد أحد ، له أحدية جمع قهرت وغلبت الجمع ، فكان أحديا بالذات .
فهو وإن كان بالذات أحديّا لكنّه واحد ، وله نسب ذاتية كثيرة ، فإنّه نصف الاثنين ، وثلث الثلاثة ، وربع الأربعة وغير ذلك من النسب التي لا تتناهى ، والواحد عين الكلّ في الوجود والكلّ فيه واحد ، فهو كلّ بهذه النسب ، لأنّه أحدية جمع الجمع ، فهو بذاته كامل الذات بالذات .
قال رضي الله عنه : ( فكلّ موجود ماله من الله إلَّا ربّه خاصّة ، يستحيل أن يكون له الكلّ ) .
يريد رضي الله عنه : أنّ الموجودات كلَّها وإن كانت تحت ربوبية الله وإلهيته والله هو ربّ الأرباب ، ولكن كل جنس جنس ، ونوع نوع ، وشخص شخص ، له حصّة خاصّة من مطلق ربوبية الله .
تربّيه وتقوم له بربوبية خاصّة لا تصلح لا تصلح إلَّا لذلك الموجود المخصوص ، كالربوبية الظاهرة من مطلق ربوبية الله للنيّر الأعظم مثلا وعليه وفيه وبه ربوبية بالملك والألوهة والسلطنة والغلبة والنور والحياة والتسخير وما يلائم ويشاكل هذه الحقائق ، والتي تختصّ بالمرّيخمثلامن العلويات ربوبية القهر والغلبة والشدّة والاستعلاء والقتل والفتك والإحراق والظلم والجور وما شاكل ذلك .
فهذه حقائق قامت بربوبية المرّيخ ، تستدعي من الله تعيّن الربوبية بالنسبة إليه فيه وعليه من حضرة الاسم : القادر ، القويّ ، القاهر ، الشديد ، الغالب ، ومنه وفي المخلوقات المنسوبة إلى فلكه الغالب على أمزجتهم وأخلاقهم وأفعالهم وآثارهم ما ذكرنا من الحقائق ، فافهم إن شاء الله.
وكذلك الربوبية الخصيصة بالمشتري ، فأرواح ذلك وملائكته بخلاف جميع ما ذكر في المرّيخ من العلم والحلم والصلاح والعفّة والرحمة والرأفة واللطف والطاعة لله والعبادة وما شاكل ذلك ، فيتعيّن من مطلق الربوبية لكلّ واحد من المربوبين العلويات والسفليات ربوبية خاصّة ، وهي حصّة من مطلق الربوبية ، فإنّ ذلك الموجود من النوع أو الشخص الإنساني مظهر لله ربّ العالمين من حيث تلك الربوبية الخاصّة ، وهو لها كالتمثال والصورة الظاهرة ، فإن عبد فهو حجابية ذلك الاسم وصورته ، والحق من حيث ذلك الوجه ربّه .
قال رضي الله عنه: (فلكل شخص اسم هو ربّه ذلك الشخص جسم وهو قلبه فيستحيل أن يكون لكل واحد واحد مجموع ما للربوبيّة الكلَّية الإلهية الأحدية الجمعيّة . )
قال رضي الله عنه : (وأمّا الأحدية الإلهية فما لأحد فيها قدم ، لأنّه لا يقال لواحد منها : شيء ، ولآخر منها : شيء ،لأنّها لا تقبل التبعيض).
يعني رضي الله عنه: أنّ الأحدية الذاتية القائمة بمسمّى الله لا تنقسم ولا تتبعّض ولا تتجزّأ ، فهي الذات الأحدية الجمعية .
قال رضي الله عنه: ( فأحدية الله مجموع كلَّه بالقوّة ) .
يعني رضي الله عنه: أنّ جميع الربوبيات المتعيّنة في جميع المربوبين من جميع الحضرات الإلهية الأسمائية في الأحدّية الذاتية الإلهية بالقوّة والإجمال ، قد تفصّلت فيهم وبهم بالفعل .
قال رضي الله عنه: ( والسعيد من كان عند ربّه مرضيّا ، وما ثمّ إلَّا من هو مرضيّ عند ربّه ، لأنّه الذي يبقي عليه ربوبيّته ، فهو عنده مرضيّ ، فهو سعيد ).
ولهذا قال سهل رضي الله عنه: إنّ للربوبية سرّا وهو أنت يخاطب كلّ عين عين لو ظهر لبطلت الربوبية .
فأدخل عليه « لو » وهو حرف امتناع لامتناع ، فهو يعنى ذلك السرّ لا يظهر فلا تبطل الربوبية ، لأنّه لا وجود لعين إلَّا بربّه ، فالعين موجودة دائما ، فالربوبية لا تبطل دائما " .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
07 -  فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
إنما خصت الكلمة الإسماعيلية بالحكمة العلية ، لأن العلو صفة الأحدية والتكثير وهي ما يتكثر بالجمعية الأسمائية لم تكن مصدرا للعالم ولا للإنسان ، فلا بد لتكثير صفة الأحدية الذي هو الاقتدار المحض من القبول ، كما ذكر من تكثر الأحدية بالنسب الأسمائية بسبب
أعيان العالم التي لها القابلية المحضة ، وقد وصف الله تعالى إسماعيل في كلامه بالصفتين الدالتين على كماله بهما ، أي العلو وكونه مرضيا ، فإن الرضاء عنه قابليته بصفة الاقتدار المستلزم للعلو .
""إضفة بالي زادة :  أرسل الله إسماعيل إلى قبائل اليمن والعماليق ، ثم مات بمكة وعمره مائة وسبع وثلاثون سنة ، ودفن عند أمه هاجر بعد وفاة أبيه إبراهيم بثمان وأربعين سنة ، وكان له اثنا عشر لذا أهـ""
ولما كان ممد هذا الفص هاتين الصفتين ، بنى الكلام على بيان مسمى الله الواحد بالذات المتكثر بالأسماء فقال : ( اعلم أن مسمى الله أحدىّ بالذات كلّ بالأسماء ) أي أنه تعالى من حيث ذاته أحد لا كثرة فيه باعتبار ما ، لكن له باعتبار الألوهية المقتضية للمألوه نسب كثيرة غير متناهية ، كنسبة الواحد إلى الأعداد بالنصفية والثلثية وغيرهما مما لا يتناهى فهو واحد بهذه النسب ، كل في الوجود بالأسماء أي النسب والكل فيه واحد فله واحد فله أحدية جميع الجميع بقهر أحديته بالوجود الوحداني كثرة الجميع .
"" إضافة بالي زادة : (كل بالأسماء ) أي كل مجموعى يجمع الأسماء والصفات ، فكان لمسمى الله أحديتان الذاتية والأسمائية ، تسمى الأول بمقام جميع الأسماء ، والثانية بالأحدية الإلهية اهـ بالى زادة . ""
وهو كامل بالذات غنى عن الغير إذ لا غير ( وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل ) أي كل موجود نوعي أو شخصي ، وإن كان تحت المطلقة الربوبية الإلهية ، فله ربوبية خاصة تختص به من الله رب العالمين .
ولله فيه وجه خاص هو ظهوره تعالى بالاسم الذي يربه به والحق من حيث ذلك الوجه ربه ، ولذلك كان كل شيء سواء كونه علويا أو سفليا مختصا بخاصية لا يشارك فيه غيره ، فله رب خاص هو الذات باعتبار الاسم المخصوص بذلك الشيء .
وهو مظهر لذلك الاسم كأنه تمثال له : أي حجابية ذلك الاسم وصورته الظاهرة ، ويستحيل أن يكون الكل من حيث هو كل لكل واحد ، فينحصر جميع ما للربوبية الجمعية الإلهية فيه.
"" إضافة بالي زادة :  ( فكل موجود فما له ) أي فما لكل واحد من أفراد الإنسان من مسمى الله باعتبار كونه كلا بالأسماء ( إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل ) لذلك قال عليه الصلاة والسلام « رأيت ربى » ما قال رب العالمين وإن كان روحه مربوبا للكل ، فبوجوده الحسي له رب خاص. أهـ بالي زادة ""
قال رضي الله عنه : ( وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم ، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء ، لأنها لا تقبل التبعيض ، فأحديته مجموع كله بالقوة ) أي لا يمكن أن يكون لأحد من الموجودات في الأحدية الإلهية الجمعية قدم ، لأنها لا نتجزأ ولا تتبعض فيكون لكل واحد منها شيء فلكل اسم ربوبية خاصة .
"" إضافة بالي زادة : ( وأما الأحدية الإلهية ) الذاتية التي يشير إليه إحدى بالذات ( فما لواحد ) من الأسماء ( فيها قدم ) أي وجود فليس لها الربوبية لأحد فكانت خارجة عن قوله « من عرف نفسه عرف ربه » فلا تعرف بمعرفة النفس بل تعرف بمعرفة النفس ما له لربوبية ، وبعد ذلك تعرف هذه الأحدية الإلهية عن كشف إلهي ، وإنما لم يكن لواحد من الأسماء فيها قدم ( لأنه يقال لواحد منها ) أي من الذات الأحدية ( شيء ولآخر منها شيء ) حتى تعين الأسماء فيها بالوجود المتعين الذي يتميز به كل منها عن الآخر اهـ ( فأحديته مجموع كله بالقوة ) الضمير عائد إلى مسمى الله فمعنا أحدية مسمى الله كون المجموع بالفعل في مسمى الله مجموعا فيه بالقوة فباعتبار جمعية الأسماء في مسمى الله بالقوة يسمى أحديا بالذات ، وجمعيتها فيه بالفعل يسمى كل بالأسماء اه . والمراد من هذا الكلام إظهار عموم معنى السعادة المستورة عن إدراك أهل الحجاب ، لا السعادة النافعة المعتبرة عنه الله اهـ بالى زادة . ""
وجميع الربوبيات المتعينة في جميع المربوبين من جميع الحضرات الإلهية الأسمائية في الأحدية الذاتية بالقوة والإجمال ، وقد تفصلت فيهم وبهم بالفعل كقوله :
كل الجمال غذاء وجهك مجملا لكنه في العالمين مفصل
قال رضي الله عنه : ( والسعيد من كان عنده مرضيا ، وما ثم إلا من هو مرضى عند ربه لأنه الذي تبقى عليه ربوبيته ، فهو عنده مرضى فهو سعيد ) أي السعيد من اتصف بكمال من كمالات ربه ولا يتصف بكمال ما إلا من هو قابل له ، وكل قابل مرضى عند ربه المخصوص به إذ لو لم يرضه لم يربه ، فما في الحضرة الربوبية إلا من هو مرضى عند ربه ، لأنه الذي تبقى عليه ربوبيته ، لأن الربوبية موقوفة على قابلية المربوب لامتناعها بدون المربوب ، والمربوب لا يكون إلا قابلا فكل قابل سعيد.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)
07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
وإنما أسند الحكمة (العلية) إلى كلمة (إسماعيلية)، لأن الحق تعالى جعله مظهر الاسم (العلى). لذلك كانت همته عالية، وكان صادق الوعد بالوفاء
مع الحق في العهود السابقة والعقود اللاحقة. ولكونه عليا بالمرتبة، (كان عند ربهم رضيا).
أو لكونه، عليه السلام، وعاء لروحانية نبينا، صلى الله عليه وسلم، الذي هو مظهر الذات الجامعة ولها العلو الذاتي، قارن بين الحكمة العلية وبين كلمته.
ولما كان (العلى) اسما من أسماء الذات، شرع رضي الله عنه في بيان مرتبتها ، وهي أحديتها بحسب الذات، وكليتها بحسب الأسماء والصفات - في حكمته.
و أيضا وصفه الحق بكونه (عند ربه مرضيا) وليس إلا الاسم الذي يربه، فشرع في تقرير أحدية الذات وكثرة الأسماء والصفات التي هي الأرباب، ليكون كلمن الموجودات عند ربه مرضيا. فقال:
قال رضي الله عنه : (اعلم، أن مسمى الله أحدي بالذات، كل بالأسماء). أي، لا كثرة في ذاته تعالى بوجه من الوجوه، بل هي أحدية الذات.
ولهذه الذات وجوه غير متناهية يجمعها الألوهية المقتضية للأسماء والصفات.
وهي المراد بقوله: (كل بالأسماء) أي، كل مجموعي بالنظر إلى الأسماء والصفات، فإن الحضرة الإلهية هي الذات مع جميع الصفات والأسماء.
قال رضي الله عنه : (وكل موجود فماله من الله إلا ربه خاصة، يستحيل أن يكون له الكل. ولكل شخص اسم هو ربه. وذلك الشخص جسم، وهو قلبه).
أي، كل واحد من الموجودات العينية، غير الحقيقة الإنسانية، ليس له من مسمى الله باعتبار كونه كلا مجموعيا، إلا الاسم الذي يربه خاصة، وهو الوجه الخاص من الوجوه الإلهية. ويستحيل أن يكون له كل الأسماء والوجوه. وذلك لأن كل موجود مظهر لاسم معين، كليا كان أو جزئيا.
وذلك الاسم هو الذات مع صفة من صفاتها، لابحسب كل الصفات، فيكون ربه اسما خاصا، وإن كان الله باعتبار أحدية ذاته رب هذه الأرباب.
قال رضي الله عنه : (وأما الأحدية الإلهية فما لأحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شئ والآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض).
ليس المراد بـ (الأحدية الإلهية) مقامجمع الوجود المعبر عنه بقوله: (كل بالأسماء)، وإلا يلزم بطلان قوله: (وكل موجود، فماله من الله إلا ربه خاصه).
بل المراد (الأحدية الذاتية).
ومعناه: لوكان في الأحدية الذاتية لواحد قدم، لزالت الأحدية، لأنها إنما تكون باستهلاك جميع الأشياء فيها، فلا يجوز أن يكون لواحد منها شئ ولآخر منها شئ لاستهلاك جميع الأسماء والصفات ومظاهرها فيها.
والهوية الإلهية، من حيث هي هي، أيضا في كل واحد من الموجودات، فلا يصدق عليها أيضا أنه لواحد منها شيء ولآخر منها شئ، وإلا يلزم أن يتبعض ويتجزى  
قال رضي الله عنه : (فأحديته مجموع كله بالقوة) بإضافة المجموع إلى (الكل).
أي فأحدية مسمى الله عبارة عن كون مجموع كل الأسماء التي هي الأرباب المتعينةبالقوة في الذات الإلهية.
وتذكير ضمير (كله) باعتبار المسمى، إذ الأسماء عين المسمى باعتبار.
ويمكن أن يقال: (فأحديته مجموع) جملة، على أن المجموع مرفوع غيرمضاف، و (كله بالقوة) جملة أخرى، والضمير عائد إلى (المجموع).
ومعناه: فأحدية مسمى الله من حيث الأسماء والصفات عبارة عن مجموع الأرباب المتعينة، وكل ذلك المجموع بالقوة في أحدية الذات الأحدية، فالأحدية هنا مغائر لأحدية الذات، لأنها حينئذ أحدية الجمع المسماه بـ (الواحدية) وأحدية الذات أحدية جمع الجمع. والأول أنسب.
قال رضي الله عنه : (والسعيد من كان عند ربه مرضيا. وما ثم إلا من هو مرضى عند ربه، لأنه الذي تبقى عليه ربوبيته، فهو عنده مرضى، فهو سعيد .)
لما بين أن لكل واحد من الموجودات ربا خاصا يربه يخصه، وهو نصيبه على حسب قابليته من رب الأرباب، شرع في بيان أن الكل سعيد عند ربه.
لأن السعيد إنما يطلق على من كان عند ربه مرضيا، وكل من الموجودات مرضى عند ربه، لأن كل ما يتصفبه ذلك الموجود من الأخلاق والأفعال فهو من الرب المتصرف فيه بالحقيقة، وهو راض عن فعله ومقتضاه، إذ لو لم يرض، لما صدر منه ذلك، لأنه غير مجبور فيه.
وإنما أظهر العبد بقابليته كمالاته وأفعاله، فيكون مرضيا عنده وسعيدا.
وإنما يتميز السعيد من الشقي، لأنه يعرف أن الأمر كذلك، فسعادته بعلمه ومعرفته.
ومن لم يعرف ذلك، وأضاف الأفعال إلى القوابل، بعد عن الراحة العظمى المثوبة الحسنى، فشقي، فشقاوته بجهله وعدم عرفانه.
وضمير (لأنه) يجوز أن يعود إلى (الرب). أي، لأن الرب هو الذي يبقى على مربوبه ربوبيته بإفاضتها عليه دائما. ويجوز أن يعود إلى (المربوب).
أي،لأن المربوب هو الذي يبقى على نفسه الربوبية بالقبول والاستفاضة من حضرة ربه. والأول أولى.
وما ذكره هو الشكل الأول من أشكال المنطق.
كما نقول: كل من الموجودات مرضى عند ربه، وكل من يكون مرضيا عند ربه، فهو سعيد، تنتج: أن كل واحد من الموجودات فهو سعيد.



خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :

قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)

الفص الإسماعيلي
07 - فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
قال رضي الله عنه : ( أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء. و كل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل. و أما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شي ء و لآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة. و السعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد. و لهذا قال سهل إن للربوبية سرا- و هو أنت: يخاطب كل عين- لو ظهر لبطلت الربوبية. فأدخل عليه «لو» و هو حرف امتناع لامتناع )
""خصت الكلمة الإسماعيلية بالحكمة العلية لما شرف الله سبحانه إسماعيل عليه السلام بقوله: "وجعلنا لهم لسان صدق عليا" [مريم: 50]""
أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالعلم الذاتي المستجمع لسائر وجوهه، ظهر ذلك العلم بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى إسماعيل عليه السلام ، إذ كان عند ربه مرضا لرضا الذات عنه المستلزم رضا جميع الأسماء .
بخلاف رضا بعض الأسماء؛ فإنه لا يستلزم رضا الذات على الإطلاق، ولا رضا ما يباينه من الأسماء، ورضا الذات عنه لظهور علوها فيه، من حيث إنه وعاء للكمال المحمدي الغالب فيه نور الذات على نور الأسماء، فرضي عنه الذات وجميع الأسماء.
ولذلك قال: (اعلم أن مسمى الله) أي: مفهوم هذا الاسم الجامع للذات وجميع الأسماء هو الراضي عن إسماعيل عليه السلام لظهور علوه الذاتي والأسمائي فيه.
وذلك لأنه (أحدي بالذات) فلا اعتبار لأمر آخر معها، فلا يكون لها على إضافي مع أنها كاملة بالذات.
فعلوها ذاتي (كل بالأسماء) التي أحاطت بالموجودات، فلا يخرج عنها من علوها بشيء، فظهور العلو فيه بوجوهه موجب للرضا الكلي عنه، وإن لم يكن مظهرا للذات، ولا لجميع الأسماء.
أما الثاني فلأن (كل موجود فما له من الله) أي: من جملة الأسماء الداخلة تحت حيطته (إلا) اسم هو (ربه خاصة) جزئي أو كلي، يكون له الغلبة (يستحيل أن يكون له الكل لاقتضابه عليه الأمور المتقابلة في شيء واحد باعتبار واحد.
وأما الأول؛ فلما أشار إليه بقوله: (وأما الأحدية الإلهية) أي: الذات من حيث هي منشأ الأسماء، أشار بذلك إلى أنه كما لا يمكن ظهورها من حيث هي ذات هي منشأ الأسماء لا غير، (فما لواحد) من الموجودات (فيها قدم) إذا ليس معها من الأسماء شيء بالفعل من حيث هي منشأ لها، فهي على غناها عن العالمين، وإنما لم تكن معها الأسماء بالفعل؛ لأنها لو تحققت بالفعل لكانت أشياء لكنه باطل؛ (لأنه لا يقال لواحد فيها بشيء، ولآخر فيها بشيء)، وإلا كانت الكثرة مجتمعة في الذات بالفعل لكنه باطل.
(لأنها لا تقبل التبعيض) كما عرفت في علم الكلام، وإلا لزم التركيب المنافي للوجوب الذاتي، فكانت الأسماء فيها بالقوة من حيث هي منشأ لها، فهي عينها هناك.
وإن كانت قابلة للتمييز (فأحديته مجموع كله بالقوة) فطلبت الأسماء متميزة عنها بالفعل وذلك باعتبار آثارها المتوقفة على اعتبار مظاهرها، وذلك يوجب الكمال والسعادة والرضا عنها.
ولذلك قال: (والسعيد من كان عند ربه مرضا)؛ لأنه إنما يرضي عند رؤية كماله فيه، وهو سعادة للظاهر والمظهر، ولما كان المتعارف اختصاصها ببعض المظاهر، والمقصود التعميم.
قال: (وما ثم) أي: في الواقع (إلا من هو مرضي عند ربه) الخاص به من الأسماء الإلهية (لأن الذي يبقي عليه ربوبيته) بظهوره فيه متميز عن سائر الأسماء، أو لا ربوبية للاسم الخاص بدون التميز وبقاء ربوبيته كمال له (فهو) أي مبقي ربوبيته (عنده مرضي) وإن لم يكن مرضيا عند رب أخر، وكل مرضي عند ربه (فهو سعيد) بالنظر إليه، وإن كان شقا بالنظر إلى غيره، فالسعادة المكتسبة من الاسم الجليل والنهار والمنتقم لا تفيد السعيد إلا الحجاب والقهر والانتقام.

نعم لما كان الجلال عاشقا للجمال المحبوب الجمال محبوب الجلال، ومحبوب الحلال بنفسه ليس بمحبوب له بالنظر إلى محبته للجمال، فالإيمان محبوب مطلق، والكفر غير مرضي مطلقا بهذا الاعتبار.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة. 
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)

07 -  فصّ حكمة كليّة في كلمة إسماعيليّة
كأنك قد اطَّلعت على أن للسير الوجوديّ والحركة الإيجاديّة نحو تمام الظهور والإظهار - التي مبدؤها من التعيّنات التي بها يثبت للعبد عين وجوديّة هو العقل الأوّل.
سريانين : أحدهما ينتهي عند تمام ظهور الكثرة ، كما في الفلك الثامن  .
والثاني عند تمام الإظهار ، وهو المبتدي من العنصر الأعظم  الذي حصل العقل من التفاتته ، المنتهي ببعض الوجوه إلى آدم ، وبسائرها إلى الخاتم .

وجه تسمية الفصّ
ثمّ إذ قد تذكَّرت هذا الترتيب لا يخفى عليك حينئذ وجه مناسبة الكلمة الإبراهيميّة بالعقل - حيث أنّه بها يثبت للعبد عين - ومناسبة أول السريانيين المنشعبين منه بإسحاق من حيث تولَّد الأنبياء والرسل المتكثّرة منه ، والثاني منهما بإسماعيل من حيث تولَّد الخاتم منه .
ولا يخفى أيضا منه وجه اختصاص كلمته بالعلوّ ، فإنّها وإن كانت منشعبة من الكلمة الإبراهيميّة ، إلَّا أنّ استمدادها من العنصر الأعظم بالاستقلال ونسبتها إلى الذات أقرب وأعلى .
وهاهنا تلويح يكشف عن تحقيق ما قلنا : وهو أنّ أوّل ما يتقوّم به الألف هو النقطة نفسها ، ثمّ تعدّدها وتكثّرها - فإنّ ذلك هو المادّة له - ثمّ الصورة الجمعيّة التي بها يتحصّل الألف ، وهذا هو الذي بإزاء الكلمة الإسماعيليّة ، كما أنّ الأوّلين هما اللذان بإزاء الكلمتين الإبراهيميّة والإسحاقيّة.
ومن تفطَّن في  إسماعيل على ما اومي إليه في المقدّمة  تفطَّن إلى ما يرشده إليه .
ثمّ إذ قد تبيّن أنّ الكلمة الإسماعيليّة لتضمّنها أمر صلوح الوالديّة المذكورة ، تضمّن الكلمة الآدميّة أمر الوالديّة الكبرى .
ولها نسبة إلى المبدأ ، وقربة خاصّة إلى الذات منها يستمدّ العاملون : لا بدّ وأن تكشف عن أمر تلك النسبة الحاكمة على تسمية أحدهما بالربّ ، والآخر بالعبد - كشف الكلمة الآدميّة عن النسبة المسمّية أحدهما بالإله ، والآخر بالمألوه - فلذلك أخذ في تبيين أمر تلك النسبة و الفحص عن مبدأ ربطها وتأثيرها في الحضرات قائلا :
( اعلم أنّ مسمّى « الله » أحديّ بالذات ) لما سلف لك في المقدّمة أنّ الأحديّة أوّل ما يلزم الإطلاق والوحدة الحقيقيّة - ( كلّ بالأسماء ) لأنّه بالعلم والكلام يتحقّق الكلمة ،والكلام هو الكلّ .
وهاهنا تلويح - وهو إنّه كما أنّ « الكلّ » هو الكلام ،كذلك « الأحد » هو القلب .
وإنّما لم يقل « أحد » لأنّ اعتبار معنى التسمية يأبى إطلاق ذلك الاسم عليه إلَّا بضرب من الاشتقاق والنسبة .
ثمّ إنّ تحقيق أمر النسبة - على ما هو بصدده - إنّما يتصوّر بعد تبيين المنتسبين ، وإذ قد بيّن الأوّل شرع في الثاني منهما بقوله :
( وكلّ موجود ، فما له من الله إلَّا ربّه خاصّة يستحيل أن يكون له الكلّ ) لأنّ العين الواحدة المتشخّصة - من حيث أنّها كذلك - لا يمكن أن تكون تحت تربية الأسماء المتقابلة ، موردا لوفود أحكامها المتناقضة ، فإنّ كلَّا منها ظلّ لاسم خاصّ متشخّص بذلك التشخّص الذي تشخّصت به العين ولكن في الحضرة الأسمائيّة .

الأحدية والواحدية( وأمّا الأحديّة الإلهيّة فما لواحد فيها قدم ) حيث أنّ الواحد منشأ النسب والأحديّة مسقطها ، فلا يمكن أن يكون للأعيان الواحدة فيها قدم ( لأنّه لا يقال لواحد منها شيء ، ولآخر منها شيء ، لأنّها لا يقبل التبعيض ) وإلَّا كانت موردة للنسب .
( فأحديّته مجموع كلَّه بالقوّة ) ولا يخفى أنّه إذا كان الكلّ بالقوّة تكون الجمعيّة التي بين أفراد ذلك الكلّ أحرى بأن تكون بالقوّة ، فلا يرد أنّ إثبات معنى المجموعيّة للأحديّة ينافي ما اتفقوا عليه من أن الأحديّة تنفي النسب كلَّها .
وذلك لأنّ نفي النسب وإسقاطها يتصوّر على وجهين :
أحدهما أن يكون لذوي النسب وجود خارج ما أسقط عنه نسبهم - وهو غير متصوّر هاهنا .
والثاني أن يكون مجموع ذوي النسب مندمجا فيما أسقط عنه ، متّحدا به : فهو أحديّ بالفعل ، كلّ بالقوّة  ، وهو المقصود هاهنا .


الربوبيّة والعبوديّةثمّ إنّك قد عرفت أن النسبة - حيث كانت حاكمة على طرفيها المنتسبين إليها مسمّية لهما فهذه النسبة قد سمّى الكلّ من طرف الحقّ : « ربّا » .
والعين من طرف الكون : « عبدا » - في نظر العامّة.
وفي شهود الكمّل والخواصّ : « سعيدا » .
وإلى ذلك أشار بقوله :" والسعيد من كان عند ربّه مرضيّا - وما ثمّ إلَّا من هو مرضيّ عند ربّه ، لأنّه الذي يبقي عليه ربوبيّته فهو عنده مرضيّ ، فهو سعيد"
أي سرّ الربوبيّة امتياز العين المعدومة بنفسها واختصاصها بالمخاطبة منك ، مع أنّه لا وجود له إلَّا بربّه ، فلو ظهر ذلك السرّ ، وبان عدمه على ما هو عليه لا يصلح لاختصاصه بالمخاطبة.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (أعلم أن مسمى الله أحدي بالذات كل بالأسماء.
وكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل.
وأما الأحدية الإلهية فما لواحد فيها قدم، لأنه لا يقال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض. فأحديته مجموع كله بالقوة.
والسعيد من كان عند ربه مرضيا، وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه ربوبيته، فهو عنده مرضي فهو سعيد.)


الفص الإسماعيلي
07- فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية
قال الشيخ رضي الله عنه :  (اعلم أن مسمى الله أحد بالذات، گل بالأسماء. فكل موجود فما له من الله إلا ربه خاصة يستحيل أن يكون له الكل .)إنما وصف الحكمة المنسوبة إلي إسماعيل عليه السلام بكونها علبة لما شرف الله تعالى إسماعيل به من قوله : "وجعلنا لهم لسان صدق عليا" [مريم: 50]، ولأنه كان صادق الوعد وذلك دليل على علو الهمة، ولأنه كان مرضية عند ربه وذلك مقام عالي ، ولأنه كان وعاء للوجود المحمدي المعتلي على الموجودات كلها.
ولما كان إسحاق من ولدي إبراهيم عليهم السلام أبا لأنبياء كثيرين وإسماعيل أبا خاتم الأنبياء وللخاتم التأخر في الوجود وإن كان متقدمة في الرتبة أخر الكلمة الإسماعيلية عن الإسحاقية.
وحيث كان المذكور في شأنه عليه السلام صفتين :
1 - صفة العلو
2 - وصفة الرضا

و محتدهما من الجناب الإلهي نسبتان :
1 - الوحدة الذاتية
2 - والجمعية الأسمائية .
أشار إليهما بقوله : (اعلم أن مسمى) الاسم (الله أحدي بالذات)، أي لا كثرة فيه من حيث ذاته.
وإنما قال : أحدي لا أحد مبالغة في أحديته كالأحمري لأنها صفة سلبية لا تقتضي معنى زائدة على الذات فأحديته بحيث ليس فيه أثنينية الصفة والموصوف
(?ل) مجموعي إذا لوحظ منقيدة (بالأسماء) وهذه المرتبة الإلهية المسنجمعة لجميع الأسماء والصفات، والتمييز بين هاتين المرتبتين إنما يكون بحسب التعقل فحسب وأما بحسب الخارج فليس إلا الوحدة الصرفة التي ليس فيها شائبة كثرة أصلا.
(فكل موجود فما له من الله) أحدية جميع الأسماء (إلا) الاسم الذي هو (ربه خاصة) منه انتشأت عينه الثابتة وبه ظهرت في مراتب الوجود روحا ومثالا وحسة، وعليه ترتبت أحواله فيها، ونيه معاده كما أنه منه مبدؤه (ويستحيل أن يكون له)، أي تكل موجود (الكل)، أي كل الأسماء الداخلة تحت المرتبة الإلهية إلا الكامل فإن ه أحذية جمع الأسماء هذا إذا نريد بالأسماء كنيانها. وأما إن حمل الأسماء على معنى عم بحيث يشكل الأسماء الجزئية المتشخصة بعض المربوبات أيضا فلا حاجة إلى هذا الاستثناء إلا أنه فيما سيأتي نوع نبوة منه .
قال رضي الله عنه : ( وأما الأحدية الإلهية فما تواحل فيها قدم، لأنه لا ينال لواحد منها شيء ولآخر منها شيء، لأنها لا تقبل التبعيض . فأحديته مجموع كله بالقوة .
والسعيد من كان عند به مرضيا؛ وما ثم إلا من هو مرضي عند ربه لأنه الذي يبقي عليه وبيته فهو عنده ماضي فهو سعيد. )
(وأما الأحدية الإلهية)، أي أحدية مسمى الله (فما لأحد فيها) مع بقائها على حالها (قدم) بأن يكون له منها جزء أو حصة تقدم عليه (لأنه لا يقال لواحد منها شيء) جزءا كان أو حصة (ولآخر منها شيء) كذلك (لأنها لا تقبل التبعيض) تجزئة كان أو تحصيصة لأنها ليست إلا اعتبارا مسقطا للاعتبارات كلها ، ولا بد في صيرورتها حصصة أو أجزاء من اعتبار صحة انضبان الأمور الخارجة إليها وانقسامها إلى الأمور الداخلة فيها وكل ذلك ينافي الأحدية ، والحقيقة المطلقة الإلهية لا تنجزا ولكنها تتحصص ففي كل شيء حصة منها فهي بكلياتها سارية في الكل من غير تجزئة.
(فأحديته مجموع) يعني إذا كانت الأحدية الإلهية لا تقبل التبعيض فأحدية مسمى الله مجموع أي مجموع أسماء فصلت في المرتبة الواحدية (كله)، أي كل ذلك المجموع مندمج فيه (بالقوة) أما اندماجه فيه فلان مرتبة الأحذية إجمال مرتبة الواحدية، وأما كونه بالقوة فلأنه إذا خرج ذلك المجموع من القوة إلى الفعل انقلبت الأحذية واحدية فقوله :
وأحدية مبتدأ ، ومجموع خبره، وكله مبتدأ آخر، وبالقوة خبره. والجملة صفة لمجموع.
(والسعيد من كان عند ربه مرضية وما ثمة)، أي في الوجود (إلا من هو مرضي عند ربه لأنه)، أي المربرب هو (الذي يبقى عليه)، أي على الرب (ربوبيته)، أي ربوبية الرب إذ لولا المربوب لعدم الرب من حيث هو رب .
ويمكن أن يقال إن الرب يبقى على المربوب ربوبية الرب أو ربوبية المربوب، أي وجوده وما يتبعه من الأحكام، فهذا الإبقاء دليل على رضا الرب عنه إذ لو لم يرض بوجود المربوب وما له وما يصدر عنه لما أبقاه (فهو)، أي المربرب (مرضي عنه)، أي عند ربه (فهو سعيد) وإنما قيدنا السعيد في الموضعين بقوله عند ربه لأن للمربوب سعادتين:
إحداهما سعادة بالنسبة إلى ربه
وأخراهما سعادة بالنظر إلى نفسه وأحواله .
فالأولى: كونه بحيث يتأتي منه ما خلق له وتظهر فيه أحكام ربه على وجه يرضى به، ولا يخفى أن كل موجود مرضي سعيد بهذا المعنى ولا يتصور فيه الشقاوة إلا بالقياس إلى رب مربوب آخر لو لم يكن لهذا الموجود اصطلاحية مظهرية أحكامه كما سيشير رضي الله عنه إلى هذه الشقاوة فيما بعد.
والثانية : كونه على حالة يتنعم ويتلذذ بها ولا شك أن المربرب بهذا الاعتبار ينقسم إلى السعيد والشقي، وبهذه السعادة والشقاوة حكمت الشريعة، ولا يشمل هذه السعادة كل مربرب إلا ما على ما ذهب إليه الشيخ رضي الله عنه .



واتساب

No comments:

Post a Comment