Tuesday, July 16, 2019

السفر الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثامن فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية الفقرة الخامسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

08 - The Wisdom Of  Spirit In The Word OF Jacob   

الفقرة الخامسة :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد)
قال رضي الله عنه : "فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «و ما كتبها الله عليهم». ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي. فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»: أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد"

(فلما وافقت الحكمة) الباطنة والمصلحة الظاهرة الموجودة (فيها)، أي في النواميس المذكورة (الحكم بالنصب مفعول وافقت (الإلهي في) الأمر (المقصود) من الشارع (بالوضع)، أي الاصطلاح (المشروع)، أي المبين الذي بينه الله تعالی ورسوله نفعا للعباد المكلفين (الإلهي)، أي المنسوب إلى الإله الحق جل وعلا من جهة كون ذلك بمجرد انقیاد تحكم الغيب في الشهادة.
والتعلق من كلية الحادث بجناب القديم سبحانه ليطهر من دنس الجهل النفساني، وأوساخ الطبيعة الأرضية في ظاهره، وباطنه فليلتحق بالمجردات الفلكية في الانقياد للحضرة الغيبية، ويقرب من جناب القدس، فيحظى بعد الانسلاخ من العالم الفاني والاتصال بالعالم الباقي باللذائذ الدائمة والأحوال الملائمة.
وإن كانت هذه المقاصد والفوائد إنما تحصل بمتابعة الشرع الصحيح المنقول إلينا على وجهه من غير زيادة ولا نقصان بعد تحرير أحكامه والقيام بمقتضاه في الظاهر والباطن، ولكن هذا المقدار منه لا يحصل للعبد إلا في زمان النبوة، وقد انقضى و سيتجدد إن شاء الله تعالى في زمان نزول عيسى عليه السلام.
وكان ذلك حاصلا في زمان ظهور الخلافة عن النبوة حتى مات الحسن بن علي رضي الله عنهما، وصار الأمر ملكا عضدا وسلطنته ظاهرة، واختفت الخلافة النبوية في الأمة من واحد إلى واحد حتى أراد الحسين أخو الحسن رضي الله عنهما أن يظهرها بعد موت أخيه، فلم يمكنه ذلك حتى قتل بكربلاء وستظهر إن شاء الله في آل البيت في الإمام المهدي فيبطل الملك وتبطل السلطنة في الإسلام استقلالا وتظهر الخلافة فتمتلئ الأرض عدلا كما امتلأت جورة وحيث تعسر الوصول إلى ذلك في حق العموم.
(اعتبرها)، أي تلك الرهبانية وما في معناها مما ذكرنا في هذه الأمة (الله) تعالی ولهذا أقر الشارع الخطأ في أحكام الله تعالى من المجتهدين، وأخبر أن لهم فيه ثوابا حيث لم يقصروا في بذلك المجهود لنيل المقصود في قوله عليه السلام :
"من اجتهد فأصاب فله أجران ومن اجتهد فأخطأ فله أجر واحد". رواه ابن حبان والحاكم و أبو داود.
ووجب على غير المجتهد متابعة المجتهد على خطئه وجعل ذلك شرعة للأمة مثابين عليه عند الله تعالى إذا عملوا بمقتضاه حيث تعسر الوصول إلى الأحكام الشرعية الحقيقية التي شرعها الله تعالى للأمة كما ذكرنا (اعتبارا)، أي مثل اعتباره سبحانه (ما)، أي الحكم الذي (شرعه) للعباد (من عنده تعالی) من غير فرق حيث أصاب بفعله وعاقب بتركه (وما كتبها)، أي فرضها الله تعالى (عليهم) لأنها ليست شرعه المطلوب في نفس الأمر وإن جعلوها هم نفس شرعه المطلوب بمقدار جهدهم في تعرفهم، كمن اشتبهت عليه القبلة وليس هناك من يعرفها ليسأله عنها ، فإذا أراد أن يصلي يجتهد فإذا وصل اجتهاده إلى جهة وجبت صلاته إليها وإن كانت خطأ في نفس الأمر، وهو مثاب على تلك الصلاة حتى لو تبين خطؤه بعد الفراغ منها، ومضت على الصحة.
(و) لكن (لما فتح الله) تعالى (بينه) سبحانه (وبين قلوبهم)، أي قلوب أهل تلك الرهبانية وما يتبعها (باب العناية)، أي المعونة لهم في طريق طلب الهداية منه سبحانه (و) باب (الرحمة) منه لأنفسهم وأمثالهم (من حيث لا يشعرون)، أي لا يعلمون بذلك (جعل) جواب لما (في قلوبهم تعظیم ما شرعوه) من تلك الرهبانية وما يلتحق بها لأنفسهم وأمثالهم .
والحال أنهم (يطلبون بذلك) الذي شرعوه ("رضوان الله ") تعالی عنهم (على غير الطريقة النبوية) في الأحكام الشرعية (المعروفة) عند الأنبياء عليهم السلام، ومن تلقاها منهم بالأخذ والإلهام (بالتعريف الإلهي) من الوحي النبوي (فقال) تعالى عنهم بعد ذلك ("فما رعوها")، أي قاموا بحقوقها والمحافظة عليها بالوجه الذين شرعوها به.
(هؤلاء)القوم (الذين شرعوها) في البعض(وشرعت) بالبناء للمفعول، أي شرعها الله تعالى (لهم في البعض الآخر). كأصل الصلاة والصوم مثلا .
واختلف المجتهدون في شروط ذلك وأركانه وسننه ومفسداته ونحو ذلك .
والأول في جميعها والثاني في تقرير ذلك واعتباره ("حق رعايتها")، أي المقدار الذي اعتبروه فيها هم مما لا بد منه.
("إلا ابتغاء" )، أي طلب وإرادة ورضوان الله تعالی عنهم بذلك.
(وكذلك)، أي مثل ما ذكر من ابتغاء الرضوان بالمحافظة عليها وأدائها على الوجه الأكمل بحسب نظرهم الذي شرعوها مشتملة عليه (اعتقدوا) أنها حق من الله جزمة بقلوبهم .
قال تعالى ("فأتيناه")، أي أعطينا في الآخرة يوم الجزاء ("الذين آمنوا")، أي صدقوا (بها)، أي بتلك الرهبانية وما يلتحق بها و اعتقدوها حقا ("منهم")، أي من أولئك القوم الذين شرعوها (و أجره ه)، أي ثوابهم فضلا منه تعالى وإحسانا . 
(" كثير منهم " أي من هؤلاء الذين شرع) بالبناء للمفعول، أي شرع الله تعالی أصل ذلك أو باعتباره والإقرار عليه (فيهم هذه العبادة) المنقسمة إلى أقسام كثيرة وما يتبعها من المعاملات التي هي معونة فيها (" فاسقون " [الحديد: 27]، أي خارجون عن الانقياد إليها)، والعمل بها والقيام بحقها على الوجه المشروع عندهم فيها .
(و) كل (من لم ينقد إليها)، أي يحافظ عليها ويهتم بفعلها في نفسه على أتم ما يعرف من وجوه الاستحسان (لم ينقد إليه)، أي يطعه (مشرعه)، أي من شرعه له ذلك الأمر من حيث هو في نفسه بحسب تجليه الخاص.
أو بسبب اعتباره لما شرعه وإقراره عليه (بما يرضيه) من الجزاء الوافي (لكن الأمر) الإلهي النافذ في الخلق على كل حال (يقتضي الانقياد) إليه من كل واحد.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد)
قال رضي الله عنه : (فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها) أي في النواميس (الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي) وهو تكميل النفس الإنسانية بالعلم والعمل. (اعتبره) أي اعتبر الحق ما وضعه الراهب العالم في الدين المسيحي من النواميس الحكمية (اعتبار ما شرعه من عنده تعالی) فكان ذلك الطريق الخاص الذي هو دين عند الخلق دين عند الله في المفهوم واستحقاق الأجر بالعمل به .
بسبب اعتباره تعالی اعتبار ما شرعه من عنده (وما كتبها) أي الذي اخترعوها ما فرض الله أي هذه النواميس بالوضع من عنده (عليهم) أي على المخترعين الذين أوجبوها على أنفسهم .
قال رضي الله عنه : (ولما فتح الله بينه وبين قلوبهم) بسبب تحملهم بهذه الأعمال الشاقة (باب العناية والرحمة) وهو معنى قوله : "وجعلنا في قلوب الذين أتبعوه رأفة ورحمة "[الحدید: 27].
("من حيث لا يشعرون") ذلك الفتح (جعل في قلوبهم تعظیم ما شرعوه) أي الذي جعلوه مذهبا و طريقا لأنفسهم كانوا (يطلبون بذلك) أي بما شرعوه (رضوان الله تعالی) . ""طلبا ورجاء محبه الله ونظرته ورضوانه "".
قوله رضي الله عنه: (على غير الطريقة النبوية) متعلق بما شرعوه (المعروفة) في العرف العام (بالتعريف الإلهي) أي بإظهار المعجزات .
والمراد بالغيرية وضعهم أمورا زائدة على الفرائض التي أتي به النبي في حق العامة وهذه الزوائد من جنس تلك الفرائض ومن فروعاتها لأن المراد إتيان ما يباينه فإن تقليل الطعام وكثرة الصيام وقلة النوم و غير ذلك من تكليفاتهم على أنفسهم لا يخالف الشرع بل هو من دقيقته . "فهي كالنوافل يقومون بها لوجه الله "
فمن عمل بطريق التصفية فقد عمل بأصله فله أجران :
أجر الفرائض
وأجر الطريق الذي اعتبره الله تعالى
قال رضي الله عنه : (فقال : فما رعوها هؤلاء الذين شرعوها) أي هذه الطريقة (وشرعت لهم) أي شرع الله
لهم هذه الطريقة باعتباره ما شرعه (حق رعایتها) أي فلم يعظموها حق تعظيمها ولم يعبدوا الله بها وما أوجبها على أنفسهم (إلا ابتغاء رضوان الله لذلك) أي ولاجل علمهم حصول رضوان الله فيها لمن يعمل بها (اعتقدوها) وعملوا بها.
فمن أقامها بحقها قال الله تعالى في حقهم ("فأتينا الذين آمنوا بها") بالإيمان الصحيح وهو الإيمان بمحمد عليه السلام وانقادوا إليها (منهم) أي من هؤلاء (أجرهم) وهو الرضوان وثواب الدار الآخرة.
قال رضي الله عنه : (وكثير منهم من أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة) أي شرع الله في حقهم بعد أن شرعوا لأنفسهم باختراعهم هذه العبادة (فاسقون أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها) ولم يؤمنوا بمحمد عليه السلام .
قال رضي الله عنه : (ومن لم ينقد إليها) إلى هذه العبادة (لم ينقد إليه مشرعة) أي مشرع ذلك الشرع وهو الحق.
فإنه لما اعتبره فقد أضاف إليه تعالی فكان أجره على الله (بما يرضیه) عن إعطاء الجنة .
فإن الرضوان وثواب الدار الآخرة أجر الانقياد فمن لم ينقد إلى الشرع لم ينقد إليه واضع الشرع بإعطاء الجنان ، التي لو انقاد حصلت له تلك الجنان .
فالمراد بقوله : "كثير منهم فاسقون " هم الرهبان الذين لم يؤمنوا بمحمد عليه السلام.
قال بعض العلماء فرض الله عليهم هذه الطريقة بعد اختراعهم وأوجبهم على أنفسهم وقال بعضهم ذلك كالتطوع من التزمه الله لزمه كالنذر .
والصحيح عندي أنه لا يكتب عليهم بعد ذلك فلو ترك واحد منهم هذه الطريقة بعد شروعهم أو بعض آدابها وعمل بالشرع الذي جاء في العامة من عند الله لم يؤاخذ على ذلك . ولكن لم يحصل له الدرجات العالية في الدنيا والآخرة التي هي لعاملها.
وليس ذلك كالتطوع نحو الصلاة والصوم ولا كالنذر حتى لزم من التزمه بل هو كمن ذهب إلى الكعبة بقصد الزيارة ولم ينذر فإذا رجع بدون شروع بركن من أركانها لم يلزم عليه شيء فطريقتنا كذلك .
فمن شرع منا إلى هذه الطريقة ورجع قبل التكميل وترك العمل مقرا بحقيتها وعمل بالشرع العام فله الأجر بقدر عمله ولا يعاقب علی تركه .
ومن ترك التكميل وتحميل المعرفة والكمال بعدم طاقة نفسه بالأعمال الشاقة أو للمصالح اللازمة له وتحقق بأركان الشرائع وواجباتها وسنها وله أجر غير مقطوع في الدنيا والآخرة .
فهو كمن عمل في جميع الأوقات (لكن الأمر) الإرادي (يقتضي الانقياد) من الجانبين ، وإن كان الأمر التكليفي يقتضي عدم انقياد المشرع إلى من لم ينقد إلى شريعة المشرع .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد)
قال رضي الله عنه : " فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم». ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي. فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»: أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد".
قلت : ولا شك أن الحق تعالی اعتبرها ولذلك قال :" فأتينا الذين آمنوا منهم أجرهم" (الحدید: 27) .
في قوة كلام الشيخ، رضي الله عنه، معنى أن الدين الذي شرعه الخلق لابتغاء رضوان الله هو برسول من عند الله في قلوب عباده، لكنه ماهو الرسول المعلوم الذي يتحدي بالمعجزة ويصرح بالرسالة.
ثم أنه، رضي الله عنه، بين أن ما سعد أحد إلا بما أتى به، فحال كل عبد هو الذي عين له نصيبه من خير وشر، وأما في ظاهر الأمر ففعله عنوان حاله الذي به سعد أو شقي، وأما في الباطن فإن حقيقة العبد ظهرت في نور وجود الحق بما هي عليه في نفسها، فإن عاد عليها عائد من خير أو ضده فمنها عاد عليها والله أظهرها كما هي .


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد). 
قال رضي الله عنه : " فلمّا وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهيّ في المقصود بالوضع الإلهي المشروع ، اعتبرها الله تعالى اعتبار ما شرعه من عنده وما كتبها الله تعالى عليهم ، ولمّا فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون .
جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوا يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي  فقال : " فَما رَعَوْها " هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم " حَقَّ رِعايَتِها ". " إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ الله ".
وكذلك اعتقدوا " فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا" بها " مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ " أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة "فاسِقُونَ " أي خارجون عن الانقياد إليها  والقيام بحقّها .
لمّا وافقت المصلحة فيها حكم الله من حيث إنّ الله إنّما وضع من الشرع ما وضع للانقياد الكلَّي لأمر الله تعالى ، وهذا كان المراد أيضا كذلك من وضع النواميس الحكمية فاعتبرها الله اعتبار ما شرعه هو لعبيده من عنده ، فمن انقاد إلى الله فيها ، فقد انقاد لله .
قال رضي الله عنه : ( ومن لم ينقد إليها لم ينقد إليه مشرّعه ) أي بالأصالة من حيث عبيده الذين وضعوها « لما يرضيه ، لكن الأمر يقتضي الانقياد .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد)
قال رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها ) أي في تلك النواميس ( الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي ) وهو الكمال الإنسانى .
"" إضافة بالي زادة : ولما وعد بيان الدين الذي عند الخلق شرع بقوله ( قال تعالى: "ورَهْبانِيَّةً " وهو ما يفعله الراهب العالم في الدين العيسوى من العزلة والرياضة وغير ذلك - ابْتَدَعُوها " أي اخترعوا تلك الرهبانية من عند أنفسهم وكلفوا بذلك أنفسهم من غير تكليف من ربهم ، طلبا بذلك من الله الأجر ( وهي النواميس الحكمية ) أي تحصل منها الحكمة والمعرفة الإلهية لذلك اعتبره الله تعالى .  ( والطريقة الخاصة المعلومة في العرف ) هو ظهور إنسان بدعوى النبوة إظهار المعجزة ، وبهذا يعلم النبي في عرف الناس ( بالوضع المشروع الإلهي ) وهو تكميل النفوس بالعلم والعمل ( اعتبره ) أي الحق ما وضعه الراهب العالم في دين المسيحي من النواميس الحكمية ( اعتبار ما شرعه من عنده ) فكان دين الخلق دينا عند الله في التعظم واستحقاق الأجر بالعمل إهـ. بالي زادة .""

( اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى ) أي كما اعتبر الذي شرعه الله تعالى من عنده ( وما كتبها الله عليهم ) فإن للخصوص من أهل الله حكما خاصا بهم ، لاستعداد خاص وهبه الله لهم في العناية الأولى .
"" إضافة بالي زادة :  ( ولما فتح الله ) بسبب تحملهم بهذه الأعمال الشاقة ( باب العناية والرحمة ) وهو معنى قوله : "وجَعَلْنا في قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوه رَأْفَةً ورَحْمَةً " اهـ بالى زادة ""


( ولما فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون ، وجعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله ، زيادة على الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي ) أي ولما خصوا بمزيد عناية ورحمة رحيمية من غير شعور منهم بها ، صدقت إرادتهم وازداد شوقهم فوقع في قلوبهم من الله تعظيم ما شرعوه من النواميس ، التي وضعها حكماؤهم وعظماؤهم ، بزيادة على الطريقة النبوية طالبين بذلك رضا الله.

وفي بعض النسخ : على غير الطريقة النبوية ، فإن صحت الرواية فمعناها تعظيم ما شرعوه على وضع غير الذي شرع الله لهم ، من زيادة عليه غير مشروعة لا على وضع ينافيه فإن ذلك غير مقبول ، ومما نبه الله عليه علم أن العبادة الزائدة على المشروع من مستحسنات المتصوفة ، كحلق الرأس ولبس الخلق والرياضة بقلة الطعام والمنام ، والمواظبة على الذكر الجهرية وسائر آدابهم مما لا ينافي الشرع ، ليس ببدعة منكرة ، وإنما المنكرة هي البدعة التي تخالف السنة.
"" إضافة بالي زادة : أي ، ضعهم أمورا زائدة على الفرائض التي أتى به النبي في حق العامة ، وهذه الزوائد من جنس تلك الفرائض ومن فروعاتها ، لا أن المراد إتيان ما يباينه ، فإن تقليل الطعام وكثرة الصوم وقلة النوم وغير ذلك لا يخالف الشرع بل من دقيقته ، فمن عمل بطريق التصفية فقد عمل بأصله ، فله أجران : أجر الفرائض ، وأجر الطريق الذي اعتبره الله. اهـ بالي زادة "".

( فقال : " فَما رَعَوْها "  هؤلاء الذين شرعوها وشرع لهم " حَقَّ رِعايَتِها " " إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ الله " وكذلك اعتقدوها ) إنما فسرها على المعنى لأن الاستثناء منقطع .
معناه : ما كتبنا عليهم لكنهم ابتدعوها ابتغاء رضوان الله ، فما رعوها حق رعايتها إلا لذلك ، وإن كان المراد النفي حتى يكون فما رعوها حكم الفساق منهم فتفسيره صحيح ، لأن الذين ابتدعوها فقد رعوها حق رعايتها ابتغاء رضوان الله ، وكان اعتقادهم ذلك " فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ " وهم المراعون إياها حق رعايتها ، لأن إيمانهم ميراث عملهم الصالح " وكَثِيرٌ مِنْهُمْ " أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة " فاسِقُونَ " أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها ، ومن لم ينقد إليها لم ينقد إليه مشرعه بما يرضيه ) أي مشرعه بالأصالة الذي هو الحق ، فإن الذين وضعوها وضعوها لله فالانقياد لها هو الانقياد لله فيؤجره ، فيلزم أن من لم ينقد إليها ولم يطع الله برعايتها كما ينبغي لم يطعه الله بما يرضيه ( لكن الأمر يقتضي الانقياد ) لأنه وضع لذلك


"" إضافة بالي زادة : ( آمنوا ) بها بالإيمان الصحيح وهو الإيمان بمحمد . اهـ
( لم ينقد إليه مشرعه ) وهو الحق ، فإنه لما اعتبره فقد أضاف إليه تعالى فكان أجره على الله ( بما يرضيه ) من إعطاء الجنة ، فإن الرضوان والثواب أجر الانقياد ، فمن لم ينقد إلى الشرع لم ينقد إليه واضع الشرع بإعطاء الجنات ، فالمراد بقوله :" وكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ " .
الرهبان الذين لم يؤمنوا بمحمد عليه الصلاة والسلام لكن الأمر ) الإرادى ( يقتضي الانقياد ) من الطرفين وإن كان الأمر التكليفي يقتضي عدم انقياد المشرع إلى من لم ينقد إلى شريعة المشرع اهـ بالى زادة . "" 


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد)
قال رضي الله عنه: ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها ) أي ، في تلك النواميس .
وقوله رضي الله عنه : ( الحكم الإلهي في المقصود بالوضع الشرعي الإلهي ، ) وهو تكميل النفوس علما وعملا .
قال رضي الله عنه: ( إعتبرها الله ، اعتبار ما شرعه من عنده تعالى ، وما كتبها الله عليهم ) . أي ، وما فرضها عليهم ، أي ، على كل الناس . لأن ذلك طريق الخواص لا العوام ، إذ  لا يقدر كل أحد على تحمل مشاق الرياضة والسلوك بالطريقة الخاصة .
وقوله رضي الله عنه : (ولما فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون ، )
أي ، من الوجه الخاص الذي لهم إلى الله ولا يشعرون بذلك الوجه والفتح .
قال رضي الله عنه: ( جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه ، يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوة المعروف بالتعريف الإلهي ) . بإظهار المعجزات على أيديهم .
والمراد بقوله : ( على غير الطريقة النبوة ) أنهم أتوا بأمور زائدة على الطريقة النبوية ما فرض الله عليهم ذلك ، كتقليل الطعام ، والمنع من الزيادة في الكلام ، والخلطة بالناس ، والخلوة والعزلة عنهم ، وكثرة الصيام ، وقلة المنام ، والذكر على الدوام ، لا الإتيان بما ينافيها كشرب الحرام وعبادة الأصنام .
وفي بعض النسخ : ( على الطريقة النبوية ) . وهو يؤيد ما ذكرناه .
ولما فسر قوله : ( ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله ) .
بأن معناه ما كتبناها وأوجبناها عليهم ، ولم يفعلوا بها إلا ابتغاء رضوان الله - ليكون مفعولا له من ( لم يفعلوا ) لا من ( ما كتبناها ) - جعل رضي الله عنه ( إلا ابتغاء رضوان الله ) استثناء من قوله : ( فما رعوها ) للمناسبة من حيث المعنى .
قال رضي الله عنه : ( فما رعوها هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم ) أي ، لعوامهم ومقلديهم . ( حق رعايتها ، إلا ابتغاء رضوان الله ) .
وإن كان الزجاج جعل ( الابتغاء ) بدلا من ( الهاء ) التي في ( كتبناها ) ليكون مفعولا به .
فعلى الأول ، لا يكون العمل بها واجبا ، لكن من يعمل بها وأوجبها على نفسه ، يصل إليه أجرها ،كما قال : ( فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم) .
وعلى الثاني ، يكون واجبا .
لذلك قال الحسن : ( تطوعوا ابتداعها ، ثم كتب بعد ذلك عليهم ) . وقيل : ذلك كالتطوع ، من التزمه ، لزمه ، كالنذر. 
( وكذلك اعتقدوا ) أي ، العاملون بها اعتقدوا أن من يعمل بها ، يحصل له رضوان الله وثواب الدار الآخرة .
( "فآتينا الذين آمنوا " بها " منهم أجرهم وكثير منهم " أي ، من هؤلاء الذين شرع فيهم ، ) أي ، في حقهم ، وهم المقلدون . ( هذه العبادة ( فاسقون ) أي ، خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها . ومن لم ينقد إليها ، لم ينقد إليه مشرعة بما يرضيه ) . 
أي ، ومن لم ينقد إلى تلك الشريعة الموضوعة لأنفسهم ، لم ينقد إليه مشرع ذلك الشرع بالأصالة ، وهو الحق بما يرضيه من إعطاء الجنة والخير والثواب .
وذكر ضمير ( مشرعه ) باعتبار الدين : وفي بعض النسخ : ( ومن لم ينقد إلى
مشرعه ) . فضمير ( بما يرضيه ) عائد إلى ( المشرع ) حينئذ . ( لكن الأمر يقتضى الانقياد ) . أي ، لكن الأمر والشأن الإلهي يقتضى وقوع الانقياد على أي وجه كان . فليس المراد بالأمر الأمر التكليفي .


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد)
قال رضي الله عنه : "  فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «و ما كتبها الله عليهم». "
قال رضي الله عنه : ( ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي. فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»: أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد "
ثم أشار الشيخ رضي الله عنه إلى أنها مع عدم كتابتها عليهم ، عظموها من حيث ما فيها من العزائم التي يقصدها الرجال، وما ينكشف به أسرار المكتوب عليهم وبواطنه.
فقال: (ولما فتح الله بينه) أي بين جنابه الرفيع (وبين قلوبهم باب العناية والرحمة) كما قال: "وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه رأفة ورحمة " [الحديد: 27] ("من حيث لا يشعرون») [النحل: 26]) لا لكونه بطريق الجذب الإلهي الذي جذبه منه توازي عمل الثقلين، (جعل في قلوبهم تعظيم ما
شرعوه)، لا لكونه مما شرعوه بل لكونهم (يطلبون بذلك رضوان الله)، إذ لم يبتدعوه عن هوى أنفسهم (بل لكونه على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي).
(وقال: ) هذا الطريق أيضا حاصل بتعريفه تعالى إذ قال: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع المحسنين" [العنكبوت: 69].
ولكن التعريف في الطريقة النبوية مصرح به، وهنا غير مصرح به، لكنهما في إفادة الرضوان الإلهي، سواء إذا تأكد كل منهما بالأخر في بعض النسخ على غير الطريقة النبوية.
ومعناه يطلبون بذلك رضوان الله، وإن كان على غير الطريقة النبوية لكونها أيضا معرفة بالتعريف الإلهي موافقة لتلك الطريقة مؤكدة لها، وإذا وقع في قلوبهم تعظيم ما شرعوه لطلب رضوان الله تعالى (فما رعوها). "أي: الرهبانية المبتدعة"
وفسر الفاعل بقوله: (هؤلاء الذين شرعوها)؛ لئلا يتوهم أن المراد متأخر، وهم كما ذهب إليه البعض وفيه فك النظم.

وقال رضي الله عنه : (وشرعت لهم) إشعارا بأن هذا الدين إنما لم يشرع أولا لما فيها من المشقة على العامة، فلما تحملها بعضهم شرعت هم أيضا بعد ما شرعوها (حق رعايتها) مع ما فيها من المشقة العظيمة .
("إلا ابتغاء رضوان الله")، لم يجعل الشيخ رحمه الله هذا استثناء عن قوله: «كتبناها عليهم»؛ لأنها ما كتبت عليهم أصلا، ولا يصح نزع اللام عن الابتغاء على ذلك التقدير؛ لأنه ليس فعلا الفاعل الفعل، أعني الكتابة، بل جعله مقدما على قوله: " فما رعوها" [الحديد: 27] . 

نبأ على أن الفاء لا تمنع من تقديم المستثنى عن معمول مدخولها؛ لأنه ليس معمولا له، بل لحرف الاستثناء على ما هو مذهب البعض.
ثم قال رضي الله عنه : (ولذلك) أي: كما رعوها عملا (اعتقدوا) كمالها في إفادة الرضوان، والتقرب إلى الله، بل ربما يقع في قلوب البعض أن الشريعة العامة إنما تفيد النجاة والفوز بجنة المأكل والمشارب والمناكح وليس كذلك.
بل المفيد للقرب هو الشرع عند استنارة القلوب بما يكتسب من المعاملة والمكاشفة، فجازاهم الله على تلك الرعاية وعلى ذلك الاعتقاد.

فقال : ("فأتينا الذين آمنوا") يعني بها (منهم أجرهم) وهو الرضوان الذي طلبوه عليهما، وفيه إشارة إلى أن الأجر الكامل على الاعتقاد وحده، لكن بشرط تأكده بالعمل والرعاية، وإلى أن من آمن بطريق الصوفية نال نصيبا من الأجر.
ثم قال: ("وكثير منهم") ولما توهم أن الضمير يعود إلى المبتغين رضوان الله، ولا يتصور کوهم فاسقين، فسره بقوله: (أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة "فاسقون")، ولما لم يتصور کوهم فاسقين مع رعايتهم الشرع الظاهر فسره بقوله: (أي: خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها)، فأشبهوا من فسق بالخروج عن الأحكام الشرعية، بل قد يصرون منهم، كما ترى كثيرا من متصوفة الزمان خارجين عن الطريقتين خسروا الدنيا والآخرة "ذلك هو الخسران المبين" [الحج:11].

ثم بين ما يوجبه هذا الفسق فقال: (ومن لم ينقد إليها لم ينقد إليه مشرعه بما يرضيه)، بل يقع في خطر الهلاك الأبدي، كما قلنا في حق متصوفة الزمان.
ولذلك نهی صلى الله عليه وسلم أمته عن الرهبانية لئلا يخرجوا منها بعد الأخذ فيها. لا لكونها مذمومة في نفسها؛ فإنها محمودة.
إذ قال تعالى: "ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون . وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق" [المائدة: 82،
83]، وقد قال تعالى: "والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا" [العنكبوت: 69].
ثم أشار إلى أنه إذا لم ينقد بما يرضيه فلا بد وأن ينقاد بما لا يرضيه، أو بالتجاوز وليسا من الكمال.
فقال: (ولكن الأمر) أي: الشأن الإلهي (يقتضي الانقياد) أي: انقیاد المشرع الحق للعبد، سواء انقاد العبد لما شرعه أم لا.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد)
قال رضي الله عنه : ( فلمّا وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي ) وهو الانتهاج إلى الغاية الكماليّة ، أعني النظم الوجودي والسلوك الشهودي الذي هو وجهة الحركة الكماليّة الإنسانيّة.
( اعتبرها الله اعتبار ما شرّعه من عنده تعالى ، وما كتبها الله عليهم ) كتابة إلزام وإيجاب - لما عرفت آنفا -
قال رضي الله عنه : ( ولما فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون ) مورد ذلك الرحمة ، ولا مصدر تلك العناية فإنّهم رأوا أن المعارف والعلوم إنّما استحصلوها من الفكر والنظر ، وليس للانتساب بالكمّل من الورثة الختميّة التي للأنبياء والأولياء له دخل في ذلك وقد اقتبس هذا المعنى من قوله تعالى :" وَجَعَلْنا في قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوه ُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها " [ الحديد : 27 ] .
قال رضي الله عنه : ( جعل في قلوبهم تعظيم ما شرّعوه ، يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبويّة ) الموضوعة للعامّة ، ليكون شكرا وفاقا ، بإزاء تلك العناية الخاصّة الخفيّة عندهم مورد نزولها وفيضانها .
فإنّ ذلك عبادة زائدة - على ما ألزمهم بها - من عند أنفسهم تبرّعا ، كسنن المتصوّفة من الإسلاميّين وغيرهم من سائر الملل.
ولذلك وصف الطريقة المذكورة في أكثر النسخ بقوله : ( المعروفة بالتعريف الإلهي فقال ) مفصحا عن ذلك المعنى : ( " فَما رَعَوْها " هؤلاء الذين شرّعوها ) - بوضعهم تلك الرهبانيّة الناموسيّة - ( وشرّعت لهم ) بالتزام أحكامها - ( " حَقَّ رِعايَتِها " . " إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ الله " ولذلك اعتقدوا ) الرضوان برعاية تلك الرهبانيّة .
فتكون الاستثناء على هذا التقدير متّصلا ، ففسّر الآية على المعنى إظهارا لذلك ، فإنّ ظاهر الآية  على ما عليه العامة أنّ الاستثناء منقطع والمعنى على ذلك أيضا مشوّش ، فلذلك عدل عمّا هو الظاهر من التركيب ، وجعل الاستثناء عن قوله " فَما رَعَوْها " مع تقدّمه ، فإنّ ذلك غير بعيد على قانون ذوي الألباب ، الذين لا يلتفتون إلى الرسوم الاصطلاحيّة الجعليّة .
( " فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا " بها " مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ " ) وهو الرضوان ، ( " وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ " أي من هؤلاء الذين شرّع فيهم هذه العبادة " فاسِقُونَ ")  [ الحديد : 27 ] أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقّها .
قال رضي الله عنه : (ومن لم ينقد إليها لم ينقد إليه مشرّعه بما يرضيه لكن الأمر ) على ما عليه حقيقته في نفسه ( يقتضي الانقياد ) ، إذ لا يلزم من عدم انقياد المشرّع إليه بما يرضيه عدم انقياده إليه مطلقا ، فإنّه لا بدّ للأمر مطلقا من الانقياد .


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «وما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد) 
قال رضي الله عنه : " فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «و ما كتبها الله عليهم». ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي."
قال رضي الله عنه : (فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها)، أي في تلك النواميس (الحكم الإلهي) الذي هو الدين عند الله في الأمر .
قال رضي الله عنه : (المقصود بالوضع المشروع الإلهي) وهو تكميل النفوس علما وعملا اعتبرها الله سبحانه وتعالی (اعتبارا ما شرعه من عنده تعالى وما كتبها)، أي ما فرضها (الله عليهم ولما فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون)، أي من الوجه الخاص الذي لم يكن لهم شعور به
قال رضي الله عنه : (جعل في قلوبهم تعظیم ما شرعوه يطالبون بذلك) التعظيم و إنما شرعوه (رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة)، أي المعلومة (بالتعريف)، أي بتعليمها بالوحي (الإلهي) .
والمراد بطلبهم على غير الطريقة النبوية أنهم أتوا بأمور زائدة على الطريقة النبوية موافقة لها في الغاية ، والغاية ما فرضها الله عليهم الأمور التي التزمها الصوفية في هذه الأمة من غير إيجاب من الله سبحانه كـ تقليل الطعام بكثرة الصيام والاجتناب عن مخالطة الآثام وقلة المنام والذكر على الدوام.


قال رضي الله عنه : " فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا، «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»: أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه. لكن الأمر يقتضي الانقياد ". 
وفي بعض النسخ على الطريقة النبوية ، وهو أيض صحيح أن الطريقة المبتدعة ما كانت موافقة للطريقة النبوية في الأمر المقصود منها فكأنها هي (فقال تعالى : "فما رعوها ")، أي الرهبانية المبتدعة (هؤلاء الذين شرعوها) من مبتوعهم (و) الذين (شرعت لهم) من تابعيهم ("حق رعايتها إلا ابتغاء رضوان الله").
اعلم أن نظم الأية هكذا "....وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)" سورة الحديد.
والشيخ رضي الله عنه نظر إلى المعنى وقرره على ما قرر فإن ابتدعها إذا كان لإبتغاء رضوان الله ، ينبغي أن تكون رعايتها أيضا .
فنلتنبيه على هذا قرر المعنى على ما قرر لا أنه جعل الابتغاء استثناء منصة من قوله :" فما رعوها " حتى يلزم تفسير الآية على ما هو خلاف الفارسية قواعد العلوم العربية .
(ولذلك)، أي لإبتغاء رضوان الله بها واعتقاد أنها وسيلة إليه (اعتقدوا)، أي الرهبانية المبتدعة وأحبوها ("فأتينا الذين آمنوا" ) بها ("منهم أجرهم وكثير منهم" أي من هؤلاء الذين شرع فيهم)، أي في شأنهم (هذه العبارة فاسقون، أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها ومن لم ينقد إليها لم ينقد إليه مشرعه) و هو الحق سبحانه فإن مشرع الطريقة المبتدعة بالأصالة هو الحق سبحانه (بما يرضيه) من إعطاء الخير والثواب .
وفي بعض النسخ:


ومن لم ينقد إني مشرعه لم ينقد إليه مشرعه، وتذكير الضمير لرجوعه إلى الموصول، وإضافة المشرع فيه لملابسة أن التشريع إنما هو لأجله وإرجاعه إلى الطريقة المبتدعة بتأويل الدين (لكن الأمر)، أي الشأن (الإلهي يقتضي الانقياد)، أي انقياد مشرعه إليه وإن لم يكن بما يرضيه

.

واتساب

No comments:

Post a Comment