Monday, July 15, 2019

السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

 06 - The Wisdom Of Reality In The Word Of ISAAC 

الفقرة الثانية عشر :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا.
وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.
قال الشيخ رضي الله :  قال الشيخ رضي الله عنه : (فتتجسد)، أي تتصور (له)، أي للرائي (روح النبي عليه السلام في المنام بصورة جسده) الشريف (كما)، أي كالوصف الذي مات عليه (لا يخرم) بالخاء المعجمة، أي لا ينقص منه ذلك الوصف (شيئا فهو)، أي المتجسد بتلك الصورة (محمد) بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم نبینا ورسولنا (عليه السلام المرئي)، أي الذي رآه الرائي في منامه (من حيث روحه) الشريفة متصورة (في صورة جسدية تشبه) تلك الصورة الجسدية التي كانت في ذلك الزمان بعينها (المدفونة) في الحجرة الشريفة .
(لا يمكن الشيطان) من قرناء المؤمنين أو الكافرين أو الفاسقين (أن يتصور بصورة جسده )، لأحد من الناس في نوم أو يقظة أصلا (عصمة)، أي حفظة (من الله تعالى في حق الرائي) أن يقع عليه تلبيس الشيطان في صورة نبيه عليه السلام كما حفظ الله تعالى القرآن عن التحريف والتغيير بقوله تعالى : " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " [الحجر: 9].
لإنختام النبوة والوحي، فلا نبي يبعث ولا كتاب ينزل إلى قيام الساعة، فختم الله تعالى الأنبياء عليهم السلام بنبينا . وختم الكتب المنزلة أيضا بكتابنا العظيم .
(ولهذا من رآه)، أي النبي عليه السلام (بهذه الصورة) الجسدية المطابقة لصورته التي مات عليها صلى الله عليه وسلم كما ذكر من غير زيادة ولا نقصان.
(يأخذ) ذلك الرائی (عنه ) بطريق الوجوب في الواجب والاستنان في السنة (جميع ما يأمره به عليه السلام) من الأحكام (أو ينهاه عنه) من شرائع الإسلام ولا يكون ذلك مخالفا لشيء
مما اجتمع عليه المسلمون وعلم بالضرورة من دين الأئمة وإلا لكان الخطأ فيه عن الرائي لعدم ضبطه، لأنه عليه السلام لا يناقض شريعته (أو يخبره به) من ماض أو مستقبل (كما)، أي على طبق ما (كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا) لو كان الرائي حيا في زمنه صلى الله عليه وسلم  (من الأحكام) الشرعية ويستنبط المجتهد من ذلك (على حسب ما يكون منه) صلى الله عليه وسلم (اللفظ) من عبارته .
(الدال) ذلك اللفظ (عليه)، أي على ما يكون (من نص) وهو ما سيق الكلام له (أو ظاهر) وهو ما يفهم من العبارة (أو مجمل) وهو ما لا يحتاج إلى البيان (أو ما كان) من وجوه الكلام على ما هو في اصطلاح الأصول
(فإن أعطاه)، أي النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرائی (شيئا) في منامه (فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير)، أي التأويل.
وأما رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم فإنها لا يدخلها تعبير أصلا، فإنه هو النبي صلى الله عليه وسلم لا محالة كما ذكر إذ رآه بوصفه الذي مات عليه، وإن رآه على خلاف ما كان عليه ؟ ومات عليه، فهو من حال الرائي يدل على كمال في أمره أو نقصان، وهل المرئي هو النبي صلى الله عليه وسلم أو لا؟
قد اختلف العلماء في ذلك والصحيح أنه هو النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا يأخذ عنه الرائي لعدم ضبطه حيث لم يره على صورته التي مات عليها (فإن خرج)، أي ما أعطاه إياه النبي صلى الله عليه وسلم في منامه يعني ظهر (في الحس)، أي في اليقظة .
(كما) أي على الوصف الذي كان ذلك المرئي عليه (في الخيال) أي في النوم (فتلك الرؤيا لا تعبير)، أي لا تأویل (لها وبهذا)، أي بسبب هذا (القدر) من خروج بعض الرؤيا في الحس كما كان في الخيال (وعليه)، أي على هذا القدر من ذلك (اعتمد إبراهيم الخليل عليه السلام) فلم يعبر رؤياه وحملها على ظاهرها (وكذلك) فعل (تقي بن مخلد) رحمه الله تعالى كما ذكر .

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان) أي التعبير وعدم التعبير وعلمنا الله نيما نعل بإبراهيم عليه السلام) بالوحي بنبينا عليه السلام (و) علمنا (ما قال له) من قوله : "أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا " وما عبرت (الأدب) أي علمنا الأدب (لما يعطيه) أي الأدب (مقام النبوة) فالأدب في مقام النبوة الطلب علم كل شيء من الله بلا حكم بالرأي فغفل إبراهيم عليه السلام من هذا الأدب بسبب اعتماده على هذا الوجه وأدبه الله تعالی بقوله : "قد صدقت الرؤيا" الصافات: 105.
فأخبر لنا عن أحواله تعليما لنا الأدب مع الله (علمنا) جواب لما (في رؤيتنا الحق تعالى في صورة) مثالية (يردها الدليل العقلي) أي استحال العقل (أن تعبر تلك الصورة) التي بردها الدليل العقلي (بالحق المشروع).
وهو ما يثبت بالشرع أن الحق يظهر بصورة اعتقادات المعتقدين على حسب اعتقاداتهم كما في حديث التحول أن الحق يتجلى يوم القيامة بصورة فينكرونه ثم يتجلى بصورته فيقبلونه.
فى حديث طويل "عن أبي سعيد الخدري، قال: قلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال: «هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صحوا؟»، قلنا: لا، قال: «فإنكم لا تضارون في رؤية ربكم يومئذ، إلا كما تضارون في رؤيتهما» ثم قال: " ينادي مناد: ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبدون، فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم، وأصحاب الأوثان مع أوثانهم، وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم، حتى يبقى من كان يعبد الله، من بر أو فاجر، وغبرات من أهل الكتاب، ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سراب، فيقال لليهود: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير ابن الله، فيقال: كذبتم ، لم يكن لله صاحبة ولا ولد، فما تريدون؟ قالوا: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا، فيتساقطون في جهنم، ثم يقال للنصارى: ما كنتم تعبدون؟ 
فيقولون: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال: كذبتم، لم يكن لله صاحبة، ولا ولد، فما تريدون؟ فيقولون: نريد أن تسقينا، فيقال: اشربوا فيتساقطون في جهنم، حتى يبقى من كان يعبد الله من بر أو فاجر، فيقال لهم: ما يحبسكم وقد ذهب الناس؟ فيقولون: فارقناهم، ونحن أحوج منا إليه اليوم، وإنا سمعنا مناديا ينادي: ليلحق كل قوم بما كانوا يعبدون، وإنما ننتظر ربنا، قال: فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته التي رأوه فيها أول مرة، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن، ويبقى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد، فيعود ظهره طبقا واحدا…" رواه البخاري ومسلم و أحمد و الدارقطني والحاكم وابو عوانة وغيرهم
فالحق المشروع هو الذي أثبت عليه الشرع الأحكام المختلفة بحسب ما يناسب حال الرائي وهو اعتبار الحق مع الأسماء والصفات .
وفي الحقيقة ما ظهر بهذه الصور إلا الأسماء والصفات وذات الحق منزه عن هذه الظهورات وأما الحق الحق الذي ثبت بالدليل العقلي وهو الحق من حيث استغنائه عن العالمين .
فمنح عند العقل أن يثبت له شيء إلا الصفات الكمالية فالتعبير بالحق المشروع (ما) واقع (في حق حال الرائي أو) واقع في حق (المكان الذي رآه) أي رأى الحق الرائي (فيه) أي في ذلك المكان إذ الأمكنة مختلفة بالشرف فللمكان مدخل في الرؤية بالشرف والخساسة .
(او هما) أي واقع في حقها (معا) يعني إذا رأينا الحق في المنام بتلك الصورة تعبر بالشرع، فنقول إن الحق يظهر لنا بصور أحوالنا فتلك الصورة لنا لا له إبقاء بحكم الدليلين العقلي والشرعي.
فتلك الرؤيا بتلك الصورة في الحق يدخل فيها التعبير وكذلك المكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "رأيت ربي في أحسن صورة شاب" يردها الدليل العقلي فصورة الشبابية في حق الرسول عليه السلام ظهور الحق له بهذه الصورة وهي عبارة عن ربوبية بأئنه كاملة وهي الربوبية الجامعة الأسمائية.
(فإن لم يردها الدليل العقلي) أي وإن رأينا الحق بصورة لم يردها الدليل بل كان ظاهرة بالصفة الكمالية كالربوبية و القادرية وغير ذلك من الصفات التي لم يردها الدليل العقلي لم نعبر تلك الرؤيا (أبقيناها على ما رأيناها) إبقاء الحكم الدليلين لاجتماعهما في ظهور الحق بالصفات الكمالية .
شبه رؤية الحق بالصفة التي لم يردها الدليل العقلي في الظهور بحيث لا يخفى على أحد أنه الحق فلا يحتاج إلى التعبير لإيضاحه غاية الإيضاح .
والاحتياج إلى التعبير ينشأ من نوع خفاء في الظهور رؤية الحق في الآخرة بقوله : (كما يرى الحق في الآخرة سواء) بحيث لا يخفى على أحد حتى يحتاج إلى التعبير لظهوره فيها على وجه الكمال.
ولما بين أن الحق ظهورات بجميع الصور بالتعبير أو عدمه أورد نتيجة ذلك بالأبيات تسهيلا للطالبين بقوله : (شعر:
فللواحد الرحمن ….    صفة للواحد حاصل.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
فلذلك قال في البيت الثاني: فإن قلت: هذا الحق قد تك صادقا، أي قد تصدق.
وأما إن قلت: أمرا آخر فهو من باب تعبير الرؤيا وهو قوله: أنت عابر.
ثم قال: وما حكمه في موطن دون موطن، بل حكمه واحد في المواطن كلها وذلك الحكم الواحد هو أنه يظهر بصور مخلوقاته، ومن مخلوقاته الخيال فهو يظهر فيه بما يقتضيه .
وكذلك الحس في الآخرة وغيرها وكذلك بقية العوالم الروحانية والمعنوية، وتلك الظهورات كلها بالحق تظهر للخلق فإذا ظهر العالم الحس أنكرته العقول، فإن ظهر للعقول بمقتضاها أقرت له و به وكذلك في الخيال.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
واضح

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله عنه : "ولمّا كان للرؤيا هذان الوجهان ، وعلَّمنا الله فيما فعل بإبراهيم وما قال له الأدب لما يعطيه مقام النبوّة ، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردّها الدليل العقلي أن نعبّر تلك الصورة بالحق المشروع ، إمّا في حق الرائي ، أو المكان الذي رآه فيه ، أو هما معا ، فإن لم يردّها الدليل العقلي ، أبقيناها على ما رأيناها ، كما نرى الحقّ في الآخرة سواء " .
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق إذا تجلَّى لشخص في صورة يردّها الدليل العقلي ، أوّلناه بالحق المشروع ، كما رأى بعض المسلمين الصالحين في بلاد الغرب الحق في دهليز بيت له ، فلم يلتفت إليه ولطمه في وجهه ، فلمّا استيقظ قلق قلقا شديدا .
فجاء الشيخ رضي الله عنه وأخبره بما رأى وفعل ، فلمّا رأى الشيخ على ذلك الرائي من القلق أمرا عظيما ، فقال له الشيخ : أين رأيته ؟
قال : في بيت لي اشتريته ،
قال الشيخ :ذلك الموضع مغصوب وهو حق للحق المشروع ، اشتريته ولم تجعل مالك منه ولم تف حقّ الشرع ، فاستدركه .
ففحص الرجل عن ذلك ، فإذا هو من وقف المسجد وقد بيع بغصب والرجل لم يعلمه ولم يلتفت إلى أمره ، فلمّا تحقّق ، ردّه إلى وقف المسجد ، واستغفر الله .
فمثل هذا إذا رئي ، دخله التأويل والتفصيل ، وإذا تجلَّى الحق في صورة لا يردّها الدليل العقلي ، فقد تجلَّى لنا ورأيناه بحمد الله ، كما نراه في الآخرة كالبدر وكما يتجلَّى لأهل المحشر في صورة تنكر ويتعوّذ منه ويعرف ويسجد له سواء بلا فرق في الحكم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
( ولما كان للرؤيا هذان الوجهان ) أي الإبقاء على حاله والتعبير ( وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم وما قال له الأدب ) أي علمناه الأدب ، فيما فعل بإبراهيم من إراءته الكبش في صورة ابنه وتفديته به ، وفيما قال له في قوله : "قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ ".
""إضفة بالي زادة :  اعلم أن علم التعبير علم يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة الظاهرة في حضرة الخيال بآرائه ، وهي معرفة المناسبات التي بين الصور ومعانيها ، ومعرفة مراتب النفوس التي تظهر تلك الصور في خيالاتهم ، ومعرفة الأزمنة والأمكنة وغيرها مما له مدخل في التعبير ، فإنه قد يختلف حكم الصورة الواحدة بالنسبة إلى أشخاص مختلفة المراتب .
بل بالنسبة إلى شخص واحد في زمانين أو مكانين ، وبكمال هذه المعرفة ونقصانها تتفاوت حال المعبرين في الإصابة والخطأ في التعبير ( فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي ) فإن قلت : لا يلزم من عدم تمكن الشيطان من التمثل بصورته أن تكون صورته المثالية عينه عليه الصلاة والسلام لا غيره ، لجواز أن يتمثل بصورته ملك أو روح لإنسان أو معنى من المعافى كشرعه وسنته ، وغير ذلك مما له نسبة إليه في معنى الهداية وغيرها .
قلت : يمكن أن تكون سنة الله تعالى جارية بأن لا يتمثل بصورته وجبلته شيء أصلا تعظيما لشأنه ، ويكون تخصيص الشيطان بالذكر للاهتمام بنفي تمكنه من التمثل بصورته لما لا يخفى وجهه اهـ جامى . ""
( لما يعطيه مقام النبوة ) من الابتلاء وتعليم التعبير والتنبيه على تصديقه الرؤيا ، وأن ذلك جزاء إحسانه فإن المحسنين محبوبون لقوله تعالى: " إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ "  والمحبوب معصوم ومعنى به فلذلك علمه وأدبه ، وقوله ( علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه ، أو هما معا ) جواب لما ، وحق العبارة أن يقول أو في حقهما معا ، فعدل إلى الضمير المرفوع على تأويل هذه الجملة أو المعبر بالحق المشروع هما معا .
""إضفة بالي زادة :  ( لما يعطيه ) الأدب ( مقام النبوة ) فالأدب في مقام النبوة طلب علم كل شيء من الله بلا حكم رأى اه ( بالحق المشروع ) وهو ما ثبت بالشرع أن الحق يتجلى بصور الاعتقادات ، وهو الذي أثبت له الشرع الأحكام المختلفة بحسب ما يناسب حال الرائي ، وهو اعتبار الحق مع الأسماء والصفات ، وفي الحقيقة ما ظهرت بهذه الصور إلا الأسماء والصفات ، وذات الحق منزهة عن هذه الظهورات ، وأما الحق الذي ثبت بالدليل العقلي وهو الحق من حيث غناؤه عن العالمين فحال عند العقل أن يثبت له غير الصفات الكمالية ، فالتعبير بالحق المشروع ( إما ) واقع ( في حال الرائي أو في ) حق ( المكان ) إذ الأمكنة مختلفة بالشرف ، فللمكان مدخل في الرؤية بالشرف والخساسة أو هما أي أو واقع في حقهما معا ، يعنى إذا رأينا الحق في المنام بتلك الصورة نعبر بالشرع ونقول إن الحق يظهر لنا بصور أحوالنا فتلك الصورة لنا لا له إبقاء لحكم الدليلين العقلي والشرعي . ""
والمعنى : أنا إذا رأينا الحق في صورة يمنع الدليل حملها على الظاهر ، عبرناها بالحق المشروع في العرف الشرعي ، لما روى : أن بعض الصالحين في بلاد الغرب
رأى الحق تعالى في المنام في دهليز بيته فلم يلتفت إليه فلطمه في وجهه ، فلما استيقظ قلق قلقا شديدا .
فأخبر الشيخ قدس سره بما رأى وفعل ، فلما رأى الشيخ ما به من القلق العظيم ، قال له : أين رأيته ؟
قال : في بيت لي اشتريته ،
قال الشيخ : ذلك الموضع مغصوب ، وهو حق للحق المشروع اشتريته ولم تراع حاله ولم تف لحق الشرع فيه فاستدركه .
ففحص الرجل عن ذلك فإذا هو من وقف المسجد وقد بيع بغصب ، ولم يعلم الرجل ولم يلتفت إلى أمره ، فلما تحقق رده إلى وقف المسجد واستغفر الله .
فمثل هذا إذا رؤي وجب تأويله ، ولعل الشيخ علمه من شدة قلقه أنه ليس بحال الرائي.
فسأل عن المكان الذي رأى فيه (وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها ، كما يرى الحق في الآخرة سواء ) كما يرى في صورة نورية عقلية أو خيالية كالبدر والشمس ، أو كما يتجلى لأهل المحشر في صورة يعرف ويسجد له ، أو في صورة تنكر ويتعوذ منه سواء بلا فرق في الحكم .
""إضفة بالي زادة :  فتلك الرؤيا بتلك الصورة في الحق يدخل فيها التعبير وكذلك المكان كما قال عليه الصلاة والسلام « رأيت ربى في أحسن صورة شاب » يرده الدليل العقلي ، فصورة الشبابة في حق الرسول ظهور الحق له بهذه الصورة ، عبارة عن ربوبية تامة كاملة ( فإن لم يردها الدليل العقلي ) بأن كان ظاهرا بالصفة الكمالية ( أبقيناها ) إبقاء لحكم الدليلين لاجتماعهما في ظهور الحق بالصفات الكمالية ، كما ترى الحق في الآخرة . ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان) التعبير وعدمه.
(وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم) من الابتلاء والفداء.
(وما قال له) من قوله: (أن يا إبراهيم، قد صدقت الرؤيا).
أي، صدقت ما رأيت وما عبرت إلى ما نحن أردناه منها.
(الأدب لما يعطيه مقام النبوة) أي، علمنا الله الأدب فيما فعل بإبراهيم لما يقتضيه مقام النبوة من التأدب بين يدي الله تعالى.
قوله: (علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع، إما في حق حال الرائي، أو المكان الذي رآه فيه، أوهما معا).
جواب (لما). وقوله: (أو هما معا).
أي، نعبرها بالحق المشروع في حق الرائي والمكان الذي رآه فيه معا.
ومعناه: أن الحق إذا تجلى لنا في صورة مثالية أو حسية، يردها الدليل العقلي - أي العقل المعتبر شرعا، لا العقل الفلسفي المشوب بالوهم - وإلا كان الواجب رد كل ما جاء به الشرع مما يوجب التشبيه،سواء كان ذلك كمالا أو نقصا، إلى ما يقتضيه العقل النظري. وليس كذلك.
وجب أن نعبر ونرد تلك الصورة التي يوجب النقصان إلى الصورة الكمالية التي جاء بها الشرع.
وهو المراد بـ (الحق المشروع). أي، الثابت في الشرع.
كما جاء في الحديث: (أن الحق يتجلى يوم القيامة بصورة النقصان، فينكرونه، ثم يتحول  و يتجلى بصورة الكمال والعظمة، فيقبلونه فيسجدونه).
وذلك التعبير والتنزيل إما أن يكون في حق حال الرائي، أي مرتبته ومقامه، أو في حق حال المرئي ورتبته، أو في حقهما معا باعتبار مراعاة مرتبتهما ومقاميهما، أو في حق حال الزمان والمكان الذي رأى الرائي الحق فيه، لأن بعض الأزمنة أفضل من غيره،
كيوم الجمعة وليلة القدر، وكذلك بعض الأمكنة أشرف من البعض، كالأماكن المتبركة والأراضي المقدسة، أو في حق الجميع، كتعبير رؤيا رأيت فيحق شخص.
فالرائي إذا كان سالكا، ينزلها تارة على مقامه ويعبرها بحسب أحواله، وأخرى ينزلها في حق المرئي وأحواله، وقد يجمع بين ما يتعلق بنفسه ونفس المرئي.
(فإن لم يردها الدليل العقلي) بأن كان التجلي في الصورة النورية كصورة الشمس، أو غيرها من صور الأنوار كالنور الأبيض والأخضر وغير ذلك.
(أبقيناها على ما رأيناها، كما نرى الحق الآخرة سواء). أي، كما يتجلى الحق لنا في الآخرة. فإن ذلك التجلي أيضا يكون على صور استعدادات المتجلى له، غير ذلك لا يكون.
واعلم، أن الرد والإنكار إنما يقع في التجليات الإلهية.
لأن الحق تارة يتجلى بالصفات السلبية، فتقبله العقول، لأنها منزهة مسبحة للحق عما فيه شائبة التشبيه والنقصان، وينكره كل من هو غير مجرد، كالوهم والنفس المنطبعة وقواها، لأن من شأنهم إدراك الحق في مقام التشبيه والصور الحسية.
وتارة يتجلى بالصفات الثبوتية، فتقبله القلوب والنفوس المجردة، لأنها مشبهة من حيث تعلقها بالأجسام ومنزهة باعتبار تجردها، وتنكره العقول المجردة لعدم إعطاءشأنها إياها، بل ينكر تلك الصفات أيضا بالأصالة.
وفي هذا التجلي قد يتجلى بصور كمالية، كالسمع والبصر والإدراك وغيرها، وقد يتجلى بصور ناقصة منصور الأكوان، كالمرض والاحتياج والفقر، كما أخبر الحق عن نفسه بقوله: (مرضت، فلم تعدني، واستطعمت، فلم تطعمني).
وقوله: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه). وأمثال ذلك.
فيقبله العارفون مظاهر الحق، وينكره المؤمنون المحجوبون لاعتقادهم بأن الحق ما يتنزل عن مقامه الكمالي.
فقبل كل منهم ما يليق بحاله ويناسبه من التجليات الإلهية، وأنكره ما لم يكن تعطيه شأنه. والإنسان الكامل هو الذي يقبل الحق في جميع تجلياته ويعبده فيها.
ولما كانت العقول الضعيفة عاجزة من إدراك التجليات الإلهية في كل موطن ومقام والنفوس الأبية طاغية غير معظمة لشعائر الله، أوجب إسناد الصور الكمالية إليه، ورد ما يوجب النقصان عنه، مع أنه هو المتجلي في كل شيء والمتخلي عن كل شيء.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء. )
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
(للرؤيا هذان الوجهان) المطابقة التامة لما في الحس تارة، والمغايرة مع اعتبار مناسبة جلية لو خفية أخرى، (وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم) من الفداء؛ لأنه لما وقع في ذهنه الأدب إذ لم يكذب ظنه بالكلية.
(وما قال له) أي: وعلمنا فيما قال له: قد صدقت الرؤيا ، ولم يقل: لبس عليك خيالك فرأيت الكبش في صورة ابنك.
(الأدب) إذ تأدب مع جلالة قدره معه (لما يعطيه)أي: يقتضيه (مقام النبوة) من رعاية الأدب فنحن أولى برعايته مع الحق إذا رأيناه على خلاف ما يقتضيه الدليل العقلي؛ لما يقتضيه غاية جلالة قدره لمكان ربوبيته مع غاية دناءة   قدرنا فلا نردها بالكلية، فحينئذ (علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي) لعدم كونه منزها ينزهه الدليل العقلي.
إنه يجب علينا (أن نعبر تلك الصورة) المرئية باسم الحق في المنام (بالحق المشروع) لاشتراكهما في الاسم، وكثيرا ما يعبر عن أحد المتشاركين في الاسم إلى الأخر.
وهذا الحق المشروع (إما في حق حال الرائي) يكون عليه لغيره، أو يكون له على غيره (أو المكان الذي رآه) أي: الحق (فيه) على الصورة المنكرة بأن يكون مغصوبا أو موقوفا، (أو هما معا) أي: في حق الرائي والمكان مقا بأن يكون متلفا لمنافع ذلك المكان على مستحقه.
(وإن لم يردها) أي: الصورة المرئية باسم الحق ( الدليل العقلي) لكونها على التنزيه التام (أبقيناها على ما رأيناها) فلانا، ولها بالحق المشروع إذ لم يلبس الخيال في ذلك علينا شيئا.
ثم قال: وهذا الاختلاف في رؤية الحق في المنام، (كما نرى الحق في الآخرة سواء) فإنه قد يرى في الآخرة على التنزيه التام تارة، وعلى الصور المنكرة أخرى، كما ورد في الحديث.
وفي قوله: "سواء" إشارة إلى أن عالم الأخرة، وإن كان محسوسا، وعالم المنام، وإن كان خياليا، فهما في الاختلاف المذكور لصور الأشياء سواء.

ولذلك يختلف صور الإنسان هناك فيحشر بعضهم على صور القردة، وبعضهم على صور الخنازير.


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
تعبير رؤيا الحق تعالى في المنام
( ولمّا كان للرؤيا هذان الوجهان ، وعلَّمنا الله - فيما فعله بإبراهيم وما قال له الأدب - لما يعطيه مقام النبوّة ) .
على جلالة قدرها من الابتلاء والاختبار في الرؤيا أهلها ، وعدم تقريرهم الصورة المرئيّة بحالها ( علمنا في رؤيتنا الحقّ تعالى ) جواب لمّا ( في صورة يردّها الدليل العقلي ) لا الأدلَّة مطلقا.
لأنّ العقل موطن التمييز بين الحق والباطل ، ومحلّ تسطير تصوّر الأشياء بما هي عليه - فإذا كانت الصورة التي رئي الحقّ عليها مما يردّها العقل لا بدّ و ( أن يعبّر تلك الصورة بالحقّ المشروع ) فإنّ « الشرع » هو العرش الذي استقرّ عليه الحقّ بصورته العينيّة وشاكلته المرضيّة ، فما لم يكن عليه لا ينسب إليه تعالى كما في الأسماء ، فإنّها ما لم يطلق الشرع عليه ما لنا أن ننسب إليه .
وتلك الصورة التي ردّها العقل ويجعلها مفتقرة إلى التعبير ( إمّا في حقّ حال الرائي ) بحسب مناسبته لتلك الصورة المردودة عقلا ( أو المكان الذي رآه فيه ) - كما روي أنّ بعض الصالحين في بلاد الغرب رأى الحقّ تعالى في المنام في دهليز بيته ، فلم يلتفت إليه ، فلطمه في وجهه فلمّا استيقظ قلق قلقا شديدا فأخبر الشيخ رحمه الله  بما رأى وفعل ، فلمّا رأى الشيخ ما به من القلق العظيم .
قال له : « أين رأيته » ؟
قال : « في بيت لي قد اشتريته » .
قال الشيخ : « ذلك الموضع مغصوب ، وهو حقّ للحقّ المشروع ، اشتريته ولم تراع حاله ، ولم تف بحقّ الشرع فيه فاستدركه » فتفحّص الرجل عن ذلك .
فإذا هو من وقف المسجد وقد بيع بغصب ولم يعلم الرجل ولم يلتفت إلى أمره .
ولعلّ الشيخ من صلاح الرائي وشدّة قلقه علم أنّه ليس من قبل الرائي .(أو هما معا ).
( وإن لم يردّها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما ترى الحقّ في الآخرة سواء) فإنّه كثيرا ما يتجلَّى فيها بصور ينكرها أرباب العقول وذوو العقائد على ما ورد في الحديث.
فلئن قيل : « إنّ الصورة المرئيّة من الخاتم لا تحتاج إلى التعبير ، لأنّ الشيطان لا يتمثّل به فكيف تكون الصور المرئيّة من الحق تعالى مفتقرة إليه والشيطان يتمثّل به » ؟ !
قلنا : إنّ الخاتم للنبوّة هو الغاية في إظهار الصورة المبعوث لتمام أمرها ، فلا يمكن أن يتطرّق إليه من الخفاء شيء أصلا ، ولا يقدر الشيطان الذي هو قهرمان أمر الإخفاء والإلباس أن يحوم حول حماه الأحمى قطعا وإلَّا لا يكون خاتما للنبوّة .
وأمّا الحقّ ، فكما أنّ له صورة الظهور ، فله صورة الخفاء أيضا ، والكلّ منه ، وإليه ، وإلى هذه النكتة المستشعرة منه أشار بقوله نظما :

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ولما كان للرؤيا هذان الوجهان. وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل)
(ولما كان للرؤيا هذان الوجهان)، أي التعبير و عدمه (وعلمنا الله فيما فعل بإبراهيم) من إرائته الكبش بصورة إبنه و عدم اطلاعه على المراد منها أو وإعطائه الفدية وتمكنه من ذبحها ليعلم المراد اخرا (وما قال له) من قوله : "يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا " لا صدقت فيه (الأدب) يعني دب موطن الرؤيا وهو عدم القطع بظاهرها وتعبيرها بالمراد منه إذا دل دليل على عدم إرادة ظاهرها.
وكله الأمر فيها إلى الحق ليظهر على الرائي أن المراد بها إما ظاهرها بلا تعير أو أمر آخر يعبر به .
وإنما وقع تعليم ذلك الأدب (لما يعطيه مقام النبوة)، أي لأن يقام النبوة مع جلالة
قدرها ورفعة شأنها يعطى ذلك الأدب ويستدعيه فكيف مقام المتابعة التي دونها.
وقوله : (علمنا في رؤيتنا الحق تعالی) جواب لما أي لما كانت الرؤيا تحتمل وجهين التعبير وعدمه وعند ظهور الدليل على عدم إرادة ظاهرها تعین التعبير علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في موطن الرؤيا.
(في صورة بردها الدليل العقلي أن تعبير تلك الصورة بالحق المشروع) أي بالحكم الحق الثابت الذي شرعه الحق سبحانه .
قال الشيخ رضي الله عنه : (العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا. وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.)
(أما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو) ما يعبر في حته صورة الحق بالحق المشروع (هما) أي الرائي والمكان (معا) أو غير ذلك الزمان مثلا.
وكان الظاهر في العبارة أن يقال : أو في حقهما معا، وكأنه عدى إلى الضمير المرفوع بتأويل
الجملة كما ذكرنا.
وذلك كما يروى أن بعض الصالحين رأى الحق في المنام في دهليز بيته فلطمه في وجهه، فعبر بأنك أخللت بالحكم الشرعي في أخذ دهليز بيتك .
ففحص عن ذلك فإذا هو وقف مسجد بيع بغصب (وإن لم يردها)، أي رؤية الحق (الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما ترى الحق في الآخرة) بتحوله في الصور . يشير إلى الحديث الذى رواه البخارى ومسلم
"" أن أبا هريرة، أخبرهما: أن الناس قالوا: يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة؟
قال: «هل تمارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب»
قالوا: لا يا رسول الله.
قال: «فهل تمارون في الشمس ليس دونها سحاب» .
قالوا: لا.
قال: " فإنكم ترونه كذلك، يحشر الناس يوم القيامة.
فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبع، فمنهم من يتبع الشمس، ومنهم من يتبع القمر، ومنهم من يتبع الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها.
فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم، فيقولون هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه.
فيأتيهم الله فيقول: أنا ربكم.
فيقولون: أنت ربنا، فيدعوهم فيضرب الصراط بين ظهراني جهنم.
فأكون أول من يجوز من الرسل بأمته، ولا يتكلم يومئذ أحد إلا الرسل.
وكلام الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم ،.... الحديث "" رواه البخاري ومسلم وغيرهم

(سواء ) من غير فرق.
.
 الموضوع  التـــــــالي    ....    الموضوع  الســـابق 


الفقرة الثانية عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله

واتساب

No comments:

Post a Comment