Monday, July 15, 2019

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السابع فص حكمة علية في كلمة إسماعيلية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

07 - The Wisdom Of Sublimity In The Word Of ISHMAEL

الفقرة الثاني عشر :

جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : " الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده. بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح. "
(الثناء)، أي المدح إنما يكون (بصدق)، أي إنجاز (الوعد) وهو مخصوص بالثواب والخير يقال: وعده وعدة جازاه بالخير (لا) الثناء والمدح (بصدق)، أي إنجاز (الوعيد) وهو مخصوص بالعقاب والشر يقال و عده وعیدا جازاه بالشر.
قال الشاعر من الحماسة:
وإني وإن أوعدته أو وعدته  ….. لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
فقد مدح نفسه وأثنى عليها بأنه إن توعد أحدة بوعيد في الشر أخلفه ولم يوفي به، وإن وعد أحدا بوعد في الخير أنجزه و وفی به. وهذا من أخلاق الكرام وصفات الأكابر العظام.
(والحضرة الإلهية) حضرة الحق تعالی (تطلب) من العباد أو بحسب رتبتها وهو الكمال المطلق الذاتي (الثناء)، أي المدح (المحمود)، أي الثناء الجميل بما هو أهل له (بالذات) متعلق بتطلب ، أي طلبها ذلك طلبة ذاتية، لأنه مقتضی الألوهية والربوبية بالنظر إلى المألوه والمربوب (فیثنی) بالبناء للمفعول.
أي يثنی المثنى من الخلق (عليها)، أي على الحضرة الإلهية (بصدق الوعد)، أي إنجازه والوفاء لأهله (لا) يثني عليها (بصدق الوعيد) في الشر وإنجازه لأهله ولا يلزم من ذلك وقوع الكذب في خبر الله تعالى .
وقد قال الله تعالى : "ومن أصدق من الله قيلا" [النساء: 122]، لأن الصدق والكذب من صفات الخبر.
والوعد والوعيد من قبيل الإنشاءات، لأن المراد بهما الإيقاع في المستقبل لا الإخبار بالوقوع فيه، وإن ورد في النصوص بصيغة الخبر فبقي الوعد والوعيد على احتمال الوقوع وعدمه وصاحبه مخير في ذلك على السواء، لكن لما كان إنجاز الوعد في الخير ثناء محمودة امتنع عدمه لاقتضاء الحضرة الإلهية للثناء المحمود، وكان إنجاز الوعيد في الشر ليس ثناء محمودة فلم يمتنع عدمه وأمكن جوازه، ولئن كان إخبارة عن الإيقاع في المستقبل، فلا يقبح من الله تعالى شيء أصلا كما لا يقبح الإضلال فإنه تعالى يضل من يشاء خصوصا، وعدم الصدق في الوعيد خير وكرم كما مر.
(بل) يثني عليها، أي على الحضرة الإلهية (بالتجاوز) والعفو والصفح عن الذنوب. قال تعالى في صدق الوعد ("فلا تحسبن") یا محمد صلى الله عليه وسلم ("الله") تعالى الذي وعد رسله بالنصر على الأعداء ("مخلف" )، أي غير منجز (" وعده") في الخير والجزاء الحسن ("رسله") [إبراهيم: 47] الذين أرسلهم الله إلى الخلق (ولم يقل) سبحانه وتعالى بعد قوله وعده (و وعیده)، فلا نص في عدم خلف الوعيد وإنما النص في عدم خلف الوعد (بل قال تعالى) في خلف الوعيد وفي التجاوز والعفو (ونتجاوز)، أي نصفح (عن سيئاتهم)، أي ذنوبهم فضلا و?رما (مع أنه) تعالی (توعد)، أي جاء الوعيد بالشر منه سبحانه (على ذلك)، أي فعل السيئات، فهذا النص في خلف الوعيد.
(فأثنى) سبحانه وتعالى (على إسماعيل) عليه السلام، أي مدحه تعالی با (" إنه كان صادق")، أي صادقا في (الوعد) كما قال تعالى عنه عليه السلام : " إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا " [مريم: 54] وهو ثناء منه تعالی على مخلوق من مخلوقاته، وهو تعالی أحق بهذا الثناء من كل مخلوق، وهو أولى بالتجاوز والكرم.
ولا شك أن الذي أثنى عليه تعالى بأنه صادق الوعد عبد مم?ن حادث قائم برب واجب قدیم (وقد زال)، أي فني واضمحل (الإمكان) وهو الصورة العبدية المسماة من حيث الظاهر بذلك الاسم (في حق)، أي شأن (الحق سبحانه) وتعالى الذي كان قائمة على تلك النفس بما كسبت (لما)، أي لأجل ما (فيه)، أي في الإمكان (من طلب المرجح)، أي الفاعل والعلة، وذلك أمر زائد في الوجود وحينئذ.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
ولما بين أسرار الرضا شرع في بيان أسرار الثناء فإن كلا منهما مودع في كلمة إسماعيل عليه السلام بقوله: (الثناء) ی?ون (بصدق الوعد لا بصدق الوعيد) بخلاف الرضا فإنه يكون بصدق والوعيد كما أثبت (والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات) من كان عبدا سعيدا كان أو شقيا فلا بد وقوع مطلوب الحق من كل عبد.
فلا بد صدق الوعيد والتجاوز من الحق في حق كل عبد على حسب ما يليق بذواتهم حتى يحصل له الثناء المحمود من كل عبد حسب مراتبهم.
(فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد) أي لما طلب الذات الإلهية بذاته الثناء المحمود لا يثني عليها إلا بصدق، وعده بالتجاوز عن سيئاتهم وأداء الثناء المحمود لا يكون إلا بصدق الوعد لا بصدق الوعيد.
(بل) يثني عليها (بالتجاوز) عن وعيده بالعفو .
يدل على ذلك قوله تعالى: ("فلا تحسبن الله" مخلف وعده رسله ولم يقل ووعيده) لعدم الثناء المحمود بصدق الوعيد (بل قال "ونتجاوز عن سيئاتهم" مع أنه) أي الحق (توعد على ذلك) أي على الشيء .
فدلت هذه الآية على أن الله تعالى يطلب بذاته عن عباده الثناء المحمود وإن هذا الثناء لا يحصل إلا بصدق وعده عباده و بالتجاوز عن سيئاتهم .
فعم التجاوز الخالدين في النار أبدأ بحصول النعيم الممتزج بالعذاب لهم فيثنون بذلك على الله تعالی فعم الثناء المطلوب.
فإذا كان الثناء في حق الحق بصدق الوعد (فأثني على إسماعيل عليه السلام بأنه كان صادق الوعد) فالثناء المحمود سواء كان من العبد على الحق أو من الحق على العبد لا يكون إلا بصدق الوعد .
(وقد زال الإمكان) أي وقد زال بدلالة النص إمكان وقوع الوعيد على الأبد (في حق الحق لما فيه) أي وقوع الإمكان (من طلب مرجح) والطلب المرجح لوقوع الوعيد هو الذنب وذلك يرتفع بوعده تعالى تعالى بقوله: "ونتجاوز عن سيئاتهم" [الأحقاف: 16] فإن وعده واجب الوقوع في كل عبد فزال ونوع الوعيد وقت ونوع التجاوز وليس التجاوز في حق الكفار التخليص عن ألم النار ، بل المراد بالتجاوز حصول الرحمة الممتزجة بألم النار .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال الشيخ : " الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده. بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح."
اختلفت الأسماء و تمایزت الصفات وكذلك تمایزت العبوديات.
قال: والذات واحدة والأسماء مختلفة والأبيات الباقية ظاهرة المعنى مما سبق۔
قوله: الثناء بصدق الوعد إلى قوله: طلب المرجح.
يعني أن اسماعیل صادق الوعد فأثنى الحق عليه بذلك فالحق أولى، والحضرة تطلب الثناء وهو بصدق الوعد لا يصدق الوعيد وهذا القدر مرجح لحصول الموعود به لا حصول المتوعد به، والأبيات تشرح ذلك وحاصلها أن أهل النار يتنعمون فيها، واشتقاق العذاب من العذوبة واللب الطيب لا يضر أن يكون له قشر غير طيب.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال سلام الله عليه: (" الثناء بصدق الوعد، لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات ").
يعني رضي الله عنه :  لمّا كان الثناء هو تعريف المثنى عليه بما هو عليه من النعوت ، فيصدق أن يكون التعريف بالمذموم أو بالمحمود ، ولكنّ الإلهية من كونها أحدية جمع جميع الكمالات لها مرتبة تطلب الكمال بالذات ، فتطلب الثناء بالمحمود في الوعد ، إذ لا يحمد موعد أو متوعّد على وعيده أو إيعاده .
قال رضي الله عنه: (" فيثنى على الحضرة الإلهية " بصدق الوعد لا بصدق الوعيد ، بل بالتجاوز " فَلا تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِه ِ رُسُلَه ُ " ، لم يقل : ووعيده ، بل
قال:  " وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ " مع أنّه توعّد على ذلك ، فأثنى على إسماعيل بأنّه كان صادق الوعد ، وقد زال الإمكان في حق الحق " ).
يعني سلام الله عليه: زال إمكان تحقيق وعيد بتحقّق تحقيق وعده .
قال رضي الله عنه: ( " لما فيه من طلب المرجّح " ) .
لأنّ إسماعيل إذا أثنى الحق عليه بصدق الوعد ومن جملة ما وعد الحق هو التجاوز وعدم تنفيذ الوعيد " وَما نُرْسِلُ بِالآياتِ " آيات الوعيد " إِلَّا تَخْوِيفاً " ، ولعلَّهم يتّقون ، فما المرجّح إذن لإيقاع الوعيد وإيجاد عين الإيعاد مع سلامة المعارض النافي لذلك وأن لا يثنى على الحق بصدق وعده مع صدق الثناء على إسماعيل الذي هو من جملة صدق وعد الحق ، بل الثناء على الله ولله في الوجهين لمن فهم ، والله الملهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : " الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد ، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات" لما كان الكمال المطلق للحضرة الإلهية الموصوفة بالجلال والعظمة والجمال والألوهية ذاتيا ، والثناء إنما يكون بذكر تلك النعوت فهي طالبة للثناء والحمد بالذات ، وللثناء لا يتوجه بصدق الوعيد أصلا بل بصدق الوعد ، لزم أن يكون صادق الوعد ( فيثنى عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد بل بالتجاوز – " فَلا تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِه رُسُلَه " .
لم يقل ووعيده ، بل قال " ونَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ " فوعد التجاوز (مع أنه توعد على ذلك ، فأثنى على إسماعيل بأنه صادق الوعد) ، وقد زال الإمكان في حق الحق ) يعنى لما أثنى الله تعالى على إسماعيل بصدق الوعد توجه الثناء والحضرة الإلهية طالبة للثناء ، فلزم أن يكون الله صادق الوعد على سبيل الوجوب لا الإمكان ( لما فيه من طلب المرجح ) أي لما في الإمكان من طلب المرجح ، ولا يتوقف صفة ما من صفات الله على شيء فتحقق وجوب صدق وعده ، وقد وعد التجاوز لكونه من جملة وعده.
"" إضافة بالي زادة  ولما بين أسرار الرضا شرع في بيان أسرار الثناء فإنهما مودع في كلمة إسماعيل .  قوله ( تطلب الثناء ) من كل عبد سعيدا أو شقيا فلا بد من وقوع مطلوب الحق من كل عبد ، فلا بد من صدق الوعد والنجا وزمن الحق في حق كل عبد على حسب ما يليق بذواتهم حتى يحصل له الثناء المحمود من كل عبد على حسب مراتبهم اهـ
( فيثنى عليها بصدق الوعد ) أي لما طلب الذات الإلهية بذاته الثناء المحمود لا يثنى عليها إلا بصدق وعده وهو ( بالتجاوز ) عن سيئاتهم يدل على ذلك قوله تعالى - فَلا تَحْسَبَنَّ الله مخلف وعده"  اهـ بالي زادة .
( ولم يقل ووعيده ) لعدم الثناء المحمود بذلك مع أنه اهـ بالى .زادة
( مع أنه توعد ذلك ) أي على الشيء ، فدلت هذه الآية على أن الله يطلب بذاته من عباده الثناء المحمود ، وأن ذلك لا يحصل إلا بصدق وعده عباده وبالتجاوز عن سيئاتهم ، فعم التجاوز للخالدين في النار أبدا بحصول النعيم الممتزج بالعذاب لهم فيثنون على الله بذلك ، فعم الثناء المطلوب ( فأثنى على إسماعيل ) فالثناء المحمود سواء كان من العبد على الحق أو من الحق إلى العبد لا يكون إلا بصدق الوعد ( وقد زال الإمكان ) أي زال بدلالة النص إمكان وقوع الوعيد على الأبد ( في حق الحق لما فيه ) أي في وقوع الإمكان ( من طلب مرجح ) وطلب المرجح لوقوع الوعيد هو الذنب ، وذلك يرتفع بوعده تعالى بالتجاوز ، فإن وعده واجب الوقوع في كل فزال وقوع الوعيد وقت وقوع التجاوز ، والتجاوز في حق الكفار حصول الرحمة الممتزجة بألم النار بحيث لا ينقص عن الألم الأول ، فإذا زال صدق الوعيد. أهـ بالي زادة ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : (الثناء بصدق الوعد، لا بصدق الوعيد. والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات، فيثنى عليها بصدق الوعد، لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز).
لما أثنى الحق على إسماعيل، عليه السلام، بصدق الوعد، شرع يبين في حكمه وأسراره، كما بين أسرار (الرضا).
والثناء عقلا وعادة لا يكون إلا في مقابلة خيرات المثنى عليه، لا في مقابلة الشرور، إذ لا يثنى على من يحصل منه الضرر النقم، بل على من يحصل منه النفع والنعم.
فمن وعد بالخير وأنجز وعده، يثنى عليه بذلك. ومن أوعد، فلا يثنى عليه بذلك الإيعاد، إلا إذا عفا وتجاوز عن إيعاده. والذات الإلهية لكونها منبع الخيرات ومعدن المسرات، تطلب بالذات الثناء من العبيد، حيث أخرجهم من العدم إلى الوجود، وكساهم بحلل الكمالات، وجعلهم مظاهر الأسماء والصفات. والشرور أمور إضافية لكونها عبارة عن عدم ملائمتها للطبائع.
فكون الشر شرا ليس بالنسبة إلى الذات، كما نبه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في دعائه: قال رضي الله عنه : (والخير كله إليك، والشر ليس إليك).
قال الله تعالى: "ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك". بل بالنسبة إلى ذاته تعالى كلها خير، لأنها وجودات خاصة، ظهرت فيهذه المظاهر. لذلك أردفه بقوله تعالى: "قل كل من عند الله".
أي، الحسنات المنسوبة إلى الله والسيئات المضافة إلى نفسك، كلها صادرة من عند الله.
فهي خيرات في أنفسها، لذلك صارت مقتضى أسماء الله، وإن كان بعضها شرورا بالنسبة إليك.
قال رضي الله عنه : (فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله). ولم يقل: ووعيده.
بل قال: (ويتجاوز عن سيئاتهم). مع أنه توعد على ذلك).
وهذا (التجاوز) عام بالنسبة إلى أهل الجنة والنار. أما بالنسبة إلى أهل الجنة، فظاهر: حيث تجاوز عن ذنوب وجوداتهم وصفاتهم وأفعالهم.
كما قال رضي الله عنه : (فقلت: وما أذنبت؟ قالت مجيبة: وجودك ذنب لايقاس به ذنب). وأما بالنسبة إلى أهل النار من المؤمنين، فـ بالإخراج بشفاعة الشافعين.
وبالنسبة إلى الكافرين يجعل العذاب لهم عذبا: أو برفعه مطلقا، كماجاء في الحديث: (ينبت في قعر جهنم الجرجير).
وإن كانوا خالدين فيها. أو بإعطائهم صبرا على ما هم عليه من البلايا والمحن، في تألفوا به، فلا يتألمون منهبعد ذلك - على ما سيأتي آنفا إنشاء الله تعالى.
قال رضي الله عنه : (فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد). وذلك لوفائه على العهود السابقة بإبراز الكمالات المودعة فيه وبعبادة ربه بحيث صار مرضيا عنده.
قال رضي الله عنه : (وقد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح). أي، وقد زال فيحق الحق إمكان وقوع الوعيد، إذ لا شك أن الحق تعالى وعد بالتجاوز فقال: (ويتجاوز عن سيئاتهم).
وقال: "إن الله يغفر الذنوب جميعا".، "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء".
(ويعفوا عن كثير) من السيئات. وأمثال ذلك. ووقوع وعده واجب، وهو التجاوز والعفو والغفران. فزال إمكان وقوع الوعيد، لأن وقوع أحد طرفي الممكن لا يمكن إلا بمرجح، وما ثم ما يطلب الوعيد إلا الذنب، وهو يرتفع بالتجاوز، فزال سبب وقوع الوعيد، وعدم العلة موجب لعدم المعلول. والوعيد إنما كان للتخويف والاتقاء ولإيصال كل منهم إلى كما لهم، لذلك قال تعالى: "وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ولعلهم يتقون".
وقال بعض أهل الكمال:
وإني إذا أوعدته أو وعدته .... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
إذ لا يثنى بالوفاء بالإيعاد، بل بالتجاوز عنه، ويثني بالوفاء بالوعد. وحضره الحق تعالى طالب الثناء، فوجب إتيانه بما وعده من العفو والمغفرة والتجاوز، وانتفى إمكان وقوع ما أوعد به. وفيه أقول:
يا من بلطف جماله خلق الورى  .... حاشاك أن ترضى بنار تحرق
أنت الرحيم بكل من أوجدته  ..... ولأجل رحمتك العميمة تخلق
إن كنت منتقما فأنت مؤدب .....  ومعذبا إن كنت أنت المشفق
فاجعل عذابك للعباد عذوبة  ..... وارحم برحمتك التي قد تسبق
وإنما قال: (في حق الحق) ولم يقل: في حق الخلق، لأن زوال الإمكان إنما هو بسبب التجاوز والعفو، وهو من طرف الحق لا الخلق.
فإن اختلج في قلبك أن الشرك لا يغفر، فيجب وقوع ما أوعده، فضلا عن إمكانه، فسيأتي بما يتبين عندك الحق بعد شرح الأبيات.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده، بل قال «ونتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. ).
فقال رضي الله عنه : (الثناء) أي: المحمود بالذات بقرينة فأبعده أطلق لعدم اعتداده بغيره لزواله بأدني معارض، والزوال موجب للذم (بصدق الوعد)، أي: يتعلق بصدق الوعد، وهو التزام فعل الخير في المستقبل، وهو محمود بالذات (لا بصدق الوعيد) التزام فعل الشر في المستقبل، وليس بمحمود بالذات، بل بما يعارض له من المصلحة العامة، ولذلك قد يثني على التجاوز والحضرة الإلهية لعلوها الذاتي (تطلب الثناء المحمود بالذات) دائما.
وأما الثناء المحمود بعارض فقد تطلبه وقد لا تطلبه، (فيثني عليها بصدق الوعد) بكل حال (لا بصدق الوعيد) بكل حال، (بل) قال: يحمد (بالتجاوز) يدل عليه قوله تعالى: ("ولا تحسبن الله مخلف وعده، رسله" [إبراهيم: 47] ولم يقل ووعيده)، وإن كان الموضع موضع الوعيد؛ ولذلك قال عقيبه: "إن الله عزيز ذو انتقام" [إبراهيم: 47] .
وكأنه تعالى حيث صدق الوعيد، فلقنه صدق الوعد وعد الرسل إهلاك أعدائهم، وهكذا تصديقه وعيد أهل الكفر والمعاصي؛ لتضمن هذا الوعيد إصلاح العامة، ولا يتم ما لم يجزموا بإبقائها، وذلك تصديقه بإتيان مقتضاه.
(بل قال) في حق أهل الوعيد: ("ونتجاوز عن سيئاتهم" [الأحقاف:16] مع أنه توعد على ذلك)، فقال: "وجزاء سيئة سيئة مثلها" [الشورى:40]، وقال: "ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها" [الأنعام: 160].
ولو كان صدق الوعيد يثني عليه بالذات لكان ضده مذموما، ولا يلزم بذلك الكذب في إخباره تعالى؛ لأنه مخصص بالدليل المنفصل، ولما كان الثناء في حق الحق بصدق الوعد بالذات، وبصدق الوعيد بالإمكان، بحيث لا يترجح أحد طرفيه إلا بمرجح عارض، ويزاول بمعارض، والكامل من تشبه بالحق في الكمالات الذاتية.



شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد ، لا بصدق الوعيد ) وذلك أنّ الثناء المحمود إنّما تقتضي الظهور والانبساط واللطف - على ما لا يخفى على الواقف لما سلف في تحقيق معنى الحمد - وصدق الوعيد إنّما يستدعي الخفاء والانقباض والقهر .
( والحضرة الإلهيّة تطلب الثناء المحمود بالذات ) فإنّ الإله ما لم يظهر ويعبد لم يكن إلها ،
( فيثنى عليها بصدق الوعد - لا بصدق الوعيد - بل بالتجاوز ) .
حيث قال : ( " فَلا تَحْسَبَنَّ الله مُخْلِفَ وَعْدِه ِ رُسُلَه " [ 14 / 47 ] ولم يقل : « ووعيده » ، بل قال فيه : ( " وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ "  [ 46 / 16 ] ) .
مع أنّه توعّد على ذلك .
( فأثنى على إسماعيل ) جريا على ما عليه الكمال الإلهي الوجودي( بـ " إِنَّه ُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ " ) [ 19 / 54 ] مع إمكان عينه وما يطلبه بالذات من الأوصاف العدميّة المذمومة ( وقد زال الإمكان في حقّ الحقّ لما فيه من طلب المرجّح) .
فلم يبق إلَّا صادق الوعد وحده فإنّ صدق الوعيد ينفيه  الثناء المحمود الذي هو مقتضى الوجوب الذاتي.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، و الحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده.
بل قال «و نتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. و قد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه : "الثناء بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، والحضرة الإلهية تطلب الثناء المحمود"
فقال رضي الله عنه : (الثناء) إنما يتحقق (بصدق الوعد) وإتيان الوعد بالموعود (لا بصدق الوعيد) وإتيان المتوعد بما توعد به إذ لا يثني عقلا وعرف على من نصدر منه الآفات والمضرات بل على من تصدر منه الخيرات والمبرات.
(والحضرة الإلهية تطلب) من العبيد حيث أخرجهم من العلم إلى الوجود وجعلهم مظاهر أسمائه وصفاته الجميلة .
قال رضي الله عنه : (  بالذات فيثني عليها بصدق الوعد لا بصدق الوعيد، بل بالتجاوز. «فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله» لم يقل و وعيده، بل قال «ونتجاوز عن سيئاتهم» مع أنه توعد على ذلك. فأثنى على إسماعيل بأنه كان صادق الوعد. وقد زال الإمكان في حق الحق لما فيه من طلب المرجح.)
قال رضي الله عنه :  (الثناء المحمود بالذات) وقوله : المحمود إما صفة كاشفة للثناء أو مقيدة بناء على أن يطلق الثناء على إثبات الصفات مطلقا (فيثني عليها)، أي على الحضرة الإلهية (بصدق الوعد)، وإتيانها بالموعود (لا بصدق الوعيد) وإتيانها بما توعدت به (بل بالتجاوز) والعفو عما يوجب الوعيد فإن قلت : التجاوز والعفو يستلزم كذب الخبر الدال على الوعيد والحضرة الإلهية منزهة عن ذلك.
قلت : لعل الشيخ رضي الله عنه ذهب إلى أن الوعيد ليس بخير حقيقة، بل هو تهدید و زجر إذ قد تقرر في العربية أن الكلام الخبر كي يجيء لمعان كثيرة غير الإعلام والأخبار كالتلهف والتحسر والدعاء وغير ذلك، ثم استشهد رضي الله عنه إلى أن الثناء لا يكون إلا بصدق الوعد لا بصدق الوعيد .
بقوله تعالى: ("فلا تحسبن الله مخلف وعده رسله ") [إبراهيم: 47] حيث خص نفي إخلاف الوعد بالذكر في مقام الثناء (ولم يقل) مخلف وعد رسله (ووعیده) ولم ينف إخلاف الوعيد أيضا، ولا يخفى على الفطن أن هذه العبارة لا تقتضي وقوع الوعيد بالنسبة إلى الرسل فضلا عن أن يكون في القرآن حتى برد ما أورده بعض الفضلاء من أنه لم يجيء في القرآن المجيد وعيد الرسل صلوات الله وسلامه عليهم.
ويدل على أنه رضي الله عنه لم يقصد وقوع الوعيد بالنسبة إلى الرسل قوله : (بل قال: "ونتجاوز عن سيئاتهم") [الأحقاف: 19] .
ضمير الجماعة ليس عائدة إلى الرسل فهو سبحانه وعد بالتجاوز عن السيئات (مع أنه توعد على ذلك)، أي على اقتراف السيئات وهو لا يخلف وعده فيتجاوز عن السيئات فلزم إخلاف الوعيد على اقترافها
قال رضي الله عنه :  (فأثنى على إسماعيل عليه السلام بأنه "كان صادق الوعد" ?ه فقد زال الإمكان) [مریم: 54]، أي إمكان وقوع الوعيد (في حق الحق سبحانه لما فيه)، أي في الإمكان (من طلب المرجح) يعني ما يرجح جانب الوقوع على أن لا وقوع ولا مرجح ههنا.
فإن المرجح هو السيئات وهي متجاوز عنها فإن قلت : دخول بعض عصاة المؤمنين النار وخلود الكافرين كما يشهد به القرآن، وصرح به الشيخ رضي الله عنه أيضا يدل على وقوع الوعيد، فكيف يصح الحكم بزوال إمكانه .
قلت : الوعيد حقيقة الإخبار بهول التعذيب بالنار لا التعذيب مطلقا، فإن التعذيب
الزائل في الحقيقة تطهير وتزكية للمعذب عن موانع اللطف والرحمة فالإخبار به في الحقيقة وعد لا وعيد بخلاف التعذيب الغير الزائل فإنه لا خير فيه بالنسبة إليه :




واتساب

No comments:

Post a Comment