Monday, July 15, 2019

السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر السادس فص حكمة حقية فى كلمة إسحاقية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

 06 - The Wisdom Of Reality In The Word Of ISAAC 

الفقرة الثالثة عشر الجزء الأول :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر ...   فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر ... وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر ....  إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر).
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولما كان للرؤيا) المنامية (هذان الوجهان) المذكوران أن بعض الأشياء التي ترى في المنام يدخلها التعبير، وبعض الأشياء تخرج في الحس كما كانت في المنام فلا تعبير لها، والأصل في كل رؤيا أن لها تعبيرة.
وأما ما لا تعبير لها فعلامتها خروجها إلى الحس كذلك، فإذا لم تخرج بنفسها في الحس وهو نادر فإن لها تعبيرا ينبغي طلبه والسؤال عنه (وعلمنا الله تعالی) بمحض لطفه وإحسانه بما قصه علينا في القرآن العظيم.
(فيما فعل بإبراهيم عليه السلام) من إراءته في منامه أنه يذبح ولده وتعبيره أنه يذبح الكبش لا ولده (وما قال له) من قوله تعالى: "وناديناه أن يا إبراهيم . قد صدقت الرؤيا" الآية.
(الأدب) مفعول علمنا، أي أن نتأدب في كل ما نرى بأن نعبر ذلك ونؤله ولا نحمله على ظاهره (لما)، أي لأجل ما (يعطيه مقام النبوة التي) في إبراهيم عليه السلام من الرفعة وعلو الشأن ومع ذلك فعل به ما فعل.
وقال له ما قال، فكيف بمن دونه (علمنا) جواب لما كان المطلوب منا (في) وقت (رؤيتنا الحق تعالی) ونحن في يقظة الحياة الدنيا التي هي منام بالنظر إلى ما بعدها من عالم البرزخ والموت بحكم قوله عليه السلام: «الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا». رواه أبو نعيم فى الحلية والزهري .و "الناس نيام فإذا انتبهوا ندموا، وإذا ندموا لم تنفعهم نادمتهم". أورده السلمي عن سهل ابن عبد الله التستري
ورؤيتنا الحق تعالی أيضا ونحن في نومة الموت، وعالم البرزخ بحكم قوله تعالى عمن قال عنهم: إنهم يقولون يوم القيامة في عالم البعث: "قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا" [يس: 52]، والمرقد: موضع الرقود وهو النوم، وكذلك رؤيتنا الحق تعالی، ونحن في نومة البعث والحشر، ثم في نومة القرار في جنة أو نار، وإن لم تأتي الإشارة إلى أن ذلك نوم أيضا في الأخبار، فإن الكشف حا?م بذلك.
وإليه الإشارة بتصديق النبي عليه السلام للشاعر في قوله : أصدق كلمة قالها الشاعر قول لبيد : "إلا كل شيء ما خلا الله باطل" رواه مسلم وابن أبي شيبة في المصنف.
فإنه يشير إلى ما أردناه من أن العوالم كلها منام في منام حتى يظهر الحق تعالى، فيزول النوم بالرؤيا الأخروية التي في دار القرار، والنائم يرى في منامه ما عسى أن يرى.
فكل رؤية فهي رؤيا منام ما عدا الرؤيا الجنانية، فإنها رؤيا يقظة فلا تأويل لها ولا تعبير من وجه، وهي رؤيا منام أيضا من وجه آخر.
ولهذا يحصل فيها الترقي ولا يحتجب عنها صاحبها حتى ينكشف الحق سبحانه أكثر من الانكشاف الأول، فيكون الأول رؤيا والثاني رؤية والرؤيا تحتاج إلى التعبير .
وهكذا إلى ما لا نهاية له كما قال صلى الله عليه وسلم : «إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم سبعين مرة» و للوارث المحمدي من هذا نصيب في الدنيا والآخرة .
وأطلق الشيخ قدس الله سره رؤيتنا الحق تعالی ولم يقيدها بموطن الدنيا والآخرة لإرادته أعم من ذلك كما ذكرنا (في صورة) قدرها تعالی فظهر بها بحكم قوله سبحانه : "وخلق كل شيء فقدره تقديرا " [الفرقان: 2]،
وقوله سبحانه : "لله ما في السموات وما في الأرض" [البقرة: 284]، "وله كل شئ" [النمل: 91]، وقوله :" قل انظروا ماذا في السموات والأرض"[يونس: 101].
وقوله : "وهو الله في السموات وفي الأرض " [الأنعام: 3].
(يردها)، أي تلك الصورة أن تكون للحق سبحانه من حيث ذاته سبحانه (الدليل العقلی) كما ذكره المتكلمون من أنه سبحانه منزه عن التصوير وأن تكون له صورة وإلا كان حادثا سبحانه، وهو قديم أزلي (أن تعبر)، أي تؤول تلك الصورة التي رأينا الحق تعالی فيها .
(بالحق المشروع)، أي الذي وردت أوصافه في الشريعة المحمدية على حسب ما وردت من غير زيادة ولا نقصان .
(وأما) المشروع (في حق حال الرائي) كما ورد في حديث: «ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن».
فإن هذا العبد المؤمن جاء في حقه أن ما يراه بقلبه هو الحق سبحانه، فهو إله المعتقدات لا الإله المطلق من حيث هو مطلق (أو) في حق (المكان الذي رآه فيه)، كما ورد في الحديث: «إن الله في قبلة أحدكم». روى البخاري : «إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه أو إن ربه بينه وبين القبلة فلا يبزقن أحدكم قبل قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدميه ثم أخذ طرف ردائه فبصق فيه ثم رد بعضه على بعض فقال أو يفعل هكذا» .
وجاء في مقام الإحسان قوله عليه السلام «أعبد الله كأنك تراه».أخرجه أحمد والآجري في الغرباء وأبو نعيم في الحلية وابن حبان والبيهقي وأبو داود والطبراني
وهو عام في كل مكان عبادة، وهو الإله المعبود دون المطلق الموجود (أو هما)، أي في حق الرائي وحق المكان (معا) ?المؤمن الذي يرى الحق سبحانه في قلبه وفي قبلته ومكان عبادته.
وهذا كله في صورة يردها الدليل العقلي لعدم مناسبتها للحق سبحانه، كما تعتقده العوام من المؤمنين وجهلة المقلدين والعلماء الرسميين من المحجوبين، فإن صور اعتقاداتهم كلها على اختلافها رؤيا منام في الحياة الدنيا ويجب تعبيرها، فنعبرها ونؤولها بما ورد على الشارع مما يقتضي ذلك بحسب حال الرائي أو المكان أو هما.ولا نحكم بالخطأ في ذلك.
لأن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا، والنائم لا يرى محبوبه إلا في صورة يحبها، فكل صورة يراه فيها ويعتقد أنه محبوبه فهو محبوبه تعبیرة وتأویلا ، وإن تنزه محبوبه عن تلك الصورة الخيالية.
(فإن لم يردها)، أي تلك الصورة (الدليل العقلي)، بأن كانت صورة تنزيه وإطلاق لا تقييد وتعيين، فإن التنزيه تصوير أيضا، لأنه ما نزه إلا المعين عنده وكل معين عنده مشبه مقيد، وكذلك الإطلاق تقييد، ولكن الدليل العقلي لا يرد هذا التصوير ويقبله من حيث إنه نفي للصورة، وإن كان يلزم من نفيها من وجه إثباتها من وجه كما ذكرنا (أبقيناها)، أي تلك الصورة (على ما رأيناها)، ولا ننكرها وكل شيء يسبح لله تعالى، يثبتها الله تعالى، لأنها عين تسبیحه فلو زالت لزال تسبيحه (كما نرى الحق) تعالى (في الآخرة) في الصور كذلك.
(سواء) على طبق رؤية الدنيا ، فكل مؤمن بشريعتنا يری ربه في الآخرة على طبق ما رآه في الدنيا منزها كان أو مشبها.
إن كان المشبه مؤولا بالحق المشروع كما ذكرنا، وكل منزه مشبه وكل مشبه منزه إلا الكافر فإنه محجوب بحكم قوله تعالی : "إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " [المطففين : 15]. حكمة إلهية عدة، كما أن رؤية المؤمنين منة منه وفضة، ولا نكفر أحدا من أهل قبلتنا بل نؤول رؤياهم بما هو المشروع لهم من ذلك، والله بكل شيء عليم
(فللواحد الذي) لا شريك له (الرحمن) المستوي على عرش الوجود (في كل موطن) تكون فيه الأرواح (من الصور) بضم الصاد المهملة وسكون الواو وجمع صورة (ما يخفى) على العقول البشرية والحواس الإنسانية (وما هو ظاهر) غیر خاف .
(فإن قلت هذا الحق) سبحانه عن ظاهر ظهر لحسك أو لعقلك (قد) للتحقيق (تك) أصلها تكن والنون محذوفة مع غير جازم في ذلك (صادقا) في قولك حيث لم تعتبر الصورة المحسوسة أو المعقولة واعتبرت المصور الممسك لتلك الصور كلها.
(وإن قلت) عما ظهر لك (أمرا آخر) غير الحق تعالى (أنت عابر)، أي صاحب رؤيا منامية محتاجة إلى التعبير، فأنت صاحب تعبير يقال لك عابر، أي داخل من ظاهر ما رأيت وهي الصورة، إلى باطنها وهو المصور.
(وما حكمه) سبحانه بما ذكر (في موطن) من المواطن فقط (دون موطن) آخر (ولكنه) سبحانه (بالحق) الذي هو صفته من الأزل إلى الأبد (للخلق)، أي المخلوقات (سافر)، أي من?شف فهو تعالی م?شوف لخلقه أنه الحق في جميع المواطن، وكل شيء هالك إلا وجهه [القصص: 88].
(إذا ما تجلی)، أي انكشف (للعيون) الباصرات من العقلاء (ترده)، أي تنكر ظهوره في صورة كل شيء (عقول) لهم (ببرهان)، أي دليل واضح (عليه)، أي على ذلك الرد (تثابر)، أي تواظب.


شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه : فللواحد الرحمن ….    صفة للواحد حاصل.
(في كل موطن من الصور) بيان لما قدم للضرورة . (ما) فاعل الظرف وهو في كل موطن أي الذي .
(يخفي) الحق في هذه الصورة على بعض الناس كظهوره بصور الأكوان فيحتاج إلى التعبير بالحق المشروع.
(وما هو ظاهر) عطف على الجملة الفعلية للضرورة أي الذي يظهر الحق في هذه الصورة كظهوره بالصورة الكمالية التي أثبتها العقل.
فلزم من هذا البيت أن الظاهر بجميع الصورة الكمالية والكونية هو الواحد الرحمن فإذا كان الأمر كذلك (فإن قلت هذا) أي الذي ظهر بالصورة هو (الحق) لانكشاف الحق عليك في جميع الصور .
(قد تك صادقا) بمطابقة خبرك الواقع فما رؤيتك هذه إلا كما ترى في الآخرة على أن قد للتحقق أو معناه قد تك صادقا عند الشرع ولم تك صادقا عند العقل ترد قولك في بعض الصور على أن قد للتقليل.
(وإن قلن امرة آخر) باحتجابك بالصور عن الحق.( أنت عابر) أي مجاوز من الصورة إلى أمر آخر فأنت صادق أيضا على هذا الوجه . (فما حكمه) أي فليس ظهوره بحكم مختصا . (في موطن دون موطن) كما جعل العقل منحصرة لظهوره في الصفة الكمالية . (ولكنه) أي لكن الحق. (بالحق) أي الحق بذاته . (للخلق) أي لأجل إيجاد الخلق.
(سافر) أي سير نزولا من مقام أحديته إلى مقام تفصيله فلا يكون موطن إلا والحق ظاهر فيه بالأحكام اللائقة بهذا الموطن .
(إذا) شرط (ما) زیادت للتأكيد (تجلي) الحق (للعيون) بالصورة الحسية والمثالية (ترده) أي ترد الحق (عقول ببرهان) أي بسببه (عليه) أي على ذلك البرهان (تثابر) تداوم العقول وتواظبه دائما قوله عليه يتعلق بقوله تثابر .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
فلذلك قال في البيت الثاني: فإن قلت: هذا الحق قد تك صادقا، أي قد تصدق.
وأما إن قلت: أمرا آخر فهو من باب تعبير الرؤيا وهو قوله: أنت عابر.
ثم قال: وما حكمه في موطن دون موطن، بل حكمه واحد في المواطن كلها وذلك الحكم الواحد هو أنه يظهر بصور مخلوقاته، ومن مخلوقاته الخيال فهو يظهر فيه بما يقتضيه .
وكذلك الحس في الآخرة وغيرها وكذلك بقية العوالم الروحانية والمعنوية، وتلك الظهورات كلها بالحق تظهر للخلق فإذا ظهر العالم الحس أنكرته العقول.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال - رضي الله عنه :
فللواحد الرحمن في كلّ موطن .... من الصور ما يخفى وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحقّ قد تك صادقا   ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن  .... ولكنّه بالحق للخلق سافر
أي عابر من صورة ما رأيت إلى ما يؤول إليه تأويل الصورة ، يعني - رضي الله عنه - : أنّ الحق إذا تجلَّى في موطن ، فليس ذلك الموطن أولى بتجّليه من موطن آخر ، إذ المواطن بالنسبة إلى الحق على السواء ، ولكنّه - تعالى - بحقيقته يسفر عن وجه الحق للخلق ، هذا ظاهر مدلول العبارة .
وثمّ معنى لطيف كأنّه - رضي الله عنه - : إليه يومئ ، وهو أنّ الحق إذا تجلَّى لك أو للخلق ، فإنّما يتجلَّى من العين الثابتة التي للخلق ، فقد سفر في تجلَّيه بحقيقته ووجوده عن وجه الحق ، أي كشف صورة العين الخلقية الكونية ، وهي شأن من شؤونه ، كما مرّ ، فقوله : « سافر للخلق » يعني كاشف لصورة عين المتجلَّى له من الخلق .
قال - رضي الله عنه - :
إذا ما تجلَّى للعيون تردّه ....     عقول ببرهان عليه تثابر
يعني - رضي الله عنه -  إذا كان التجلَّي في صورة محسوسة ، وإذا كان حقّا في هذا الطور ، وعند الله في نفس الأمر ، ولكنّ العقل يتعاظم ذلك بالوهم ، ويستكبر ويبرهن بالتنزيه الوهمي ، على أنّه ليس بحق ، فإنّه يتعالى [ عن ] أن يظهر محسوسا في زعمه للحسّ في مبلغ علمه وإذن جاز في حقّه الجهة ، وحازه الحيّز والوجهة ، وأنّه يتعالى عن ذلك علوّا كبيرا ، هذا غايتهم في برهانهم ، وهو عند التحقيق تنزيه وهمي ، وتحكَّم على الحقيقة بموجب عقله الفكري ، والحقّ نزّه نفسه عن هذا التنزيه.
فإنّه – تبارك  وتعالى - مع أنّه تجلَّى عن التقيّد بالجهة لذاته فإنّه - سبحانه - متجلّ عن كلّ جهة ، غير متخلّ عن وجهة ، وإلَّا انحصر في اللاجهة ، وحدّ بخارج الجهة ، وهو ظاهر بكل أو جهة ، باطن عن كل وجهة ، لعدم انحصار حقيقته في الظهور بالجهة والبطون في اللاجهة ، "فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْه ُ الله " ولكنّه غير مدرك للمقيّدين بمقتضى أفكارهم والمتعشقين بأوطانهم العرفية والعادية ، وأغطائهم الضنكة الاعتقادية وأوكارهم ، وهم المقيّدون للمطلق الذات في زعمهم ، والمتحكَّمون عليه بالانحصار والتحديد في مبلغ علمهم بوهمهم ، وتتعالى الذات المطلقة والمطلق الذات عن كل قيد وحصر ، تتعلَّق بكل حدّ وطور في حكم معيّن ، أو أمر موزّن بميزان نظري ، مقنّن بقانون فكري عقلا وحسّا تخمينا أو حدسا " ما قَدَرُوا الله حَقَّ قَدْرِه ِ " ، ولا وفوا النظر حقّه في حقّه .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فللواحد الرحمن في كل موطن   .... من الصور ما يخفى وما هو ظاهر )
أي للواحد الذي لا يتكثر بكثرة التعينات ، الرحمن الشامل للكل ، المتجلى لكل شيء بلا نهاية في كل مجلى من الصور ، ما يخفى من الروحانيات وما هو ظاهر من الجسمانيات .
""إضفة بالي زادة :  (فللواحد الرحمن في كل موطنمن الصور ) بيان لما ( يخفى كظهوره بصور الأكوان ) فيحتاج إلى التعبير بالحق المشروع ( وما هو ظاهر ) كظهوره بالصورة الكمالية التي أثبتها العقل ( فإن قلت هذا ) أي الذي ظهر بالصور هو ( الحق قد تك صادقا ) كرؤيتنا في الآخرة ، وقد للتحقيق أو للتقليل ، أي قد تك صادقا عند الشرع ولم تك عند العقل اهـ بالى . ""
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا   ..... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر )
قد تك صادقا لأنه هو المتعين بصورته لا شيء غيره ، وإن عبرته بغيره صدقت لأنه لا ينحصر في شيء ، فالمنحصر بالتعين غيره:
قال الشيخ رضي الله عنه :   ( وما حكمه في موطن دون موطن .....   ولكنه بالحق للخلق سافر )
أي ليس حكمه في موطن أولى به من موطن آخر ، فإن المواطن كلها بالنسبة إلى الحق سواء ، ففي أي موطن تجلى كان حكم تجليه في سائر المواطن كذلك ، ولكنه تعالى بحقيقته يسفر عن وجه الحق للخلق .
""إضفة بالي زادة :   ( وإن قلت أمرا آخرا ) باحتجابك بالصور عن الحق ( أنت عابر ) أي مجاوز من الصورة إلى أمر آخر فأنت صادق أيضا على هذا الوجه ( فما حكمة في موطن دون موطن ) كما جعل العقل منحصر لظهوره في الصفة الكمالية ( للخلق ) أي لإيجاد الخلق ( سافر ) أي يصير نزولا من مقام أحديته إلى مقام تفصيله ، فلا يكون موطن إلا والحق ظاهر فيه بالأحكام اللائقة اهـ  ""
وفيه إيماء إلى أنه يظهر بحقيقته للخلق في صورة الخلق وإلا لم يعرفوه فلم يظهر .
لأنه إنما يبرز في صورة العين الثابتة لكل واحد من الخلائق ، فيعرفونه ويشهدونه بقدر ما تجلى لهم فيهم :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( إذا ما تجلى للعيون ترده   .....   عقول ببرهان عليه تثابر )
يعنى إذا تجلى في صورة محسوسة ترده العقول بالبرهان العقلي وإن كان حقا في طور عالم الحس وفي نفس الأمر ، لأن العقل ينزهه من أن يكون محسوسا ، فيكون في حيز وجهة ويجله عن ذلك ، وهو كما يتعالى عما ينزهه عنه تعالى يتعالى عن ذلك التنزيه أيضا .
فإنه تشبيه بالأرواح وتقييد للمطلق فيكون محدودا ، والحق أنه متعال عن الجهة واللاجهة ، والتحيز واللاتحيز ، وعن تقييد الحس والعقل والخيال والوهم والفكر ، ولا يحيطون به علما وهو المحيط بالكل ، ولا يحوم حول عرفانه المقيدون ولا المشبهون ولا المنزهون ، لا باطن يحصره ويخفيه ولا ظاهر يظهره ويبديه ، تعالى عما يصفون وعما يقول الظالمون علوا كبيرا .
""إضفة بالي زادة :   وقابل الحق ( في مجلى العقول ) العقول المجردة ، وفي مجلى الخيال القلب والنفوس المجردة ، حصر ظهور الحق كل منهما في مرتبتهما ، وليس ذلك الحصر بصحيح ( والصحيح ) في قبول الحق ( النواظر ) وهي جمع ناظرة ، فتشاهد الناظرة الحق في جميع المراتب الإلهية والكونية ، فيعرفون الحق في كل موطن فيعبدونه ، فهم يستغفرون الحق بجميع كمالاته فلا يحتجبون بصور الأكوان عن الحق ، فقلوبهم يسعون فيفوتهم غير الحق اهـ بالى زاده. ""


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه : (فللواحد الرحمن في كل موطن من الصور ما يخفى وما هو ظاهر)
لما ذكر أن الحق متجل بصور مقبولة شرعا وعقلا وبصور غير مقبولة فيهما أو فيأحدهما، عقبه بـ (الفاء) التعقيبية، وذكر أن للرحمن صورا بحسب مراتبه ومقاماته، ولها بحسب الظهور والخفاء مراتب: منها ما هو ظاهر في الحسن، ومنها ما هو غير ظاهر فيه، ولكن ظاهر في العالم المثالي بالنسبة إلى من كشفت الأغطية من عينه، ومنها ما هو غير ظاهر فيهما وظاهر عند العقل، كالعلوم والمعارف الإلهية التي يدرك اللبيب الفطن إياها من وراء الستر، لأن لها أيضا صورا عقلية، ومنهاما هو خفى عن العقل وظاهر عند القلب لوجدانه إياه من غير صورة مثالية مطابقة للصور الخارجية، بل بصورة نورية.
(فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا  ..... وإن قلت أمرا آخر أنت عابر)
أي، إن اعتبرت وحدة الظاهر والمظهر، أو الظاهر فقط، وحكمت بأنه الحق، تكون صادقا، لأنه هو الذي ظهر بذلك المظهر.
وإن لم تعتبر وحدة الظاهر مع المظهر، بل تعتبر الامتياز بينهما وحكمت بأن المرئي غير الحق، تكون أيضا صادقا.
وتكون (عابرا) أي، مجاوزا عن الصورة المرئية إلى المعنى الظاهر فيها.
(وما حكمه في موطن دون موطن   ..... ولكنه بالحق للحق سافر)
أي، ليس حكم الحق منحصرا في موطن ومقام لئلا يكون في موطن آخر، بل
حكمه سار في جميع المواطن بحسب سريان ذاته فيها.
غاية ما في الباب أن أحكامه يختلف باختلاف المواطن.
وضمير (لكنه) يرجع إلى (الحكم). أي، لكن حكمه بسبب ظهور الحق في الخلق.
(سافر) أي، ظاهر فيه.
يقال: سفرت المرأة وجهها. إذا كشفت وجهها. فتكون (اللام) بمعنى (في). وإلا تكون للتعدية. تقديره: لكن حكمه بحسب تجلى الحق ظاهر للخلق
(إذا ما تجلى للعيون ترده  ..... عقول ببرهان عليه تثابر)
أي، إذا تجلى الحق في صورة مثالية أو حسية، ترده العقول المحجوبة، بواسطة أنهادائما منزهة للحق ببراهين عقلية تواظب عليها، إذا (المثابرة) المدارسة والمواظبة على الشئ. والعقل، وإن كان ينزه الحق عن التشبيه، يشبه في عين التنزيه بالمجردات وهو لا يشعر.
والحق تعالى منزه عن التشبيه والتنزيه بحسب ذاته، وموصوف بهما في مراتب أسمائه وصفاته.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه :
فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر
ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
وإذا كان للمحق صور مختلفة في المنام والآخرة (فللواحد الرحمن) أي: للحق مع وحدته باعتبار عموم رحمته الموجبة ظهوره في كل مظهر بحسب استعداده (في كل موطن) من مواطن الدنيا، والبرزخ، والآخرة، وغيرهما (من الصور ما يخفی) كالصور الروحانية مظاهر تنزيهه، (وما هو ظاهر) كصور العالم التي هي صور اسمه الظاهر إذا ظهر بها الإنسان.
(فإن قلت) عند رؤيته في بعض هذه الصور خفية أو ظاهرة (هذا المرئي هو (الحق قد تك صادقا) باعتبار ما لها من المناسبة مع الحق، وإن كنت كاذبا باعتبار ما بينهما من المغايرة، وإن كانت الصورة تنزيهية؛ لأنه غير مقيد بذلك.
(وإن قلت) هذا المرئي (أمرا آخر) غير الحق باعتبار المغايرة (أنت عابر) حينئذ
من الحق الظاهر بتلك الصورة التنزيهية إلى ما تحقق به مع أنه معدوم بنفسه.
فأنت مع الحق بكل حال، وإن عبرت عنه.
وإليه الإشارة بقوله: (وما حكمه في موطن دون موطن)، إذ لا يختص بالمظاهر التنزيهية أو التشبيهية؛ (ولكنه) أي كل موطن (بالحق) الظاهر فيه بالصورة التنزيهية أو التشبيهية (للخلق) أي: لتحقيق وجود الخلق (سافر) أي ظاهر، وإن كان الظهور للحق ظاهره أو باطنه فيه.
ولما اختلفت الأنظار في أن الظاهر حق في أنه كل ظاهر لم يختص بالبعض.
قال : (إذا ما تجلى للعيون) في الصور المحسوسة (ترده عقول ببرهان عليه).
أي: على ذلك البرهان، (تثابر) أي: تداوم العقول.
وإن سمعت في الأخبار الصحيحة ظهوره يوم القيامة في الصورة المنكرة، ويقبل ظهوره عند الكل (في مجلى العقول) أي: مظاهر العقول العشرة، أو الصور المعقولة، أو الروحانية لكون الصورة الظاهرة فيها تنزيهية، وتقبل عند الأكبر(في) المجلي (الذي يسمى خيالا).



شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
(فللواحد الرحمن في كل موطن) صوريّا كان أو معنويا، عينيّا أو مثاليّا، خياليّا أو جسمانياًّ  
(من الصور ما يخفى) كالقبائح والقاذورات المردودة للعقول والشرايع ( وما هو ظاهر )
كالمحاسن والمنزّهات، وذلك لأنّ التعيّنات والاعتبارات الفارقة على أيّ وجه كانت لا دخل لها في الحقيقة الحقّة ، فهو المطلق المنزّه عن الكلّ في الكلّ ، فمن أثبت الحقّ للكلّ على أنّه هو المنزّه عنه فيه ، فهو صادق وإلَّا فكاذب .
ولذلك قال : (فإن قلت هذا الحقّ قد تك صادقا ). وذلك إذا كان القائل ممن يرى كثرة الصور ممحوّة في الوحدة الحقيقيّة التي للحق. (وإن قلت: أمر آخر). أي الحقّ أمر آخر أنت عابر).
أي : عابر لتلك الصورة، بمعنى التعبير كما سبق في النثر بيانه أو عابر عن الحقّ ، ففيه إيهام المعنيين ،
والثاني أوفق لسياق النظم.
( وما حكمه في موطن دون موطن )لأنّه المطلق الشامل( ولكنّه بالحقّ للخلق سافر ).
أي ظاهر الخلق بحسب المناسبات لهم ، ومدارج التنزّلات إليهم بالحقّ ، وإن كان ذلك في صورة الباطل ، كما قال شيخ الشيخ المؤلف أبو مدين رضي الله عنه كذلك نظما :
لا تنكر الباطل في طوره   .... فإنّه بعض ظهوراته
وأعطه منه بمقداره ....  حتى توفّي حقّ إثباته
فالحقّ قد يظهر في صورة  .... ينكرها الجاهل في ذاته
ولأنّ ظهور الحقّ للمحجوبين من الخلق ، إنّما يمكن في رقائق المناسبات لهم ، ومدارج التنزلات إليهم ، تراه
( إذا ما تجلَّى للعيون تردّه   ..... عقول ببرهان عليه تثابر )
لأنّ الصور الكونيّة والمواد الهيولانيّة التي بها يظهر الحقّ للعيون قد نزّه العقول بالبراهين القاطعة جناب الحقّ عنها .
( ويقبل في مجلى العقول ) وذلك لأنّ هذا المجلى من شأنه أن يجرّد ما فيه عن الغواشي الغريبة واللواحق الهيولانيّة الخارجة مطلقا ، بل وعمّا يلحقه فيه أيضا من خصوصيّات المجلى ، وذلك الذي هو مقبول الفلاسفة وذوي العقول

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
( فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
قال الشيخ رضي الله عنه :
فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر)
(فللواحد)، أي الحق المتجلي في مقام أحديته بالفيض الأقدس بصور الأعيان الثابتة واستعداداتها (الرحمن) المتجلي عليها بالفيض المقدس لترتب آثارها عليها (في كل موطن) من المواطن (من الصور) جمع صورة (ما يخفي) ?الروحانيات (وما هو ظاهر)
قال الشيخ رجمه الله : (فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر . وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر . إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر)
(فإذا قلت) مشيرا إلى ما رأيته من تلك الصور (هذا). المرئي هو (الحق) تعالی (قد تك صادقا) باعتبار اتحاد الظاهر بالمظهر (وإن قلت) هذا المرئي (أمرا آخر) غير الحق (أنت عابر)، أي متجاوز من جهة الوحدة بين الظاهر والمظهر إلى جهة الكثرة والمغايرة بينهما.
(وما حكمه) الذي هو نجليه الوجودي منحصرة (في موطن دون موطن)، ولكنه سبحانه (بالحق)، أي بتجليه بالوجود الحق (للخلق سافر)، أي كاشف للخلق ومظهر إياهم ب?شف حجاب الخفاء عن وجوه أعيانهم الثابتة (إذا ما تجلى للعيون).


الحسية أو الحالية التي من شأنها الاقتصار على التشبيه في صورة حسية أو مثالية (ترده عقول) ناقصة مقتصرة على التنزيه غير مهتدية بنور الكشف والمشاهدة إلى الجمع بين التنزيه والتشبيه وذلك الرد إنما هو (ببرهان) أي بسبب برهان (علیه تثابر) وتواظب تلك العقول ما ينتج تنزيهه تعالى عما يثني عن التشبيه.
.
 الموضوع  التـــــــالي    ....    الموضوع  الســـابق 

الفقرة الثالثة عشر على منتدي إتقوا الله ويعلمكم الله

واتساب

No comments:

Post a Comment