Friday, April 3, 2020

26 - فصّ حكمة صمدية في كلمة خالدية .شرح الشيخ مؤيد الدين الجندي على متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

26 - فصّ حكمة صمدية في كلمة خالدية .شرح الشيخ مؤيد الدين الجندي على متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

26 - فصّ حكمة صمدية في كلمة خالدية .شرح الشيخ مؤيد الدين الجندي على متن فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

شرح الشيخ مؤيد الدين الجندي على فصوص الحكم الشيخ الأكبر محيي الدين ابن العربي الحاتمي الطائي

كان هجّير خالد الأحد الصمد ، ومشهوده الصمدية ، وكان في قومه مظهر الصمدية يصمدون إليه في المهمّات ، ويقصدونه في العظائم والملمّات ، لهذا أضيفت الحكمة الصمدية إليه ، كما سنذكر إن شاء الله تعالى .
"" دعا إلى الأحد الصمد ، وكان قومه يصمدون إليه ويقصدونه في الملمّات والمهمّات ، فيكشف الله إيّاها عنهم بدعائه عليه السّلام  .""
قال رضي الله عنه  : ) وأمّا حكمة خالد بن سنان فإنّه أظهر بدعواه النبوّة البرزخية ، فإنّه ما ادّعى الإخبار بما هنا لك إلَّا بعد الموت ، فأمر أن ينبش عليه ، ويسأل فيخبر أنّ الحكم في البرزخ على صورة الحياة الدنيا ، فيعلم بذلك صدق الرسل كلَّهم فيما أخبروا به في حياتهم الدنيا ، فكان غرض خالد عليه السّلام إيمان العالم كلَّه بما جاءت به الرسل ليكون رحمة للجميع ، فإنّه أشرف بقرب نبوّته من نبوّة محمّد - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعلم أنّ الله أرسله رحمة للعالمين ، ولم يكن خالد برسول ، فأراد أن يحصل من هذه الرحمة في الرسالة المحمدية على حظَّ وافر وإن لم يؤمر بالتبليغ ، فأراد أن يحظى بذلك في البرزخ ليكون أقوى في العلم في حق الخلق فأضاعه قومه ( .

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ خالدا لمّا استشرف على كمال نبوّة محمّد ، وأنّه المبعوث رحمة للعالمين كافّة ، تمنّى أن يكون له عموم إنباء ونبوّة مستندة إلى العلم الحاصل للكافّة بما في البرزخ بعد الموت ، فإنّ العامّة والجمهور لا ينقادون لإنباء الأنبياء وأنبائهم مثل انقيادهم مثلا ، إلى إنباء من ينبئ بما بعد الموت وإنبائه بعد أن يموت ، وأحياه الله في رأى العين وأخبر بما شاهد ، فإنّ تأثير مثل ذلك في عموم إيمان الخلق أبلغ ،

فكان من قضيّة خالد عليه السّلام أنّه كان قويّ الهمّة ، والغالب عليه شهود الأحدية ، فظهرت في زمانه بين قومه - وكانوا يسكنون في بلاد عدن - نار عظيمة خرجت من مغارة ،
فأهلكت الزرع والضرع ، فصمد إليه قومه وقصدوه - على ما اعتادوا منه في دفع الملمّات ورفع المهمّات - حتى يدفع عنهم أذيّة تلك النار ، وكانوا مؤمنين ، فلما رأى خالد بن سنان عليه السّلام تلك النار ، أخذ يضربها بعصاه من خلفها ،

ويقول : بدّا بدّا ، حتى بدّد النار وفرّقها ، فرجعت النار هاربة وهو يضربها بعصاه ويقول : بدّا بدّا حتى ساقها إلى مغارة خرجت منها فأدخلها في المغارة
ثمّ قال لأولاده وقومه : إنّى أدخل المغارة خلف النار ، حتى أطفئها ، وأمرهم أن يدعوه ولا يدعوه إلى ثلاثة أيّام تامّة ، فإنّهم إن نادوه ودعوه قبل تمام ثلاثة أيّام وفي أثنائها ، فإنّه يخرج ويموت ،
وإن صبروا إلى تمام ثلاثة أيّام ، خرج سالما ، وقد دفع عنهم أذية النار ، فلمّا دخل المغارة خلف النار ، صبروا يومين واستفزّهم الشيطان ، فلم يصبروا تمام ثلاثة أيّام ، فصاحوا به قبل تمام الوقت ودعوه ونادوه وارتابوا أنّه ربما يكون قد هلك ،
فخرج عليه السّلام من المغارة ويداه على رأسه من الألم الذي ألمّ به من صياحهم وندائهم قبل تمام الميقات ،
فقال لهم : « ضيّعتموني وأضعتم قولي وعهدي » وأخبرهم بموته ، وأمرهم أن يقبروه ويرقبوه أربعين يوما فإنّه يأتيهم بعد الأربعين قطيع غنم يقدمها حمار أبتر مقطوع الذنب ، فإذا حاذى قبره ووقف ، فلينبش على خالد عليه السّلام قبره ، فإنّه يقوم ويخبرهم بجليّة الأمر بعد الموت عن شهود ورؤية ويقين ، فيحصل الخلق كلَّهم على اليقين بما أخبرت الرسل ، وتصحّ عندهم الإخبارات النبويّة كلَّها ،

ثمّ مات خالد ، فدفنوه وانتظروا عبور أربعين يوما ، وانتظروا بعد ذلك قطيع غنم ، فجاء القطيع - كما ذكر - يقدمه حمار أبتر ، فوقف حذاء قبره فهمّ مؤمنو قومه ، وأولاده أن ينبشوا عليه كما أمرهم حتى يخبرهم بصدق الأنبياء والنبوّات كلَّها فأبى أكابر أولاده ،
وقالوا يكون عار عند العرب أن ينبش على أبينا ، فيقال فينا : أولاد المنبوش وندعى بذلك ، فحملتهم الحميّة الجاهلية على ذلك ، فضيّعوا وصيّته وأضاعوه .

ثمّ بعد بعثة رسولنا محمّد صلَّى الله عليه وسلَّم جاءته بنت خالد ، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم  " مرحبا بابنة نبيّ أضاعه قومه " .

قال رضي الله عنه  : « ولم يصف النبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قومه بأنّهم ضاعوا ، وإنّما وصفهم بأنّهم أضاعوا نبيّهم ، حيث لم يبلغوه مراده فهل بلَّغه الله أجر أمنيّته ؟
فلا شكّ ولا خلاف أنّ له أجر أمنيّته ، وإنّما الشكّ والخلاف في أجر المطلوب ، هل يساوي تمنّي وقوعه مع عدم وقوعه - بالوجود أم لا ؟
فإنّ في الشرع ما يؤيّد التساوي في مواضع كثيرة ، كالآتي للصلاة في الجماعة فتفوته الجماعة ، فله أجر من حضر الجماعة ، وكالمتمنّي مع فقره ما همّ عليه أصحاب الثروة والمال من فعل الخيرات ، فله مثل أجورهم ، ولكن مثل أجورهم في نيّاتهم أو في عملهم ، فإنّهم جمعوا بين المنية والعمل ؟ )
ولم ينصّ النبيّ عليهما ولا على واحد منهما ، والظاهر أنّه لا تساوى بينهما ، ولذلك طلب خالد بن سنان الإبلاغ ، حتى يصحّ له مقام الجمع بين الأمرين ، فيحصل على الأجرين والله أعلم  .
وكل هذا ظاهر جليّ ، والله الموفّق .
.
واتساب

No comments:

Post a Comment