Sunday, July 14, 2019

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية الفقرة الثانية .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

05 - The Wisdom Of Rapturous Love In The Word Of ABRAHAM  

الفقرة الثانية :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مقيمة في كلمة إبراهيمية
هذا نص الحكمة الإبراهيمية.
ذكره بعد حكمة إدريس عليه السلام، لأن حكمة إبراهيم عليه السلام التي ذكرها له هنا تحقیق معنى العلو الحقيقي المذكور في حكمة إدريس عليه السلام، فناسب ذكرها بعدها على معنى أن حكمة إبراهيم عليه السلام تحقق معنی حكمة إدريس فكأنها شرح لها .
(فص حكمة مهيمية) بصيغة اسم المفعول من الهيام وهو الدهشة في المحبة (في كلمة إبراهيمية).
إنما اختصت حكمة إبراهيم بالمهيمية، لأن حقيقته عليه السلام هامت في محبة الله تعالى، فوصلت من مقام المحبة إلى مقام الخلة بحيث صار عليه السلام يجد الحق تعالى الممسك له متخللا في كل جزء منه من حيث ما يجد هو لكمال الاستيلاء الرحماني على العالم الروحاني والجسماني لا من حيث ما هو عليه بالنسبة إلى نفسه العلية.
فإنه على ما هو عليه في أزله، وإبراهيم عليه السلام مخلوق حادث والمخلوق الحادث إذا شعر بالخالق القديم مستوليا عليه لا يشعر به إلا على حسب ظهوره له لا على ما هو في نفسه.
فإذا هام فيه كان هيامه من جهة ذلك الظهور المخصوص، والإيمان بالغيب المطلق يصحبه في جميع المواطن.
ولهذا قال عليه السلام لربه تعالی: "رب أرني كيف تحيي الموتى" طلبا لمعرفته تعالى من حيث استيلائه بالأفعال على خلقه.
فقال الله تعالى له في الجواب : "أولم تؤمن قال" يعني بالغيب المطلق الذي لا مناسبة بينك وبينه حتى تدر?ه فقال عليه السلام :" بلى ولكن ليطمئن قلبي"[البقرة : 260].
يعني بشهود ذلك على حسب ما يليق بي وإن لم يكن على حسب ما الأمر عليه في نفسه، فدله الله تعالى على ذلك بأخذ الأربعة من الطير إلى آخر الآية .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.  قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني .... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
(إنما سمي الخليل) إبراهيم عليه السلام (خليلا) كما قال الله تعالى : "واتخذ الله إبراهيم خليلا" [النساء: 125]، فهو خليل الله، والله خليله، لأنه من أسماء الإضافة، ولهذا نقول بأن محمدا صلى الله عليه حبيب الله وخليل الله أيضا.
لأنه عليه السلام قال: «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر».رواه مسلم وابن حبان.
وإذا اتخذ ربه خليلا اتخذه ربه خليلا أيضا، إذ لا يمكن أن يكون أحدهما خليلا للآخر ولا يكون الآخر خليلا له.
ومن كمال ظهور الله تعالى في نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان الاتخاذ من طرفه دون إبراهيم عليه السلام، فقال تعالى في إبراهيم: "واتخذ الله إبراهيم خليلا".
وقال صلى الله عليه وسلم عليه السلام عن نفسه: «لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر»، الحديث.
فقد تفاوت المظهران واختلفت الخلتان (لتخلله)، أي الخليل( وحصره)، أي جمعه في ظاهره وباطنه (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) من الصفات العلية والأسماء السنية والأفعال الكمالية والأحكام الجلالية والجمالية .
وهذا التخلل والحصر من إبراهيم عليه السلام لما ذكر كناية عن استيلاء الحق تعالی على إبراهيم عليه السلام  بجميع ما ذكر .
وقبول إبراهيم لذلك الاستيلاء في ظاهره وباطنه لا بطريق الحلول أو الاتحاد لأنهما لا يتصوران إلا بين موجودين .""بين معينين والله ليس بمعين فليس كمثله شيء"".
والمخلوق الحادث لا وجود له بالنسبة إلى الخالق القديم أصلا، وإنما وجوده بالخالق القديم لا معه إذ لا وجود له من نفسه حتى يكون له وجود معه، فلا التفات لما يقع في أفهام المحجوبين من أهل العلم الظاهر عند إطلاق نحو ما ذكرنا من العبارات، لأن ذلك الوهم مبني على القصور في الأفهام فلا اعتبار به .
(قال الشاعر) من العرب في إثبات ذ?ر معنى الخليل (قد تخللت)، أي استوليت مستقصية جميع (مسلك)، أي موضع سلوك (الروح) في الجسد (مني) ظاهرا وباطنا .
(وبذا) المعنى المذكور (سمي الخليل) المشتق من الخلة وهي زيادة المحبة (خليلا) فهو فعيل بمعنى مفعول (كما يتخلل اللون) الأسود والأحمر ونحو ذلك (في) الشيء (المتلون) بذلك اللون فإنه يستولي عليه.
بحيث لا يبقى منه جزء إلا وينصبغ به (فيكون العرض) الذي هو اللون مثلا (بحيث) يكون (جوهره) يعني على طبق حيثية جوهره من الكبر والصغر والطول والقصر (ما هو كالمكان) الذي يستقر عليه الشيء.
(والمتمكن) فيه فإنه لا يعم أعلاه وجوانبه بل أسفله فقط (أو) سمي الخليل خلية (لتخلل)، أي سريانه بطريق الاستيلاء (الحق) تعالى (في وجود صورة إبراهيم عليه السلام) في ظاهرها وباطنها، لأنه ممسكها ومكونها وهي طبق علمه وإرادته ولا وجود لها إلا به لا بنفسها فهو وجودها الذي هي موجودة به وهي في نفسها معدومة .
قال تعالى: "أفمن هو قائم على كل نفس بما ?سبت" [الرعد: 33]، وقيامه تعالى على كل نفس بما كسبت قیومیته تعالى للنفوس وإمساكه لها بوجوده الحق.
فإنه تعالى كما أخبر خلق السموات والأرض بالحق، والحق هو وجوده تعالى.
فقد خلق الأشياء بوجوده، فهو وجود الأشياء الذي هي موجودة به، والأشياء على ما هي عليه في نفسها من غير وجود آخر لها.
وليس هذا الكلام طعنا في وجود الحق تعالى أو نقصانا فيه، لأن المعلومات لا تحل في الموجود ولا يحل فيها، ولا تنقص من كماله إذ لا وجود لها من غيره حتى يغير من وجوده تعالی.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

الهيمان هو إفراط الحب الذاتي الساري في جميع الموجودات وكان هذا غالبا في روح إبراهيم عليه السلام لذلك طلب الحق في المظاهر النورية وأشار إلى شدة سريان المحبة الإلهية في وجوده عليه السلام .
وبين معنى الهيمان بقوله: (إنما سمي الخليل خليلا) ,(لتخلله) أي لتخلل الخليل (وحصره) عطف تفسير (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) كما أن الذات الإلهية يحيط ويحصر جميع أسمائه وصفاته كذلك الخليل عليه السلام يحصر جميع الأسماء الإلهية لتجلي الحق له جميع أسمائه وصفاته واستشهد عليه بقول الشاعر :
(قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا)
وتخللت مسلك الروح مني  أي سريت أنت في وجودي وذاتي كسريان الروح الحيواني في جميع أجزاء البدن (وبه) وبهذا التخلل (سمي الخليل خليلا كما بتخلل اللون المتلون) بكسر الواو
(فی?ون العرض بحيث جوهره) أي في مكان جوهره بسبب سريان العرض في جميع أجزاء جوهره بحيث لا امتياز بينهما في الحسي .
(ما هو) أي ليس ذلك النخل (كالمكان والمتمكن) فيه فإنه لا تخلل فيه حسة وعقلا هذا إن كان إبراهيم عليه السلام محبوبا والحق محبا له .
فكان الهيمان وهو من زيادة المحبة الإلهية يتعلق بإبراهيم عليه السلام فكان تخلل إبراهيم عليه السلام جميع صفات الحق بمنزلة تخلل المحبوب إلى جميع أجزاء المحب.
وأما إن كان إبراهيم محبة والحق محبوبة له وقد أشار إليه بقوله :
(أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام) ولما بین ثبوت معنى التخلل من الطرفين لغة شرع في إثبانه فيهما بالدليل العقلي .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)


05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما سمي الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر:
وتخللت مسلك الروح مني    …. وبذا سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخليل الحق وجود صورة إبراهيم. و كل حكم بصح من ذلك، فإن لكل ح?م موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها وكلها حق له كما هي صفات المحدثات حق للحق.
الحمد لله فرجعت إليه عواقب الثناء من كل حامد ومحمود. "وإليه يرجع الأمر كله " (هود: 123)
قلت : أما قوله، رضي الله عنه: إن إبراهيم، عليه السلام، يخلل الوجود الإلهي
فمعناه: أن إبراهيم هو جمع المعاني العدمية وبها اتصف الوجود بالكثرة مع كونه واحدا في نفسه.
وأما أن الحق تعالی بخلل حقيقة إبراهيم، فهو أظهرها في وجود ذاته من الوجه الذي هي فيه ذاتية له به منه فيه.
وقد تقدم معنى ذلك ويتكرر حتى يظهر إن شاء الله تعالى، وما أحسن استدلال الشيخ، رضي الله عنه، بقوله: «وإليه يرجع الأمر كله» (هود: 123) يعني محموده ومذمومه وهو، رضي الله عنه، غیر محتاج إلى الاستدلال لكن ذلك من أجل أهل الحجاب.
و مقام الخلة يثبت فيه الحق والعبد لكن يكون الحق فيه أظهر في شهود الشاهد، وفي هذا المقام


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فصّ حكمة مهيّميّة في كلمة إبراهيمية   
قد ذكرنا سبب إسناد حكمة التهيّم إلى كلمة إبراهيم عليه السّلام .
قال رضي الله عنه : « إنّما سمّي  خليلا ، لتخلَّله وحصره جميع ما اتّصف به الذات الإلهية" . قال الشاعر :
قد تخلَّلت مسلك الروح منّي   .....   وبه سمّي الخليل خليلا
يعني رضي الله عنه : لمّا قامت الصفات والأسماء الإلهية بإبراهيم ، وقام بحقّ مظهرياتها حقّ القيام ، فاتّصف بجميعها ، فتخلَّل حضراتها ، وسرت الصورة الإلهية بحقائقها في ذات إبراهيم وحقائقه فتخلَّلته ، وكذلك سرت المحبّة الإلهية الذاتية في جميع حقائقه ، وسرت محبّته أيضا في حقائق الحضرات ، فسمّي خليلا ، فعيلا بمعنى فاعل وبمعنى مفعول .
قال رضي الله عنه : « كما يتخلَّل اللون المتلوّن ، فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكَّن  .
قال العبد : إذا تداخل جسمان أو اجتمعا ، فإن كانا كثيفين كالمكان والمتمكَّن ، 
فلا سراية لأجزاء أحدهما في الآخر ، فلا تخلَّل ، وإن كان أحدهما لطيفا والآخر كثيفا ، سرى اللطيف في الكثيف ، وتخلَّله بحسب لطف اللطيف وتخلَّل أجزاء الكثيف وتناسبهما ، وإن اجتمع لطيفان وتناسبا في اللطف والرقّة ، كانت السراية أقوى والتخلَّل أشدّ وأوفى ، وإن اتّفق أن تكون معهما حرارة غريزية تناسبيّة في كل منهما لكل منهما ، ملزمة لانحلال أحدهما في الآخر وتخلَّله ، اشتدّ السريان وقوي التخلَّل ، فأدّى إلى اتّحاد هما بحيث يكونان شيئا واحدا لا يتميّز أحدهما عن الآخر ، وفي السراية والتخلَّل والاتّحاد يقع التفاوت بحسب قوّة اللطف والرقّة والمناسبة بين المتخلَّلين ، وهذا في الأجسام وفي الجواهر .
وأمّا الأعراض فإن كانت من اللوازم الجوهرية الذاتية ، فإنّها تكون بحيث جواهرها كالرطوبة والرقّة للماء ، والحرارة واليبوسة للنار ، وإن كان العرض غريبا ليس ذاتيّا للجوهر فبالوساطة الجوهرية الجامعة بينهما ، كتخلَّل اللون الغريب في جوهر غير ذي لون إنّما يكون بواسطة جوهر لطيف متلوّن بذلك اللون الغريب ، فيسري به اللطيف المتلوّن فيما لا لون له ، فإذا سرى اللطيف في جميع أجزائه وتشرّب الكثيف به وفارقه اللطيف ، بقي العرض الغريب في جوهر ما لا لون له ، فعاد متلوّنا بذلك اللون ، وكلّ هذا ضرب مثل لما من الحق في الخلق ولما للحق من الخلق ، وإذا كان الأمر في الأجسام على هذا الوجه ، ففي الروحانيات يكون أتمّ وأعمّ ، وكذلك الجواهر والأعراض ، وذلك بحسب القبول والتناسب والنفوذ .
وكذلك سريان أحكام الحقائق والمعاني والنسب بعضها في البعض بواسطة الوجود الجامع بينهما بحسب شدّة المناسبة وقوّة المحبّة بين المتخلَّل والمتخلَّل .
فلمّا ناسبت مظهرية الخليل عليه السّلام لتعيّن الحق فيه وبه من جميع الوجوه أو أكثرها بحسب مرتبته ومقام مظهريته للحق الذي هو ربّه ، سرى كلّ منهما في الآخر سراية كلَّية في إبراهيم في محبّة ربّه ، أو في ربّه ، فظهر في هوية إبراهيم إنّيّة الحق ، وكذلك يتخلَّل إبراهيم في الحضرات الإلهية ، فقام بجميع المظهريات الإلهية الأسمائية على الوجه الأتمّ ، وظهرت فيه وبه ومنه أيضا حقائق الحضرات بالظهور الأكمل الأعمّ ، فاتّخذه الله خليلا ، وهذه الخلَّة كسراية العرض بالجوهر اللطيف في الكثيف ، حتى يكون بحيث جوهره .
ونذكر قول الخليل عليه السّلام يوم القيامة ، حين يفزع الخلائق إليه في الشفاعة ، فيقولون له : أنت خليل الله اشفع لنا .
أو كما يقولون له ، فيقول : إنّما كنت خليلا من وراء وراء  ، والخلَّة المحمّدية أفضل وأكمل ، ونظيره سراية اللطيف المناسب في مثله لطافة ومناسبة بالحرارة المعتدلة ، الحبّية ، الملزمة لكمال تخلَّل أحدهما في الآخر ، وانحلاله ، حتى يرتفع التمايز ويتّحد الخليلان كما ينحلّ ويتخلَّل الأبوان في الصنعة وهما العيان والعروس المطهّران المثبتان المحلولان إذا مزجناهما على ميزان العدل ، وألزمناهما الطبخ الطبيعيّ ، فإنّهما ينحلّ كل منهما في الآخر انحلالا لا مفارقة بعده أبدا ، وينعقدان جوهرا واحدا ، فإذا التقيناه ذاب ذوبانا واحدا وعاص عوصا واحدا ، ولا يطير أحدهما دون الآخر ، فيكون أحدهما عين الآخر .
كما قال تعالى : " الله وَرَسُولُه ُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه ُ "  فأفرد الضمير في الخبر المحمول بعد تثنية المبتدأ الموضوع ، وقال " من يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ الله " وقال : « هذه يد الله » وأشار إلى يده " وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ الله رَمى " فافهم .
قال رضي الله عنه : " أو لتخلَّل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السّلام"
يعني رضي الله عنه : أنّ الحق من حيث تعيّنه بوجوده في صورة إبراهيم -
يضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من صفات المخلوق ، ولا يتعدّى إليه في الصورة الإلهية الأزلية ، فإنّه تعالى أخبرنا إنّه ينادي ، ويمكر ، ويستهزئ ، ويسخر ، ويمرض ، ويجوع ، ويظمأ ، على لسان الصادق الذي " ما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى . إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى " وذلك بظهوره وتعيّنه في إنّيّة العبد ، بوجوده الحقّ ، كما علمت ، فاذكر.


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
5 -   فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
إنما خصت الكلمة الإبراهيمية بالحكمة المهيمية ، لأن التهييم من الهيمان وهو شدة الوله الذي هو العشق بأن تجلى له الحق بجلال جماله .
أي بكمال الذات الأحدية بجميع الصفات مع بقاء حجاب أنيته ، فهام لقوة انحيازه إلى المحبوب من كل وجه .
فلا ينحاز إلى جهة تعينه وتقيده لما قبل من نور الذات جميع الصفات بقابلية العينية ، وهي معنى الخلة الدالة على تخلل المحبوب محبة وتخلق المحب بأخلاقه فإن إبراهيم خليل الله كان أول من كوشف بالذات.
ولو لا بقية قابليته لارتفع عنه الهيمان الموجب لتركه أباه وولده وماله ، ولتحقق بالأحدية الموهوبة لمحمد حبيب الله عليه الصلاة والسلام .
فإنه تبعه في الاتصاف بجميع الصفات مع  كشف الذات ، وسبقه بالتحقق بالأحدية الحقيقية بالبقاء بالحق بعد الفناء التام بارتفاع البقية دونه ، ولهذا ورد في الصحاح « إن أول ما يكسى من الخلق يوم القيامة إبراهيم عليه السلام » فإنه أول من كملت به أحكام الوجوب في مرتبة الإمكان.
أي ظهر بالصفات الإلهية كلها مع بقاء القابلية العينية بخلاف الخلة المحمدية الموهوبة له كما ذكرها في خطبة قبل وفاته بخمسة أيام ، وقال فيها بعد حمد الله والثناء عليه « أيها الناس ، إنه قد كان لي فيكم أخوة وأصدقاء ، وإني أبرأ إلى الله أن أتخذ أحدا منكم خليلا ، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ، إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ، أوتيت البارحة مفاتيح خزائن الأرض والسماء ».
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : اعلم أن التخلل عبارة عن السريان ، ومعنى سريان الحق في العبد وجود أثر ذاته وصفاته في وجود العبد مع كون الحق منزها بجميع صفاته عن هذا الكون ، لأن الاتحاد من كل الوجوه باطل عندهم ، فلما نزل الحق نفسه منزلة العهد فأثبت لنفسه ما هو من خواص عبده .
فقال : « مرضت وجعت ؟ »
علمنا أن المريض والجائع ليس صورة العبد ، بل هو الروح المتصف بصفات الله تعالى ، الظاهر في صورة العبد بالهيكل المحسوس المشاهد ، فما أثبت صفات المحدثات في الحقيقة لنفسه ، بل أثبت لأثر نفسه تنبيها على أنه واجب التعظيم فإنه ظل الله تعالى .
فاللَّه عظم ظله كما عظم نفسه فما قاله إلا تعظيما للعباد ، فمن عاده فقد عاد الحق ومن أشبعه فقد أشبع الحق على طريق " من أكرم عالما فقد أكرمني " وهذا مخصوص بالإنسان دون غيره ، لأن كمال ظهور الحق فيه لا في غيره ، لذلك لا يثبت لنفسه صفات سائر المحدثات ، ومعنى سريان العبد في الحق إحاطته ؟
جميع ما اتصف به ذات الحق بحسب استعداده ، فانظر بنظر الإنصاف كيف عادت مسائل الفن بتوجيهنا إلى سيرتها الأولى سيرة الشريعة اهـ بالى . ""
"" قال تعالى : "لئن شكرتم لأزيدنكم" [إبراهيم 7] وفي الحديث : لم يشكرني من لم يشكر من أجريت النعمة على يديه "" رواه أبو نعيم في حلية حلية الاولياء وفتح القدير وفتح المنعم بشرح مسلم ونودار الأصول باحاديث الرسول.
فإنها المحبة التي لقب بها حبيب الله ، كما رمز إليه في الحديث « إن الناس إذا التجئوا يوم القيامة إلى الخليل أن يشفع لهم ، يقولون : أنت خليل الله اشفع لنا ، يقول لهم إنما كنت خليلا من وراء وراء » .
وفيه أيضا أن الناس يلتجئون إلى نبينا يوم القيامة حتى إبراهيم عليه السلام وأنه شفيع الكل ، وسرّ ذلك أن كل واحد من النبيين له مقام الجمعية الإلهية ، وهو مقام قاب قوسين أي جميع الصفات المبدئية والمعادية .
وامتاز محمد عليه الصلاة والسلام بالتحقق بالأحدية المشار إليه بأو أدنى ، لاستواء حكم الظاهر والباطن فيه فختمه بالأحدية ، وقد غلب على إبراهيم حكم الباطن فهام ، كما غلب على موسى حكم الظاهر فملك وعلا وقهر .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( إنما سمى الخليل خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصف به الذات الإلهية ، قال الشاعر : قد تخللت مسلك الروح منى ....   وبذا سمى الخليل خليلا كما يتخلل اللون المتلون فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكن )
شبه اتصاف الذات بالصفات باتصاف الجوهر بالأعراض ، فإن حلول العرض في الجوهر حلول سريانى لشمول العرض جميع أجزاء الجوهر بحيث لا يخلو جزء ما منه ظاهرا أو باطنا ، بخلاف حلول المتمكن في المكان كسريان السواد في الجسم ، وهو تشبيه المعقول بالمحسوس للتفهيم ، وكذلك نفس التخلل في المحبة استعمال مبنى على التشبيه .
فإن اتصاف  العبد بصفة الحق وحصره جميع صفاته ليس تخللا بمعنى الامتزاج ، بل هو محو صفات العبد بتجلى الصفات الإلهية له ، وقيامه محق صفاته حتى يكون العبد مسمى بأسماء الله تعالى كما ذكر في حق إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، وهي الكلمات التي ابتلاه الله بهن فأتمهن ، فقال له – " إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً " - .
فمعنى الخلة بالحقيقة ، ظهوره بصورة الحق فيكون الحق سمعه وبصره وسائر قواه ، فبه يسمع العبد وبه يبصر وتسمى هذه المحبة حب النوافل ، لكون الصفات الزائدة على ذات العبد ، ففناؤه في الحق بها حب النوافل أي الزوائد كأنه تخلل حضرات الأسماء الإلهية فتقرب به بصفات نفسه ، فكساه الله تعالى صفاته أو بالعكس
لقوله رضي الله عنه : ( أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم ) عليه السلام وهو اتصاف الحق بصفات إبراهيم وصورته ، بأن يتعين بتعينه فيضاف إليه جميع ما يضاف إلى إبراهيم من الصفات ، فيفعل الله تعالى ما يفعل بإبراهيم ويسمع بسمعه ويرى بعينه وهو حب الفرائض ، إذ لا يوجد إبراهيم إلا به ضرورة انعدامه بنفسه .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
معنى يهيم : صاحبه مهيما. ومعنى الأول: فص معنى جعل صاحبه مهيما.
و الهيمان إنما يحصل من إفراط العشق، وهو من إفراط المحبة، وهي أصل الإيجاد وسببه، كما قال تعالى"كنت كنزا مخفيا، فأحببت أن أعرف" .
والهيمان - الدهشة المفرطة من شهود جلال الجمال والحيرة فيه، كما يحصل عند ورود المعشوق بغتة، أو من تجلى الأسماء الجلالية القهرية.
ونتيجته اندكاك جبل إنية السالك وقهر المجذوب صعقا. فبعض السالكين لفرط دهشتهم ومحبتهم، أو ضعفهم لعدم كمال استعدادهم، أو نقصان مزاجهم، لا يمكنهم الرجوع إلى مملكتهم، فيبقون مجذوبين مهيمين، لا يعرفون غير الله ولا يعرفهم غير الله لصدورالبهلولية عنهم في بعض الأحيان.
قال تعالى: "أوليائي تحت قبابي لا يعرفهم غيري". يشمل بعضهم العناية الإلهية بإعطاء الاستعداد بالفيض الأقدس ويرجعهم إلى مملكتهم محفوظا عليهم ظواهرهم كالجبال وهم يمرون مر السحاب.
ولايحصل ذلك إلا بحب الفرائض، وعشق النوافل و التخلق بأخلاق الله والفناء الصفاتي، كما أشار إليه بقوله: "كنت سمعه وبصره" , فيصير العبد لله أذن الله الواعية وعين الله الناظرة، فالله تعالى ينظر به ويسمع به ويبطش به..
وإنما تحصل المحبة من التجليات الواردة من حضرة الجمال المطلق، والهيمان من جلالها على الملائكة المهيمة والمجذوبين من الأناسي، ولكلمن الكمل المحبوبين أيضا نصيب منه، إما في بداية أمورهم كالجذبة
قبل السلوك، أو عند انتهائها كالجذبة بعده، فتلحقون بها إلى المقصد الأسنى ويدخلون في حكم المهيمين.
ولما كان إبراهيم، صلوات الله وسلامه عليه، أول من تجلى له الحق
بهويته الذاتية السارية في المظاهر الكونية كلها، وأول من خلع الله عليه صفاته الثبوتية الحقيقية من أولاد آدم، عليه السلام، بعد الفناء فيه والبقاء به - كما وردفي الخبر الصحيح: "أول من يكسى يوم القيامة إبراهيم".
ليكون الآخر مطابق اللأول، ويحصل المجازاة له يوم الجزاء - وكان بعد مرتبة التنزيه والتقديس مرتبة التشبيه، وتجلى الذات الإلهية له في صور المظاهر موجبا للتشبيه، أورد هذه الحكمة عقبيهما، وقرن بينهما وبين كلمته، عليه السلام، لكونه مظهرا للعشق والخلة.
ومن شدة المحبة جعل يطلب في مظاهر الكواكب لظهور النورية فيها، ومن غلبة المحبة والهيمان قال: "لئن لم يهدني ربى لأكونن من الظالمين." أي، الحائرين في جمال الحق.
وعند كمال الهيمان فنى عن نفسه، وتجلى له الحق، فبقى بالحق في مقام الجمع والفرق، وأدركه في مظاهر سماوات الأرواح وأرض الأجسام والأشباح.
فقال: "إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض"
بتجليه الوجودي عليها وسريان ذاته فيها - (حنيفا مسلما) – فانيا عن الأفعال والصفات والذات في أفعاله وصفاته وذاته - (وما أنا من المشركين.) المثبتين للغير، لوجداني الذات الإلهية في صور جميع الأعيان بالكشف والعيان.
(إنما سمى الخليل خليلا، لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح منى  ..... وبه سمى الخليل خليلا)
أي، سمى الخليل خليلا لتخلله القلب والروح ، كما يسمى الخمر خمرا لتخميره العقل.
و (العقل) عقلا لتقييده وضبطه الأشياء.
وتخلله عبارة من سريانه في المظاهرالإلهية
والصفات الربوبية، كسريان هوية الحق فيها من حيث اسمه (اللطيف).
ولكون استعمال التخلل هنا مجازا، عطف على قوله: (وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية).
وهو الصفات الثبوتية الحقيقية الموجبة للتشبيه من الاسم (الظاهر) و(الباطن)، ليكون مثبتا للمراد.
والفرق بين خلته وخلة نبينا، صلوات عليهما- التي أثبتها لنفسه في آخر خطبة خطبها قبل وفاته بخمسة أيام وقال، بعد حمد الله والثناء عليه: "إنه قد كان لي فيكم إخوة وأصدقاء، وإني أبرء إلى الله أن اتخذ أحدا منكم خليلا . ولو كنت متخذا خليلا، لا تخذت أبا بكر خليلا. إن الله قد اتخذني خليلا، كما اتخذ إبراهيم خليلا. أوتيت البارحة مفاتيح خزائن الأرض والسماء" .
وكان ذلك تعريفا منه بأكمل أحواله ومقاماته - أن خلة إبراهيم، عليه السلام، كانت مستفادة من حيث الباطن من الخلة المحمدية الثابتة لحقيقته أولا وآخرا، كنبوته، بل نبوة جميع الأنبياء وكمالاتهم أيضا كذلك.
ومن تحقق أن روحه، عليه السلام، أبو الأرواح جميعا، لا يستغرب أن يكون كماله أصل جميع الكمالات.
فخلته ذاتية كنبوته، وخلة غيره عرضية كنبوته.
كما مر من أنغيره لا يكون نبيا إلا عند الاتصاف بالوجود الشهادي، وهو نبي حال كونهفي الغيب، لأن غيره ما دام في الغيب، محكوم بحكمه.
لذلك كان جميعهم تحتلوائه يوم القيامة، فإن الآخر مطابق للأول.
ولذلك قال حين التجاء الناس إليه وقالوا: اشفع لنا، فإنك خليل الله: (إنما كنت خليلا من وراء وراء). هذا منحيث المغايرة بينهما.
وأما من حيث أحدية عينهما وكون إبراهيم مظهرا منمظاهره الكلية، فالفرق بحسب المرتبة الكمالية الختمية، إذ كمال الخاتم للمقامأعلى وأرفع من كمال الغير الخاتم. والمراد بـ (الروح) في البيت المستشهد، الروح الحيواني الساري في جميع أجزاء البدن، أي: سريت في ذاتي وقلبي.
كسريان الروح الحيواني في مسالكه.
فأورد رضى الله عنه  مثالين: أحدهما عقلي، كقول الشاعر، لأن التخلل
عشق المحبوب مسالك الروح من المحب العاشق، وسريانه في جوهر ذاته أمرعقلي.
والآخر حسي، كقوله(كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن).
أي، تخلل الخليل، عليه السلام، الذات الإلهية بالاختفاء فيها والاتصاف بصفاتها، كما يتخلل اللون المتلون بسريانه في جميع أجزاء المتلون بحيث يكون هو هو في الحس.
ولا يفرق بينهما بالإشارة الحسية، فيكون مكانه عين مكان المتلون، ولا يكون بينهما امتياز في الحس، كالمكان والمتمكن.
و (الباء) في قوله: (بحيث) بمعنى (في). أي، يكون العرض في مكان جوهره لسريانه في جميع أجزاء الجوهر الذي هو المعروض.
و (ما) بمعنى (ليس.)والضمير الذي بعده عائد إلى (التخلل).
أي، ليس ذلك التخلل كتخلل جسم في جسم، ليكون أحدهما مكان الآخر، فيكون نسبة المتخلل إلى ما وقع فيه التخلل كنسبة المكان والمتمكن، فيلزم كون الحق ظرفا للتخليل، وفي عكسه حلول الحقفيه. وكلاهما باطلان.
بل كتخلل اللون المتلون. وشبه المعقول بالمحسوس تفهيما للطالبين، إذ كل ما وقع في الشهادة دليل على ما هو واقع في الغيب.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ولتخلل الحق وجود صورة إبراهيم، عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك).
عطف على قوله: (لتخلله وحصره). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله، ولتخلل الحق بظهور الهوية وسريانها في وجود إبراهيم في الخارج وعينهفي العلم. وفي كل حكم يصح من ذلك الوجود من الصفات والكمالات اللازمة لتعينه.
والمراد بـ (الصورة) عينه الخارجي. وإنما تعرض تخلل الحق في علة التسمية، لأن تخلله، عليه السلام، اثر تخلله تعالى شأنه، إذ كل ما يظهر للعبدمن الأحوال والكمالات إنما هو من تجليه باسمه (الأول) و (الباطن) وإيجاده في القلوب، فيكون التخلل من هذا الطرف في مقابلة التخلل من ذلك الطرف ولكون علة التسمية ظاهرا تخلله، عليه السلام، قدمه في الذكر، ثم نبه بمبدأه.
والتخلل من إبراهيم، عليه السلام، نتيجة قرب النوافل، ومن الحق نتيجة قرب الفرائض.
وفي بعض النسخ: (أو لتخلل الحق). أي، سمى الخليل خليلا لتخلله وجود الحق. أو لتخلل الحق وجوده.


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
الفص الإبراهيمي
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

المهيمية أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالهيمان ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى إبراهيم العلي لبلوغه مبلغا لا يدري أنه يخلل إبراهيم حضرات صفات الرب.
"الهيمان شدة العشق، وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أيه جهة كان، لا على التعيين وعدم امتیاز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده . كتاب نقد النصوص في شرح نقش الفصوص للجامي"
فصار الرب ظاهره متصلها بصفاته المحدثة باعتبار ظهوره فيه، أو تخلل الحق صفات إبراهيم فصار إبراهيم ظاهره متصفا بما يناسب صفاته القديمة، هذا كله باعتبار الصفات الظاهرة فقط، فجعل تارة للحق، وتارة لإبراهيم.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية. قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... و به سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان و المتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق الحق ).



خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
الفص الإبراهيمي
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية
المهيمية أي: ما يتزين به، ويكمل العلم اليقيني المتعلق بالهيمان ظهر بزينته وكماله في الحقيقة الجامعة المنسوبة إلى إبراهيم العلي لبلوغه مبلغا لا يدري أنه يخلل إبراهيم حضرات صفات الرب.
"الهيمان
 شدة العشق، وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أيه جهة كان، لا على التعيين وعدم امتیاز صاحبها بصفة مخصوصة تقيده . كتاب نقد النصوص في شرح نقش الفصوص للجامي"
فصار الرب ظاهره متصلها بصفاته المحدثة باعتبار ظهوره فيه، أو تخلل الحق صفات إبراهيم فصار إبراهيم ظاهره متصفا بما يناسب صفاته القديمة، هذا كله باعتبار الصفات الظاهرة فقط، فجعل تارة للحق، وتارة لإبراهيم.
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية. قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... و به سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان و المتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. وكل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.
ألا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات، وأخبر بذلك عن نفسه، وبصفات النقص وبصفات الذم؟
ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الحق من أولها إلى آخرها و كلها حق له كما هي صفات المحدثات حق الحق )
وأما ظهور الذات مع جميع الصفات فمختص بنبينا صلى الله عليه وسلم فسمي لذلك حبيبا من حبه القلبي الجامع لسر الروح والنفس.
فهو إشارة إلى جمعيته للكل، ولما اقتضت هذه الجمعية غاية الظهور لاستغراقها وجوه الظهور خفیت.
ولذلك لم ينص الحق تعالى في كتابه على كونه حبا بل أشار إليه بقوله: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله" [آل عمران: 31].
وقد نص على كون إبراهيم عليه السلام خليلا.  فقال: "واتخذ الله إبراهيم خليلا" [النساء: 125].
وإلى ما ذكرنا في معنى الخلة أشار بقوله: (إنما سمي الخليل خليلا) .
أي: سمى إبراهيم خليل الله؛ (لتخلله) أي: لجعله صفاته غير متمايزة عن صفات الحق عند ظهور الحق بصفات إبراهيم حين أخفى إبراهيم صفاته في صفات الحق (وحصره) أي إبراهيم (جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) باعتبار ظهوره في مظاهر العالم، وإلا فللحق صفات
لا تقبل الظهور، كما أشار إليه الحديث: "أو استأثرت به في علم الغيب عندك". رواه أحمد وابن حبان والحاكم .
وهذا اعتذار بأن غيره، وإن تتخلل بعض تلك الصفات فلا يسمى خليط؛ لأن ذلك حاصل في كل شيء، فلا يختص بهذا الاسم إلا من اتصف بجميع تلك الصفات، ثم استشهد على ذلك بما قال الشاعر:
قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
أي: صرت بحيث لا يمتاز قلبك عن قلبي الذي هو مسلك الروح .
(وبذا) أي: وهذا سمي أعني: عدم الامتياز (سمي الخليل خليلا) ثم شبه هذا التحلل المعنوي في عدم قبول الإشارة المعنوية المميزة بالتخلل الحسي للون مع المتلون في عدم قبول الإشارة الحسية المميزة .
"" قالهما الشاعر بشار بن برد :
قَدْ تخلَّلْتَ مسلكَ الروح مِنِّي ولذا سمي الخليلُ خليلا
فإِذَا ما انَطقْتُ كنْتَ حديثي   وإذا ما سكت كنتَ الغليلا
وهما بيتين قالهما البحتري
قَدْ تَخَلَّلْتَ مَسْلَكَ الرُّوحِ مِنِّي وَبِذَا سُمِّيَ الخَلياُ الخَلِيلاَ
وإِذا مَا نطَقْتُ كُنْتَ صَحِيحاً وإِذا مَا سَكَتُّ كُنْتَ عَليلاَ ""

فقال: (كما يتخلل اللون المتلون فيكون العرض) أي: اللون (بحيث جوهره) أي: في حيز جوهرة بحيث لا يمتاز أحد الحيزين عن الآخر.
(ما هو) أي: ليس هذا التحلل کالمكان والمتمكن، فإن حيز كل واحد منهما يمتاز عن الآخر بالإشارة الحسية هذا باعتبار كون الحق هو الظاهر بصفات إبراهيم.
ثم أشار إلى عکسه بقوله: أو (للتخلل الحق وجود صورة إبراهيم الخ) أي: بجعل الحق صفاته صفات إبراهيم عليه السلام  بحيث يظهر إبراهيم عليه السلام بما يناسب صفات الحق.
ثم أشار إلى حقية المعنيين في كون إبراهيم عليه السلام  سمي خليلا بحسب المواطن المختلفة فقال: وكل حكم يصح في خلة إبراهيم أو تسميته خليلا؟

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
05 - فصّ حكمة مهيّميّة في كلمة إبراهيميّة
فإنّ الهيمان هو شدّة العطش والوله .
ثمّ إنّ الوحدة الشخصيّة والأحكام الامتيازيّة التي بها تتعيّن الحقائق منها ما يحيط بتلك الحقائق إحاطة المكان بالمتمكَّن - بدون أن يكون بينهما امتزاج أو تحصل منهما هيأة وحدانيّة ، للاختلال بجهة المناسبة وفقدان كمال الجمعيّة الموجب لذلك الامتزاج والاتّحاد - كالمفارقات والبسائط المجردة .
وبيان ذلك : أنّ المجرّدات لعدم استيعابها التحقّق بسائر الأسماء فإنّها الجمعيّة القاضية بالمناسبة بينها وبين أصل التعيّن ومبدئه ، فلذلك إنّما أفيض عليهم ضرب من التعيّنات التي لا امتزاج لها بالمتعيّن - امتزاج التخلَّل والاختلاط ، كما في الأعراض السارية في الجواهر ، بل امتزاج الملاقاة والإحاطة ، كما للمكان بالنسبة إلى المتمكَّن .
وذلك لما عرفت من أنّ التعيّن الخارجي هو ثمرة ذلك الأصل وظلّ شجرته ، فبحسب ظهور المناسبة يقع الامتزاج ، وكمال تلك المناسبة مفقودة لديهم ، فلذلك إنّما اختلط التعيّن بهم اختلاط تمايز وتفرقة ، على ما لوّح إليه عقد العقل .
وبيّن أنّه إذا كان كذلك لا يقع مداركهم من ذلك الأصل إلَّا على حدوده ونهاياته ، ولذلك إنّما يدرك من الحقّ أوصافه العدميّة .
ومنها ما يختلط ويتخلَّل اختلاط الأعراض السارية في أجزائها ، الممتزجة بها كل الامتزاج ، كالمركَّبات الماديّة المنتهي أمر تمامها إلى القلب الإنساني ، وبذلك يستأهل أن يدرك من الحقّ أوصافه الثبوتيّة ، ويجمع بين التنزيه والتشبيه حاصرا للكلّ ، به يستحقّ لأن يحمد الله ويعرفه بالأوصاف الثبوتيّة والمتحقّق بذلك هو إبراهيم ، فإنّ من قبله من الأنبياء إنّما هم المسبّحون فقط.
وتمام تحقيق هذا الكلام : أنّ الكامل ما لم يترقّ عن مفترق المتقابلين - الذي هو منتهى مدارج النوع الإنساني ، وهو الذي يقال له « قاب قوسين » - كما مرّ غير مرّة - هو في طيّ أحدهما بالضرورة ، فالوحدة عنده هو الذي  في مقابله الكثرة ، والتنزيه هو الذي في مقابله التشبيه - إلى غير ذلك .
فأمّا إذا فاز بالوصول إلى مدارج الورثة الختميّة ، وبلغ إلى مقام الوحدة الحقيقية التي انطوى عندها ثنويّة المتقابلين ، فهو لا ينحجب بأحد المتقابلين عن الآخر ، بل إنّما يشهد كلَّا منهما في الآخر .
وجه اختصاص إبراهيم بالخلَّة
ومن فهم هذا عرف سبب اختصاص شهود القرب من الله بالخاتم وأهله وعلم وجه تصدير الفصّ هذا بالتخلَّل الذي هو سبب التسمية فإنّه لما كان إبراهيم هو أوّل من وفّى بمقتضى الحقيقة الإنسانيّة وفاز بالكمال الجمعيّ ، وتحقّق بالمقام القلبي ، وبه أسّس بنيان بيت الكمال الختمي ورفع قواعده ، سمّي خليلا .
وأشار إلى ذلك بقوله : ( إنّما سمّي خليلا لتخلَّله وحصره جميع ما اتّصفت به الذات الإلهيّة - قال الشاعر :
وتخلَّلت مسلك الروح منّي   .... وبه سمّي الخليل خليلا
كما يتخلَّل اللون المتلوّن ) فإنّ في القلب بإزاء كلّ اسم جزء يقابله ويظهر - هو به - ظهور الجوهر بالعرض - ( فيكون العرض بحيث جوهره ، ما هو كالمكان والمتمكَّن ) ، فإنّ حلوله فيه ليس حلول السريان ، بل إنّما امتزاجها بحسب الحدود والنهايات فقط .
قرب النوافل
وهذا التخلَّل المذكور هو المسمّى بـ « قرب النوافل » لما ورد في الصحيح:
"لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحببته ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ".
فإنّ مؤدّى تقرّب العبد إلى الحقّ بالنوافل والزوايد من الأوصاف والأفعال - متدرّجا فيها إلى أن ينتهي إلى حبّ الله الواحد بالوحدة الحقيقيّة له - إنّما هو الحصر المذكور ، على ما لوّح عليه "الحبّ " .
كما أنّ كون الحقّ عين سمع العبد وساير قواه مشعر بالتخلَّل الاستيعابيّ الإحاطيّ مطلقا .
وإنّما سمّى بقرب النوافل ، لأنّ الإدراك فيه إنّما نسب إلى العبد ، فإنّ ضمير « يسمع » إنّما يرجع إليه ، فهو القريب ، والعبد - من حيث هو عبد - زائد في الوجود نافل .
( أو  لتخلَّل الحقّ وجود صورة إبراهيم ) ، فإنّ إبراهيم عليه السلام لتحقّقه بالصفات الوجوديّة اكتسب صورته وجودا به يستعدّ للتخلَّل المذكور ، ولذلك قال :
" وجود صورة إبراهيم " بزيادة قيد « الوجود » وهو المسمّى بقرب الفرائض لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم : « إنّ الله قال على لسان عبده : سمع الله لمن حمده » ، لأنّ الإدراك وسائر الأوصاف إنّما هو للحقّ في هذا القرب ، ووجود الحقّ مقطوع به ، والفرض : القطع - لغة - .
وملخّص هذا الكلام : أنّ الكمال الجمعي الذي هو موطن تحقّق إبراهيم - كما أشير إليه - إنّما يقتضي إثبات عين العبد مع الحق ضرورة ، وحينئذ يتحقّق نسبة القرب .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(إنما سمي الخليل خليلا لتخلله و حصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية.
قال الشاعر: قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا
كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام.)
الفص الإبراهيمي
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (إنما سمي الخليل خليلا بتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية ؛ قال الشاعر :)

بسم الله الرحمن الرحيم
05 - فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية

إنما خص الحكمة المهيمية بالكلمة الإبراهيمية لأن التهييم من الهيمان وهو صفة تقتضي عدم انحياز صاحبها إلى جهة بعينها بل إلى المحبوب في أي جهة كان لا على التعيين .
وهذه الصفة تحققت أولا في الملائكة المهيمين تجلى لهم الحق سبحانه في جلال جماله فهاموا فيه وغابوا عن سوى الحق حتى عن أنفسهم.
وثانيا من كمل الأنبياء في إبراهيم عليه السلام حيث غلب عليه محبة الحق حتى تبرأ عن أبيه في الحق وعن قومه وتصدى لذبح ابنه في سبيل الله .
وخرج عن جميع ماله مع كثرته المشهورة لله سبحانه ، وإنما قرنها بالحكمة القدوسية، لأنه وجب أن يذكر بعد الصفات التنزيهية السلبية أحكام الصفات النبوية ومراتبها.
وأول مظاهرها : الإنسانية، لت?میل مرتبة المعرفة بالذات فإن السلوب لا تفيد معرفة تامة أصلا.
وكان الخليل عليه السلام أول مرآة ظهرت بها أحكام الصفات الإلهية الثبوتية.
وأول من حاز التخلق بها، فله أولية الظهور بالصفات الإلهية الثبوتية بمعنى أنه بحقيقته كسائر الذات بالصفات.
وهذه المناسبة ورد في الصحيح أن أول من ي?سی يوم القيامة من الخلق إبراهيم عليه السلام ، لأنه الجزاء الوفاق. رواه البخاري ومسلم وغيرهم
(إنما سمي الخليل) يعني إبراهيم عليه السلام (خليلا لتخلله وحصره جميع ما اتصفت به الذات الإلهية) .
والمراد بتخلله الصفات الإلهية وحصرها إياها دخوله حضراتها وقيامه بمظهریانها واستيعابه إياها بحيث لا يشذ شيء منها بشرط أن تكون ظهور تلك الصفات فيه علی وجه يكون على جهة الإطلاق.
والحقية فيها غالبة على جهة التشييد والخلقية ، واستشهد لما ذكره من التخلل على وجه الاستيعاب وفي وجه التسمية بها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (قد تخللت مسلك الروح مني ... وبه سمي الخليل خليلا كما يتخلل اللون المتلون، فيكون العرض بحيث جوهره ما هو كالمكان والمتمكن، أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم عليه السلام. و كل حكم يصح من ذلك، فإن لكل حكم موطنا يظهر به لا يتعداه.)
قال الشاعر بشار بن برد  :( قد تخللت مسلك الروح مني)، أي دخلت من حيث محبتك جميع مسالك روحي من القوى والأعضاء بحيث لم يبق شيء منها لم يصل إليه (وبه) أي بسبب هذا التخلل (سمي الخلیل) كائنا من كان (خليلا).
ثم لما كان التخلل المذكور في وجه التسمية أمرا معقولا مثله في صورة محسوسة، ولم يكتف بالتمثيل العقلي المفهوم من البيت المستشهد به توضيحا للطالبين.
فقال : (كما بتخلل اللون) الذي هو عرض (المتلون) الذي هو جوهر يحل فيه ذلك العرض حلول السريان (فيكون)، أي بوجد (العرض بحيث) يوجد (جوهره) الذي هو قائم به حال فيه .فلا يحل جزء من أجزاء الجوهر من العرض فيستغرق العرض جميع أجزائه .
(ما هو)، أي ليس ذلك التخلي المماثل لتختل اللون المتلون (كالمكان والمتمكن)، أي كالتخلل الواقع بين المكان والمتمكن بأن يكون بين سطحيهما تماس من غير امتزاج واستيعاب.
وإنما نفى الشيخ رضي الله عنه مماثلة تخلل العبد وجود الحق و صفاته عن تداخل المتمكن المكان مع أن الحق سبحانه كما أنه منزه عن أن يكون بذاته وصفة ظرفا لشيء أو مظروفا له .
كذلك منزه عن أن يحل شيء أو يحله شيء حلول السريان، لأن المقصود من هذا التمثيل تصویر كمال الإحاطة والاستيعاب.
وهو في الصورة الأولى لا الثانية (أو لتخلل الحق وجود صورة إبراهيم) أي صورته الوجودية الروحانية أو الجمسانية الدنيوية والأخروية .

وفي بعض النسخ و لتخلل الحق بالواو وقالوا وبناء على أنه عليه السلام جامعا بين التخللین , او بناء على أن أحدهما يكفي في وجه التسمية.

واتساب

No comments:

Post a Comment