Sunday, July 14, 2019

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس فص حكمة مهيمية في كلمة إبراهيمية الفقرة السادسة .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها عبدالله المسافر بالله

05 - The Wisdom Of Rapturous Love In The Word Of ABRAHAM

الفقرة السادسة :
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات) الإلهية (لو تعرت عن هذه النسب) التي هي الأوصاف والأسماء والأفعال والأحكام (لم تكن إلها ).
(وهذه النسب) المذكورة (أحدثتها) عندنا له أي أظهرتها من قوله تعالى: "وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث" [الشعراء: 5]، أي عندهم (أعياننا) إذ لا يتصف الله تعالى بالقدرة ويسمى بالقدير ويفعل ويحكم إلا بعد إمكان تصور مقدور ومفعول ومحكوم عليه.
فالمقدورات الممكنة كشف عنها علمه من الأزل، فأرادها فقدر عليها، فهو بها عالم مرید قادر .
(فنحن) لأننا عين تلك المقدورات الممكنة العدمية (جعلناه) من حيث ظهوره لنا (بمألوهيتنا)، أي بسبب أننا مألوهون له تعالى وهو إلهنا (إلها) فإن الإله هو الذي عنده جميع حوائج عباده إيجادا وإمدادا.
فالألوهية هي مجموع الصفات والأسماء والأفعال والأحكام، وهي وصف إضافي بالنسبة إلى المألوهين وهم عباده.
وهو الاههم وليس هو إلها لنفسه، لأن نفسه ليست مألوهة له، فهو غني بنفسه عن العالمين، لا بصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه.
إذ لولا العالمين ما تميزت من ذاته صفاته ولا أسماؤه ولا أفعاله ولا أحكامه، والصفات للتميز.
ولو لم يكن في العدم مم?نات توجد فتحدث فيتميز سبحانه وتعالى عنها بصفاته التي هي غير ذاته باعتبار هذا التميز فقط لكانت الصفات عين الذات، والأسماء للتعيين. ولولا تلك الممكنات العدمية لما احتاج عندها للتعيين إذ هو متعين عند نفسه، والأفعال لا تكون من غیر منفعلات.
وكذلك الأحكام من غير محكوم عليهم، فهذه الحضرات الأربع لذات الله تعالى باعتبار العالمين دون قید وجودهم، لأنه منه سبحانه .
والمراد باعتبار الممكنات العدمية التي إمكانها بلا جعل جاعل.
والحاصل أن هذا الكلام من الشيخ رضي الله عنه مبني على أن صفات الله تعالی عین ذاته كما صرح به في كتابه «الفتوحات المكية» وغيرها.
ومعنى ?ونها عين الذات أنها ليست زائدة على الذات المقدسة زیادة حقيقية كزيادة العرض على الجرم حين يتصف الجرم به.
ولا ينكر الشيخ رضي الله عنه زيادتها على الذات باعتبار مفهومها، ولكنه
لا يعتبر المفهوم، لأنه معنی عقلي تنزهت عنه صفات الله تعالى أن ينسب إليها، فكانت الصفات عين الذات عنده وهو معترف بالصفات لا يجحدها.
حتى يكون قوله كقول الحكماء بأن الصفات عين الذات، وأنه لا صفة لله تعالی عندهم.
وإذا كانت الصفات عين الذات الإلهية على معنى أنه تعالى إذا اتصف بالقدرة مثلا لم يكن ثمة إلا ذاته متوجة إلى إيجاد المم?نات على وجه لا يعلم به إلا هو فتسمى ذاته قدرة وإذا اتصف بالعلم كذلك فتسمى ذاته علما .
وهكذا إلى آخر الصفات فلولا المم?نات العدمية لما اتصف بالصفات، وهو متصف بها من الأزل لأنها عين ذاته.
ولكن معنى اتصف ظهر أنه متصف، فإنه تعالی لولا المم?نات العدمية كان مجملا واحدة صفاته في ذاته ، وأسماؤه في صفاته، وأفعاله في أسمائه ، وأحكامه في أفعاله.
والممكنات العدمية فصلته وميزت بين حضراته، وهو على ما هو عليه في إجماله وإنما تفصيله بالنسبة إلينا.
ونحن من جملة التفصيل، فكل واحدة في عالمها لم تتغير، وهذا معنى قوله : فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، أي فصلنا مجمله عندنا بإمكاننا وهو على ما هو عليه عند نفسه ، والله غني عن العالمين.
وإذا كنا نحن الذين بإمكاننا فصلنا إجمال ذاته تعالی و میزنا بين ذاته وصفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه حتى أظهرنا بذواتنا وحقائقنا الممكنة العدمية ألوهية وربوبية بسبب أننا قبلنا تقديره لنا وتخصيصه أحوالنا كلها بما أراد.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلا يعرف) هو سبحانه وتعالى يعني لا يمكن أن يعرفه أحد غيره تعالى، ولا غير إلا نحن، ونحن به تعالی لا بأنفسنا.
لأننا نفس تلك الذوات الممكنة العدمية التي بها اتصف وتسمى وفعل وحكم كما ذكرنا (حتى نعرف) نحن حيث إننا أصل عظيم في تفصيل إجماله تعالى، وهو تعالى لا يعرف إلا في التفصيل لا في الإجمال.
كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " من عرف نفسه" من حيث إمكانها وقيامها بصفات الله تعالی وأسمائه وأفعاله وأحكامه المنفصلة من مجمل ذاته تعالى.
"فقد عرف ربه". أى أنه الموصوف بالصفات القديمة التي لا تدرك، والمسمى بالأسماء الأزلية التي لا يحاط بها، والفاعل بالفعل القديم والحاكم بالحكم العظيم. (وهو)، أي قائل هذا الكلام وهو النبي عليه السلام (أعلم الخلق بالله تعالی)، فلولا أن معرفته تعالى لا تمكن لأحد إلا بمعرفة صفاته وأسمائه وأفعاله وأحكامه، ومعرفة هذه الحضرات الأربع لا تمكن إلا بمعرفة مفصلها من إجمال الذات العلية، إذ هي بالنسبة إليه تعالی عین الذات ومفصلها من إجمال الذات هي نفس كل أحد. كما قال صلى الله عليه وسلم : «من عرف نفسه فقد عرف ربه» فمعرفة الله تعالى التي تمكن لكل أحد معرفة ذات غيبية مجملة تفصل منها نفس العارف بها صفات غيبية أيضا وأسماء وأفعالا وأحكاما غير هذا لا يمكن، فمن لم يعرف نفسه لا يعرف ربه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن بعض الحكماء) من الفلاسفة (وأبا حامد) الغزالي رحمه الله ، فإنه كان في ابتدائه فیلسوفا، ثم تخلص من الفلسفة بالتصوف (ادعوا أنه) يمكن أن يعرف الله تعالى (من غیر نظر في العالم) وهو مبني عندهم على كون الله علة للعالم.
والعالم معلول بعضه عن بعض ثم عنه تعالى، والعلة لا يتوقف معرفتها على معرفة المعلول إلا من حيث كونها علة لهذا المعلول.
وأما معلول معلولها فهو أجنبي عنها (وهذا غلط) منهم.
(نعم تعرف) من غير النظر في العالم (ذات قديمة أزلية) أبدية مجملة (لا يعرف أنها إله)، أي موصوفة بالصفات مسماة بالأسماء لها أفعال وأحكام.
قال الشيخ رضي الله عنه : (حتى يعرف المألوه) وهو العالم (فهو)، أي المألوه الذي هو العالم (الدليل عليه) أي على الله تعالى من حيث إن العالم كله صادر عن الله تعالی بمقتضى إرادته واختياره.
فهو مقتضی صفاته سبحانه وأسمائه وأفعاله وأحكامه وكيف يعرف المقتضي بصيغة الفاعل ما لم يعرف المقتضی بصيغة المفعول (ثم بعد) معرفتك في ابتداء الأمر (هذا) يعني أنه تعالى لا يعرف إلا بالعالم الدليل عليه.
(في ثاني الحال) بعد تدربك على السلوك (يعطيك الكشف) الصحيح (أن الحق) تعالی (نفسه كانت عين الدليل على نفسه) إذ كل دليل في الكون يدل عليه تعالى. هو ظهور من ظهوراته تعالى، وما في الكون إلا دليل يدل عليه تعالى، فما في الكون إلا ظهوراته تعالی.
فهو الظاهر بصورة الدليل العقلي والحسي، وهو الظاهر بصورة المدلول عليه عقلا وحسا.
(و) عين الدليل على ألوهيته بل لو دل شيء على شيء كالدخان يدل على النار في الحس، وانقسام العدد بمتساويين يدل على الزوجية في العقل كان هو تعالی عين الدليل والمدلول والمستدل.
وما ثم في الكون إلا هو ظاهر بصورة كل مم?ن عدمي بسبب إمساكه للصور العدمية بقدرته التي هي عين ذاته مما يليه . كما قال تعالى : "إنا كل شيء خلقته بقدر " [القمر: 49] في قراءة من قرأ برفع كل على أنه خبر إن.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها) أي لم يظهر ألوهيته .
(وهذه النسب) أي الصفات الإلهية التي تثبت للحق كالخالق والرزاق وغير ذلك من الصفات الإضافية.
(أحدثتها أعياننا) أي أظهرت أعياننا الخارجية هذه الصفات .
(فنحن جعلناه بمالوهيتنا إلها) أي فنحن بعبوديتنا أظهرنا معبوديته كما أظهرنا بأعياننا الخارجية ألوهيته .
وهي اتصافه بجميع الصفات فإذن لم يكن ظهور الصفات إلا بوجودنا (فلا يعرف الحق من حيث الصفات .
(حتى نعرف) فيتوقف معرفة الحق من حيث الصفات إلى معرفة وجودنا كما توقف ظهور الصفات إلى وجودنا.
(قال عليه السلام: فمن عرف نفسه فقد عرف ربه) فقد ربط معرفة الرب إلى معرفة النفس .
""ففي الأثر: «من عرف نفسه فقد عرف ربه» .ذكره المناوي في التيسير بإسناد جيد وكذلك فى فتح القدير و ذكره على القاري فى مشكاة المصابيح.
قال الشيخ الأكبر محيي الدين: هذا الحديث «من عرف نفسه فقد عرف ربه» ؛ وإن لم يصح من طريق الرواية؛ فقد صح عندنا من طريق الكشف.أهـ
كذلك تؤكده صحته شواهده فى الآية :"سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ[فصلت : اية41 ] و الآية : " وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21) الذاريات" فمن عرف نفسه فقد عرف ربه.""
قال الشيخ رضي الله عنه : (وهو أعلم الخلق بالله) فدل ذلك على أن الأمر كما قلناه فلا يعلم الحق من حيث إنه إله من غير نظر إلى العالم .
فلا تطلب أنت معرفة الحق من غير نظر إلى العالم لئلا تقع في الغلط .
(فإن بعض الحكماء) وهو أبو علي "الرئيس ابن سيناء الفيلسوف الطبيب"ومن تابعه (وأبا حامد) وهو الإمام الغزالي ومن تابعه (ادعوا أنه) والضمير للشأن .
(بعرف الله من غير نظر إلى العالم وهذا غلط نعم نعرف ذات قديمة أزلية) لا كلام ولا نزاع فيه وإنما كلامنا في أنه ( لا يعرف انها إله حتى يعرف المألوه فهو).
أي المألوه (الدليل عليه) أي على الإله فمن لم يعرف الدليل لم يعرف المدلول وأبو حامد نفي بذلك بقوله : يعرف الله من غير نظر إلى العالم .
وأما معرفة ذات قديمة أزلية فثابت عند الشيخ بدون النظر إلى العالم .
(ثم بعد هذا) أي بعد معرفتك الحق بالعالم وهذا أول مرتبة في العلم بالله لأنه استدلال من الأثر إلى المؤثر ولا توقف له على الكشف.
لذلك قال  رضي الله عنه : (في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كل عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته) فإن الاستدلال من الأثر إلى المؤثر يوصل إلى هذا الكشف على معنى أنه استدللنا بوجودنا الخارجي إلى أعياننا الثابتة.
لأنه أثرها و استدللنا بأعياننا على ألوهيته وهي صفات الله وأسمائه و استدللنا بأسمائه وصفاته على ذاته تمت مرتبة الاستدلال ثم يعطيك الكشف أن أعياننا الثابتة عين الصفات.
وأن الصفات عين الذات فكان الحق نفسه عین الدليل على نفسه وعلى ألوهيته .
فإذا كان الحق عين الدليل على نفسه كأن نفس الحق دليلا على نفسه وعلى ألوهيته لا العالم .
بل العالم مرآة لفيضانه الوجود فيه بالتجلي الاسمائی كالمرآة .
فإن المرآة ليست دليلا على وجود الرائي بان الدليل هو الصورة الحاصلة فيها من الرائي التي هي عين الرائي.فكان الرائي عين الدليل على نفسه.


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
لا بد أن يكون قويا على صفات غير متناهية تظهر، لكنها قبل ظهورها ما كانت لها أعيان ثابتة لأن الشيء لا يسبق وجوده وجود هذا، هو الحق.
أما الشيخ فإنه يقول": هي متمايزة قبل وجودها فهذا هو الخلف وإن كان الشيخ لا ينكر ما أقوله أنا.
وأما أنا فأنكر ما يقوله الشيخ، رضي الله عنه، من " ثبوت الأعيان قبل كونها، وعذر الشيخ، رضي
الله عنه، تئزله إلى عقول المحجوبين رجاء أن يمكر بهم في إثباتها ثم يخلصهم بعد ذلك إلى حضرة الوحدانية
فنعود ونعيد ما اصطلحنا عليه ونقوله إن النور الوجودي كان في ذاته، و وحداني، أن يظهر كثيرا.
وقولنا: في ذاته، مجاز إذ ليس في ذاته غير ذاته.
فنقول: إن كونه في ذاته له قوة أن يظهر كثيرا نحن سميناه بالمعنى وفرضناه أنه بلسان الحال، يتقاضي النور الوجودي الظهور بما في قوته، لا بمجاورة" فظهر بالواحد والكثير .
وهو في نفسه لا واحد ولا كثير فاحس الذهن بالمتغایرات لا بالتغايرات.
فتوهم أنه احس بالتغايرات والمتغايرات فسمي هذه التغايرات التي غلط في اثباتها أعيانا ثابتة.
وسميتها أنا تبعا للشيخ، رضي الله عنه: المعنى الكلي وهذه التغايرات جزؤياته.
فإذا تحقق أحد بالبقاء بعد الفناء في الشهود رأى أنه ليس مع النور غيره ولا تغايرات هناك وحيث أثبتها الشيخ، رضي الله عنه، قرر فيها ما ذكره في هذه الحكمة وفي غيرها. لكنا جميعا نجتمع في التصريح بأنه ليس مع الله غيره.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال رضي الله عنه : " ثم إنّ الذات لو تعرّت عن هذه النسب ، لم تكن إلها . وهذه النسب أحدثتها أعياننا ، فنحن جعلناه بألوهيّتنا إلها ، فلا يعرف حتى نعرف " .
يعني رضي الله عنه : أنّ تحقّق أحد المتضايفين يتوقّف على الآخر بالضرورة فالإلهية والربوبية والخالقية لا تتحقّق إلَّا بالمألوه والمربوب والمخلوق وجودا وتقديرا ، فلا يعرف الله من كونه إلها ، حتى يعرف المألوه .
قال رضي الله عنه : « قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من عرف نفسه فقد عرف ربّه » وهو أعلم الخلق بالله .
فإنّ بعض الحكماء وأبا حامد ادّعوا أنّه يعرف الله من غير نظر إلى العالم ، وهذا غلط . نعم ، تعرف  ذات قديمة أزليّة لا يعرف إنّها إله ، حتى يعرف المألوه ، فهو الدليل عليه


يعني رضي الله عنه : أنّ الألوهية والربوبية وغيرهما من النسب لا تحقّق لها كما مرّ إلَّا بالمألوهية والمربوبية ، فإنّها حقائق إضافية ، فلا وجود لها إلَّا بالنسبة والإضافة ، ولا تثبت للذات المطلقة إلَّا بشرط موصوفيتها بالإيجاد والربوبيّة ، ولا ربوبية إلَّا بالمربوب ، فالربوبية والإلهية والخالقية ومعرفتها يتوقّف ثبوتها للذات المطلقة على المربوب والمألوه والمخلوق وإن لم يتوقّف وجودها الذاتي على شيء أصلا ، فإنّ الله من حيث ذاته غنيّ عن العالمين وعن الأسماء الإلهية .
قال رضي الله عنه : « ثمّ بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أنّ الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ".
                                                                              
شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم يكن إلها ، وهذه النسب أحدثتها أعياننا فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها فلا يعرف حتى نعرف ،قال عليه الصلاة والسلام « من عرف نفسه فقد عرف ربه » وهو أعلم الخلق باللَّه)
يعنى إن الذات الإلهية لا تثبت لها الصفات والنسب الأسمائية إلا بثبوت الأعيان ، فإن الصفات نسب والنسب لا تثبت بدون المنتسبين ، فالإلهية لا تثبت إلا بالمألوهية ، والربوبية بالمربوبية ، وكذا الخالقية والرازقية وأمثالها ، ولا يعرف أحد المتضايفين إلا بالآخر ، ولذلك علق عليه الصلاة والسلام معرفة الرب بمعرفة المربوب .
"" من حاشية تعليقات بالى زادة : ( وهذه النسب ) أي الصفات الإلهية التي ثبتت للحق كالخالق والرازق ، إلى غير ذلك من الصفات الإضافية ، فلا يعلم الحق من غير نظر إلى العالم . اهـ بالى ""
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط ، نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا تعرف أنها إله حتى يعرف المألوه ، فهو الدليل عليه )
أبو حامد هو الغزالي رحمه الله ، والمراد أن الذات الموصوفة بصفة الألوهية لا تعرف إلا بالمألوهية كما مر .
بل العقل يعرف من نفس الوجود وجود الواجب وهو ذات قديمة أزلية ، فإن الله بالذات غنى عن العالمين لا بالأسماء ، فالمألوه هو الدليل على الإله .
قال الشيخ رضي الله عنه : ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف ، وأن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ، )
"" من حاشية تعليقات بالى زادة :  ( وهذه النسب ) أي الصفات الإلهية التي ثبتت للحق كالخالق والرازق ،إلى غير ذلك من الصفات الإضافية ، فلا يعلم الحق من غير نظر إلى العالم.
( ثم بعد هذا ) أي بعد معرفتك الحق بالعالم ، وهو أول مرتبة في العلم باللَّه لأنه استدلال من الأثر إلى المؤثر ، ولا توقف له على الكشف ، فإن الاستدلال المذكور يوصل إلى هذا الكشف ، على معنى أنه استدللنا بوجودنا الخارجي إلى أعياننا الثابتة لأنه أثرها ، واستدللنا بأعياننا على ألوهيته وهي صفات الله وأسماؤه ، واستدللنا بأسمائه وصفاته على ذاته تمت مرتبة الاستدلال
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ثم يعطيك الكشف ) أن أعياننا الثابتة عين الصفات وأنها عين الذات ، فكان الحق نفسه عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته ، فإذا كان الحق عين ( الدليل ) كان نفس الحق دليلا ( على نفسه وعلى ألوهيته ) لا العالم بل العالم مرآة لفيضانه الوجود فيه بالتجلي الأسمائى كالمرآة ، فإن المرآة ليست دليلا على وجود الرائي .
بل الدليل هو الصورة الحاصلة فيها من الرائي التي هي عين الرائي ، فكان الرائي عين الدليل على نفسه ، فلا تحصل له هذه المعرفة لأن المعرفة في الحضرة فرع المعرفة بنفس الحضرة ، ومن لم يعرف الحضرة لم تكن الحضرة مرآة له ، ولم تظهر له الصور فيها حتى تحصل المعرفة اهـ بالى .""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ثم، إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها) واعلم، أن (الإله) اسم الذات من حيث هي هي. مع قطع النظر عن الأسماء والصفات باعتبار،واسم الذات مع جميع الأسماء والصفات باعتبار آخر. والمراد هنا الاعتبار الثاني.
و(الإلهية) اسم مرتبة حضرة الأسماء والصفات التي هي النسب المتكثرة باعتباراتووجوه تحصل للذات بالنظر إلى الأعيان الثابتة المتكثرة الثابتة في أنفسها واستعداداتها، لأن المرتبة كما يستدعى من يقوم به. كذلك يستدعى من يجرى عليه أحكامها، كالسلطنة والقضاء.
فلو لم تعتبر هذه النسب، لم يبق إلا الذات الإلهية التي لا يشار إليها بوجه من الوجوه، ولا يوصف بنعت من النعوت، وهو مقام الهوية الأحدية التي تستهلك النسب كلها فيه.
فيكون الحق تعالى إلها، أي في مرتبة حضرة الأسماء والنسب الإلهية باعتبار أعياننا، كما أن السلطان سلطان بالنسبة إلى الرعية، والقاضي قاض بالنظر إلى أهل المدينة.
فتلحق هذه النسب إليه تعالى بناء، كما تلحق النسب للواحد بالنظر إلى الأعداد: وهي كونه نصف الاثنين وثلث الثلاثة وربع الأربعة، وكالخواص الحاصلة للواحد بواسطة لزومها المراتب العددية.
ولو قطعنا النظر عن هذه المراتب، لم يلحق للواحد تلك النسب، ولم يحصل له تلك الخواص.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهذه النسب أحدثتها أعياننا). أي، هذه الصفات إنما ظهرت بأعياننا،إذ لو لم تكن، لما كان يظهر (الخالق) و (الرازق) و (القادر)، ولا (السميع) و (البصير)، وغير ذلك من الأسماء والصفات الإضافية.
وليس المراد بـ (الإحداث) الجعل والإيجاد، لأنا مجعولون وموجودون بها فبجعل الحق وإيجاده إيانا تظهر تلك الصفات.
(فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها). المراد بـ (المألوهية) عند هذه الطائفة، مرتبة العبودية، وبـ (المألوه) العبد، لا المعبود، لا كما يقول المفسرون من أن (الإله) بمعنى (المألوه)، وهو المعبود، كالكتاب بمعنى المكتوب.
ومعناه: نحن أظهرنا بعبوديتنا معبوديته، وبأعياننا إلهيته، إذ لو لم يوجد موجود قط، ما كان يظهر أنه تعالى (إله).
بل العلة الغائية من إيجادنا ظهور إلهيته، كما نطق به: (كنت كنزا مخفيا...).
فـ (الجعل) ليس على معناه الحقيقي، بل على معناه المجازى. وهذا ليس بلسان أهل الصحو. وفيه نوع من الشطح لما فيه من الرعونة الغير اللائقة للمتأدبين بين يدي الرحمن.
ونظيره كما يقول لسان الرعية والمريد والتلميذ: إن السلطان بوجودي صار سلطانا، وبإرادتي وقرائتي عليه صار الشيخ شيخا والأستاذ أستاذا.
وفيه أقول:
ألا جابري رفقا علي فإنني   ..... أكاشف عما فيكم من سرائري
فيظهر بالقلب المعنى جمالكم    .... كما ظهرت ليلى بقيس بن عامري
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فلا يعرف حتى نعرف. قال، عليه السلام: (من عرف نفسه، فقد عرف ربه.) وهو أعلم الخلق بالله).
أي فلا يعرف الحق من حيث إنه (إله) حتى نعرف، لتوقف تعقل هذه الحيثية التي هي النسبة إلى تعقل المنتسبين، كما قال،عليه السلام صلى الله عليه وسلم : "من عرف نفسه، فقد عرف ربه". أي، أوقف معرفة الرب على معرفة النفس التي هي المربوب.
فإن الرب، من حيث هو رب، يقتضى المربوب، وهو، أي النبي، صلى الله عليه وسلم، أعرف الخلق بالله.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط.)
الضمير في (أنه) للشأن. و (يعرف) على البناء للمفعول. والمراد بـ (بعض الحكماء) أبو على وأتباعه. "" مراده من بعض الحكماء هو الشيوخ الفلاسفة، كالرئيس ابن سينا. والشيخ أثبت الحق ببرهان سماه برهان الصديقين وأن ذكر هذا البرهان في الإشارات لإثبات الواجب. وأخذ منه أبو حامد الغزالي ، كما أخذ جميع عقائده في الكلام عن الحكماء، وفهم أن عقائد الحكماء ومطالبهم في المبدأ والمعاد أتم من آراء أرباب الكلام.""
أي الإمام الغزالي وأبو على ومن تابعهما ادعوا أن الله يعرف من غير نظر إلى العالم.
وأنهم يستدلون بالمؤثر على الأثر، وهو أعلى مرتبة من الاستدلال بالأثر على المؤثر.
وحاصل استدلالاتهم ترجع بأن الوجود الممكن لإمكانه يحتاج إلى علة موجودة غير ممكنة، وهو الحق الواجب وجوده لذاته.
وهذا أيضا استدلال من الأثرإلى المؤثر، فلا يتم دعواهم. فلذلك نسبهم إلى الغلط، أو لعدم إمكان تعقل النسبة بدون المنتسبين
قال الشيخ رضي الله عنه :  (نعم، تعرف ذات قديمة أزلية لا تعرف أنها إله حتى يعرف المألوه، فهو الدليل عليه).
أي، إذا أمعن النظر صاحب الفطانة والذهن المستقيم في نفس الوجود، يمكن أن يعرف أن ذاته قديمة أزلية واجبة، هي لها بذاتها لا بحسب الاستدلال،بل بوجدان الأمر على ما هو عليه على سبيل الذوق. ثم يتمكن من التنبيه لغيره أيضا، ليجد هو أيضا كذلك.
كما بينا في فصل الوجود في أول الكتاب.
أما المعرفة بأنها إله صاحب أسماء وصفات، فلا يمكن حتى ينظر إلى العالم، فيستدل
بالعبودية على المعبودية، وبالمربوبية على الربوبية. فـ (العالم) هو الدليل على الإلهمن حيث إنه إله، لذلك قيل إنه مأخوذ من (العلامة) وهي الدليل.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ثم، بعد هذا في ثاني الحال، يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه وعلى ألوهيته) هذا كشف مقام الجمع.
أي، بعد معرفة الإله بالمألوه، ومعرفة الذات القديمة الأزلية صاحب المرتبة الإلهية والتوجه إليه توجها تاما، تنفتح عين بصيرتك.
فيكشف لك أن الحق هو الدليل على نفسه بتجليه الذاتي لإفاضة أعياننا بالفيض الأقدس.
وهو الدليل على ألوهيته بالتجلي الأسمائي والصفاتي لحقائقنا، لا غيره المسمى بـ (العالم).
وبهذا المعنى قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حين سئل: (بما عرفت الله تعالى؟)
قال: (بالله عرفت الأشياء.)
فإن السؤال كان عن الذات الإلهية، أي بم عرفت ذات الحق.
فأجاب: بالحق عرفت الأشياء، وبنوره، لا عن المرتبة، فإن العلم بالمرتبة الإلهية لا يكون إلابعد العلم والمعرفة بالذات، وأين المحجوب من هذه المعرفة؟
"" يقول الإمام علي بن أبي طالب : إذا تم العقل نقص الكلام ".
ويقول : " كل عقل لم يحط بالدين فليس بعقل ، وكل دين لم يحط بالعقل فليس بدين " .
" قيل للنوري : بما عرفت الله ؟
فقال بالله .
فقيل فما بال العقل ؟
قال : العقل عاجز لا يدل إلا على عاجز مثله.
يقول الشيخ إبن مرزوق : " قال بعضهم : سألت ألف شيخ عن أربع مسائل فلم أر منهم شفاء لمرادي ، فرأيت النبي في المنام ، فقلت : يا رسول الله … ما العقل ؟
فقال : أدناه ترك الدنيا وأعلاه ترك التفكر في ذات الله. ""
ومن لسان هذين المعنيين قيل:
فلولاكم ما عرفنا الهوى     ..... ولو لا الهوى ما عرفناكم
وسر أن الشيخ أورد هذه المباحث في هذا الفص، كون إبراهيم، صلوات الله عليه، طالبا للحق، مستدلا عليه بالمظاهر الكوكبية، فإنه، عليه السلام، عرف أولا أن له ربا خلقه، ثم غلب عليه العشق، فطلبه إلى أنهداه الله وتجلى له.



خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه :
(ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها.
وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف.
قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط.)
ثم أشار إلى أنه لا يبعد منا أن نفيده صفات بحسب ظهوره فينا بعد وجودنا فقد أفدناه قبل وجودنا ما هو أصل الصفات وأكملها.
فقال رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب) التي بيننا وبينه في الإيجاد والتكميل وغيرهما، وهي العلم، والإرادة، والقدرة، والكلام، وغيرها (لم تكن إلها).
وهي ليست من ذاته فقط بل (هذه النسب أحدثتها أعياننا) لتوقف النسب على المنتسبين.
وما توقف عليه الشيء، فالشيء كأنه محدث به، وإن كان قديما بالزمان، فهو حادث بالذات للافتقار إلى الغير، وصفاته تعالى من حيث هي نسبة تتوقف على أعيان الموجودات.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها)، وإن كانت ذاته قديمة بالذات، وصفاته بالنظر إليها كذلك، وكذا بالزمان لكنها باعتبار كونها نسبا تتوقف على أعياننا توقفها على ذاته، والإلهية متوقفة عليها، فهي أولى بأن تكون مستفادة منا وإذا توقفت إلهيته وسائر صفاته التي لها نسبة إلينا علينا، ولو بحسب التصور لا في نفس الأمر فلا يعرف من حيث هو إله، ويتصف بتلك الصفات .
قال الشيخ رضي الله عنه : (حتى نعرف قال صلى الله عليه وسلم : «من عرف نفسه، فقد عرف ربه ) فجعل معرفة النفس سببا لمعرفة الرب فتنعدم عند عدم سببها.
قال الشيخ رضي الله عنه (وهو أعلم الخلق بالله) فلا يسمع بإزائه قول غيره، أنه يعرف من غير معرفة النفس، (فإن بعض الحكماء) كأبي علي بن سينا وأتباعه، (وأبا حامد) الغزالي من الأثر على المؤثر برهان، إني ومن المؤثر على الأثر برهان لي هو أكمل من الأول.

(وهذا) القول منهم (غلط) لأنهم إن أرادوا أن المؤثر من حيث هو مؤثر يدل على الأثر فلا شك أن معرفة مؤثريته تتوقف على معرفة الأثر.
إذ التأثير الذي هو جزء مفهوم المؤتر نسبة تتوقف على المنتسبين، فلا يعرف كونه مؤثرا وإلها بدون الأثر، وإن أرادوا أن ذات المؤثر إذا عرفت من حيث هي ذات؛ عرف الأثر فهو ممنوع.

قال الشيخ رضي الله عنه (نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
وإليه أشار الشيخ بقوله: نعم تعرف ذات قديمة أزلية ، لا يعرف أنها إله؛ حتى يعرف المألوه)، وإذا لم يكن لمعرفة الذات القديمة الأزلية من حيث هي ذات دلالة على إلاهيتها، ولا على الأثر فهو أي: المألوه (فهو الدليل عليه) أي: على كونه إلها، وعلى أنه أثر له؛ لكن هذا في طريق النظر والاستدلال، والذي ذكروه من برهان لم لو صح، فإنما هو في حال الكشف فجعله من قبيل الاستدلال غلط سلمنا أنه منه.
 فلا نسلم أنه من غير نظر في العالم أولا، بل هو متأخر عنه لمن تبين.
وإليه أشار الشيخ بقوله : (ثم بعد هذا) أي: دلالة العالم على الصانع (في ثاني حال يعطيك الكشف الذي ليس من الاستدلال في شيء لا بالأثر على المؤثر ولا بالعكس.
قال الشيخ رضي الله عنه : (أن الحق نفسه) من حيث ظهوره في المظاهر (كان) عند استدلالنا بنا عليه ، (عين الدليل على نفسه) أي: ذاته (وعلى ألوهيته) للأشياء، وذلك أنه يعلم بالكشف المذكور.



شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله.
فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
بمألوهيّة العبد يكون الحقّ إلها ، ثمّ إنّه بعد ذلك ينبّه إلى أن من لم يعرف الحقّ في هذا الموطن على هذه النسب هو بمعزل عن العرفان ، مشيرا في ذلك إلى علوّ رتبة العبد وتقدّم نسبته
على الأسماء كلَّها بقول لشيخ رضي الله عنه : ( ثمّ إنّ الذات لو تعرّت عن هذه النسب لم تكن إلها ، هذه النسب أحدثتها أعياننا ، فنحن جعلناه - بمألوهيّتنا - إلها ) ضرورة أن العبد القابل هو الذي صار سبب تطوّرات الذات في طيّ صنوف التعيّنات ، ( فلا يعرف ) الحقّ ( حتّى نعرف ) نحن ( قال عليه السّلام  : « من عرف نفسه عرف ربّه » - وهو أعلم الخلق باللَّه ) .

استدلال الحكماء على وجود الواجب تعالى
وهذا ذوق عال يعزّ واجده ( فإنّ بعض الحكماء ) المشّاءين ومن تابعهم ( وأبا حامد ادّعوا أنّه يعرف الله من غير نظر في العالم ) .
فإنّ لهم في طريقهم الاستدلاليّ مسلكين :
أحدهما إنّيّ ، يتدرّجون فيه من الأثر إلى المؤثّر ، والآخر لمّيّ ، يتنزّلون به من المؤثّر إلى الأثر .
وبيّن أن من وقع مواطئ سلوكه 
على الثاني منهما في معرفة الحقّ لا يحتاج فيه إلى النظر في العالم - على ما تفطَّن لذلك صاحب الإشارات من قوله تعالى : " سَنُرِيهِمْ آياتِنا في الآفاقِ وَفي أَنْفُسِهِمْ " [ 41 / 53 ] .
ومن قوله تعالى : " أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّه ُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ " [ 41 / 53 ] حيث جعل الأوّل إشارة إلى أوّل المسلكين ، والثاني إلى الآخر .
ولكن ذلك المعرفة له من حيث أنّه ذات ، لا من حيث أنّه إله ، والمبحث إنّما هو هذا ، ولذلك قال الشيخ رضي الله عنه : ( وهذا غلط نعم ، تعرف ذات قديمة أزليّة لا يعرف أنّها إله ، حتّى يعرف المألوه ) الذي هو معطي تلك النسبة من العبد القابل ( فهو الدليل عليه ) أولا في مسالك البعد والتفرقة ، ( ثمّ بعد هذا ، في ثاني الحال ) عند مواطن القرب والجمعيّة .
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( يعطيك الكشف : أنّ الحقّ - نفسه - كان عين الدليل على نفسه وعلى الوهيّته). تجلَّى الشبح المقابل في السطح القابل.


شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله. فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه.
ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم إن الذات لو تعرت عن هذه النسب لم تكن إلها. وهذه النسب أحدثتها أعياننا: فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها، )
(ثم إن الذات) الإلهية (لو تعرت)، أي تجردت (عن النسب المسماة بالأسماء والصفات اللاحقة للذات بقياسها إلى أعيان العالم واستعداداتها ولم يكن إلها) .
فإن الإلهية عبارة عن مرتبة أحدية جمع هذه النسب التي هي الأسماء والصفات، فلو لم نعتبر هذه النسب لم يبق إلا الذات الإلهية التي لا يشار إليها بوجه من الوجوه وانتفت مرتبتها التي هي الإلهية .
(وهذه النسب أحدثتها أعياننا)، فإنه لا يتحقق إلا بالمتناسبين فلكل منهما دخل في تحققها وإن لم يستقل وهذا هو المراد بإحداثها، و المراد بالأعيان أعم من أن تكون ثابتة علمية أو موجودة عينية .
قال الشيخ رضي الله عنه : (فلا يعرف حتى نعرف. قال عليه السلام: «من عرف نفسه عرف ربه» وهو أعلم الخلق بالله. فإن بعض الحكماء وأبا حامد ادعوا أنه يعرف الله من غير نظر في العالم وهذا غلط. )
(فلا يعرف الحق) سبحانه من حيث مرتبة الإلهية (حتى نعرف) نحن من حيث مرتبة عبوديتنا ومألوهيتنا ، أي يمتد عدم معرفته إلا حين وجود معرفتنا أنفسنا وينتفي ضدها، في حين تعرف نحن يعرف هو.
(قال : من عرف نفسه عرف ربه وهو أعلم الخلق بالله.) فالأمر على ما هو أخبر عنه سبحانه.
وبعدما عرفت هذا (فإن بعض الحكماء وأبا حامد) الغزالي (ادعوا أنه يعرف ألله من غير نظر في العالم)، أي من غير استدلال به عليه استدلالا بالمؤثر على الأثر.
أو من غير ملاحظة له سواء كان بالاستدلال أو بغيره كما في المتضايفين.
(وهذا غلط منهم)، لأنه إن كان المراد الثاني فلا شك أن الألوهية معنی نسبي فلا يمكن تعقلها بدون المنتسبين .
الذين أحدهما : العالم
وإن كان المراد الأول فقيل : وجه الغلط أن طريق أهل النظر إما الاستدلال بالأثر على المؤثر أو بالمؤثر على الأثر .
ولا مؤثر للحق سبحانه "لا مؤثر فى الحق سبحانه" يستدل به عليه ، فإنحصر طريق معرفته في الاستدلال بالأثر على المؤثر.
والأثر هو العالم فلا يعرف من غير نظر في العالم.
ونوقش فيه بأن الكلام في مرتبة الألوهية لا في الذات البحت، ويمكن الاستدلال على المرتبة بالمؤثر فيها الذي هو الذات البحت.
بأن تعرف أولا الذات ثم بعض الصفات ?وجوب الوجود مثلا ، وتفرع عليه سائر الصفات كما فعلوا ذلك .
وعلى مجموع الذات والصفات إلا بأمر واحد كما صدرت بحسب الواقع، فتعرف مرتبة الألوهية من غير استدلال بالعالم عليها وإن كان لا بد فيه من ملاحظة العالم. ويمكن أن يجاب عنه بأن معرفة الذات البحت يستدل بها على مرتبة الألوهية من غير نظر في العالم بالاستدلال عليها غير معلومة بل عدمها معلوم عند أهل النظر.
فالحكم بصحة معرفة تلك المرتبة من غیر نظر في العالم يكون غلطا غير صحيح. "لكن" نعم يصح ذلك في طريق أهل الكشف .
ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم : "عرفت الأشياء بربي" حين قيل له : بم عرفت الله؟ " استشهد به ابن تيمية فى الفتاوى الكبرى و درء تعارض العقل مع النقل وفى غيرها.ونصه "عرفت الأشياء بربي وما عرفت ربي بالأشياء""
وكأنه إلى ذلك يشير الشيخ رضي الله عنه حيث إن بعض هذه النسب نلحق الذات بالنسبة إلى الأعيان الثابتة وبعضها يلحقها بالنسبة إلى الأعيان الخارجية (فنحن جعلناه بمألوهيتنا إلها)، أي جعلناه بعبوديتنا وكوننا محل تصرفه بحيث اتصف بالنسب الإلهية وإطلاق لفظ المألوه على العبد .
خلاف ما يقوله المفسرون من أن الإله بمعنى المألوه و هو المعبود وكأنه رضي الله عنه لاحظ في الإله بمعنى التأثير والتصرف فيما سواه .
فلا جرم يكون اسم المفعول منه هو العبد والمفسرون لما لاحظوا فيه معنى استحقاق من سواه لعبادته وعبوديته لا يكون اسم المفعول منه عندهم إلا المعبود .
قال الشيخ رضي الله عنه : (نعم تعرف ذات قديمة أزلية لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه. فهو الدليل عليه. ثم بعد هذا في ثاني حال يعطيك الكشف أن الحق نفسه كان عين الدليل على نفسه و على ألوهيته).
يقول: (نعم تعرف) من غير نظر في العالم (ذات قديمة أزلية لكن لا يعرف أنها إله حتى يعرف المألوه) ويستدل به على ألوهيته (فهو) أي المألوه (الدليل عليه)، أي على الإله من حيث هو إله ولذلك سمي عالما من العلامة التي هي الدليل.
(ثم بعدها في ثاني الحال) وفي بعض النسخ في ثاني حال بدون اللام أي بعد أن عرفت بمألوهيتك الإله وتوجهت إليه بكليتك تنفتح عين بصيرتك، بنور الكشف. (يعطيك) هذا الكشف الواقع في مقام الجمع بعد الفرق .
(أن الحق نفسه) باعتبار صور تعیناته و تقيداته (كان عين الدليل على نفسه) باعتبار مرتبة إطلاقه فإن كل تعين بالضرورة مسبوق باللاتعين . كذلك هو بخصوصياته التعينية عين الدليل على نسب (ألوهيته) . فإن خصوص ?ل تعين يقتضي نسبة خاصة وصفة معينة .




واتساب

No comments:

Post a Comment