Sunday, July 7, 2019

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثالثة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of HUD

الفقرة الثالثة عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي . قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي . فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي . فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي . ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق  إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها. فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، «وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم. فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم و أرداكم إلى انتسابكم إلى. )
قال رضي الله عنه : (فالعالم) بفتح اللام (كله) وهو ما سواه تعالى (صورة) على معنى أن كل صورة فهو صورته ومجموع الصور كلها صورته ظهر بها له فيها وتنزه عنها له فيها فبطن وظهر وما عنه بطن ولا لغيره ظهر .
قال رضي الله عنه : (وهو) سبحانه (روح العالم) بفتح اللام (المدبر له)، أي للعالم فهو كل الأرواح، وهو كل النفوس، وهو كل الأجسام، وهو كل الأحوال والمعاني، وهو المنزه عن جميع ذلك أيضا، إذ لا وجود إلا وجوده ، والجميع مراتبه وتقاديره العدمية التي هي على عدمها الأصلي.
قال تعالى : "وخلق كل شيء فقدره تقديرا" [الفرقان : 2]، فبين لنا أن التخليق للأشياء معناه التقدير لها فقط.
وفي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، قال رسول الله : «إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة، فألقى عليهم من نوره، فمن أصابه من ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضل فلذلك أقول جف القلم عن علم الله تعالی».رواه الحااكم وابن حبان والترمذي .
هذا تمام الحديث وجفاف القلم كناية عن عدم التغيير والتبديل عما هو في الأزل .
وإن وقع التغيير والتبديل في اللوح المحفوظ، لأنه من جملة الأحوال المخلوقة، أي المقدرة في ظلمة العدم من الأزل فلا تغيير ولا تبديل .
وليس المراد بجفاف القلم عدم جريانه بالكتابة؛ ولهذا ورد في حديث رزين بإسناده إلى أبي بن كعب ، قال : سمعت رسول الله يقول: «أول ما خلق الله عز وجل القلم
فقال له : اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد».رواه ابن مندة وفى الشريعة للآجري و أبو الشيخ في العظمة وغيرهم.
"الحديث : قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد وفي الحديث قصة" .
"الحديث : عن ابن عباس، رضي الله عنهما قال: " أول ما خلق الله , عز وجل , القلم , فقال له: اكتب , فقال: ما أكتب؟ فقال: اكتب القدر، فجرى بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة قال: ثم ارتفع بخار الماء ففتق منه السماوات، ثم خلق النون، ثم بسط الأرض على ظهره فاضطربت فمادت الأرض فأثبتت بالجبال، فإنها لتفخر عليها "
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الحق تعالى (الإنسان الكبير) الذي قامت به صور العالم كلها ، وهي منه فهو قيومها، وهو المدبر للعالم كله بالروح الأعظم الذي هو من أمره سبحانه، وهو القيوم على كل شيء، وجميع الصور صورته التي خلق عليها آدم عليه السلام، كما ورد في الحديث: «أن الله خلق آدم على صورته».
فآدم هو الإنسان الصغير في مقابلة ذلك الإنسان الكبير، وعلم آدم الأسماء كلها فتسمى بتلك الأسماء كلها.
فنزع سبحانه حلة الأسماء عن جميع العالم وألبسها لآدم عليه السلام، وعمر به دار الآخرة إلى الأبد، ويوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات.  
وفي الحديث: «ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن»  وهو الإنسان الكامل العالم للأسماء القائم بها في جملة العالم وتصاريف الأحوال.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الحق سبحانه (الكون) الظاهر للحس والعقل من حيث الوجود لا الأشخاص العدمية إلا من حيث القيومية، فهو القائم عليها بما کسبت لا هي قائمة (كله)، أي روحانية وجسمانية .
قال رضي الله عنه : (و) مع ذلك (هو الواحد) الأحد الفرد الصمد (الذي قام)، أي ثبت (كوني)، أي وجودي الظاهر بالوهم (بكونه)، أي وجوده الحقيقي الظاهر بالتحقيق (فلذا قلت) عن وجوده الظاهر (أنه يغتذي)، أي يستمد من حيث هو ظاهر بصور الأشياء.
(فوجودي)، أي ثبوتي في الأزل بعلمه ووجودي الوهمي المجازي به (غذاؤه)، لأن ينسب إليه فيظهر به، لأنه له كما قال تعالي: "لله ما في السموات وما في الأرض" [البقرة : 284].
قال رضي الله عنه : (وبه)، أي بالحق سبحانه لا بغيره إذ لا غير (نحن) معشر بني آدم والمراد أهل الكمال منهم (نحتذي)، أي نتحاذی ونتقابل، فيقابلنا بوجوده ونقابله بصفاتنا، فنغذية بالصفات ويغذينا بالوجود، فنظهر نحن وهو، ونبطن نحن وهو، فـ "هو الأول والأخر والظهر والباطن" [الحديد: 3] ونحن كذلك .
قال رضي الله عنه : (فبه)، أي بوجوده سبحانه من وجه جماله (إن نظرت) يا أيها السالك (منه)، أي من وجوده (بوجه) جلاله (تعوذي)، أي استعاذتي واحتمائي والتجائي.
ولهذا ورد في الحديث: «وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك»، وأصل هذا كمال الوسع الإلهي الذي لا يحصى .
كما قال تعالى : "علم أن لا تحصوه فتاب عليكم " [المزمل: 20]. ومن هنا قال من قال : العجز عن درك الإدراك إدراك.
قال رضي الله عنه : (ولهذا الكرب) الذي عنده من حيث هو عين الأشياء كلها وذلك توجهه القديم بإظهار أعيان الممكنات العلمية التي سبق بها کشف علمه وتقدير إرادته وقضاء قدرته ونفوذ أمره وتحقيق كلمته فكان کربا بسبب عدم احتمال الكتم في تلك الأعيان.
فهو حزن على مفارقة العينية الذاتية من حيث الحضرة الأسمائية، ومن هنا وقع الحب الإلهي للأعيان الممكنة، والحب منها له في قوله سبحانه : "يحبهم ويحبونه "
[المائدة : 54].
فإن المحبة تقتضي البعد كما تقتضي الوصلة بالقرب، فهي تطلب الضدين، ولا بد أن يغلب أحدهما، وهو کرب المحبة مما يجد سبحانه من جمال الحضرة وكمال النظرة (تنفس) بإظهار تلك الأعيان الممكنة من باطن العلم إلى ظاهر السمع الإلهي والبصر الإلهي .
 (فينسب النفس) بفتح الفاء (إلى الرحمن) كما ورد في الحديث: «أني لأجد نفس الرحمن يأتيني من قبل اليمن»، فكان الأنصار وهم أهل الصفة الذين قال الله تعالى في وصفهم "يريدون وجهه" ، فسماهم نفس الرحمن من حيث إنه نفس بهم عن كرب الأسماء الإلهية.
فظهرت له من العلم إلى العين، فقرت بهم العين وارتفع البين من البين، وعلى مشاربهم وردت العارفون إلى يوم القيامة، وخص الرحمن بنسبة النفس إليه (لأنه) سبحانه (رحم به)، أي بذلك التنفس (ما طلبته النسب الإلهية) التي هي الصفات والأسماء (من إيجاد صور العالم) المحسوسة والمعقولة (التي قلنا) فيما سبق إنها (هي ظاهر الحق) سبحانه .
(إذ)، أي لأنه (هو) سبحانه (الظاهر و) مع ذلك (هو) أيضا (باطنها)، أي باطن تلك الصور لأنها ممكنة عدمية بالعدم الأصلي فلا حكم لها من ظهور أو بطون إلا (به)، وكذلك هو فهو بها الظاهر الباطن وهي به الظاهرة الباطنة فإذا أظهرها بطن بها وإذا أظهرته بطنت به .
(إذ)، أي لأنه (هو) سبحانه (الباطن) إذا كانت هي الظاهرة به (وهو)، أي الحق تعالى (الأول إذ)، أي لأنه (كان)، أي وجد سبحانه (ولا هي) لأنها ممكنة علمية بالعدم الأصلي.
(وهو) سبحانه أيضا (الآخر إذ)، أي لأنه (كان عينها)، أي عين تلك الصور (عند ظهورها) كما مر بيانه وهي أيضا الأول لأنها عينه عند بطونها، والآخر لأنها غيره عند ظهورها وبطونه ، فاتصفت بما اتصف به لأنها صورته وعلمه بذاته وتفصيل مجمل حضراته .
قال رضي الله عنه : (فالآخر) على حسب ما ذكر في حقه سبحانه (عين الظاهر، والباطن عین الأول) والصور المذكورة على هذا معه تعالى.
فإنه إذا كان هو الأول كانت هي الأول، لأنه أول بالبطون وهي عينه في البطون، وإذا كان هو الآخر كانت هي الآخر أيضا، لأنه الآخر بكونه عينها في الظهور، وهي الآخر بكونها غيره في الظهور.
وإذا كان هو الظاهر كانت هي الباطن، وإذا كانت هي الظاهر كان هو الباطن، فالآخر في حقها عين الظاهر في حقها، والباطن في حقها عين الأول في حقها .
قال رضي الله عنه : (وهو) سبحانه (بكل شيء) من تلك الصور (عليم) وكل صورة منها من حيث هي صورة بكل تجل منه سبحانه بها عليم أيضا على حسب ما يعطي ذلك التجلي من عينية أو غيرية.
وهو أيضا عليم بكل شيء على حسب ما يعطي ذلك الشيء والعلم واحد من الطرفين (لأنه) سبحانه (بنفسه) بفتح الفاء وهو أعيان الصور الممكنة العدمية (عليم)، فهو عليم بكل شيء، فالنفس بقيد العدم والأشياء بقيد الوجود.
قال رضي الله عنه : (فلما أوجد الصور) وهي أعيان الأشياء الممكنة (في النفس) بفتح الفاء لأنه تنفس وجود بنفس موجود (وظهر) بالوجود (سلطان)، أي حكم سلطنة (النسب) جمع نسبة وهي الإضافات الإلهية.
(المعبر عنها) في لسان الشرع (بالأسماء) الإلهية فإنها تعينات في الذات الإلهية المطلقة بسبب قيام الممکنات العدمية بتلك الذات وصدورها عنها بحكمها (صح النسب الإلهي للعالم) بفتح اللام بينه وبين الحق تعالی، لأنه صادر عنه.
قال رضي الله عنه : (فانتسبوا)، أي أفراد العالم الحاصلون من توجه أسمائه تعالى (إليه تعالی)، لأنهم صدروا عنه بحكم: "كل من عند الله" [النساء: 78]، وقاموا به بحكم: "أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت" [الرعد: 33] ومرجعهم إليه بحكم: "وإليه ترجعون" [البقرة : 245]، "وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ" [أل عمران : 83] .
"وإليه تقلبون" . "وإليه المصير" [المائدة: 18]، "وأن إلى ربك المنتهى " [النجم: 42]،" وإليه يرجع الأمر كله" [هود: 28]، "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله" [البقرة: 281]، "وإلى الله ترجع الأمور" [البقرة: 210].
قال رضي الله عنه : (فقال) : أي الحق تعالی كما ورد في الحديث (اليوم) إشارة إلى يوم القيامة (أضع نسبكم) الذي كان بينكم في الدنيا (وأرفع نسبي أي آخذ عنکم) دعوی ( انتسابكم) بینکم (إلى أنفسكم) وكذلك نسبة وجود بعضكم من بعض وهو قوله تعالى: "فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومين ولا يتساءلون" [المؤمنون : 101].
 (وأردكم)، أي أراجعكم من النسبة المجازية (إلى) النسبة الحقيقية وهي عين (انتسابكم إلي) لصدوركم عني لا عن سبب أصلا لتقطع الأسباب، ثم يقول تعالى في ذلك اليوم .
  
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
قال رضي الله عنه : (فالعالم صورته) أي مظهره (وهو روح) أي باطن (العالم المدبر له) أي للعالم كالروح المدبر للبدن (فهو) أي مجموع العالم (الإنسان الكبير).
(شعر فهو) أي الحق (الكون) أي الوجود.
( كله وهو الواحد الذي      …… قام   کوني بكونه )
كناية عن العالم أي قام وجود العالم بوجود الحق .
قال رضي الله عنه : (ولذا) أي ولأجل أن الحق هر الواحد القيوم الذي قام به وجود العالم (قلت) له (يغتذي) بنا من حيث ظهور أحكامه فينا وإخفاؤنا في وجوده (لوجودي غذاؤه) لقيام أحكامه وکمالاته بنا هذا إن كان الحق ظاهرا والعبد باطنا (و به) أي بالحق (نحن نحتذي) أي نغتذي لقيام وجردي بوجوده هذا إن كان العبد ظاهرا والحق باطنا (فيه منه) جزاء (أن نظرت بوجه) شرط (تعوذي) متعلق لقوله فيه منه أي إن نظرت بوجه الوحدة يكون تعوذي بالحق من الحق.
فمعنى قوله تعالى "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" بهذا الوجه أعوذ بالاسم الهادي من الاسم المضل .
فكان قول الرسول عليه السلام: "أعوذ بك منك"، ناظرا إلى هذا الوجه فالأسماء كلها قبل وجودها في الخارج مكنونة مستورة في ذات الحق طالبة كلها الخروج إلى الأعيان كالنفس الإنساني فبحبس النفس الطالب الخروج يحصل الكرب للإنسان .
فإذا تنفس بزول كربه فجاز نسبة الكرب إلى المتنفس وإلى النفس قبل الخروج من جوف الإنسان.
فشبهت نسبة الأسماء إلى الحق بنسبة نفس الإنسان إلى الإنسان تسهيلا لفهم الطالبين فإنما يتنفس الإنسان لئلا يلزم الكرب .
فلو لم يعطي الحق ما طلبته الأسماء من إيجاد العالم لزم الكرب المحال على الله فإن كون الشيء على خلاف ما يقتضيه کرب له .
ومن جملة ما يقتضي ذاته تعالى أنه يعطى كل ذي حق حقه فكذلك لو لم يحصل ما طلبته الأسماء من الله من صور العالم لحمل للأسماء من الله کرب وهو ظلم منه تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
قال رضي الله عنه : (ولهذا الكرب) أي ولئلا يلزم هذا الكرب المحال (تنفس) أي أخرج الحق ما في باطنه إلى الظاهر بكلمة كن فيكون هر في الظاهر بعد كونه في الباطن فما كان في نفس الأمر إلا هذا ولا بد أن ينسب هذا النفس إلى يد من أيدي الأسماء (فنسب النفس) أي نسب الحق نفسه (إلى الرحمن) بلسان نبيه عليه السلام .
إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمين فكانت الموجودات حاصلة من نفس الرحمن بل هي عين نفس الرحمن وإن نسي الحق النفس إلى الرحمن (لأنه) أي الحق (رحم) أي أعطى (به) أي بالاسم الرحمن (ما طلبته النسب الإلهية) التي هي الأسماء (من إيجاد الصور العالم) بيان لما (التي قلنا هي) ، أي صور العالم (ظاهر الحق) وإنما كان صور العالم ظاهر الحق.
قال رضي الله عنه : (إذ هو الظاهر) لا غير (وهو باطنها) أي باطن العالم (إذ هو الباطن) لا غير (وهو الأول إذ كان الله ولا هي) أي وليس صور العالم موجودة معه (وهو الأخر إذ كان عينها) أي عين صورة العالم (عند ظهورها) أي عند وجود صور العالم في الخارج .
فإذا كان الأمر كذلك فقال رضي الله عنه :  (فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول) وهو معنى قوله تعالى: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن " ، ("وهو بكل شيء عليم" لأنه بنفسه عليم) وليس العالم سوی من حيث الأحدية وليس علمه بالأشياء إلا عين علمه بذاته وصفاته وأسمائه .
قال رضي الله عنه : (فلما أوجد) الحق (الصور) أي صور العالم وهي الموجودات الخارجية (في النفس) أي في النفس الرحماني وهو هيولي العالم كله القابلة لجميع الصور كما أن النفس الإنساني يخرج من الباطن إلى الخارج فيوجد في هذا النفس بحسب المخارج صور الحروف المختلفة .
قال رضي الله عنه : (وظهر) في هذه الصورة (سلطان) أي حكم (النسب) بكسر النون وفتح السين (المعبر عنها) أي عن النسب (بالأسماء صح النسب) بفتح النون والسين مصدر بمعنى الانتساب (الإلهي للعالم) أي صح للعالم أي أن ينتسب إلى الله .
قال رضي الله عنه : (فانتسبوا) أي "يا أيها" العالم (إليه تعالى فقال) الله تعالى على لسان نبيه (اليوم) وهو القيامة الكبرى (أضع نسبكم وارفع نسبي أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم واردکم انتسابكم إلى) فصيح للعالم نسبتان نسبة إلى العالم مثله ونسبه إلى الحق.
"أضاف الجامع : الحديث : عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه تلا قول الله عز وجل "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" [الحجرات: 13] فقال: إن الله يقول يوم القيامة: يا أيها الناس، إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم أتقاكم وأبيتم إلا أن تقولوا فلان ابن فلان أكرم من فلان بن فلان، وإني اليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم أين المتقون أين المتقون".أهـ رواه الحاكم والبيهقي والسيوطي في الجامع الكبير  ".
 فاحتجب الناس بانتسابهم إلى العالم من انتسابهم إلى الحق ولا يشاهد ذلك إلا من أفني وجوده في وجود الحق ومن لم يفعل ذلك تأخر مشاهدته إلى يوم لا أنساب بينهم .
فإذا رد الحق انتساب العالم إليه كان العالم بذاته وجميع صفاته وأفعاله عین الحق باعتبار الأحدية الذاتية


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
قال رضي الله عنه : " فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير. فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي . قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي . فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي . فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي  . ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها. فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم. فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  "
قوله في الأبيات:  فهو الكون كله، اشارة إلى قوله تعالى: "هو الأول والآخر والظاهر والباطن"  (الحديد: 3).
وقوله: قام کوني، بكونه اشارة إلى مقام القيومية فإن به تعالی قام كل شيء أي بقي بعد وجوده.
وقوله: ولذا قلت يغتذي، يعني أن النسب الإلهية من مراتب الأسماء لا تقوم إلا بظهور أطوار العبيد كالرازقية بالمرزوق، والخالقية بالمخلوق، وجميع أسماء الأفعال والمتضایفات، لا يتحقق أحد المتضايفين إلا ويكون الآخر متحققا، فصار العبيد كالغذاء الذي به يقوم المغتذي.
وقوله: نحتذي يعني نبقي وفسره بقوله:
فيه  منه إن  نظرت …… بوجه   تعوذي
وبهذا المعنى يتحقق الاسم الواقي تعالي.
ثم شرع بعد الأبيات الشعر في ذكر أن مقام الكنزية الذي ذكره في قوله: «کنت کنزا لا أعرف"، فعبر عن مقام الكنزية بالكرب ومقام ایجاد العالم بالتنفس.
 قال: فكأنه رحم نفسه فتنفس، فسمي النفس المذكور نفس الرحمن، ثم فسر معنى الأول والآخر والظاهر والباطن بكلام ظاهر .
قال: ولما كان هو عين كل شيء كان بكل شيء عليما لأنه عليم بنفسه، فبعین علمه بنفسه علم الأشياء كلها .
و قوله: فلما أوجد الأشياء في النفس،
فكأنه قال: إن الموجودات هي كلمات الله، لأنها صور نفسه، فبسائط العالم حروف النفس، ومركباته كلماته التي من النفس..
قال: فظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء، صح النسب الإلهية للعالم
يعني لتضائف "لتلائم" الأسماء الإلهية للأسماء الكونية كالرب للمربوب و الخالق للمخلوق و رفعه النسب المخصوص به تعالى أن يظهر أنه ليس معه غيره.
وقوله: آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم، أي اجعله لي، فانتسب إلى نفسي وأنتم نفسي، فأردكم إلى بوجه حق يظهر للعارفين منكم وتمام الخير.


شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
فهو الظاهر من الظاهر والباطن من الباطن ، والمتحقّق هو الوجود الحق ما ثمّ إلَّا هو ، هو الأوّل والآخر ، والباطن والظاهر ، والجامع بذاته للكل ، والمطلق عن هذه الجمعية وعن هذا الإطلاق والتقيّد بحدّ ، فافهم .
فإن فهمت ، فهمت فيما فهمت ، وهمّت الهمم أن تهيم وتهتمّ فيه ، فحقيق بك أن تهيم وتهتمّ بذلك إن شاء الله تعالى ، فلا يتمّ حدّ المحدود إلَّا بالحق .
ثمّ الحدود لا تفي ولا تكفي بتحديده ، فلا حدّ له أصلا ورأسا ، فنقول مثلا في مشرب التحقيق الكمالي في حدّ الإنسان الكامل : إنّه الحق المتعيّن بأحدية جمع جمع جميع الأعيان الظاهرة المشهودة ، والحقائق الباطنة الغيبية المفقودة ، في عين كونها موجودة مطلقة عن هذا التعيّن والجمع والإطلاق .
وهذا حدّ الإنسان عندنا إن قلنا إنّه محدود ، فالحق حدّ للكلّ ، وليس له في كل حدّ حد ، ولكن تصحيح الحدود - على ما عرفت .
وعرفت في عرف الظاهرية من الحكماء أن تقول : أكتفي في حدّ الحدّ بذكر الخاصّ عن ذكر الأعمّ كما ذكرنا في الحدّ الناقص ، وما ليس مذكورا في تعريفه ما ذكرنا ، فإنّه يجري مجرى الرسم التامّ أو الناقص كذلك ، فاعلم ذلك .
قال الشيخ رضي الله عنه :
فهو الكون كلَّه    ...... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه     ...... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه     ...... وبه نحن نحتذي
وبه منه إن نظرت     ...... بوجه تعوّذي
يشير رضي الله عنه  إلى: أنّه تعالى من كونه عين الوجود الحق المتعيّن في حقائق الأشياء وأعيانها هوية الكلّ .
وأنّه الواحد الذي قام به العدد ، فأنشأ الواحد بذاته العدد ، فقام بحيث لو فرضت تخلَّف واحد عن عدد ، لما تحقّق عين ذلك المعدود ، ولا قامت صورة ذلك العدد ، فالواحد هو المعدود ، والعدد اعتبار عقلي ، وكذلك ظهور الواحد بالكثرة في مراتب ظهوره ، ومظاهر تعيّنات نوره .
وقيام كونه التقييدي -هو العالم كلَّه بكونه الذي هو وجوده في مراتب شهوده ، فقيام الوجود المقيّد بكون الوجود المطلق موجودا على الإطلاق .
فغذاء كل واحد من الكونين:   المقيّد والمطلق الإلهيّين بعين الآخر ، إذ به بقاؤه وتحقّقه وقيامه ، فاغتذاء الوجود إنّما هو بحقائق العالم وأحكامه ، وهي الأعيان الثابتة الخلقية والمعاني الغيبية القائمة ، فحقيقة العلم القديم الأزلي الإلهي واغتذاء حقائق العالم إنّما هو بالوجود العامّ المشترك في الكلّ ، وهذا ظاهر .
وقوله رضي الله عنه« وبه نحن نحتذي » صادق على معنيين :
أحدهما : بمعنى الاقتداء ، فإنّ الاحتذاء هو الاقتداء ، فإنّ المقتدي - اسم فاعل - يحتذي حذو المقتدى - اسم مفعول - حذو القذّة بالقذّة ، وكذلك الوجود المقيّد - الذي هو فرع ونفل على أصل وجود الحق - يحذو حذوه في كونه غذاءه .
والمعنى الآخر : هو الذي نحن بصدد بيانه من كون الحق عين الطريق والأرجل ، والحذاء هو النعل ، إذ هو الطريق والسالك والساعي ، والأرجل دالَّة السير والوقاية عن أذى الطريق والغاية ، فافهم ، وإذا كان للحق مظاهر مختلفة وظهورات بحسبها كذلك مختلفة .
فقد يظهر ظهورا ينكر فيه فيتعوّذ منه لا جهلا به عند العارف به ولكن إلقاء الحق ظهوره في ذلك المظهر ، لكونه ممّا يتعوّذ منه فيه ، فافهم .
قال رضي الله عنه: "ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، و «هو بكل شي ء عليم» لأنه بنفسه عليم."
يشير رضي الله عنه إلى: أنّ هذه النسب المظهرية - وهي حقائق الأشياء أو أعيانها أو صور معلوميّاتها للحق أزلا أو صورة نسب علمه كذلك بحسب اختلاف الأذواق والمشاهد - كانت موجودة مفقودة باعتبارين مختلفين ، أعني موجودة للحق بالعلم في العلم أو في الحق به له ، مفقودة فاقدة لأعيانها في الوجود الشاهد المشهود ، ولكن كانت كما ذكرنا فيما ذكرنا أنّها كانت مشهودة للحق شهود المفصّل في المجمل مفصّلا .
وهو شهود خاصّ بالله تعالى ، يشهد به الأشياء في نفسه قبل إيجادها وإشهادها أنفسها ، فأراد إشهادها أعيانها في عرصة الوجود وإيجادها لها في الشهود والمشهود .
فضاق قلب الغيب الأحدي ، عن كثرة ما حواه من الحرف العددي ، فنفّس الله عن غيبة عينه ما كان يجده من كونه في قلبه بنفسه الرحماني ، وهو الفيض الوجودي للشهود العياني رحمة به.
أي بالغيب - بإظهار ما كان مغيبا في غياباته ، ممّا ليس بغيب حقيقي ، فإنّه لا يقبل الظهور أبدا ، ورحم الأعيان الثابتة في غيب علم الذات بهذا الفيض الإيجادي .
فأوجدها وأشهدها أنفسها في نفسه على ما كانت في نفسه ، فلمّا شهدتها فيه فمنهم من تحقّق أنّه عينه ، إذ لا تحقّق للغير أصلا إلَّا بالنسبة والإضافة الاعتبارية لا غير ، فنفّس الله بنفسه الرحماني عن النسب الإلهية بعين ما أوجد لها مظاهرها وأشهدها أنفسها على مرائيها ومناظرها وهي أعيان الأشياء.
فما كانت أوّلا هي فيه هو غيبا فلم يكن ، وكان هو هو في مقام « كان الله ولا شيء معه » و « كنت كنزا مخفيا » فلمّا كان هي هي بأعيانها آخرا وهو فيها هي كذلك ظاهرا تعيّن أنّه أوّل لها من كونه عينها في عينها .
وأنّه آخر بكونه عين ما ظهر في عينها ، فهو الأوّل غيبا وباطنا ، والآخر شاهدا وظاهرا ، فهو الأوّل في عين بطونه ، والآخر بعين ظهوره ، وهو الأوّل في عين الآخرية ، والآخر في عين الأوّلية ، إذ هو الأوّل والآخر ، والظاهر الباطن ، وإليه المصير ، وهو بكل شيء عليم ، لأنّه عين كل شيء ، فهو بعينه عليم ، فافهم .
قال رضي الله عنه : " فلمّا أوجد الصور في النفس ، وظهر سلطان النسب المعبّر عنها بالأسماء ، صحّ النسب الإلهي للعالم ، فانتسبوا إليه ، فقال : " اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي » أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم ، وأردّكم إلى انتسابكم إليّ"
قال العبد : لمّا ظهر النسب الإلهيّ الحقيقي وهو انتساب المألوه إلى الإله والمربوب إلى الربّ والخالق إلى المخلوق والرازق إلى المرزوق - فانتسب العالم إلى الموجد من حيث افتقاره إليه على التعيين .
وانتسب الخالق أيضا والربّ إلى العالم بكونه ربّ العالمين وخالق الحق ، ولم يبق لظهور نسبة العالم إلى نفسه مجال ، فعرف كل عبد بربّه .
فقيل : هذا عبد الله ، وهو عبد الرحمن ، وذلك عبد الرحيم ، أو عبد الكريم أو المنعم أو الغنيّ أو غيره ، وصار كل واحد من الربّ والمربوب وقاية للآخر في المذموم والمحمود ، إذ الأفعال والآثار والأخلاق والنعوت لتعيّن ذلك الوجود صالح لإضافة الأفعال والآثار والأخلاق وما شاكل ذلك إليه ، وكل واحد منهما - أعني الربّ والمربوب - ظاهر أو باطن للآخر باعتبارين - كما تقدّم - جامع بين الظاهرية والمظهرية دائما .
والصفات منتشية من الربّ الذي هو الوجود الحق.
والعبد الذي هو المظهر القابل فإن أضفت الأفعال والآثار المذمومة إلى العبد ، كان العبد وقاية لربّه من أن تضاف إليه تلك المذامّ والنقائص والقبائح ، أحكام العدم اللازم للعبد الممكن القابل .



شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
، فالعالم صورته وهو روح العالم المدبر له ، فهو الإنسان الكبير ).
أي فالعالم ظاهر الحق وهو باطنه ، والحق روح العالم والعالم صورته فهو الإنسان الكبير ، لأن الإنسان الكبير خلق على صورته والعالم كذلك - وهو الظاهر والباطن - لا أن العالم صورة وهو باطنها فحسب ، بل بمعنى أنه ظاهر العالم وباطنه ولهذا قال :

قال الشيخ رضي الله عنه :
( فهو الكون كله    ...... وهو الواحد الذي
قام كونى بكونه     ...... ولذا قلت يغتذي
فوجودى غذاؤه    ....... وبه نحن نحتذى )
أي الواحد الحي القيوم الذي قام الوجود المضاف إلى كل ممكن بوجوده لأنه هو مع قيد الإضافة ، وإذا قلت بالاغتذاء فهو المغتذى بالغذاء المختفى فيه الظاهر بصورة المغتذى ، وبه نحن نحتذى حذوه أي نغتذي به في الظهور بصورته والتكون بوجوده محتذين على مثاله في الوجود ، أي على صورته كالغذاء .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فيه منه إن نظرت   ...... بوجه تعوذى )
وإذا كان الأمر على ما قلناه ، فمنه عند إفنائه إيانا بتجليه نتعوذ به في إبقائه إيانا على صورته محتذين حذوه احتذاء الغذاء حذو المغتذى بوجه ، أي من جهة الذات والوجود فنقول : أعوذ بك منك ، أما من جهة الأسماء فنقول : أعوذ برضاك من سخطك ، وذلك لظهوره في المظاهر المختلفة بالصفات المختلفة كظهوره في بعضها باسم الرضى فيه ، فنعوذ به من سخطه عند إرادته قهرنا في مظهر المنكر الذي ظهر فيه بصورة القهر والسخط ، وكذلك في الأفعال نقول : نعوذ بعفوك من عقابك.

قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولهذا الكرب تنفس فنسب النفس إلى الرحمن ، لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر ، وهو باطنها إذ هو الباطن ، وهو الأول إذ كان ولا هي وهو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول" وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ "  لأنه بنفسه عليم )
أي ولأن أعيان الأشياء وحقائقها التي هي صور معلوماته في الأزل معدومة العين ، موجودة في الغيب بالوجود العلمي طالبة للوجود العيني ، كانت كرب الرحمن لإرادة إيجادها بقوله « كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف » فتنفس في إيجادها ، وإنما نسب النفس للرحمن لأنه رحمها به بالنفس وهو الفيض الوجودي وهو الذي كانت النسب الإلهية تطلبه.
فإن الأسماء الإلهية التي سماها نسبا تقتضي ظهورها التي هي صور العالم وظاهر الحق باعتبار أنه الظاهر ، وهي بعينها في الغيب باطن الحق باعتبار اسمه الباطن ، إذ هي عند كونها ظاهرة لم تزل عن صورتها الغيبية .
وهو الأول باعتبار كونها في غيب الغيب ، أعنى في عين الذات معلومة بالقوة على الإجمال ، كوجود الشجرة في النواة ، وكونها في الغيب مفصلة بالعلم التفصيلي عند التعين الأول بسبب علمه بذاته لأنه كان ولم تكن هي وهو الآخر باعتبار ظهورها بوجوده لأنه عينها عند ظهورها والظاهر عين الآخر والباطن عين الأول وهو بذاته عين الأول في آخريته وعين الباطن في ظاهريته وعلمه بنفسه عين علمه بكل شيء لأنه عين كل شيء ظاهرا وباطنا .
"" إضافة بالي زادة :  (قلت له يغتذي ) من حيث ظهور أحكامه فينا وإخفاؤنا في وجوده ( فوجودى غذاؤه ) لقيام أحكامه بنا ( وبه نحن نحتذى ) لقيام وجودي بوجوده اهـ .
 قوله ( فوجودى غذاؤه ) هذا إذا كان الحق ظاهرا والعبد باطنا ( وبه نحن نحتذى ) هذا إذا كان العبد ظاهرا والحق باطنا اهـ بالى .
( ولهذا الكرب ) أي ولئلا يلزم هذا الكرب المحال ( تنفس ) أي أخرج ما في باطنه إلى الظاهر بكلمة " كُنْ فَيَكُونُ " هو في الظاهر بعد كونه في الباطن فما كان في نفس الأمر إلا هذا ، ولا بد أن ينسب هذا النفس إلى يد من أيدي الأسماء اه قال عليه الصلاة والسلام « إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن » فكانت الموجودات حاصلة من نفس الرحمن ، بل هما عين نفس الرحمن ، فالأسماء قبل وجودها في الخارج مكنونة في ذات الحق طالبة كلها الخروج إلى الأعيان كالنفس الإنسانى ، فبحبس الطالب للخروج يحصل الكرب للإنسان فإذا تنفس يزول كربه ، فجاز نسبة الكرب إلى المتنفس وإلى النفس قبل الخروج من الجوف ، فشبه ذلك نسبة الأسماء إلى الحق ، فلو لم يتنفس الإنسان لزم الكرب ، ولو لم يعط الحق ما طلبته الأسماء منه من إيجاد العالم للزم الكرب ، تعالى عن ذلك ، ومن جملة ما تقتضي ذاته أنه يعطى كل ذي حق حقه ، وكذا لو لم يحصل ما طلبته الأسماء من الله من صور العالم لحصل للأسماء من الله كرب وهو ظلم منه ، تعالى عن ذلك اهـ بالى . ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم ، فانتسبوا إليه تعالى فقال « اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبى » أي إني آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلىّ )
أي فلما ظهرت الأعيان التي هي أجزاء العالم وصورها في الفيض الوجودي وظهرت النسب التي هي الأسماء الإلهية في صورها التي هي مظاهرها وأظهرت سلطنتها بأفعالها وأحكامها في الآثار المتصلة بها انتسب العالم إلى موجده فصح النسب الإلهي الحقيقي باستناد المألوه إلى الإله والرب إلى المربوب والخالق إلى المخلوق فانتسب الكل من حيث افتقاره الذاتي إليه على التعيين لا إلى غيره ولم يبق لانتساب أحد إلى غيره وجه فأخذ منهم انتسابهم إلى أنفسهم وردهم إلى انتسابهم إلى ذاته فعرف كل عبد نسبه إلى ربه وعرف كل عبد بربه فقيل : هذا عبد الرحمن وهذا عبد الرحيم وهذا عبد المنعم وهذا عبد الله.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته ، وهو روح العالم المدبر له ، فهو الإنسان الكبير ) .
فالعالم ، من حيث إنه عالم ، صورة الحق ، والحق روحه المدبر له ، فالعالم هو الإنسان الكبير ، والحق روحه .
(فهو الكون كله  ...... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه  ...... ولذا قلت يغتذي )
وفي بعض النسخ : ( وإذا قلت يغتذي ) .
فجزاؤه قوله :
(فوجودي غذاؤه  ....... وبه نحن نحتذي )
أي ، الحق هو الوجود كله ، وهو الواحد بحسب الذات والحقيقة ، والقيوم الذي
قام وجودي ووجود العالم كله بوجوده وذاته .
وقوله : ( ولذا ) إشارة إلى قوله : ( قام كوني بكونه ) أي ، ولأجل أن وجودي قائم بوجوده ووجوده ظاهر بوجودي ، نسبت الغذاء إليه ، فغذاؤه وجود العالم ، وغذاء العالم وجوده وأسماؤه ، لأن الغذاء عبارة عما به بقاء المغتذى في الخارج .
وذلك باختفائه وظهوره على صورة من يغتذى به .
ولا شك أن وجودنا يحصل باختفاء هويته فينا ، وظهوره بصورنا ، وبقاؤنا أيضا يحصل
بإيصال الفيض الدائم إلينا .
كذلك أعيان العالم يختفي في ذاته ويظهر وجوده وأسماؤه وأحكامها في الخارج ، إذ لولا وجود العالم ، ما كان يعلم وجود الحق وأسماؤه .
كما قال : ( كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف ، فخلقت الخلق . . . ) .
فالحق يغتذي بالأعيان من حيث ظهوره بها ، والأعيان يغتذي بالحق من حيث بقائها ووجودها به . وإليه الإشارة بقوله : ( وبه نحن نحتذي ) .
أي ، وبالحق نحتذي في الغذاء ، أي ، نقتدي به . يقال : احتذى حذوه . أي ، اقتدى به .
ولما كان هذا الكلام من مقام التفصيل ، رجع وقال :
(فبه منه إن نظرت ........ بوجه تعوذي )
أي ، فبالحق أتعوذ من الحق ، إن نظرت بوجه الجمع والوحدة ، كما قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : ( وأعوذ بك منك ) .
( ولهذا الكرب تنفس ، فنسب النفس إلى الرحمان )
أي ، لكون الحق وذاته مشتملا على حقائق العالم وصورها وطلب تلك الحقائق ظهورها ، حصل الكرب في الباطن ، ولهذا الكرب تنفس الحق ، أي ، تجلى لإظهار ما في الباطن من أعيان العالم في الخارج .
قوله : ( فنسب ) أي ، الحق . ( النفس إلى الرحمان ) . أي ، إلى الاسم ( الرحماني ) بلسان نبيه ، صلى الله عليه وسلم في قوله : ( إني أجد نفس الرحمن من قبل اليمن ) .
و ( النفس ) عبارة عن الوجود العالم المنبسط على الأعيان عينا ، وعن الهيولى الحاملة لصور الموجودات . والأول مرتب على الثاني.
قال رضي الله عنه : (لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق ) .
 أي ، ( نسب النفس إلى الرحمان ) . لأن الحق بالاسم الرحماني
رحم الأعيان ، فأعطى ما طلبته النسب الإلهية ، التي هي الأسماء والصفات ، من
وجود صور العالم التي هي ظاهر الحق .
قال رضي الله عنه : ( إذ هو الظاهر ، وهو باطنها ، إذ هو الباطن ) لأن الحق هو الظاهر ، وظاهريته بصور العالم ، والحق باطنها ، لأنه هو الباطن ، كما أنه هو الظاهر .
( وهو الأول ، إذ كان ولا هي ) . أي ، الحق هو الأول ، لأنه كان وليس صور العالم موجودة ، كما قال عليه السلام : ( كان الله ولا شئ معه ) .
( وهو الآخر ، إذ كان عينها عند ظهورها ) . أي هو الآخر ، لأنه عين أعيان العالم وصورها عند ظهورها في الخارج .
( فالآخر عين الظاهر ، والباطن عين الأول ) ( الآخر ) يطلق على معنيين :
أحدهما ، ما ذكره هنا ، وهو كون الحق عين الأعيان الخارجية الموجودة في الخارج ، لأنه آخر المراتب .
وثانيها ، كون الأعيان مستهلكة في الحق بالفناء فيه .
فعلى الأول ، ( الآخر ) عين الظاهر ، والباطن عين الأول ، لكون الحق باطنا وأولا ولا ظهور للأشياء .
( "وهو بكل شئ عليم " . لأنه بنفسه عليم ) . أي ، لأنه يعلم ذاته وصفاته ، وليس العالم إلا عين صفاته ، فهو بكل شئ عليم بعين علمه بنفسه .
قال رضي الله عنه : (فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها ب‍ " الأسماء " ، صح النسب الإلهي للعالم ) .
( النفس الرحماني ) عبارة عن هيولى العالم كله : الروحاني والجسماني . وسمى ( نفسا ) لنسبته إلى النفس الإنساني : فإنه هواء يخرج من الباطن إلى الظاهر ، ثم باصطكاك عضلات الحلق يظهر فيه الصوت ، ثم بحسب تقاطعه في مراتب الحلق والأسنان والشفتين تظهر الحروف ، ثم من تراكيبها تحصل الكلمات .
كذلك ( النفس الرحماني ) إذا وجد في الخارج وحصل له التعين ، يسمى ب‍ ( الجوهر ) ثم بحسب مراتبه ومقاماته الظاهر هو فيها ، تحصل التعينات والحروف والكلمات الإلهية .
فصور أعيان العالم كلها ظاهرة في ( النفس الرحماني ) . فهو لها كالمادة للصور الجسمية .
فلما أوجد الحق صور العالم في هذا النفس الرحماني وظهر سلطنة الأسماء الإلهية على مظاهرها ، صح النسب الإلهي - بفتح النون هنا وبكسرها في الأول - صح للعالم أن ينتسب إلى الله بأنه مألوه ومربوب ، والحق إله ورب .
( فانتسبوا إليه تعالى ) . أي ، فانتسب أهل العالم إليه تعالى .
( فقال ) أي ، رسول الله ، صلى الله عليه ، حكاية عن ربه أنه قال : ( " اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي " . أي ، آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلى ) .
أي ، اليوم آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وذواتكم واجعل انتسابكم إلى ، لتكون ذواتكم ذات الله وصفاتكم صفات الله وأفعالكم أفعال الله ، فتفنوا فيه وتبقوا به .
ف‍ ( اليوم ) عبارة عن حال الفناء في الحق ، وهو يوم القيامة الكبرى ، كما قال تعالى : " فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون " .



خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )

قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير. فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي . قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي . فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي . فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي . ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها. فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم. فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى . )
قال رضي الله عنه : (فالعالم صورته) إذ لو كان ذاته لم تحتج إلى مدبر لكنه يحتاج إليه لإمكانه.
ولذلك (هو روح العالم المدبر له)، وإذا اجتمع في وجوده الذات التي هي الروح والصورة التي هي العالم.

قال رضي الله عنه : (فهو الإنسان الكبير) أشبه الصغير في جمعه بينهما، وإذا كان الوجود الشمول على الروح والصورة مع وحدته في ذاته؛ (فهو الكون كله) باعتبار الشمول، (وهو الواحد) باعتبار الذات (الذي قام كوني بكونه) لا بحيث يصير المجموع ذاتا واحد.
قال رضي الله عنه : (وإذا قلت: يغتذي) أن يستكمل وجوده بوجودي، فليس المراد أنه ينضم في ذاته وجودي إلى وجوده حتى يصير ذاتا واحدة.
بل ..... فيحصل له صورة فيها، (فوجودي غذاؤه) لا بطريق الانضمام إليه في ذاته، ولذلك لا يضاف إليه بل إلي، ويكمل به ظهوره بالفعل إذا (به نحن نحتذي) .
بعد أن كان في ذاته بالقوة، فظهوره بهذا الاعتبار عينه، فكل ما ظهر في الوجود كان فيه كامنا قال رضي الله عنه : (فيه منه، إن نظرت بوجه) وهو كون كل ما ظهر عينه باعتبار ما كان كامنا في ذاته.
قال رضي الله عنه : (تعوذي) أي: استعاذتي؛ فلذلك قال صلى الله عليه وسلم : "أعوذ بك منك".رواه الطبراني في الكبير وابن أبي شيبة في المصنف .

وإذا كان كل ما ظهر عنه كان فيه بالقوة قابلا للخروج عنه بالفعل، وفي خروجه ظهور للحق وأسمائه وراء ما له في ذاته، كان ذلك كالكرب.
قال رضي الله عنه : (وهذا الكرب) أي: الأمر الذي يشبه الكرب (تنفس) أي: أخرج ما فيه ليصير كالمستريح منه إخراج النفس هو للاستراحة عن حرارة اجتمعت في الباطن.
قال صلى الله عليه وسلم : «إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن» أي: أجد النفس في حقي من جهة اليمن والقوة.رواه أحمد في المسند والطبراني في الأوسط .

قال رضي الله عنه : (فنسب النفس إلى الرحمن؛ لأنه) أي: الله تعالى (رحم به) أي: بإخراج النفس (ما طلبته النسب الإلهية) أي: الأسماء التي بها الحقيقة الموجبة لانتسابه إلى العالم مع غناه في ذاته عنه، فكان ذلك الطلب كالكرب (من إيجاد صور العالم) لا من حيث هي صور العالم المستغني عنه بل إنما طلبته.
لأنها (التي قلنا هي ظاهر الحق) أي: صور ظهوره فكأنها مطلوبة للحق أيضا إذ لظهوره يحصل به كمال وراء كمال ظهوره في ذاته، (إذ هو الظاهر) لا الأعيان، إذ لا ظهور لها من حيث هي عدم، ومع ذلك هو مستغن عن الظهور.

ولذلك قال رضي الله عنه :  (هو باطنها إذ هو الباطن)، إذ لا بطون للعدم، وكيف لا يستغني، (وهو الأول إذ كان، ولا هي) شيء فلولا غناه لم يكن له السبق.
ومع استغنائه عنها ظهر فيها إذ قال رضي الله عنه : (هو الآخر، إذ كان) عند كونها فيه بالقوة (عينها) لكن آخريته (عند ظهورها)، إذ بذلك له يتم له الظهور من كل وجه، والآخرية تشعر بالنهاية، ولما كانت آخريته باعتبار ظهوره.

قال رضي الله عنه : (فالآخر عين الظاهر)، باعتبار مقابلة الأخر للأول، و الباطن للظاهر، (والباطن عين الأول) فتدبيره للعالم باعتبار أوليته التي بها التأثير والتدبير إنما يكون للباطن؛ لأنه بمنزلة الروح، وظهوره باعتبار آخريته لاقتضائه كما لم يكن من قبل، وهو أثر لحدوثه فيكون ظاهر کالبدن.

وقد تقدم أن ما ظهر كان عينه حال كونه فيه بالقوة فكان الأخر حينئذ عين الأول، والظاهر عين الباطن، فكان الكل واحد كما قال: ("وهو بكل شيء عليم ") [البقرة: 29]، وعلمه واحد، ولا مجال للكثرة فيه، والعالم الواحد إنما يعلم به معلوم


قال رضي الله عنه : ( فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلى. )
(فقال) تعالى للأسماء: («اليوم أضع نسبكم») إلى الأعيان («وأرفع نسبي»).

""أضاف الجامع : ورد الحديث : عن أبي هريرة رضي الله عنه، أنه تلا قول الله عز وجل "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" فقال: " إن الله يقول يوم القيامة: يا أيها الناس، إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا، فجعلت أكرمكم أتقاكم وأبيتم إلا أن تقولوا فلان ابن فلان أكرم من فلان بن فلان، وإني اليوم أرفع نسبي وأضع أنسابكم أين المتقون؟ أين المتقون؟. رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في شعب الإيمان وابن حجر العسقلاني في إتحاف المهرة بالفوائد المبتكرة من أطراف العشرة والسيوطي فى جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير». ""

"" كما وورد الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن الله عز وجل يقول يوم القيامة: إني جعلت نسبا (وجعلتم نسبا) ، فجعلت أكرمكم أتقاكم، وأنتم تقولون: يا فلان بن فلان وأنا أكرم منك. وأنا اليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم، أين المتقون؟.

أورده الطبراني فى الكبير والأوسط وابن حجر العسقلاني في المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية والسيوطي فى جامع الأحاديث وابن أبي اسامة فى بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث وأبو العباس شهاب الدين أحمد فى إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة. ""

أي: أظهر انتسابكم إلى صوري وفسره بقوله: (أي: أخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم) أي: معانیکم الخاصة بكم باعتبار نسبكم إلى الأعيان.
قال رضي الله عنه : (وأردكم إلى انتسابكم إلى) أي كان لكم نسبتان: نسبة إلى ونسبة إلى الأعيان فجعلتها واحدة إحداهما باعتبار باطني، والأخرى باعتبار ظاهري لئلا يتوهم أن المراد بوضع النسب إهانته وبرفعه تعزیزه.
لأن نسبة الأسماء إلى الحق عزيزة دائما، والأخرى ذليلة دائما؛ فلا معنى لذكر ذلك.
ففي نص يوسف يقول الشيخ عن سورة الإخلاص: "وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت"
يشير إلى أن سبب نزولها قول المشركين للرسول : "انسب لنا ربك".


"" أضاف الجامع :  بحث في النسب لله ورد في السنة النبوية :
حديث المستدرك للحاكم :  عن أبي بن كعب رضي الله عنه، " أن المشركين، قالوا: يا محمد، انسب لنا ربك. فأنزل الله عز وجل: "قل هو الله أحد الله الصمد"[الإخلاص: 2] قال: الصمد: الذي لم يلد، "ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 3] لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله لا يموت ولا يورث "ولم يكن له كفوا أحد" [الإخلاص: 4] .
قال: لم يكن له شبيه، ولا عدل وليس كمثله شيء " هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه و وافقه الذهبي]  ورواه البيهقي ومسند أحمد و الترمذي و ابي عاصم و امالي بشران وغيرهم  .


و كذلك حديث : "أنا من الله والمؤمنون مني" وقال بعض الحفاظ: لا يعرف هذا اللفظ مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم  ، لكن ثبت في الكتاب والسنة أن المؤمنين بعضهم من بعض، وفي السنة قوله صلى الله عليه وسلم لحي الأشعريين: هم مني، وأنا منهم.
وقوله لعلي: أنت مني، وأنا منك. وللحسين: هذا مني، وأنا منه. وكله صحيح.
و قال الحافظ ابن حجر لا يعرف. الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة السيوطي قلت: كما أورده الديلمي عن عبد الله بن جراد  مرفوعا. أورده كشف الخفاء العجلوني
قال اين تيمية : لا يحفظ هذا اللفظ عن رسول الله , لكن قال لعلي رضي الله عنه " أنت مني وأنا منك " كما قال تعالى :بعضكم من بعضالفتاوي الكبرى لابن تيمية
بل عند الديلمي بلا إسناد عن عبد الله بن جراد مرفوعا: "أنا من الله عز وجل، والمؤمنون مني، فمن آذى مؤمنا فقد آذاني" الحديث.

حديث : - وعن أبى هريرة رضى اللَّه عنه أنه سمع رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول حين نزلت آية المتلاعنين: "أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من اللَّه فى شئ ولن يُدْخِلَهَا اللَّه جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب اللَّه عنه، وفضحه على رءوس الأولين والآخرين" أخرجه أبو داود والنسائى وابن ماجه وصححه ابن حبان. و مسند الإمام الشافعي
أدخلت على قوم من ليس منهم: أى جاءت بولد من زنا وهى فى فراش الزوجية، فنسب إلى الزوج وهو ليس منه.


12540 - قال الطبرانى: حدثنا عبد الله بن الحسين المصيصى، ثنا محمد بن بكار بن بلال ثنا سعيد بن بشير، عن قتادة عن أبى الخليل، عن أبى زيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعون إلى الله وليسوا من الله فى شئ قاتلهم كان أولى بالله منهم يعنى الخوارج». واخرجه السيوطي  و سنن أبي داود .
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أسبل إزاره في صلاته خيلاء فليس من الله في حل ولا حرام»، سنن أبو داود
سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يحلف بأبيه فقال: "لا تحلفوا بآبائكم، من حلف بالله فليصدق، ومن حلف له بالله فليرض، ومن لم يرض بالله فليس من الله" ورد في سنن ابن ماجة ""


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )


قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته ، وهو روح العالم المدبّر له ) بهويّته ( فهو الإنسان الكبير) .
قال رضي الله عنه : ( فهو الكون ) بالكثرة الكيانيّة .
( كلَّه . وهو الواحد ) بالوحدة الوجوديّة ( الذي ) ( قام كوني بكونه ) وإطلاق الكون هاهنا على وجوده باعتبار كثرته النسبيّة الأسمائيّة ضرورة وجوب مناسبة الغذاء للمغتذي.
( ولذا قلت نغتذي ) فإنّ الغذاء ما به يتقوّم المغتذي .
قال رضي الله عنه : ( فوجودي غذاؤه ) باعتبار وحدته ليناسب المتغذي ( وبه نحن نحتذي ) ونغتذي في غذائه المغتذي .
ثم استشعر أنّه إذا كان قيام كونه بكون الحق فكيف يتمكَّن من تعوّذه واجتنابه عن البعض ،
وقال :( فبه منه إن نظر ت بوجه ) وهو هذا التوحيد الذاتي الذي فيه يتكلَّم ( تعوّذي ) كما أفصح عنه الحضرة الختميّة بقوله : « نعوذ بك منك » وعن وجوهه الأسمائي والأفعالي بقوله : "نعوذ برضاك من سخطك وبعفوك من عقابك " .
وإذا تقرّر أن حدود الأشياء ونهاياتها وصورها وغاياتها المستخرجة من مكامن القوة إلى مجالي الفعل كلها صورة الحق ، وهي منطوية فيه ، مقتضية للظهور والبروز انطواء الكلمات في باطن المتكلم المقتضية للتكلم بها والتنفّس بإظهارها .
ولذلك عبّر عن ذلك الاقتضاء بالكرب قائلا : ( ولهذا الكرب تنفّس ، فنسب النفس إلى الرحمن ، لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية ، من إيجاد صور العالم التي قلنا ) الصورة ( هي ظاهر الحق ، إذ هو الظاهر ، وهو باطنها ، إذ هو الباطن ) ومما يلوّح على هذا تلويحا بيّنا أن « هي » هو هاء الهويّة الظاهرة على ياء الغيب ، و « هو » هو الياء منه فقط .


النفس الرحماني وظهور العالم فيها
قال رضي الله عنه : (و"هُوَ الأَوَّلُ " إذ كان ولا هي ، وهو " الآخِرُ " إذ كان عينها عند ظهورها فالآخر عين الظاهر ، والباطن عين الأوّل ) فظهر أن الحدود كلَّها عين هويّة الحقّ ( "وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ")  [ 57 / 3 ] لأنّه بنفسه عليم ) لأنّ حدود الأشياء ظاهرها وباطنها نفس هويّة الحقّ وعينها في الحضرة العليميّة والهويّة الأحديّة التي لا يتميّز المعلوم عن العالم ، فلا صورة هناك لشيء إلَّا للحقّ ، ولا نسب إلَّا له .

قال رضي الله عنه : ( فلمّا أوجد الصور في النفس ) الرحماني الذي به انبسط عن الكرب الذي من تراكم النسب والصور في الباطن ( وظهر سلطان النسب المعبّر عنها بالأسماء ، صحّ النسب الإلهي للعالم ) ضرورة امتياز المعلوم حينئذ عن العالم ، والموجود عن الوجود ، وفتح باب لام التفصيل المنخفض كلّ الانخفاض في العليم ، وصحّة نسبة الموجودات والمعلومات مطلقا أن يكون إلى الله الحقّ .

قال رضي الله عنه : ( فانتسبوا إليه تعالى ) بعبوديّتهم له ومخلوقيّتهم ومرزوقيّتهم ( فقال : اليوم ) أي حيث يظهر أمر النسبة عند تمايز المنتسبين ، ويطلع شمس الإظهار من أفق غيبه .
( أضع نسبكم وأرفع نسبى . أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم ) الذي كنتم عليه في يوم لا نسبة ولا المنتسبين ( وأردّكم إلى انتسابكم إليّ ) لتكونوا عبيدي ومظاهري ، فاعبدوا ما ظهر بكم .
ثمّ إذ قد علم أن يوم الظهور والإظهار إنّما اقتضى قهرمان أمر نسبة العبيد إلى الحق ، وقطع انتسابهم إلى أنفسهم - فإنّ ذلك مما ينفي إنفاذ حكم النسبة - فأخذ في تفصيل تلك النسبة - فإنّ من المحقّقين من شاهد نسبة العبيد إلى الحقّ نسبة الباطن إلى الظاهر ، ومنهم من شاهدها بالعكس  قائلا : أين المتّقون ؟


"" أضاف الجامع قال الشيخ في الفتوحات الباب الثامن والتسعون ومائة :
نفس الأكوان من نفسه ..... وهو وحي الحق في جرسه
وكلام الحق شاهده ..... أثر في الكون من نفسه
إن موسى قبل أبصره ..... في اشتعال النار في قبسه
معدن الراحات فيه فمن ..... ناظر فيه وفي حرسه

قوله أحببت أن أعرف فأظهره في النفس الرحماني فكان ذلك التنفس الإلهي عين وجود العالم فعرفه العالم كما أراد فعين العالم عين الرحمة لا غيرها.
فاشحذ فؤادك فما يكون العالم رحمة للحق ويكون الحق يسرمد عليه الألم الله أكرم وأجل من ذلك. أهـ ""
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير.
فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي
قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي
فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي
فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي
ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها.
فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم.
فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلي.  )
قال رضي الله عنه : ( فالعالم صورته، وهو روح العالم المدبر له فهو الإنسان الكبير. فهو الكون كله ... وهو الواحد الذي )
يقول رضي الله عنه : (فالعالم) بجميع أجزائه (صورته وهو)، أي الحق سبحانه (روح العالم المدبر له فهو)، أي العالم مع الروح المدبر له (الإنسان الكبير فهو)، أي الحق سبحانه (الكون كله)، أي الموجودات كلها لأنها صوره، والصورة عين ذي الصورة بوجه.
قال رضي عنه : ( قام كوني بكونه ... ولذا قلت يغتذي . فوجودي غذاؤه ... وبه نحن نحتذي . فبه منه إن نظرت ... بوجه تعوذي . ولهذا الكرب تنفس، فنسب النفس إلى الرحمن لأنه رحم به ما طلبته النسب الإلهية من إيجاد صور العالم التي قلنا هي ظاهر الحق )

قال رضي عنه :  (وهو الواحد الذي قام كوني بكونه)، أي وجودی بوجوده لظهوره بصورتي فأنا قائم موجود به وهو ظاهر بي (فلذا)، أي لقيام وجودي بوجوده بظهور وجوده بي.
قال رضي الله عنه :  (قلت بغندي)، أي يغتذي بي من حيث الظهور ظهوره متحقق وقائم بي كتحقق المغتذي وقيامه بالغذاء.


وفي بعض النسخ: وإذا قلت: يتغدي فهو شرط وجزاء قوله :
قال رضي الله عنه :  (فوجودي غذاؤه وبه)، أي بالحق سبحانه (نحتذي)، أي تغتذي فهو كما يغتذي بنا كذلك نحن نتغذى به لكن في الوجود والوجود کوجود المغتذي بالغذاء وإذا كانت الأشياء كلها عينه من حيث الحقيقة (فبه منه إن نظرت... بوجه)، أي بوجه الإطلاق والجمعية قال رضي الله عنه :  (تعوذي) كما قال صلى الله عليه وسلم : "وأعوذ بك منك ". رواه البيهقي وابن خزيمة فى صحيحه و ابن حبان وابن ماجة والمستدرك  .

"" الحديث : رسول الله وهو يقول: «اللهم أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك» رواه مسلم ""

(ولهذا الكرب)، أي لكرب اندراج الكون كله في الحق سبحانه كما فهم من قوله وهو الكون كله (تنفس)، أي تجلى لإظهار ما في الباطن من أعيان العالم .
(فنسب) الحق سبحانه (النفس إلى) الاسم (الرحمن) على لسان نبينا .
حيث قال : "إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن" .الطبراني و الجامع الصحيح للسنن والمسانيد.
وإنما نسب النفس إلى الاسم الرحمن لا إلى غيره من الأسماء (لأنه)، أي الحق سبحانه (رحم به)، أي بالرحمن (ما طلبته النسب)، أي الأسماء (الإلهية من ايجاد صور العالم) يعني صوره
الموجودة لأن متعلق الرحمة (التي) هي الوجود المنبسط على الماهيات إنما هو الصور الموجودة التي (قلنا هي)، أي صور العالم

قال رضي عنه : ( إذ هو الظاهر، وهو باطنها إذ هو الباطن، و هو الأول إذ كان و لا هي، و هو الآخر إذ كان عينها عند ظهورها. فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول، « وهو بكل شيء عليم» لأنه بنفسه عليم. فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء صح النسب الإلهي للعالم فانتسبوا إليه تعالى فقال: «اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي» أي آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم )
قال رضي الله عنه :   (ظاهر الحق إذ هو)، أي الحق (الظاهر وهو)، أي الحق (باطنها)، أي باطن تلك الصور .
قال رضي الله عنه :  (إذ هو)، أي الحق (الباطن) فظاهرية الحق إنما هي باعتبار ظهوره بصور العالم و باطنيته باعتبار بطونه فيها .
قال رضي الله عنه :  (وهو الأول إذ كان) هو (ولا هي) إذ كان الحق ولم يكن صور العالم
كما قال صلى الله عليه وسلم  : "كان الله ولا شيء معه" . فهو متقدم عليها وهذا التقدم، وهو المراد بالأولية. الحديث أورده الحافظ ابن حجر فى فتح الباري وله شواهد  بصحته.

"" أضاف الجامع : الحديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يزال الناس يسألون حتى يقولوا: كان الله قبل كل شيء فما كان قبله؟ . مسند أحمد و مسند البزار و ابن عساكر والسيوطي فى جمع الجوامع.
وأيضا حديث : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقبلوا البشرى يا بني تميم» . قال: قالوا: قد بشرتنا فأعطنا. قال : «اقبلوا البشرى يا أهل اليمن» .
قال: قلنا: قد قبلنا، فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان؟
قال: «كان الله قبل كل شيء، وكان عرشه على الماء، وكتب في اللوح ذكر كل شيء» مسند أحمد و ابي نعيم فى الحلية و الإبانة الكبرى لابن بطة و المسند الموضوعي الجامع للكتب العشرة. ""
""حديث : إن الله إذا كان يوم القيامة جمع السموات السبع والأرضين السبع فى قبضة ثم يقول أنا الله أنا الرحمن أنا الملك أنا القدوس أنا السلام أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز أنا الجبار أنا المتكبر أنا الذى بدأت الدنيا ولم تك شيئا أنا الذى أعيدها أين الملوك أين الجبابرة"" .
رواه (أبو الشيخ فى العظمة ، وابن مردويه ، والبيهقى فى الأسماء ، والخطيب ، وابن النجار عن ابن عمر) ، أورده في جمع الجوامع للسيوطي ""

قال رضي الله عنه :   (وهو) سبحانه (الآخر إذ كان عينها)، أي عين صور العالم (عند ظهورها) ولها التأخر فهو باعتبار ظهوره بها له الآخر به (فالآخر عين الظاهر والباطن عين الأول) هذا باعتبار التنزل من الحق إلى الخلق .
وأما باعتبار الترقي من الخلق إلى الحق فالآخر عين الباطن والظاهر عين الأول.

قال رضي الله عنه :  ("وهو بكل شيء عليم" لأنه بنفسه عليم) * [البقرة : 92]، وعلمه بنفسه عين علمه بالعالم (فلما أوجد) الحق سبحانه (الصور) التي هي عين العالم روحانية كانت أو جسمانية (في النفس) الرحماني الذي هو هيولى بصور الحروف والكلمات والكلام (وظهر سلطان النسب المعبر عنها بالأسماء) .

لوجود مجالي تصرفاتها (صح النسب الإلهي للعالم)، أي أنساب العالم إلى الحق سبحانه بأنه مخلوق و مربوب له .(فانتسبوا)، أي أهل العلم إليه تعالی .

فقال تعالى: "يوم القيامه" ("اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي" أي أخذ عنكم انتسابكم)، أي انتسابكم ذواتكم وصفاتكم وأفعالكم . الحديث رواه الطبراني في الصغير و الحاكم في المستدرك
قال رضي عنه : ( إلى انتسابكم إلى.)  
قال رضي الله عنه :  (إلى أنفسكم و أردكم إلى انتسابكم إلى) فترون ذواتكم عين ذواتي وصفاتكم عين صفاتي وأفعالكم عين أفعالي ولا تنسبوها إلا إلى. 
.
واتساب

No comments:

Post a Comment