Sunday, July 7, 2019

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر العاشر فص حكمة أحدية في كلمة هودية الفقرة الثانية عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله

10 - The Wisdom Of Unity In The Word Of HUD

الفقرة الثانية عشر : الجزء الأول
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : ( ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم. وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود. فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته. ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود. )
قال رضي الله عنه : (ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود، فالإطلاق عن التقييد تقیید) بالإطلاق (والمطلق) عن مشابهة كل شيء (مقيد) أيضا (بالإطلاق) عن مشابهة كل شيء (لمن فهم) المعاني وعرف مراتبها .
قال رضي الله عنه : (وإن جعلنا الكاف للصفة) وكان تقدير المعنى ليس مثل مثله شيء، حتى اقتضى الكلام إثبات المثل له ونفي المثل عن هذا المثل المثبت له (فقد حددناه) أيضا بإثبات المثل له وإن كان المراد بمثله ذاته كما يقال مثلك من يفعل كذا، أي أنت تفعل كذا أو مثله وصفاته أو على فرض وجود المثل له فكان تحديد له .
قال رضي الله عنه : (وإن أخذنا) معنى ("وليس كمثله، شئ" [الشورى : 11] على نفي المثل) والكاف لتأكيد النفي (تحققنا بالمفهوم)، أي مفهوم من نفينا المثل عنه على وجه التأكيد وكل مفهوم محدود فهو تحدید.
(و) ثبت (بالإخبار الصحيح) عنه تعالى وإن احتمل التأويل عند أهل الأغيار (أنه) سبحانه (عين الأشياء) كما قال تعالى : "إنا كل شيء خلقناه بقدر" [القمر: 49] على قراءة رفع كل بأنها خبر إن.
وقال تعالى: "قل انظروا ماذا في السموات والأرض" [يونس: 101]،
وقال أيضا : "وهو الله في السموات وفي الأرض" [الأنعام: 3]،
وقال : "فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم" [البقرة: 115].
قال رضي الله عنه : (والأشياء محدودة) بحدود تمیز بعضها عن بعض (وإن اختلفت حدودها) اختلافا كثيرا (فهو)، أي الحق تعالی (محدود بحد كل محدود) من الأشياء المحدودة (فما يحد شيء) بحد (إلا وهو)، أي ذلك الحد (حد للحق) تعالى .
وهذا كله من حيث ظهوره تعالى بصفة القيومية على كل محسوس أو معقول من تجلي اسمه الظاهر والآخر.
وأما إطلاقه الحقيقي الذي هو عليه في نفسه أزلا وأبدا من غير تغير أصلا، فهو أمر معجوز عنه يتعلق به إيمان العارفين على وجه الإسلام له فقط، وهو من تجلي اسمه الباطن والأول فهو تعالى: "الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم" [الحديد: 3].
فهو تعالى من تجلی اسمه الظاهر القيوم الذي لا يصير من حيث هذا التجلي باطنا أصلا، وهو أيضا من تجلی اسمه الباطن لا يصير ظاهرا أصلا، لأن أسماءه تعالى قديمة باقية لا تتغير ولا تتبدل (الساري) من حيث ظهور وجوده المطلق في قيود الصور الممكنة العدمية الثابتة بعلمه القديم وتقديره وقضائه إلى آجالها المقدرة.
قال رضي الله عنه : (في مسمى المخلوقات والمبدعات) من المحسوسات والمعقولات، وليس هذا السريان کسريان شيء في شيء لاستحالة وجود شيء مع الله تعالى بنفسه، وإنما الوجود الظاهر لما سواه هو عين وجوده ظهر بملابسة ما سواه، وكل ما سواه معدوم بالعدم الأصلي.
قال تعالى : "الله نور السموات والأرض" (النور: 35).
وفي الحديث من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : «أعوذ بنور وجهك الكريم الذي أضاءت له السموات والأرض، وأشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تحل علي غضبك أو تنزل علي سخطك» إلى آخره . رواه الطبراني والمقدسي في المختارة.
ومن حكم ابن عطاء الله السكندري رحمه الله تعالى: «الكون كله ظلمة وإنما أناره ظهور الحق فيه» (ولو لم يكن الأمر كذلك)، أي هو تعالی بالوجود المطلق ساري في كل محسوس ومعقول سريان ظهور في المعلومات بحيث لا يتغير بها أصلا ولا تتغير به عما هي عليه في عدمها الأصلي من الأحوال الممكنة .
قال رضي الله عنه : (ما صح)، أي ثبت واستقام (هذا الوجود) الذي جملة العالم من كل محسوس ومعقول (فهو)، أي الحق تعالی (عين الوجود) المطلق بالإطلاق الحقيقي وإن تقيد في ظهوره بكل صورة لا قيد له في نفس الأمر من حيث اسمه الباطن.
(فهو)، أي الحق تعالى كما قال في كلامه القديم (على كل شيء) محسوس أو معقول (حفیظ) يحفظ ذلك الشيء من أن يزول عن وجوده الموهوم.
(له بذاته) سبحانه التي هي الوجود المطلق المذكور ("ولا يؤده" )، أي لا يعيقه سبحانه (حفظ شيء) من الأشياء كما قال تعالى : " وسع كرسيه السماوات والأرض ولا يؤوده حفظهما وهو العلى العظيم" [البقرة : 255] .
قال رضي الله عنه : (فحفظه تعالى للأشياء كلها) محسوساتها ومعقولاتها هو (حفظه) سبحانه (لصورته) التي هي كل صورة في الحس أو العقل لصدور الكل عنه وقيامه بوجوده قيام معدوم بموجود.
(أن يكون الشيء) الهالك إلا وجهه أي المعدوم إلا وجوده (غير صورته) سبحانه فكل الصور له ولا صورة له.
لأنه إذا كان عين صورة لم يكن عين صورة أخرى، فيتنزه عن الصورة الأخرى، وإذا كان عين الصورة الأخرى أيضا لم یکن عین الصورة الأولى، فيتنزه عن الصورة الأولى فهو عين الصور كلها، وهو منزه عن الصور كلها .
قال رضي الله عنه : (ولا يصح) في حقه تعالی عند العارفين به المحققين (إلا هذا) الأمر .
(فهو) تعالى (الشاهد من الشاهد و) هو أيضا (المشهود من المشهود) فهو الشاهد والمشهود كما أقسم سبحانه بقوله وشاهد ومشهود، ولم يقسم بغيره إذ ما ثم غيره، والغيرية من جملة حضراته سبحانه .
شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : (ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عین هذا المحدود) والمراد بالمحدود الأشياء فإذا لم يكن الحق عين الأشياء كان محدود بهذا الحد فإذا كان الحق محدودة بكونه ليس عين المحدود (فالإطلاق عن التقيد تقييد والمطلق مفید) وزائدة (بالإطلاق لمن فهم) الأشياء على ما هي عليها .
قال رضي الله عنه : (وإن جعلنا الكان للصفة فقد حددناه وإن أخذنا "ليس كمثله شئ" على نفي المثل) مطلقا على أن الكاف زائدة لغير الصفة (تحققنا بالمفهوم) أي أطلعنا بالمعنى المراد من الآية وهو أنه عين الأشياء فإن مفهومه إثبات الوجود لغيره ومفهوم الثاني نفي المثل فيلزمه نفي الوجود عن غيره فتبين بهذا الوجه أنه عين الأشياء كما كان في الإخبار الصحيح لذلك أوردهما في إثبات هذا المعنى دون الوجه الأول .
(و) تحققنا (بالإخبار الصحيح أنه) أي الحق (عين الأشياء) وأشار إلى فوق الآية والحديث الصحيح في الدلالة على أنه عين الأشياء بقوله في الآية بالمفهوم.
وفي الحديث بقوله وبالأخبار ولم يقل وبمفهوم الإخبار فإن قوله كنت سمعه وبصره الخ في العينية معلوم للعموم بخلاف الآية فإنها لا تدل بهذه الدلالة .
بل تدل على العينية بالمفهوم الذي يفهم من وجوه اللفظ، ولا يعلم ذاك إلا من كان له بصيرة من ربه فدلالة الحديث على العينية أتم وأعم من دلالة الآية .
قال رضي الله عنه : (والأشياء محدودة وإن) وصل (اختلفت حدودها) فإذا كان الحق عين الأشياء وكانت الأشياء محدودة (فهو) أي الحق (محدود بحد كل محدود) فإذا كان محدودة بحد كل محدود .
(فما بحد شيء إلا وهو) أي ذلك الحذ (حد للحق) فإذا كان حد كل شيء حدا للحق (فهو الساري في مسمى المخلوقات) وهي المسبوقة بالزمان (و) مسمى (المبدعات) و هي الغير المسبوقة بالزمان وسريان الحق في الموجودات هو وجود أسمائه وصفاته فيها بحسب قابليته أعيانهم الثابتة.
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن الأمر كذلك) أي ولو لم یکن الحق سارية في الموجودات (لما صح الوجود) لما كان شيء موجودة (فهو عین الوجود فهو على كل شيء حفيظ) عن انعدامه بأن كان ذلك الشيء على غير صورة الحق
(بذاته فلا يؤده) أي فلا يثقله (حفظ شيء) إذ عين الشيء لا يثقل حفظه على ذلك الشيء فإذا كان الحق عين الوجود وحافظة للأشياء بذاته (فحفظه تعالي للأشياء كلها حفظه لصورته) إذ الأشياء عبارة عن الصورة الوجودية التي هي صورة الحق أي صفة الحق (أن يكون) أي أن يوجد (الشيء) على (غير صورته) أي على غير صفة الحق (ولا يصح إلا هذا) أي لا يصح إلا أن يكون الشيء على صورة الحق فكان وجود الشيء على غير صورة الحق محال.
(فهو) أي الحق (الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود) باعتبار الأحدية .


شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : " ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم. وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.  فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته. ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود."
ومن هنا إلى الأبيات الشعر التي أولها: فهو الكون كله، فهو مفهوم من لفظ الشيخ غیر محتاج إلى شرح.




شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : "ومن تميّز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود .
فالإطلاق عن التقييد تقييد والمطلق مقيّد بالإطلاق لمن فهم . وإن جعلنا الكاف للصفة ، فقد حدّدناه . وإن أخذنا « ليس كمثله شيء » على نفي المثل ، تحقّقنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنّه عين الأشياء ، غير هذا المحدود ".
قال العبد : يشير رضي الله عنه إلى ما يخطر لبعض المحجوبين من أنّ الحق إذا كان عين سمع أو بصر ، كان محدودا بحدّه وهو غير محدود .
فعرّف رضي الله عنه أنّ الأمر أعظم ممّا توهّم تنزيهه الوهميّ ، وأوسع وأجل عن التقيّد بالمدرك الفكري ، فإنّه الحقيقة التي من شأنها أن تكون عين الكلّ ، فلا يتقيّد بحدّ ولا يتحدّد بما ميّزه هو بتنزيهه عن أن يكون عين المحدودات .
فإنّه لو كان في معيّن بالتعيين أو معيّنا متميّزا عن غيره ، لكان كذلك ، ولكنّه ليس كذلك ، بل محيط بالكلّ قد استغرق الكلّ ، غير منحصر في الكلّ .
لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلَّا أحصاها بعينه ، فكان عينها ، ولم يتعيّن في عين على التعيين ، فلم يتحدّد بحدّ مخصوص على التخصيص والتمييز .
فلم يدركه حدّ ولم يبلغه حصر ، وإن كان محدودا بحدّ كلّ ذي حدّ ، فإنّه غير محصور في ذلك فافهم ، إن شاء الله تعالى .
ثمّ أخذ رضي الله عنه في تعديد التحديد الذي وردت به النصوص الإلهية ممّا يجب الإيمان به في الكتاب والسنّة ، وادّعى أنّه لم يرد في جميع ما ورد في القرآن وسائر الكتب المنزلة وألسنة السنّة إلَّا التحديد .
ثمّ بيّن أنّ التحديد لا يقيّده والتقييد لا يحدّده ، لعدم انحصاره في الكلّ ، ولا في الإطلاق عن الكلّ .
ثمّ قال رضي الله عنه : الآية الدالَّة على التنزيه في القرآن هي " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ "  فإن أخذنا الكاف زائدة ، دلَّت على نفي المثل فتميّز عن الأمثال وماله مثل ، فكان محدودا بتميّزه عمّاله مثل ، وإن لم تكن زائدة ، كان إثباتا للمثل ونفيا لمثليّة المثل ، عن المثل ، وهذا عين التشبيه ، والتشبيه تحديد.
 وبنفي المثلية عن مثله يتحقّق أنّ مثله من لا يشبهه شيء له مثل ، فيصحّ أن يكون عين الأشياء حقيقة ، حتى لا يكون له مثل من الأشياء.
فإنّ من يكون بعينه عين الكلّ ، فإنّه لا يكون شيء من الكلّ مثله من كونه عين الكلّ ، فافهم ، وإذا كانت الأشياء محدودة بحدود لها خصيصة بها ، كان هو من حيث كونها عين الكلّ محدودا بحدود ذوات الحدود كلَّها .
فما حدّه حدّ معيّن حاصر فما له حدّ ، إذ حدّ الحدّ أن يكون جامعا لحقائق المحدود ، مانعا لما تميّز عنه عن الدخول في حدّه والمقول عليه ، وفيه حدود المحدودات غير المتناهية ، وغير المحدودة غير محدود ، فافهم .
قال رضي الله عنه : « والأشياء محدودة ، وإن اختلفت حدودها ، فهو محدود بحدّ كلّ ذي حدّ  ، فما يحدّ شيء إلَّا وهو حدّ للحق ، فهو الساري في مسمّى المخلوقات والمبدعات ، ولو لم يكن الأمر كذلك ، لما صحّ الوجود " .
يعني : لأنّه لا وجود إلَّا وجوده الذي هو هو ، فبالحق وجدت الموجودات وشهدت المشهودات ، فلا وجود لشيء إلَّا به .
قال رضي الله عنه : « فهو عين الوجود ، فهو على كل شيء حفيظ بذاته لا يؤوده حفظ شيء ، فحفظه تعالى الأشياء كلَّها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته ، ولا يصحّ إلَّا هذا ، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود"
قال العبد : قد علمتم أنّ الأشياء محدودة ، ولكل شيء حدّ هو جمع جميع ما يجمعه ويمنعه عن غيرهن أن يكونه ، وذلك إمّا بذكر الجنس والفصل فيما هو تحت الجنس والفصل ، أو بما به الاشتراك والامتياز فيما ليس كذلك.
 وحدّ الحدّ أن يكون كذلك سواء كان الحدّ تامّا أو ناقصا ، إذ الناقص أيضا على ما عرف وعرّف كاف ، لتضمّنه ما نقصه في العبارة من كون الخاصّ مستلزما للعامّ .
لأنّك إذا قلت : الإنسان هو الناطق أو الناطق الإنسان ، لكان في قوّة قولك : الإنسان حيوان ناطق ، أو الحيوان الناطق هو الإنسان .
لاستلزام الناطق وهو الفصل المميّز الخاصّ للعامّ وهو الحيوان الذي فيه الإنسان أو الناطق مع غيره ، وكل ناطق فهو حيوان ، وكل خاصّ فهو مستلزم للعامّ .
فكلّ كاف شاف عند الإيجاز عن ذكر ما به الشركة ، ولا شيء من الأشياء إلَّا وهو محدود بما به يمتاز ويختصّ ، وهو يتضمّن ما به الاشتراك بالضرورة .
ثمّ إنّا إن لم نأخذ في كل حدّ ظاهر المحدود وباطنه ، لم يعمّ التعريف ولم يكن الحدّ جامعا ، وباطن الأشياء باعتبار هو الوجود الحق ، وظاهرها ما نسمّيه « السوي » سوى الحق وغيره غيره .
وباعتبار آخر هو الظاهر من كون الظاهر هو الحق الموجود المشهود ، والباطن المعقول هو الاعتبارات والحدود والكثرة ، وهي أمور متعقّلة عقلا علمية لا تميّز لها ولا تحقّق بدون الوجود الحق المعطي حقيقتها في أعيانها ، بل  بالوجود الحق الموجود المشهود ، فإذا ذكرنا الحدّ الشامل لكلّ محدود ، فلا بدّ من ذكر الحق فيه في اعتبار أهل الاعتبار والاستبصار ، أولي الأيدي والأبصار.
فهو الظاهر من الظاهر والباطن من الباطن ، والمتحقّق هو الوجود الحق ما ثمّ إلَّا هو ، هو الأوّل والآخر ، والباطن والظاهر ، والجامع بذاته للكل ، والمطلق عن هذه الجمعية وعن هذا الإطلاق والتقيّد بحدّ ، فافهم .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود ) هذا كلام أورده لدفع توهم المنزه ، فإن الأمر في وصفه أعظم مما توهم من تنزيهه الوهمي وأوسع من التقييد الفكري ، فإنه في التنزيه لم يتميز من شيء حتى يحتاج إلى تميزه ، وفي التحديد لم يتقيد بحد مخصوص حتى ينحصر فيتحدد ، تعالى الله عما يقول المنزه والمحدد ، وإن أخذنا الكاف في الآية المذكورة الدالة على التنزيه زائد دلت على نفى المثلية ، فتميز عن الأشياء بحدنا في حدودنا فكان محدودا ، ولو بكونه ليس عين هذا المحدود لاشتراكه بجميع ما عداه في معنى التشبيه .
"" إضافة بالي زادة :  فحينئذ قد تميز عن المحدود ( ومن تميز عن المحدود فهو محدود ) والمراد بالمحدود الأشياء ، فإذا لم يكن الحق عين الأشياء كان محدودا بهذا الحد ، فإذا كان الخلق محدودا ( بكونه ليس عين المحدود ) فالإطلاق عن التقييد تقييد اهـ بالى . ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فالإطلاق عن التقييد تقييد ، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم ) يعنى أن الإطلاق عين التقييد مقابل له فهو تقييد بقيد الإطلاق والمطلق مقيد بقيد اللاتقيد ، أي بمعنى لا شيء معه والحق هو الحقيقة من حيث هي هي ، أي لا بشرط شيء فلا ينافي التقييد واللاتقيد .
(وإن جعلنا الكاف الصفة ) أي بمعنى المثلية ( فقد حددناه ) أي أثبتنا مثله ونفينا عن مثله أن يكون له مثل وهو عين التشبيه والتشبيه تحديد.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( وإن أخذنا " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ "  على نفى المثل ) أي على معنى نفى مثل من هو على صفته ، فإن مثل الشيء يطلق ويراد به من هو على صفته من غير قصد إلى نظير له كقولهم : مثلك لا يبخل أي من هو ذو فضيلة مثلك لا يأتي منه البخل والمراد نفسه والمبالغة في نفى البخل عنه بالبرهان أي أنت لا تبخل لأن فيك ما ينافي البخل فعلى هذا يكون معنى " لَيْسَ كَمِثْلِه شَيْءٌ " نفى المثل بطريق المبالغة أي ليس مثل من هو على صفة من الصمدية وقيومية الكل شيء.
"" إضافة بالي زادة :  ( على نفى المثل ) على أن الكاف زائدة لغير الصفة .
(تحققنا بالمفهوم ) أعنى اطلعنا بالمعنى المراد من الآية وهو أنه عين الأشياء بخلاف ما إذا أخذ الكاف للصفة ، فإنه وإن دل على التحديد لكنه لا يدل على أنه عين الأشياء ، فإن مفهومه إثبات الوجود لغيره ومفهوم الثاني نفى المثل فيلزمه نفى الوجود عن غيره ، فتبين بهذا الوجه أنه عين الأشياء كما كان في الإخبار الصحيح ، لذلك أوردهما في إثبات هذا المعنى دون الوجه الأول ( و ) تحققنا ( بالإخبار الصحيح أنه ) أي الحق ( عين الأشياء ) وأشار إلى فرق الآية والحديث في الدلالة على أنه عين الأشياء بقوله في الآية بالمفهوم ، وفي الحديث بقوله وبالاعتبار ولم يقل بعموم الإخبار ، فدلالة الحديث على العينية أتم وأعم من دلالة الآية اهـ بالى . ""
قال الشيخ رضي الله عنه : (تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها) المفهوم على ما ذكر ليس مثله شيء لأنه لا شيء إلا وهو به موجود : أي بوجوده ، فبهذا المفهوم وبالخبر الصحيح تحقق أنه عين الأشياء المحدودة بالحدود المختلفة .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو محدود بحد كل ذي حد فما يحد شيء إلا وهو حد للحق ) لأنه هو المتجلى في صورته فحد كل شيء حد الحق تعالى والضمير لمصدر يحد.
( فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات ) أي هو الظاهر بصورها وحقائقها .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولو لم يكن الأمر كذلك لما صح الوجود فهو عين الوجود ) لأن الممكن ليس له بذاته وجود فلا وجود له إلا به ( فهو على كل شيء حفيظ بذاته ) وإلا لانعدم على أصله ( فلا يؤوده حفظ شيء ) لأن عينه قائم بذاته فكيف يثقله وليس غيره.

( فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشيء غير صورته ) من أن يكون شيء غيره لأنه لو لم صورته يحفظ لكان له مثل في الشيئية والوجود ولزم الشرك .
ولهذا قال ( ولا يصح إلا هذا ) فإن الممكن لا يمكن أن يوجد بذاته ، وإلا لم يكن ممكنا فيكون في الوجود واجبا .
قال الشيخ رضي الله عنه : ( فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود )
أي فالعالم ظاهر الحق وهو باطنه ، والحق روح العالم والعالم صورته فهو الإنسان الكبير ، لأن الإنسان الكبير خلق على صورته والعالم كذلك - وهو الظاهر والباطن - لا أن العالم صورة وهو باطنها فحسب ، بل بمعنى أنه ظاهر العالم وباطنه.
مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : ( ومن تميز عن المحدود ، فهو محدود بكونه ، ليس عين هذا المحدود .
فالإطلاق من التقييد تقييد ، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم . وإن جعلنا ( الكاف ) للصفة ، فقد حددناه ) . أي ، على التقديرين يلزم التحديد :
أما على الأول ، فلأن الممتاز عن المحدود لا يكون إلا محدودا بكونه ممتازا عنه ، كما أن الإطلاق المقابل للتقييد أيضا تقييد بعدم التقييد ، والمطلق مقيد بالإطلاق .
وأما على الثاني ، فلأن نفى مثل المثل إثبات للمثل ، وهو محدود ، فما يماثله أيضا محدود .

 قال رضي الله عنه : (وإن أخذنا " ليس كمثله شئ " على نفى المثل ، تحققنا بالمفهوم ، وبالأخبار الصحيح أنه عين الأشياء ، والأشياء محدودة ، وإن اختلفت حدودها ) .
أي ، وإن حملنا على نفى المثلية مطلقا ، سواء كان زائدا أو غير زائد مع عدم القصد
بوجود المثل - بل المقصود المبالغة في التنزيه ، كما يقال : مثلك لا يغضب . أي ، من
يكون متصفا بالحكم ، كما أنت متصف به ، لا يغضب . والغرض نفى الغضب منه - يلزم التحديد أيضا ، لأن ما يمتاز عن الشئ ، محدود بامتيازه عنه ، فسلب المثلية عنه تحدده .
وهو المراد بقوله : ( تحققنا بالمفهوم ) أي ، علمنا حقيقة بالمفهوم من الآية أنه محدود .
وكذلك علمنا تحديده بالخبر الصحيح وهو : ( كنت سمعه وبصره . . . ) . لأنه صار عين الأشياء ، والأشياء محدودة بحدود مختلفة .
و ( إن ) في قوله : ( وإن اختلفت حدودها ) . للمبالغة .

قال رضي الله عنه : ( فهو محدود بحد كل محدود ، فما يحد شئ إلا وهو حد للحق ) .
لما كان ( الحد ) عبارة عن التعيين ، والحد الاصطلاحي إنما يسمى بالحد لأنه أيضا تعين
الشئ وتميزه عن غيره ، نقل الكلام إلى الحد الاصطلاحي الموجب لتعين الأشياء في العقل . وإنما جعله ( محدودا بحد كل محدود ) ، لأنه عين لكل محدود ، فحده حد الحق .

وقوله : ( وهو ) عائد إلى ( الحد ) الذي يدل عليه قوله : ( فما يحد ) .
قال رضي الله عنه : ( فهو الساري في مسمات المخلوقات والمبدعات ) .
أي ، فالحق هو الساري في الحقائق المسبوقة بالزمان ، وهي المخلوقات ، وغير المسبوقات به ،
وهي المبدعات  ( ولو لم يكن الأمر كذلك ، ما صح الوجود ) .
أي ، ولو لم يكن سريان الحق في الموجودات ، ما صح وجود موجود أبدا ، لأنه بالحق موجود لا بنفسه ، بل هو الحق الظاهر بتلك الصورة .
( فهو عين الوجود ) . أي ، فالحق عين الوجود المحض لا غيره .
قال رضي الله عنه : ( فهو على كل شئ حفيظ بذاته ، ولا يؤده حفظ شئ ) . أي ، إذا كان الحق عين الوجود ، والوجود محيط بالأشياء بذاته عليم بها حافظ من انعدامها ، فالحق على كل شئ حفيظ بمعنى أنه عليم بها ومحيط بحقائقها ، وبمعنى أنه يحفظها
من الانعدام أيضا ، فلا يثقله حفظ شئ ولا يتعبه ، لأن عين الشئ لا يثقل نفسه .
( فحفظه تعالى للأشياء كلها ، حفظه لصورته )
لما كانت الصور الوجودية صور الحق بحسب أسمائه ، كان حفظ الحق لها عين حفظه لصورة نفسه .
قال رضي الله عنه : ( أن يكون الشئ على غير صورته ) . أي ، ويحفظ أن يوجد شئ على غير صورة الحق ،
ولما كان هذا الأمر محالا .
قال رضي الله عنه :  : ( ولا يصح إلا هذا ، فهو الشاهد من الشاهد ،والمشهود من المشهود).
أي ، فالحق هو الشاهد الحقيقي من كل الشاهد ، وهو المشهود الحقيقي من كل المشهود ، إذ لا غير في الوجود .  


خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم. وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود. فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته. ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : (ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين المحدود هذا)؛ لأنه تقيد بكونه ليس هذا المقيد، والتحديد ذكر القيود المميزة من الفصل والخاصة؛ (فالإطلاق عن التقييد) وإن كان نفيا للتقييد (تقييد) للإطلاق، (والمطلق) وإن أطلق عن قيد الإطلاق والتقييد (مقيد بالإطلاق) عن الضدين (لمن فهم).
قال رضي الله عنه : (وإن جعلنا الكاف للصفة)، أي: لإثبات المثل له مع نفي المثل عن مثله، بناء على أن صور تجلياته أمثاله ولا مثل الصورة منها من كل وجه لئلا يلزم تکرر التجلي (فقد حددناه) محدود ما أثبتنا له من الأمثال.
قال رضي الله عنه : (وإن أخذنا) الكاف للصفة لا لإثبات المثل بالاعتبار المذكور، بل قلنا: ("ليس كمثله شئ") يدل (على نفي المثل) بطريق الكناية (تحققنا بالمفهوم)، فإن مفهوم نفي مثل المثل إنما يتحقق بنفي المثل.
إذ على تقدير إثبات المثل يكون نفسه مثلا لمثله، فلا يبقى مثل المثل مع ثبوت المثل.
فيقوم نفي مثل المثل مقام نفي المثل، فيدل عليه بطريقة الكناية، ونفي المثل إما بنفي الظهور أو بنفي الغير من كل وجه.
والأول باطل (بالإخبار الصحيح) الدال على (أنه عين الأشياء) مثل قوله: «كنت سمعه وبصره ويده ورجله ولسانه»، "ومرضت فلم تعدني، و جعت فلم تطعمني ".
ومعلوم أنه لا عينية له إلا بالظهور فتعين أن يحمل نفي المثل على نفي الغير من كل وجه؛ لأنها لا تتصور إلا بين اثنين.
وإذا كان عين (الأشياء) بالظهور فيها (فهو محدود بحد كل) ذي باعتبار ظهوره في كل ذي حد، وإن تنزه عن الحدود في نفسه، وإلا لم يجتمع في شأنه الحدود المختلفة بخلاف (المحدودین) في أنفسهم.
قال رضي الله عنه : (فما يحد بشيء إلا وهو حد للحق) باعتبار، وصورة من صوره يميزها عما عداها، وإن لم يتميز الحق بها في ذاته، وإذا كان نفي المثل يقتضي تحديده بحدود الأشياء بدلالة الأخبار الصحيحة.
قال رضي الله عنه : (فهو الساري) بصورته سريان الشمس بصورها في المرآة في مسمى المخلوقات المادية الكثيفة بعوارضها. وإن كان في ذاته مجردا عن المادة بريئا عن عوارضها.
(والمبدعات) المجردة عن المواد وعوارضها، وإن كان منها عن الحلول فيها والاتحاد بها من كل وجه، وكيف لا يكون ساريا.
قال رضي الله عنه : (ولو لم يكن الأمر) أي: أمر الحق (كذلك) أي: السريان بالصورة في الأشياء (ما صح الوجود) لها، إذ لا وجود لها في أنفسها لإمكانها فهو من سريان صورته مما له الوجود بذاته، ولا وجود بالذات إلا لعين الوجود، إذ غيره مفتقر إليه، فلا يجب بذاته.
قال رضي الله عنه : (فهو عين الوجود) لكن تسري صورته على الأشياء لتحفظها عن العدم، (فهو "على كل شيء حفيظ" [سبأ: 21] بذاته، ولا يؤوده حفظ) كل (شيء)، وإن لم يكن له فائدة في حفظه بالنظر إلى كمالاته الأصلية، لكن تحصل له بهذا الحفظ كمال الظهور ومنع عن غلبة العدم على الأشياء.
قال رضي الله عنه : (فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظ لصورته) التي يعشقها باعتبار ما يحصل لظهور كمال بها.
ويغار مع ذلك (أن يكون الشيء غير صورته) لكونه عاشقا لذاته غيور عن الأغيار، فيحفظ صوره بدفع صور الأغيار.
قال رضي الله عنه : (ولا يصح) في بيان الحكمة في الحفظ (إلا هذا)، وإلا لزم أن يكون ناقصا في ذاته مستكملا بالغير فهو عين الكل، إما بذاته أو بصورته.
قال رضي الله عنه : (فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود)، وإذا كان الوجود منحصرا في ذاته وصورته،


شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)
قال رضي الله عنه : ( ومن تميّز عن المحدود ، فهو محدود بكونه : ليس عين هذا المحدود - فالإطلاق عن التقييد  تقييد ) لأنّه مقابل له ، ممتاز عنه ، وكلّ مقابل وممتاز فهو مقيّد ( والمطلق مقيّد بالإطلاق لمن فهم ) معنى الإطلاق - وقد بينّا ذلك غير مرّة . هذا إن جعلنا الكاف زائدة .
قال رضي الله عنه : ( وإن جعلنا الكاف للصفة ) بمعنى المثل ، فإن أخذنا على ما هو الظاهر من هذا التركيب وهو حظَّ العامّة منه من إثبات المثل ونفي أن يكون شيء مثله ( فقد حدّدناه ) .
قال رضي الله عنه : ( وإن أخذنا " لَيْسَ كَمِثْلِه ِ شَيْءٌ " )  على ما هو استعمال البلغاء وخواصّ الخطباء (على نفي المثل) فإنّهم إذا أرادوا تنزيه المحمود أو الممدوح عن وصف ، ينفون ذلك الوصف ويبعّدونه عن مثله .
كما في قولهم : « مثلك لا يبخل » أدبا وإغراقا في تبيين تلك النزاهة ، وإشعارا بأنّ في المحمود من الأوصاف الكماليّة ما ينفي ذاك الوصف حيثما كان في نظائره وأشباهه ، وهذا ضرب من الاستدلال على نفي الشيئية والوجود عن مثل الحقّ بأن من هو نظيره منزّه عن هذا الوصف .
فلذلك قال رضي الله عنه : ( تحقّقنا بالمفهوم ) أي بما هو مفهوم الخاصّة من البلغاء عن هذا التركيب .
( وبالإخبار الصحيح ) مما يدلّ عليه ظاهرا ويصل إليه فهوم العامّة ( أنّه عين الأشياء ، الأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها ) على تكثّر صنوفها وتنوّع جزئيّاتها .
فإنّ الحدود منها ما هي ذاتيّة للشيء ، وهو ما ينتهي إليه الشيء ذاته ، كمدركات قواه وأفعال جوارحه ، ومنها ما هي عرضيّة له .
كالسطوح المكانيّة والآنات الزمانيّة التي ينتهي إليه الشيء بأعراضه وأحواله ، ومنها ما هي جامعة لهما ، كاشفة عن الكلّ وهي الأعداد وصورها الحرفيّة.
وعلم من تحقيق معنى الحدّ هذا وتبيين أقسامه وجه دخل هذا الكلام في الفصّ الهودي والحكمة الأحديّة ، فإنّك قد نبّهت في التلويحات السابقة أن "الدال "  إذا ظهر بـ « حاء » حقيقة الحق إنّما يدلّ على كنه غايات الشيء ونهايته ، فإذا ظهر في ضمن « ألف » ابتداء الوجود هو " الأحد " كما أنّه إذا جمعهما « ميم » منتهى العلم هو « الحمد » .
 فالحمد هو العلم بحدود الأشياء على اختلاف أنواعها وتكثّر صنوفها ، فإنّها حدود الحقّ .
قال رضي الله عنه : ( فهو محدود بحدّ كلّ محدود ، فما يحدّ الشيء إلَّا ) حدّه ذلك ( هو حدّ الحقّ ) .
والذي يلوّح عليه أن حد ( اال ) كل شيء هو لبّه المرئي فيه ، هذا إن أخذ من بيّناته ما هو أول ، وإن تعمّق فيها يظهر ما هو أبين .
الإنسان الكبير
قال رضي الله عنه : ( فهو الساري في مسمّى المخلوقات ) الماديّة ( والمبدعات ) المجرّدة ، ( ولو لم يكن الأمر كذلك ما صحّ الوجود ) لشيء ، ضرورة نفي الوجود عمّا يماثل الحقّ ويقابله (فهو عين الوجود) الظاهر الذي به يوجد الكلّ ، ( فهو " عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ " [ 11 / 57 ] بذاته ) وما بالذات من الشيء لا تكلَّف له في إصداره ، ولا ثقالة له منه في احتماله ، فلا يثقله ( ولا يؤده حفظ شيء ).  " إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا " [ فاطر : 41]
قال رضي الله عنه : ( فحفظه تعالى للأشياء كلَّها حفظه لصورته أن يكون الشيء ) على ( غير صورته ) ، فإنّه لم لو يحفظه ذلك لكان الشيء على غير صورته مقابلا له ومماثلا ، وذلك محال عقلا وذوقا ، فإنّ الأشياء ظاهر الحقّ وصورته ، وهو بالذات حافظ له أن يكون غير صورته .
( ولا يصحّ ) بالنظر العقلي والشهود الذوقي ( إلَّا هذا ) على ما لا يخفى ( فهو الشاهد من الشاهد ، والمشهود من المشهود ) ، فلا مدرك ولا مدرك في المعنى والصورة إلَّا هو .
شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم.
وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها. فهو محدود بحد كل محدود.
فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته.
ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)

قال رضي الله عنه : (  ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين هذا المحدود. فالإطلاق عن التقيد تقييد، والمطلق مقيد بالإطلاق لمن فهم. وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه، وإن أخذنا «ليس كمثله شيء» على نفي المثل تحققنا بالمفهوم وبالإخبار الصحيح أنه عين الأشياء، والأشياء محدودة وإن اختلفت حدودها.)

قال رضي الله عنه :  (ومن تميز عن المحدود فهو محدود بكونه ليس عين المحدود فالإطلاق عن التقييد تقیید) بالإطلاق (والمطلق) المقابل للمقيد (مقيد بالإطلاق لمن فهم وإن جعلنا الكاف للصفة فقد حددناه)، لأن في نفي مثل المثل إثبات المثل وهو تحديد.
قال رضي الله عنه :  (وإن أخذنا) قوله تعالى: ("ليس كمثله شئ" على نفي المثل) مطلقا سواء كانت الكاف زائدة وهو ظاهر أو غير زائدة على سبيل الكناية كما في قولك : مثلك لا يبخل.
(تحققنا)، أي علمنا حقيقة (بالمفهوم وبا لإخبار الصحيح أنه عين الأشياء). أما بالمفهوم فلأنه إذا نفي عن الأشياء مثليته يفهم منه بالمفهوم المخالف عينية .
وأما بالاخبار الصحيح فـ لقوله : "كنت سمعه وبصره" الحديث.
قال رضي الله عنه :  (والأشياء) كلها (محدودة وإن اختلفت حدودها فهو)، أي الحق سبحانه (محدود بحد كل محدود فما يحد شيء إلا وهو)، أي ما يحد ذلك الشيء (حد للحق سبحانه
فهو)، أي الحق سبحانه

قال رضي عنه : ( فهو الله محدود بحد كل محدود. فما يحد شيء إلا وهو الحق. فهو الساري في مسمى المخلوقات والمبدعات، ولو لم يكن الأمر كذلك ما صح الوجود. فهو عين الوجود، «وهو على كل شيء حفيظ» بذاته، «ولا يؤده» حفظ شيء. فحفظه تعالى للأشياء كلها حفظه لصورته أن يكون الشي ء غير صورته. ولا يصح إلا هذا، فهو الشاهد من الشاهد والمشهود من المشهود.)

قال رضي عنه : (فهو)، أي الحق سبحانه (الساري) بهويته العينية المطلقة (في مسمى المخلوقات) المسبوقة بالمدة والمادة (والمبدعات) الغير المسبوقة بشيء منها سريان المطلق في المقيد
قال رضي الله عنه :  (ولو لم يكن الأمر)، أي أمر سريان (كذلك)، أي بحيث يعم الكل (ما صح الوجود)، أي وجود حقيقة من الحقائق لا يكون إلا بسريانه فيها .
(فهو)، أي الحق سبحانه (عين الوجود) إذ ليس الوجود إلا ما تحقق الحقائق بسريانه فيها وإذا كان عين الموجود (فهو على كل شيء حفيظ) يحفظه عن الانعدام.
قال رضي الله عنه :  (بذاته)، أي حفظه للأشياء مقتضى ذاته ("ولا يؤده") ، أي لا يثقله ولا يتعبه (حفظ شيء)، إذ مقتضى ذات الشيء لا تثقله ولما كانت الأشياء صورته إذ المقيد صورة المطلق .
قال رضي الله عنه :  (فحفظه للأشياء كلها) عن أن تتقدم ظهوره لصورها (حفظه لصورته عن أن يكون الشيء غير صورته)، فإنه لما لم يكن الظاهر بصور الأشياء إلا شو فلا محالة لا تكون الأشياء غير صورته، فحفظه للأشياء على الوجه الخاص فيستلزم حفظها لها عن أن تكون غيره.
فيصح أن يقال : حفظه الأشياء حفظ لها عن أن يكون غير صورته (ولا يصح إلا هذا)، أي الشيء غير صورته، ولما كان المقيد صورة المطلق والصورة من حيث الحقيقة عين في الصورة و من حيث التعين غيره.
قال رضي الله عنه :  (فهو الشاهد من الشاهد) الذي هو بعض من صوره (وهو المشهود من المشهود) الذي هو بعض آخر من صوره وإذا كان بعض كل شيء صورته .



واتساب

No comments:

Post a Comment