Thursday, August 1, 2019

09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

09 - فص حكمة نورية في كلمة يوسفية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

شرح الشيخ عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي
هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية. تقول عائشة رضي الله عنها: «أول ما بدىء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة، فكان لا يرى رؤيا إلا خرجت مثل فلق الصبح «تقول لا خفاء بها. وإلى هنا بلغ علمها لا غير.
وكانت المدة له في ذلك ستة أشهر ثم جاءه الملك، وما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال: «إن الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا»، وكل ما يرى في حال النوم فهو من ذلك القبيل، وإن اختلفت الأحوال.
فمضى قولها ستة أشهر، بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة: إنما هو منام في منام.
وكل ما ورد من هذا القبيل فهو المسمى عالم الخيال ولهذا يعبر، أي الأمر الذي هو في نفسه على صورة كذا ظهر في صورة غيرها، فيجوز العابر من هذه الصورة التي أبصرها النائم إلى صورة ما هو الأمر عليه إن أصاب كظهور العلم في صورة اللبن.
فعبر في التأويل من صورة اللبن إلى صورة العلم فتأول أي قال: مآل هذه الصورة اللبنية إلى صورة العلم.
ثم إنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أوحي إليه أخذ عن المحسوسات المعتادة فسجي وغاب عن الحاضرين عنده: فإذا سري عنه رد. فما أدركه إلا في حضرة الخيال، إلا أنه لا يسمى نائما.
وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا فذلك من حضرة الخيال، فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، فدخل في صورة إنسان.
فعبره الناظر العارف حتى وصل إلى صورته الحقيقية، فقال هذا جبريل أتاكم يعلمكم  دينكم.
و قد قال لهم ردوا علي الرجل فسماه بالرجل من أجل الصورة التي ظهر لهم فيها.
ثم قال هذا جبريل فاعتبر الصورة التي مآل هذا الرجل المتخيل إليها. 
فهو صادق في المقالتين:
صدق للعين في العين الحسية.
وصدق في أن هذا جبريل، فإنه جبريل بلا شك.
و قال يوسف عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين»: فرأى إخوته في صورة الكواكب و رأى أباه و خالته في صورة الشمس و القمر.
هذا من جهة يوسف، ولو كان من جهة المرئي لكان ظهور إخوته في صورة الكواكب وظهور أبيه وخالته في صورة الشمس والقمر مرادا لهم.
فلما لم يكن لهم علم بما رآه يوسف كان الإدراك من يوسف في خزانة خياله، وعلم ذلك يعقوب حين قصها عليه فقال: «يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا» ثم برأ أبناءه عن ذلك الكيد وألحقه بالشيطان، وليس إلا عين الكيد.
فقال: «إن الشيطان للإنسان عدو مبين» أي ظاهر العداوة.
ثم قال يوسف بعد ذلك في آخر الأمر: «هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا» أي أظهرها في الحس بعد ما كانت في صورة الخيال، فقال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: «الناس نيام»، فكان قول يوسف عليه السلام : «قد جعلها ربي حقا» بمنزلة من رأى في نومه أنه قد استيقظ من رؤيا رآها ثم عبرها.
ولم يعلم أنه في النوم عينه ما برح، فإذا استيقظ يقول رأيت كذا ورأيت كأني استيقظت وأولها بكذا. هذا مثل ذلك.
فانظر كم بين إدراك محمد صلى الله عليه و سلم و بين إدراك يوسف عليه السلام في آخر أمره حين قال: «هذا تأويل رءياي من قبل قد جعلها ربي حقا». معناه حسا أي محسوسا، و ما كان إلا محسوسا، فإن الخيال لا يعطي أبدا إلا المحسوسات، غير ذلك ليس له.
فانظر ما أشرف علم ورثة محمد صلى الله عليه وسلم. و سأبسط من القول في هذه الحضرة بلسان يوسف المحمدي ما تقف عليه إن شاء الله فنقول: اعلم أن المعول عليه «سوى الحق» أو مسمى العالم هو بالنسبة إلى الحق كالظل للشخص، وهو ظل الله ، وهو عين نسبة الوجود إلى العالم لأن الظل موجود بلا شك في الحس ، ولكن إذا كان ثم من يظهر فيه ذلك الظل: حتى لو قدرت عدم من يظهر فيه ذلك الظل: كان الظل معقولا غير موجود في الحس، بل يكون بالقوة في ذات الشخص المنسوب إليه الظل.
فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات: عليها امتد هذا الظل، فتدرك من هذا الظل بحسب ما امتد عليه من وجود هذه الذات.
ولكن باسمه النور وقع الإدراك و امتد هذا الظل على أعيان الممكنات في صورة الغيب المجهول .
ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد تشير إلى ما فيها من الخفاء لبعد المناسبة بينها و بين أشخاص من هي ظل له؟. وإن كان الشخص أبيض فظله بهذه المثابة.
ألا ترى الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تظهر سوداء وقد تكون في أعيانها على غير ما يدركها الحس من اللونية، و ليس ثم علة إلا البعد؟. وكزرقة السماء.
فهذا ما أنتجه البعد في الحس في الأجسام غير النيرة.
و كذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة و إن اتصفت بالثبوت لكن لم تتصف بالوجود إذ الوجود نور . غير أن الأجسام النيرة يعطي فيها البعد في الحس صغرا ، فهذا تأثير آخر للبعد.
فلا يدركها الحس إلا صغيرة الحجم وهي في أعيانها كبيرة عن ذلك القدر وأكثر كميات، كما يعلم بالدليل أن الشمس مثل الأرض في الجرم مائة وستين مرة، و هي في الحس على قدر جرم الترس مثلا.  فهذا أثر البعد أيضا.
فما يعلم من العالم إلا قدر ما يعلم من الظلال، و يجهل من الحق على قدر ما يجهل من الشخص الذي عنه كان ذلك الظل.
فمن حيث هو ظل له يعلم، و من حيث ما يجهل ما في ذات ذلك الظل من صورة شخص من امتد عنه بجهل من الحق.
فلذلك نقول إن الحق معلوم لنا من وجه مجهول لنا من وجه: «أ لم تر إلى ربك كيف مد الظل و لو شاء لجعله ساكنا» أي يكون فيه بالقوة.
يقول ما كان الحق ليتجلى للممكنات حتى يظهر الظل فيكون كما بقي من الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود. «ثم جعلنا الشمس عليه دليلا» وهو اسمه النور الذي قلناه، و يشهد له الحس: فإن الظلال لا يكون لها عين بعدم النور.
«ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا»: و إنما قبضه إليه لأنه ظله، فمنه ظهر و إليه يرجع الأمر كله. فهو "هو" لا غيره.
فكل ما ندركه فهو وجود الحق في أعيان الممكنات.
فمن حيث هوية الحق هو وجوده، و من حيث اختلاف الصور فيه هو أعيان الممكنات.
فكما لا يزول عنه باختلاف الصور اسم الظل، كذلك لا يزول باختلاف الصور اسم العالم أو اسم سوى الحق.
فمن حيث أحدية كونه ظلا هو الحق، لأنه الواحد الأحد.
و من حيث كثرة الصور هو العالم، فتفطن و تحقق ما أوضحته لك.
و إذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم ما له وجود حقيقي، و هذا معنى الخيال .
أي خيل لك أنه أمر زائد قائم بنفسه خارج عن الحق وليس كذلك في نفس الأمر.
ألا تراه في الحس متصلا بالشخص الذي امتد عنه، ويستحيل عليه الانفكاك عن ذلك الاتصال لأنه يستحيل على الشي ء الانفكاك عن ذاته؟
فاعرف عينك ومن أنت و ما هويتك و ما نسبتك إلى الحق، و بما أنت حق و بما أنت عالم و سوى و غير و ما شاكل هذه الألفاظ.
وفي هذا يتفاضل العلماء، فعالم وأعلم. فالحق بالنسبة إلى ظل خاص صغير وكبير، وصاف وأصفى، كالنور بالنسبة إلى حجابه عن الناظر في الزجاج يتلون بلونه، وفي نفس الأمر لا لون له. ولكن هكذا تراه.
ضرب مثال لحقيقتك بربك. فإن قلت: إن النور أخضر لخضرة الزجاج صدقت وشاهدك الحس، وإن قلت إنه ليس بأخضر ولا ذي لون لما أعطاه لك الدليل، صدقت وشاهدك النظر العقلي الصحيح.
فهذا نور ممتد عن ظل وهو عين الزجاج فهو ظل نوري لصفائه.
كذلك المتحقق منا بالحق تظهر صورة الحق فيه أكثر مما تظهر في غيره. فمنا من يكون الحق سمعه وبصره وجميع قوة وجوارحه بعلامات قد أعطاها الشرع الذي يخبر عن الحق.
مع هذا عين الظل موجود، فإن الضمير من سمعه يعود عليه: وغيره من العبيد ليس كذلك. فنسبة هذا العبد أقرب إلى وجود الحق من نسبة غيره من العبيد.
وإذا كان الأمر على ما قررناه فاعلم أنك خيال وجميع ما تدركه مما تقول فيه ليس أنا خيال.
فالوجود كله خيال في خيال، والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته و عينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماءه لها مدلولان: المدلول الواحد عينه و هو عين المسمى، و المدلول الآخر ما يدل عليه مما ينفصل الاسم به من هذا الاسم الآخر و يتميز.
فأين الغفور من الظاهر ومن الباطن، وأين الأول من الآخر.؟
فقد بان لك بما هو كل اسم عين الاسم الآخر وبما هو غير الاسم الآخر.
فبما هو عينه هو الحق، وبما هو غيره هو الحق المتخيل الذي كنا بصدده.
فسبحان من لم يكن عليه دليل سوى نفسه ولا ثبت كونه إلا بعينه. فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية. وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. فمن وقف مع الكثرة كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم.
ومن وقف مع الأحدية كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين.
وإذا كانت غنية عن العالمين فهو عين غنائها عن نسبة الأسماء لها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسميات أخر يحقق ذلك أثرها.
«قل هو الله أحد» من حيث عينه: «الله الصمد» من حيث استنادنا إليه: «لم يلد» من حيث هويته ونحن، «ولم يولد» كذلك، «ولم يكن له كفوا أحد» كذلك.
فهذا نعته فأفرد ذاته بقوله: «الله أحد» وظهرت الكثرة بنعوته المعلومة عندنا.
فنحن نلد ونولد ونحن نستند إليه ونحن أكفاء بعضنا لبعض.
وهذا الواحد منزه عن هذه النعوت فهو غني عنها كما هو غني عنا.
وما للحق نسب إلا هذه السورة، سورة الإخلاص، وفي ذلك نزلت.
فأحدية الله من حيث الأسماء الإلهية التي تطلبنا أحدية الكثرة، و أحدية الله من حيث الغنى عنا و عن الأسماء أحدية العين، و كلاهما يطلق عليه الاسم الأحد، فاعلم ذلك. فما أوجد الحق الظلال وجعلها ساجدة متفيئة عن اليمين والشمال إلا دلائل لك عليك وعليه لتعرف من أنت وما نسبتك إليه وما نسبته إليك حتى تعلم من أين أو من أي حقيقة إلهية اتصف ما سوى الله بالفقر الكلي إلى الله، وبالفقر النسبي بافتقار بعضه إلى بعض، وحتى تعلم من أين أو من أي حقيقة اتصف الحق بالغناء عن الناس والغناء عن العالمين، واتصف العالم بالغناء أي بغناء بعضه عن بعض من وجه ما هو عين ما افتقر إلى بعضه به.
فإن العالم مفتقر إلى الأسباب بلا شك افتقارا ذاتيا.
وأعظم الأسباب له سببية الحق: ولا سببية للحق يفتقر العالم إليها سوى الأسماء الإلهية. والأسماء الإلهية كل اسم يفتقر العالم إليه من عالم مثله أو عين الحق.
فهو الله لا غيره ولذلك قال: «يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد». ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا.
فأسماؤنا أسماء الله تعالى إذ إليه الافتقار بلا شك، وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره. فهو هويتنا لا هويتنا، و قد مهدنا لك السبيل فانظر.


قلت : هذه الحكمة جعل، رضي الله عنه، موضوعها الذي يتكلم في أحواله هو عالم الخيال، من أجل أن يوسف، عليه السلام، رأي«إني رأيت أحد عشر كوكبا و الشمس و القمر رأيتهم لي ساجدين» (يوسف: 4) وذلك أن الرؤيا عنده هي من عالم الخيال.
ولما قرر أن الناس نيام كان مجال تصرفهم النومي كله في عالم الخيال، وفي قوة كلامه ما يقتضي أن الوحي أيضا هو في عالم الخيال.
قال: ولذلك كان، عليه السلام، إذا جاءه الوحي يغيب عن المحسوسات.
قال وامتداد النور على عالم الخيال هو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية وذكر حديث عائشة، رضي الله عنها، وهو قولها: أول ما بدئ به رسول الله عليه السلام، من الوحي الرؤيا الصادقة.
قد قال: وإلى هنا بلغ علمها، يعني أن ما بقي هو أيضا في المنام، فلا معنى لقولها أنه بقي وحيه الوارد عليه ستة أشهر ثم جاءه الملك.
يعني أن عند مجيء الملك أيضا كان من عالم الخيال .
قال :وعذرها أنها ما علمت قوله، عليه السلام: "الناس نيام"، وأنه لا انتباه من ذلك النوم إلا بالموت وهو قوله: «فإذا ماتوا انتبهوا.»
قال : و كل ما يرى فهو في حال النوم، فمضى قولها ستة أشهر أي بطل .
قال: بل عمره كله في الدنيا بتلك المثابة إنما هو منام في منام، يعني أن المستيقظ هو نائم، فإذا انتقل إلى النوم" فإنما انتقل من منام إلى منام.
قال: وكل ما ورد من هذا القبيل، أي من الوحي فهو من عالم الخيال.
قال: ولهذا يعبره العابر، كتأويل شرب اللبن بحصول العلم وهو علم الفطرة لا العلم الإلهي. فإن تعبير ذلك إنما هو برؤية شرب الماء كما أن عبارة شرب الخمر عند أهل الطريق بحصول الأحوال وتناول العسل بحصول علم الأسرار.
قال: فما أدرکه النبي، صلى الله عليه وسلم، هو في صورة الخيال لأنه إذا غاب ويتنحى في حال ورود الوحي لا يسمونه مناما وإن كان في الحقيقة مناما، هذا هو مراده.
و قال وكذلك إذا تمثل له الملك رجلا، فهو في عالم الخيال المذكور.
قال فإنه ليس برجل وإنما هو ملك، لأنه، عليه السلام، قال عند ما رأوا رجلا يسأل النبي عليه السلام، عن الإسلام والإيمان والإحسان... والحديث مشهور.
قال: ردوا على الرجل فسماه رجلا، نظرا إلى صورته التي تحتاج إلى التعبير فلما لم يروا شيئا
قال: هذا جبرائیل جاء ليعلم الناس دينهم فسماه بالتعبير جبرئیل .وإن كان قد يقال للملك أنه رجل .و للجان أنه رجل.
 قال تعالى: "وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن" (الجن: 6).
قال: ومن عالم الخيال، قول يوسف، عليه السلام: «إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين» (يوسف: 4) وكان تعبير الأحد عشر كوكبا، إخوته وتعبير الشمس والقمر، أباه وخالته.
قال: وهذا من جهة خيال يوسف، لا خيال إخوته وأبيه وخالته، إذ لو كان بخيال الأخوة والأبوين لأحسوا بأنهم صاروا كواكب وشمسا وقمرا ولكان صيرورتهم كذلك هو مرادا لهم.
أي أرادوا أن يصيروا شمسا وقمرا وكواكب وليس فلیس"كذلك" .
قال : وعلم ذلك يعقوب حین قصها عليه، يعني أنه عبرها فعلم مآل الأمر .
فقال: يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك.
قال : وبرأ أبناءه من ذلك الكيد و ألحقه بالشيطان، قال: وتعني بالشيطان نفس کیدهم فإنه شیطان ظاهر العداوة.



وأما قوله رضي الله عنه: إن الظل موجود بلا شك، فهو وهم قد أراد الشيخ أن يحققه باعتبار توهم من يتوهمه.
""تعقيب الجامع : الشيخ الأكبر هو على الحق هنا وان الممكنات كلها غير منيرة او نورها اقل من الشمس فلها ظلال وقد يكون بعضها عند التجلي نور اكبر او مساوي لنور الشمس فلن تجد له ظل كما حدث لرسول الله لاحظ الصحابة أن لهم ظلال الا رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة مرات سواء فى نور الشمس أو القمر رويت كمعجزة لرسول الله . ويخلق ما لا تعلمون.
قال البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع": لم يكن له صلى الله عليه وسلم في أي ظل في الشمس والقمر، لأنه نوراني، والظل نوع ظلمة.. ويشهد له أنه سأل الله تعالى أن يجعل في جميع أعضائه وجهاته نورا، وختم بقولهواجعلني نورا.
وفي الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهذا الدعاء: عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: "ثُمَّ خَرَجَ رسول الله صلى الله عليه وسلم إِلَى الصَّلَاةِ فَصَلَّى فَجَعَلَ يَقُولُ فِي صَلَاتِهِ أَوْ فِي سُجُودِهِ اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي سَمْعِي نُورًا وَفِي بَصَرِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ شِمَالِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا وَاجْعَلْ لِي نُورًا أَوْ قَالَ وَاجْعَلْنِي نُورًا"رواه البخاري و مسلم
حديث ابن عباس : عن ابن عباس رضي اللَّه عنه: لم يكن لرسول اللَّه ظل، ولم يقم مع شمس قط إلا غلب ضوؤه الشمس، ولم يقم مع سراج قط إلا غلب ضوءه على ضوء السراج. إسناده صحيح وأخرجه ابن الجوزي في الوفا بتعريف فضائل المصطفى
وأخرجه الحكيم الترمذي في نوادر الأصول بإسناد مرسل (ج1/ص122) من طريق ذكوان أبي صالح، السمان الزيات، المدني، الثقة الثبت:"أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يُرَى له ظلّ في شمس ولا قمر ولا أثر قضاء حاجة". فالحديث مرسل حسن لغيره وله شاهد على كونه نورا والنّور لاظلّ له. من حديث البخاري ومسلم""
بل لا حقيقة للظل في نفسه لأنه عدم الشمس في مكان مخصوص مقابل لحاجز مخصوص حجز من شعاع الشمس قسطا مخصوصا، فدار البصر على حدود الشمس فرأى ما بقي خارجا عن الشمس شبيها بصورة الشخص الحاجز لبعض أجزاء الشعاع.
فظن أن في الخارج شيئا فسماه الناس المتوهمون لهذا الغلط ظلا، وليس هو إلا بقايا عدم شروق الشمس على المكان الأرضي وهو ما يسمى حال غروب الشمس ليلا وحال احتجاب بعض الأرض أو الجسم عن شعاع الشمس ظلا، فهو هو فلا وجود للظل في الأعيان.
فقوله: إنه موجود بلا شك، مردود فإن كان العالم مثل الظل فالعالم ليس بموجود.
وإنما الذي أقول به: أن لكل جسم نورا يمتد منه وهو غير محسوس بالبصر إلا إذا جمعه صقال المرأة لتساوي أجزائها وتشابه المتصل الصيقل منها، فإنه يجتمع فيراه بالبصر في سطح المرأة حيث انجمع منها، وأما إذا تقابلت الأجسام غير الصقيلة فإن ذلك النور الشعاعي يتفرق في تجاويف خشونة الأجسام المذكورة، فلا يتصل ولا يجتمع فلا جرم لا يراه البصر، فهذا الذي ينبعث من الأجسام ولا يرى إلا في الصيقل المتلزز من الأجرام فإنه موجود بلا شك.
بخلاف الظل فاعلم فلو قاله رضي الله عنه: إن العالم من الحق تعالی بمنزلة هذا الشعاع المذكور من الأجسام لما بعد عن المرام فإن الحق تعالی وجود وكل ما يصدر عنه هو الموجود، فلا وجود إلا الله تعالى فإن نور الشمس لا يغاير الشمس.
فإن قال قائل: إن هذا مذهب هو الفلاسفة.
فالجواب: إن الفلاسفة يحصرون العالم فيما هو من محدب الفلك التاسع إلى نقطة مركز الأرض وما هو عندهم من المجردات أيضا عن هذه الأفلاك التي المادة من لواحقها، فيجردون المجردات عن المادة.
وعندنا لهم مخالفة في الأمرين معا :
أحدهما: أن العوالم الصادرة عن الحق المذكور حالها غير متناهية وليس لها مرکز واحد بل كل كرة فلها مرکز ولا مركز لما لا يتناهي وهي غير متناهية.
والثاني: أنه ليس هناك شيء مجرد عن النور الوجودي الصادر عن الباريء تعالى فهو مادة لكل مادة، فإذن ما هناك شيء مجرد عن المادة إلا إن عنوا بالمادة شيئا معينا محدودا، فلا يلزم أن يكون ما لا يتناهي هو من مادة محدودة هي ذلك المحدود أو غيره.
فحاصل الأمر أن الحق تعالی ليس معه غيره لأن عوالمه هي أشعة أنواره، فإن سماها مخلوقاته فواجب حق لا مرية فيه، وبهذا قال جميع العلماء بالله تعالی وإن اختلفت ألفاظهم.
ولم يخالفهم إلا الشيخ، رضي الله عنه، أو من كان على رأيه، و واوفق رأيه رأي طائفة من المتكلمين الذين يرون أن العالم قبل وجوده هو ثابت لا موجود ولا معدوم، فيجعلون بين الوجود والعدم مرتبة ثالثة.
والشيخ، رضي الله عنه، فيلزمه ما يلزمهم، وأنا أقول إن الوجود مساو للاثبات وإن العدم مساو للنفي وإن النفي و الاثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان.
""أضاف الجامع : قال الشيخ ابن العربي في الفتوحات الباب الثاني عشر وثلاثمائة في معرفة منزل كيفية نزول الوحي على قلوب الأولياء :
إعلم أن المعلومات ثلاثة لا رابع لها:
1 - وهي الوجود المطلق الذي لا يتقيد وهو وجود الله تعالى الواجب الوجود لنفسه
2 - والمعلوم الآخر العدم المطلق الذي هو عدم لنفسه وهو الذي لا يتقيد أصلا وهو المحال وهو في مقابلة الوجود المطلق .
فكانا على السواء حتى لو اتصفا لحكم الوزن عليهما وما من نقيضين متقابلين إلا .
وبينهما فاصل به يتميز كل واحد من الآخر وهو المانع أن يتصف الواحد بصفة الآخر وهذا الفاصل الذي بين الوجود المطلق والعدم لو حكم الميزان عليه لكان على السواء في المقدار من غير زيادة ولا نقصان .
3 - وهذا هو البرزخ الأعلى وهو برزخ البرازخ له وجه إلى الوجود ووجه إلى العدم .
فهو يقابل كل واحد من المعلومين بذاته وهو المعلوم الثالث وفيه جميع الممكنات وهي لا تتناهى كما أنه كل واحد من المعلومين لا يتناهى .
ولها في هذا البرزخ أعيان ثابتة من الوجه الذي ينظر إليها الوجود المطلق ومن هذا الوجه ينطلق عليها اسم الشيء الذي أراد الحق إيجاده قال له كن فيكون .
وليس له أعيان موجودة من الوجه الذي ينظر إليه منه العدم المطلق ولهذا يقال له كن .
وكن حرف وجودي فإنه لو أنه كائن ما قيل له كن .
وهذه الممكنات في هذا البرزخ بما هي عليه وما تكون إذا كانت مما تتصف به من الأحوال والأعراض والصفات والأكوان .
وهذا هو العالم الذي لا يتناهى وماله طرف ينتهي إليه وهو العامر الذي عمر الأرض التي خلقت من بقية خميرة طينة آدم عليه السلام عمارة الصور الظاهرة للرائي في الجسم الصقيل عمارة إفاضة .
ومن هذا البرزخ هو وجود الممكنات وبها يتعلق رؤية الحق للأشياء قبل كونها وكل إنسان ذي خيال وتخيل إذا تخيل أمرا ما فإن نظره يمتد إلى هذا البرزخ وهو لا يدري أنه ناظر ذلك الشيء في هذه الحضرة .
وهذه الموجودات الممكنات التي أوجدها الحق تعالى هي للأعيان التي يتضمنها هذا البرزخ بمنزلة الظلالات للأجسام بل هي الظلالات الحقيقية .
وهي التي وصفها الحق سبحانه بالسجود له مع سجود أعيانها فما زالت تلك الأعيان ساجدة له قبل وجودها فلما وجدت ظلالاتها وجدت ساجدة لله تعالى لسجود أعيانها التي وجدت عنها من سماء وأرض وشمس وقمر ونجم وجبال وشجر ودواب وكل موجود .
ثم لهذه الظلالات التي ظهرت عن تلك الأعيان الثابتة من حيث ما تكونت أجساما ظلالات أوجدها الحق لها دلالات على معرفة نفسها من أين صدرت .
ثم إنها تمتد مع ميل النور أكثر من حد الجسم الذي تظهر عنه إلى ما لا يدركه طولا ومع هذا ينسب إليه وهو تنبيه أن العين التي في البرزخ التي وجدت عنها لا نهاية لها كما قررناه في تلك الحضرة البرزخية الفاصلة بين الوجود المطلق والعدم المطلق.
وأنت بين هذين الظلالين ذو مقدار فأنت موجود عن حضرة لا مقدار لها ويظهر عنك ظل لا مقدار له فامتداده يطلب تلك الحضرة البرزخية .
وتلك الحضرة البرزخية هي ظل الوجود المطلق من الاسم النور الذي ينطلق على وجوده فلهذا نسميها ظلا ووجود الأعيان ظل .
لذلك الظل والظلالات المحسوسة ظلالات هذه الموجودات في الحس .
ولما كان الظل في حكم الزوال لا في حكم الثبات وكانت الممكنات وإن وجدت في حكم العدم سميت ظلالات ليفصل بينها وبين من له الثبات المطلق في الوجود .
وهو واجب الوجود وبين من له الثبات المطلق في العدم وهو المحال لتتميز المراتب .
فالأعيان الموجودات إذا ظهرت ففي هذا البرزخ هي فإنه ما ثم حضرة تخرج إليه ففيها تكتسب حالة الوجود والوجود فيها متناه ما حصل منه .
والإيجاد فيها لا ينتهي فما من صورة موجود إلا والعين الثابتة عينها والوجود كالثوب عليها .
فإذا أراد الحق أن يوحي إلى ولي من أوليائه بأمر ما .
تجلى الحق في صورة ذلك الأمر لهذه العين التي هي حقيقة ذلك الولي الخاص.
فيفهم من ذلك التجلي بمجرد المشاهدة بما يريد الحق أن يعلمه به فيجد الولي في نفسه علم ما لم يكن يعلم.أهـ
يقول الشيخ الأكبر ابن العربي: " شرف العدم المطلق فإنه يدل على الوجود المطلق فعظم من حيث الدلالة … وأما شرف العدم المقيد فإنه على صفة تقل الوجود ، والوجود في نفسه شريف،
ولهذا هو من أوصاف الحق فقد شرف على العدم المطلق بوجه قبوله للوجود .
فله دلالتان على الحق : دلالة في حال عدمه ، ودلالة في حال وجوده .
وشرف العدم المطلق على المقيد بوجه وهو أنه من تعظيمه لله وقوة دلالته أنه ما قبل الوجود وبقي على أصله في عينه غيرة على الجناب الإلهي أن يشركه في صفة الوجود … فشرف سبحانه العدم المطلق. بأن وصف به نفسه فقال : " سبحان ربك رب العزة عما يصفون " تشريفا
للعدم لهذا القصد المحقق .   فالعدم المحض : "هو الذي ما فيه حق ولا خلق".
د. سعد الحكيم ترى العدم المطلق عند ابن العربي : هو المحال ، وهو الشر المحض والظلمة المحضة ، وهو الباطل في مقابل الوجود الخير المحض - النور المحض - الحق .أهـ ""
وما قالته هذه الطائفة يقتضي ارتفاع النقيضين وإن ما رواه فيه تهافت والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.
قوله: فمحل ظهور هذا الظل الإلهي المسمى بالعالم إنما هو أعيان الممكنات عليها امتد هذا الظل.
فأقول: كيف يصح أن يكون الظل الممتد هو العالم وأنه امتد على أعيان الممكنات وأعيان الممكنات هو العالم نفسه ولا ثبوت لها يسبق الامتداد، إذ لا ذوات لها قبل وجودها، لأن المعدوم لا اسم له من ضرورة أن لا ذات له، وإنما قلنا نحن معدوم لتميز الموجود عما لا ذات له لا لتميز المعدوم الذي لا ذات له، وهنا مكان زلق إلا لمن تنورت لطيفته المدركة.
فنعود ونقول قوله هنا: المسمى بالعالم إن أراد به الظل فقد قلنا ما يرد عليه مما يقتضي أن فيه تهافتا .
وإن أراد بقوله المسمى بالعالم محل الظهور وهو الممکنات فقد تقدم ما ينافي هذا وهو أن الظل نفسه هو العالم .
وهنا قال: إن محل ظهور الظل هو العالم.
قوله: ألا ترى الظلال تضرب إلى السواد إلى آخر كلامه فيه.
هو معنى لا يتقرر إذا حقق، لأن أصل الظل قبل طلوع الشمس كان ليلا، فلما طلعت الشمس ولم يتصل شعاعها بمكان الظل لأجل الحائل سری بعض ضياء الشمس في مكان الظل، فجلا منه بعض الظلمة ولم يبلغ أن يتجلى كانجلاء ما اتصل به الشعاع، فبقي مايلا إلى السواد الذي هو أصله إذ أصله أن يكون ليلا أعني لون الليل مما هو من الخفاء، لبعد المناسبة بينها وبين أشخاص من هي له.
وأما قوله: إن الجبال إذا بعدت عن بصر الناظر تراها سوداء، فما ذلك إلا لأن أشعة النيرات يكتنفها، فتظهر هي بالنسبة إلى أشعة النيرات سوداء، لأن الضد يظهر حكمه بمقارنة الضد.
قوله: وكذلك أعيان الممكنات ليست نيرة لأنها معدومة
قلت: وهذا الكلام لا يتحقق لأن المعدوم لا ذات له، فلا يقال فيه: إنه نیر ولا نیر، فصدق لا نير عليه ليس لأن له ذاتا غير نيرة.
قوله: وإن اتصفت بالثبوت، قول لا أقبله لأن الثبوت إما أن يكون بضرب من الوجود فهو من الوجود فهي موجودة الوجود الثبوتي، وإن لم يكن لها ضرب من الوجود فذلك الثبوت هو من حقيقة لا شيء من كل وجه وهو العدم الصرف.
وأما الاستدلال بقوله : " ألم تر إلى ربك كيف مد الظل" (الفرقان: 45) يعني ولو كان عدما لم يمتد، فالجواب أنه خاطبنا على قدر جهلنا والكتاب العزيز مملوء من مثل هذا الخطاب.
قوله: وإذا كان الأمر على ما ذكرته لك فالعالم متوهم، ما له وجود حقيقي.
قلت: إن الذي تقدم من الكلام ما يقتضي أن العالم متوهم بل متحقق، لأنه جعله ثابتا قبل الوجود ومتحققا بعد الوجود، فكيف مع هذين الوصفين يكون متوهما.
قوله: والوجود الحق إنما هو الله خاصة من حيث ذاته وعينه لا من حيث أسماؤه، لأن أسماؤه لها مدلولان : المدلول الواحد عينه وهو عين المسمی، والمدلول الآخر ما ينفصل به عن اسم آخر إما ضد أو غير، وكل هذا غير متحقق لأنه سماه هنا أعني العالم الحق المتخيل.
وقوله في آخر الحكمة: و أعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره فهو هويتنا لا هويتنا فيه ما يتضح مشافهة إن شاء الله تعالی.

.

التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment