Friday, August 2, 2019

10 -  شرح نقش فص حكمة أحدية في كلمة هودية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

10 - شرح نقش فص حكمة أحدية في كلمة هودية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

10 -  شرح نقش فص حكمة أحدية في كلمة هودية .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي

غايات الطريق كلها إلى الله والله غايتها . فكلها صراط مستقيم .
لكن تعبدنا الله بالطريق الموصل إلى سعادتنا خاصة وهو ما شرعه لنا . فللأول وسعت رحمته كل شيء .
فالمآل إلى السعادة حيث كان العبد وهو الوصول إلى الملائم من الناس .
من نال الرحمة من عين المنة .
ومنهم من نالها من حيث الوجوب ونال سبب حصولها من عين المنة ، وأما المتلقي فبله حالان : حال يكون فيه وقاية لله من المذام .
وحال يكون الله له وقاية فيه وهو معلوم .
10 -  شرح نقش فص حكمة أحدية في كلمة هودية
قال الشيخ رضي الله عنه : ( غايات الطرق كلها إلى الله سبحانه، والله غايتها. فكلها صراط مستقیم، لكن )
اعلم أن للأحدية ثلاث مراتب:
الأولى: وهي الأحدية الذاتية المطلقة.
وليست الوحدة من هذا الوجه نعت اللواحد، بل هي ذاته.
فمتى ذكرت الأحدية الذاتية، وكان المترجم عنها الحق سبحانه أو أحد من أكابر المحققين الراسخين في العلم، فإنما يطلقها بهذا الاعتبار.
ولكل شيء أحدية تخصه؛ وهي اعتباره من حيث عدم مغايرة كل شأن من الشؤون الذاتية اللذات المنعوتة بالأحدية بالتفسير المشار إليه.
الثانية : وهذه الأحدية هي أحدية الإلهية .
والوحدة بهذا الاعتبار نعت للواحد، لا ذاته ، وتسمى بـ «وحدة النسب والإضافات»، أي وحدة تعدده.
لا باعتبار الوجود المتعدد والتمييز الحقيقي، بل تعدد نسبي من حيث أن ذلك المتعدد عين ذلك الواحد؛ ک «الخالق» و"القادر" و"العالم" من حيث الذات التي ثبت لها هذه الأحكام.
 فإنها، أي تلك الأسماء من هذه الحيثية - أي حيثية وحدة الذات واحدة .
الثالثة : وهذه الأحدية هي أحدية الربوبية .
(غايات الطرق) التي يسلكها السالكون، صورية كانت أو معنوية، (كلها) راجعة إلى (الله سبحانه، والله غايتها).
وذلك لأن الحق سبحانه لما كان محيطا بكل شيء وجودا وعلما و مصاحبا كل شيء بمعية ذاتية مقدسة عن المزج والحلول والانقسام وكل ما لا يليق بجلاله.
 كان سبحانه منتهي كل صراط وغاية كل سالك.
 كما أخبر سبحانه بعد قوله : " وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض" [الشوری : 52 - 53]، بقوله: "ألا إلى الله تصير الأمور" [الشوری : 53]۔ فنبه أن مصير كل شيء إليه.
 وكل من الأشياء يمشي على صراط، إما معنوي أو محسوس بحسب سالکه.
والحق غايته، كما قال :"وإلى الله المصير" [آل عمران : 28]، [النور: 43]، [فاطر: ۱۸].
فعرف سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم ليعرفنا. فقال : "وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم  [الشورى: 52] منها بالنسبة إلى غيره.
فهو تعالى غاية السائرين، كما أنه دليل الحائرين.
قال الشيخ رضي الله عنه : ( تعبدنا الله بالطريق الموصل إلى سعادتنا خاصة، وهو ما شرعه لنا. فللأول وسعت )
(فكلها)، أي كل الطرق، (صراط مستقیم)، باعتبار أنها موصلة إليه تعالی استقامة مطلقة، لا بالنسبة إلى الغير.
(لكن) لا شرف في مطلقاته التي يرتفع فيها التفاوت، كمطلق معيته ومصاحبته ومطلق استقامة صراطه ومطلق الانتهاء إليه من حيث إحاطته ومطلق توجهه الذاتي والصفاتي معا للإيجاد.
فإنه لا فرق بين توجهه إلى إيجاد العرش والقلم الأعلى وبين توجهه إلى إيجاد النملة من حيث أحدية ذاته ومن حيث التوجه.
قال تعالى : "ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت" [الملك: 3]، وهكذا الأمر في معيته الذاتية وصحبته، فإنه مع أدني مكوناته کـ هو مع أشرفها وأعلاها بمعية ذاتية قدسية لائقة.
وهكذا الأمر في إحاطته ؛ فإنه بكل شيء محيط رحمة وعلم. ورحمته هنا وجوده ، إذ ليس ثمة ما يشترك فيه الأشياء على ما بينها من التفاوت والاختلاف إلا الوجود. و علمه سبحانه في حضرة أحدية ذاته لا يغایر ذاته ولا يمتاز عنه، إذ لا تعدد هناك بوجه أصلا.
فإذن بمجرد ثبوت أنه غاية كل شيء ومنتهي كل طريق ومع كل شيء ومحيط بباطن كل شيء وظاهره، لا تعم الفائدة، ولا تتم السعادة .
وإنما تظهر الفوائد بتمييز الرتب واختلاف الجهات والطرق وتفاوت ما به يصحبك وما إليه يدعوك ويجذبك .
فلذلك (تعبدنا الله)، أي أخذنا عبادا نعبده، (بالطريق الموصل) لنا (إلى سعادتنا) - التي هي الفوز بالنجاة والدرجات خاصة، لا بأي طريق كان ، فإن كل طريق وإن كان يوصلنا إليه من حيثية اسم من الأسماء .
لأن كل اسم من وجه عين المسمى فذلك لا يجدي نفعا ولا يورث سعادة؛ فإنها، أي الأسماء، من حيث حقائقها وآثارها مختلفة: فأين «الضار» من «النافع» و«المعطي» من «المانع»؟!
وأين "المنتقم" من "الغافر" و"المنعم اللطيف" من «القاهر»؟!
(وهو)، أي الطريق الموصل لنا إلى سعادتنا هو، (ما شرعه) الله سبحانه لنا على لسان رسوله وأمره بأن يدعونا إليه بقوله : "قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين" [يوسف: 108].
ولما كان في الدعوة إلى الله مما يكون المدعو فيه وعليه إيهام من وجه بأن الحق متعين في الغاية مفقود في الأمر الحاضر، وكان حرف «إلى» المذكور في قوله: "أدعو إلى الله " [یوسف: 108]، حرقة يدل على الغاية ويوهم التحديد، أمره أن ينبه أهل اليقظة واليقين على سر ذلك.
فكأنه يقول لهم: «إني وإن دعوتكم إلى الله بصورة إعراض وإقبال، فليس ذلك لعدم معرفتي أن الحق مع كل ما أعرض عنه المعرض، کـ هو مع ما أقبل عليه ؛ لم يعدم من البداية ، فيطلب في الغاية .
بل " أنا ومن اتبعني" [يوسف : 108] في دعوة
قال الشيخ رضي الله عنه : ( رحمته كل شيء، فالمال إلى السعادة حيث كان العبد، وهو الوصول إلى الملائم. )
الخلق إلى الحق "على بصيرة" [يوسف: 108] من الأمر.
"وما أنا من المشركين" [يوسف: 108]، أي لو اعتقد شيئا من هذا، كنت محددة للحق ومحجوية عنه ؛ فكن إذا مشركا.
"وسبحان الله" أن يكون محدودا متعبنا في جهة دون جهة أو منقسما، أو أن أكون من المشركين الظانين بالله ظن السوء.
وإنما موجب الدعوة إلى الله اختلاف مراتب أسمائه بحسب اختلاف من يدعي إليه . فيعرضون عنه من حيث ما تقی عنه ويحذر، ويقبلون عليه بما هدى وبصر لما يرجى من الفوز به وبفضلها .  فافهم وتدبر.
(فللأول)، أي فـ للأمر المذكور أولا . وهو کونه تعالى غاية لكل طريق ومحيطا بكل شيء .
(وسعت رحمته) الرحمانية ، بل الرحيمية أيضا، كل شيء من الأشياء .
وإذا وسعت رحمته (كل شيء)، (فالمال والرجوع عاقبة الأمر إلى السعادة حيث كان العبد) من الجنة والنار.
ولما كان المتوهم أن يقول، «السعادة هو الوصول إلى الجنة ودرجاتها، فكيف يكون مآل كل أحد إليها مع خلود بعض في النار؟»، عمم الأمر .
وقال، (وهو)، أي السعادة هي، (الوصول إلى) الأمر (الملائم) لمزاج العبد، سواء كان من درجات النعيم أو در کات الجحيم.
اعلم أن العبيد وإن استحقوا العقاب ودخلوا دار الشفاء - وهي جهنم . فلا بد أن يسبق رحمته غضبه في الأخير، فينقلب العذاب عذية عند أهل النار، وأن يؤول عواقب أهل العقاب إلى الرحمة بعد الأحقاب .
ولما كانت الرحمة المشار إليها آنفا نوعين :
رحمة ذاتية مطلقة امتنانية، هي التي وسعت كل شيء. ومن هذه الرحمة كل عطاء يقع لا عن سؤال أو حاجة ولا السابقة حق أو استحقاق لوصف ثابت للمعطى له أو حال مرضي يكون عليه ، كالدرجات والخبرات الحاصلة في الجنة لقوم بالسر المستمي في الجمهور "عناية".
لا لعمل عملوه أو خیر قدموه؛ كما ورد أنه يبقى في الجنة مواضع خالية يملأها الله بخلق يخلقهم لم يعملوا خيرا قط، إمضاء السابق حکمه وقوله: «لكل واحدة منكما ملؤها» . رواه الطبراني في مسند الشاميين
"" الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الجنة والنار احتجا، فقالت الجنة يدخلني سقطهم و ضعفاؤهم، وقالت النار: إني أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وأوحى الله إلى الجنة: إنك رحمتي أصيب بك من أشاء وأوحى الله إلى النار، إنك عذابي أصيب بك من أشاء لكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فتمتلئ، وأما الجنة فينشئ الله عز وجل خلقا منها ""
ومتعلق طمع إبليس هذه الرحمة الإمتنانية التي لا تتوقف على شرط وقيد
قال الشيخ رضي الله عنه : ( ومن الناس من نال الرحمة من عين المئة، ومنهم من نالها من حيث الوجوب . ونال سبب حصولها من عين المئة.
وأما المتقي، فله حالان: حال يكون فيه وقاية لله تعالى من المذام ؛ وحال )
والرحمة الأخرى هي الرحمة الفائضة عن الرحمة الذاتية والمنفصلة عنها بالقيود التي من جملتها الكتابة المشار إليها بقوله:"كتب ربكم على نفسه الرحمة" [الأنعام: 54]، و بقوله: " فسأكتبها للذين يتقون " [الأعراف: 156]، فهي مقيدة موجبة بشروط من أعمال وأحوال وغيرهما
أراد الشيخ رضي الله عنه أن يشير إليهما، فقال: (ومن الناس من نال الرحمة) وأصابها (من عين المنة) ومحض الفضل من غير سابقة فعل يوجبها أو صدور عمل يجلبها، بل بها يحصل القدرة على كل الأفعال والتمكن من جميع الأعمال.
(ومنهم)، أي من الناس، (من نالها)، أي الرحمة، (من حيث الوجوب)، أي من جهة وجوبها على الله بإيجابه إياها على نفسه في مقابلة أعماله التي كلفه بها مجازاة له و عوضا عن عمله .
ولكن ذلك على سبيل الامتنان : فإن العبد يجب عليه طاعة سيده والإتيان بأوامره. فإذا أوجب على نفسه شيئا في مقابلة أعماله، يكون ذلك رحمة وامتنانا منه عليه . وإلى ذلك أشار رضي الله عنه بقوله، (ونال سبب حصولها)، أي سبب حصول الرحمة الوجوبية - الذي هو ذلك الإيجاب ، من عين السمنة ؛ فإنه ليس في مقابلة عمل ولا جزاء فعل.
ويحتمل أن يراد بـ "سبب حصولها" أعمال العبد وأفعاله : فإن التمكين والإقدار عليها، بل إيجادها فيه، من الرحمة الامتنانية أيضا،
وأما العبد (المتقي)، الذي كتب الله سبحانه على نفسه الرحمة، كما قال تعالى :" " فسأكتبها للذين يتقون " [الأعراف: 156].
(فله حالان):
أحدهما (حال يكون) ذلك العهد المتقي (فيه)، أي في ذلك الحال ، (وقاية الله تعالی)؛ أي اخذ نفسه وقاية يقي بها الله سبحانه من نسبة المذام والنقائص إليه.
 فإنه يضيفها إلى نفسه، لا إليه، كما يقتضيه التحقيق، إذ المدام والنقائص والقبائح كلها أحكام العدم اللازم للعبد الممكن القابل.
وإليه الإشارة بقوله عليه السلام: "اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطأي وعمدي وكل ذلك عندي»،
"" الحديث : عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يدعو: «اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني. اللهم اغفر لي هزلي وجدي وخطاياي وعمدي، وكل ذلك عندي» . رواه البخاري وابن حجر العسقلاني فى الأدب المفرد و البغوي في شرح السنة  ""
 وبقوله عليه السلام: "والشر ليس إليك". رواه مسلم والترمذي وأبو داود وأحمد وغيرهم.
"" ورد فى حديث مسلم : عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال: «وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا، وما أنا من المشركين، إن صلاتي، ونسكي، ومحياي، ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعا، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك».
 وإذا ركع، قال: «اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي، وبصري، ومخي، وعظمي، وعصبي»، وإذا رفع، قال: «اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد».
وإذا سجد، قال: «اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين»، ثم يكون من آخر ما يقول بين التشهد والتسليم: «اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت». ""
قال الشيخ رضي الله عنه : ( يكون الله له وقاية فيه، وهو معلوم .)
(و) ثانيهما (حال يكون الله له)، أي للعبد المتقي، (وقاية فيه)، أي في ذلك الحال ، من أن يضاف إليه المحامد، فإنه يضيف الفضائل والمحاسن والمحامد والكمالات إلى الله سبحانه .
فكان وقاية له من إضافة ما ليس له من ذاته بالحقيقة ، لكونها أمورة وجودية، والوجود للحق؛ بل الوجود هو الحق حقيقة.
(وهو)، أي كون الله سبحانه وقاية للعبد المنقي في الحال الثاني، أمر (معلوم) مکشوف لظهور استناد الأمور الوجودية إليه سبحانه وهو أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب .
 .
واتساب

No comments:

Post a Comment