Wednesday, July 31, 2019

06 - فص حكمة حقية في كلمة اسحاقية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

06 - فص حكمة حقية في كلمة اسحاقية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

06 - فص حكمة حقية في كلمة اسحاقية .كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر شرح الشيخ عفيف الدين سليمان التلمساني

شرح الشيخ عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

فداء نبی ذبح ذبح لقربان     ….. وأين تواج الكبش من نوس إنسان
و عظمه الله العظيم عنابة       ….. بنا أو به لا أدر من أي ميزان
ولا شك أن البدن أعظم قيمة   ….. وقد نزلت عن ذبح كبش لقربان
فيا ليت شعري كيف ناب بذاته    ….. شخیص کبيش عن خليفة رحمان
ألم تدر أن الأمر فيه مرتب     ….. وفاء لإرباح ونقص لخسران؟
فلا خلق أعلى من جماد وبعده  …. نبات على قدر یکون وأوزان
وذو الحس بعد النبت والكل عارف  …. بخلافه کشفا وإيضاح برهان
وأما المسمى آدما فمقيد     ….. بعقل وفكر أو قلادة إيمان
بذا فال سهل والمحقق مثلنا  …… لأنا وإياهم بمنزل إحسان
فمن شهد الأمر الذي قد شهدته    …. يقول بقولي في خفاء وإعلان
ولا تلتفت قولا يخالف قولنا     …. ولا تبذر السمراء في أمر عميان  
هم الصم والبكم الذين أتى بهم   …. لأسماعنا المعصوم في نص قرآن
اعلم أيدنا الله وإياك أن إبراهيم الخليل، عليه السلام، قال لابنه: «إني أرى في المنام أني أذبحك" (الصافات: 102) .
فالمنام حضرة الخيال فلم يعبرها و كان كبشا ظهر في صورة ابن إبراهيم في المنام فصدق إبراهيم الرؤيا، ففداه ربه من وهم
إبراهيم بالذبح العظيم الذي هو تعبير رؤياه عند الله تعالى وهو لا يشعر.
فالتجلي الصوري في حضرة الخيال محتاج إلى علم آخر يدرك به ما أراد الله تعالى بتلك الصورة.
ألا ترى كيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر في تعبير الرؤيا:
«أصبت بعضا وأخطأت بعضا» فسأله أبو بكر أن يعرفه ما أصاب فيه وما أخطأ فلم يفعل.
وقال الله تعالى لإبراهيم عليه السلام حين ناداه:
«أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا» وما قال له صدقت في الرؤيا أنه ابنك: لأنه ما عبرها، بل أخذ بظاهر ما رأى، والرؤيا تطلب التعبير.  ولذلك قال العزيز "إن كنتم للرءيا تعبرون".  
ومعنى التعبير الجواز من صورة ما رآه إلى أمر آخر.  فكانت البقر سنين في المحل والخصب.
فلو صدق في الرؤيا لذبح ابنه، وإنما صدق الرؤيا في أن ذلك عين ولده، وما كان عند الله إلا الذبح العظيم في صورة ولده ففداه لما وقع في ذهن إبراهيم عليه السلام: ما هو فداء في نفس الأمر عند الله.
فصور الحس الذبح وصور الخيال ابن إبراهيم عليه السلام.
فلو رأى الكبش في الخيال لعبره بابنه أو بأمر آخر.
ثم قال «إن هذا لهو البلاء المبين» أي الاختبار المبين أي الظاهر يعني الاختبار في العلم: هل يعلم ما يقتضيه موطن الرؤيا من التعبير أم لا؟
لأنه يعلم أن موطن الخيال يطلب التعبير: فغفل فما وفى الموطن حقه، وصدق الرؤيا لهذا السبب كما فعل تقي بن مخلد الإمام صاحب المسند، سمع في الخبر الذي ثبت عنده أنه عليه السلام قال: «من رآني في النوم فقد رآني في اليقظة فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي» فرآه تقي بن مخلد وسقاه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرؤيا لبنا فصدق تقي بن مخلد رؤياه فاستقاء فقاء لبنا.
ولو عبر رؤياه لكان ذلك اللبن علما. فحرمه الله علما كثيرا على قدر ما شرب.
ألا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في المنام بقدح لبن: «فشربته حتى خرج الري من أظافيري ثم أعطيت فضلي عمر".  قيل ما أولته يا رسول الله؟
قال العلم، وما تركه لبنا على صورة ما رآه لعلمه بموطن الرؤيا وما تقتضيه من التعبير.
وقد علم أن صورة النبي صلى الله عليه وسلم التي شاهدها الحس أنها في المدينة مدفونة، وأن صورة روحه ولطيفته ما شاهدها أحد من أحد ولا من نفسه.
كل روح بهذه المثابة فتتجسد له روح النبي في المنام بصورة جسده كما مات عليه لا يخرم منه شيء.
فهو محمد صلى الله عليه وسلم المرئي من حيث روحه في صورة جسدية تشبه المدفونة لا يمكن للشيطان أن يتصور بصورة جسده صلى الله عليه وسلم عصما من الله في حق الرائي.
ولهذا من رآه بهذه الصورة يأخذ عنه جميع ما يأمره أو ينهاه عنه أو يخبره كما كان يأخذ عنه في الحياة الدنيا من الأحكام على حسب ما يكون منه اللفظ الدال عليه من نص أو ظاهر أو مجمل أو ما كان فإن أعصاه شيئا فإن ذلك الشيء هو الذي يدخله التعبير، فإن خرج في الحس كما كان في الخيال فتلك رؤيا لا تعبير لها.
وبهذا القدر وعليه اعتمد إبراهيم عليه السلام وتقي بن مخلد.
ولما كان للرؤيا هذان الوجهان.
وعلمنا الله: فيما فعل بإبراهيم وما قال له: الأدب لما يعطيه مقام النبوة، علمنا في رؤيتنا الحق تعالى في صورة يردها الدليل العقلي أن نعبر تلك الصورة بالحق المشروع إما في حق حال الرائي أو المكان الذي رآه فيه أو هما معا.
وإن لم يردها الدليل العقلي أبقيناها على ما رأيناها كما نرى الحق في الآخرة سواء.
فللواحد الرحمن في كل موطن ... من الصور ما يخفي وما هو ظاهر
فإن قلت هذا الحق قد تك صادقا ... وإن قلت أمرا آخرا أنت عابر
وما حكمه في موطن دون موطن ... ولكنه بالحق للخلق سافر
إذا ما تجلى للعيون ترده ... عقول ببرهان عليه تثابر
ويقبل في مجلي العقول وفي الذي ... يسمى خيالا والصحيح النواظر
يقول أبو يزيد في هذا المقام لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام. بل أقول لو أن ما لا يتناهى وجوده يقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بذلك في علمه.
فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوى.
وقد قال ذلك أبو يزيد. ولقد نبهنا على هذا المقام بقولنا:
يا خالق الأشياء في نفسه ... أنت لما تخلقه جامع
تخلق ما لا ينتهي كونه فيه ... بك فأنت الضيق الواسع
لو أن ما قد خلق الله ما لاح ... بقلبي فجره الساطع
من وسع الحق فما ضاق عن ... خلق فكيف الأمر يا سامع؟
بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام.
والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود من خارج محل الهمة و لكن لا تزال الهمة تحفظه.
ولا يئودها حفظه، أي حفظ ما خلقته.
فمتى طرأ على العارف غفلة عن حفظ ما خلق عدم ذلك المخلوق، إلا أن يكون العارف قد ضبط جميع الحضرات وهو لا يغفل مطلقا، بل لا بد من حضرة يشهدها.
فإذا خلق العارف بهمته ما خلق وله هذه الإحاطة ظهر ذلك الخلق بصورته في كل حضرة، وصارت الصور يحفظ بعضها بعضا.
فإذا غفل العارف عن حضرة ما أو عن حضرات وهو شاهد حضرة ما من الحضرات، حافظ لما فيها من صورة خلقه، انحفظت جميع الصور بحفظه تلك الصورة الواحدة في الحضرة التي ما غفل عنها، لأن الغفلة ما تعم قط لا في العموم ولا في الخصوص.
وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر لما فيه من رد دعواهم أنهم الحق، فإن الحق لا يغفل والعبد لا بد له أن يغفل عن شيء دون شيء.
فمن حيث الحفظ لما خلق له أن يقول «أنا الحق»، ولكن ما حفظه لها حفظ الحق: وقد بينا الفرق.
ومن حيث ما غفل عن صورة ما وحضرتها فقد تميز العبد من الحق.
ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ لجميع الصور بحفظه صورة واحدة منها في الحضرة التي ما غفل عنها. فهذا حفظ بالتضمن، وحفظ الحق ما خلق ليس كذلك بل حفظه لكل صورة على التعيين.
وهذه مسألة أخبرت أنه ما سطرها أحد في كتاب لا أنا ولا غيري إلا في هذا الكتاب:
فهي يتيمة الدهر وفريدته. فإياك أن تغفل عنها فإن تلك الحضرة التي يبقي لك الحضور فيها مع الصورة، مثلها مثل الكتاب الذي قال الله فيه «ما فرطنا في الكتاب من شيء» فهو الجامع للواقع وغير الواقع ولا يعرف ما قلناه إلا من كان قرآنا في نفسه ، فإن المتقي الله «يجعل له فرقانا» وهو مثل ما ذكرناه في هذه المسألة فيما يتميز به العبد من الرب.
وهذا الفرقان أرفع فرقان.
فوقتا يكون العبد ربا بلا شك ... ووقتا يكون العبد عبدا بلا إفك
فإن كان عبدا كان بالحق واسعا ... وإن كان ربا كان في عيشة ضنك
فمن كونه عبدا يرى عين نفسه ... وتتسع الآمال منه بلا شك
ومن كونه ربا يرى الخلق كله ... يطالبه من حضرة الملك و الملك
ويعجز عما طالبوه بذاته ... لذا تر بعض العارفين به يبكي
فكن عبد رب لا تكن رب عبده ... فتذهب بالتعليق في النار والسبك
قلت: ثواج الكبش، صورته. ونوس الإنسان حركته. قوله: وعظمه الله، إشارة إلى قوله: "وفدیناه بذبح عظيم" (الصافات: 107)
قال: والتردد واقع في هذه العظمة هل هي من أجل اسحاق أو من أجل المذبوح فإن البدنة وهي الناقة أعظم قدرا في العادة وما ذكر تعظيمها كما ذكر تعظيم الكبش. والذبيح، خليفة الله من أجل أن آدم و بنيه كل منهم يستحق الخلافة من حيث الانسانية .
وليس من غير نوع الانسان يكون خليفة في الأرض ثم ذکر في الأبيات أن الموجودات الجسمانية أشرفها في الرتبة الجماد وأشرف منه النبات.
 وأشرف منه الحيوان . وأشرف من الحيوان الإنسان .
فكيف يكون المشروف الذي هو الحيوان بدلا من الإنسان في فدائه من الذبح.
وأقول: إن ذلك سهل وهو فداء الأشرف بالأدنى ولا يلزم أن يكون الفداء بالكفؤ.
 ثم ذكر أن آدم وبنيه مقيدون بالعقل أو بالتصديق ونقل الشيخ عن سهل التستري في ذلك نقلا
وقال: لا يلتفت إلى المخالف وهم الذين قيل فيهم: "صم بكم عمى فهم لا يرجعون" (البقرة: 18) كما ورد على لسان المعصوم محمد صلى الله عليه وسلم
قوله: اعلم أيدنا الله وإياك وما بعده، یعنی، رضي الله عنه، أن الذي رأى إبراهيم عليه السلام، أنه يذبحه هو الكبش في الحقيقة، ولكن رأه إبراهيم، عليه السلام ، في صورة ولده وما ذكره ظاهر من لفظه، رضي الله عنه، وأما الرؤيا التي عبرها أبو بكر ، رضي الله عنه، فهي أن رجلا قص رؤيا على النبي ، صلى الله عليه وسلم، وهي أنه رأى ظلة تنطف سمنا وعسلا.
فقال أبو بكر ، رضي الله عنه: یا رسول الله، دعني أعبرها له، فأذن له، عليه السلام.
فقال أبو بكر: الظلة كتاب الله والسمن والعسل، الأحكام والحكم الذي يستفاد منه أو ما هذا معناه.
فقال: يا رسول الله هل أصبت؟
فقال عليه السلام: أصبت بعضا وأخطأت بعضا، فأقسم علي النبي عليه السلام، ليعلمه بما فيه أصاب وبما فيه أخطاء.
والشيخ، رضي الله عنه، أورد هذا شاهدا على احتياج الرؤيا إلى التعبير.
قال وسماه الحق تعالی فداء لأن من المرائي ما يرى على صورة ما رأه بعينه فحمله الحق تعالى على ذلك الحكم مراعاة لظن ابراهیم، عليه السلام، وإلا فقد رأى الذبح وظهر على ظاهر ما رآه من غير تعبیر.
قوله: في البلاء المبين أنه الاختيار الظاهر وقد يكون معناه أنه الاختيار المظهر، فإن المبين هو المظهر وأما بقي بن مخلد فإن كان قد قاء لبنا فعندي أنه ما رأى إلا كشفا بصورة الرؤيا.
فإن بعض الناس يقع له الرؤيا في اليقظة وقد ورد ذلك كثيرا ومن جرب وقائع الخلوة رای من هذا كثيرا ثم إن بقي بن مخلد حصر الأمر في رؤيا النبي عليه السلام، بين أن يكون هو جسده، عليه السلام.
بعينه أو يكون الشيطان قد تمثل على صورته، عليه السلام، وليس الأمر محصورا فإنه قد لا تكون تلك الصورة صورة النبي عليه السلام، الجسمانية المدفونة بیثرب بل صورة أوجدها الله تعالى في خيال الرأي وأوقع في نفسه أنها صورته عليه السلام.
ولا تكون الصورة هي صورة ابلیس خصوصا إذا أمرت تلك الصورة بما يناسب شريعته، عليه السلام.
فإن الشيطان يستحيل منه أن يأمر بالشرع، لأنه مظهر الاسم المضل و مظاهر الاسم المضل لا يتمثل بمظاهر الاسم الهادي
قوله: وأن صورة روحه و لطيفته ما شاهده أحد، يعني أن الأرواح غير مرئية بالحس ما دامت أرواحا فإن رأها أحد فإنما يراها متجسدة.
والكاف في قوله: كما يرى الحق في الآخرة، متعلقة بقوله: أبقيناها، والصور التي ذكرها في البيت الأول من المقطوع الشعر، هو اسم جمع لـ "صورة"  مثل تمرة وتمر وهو جمع معروف في العربية.
ويعني أنه يرى في كل عالم بما يناسب حال ذلك العالم.
فلذلك قال في البيت الثاني: فإن قلت: هذا الحق قد تك صادقا، أي قد تصدق.
وأما إن قلت: أمرا آخر فهو من باب تعبير الرؤيا وهو قوله: أنت عابر.
ثم قال: وما حكمه في موطن دون موطن، بل حكمه واحد في المواطن كلها وذلك الحكم الواحد هو أنه يظهر بصور مخلوقاته، ومن مخلوقاته الخيال فهو يظهر فيه بما يقتضيه .
وكذلك الحس في الآخرة وغيرها وكذلك بقية العوالم الروحانية والمعنوية، وتلك الظهورات كلها بالحق تظهر للخلق فإذا ظهر العالم الحس أنكرته العقول، فإن ظهر للعقول بمقتضاها أقرت له و به وكذلك في الخيال قوله رضي الله عنه عن أبي يزيد قدس الله روحه.
أنه قال: لو أن العرش وما حواه مائة ألف ألف مرة في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس بها.
ثم قال: وهذا وسع أبي يزيد في عالم الأجسام.
بل أقول لو أن ما لا يتناهی بقدر انتهاء وجوده مع العين الموجدة له في زاوية من زوايا قلب العارف ما أحس به، فإنه قد ثبت أن القلب وسع الحق ومع ذلك ما اتصف بالري فلو امتلأ ارتوی.
فأقول في التمثيل هذا أن من عرف نقطة من ماء البحر فقد عرف ماء البحر وعلى تقدير أن يكون ماء البحر غير متناه .
فقد عرف ما لا يتناهي من نفس معرفته بنقطة واحدة ولا شك أن وجود الحق تعالى لا يتناهي موجوداته.
والوجود عند العارف معروف فهو يعرف ما لا يتناهي ويكفي في معرفة صور ما لا يتناهي أن يعرف أنها لا تتناهي .
ويكفي في معرفة ماهية ذلك أن يعرف حقيقة البحر من نقطة واحدة، فقد حصل للعارف معنى ما لا يتناهي ذاتا كالنقطة.
وصفتا كصور الموجودات التي ليس حصرها إلا بمعرفة عدم حصرها وهذا هو کشف ما استتر من هذه المسألة.
قوله في الشعر: يا خالق الأشياء في نفسه، معناه أن الموجودات جوهرها هو وجوده ووجوده هو عين ذاته لأنه هو عين وجوده لا أن وجوده زائد على ماهيته، فحصل من هذا أنه خالق الأشياء في نفسه، ويكون معنی خالق الأشياء أن صفاته يتجدد في عين ذاته.
ولا تلتفت هذه الطائفة إلى قول من يقول إنه يلزم أن يكون ذاته محلا للحوادث، لأن ذلك أي ما كان يكون صعبا لو كان المحدث فيه غيره أما إذا كان عين صفاته فلا ضرر في ذلك.
وقوله في الشعر: تخلق ما لا ينتهي كونه فيك"، فقد تقدم شرحه
وقوله: فأنت الضيق الواسع، معناه: أنت الضيق لانحصار معرفة ذاتك للعارف بها في مثل ما انحصرت فيه معرفة النقطة من البحر في نفسها وكانت کاشفة الحقيقة البحر فكذلك إذا عرفك العارف في حقيقة ذات موجود واحد معرفة ذاتية فقد عرف بها ذاتك التي لا تنحصر
قوله: بالوهم يخلق كل إنسان في قوة خياله ما لا وجود له إلا فيها، وهذا هو الأمر العام، يعني أن الذهن يقبل موجودات ذهنية، فبعضها خيالية وبعضها عقلية وبعضها وهمية قبل أن يتناولها العقل أو غيره، ثم أن بعض ما يقبله الذهن قد يكون محالا کاجتماع الضدين الشيء واحد في زمان واحد، وقد يكون متناقضا کاجتماع النقيضين أو ارتفاعهما.
واعلم أنه قد حصل في العالم خبط عظيم في مداركهم وكان منشاؤه من کون الذهن يقبل المحال والمتناقض ولا سيما عند من يجعل اللزوم ذهنيا من المنطقيين
قوله: والعارف يخلق بالهمة ما يكون له وجود في الخارج.
وأقول إن الكلام في هذا الفصل ينبغي أن يكون مشافهة ولفظ الشيخ، رضي الله عنه، فيما أشار إليه هنا واضح.
ولست أقول إن هذا الفصل پستغني عن البيان لكني لا أبينه إلا مشافهة أدبا مع الشيخ، رضي الله عنه
قوله في الشعر: فوقتا يكون العبد ربا بلا شك. يعني أن حالة التجلي لا يسع العبد أن يقول عن نفسه إلا أنه رب وهذا في التجلي الناقص وإلا فمن يستحق أن يسمى عبدا حقيقة لا يجوز أن يسمى ربا حقيقة ولا العكس.
قوله: في البيت الثاني معناه: أنه يكون حقيقة حقية فيوصف بما يوصف به الحق، وفي هذا أيضا کلام لأنه إذا كان العبد عبدا كيف يكون الحق" مع كونه عبدا وهذا سائغ في مقام المعرفة وليس بسائغ في مقام التحقيق.
أما أنه سائغ في مقام المعرفة فلأن العارف يظن أنه الحق فيصف نفسه بما يصف به الحق نفسه وهو غلط منه، فإن العارف ما فني كل رسمه ولا شك أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم
قوله: وإن كان العبد ربا كان الرب المتوهم في عيشة ضنك وأما العبد مع فرض کونه رباه لا يكون في عيشة ضنك.
و قوله في البيت الثالث: ومن كونه ربا يرى الخلق كله يطالبه.
قلت: يعني أنه يظن أن فاقة العالم كلهم إليه واحتياجهم إليه، وهو غلط منه أيضا لكن الشيخ أخبر بما يقع لمن هذه حاله.
وقوله في البيت الرابع والخامس: ويعجز. هو مما يدل على صدق ما قلناه إنه غالط ولو كان نظره صحيحا لما عجز إلا إن كان الحق تعالى يعجزه.
قوله: فكن عبد رب، دليل لما قلناه، فإنه، رضي الله عنه، أمره أن لا يغتر بالتجلي الذي به ظن أنه الحق، فإنه إن فعل ذلك وخالف، صار رب عبده وهو لا يصح له ويقوم به الحجاب الذي هو حطب العذاب.
واعلم أن الاضطراب حصل في هذا الخطاب من جهة تسمية الشخص الواحد بأنه عبد يصير ربا وذلك عندنا باطل وأما أنه ليس في الوجود إلا الواحد تعالى.
فذلك هو الواقع في نفس الأمر، فإن اعتبرت الصفات لم يكن المعطي من جهة ما هو معط، هو المانع ولا العكس .
وكذلك كل الأسماء المتقابلة وهذا ممتنع في أسماء الله تعالی.
فكيف إذا فرضنا تقابلا هو بين العبودية والربوبية، فمحال أن يجتمع لشخص واحد هذان الوصفان، فإن هذا الجمع متعذر بين الأسماء الإلهية كما ذكرنا فكيف بين الأسماء الإلهية والأسماء الكونية.
والشيخ، رضي الله عنه، هنا تكلم بألسنة أهل الأحوال وهي لا تثبت في مقام التحقيق.
وعند الاجتماع بالأخ کریم الدین متعه الله بمعرفته نشرح له ذلك إن شاء الله تعالى

التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment