Sunday, July 28, 2019

08 - فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .كتاب شرح كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربى أ.محمود محمود الغراب

08 - فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .كتاب شرح كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربى أ.محمود محمود الغراب

08 - فص حكمة روحية في كلمة يعقوبية .كتاب شرح كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربى أ.محمود محمود الغراب

تعليقات أ.محمود محمود الغراب 1405 هـ على كلمات فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي رضي الله عنه

الدين دينان، دين عند الله وعند من عرفه الحق تعالى ومن عرف من عرفه الحق. ودين عند الحق، وقد اعتبره الله.
فالدين الذي عند الله هو الذي اصطفاه الله وأعطاه الرتبة العليا على دين الخلق فقال تعالى «ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون»: أي منقادون إليه.
وجاء الدين بالألف واللام للتعريف والعهد، فهو دين معلوم معروف وهو قوله تعالى «إن الدين عند الله الإسلام» وهو الانقياد. فالدين عبارة عن انقيادك.
والذي من عند الله تعالى هو الشرع الذي انقدت أنت إليه.
فالدين الانقياد ، والناموس هو الشرع الذي شرعه الله تعالى.
فمن اتصف بالانقياد لما شرعه الله له فذلك الذي قام بالدين وأقامه، أي أنشأه كما يقيم الصلاة.
فالعبد هو المنشئ للدين والحق هو الواضع للأحكام. فالانقياد هو عين فعلك، فالدين من فعلك.
فما سعدت إلا بما كان منك. فكما أثبت للسعادة لك ما كان فعلك كذلك ما أثبت الأسماء الإلهية إلا أفعاله وهي أنت وهي المحدثات. فبآثاره سمي إلها وبآثارك سميت سعيدا.
فأنزلك الله تعالى منزلته إذا أقمت الدين وانقدت إلى ما شرعه لك.
وسأبسط في ذلك إن شاء الله ما تقع به الفائدة بعد أن نبين الدين الذي عند الخلق الذي اعتبره الله.  فالدين كله لله وكله منك لا منه إلا بحكم الأصالة.
قال الله تعالى «ورهبانية ابتدعوها» وهي النواميس الحكمية التي لم يجيء الرسول المعلوم بها في العامة من عند الله بالطريقة الخاصة المعلومة في العرف.
فلما وافقت الحكمة والمصلحة الظاهرة فيها الحكم الإلهي في المقصود بالوضع المشروع الإلهي، اعتبرها الله اعتبار ما شرعه من عنده تعالى، «و ما كتبها الله عليهم».
ولم فتح الله بينه وبين قلوبهم باب العناية والرحمة من حيث لا يشعرون جعل
_______________________
1 - المناسبة :
في هذه الحكمة هي قول يعقوب عليه السلام لبنيه « يا بني إن الله اصطفى لكم الدين » و من معاني الدين العادة من العود أي يعود عليكم بما كان من أعمالكم وسميت الحكمة « روحية ، من راح يروح روحا ورواها ، بمعنی الرجوع والعود .
فهو تعالى لا يعود على الخلق إلا بما كانوا عليه في ثبوتهم وهو يتعلق بكون العلم تابعة للمعلوم كما سيأتي بيانه

ص 121


في قلوبهم تعظيم ما شرعوه يطلبون بذلك رضوان الله على غير الطريقة النبوية المعروفة بالتعريف الإلهي.
فقال: «فما رعوها»: هؤلاء الذين شرعوها وشرعت لهم: «حق رعايتها» «إلا ابتغاء رضوان الله» وكذلك اعتقدوا،"2" «فآتينا الذين آمنوا» بها «منهم أجرهم» «وكثير منهم»:
أي من هؤلاء الذين شرع فيهم هذه العبادة «فاسقون» أي خارجون عن الانقياد إليها والقيام بحقها.  ومن لم ينقد إليها لم ينقد مشرعه بما يرضيه.
لكن الأمر يقتضي الانقياد: وبيانه أن المكلف إما منقاد بالموافقة وإما مخالف، فالموافق المطيع لا كلام فيه لبيانه، وأما المخالف فإنه يطلب بخلافه الحاكم عليه من الله أحد أمرين إما التجاوز والعفو، وإما الأخذ على ذلك، ولا بد من أحدهما لأن الأمر حق في نفسه.
فعلى كل حال قد صح انقياد الحق إلى عبده لأفعاله وما هو عليه من الحال. فالحال هو المؤثر."3"  فمن هنا كان الدين جزاء أي معاوضة بما
_____________________________________
2 - « فما رعوها حق رعايتها » نفس المعنى في الفتوحات المكية ج2 / 533

3- الحال هو المؤثر
الوجود كله حال لا يصح له الثبات على شأن واحد، لما تطلبه المحدثات من الزوائد ، فالأمر شؤون ، فلا يزال يقول لكل شيء كن فيكون .
الحال هو الحاكم فإن الوقت له ، وهو للنفس الناطقة كالمزاج للنفس الحيوانية ، فإن المزاج حاكم على الجسم والحال حاكم على النفس ، فقامت الأحوال من الخلق والمواطن للحق مقام المزاج للحيوان ، فيقال في الحق إنه يغضب إذا أغضبه عبده ، ويرضى إذا أرضاه العبد ، فحال العبد والموطن يرضي الحق ويغضبه ، كالمزاج للحيوان يلتذ بالأمر الذي كان بالمزاج الآخر يتألم به.
فهو بحسب المزاج كما هو الحق بحسب الحال . والموطن الا ترى في نزوله إلى السماء الدنيا ما يقول ؟
فإنه نزول رحمة يقتضيها الموطن ، وإذا جاء يوم القيامة يقتضي الوطن أن يجيء للفصل والقضاء بين العباد ، لأنه موطن يجمع الظالم والمظلوم وموطن الحكم والخصومات ، فالحكم للمواطن والأحوال في الحق ، والحكم في التألم والالتذاذ للمزاج.
فالإنسان مصرف تحت حكم الأسماء الإلهية ومحل لظهور آثار سلطانها فيه، ولكن يكون حكمها فيه بحسب ما يمكنها حال الإنسان أو زمانه أو مكانه .
فالأحوال والأزمان تولي الأسماء الإلهية عليها .
راجع الفتوحات  ج 1 / 588 ، 683 -  ج 3 / 20 - ج 4 / 257 ، 370 .



يسر وبما لا يسر: فبما يسر «رضي الله عنهم ورضوا عنه» هذا جزاء بما يسر، «ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا» هذا جزاء بما لا يسر. «ونتجاوز عن سيئاتهم» هذا جزاء.
فصح أن الدين هو الجزاء، وكما أن الدين هو الإسلام والإسلام عين الانقياد فقد انقاد إلى ما يسر وإلى ما لا يسر و هو الجزاء.
هذا لسان الظاهر في هذا الباب. وأما سره وباطنه فإنه تجلي في مرآة وجود الحق: فلا يعود على الممكنات من الحق إلا ما تعطيه ذواتهم في أحوالها، فإن لهم في كل حال صورة، فتختلف صورهم لاختلاف أحوالهم، فيختلف التجلي لاختلاف الحال، فيقع الأثر في العبد بحسب ما يكون.
فما أعطاه الخير سواه ولا أعطاه ضد الخير غيره، بل هو منعم ذاته ومعذبها. فلا يذمن إلا نفسه ولا يحمدن إلا نفسه.  «فلله الحجة البالغة» في علمه بهم إذ العلم يتبع المعلوم."4"
ثم السر الذي فوق هذا في مثل هذه المسألة أن الممكنات على أصلها من العدم، وليس وجود إلا وجود الحق بصور أحوال ما هي عليه الممكنات في أنفسها وأعيانها."5"
فقد علمت من يلتذ ومن يتألم وما يعقب كل حال من الأحوال وبه سمي عقوبة وعقابا وهو سائغ في الخير والشر غير أن العرف سماه في الخير ثوابا وفي الشر عقابا، وبهذا سمى أو شرح الدين بالعادة، لأنه عاد عليه ما يقتضيه ويطلبه حاله.
فالدين العادة قال الشاعر: كدينك من أم الحويرث قبلها أي عادتك.
ومعقول العادة أن يعود الأمر بعينه إلى حاله: وهذا ليس ثم فإن العادة تكرار.
لكن العادة حقيقة معقولة، والتشابه في الصور موجود: فنحن نعلم أن زيدا عين عمرو في الإنسانية وما عادت الإنسانية، إذ لو عادت تكثرت وهي حقيقة واحدة والواحد لا يتكثر في نفسه.
ونعلم أن زيدا ليس عين عمرو في الشخصية: فشخص زيد ليس شخص عمرو مع تحقيق وجود الشخصية بما هي شخصية في الاثنين.
فنقول في الحس عادت لهذا الشبه، ونقول في الحكم الصحيح لم تعد.
فما ثم عادة بوجه وثم عادة بوجه،"6" كما أن ثم جزاء بوجه وما ثم جزاء بوجه فإن
____________________________
4 - العلم تابع للمعلوم راجع فص 2 هامش 3 ص 42

5 - الظاهر في المظاهر راجع فص 5 هامش 6 ص 84

6 -  الإعادة
الإعادة تكرار الأمثال في الوجود ، لأن تكرار العين ليس بواقع للاتساع الإلهي، ولكن الإنسان في لبس من خلق جدید ، فهي أمثال يعسر الفصل فيها القوة الشبه ،

ص 123



الجزاء أيضا حال في الممكن من أحوال الممكن.
وهذه مسألة أغفلها علماء هذا الشأن، أي أغفلوا إيضاحها على ما ينبغي لا أنهم جهلوها فإنها من سر القدر المتحكم في الخلائق."7"
واعلم أنه كما يقال في الطبيب إنه خادم الطبيعة كذلك يقال في الرسل والورثة إنهم خادمو الأمر الإلهي في العموم، وهم في نفس الأمر خادمو أحوال الممكنات.
وخدمتهم من جملة أحوالهم التي هم عليها في حال ثبوت أعيانهم.
فانظر ما أعجب هذا! إلا أن الخادم المطلوب هنا إنما هو واقف عند مرسوم مخدومه إما بالحال أو بالقول، فإن الطبيب إنما يصح أن يقال فيه خادم الطبيعة لو مشى بحكم المساعدة لها، فإن الطبيعة قد أعطت في جسم المريض مزاجا خاصا به سمي مريضا، فلو ساعدها الطبيب خدمة لزاد في كمية المرض بها أيضا، وإنما يردعها طلبا الصحة والصحة من الطبيعة أيضا بإنشاء مزاج آخر يخالف هذا المزاج.
فإذن ليس الطبيب بخادم للطبيعة، وإنما هو خادم لها من حيث إنه لا يصلح جسم المريض ولا يغير ذلك المزاج إلا بالطبيعة أيضا.
ففي حقها يسعى من وجه خاص غير عام لأن العموم لا يصح في مثل هذه المسألة. فالطبيب خادم لا خادم أعني للطبيعة، وكذلك الرسل والورثة في خدمة الحق.
والحق على وجهين في الحكم في أحوال المكلفين، فيجري الأمر من العبد بحسب ما تقتضيه إرادة الحق، وتتعلق إرادة الحق به بحسب ما يقتضي به علم الحق، ويتعلق علم الحق به على حسب ما أعطاه المعلوم من ذاته: فما ظهر إلا بصورته. "8"
__________________________________
فالإعادة إنما هي في الحكم مثل السلطان بولي واليا ثم يعزله ثم يوليه بعد عزله ، فالإعادة في الولاية ، والولاية نسبة لا عين وجودي .
فالأعيان، التي هي الجواهر ما فقدت من الوجود حتى تعاد إليه بل لم تزل موجودة العين ، ولا إعادة في الوجود الموجود فإنه موجود ، وإنما هي هيئات وامتزاجات نسبية - والمقصود من الإعادة في هذا الفص إنما هو عودة الحال الذي في الثبوت إلى العين عند ظهورها في الوجود.
والحال إنما هو حكم ونسبة معينة ، فلا نزال نراقب حكم العلم فينا من الحق حتى تعلم ما كنا فيه ، فإنه لا يحكم فينا إلا بنا
الفتوحات ج 2 / 471 - ج 4 / 182 .

7 - العلم تابع للمعلوم راجع فص 2 هامش 3 ص 42.

8 - العلم تابع للمعلوم راجع فص 2 هامش 3 ص 42
ظهور الحق بأحكام أعيان الممكنات - وحدة الوجود - المرايا
راجع فص 2 هامش 9 ص 45

ص 124



فالرسول والوارث خادم الأمر الإلهي بالإرادة، لا خادم الإرادة.
فهو يرد عليه به طلبا لسعادة المكلف فلو خدم الإرادة الإلهية ما نصح وما نصح إلا بها أعني بالإرادة.
فالرسول والوارث طبيب أخروي للنفوس منقاد لأمر الله حين أمره، فينظر في أمره تعالى وينظر في إرادته تعالى، فيراه قد أمره بما يخالف إرادته ولا يكون إلا ما يريد، ولهذا كان الأمر.
فأراد الأمر فوقع، وما أراد وقوع ما أمر به بالمأمور فلم يقع من المأمور، فسمي مخالفة ومعصية.
فالرسول مبلغ "9": ولهذا قال شيبتني «هود» وأخواتها لما تحوي عليه من قوله «فاستقم كما أمرت» فشيبه «كما أمرت فإنه لا يدري هل أمرت بما يوافق الإرادة فيقع، أو بما يخالف الإرادة فلا يقع.
ولا يعرف أحد حكم الإرادة إلا بعد وقوع المراد إلا من كشف الله عن بصيرته "10" فأدرك أعيان الممكنات في حال ثبوتها على ما هي عليه، فيحكم
__________________________________________
9 ، 10 - الأمر والإرادة
أمر الإله من الإله تعلق     …. ما أمره في العالمين محقق
إلا بواسطة الرسول فإنه  …… أمر مطاع سره يتحقق
إن خالفت أمر الإله إرادة  ….. منه نكاد النفس منه تزهق
ولذاك شيبت النبي مقالة  ….. هي فاستقم فيما أمرت توفق
فإذا أراد نقيض ما أمرت به … نفس المكلف فالوقوع محقق.

لما كان أحد لا يعرف هل وافق أمر الله إرادة فيه أنه يمتثل أمره أو يخالفه ، لهذا صعب على رسول الله صلى الله عليه وسلم  أمر الله واشتد.
فقال شيبتني هود فإنها السورة التي نزل فيها « فاستقم كما أمرت » ، وأخواتها مما فيه هذه الآية أو معناها ، فالناس من ذلك على خطر.

ألم تعلم بأن الله منا   ….. يرانا والوجود لنا شهيد
فيلزمنا الحياء فلا يرانا ……   بحيث نهي ونحن له شهود
وذا من أعجب الأشياء عندي ….. فيأمرنا ويفعل ما يريد
يقول لي استقم ويريد مني  …… مخالفة يؤيدها الوجود
فيا قوم اسمعوا ما قلت فيمن ….. هو المولى ونحن له عبيد
يريد الأمر لا المأمور فانظر …..   إلى حكم يشيب له الوليد

ص 125



عند ذلك بما يراه ) "11" وهذا قد يكون لآحاد الناس في اوقات لا يكون مستصحبا .
______________________________________
يقول العبد « يارب ما يبدل القول لديك ، ولا يكون عنك إلا ما سبق به علمك ، فمشيئتك واحدة ، والاختيار المنسوب الي منك ، فالذي تقبله ذاتي من الانقياد إليك أن أكون لك حيث تريد لا حيث تأمر ، إلا إن وافق أمرك إرادتك . فحينئذ أجمع بينهما.
وأكثر من هذا فما تعطي حقیقتي إذا نسبتها إليك ، أنت القائل « أفمن حق عليه كلمة العذاب أفأنت تنقذ من في النار ، وهو أكرم المكلفين عليك ، وهذا الحكم منك وعليك يعود ، فما كان انقیادك إلا إليك.
وأنا صورة مماثلة للمحجوبين الذين لا يعرفونك معرفتي ، فيقولون قد أجاب الحق سؤالنا وانقاد إلينا فيما نريده منه ، وأنت ما أجبت إلا نفسك ، وما تعلقت به إرادتك ، فانقيادي أنا النفسي ، فإنه لا يتمكن أن أطلبك لك ، وإنما أطلبك لنفسي ، فلنفسي كان انقيادي لما دعوتني ، وجعلت حجابا بيني وبين المحجوبين من خلقك الذين لا يعرفون.
فقالوا فلان أجاب أمر ربه حين دعاه ، وما علموا أن الانقياد مني كان لإرادتك لا لأمرك ، فإنه ما يبدل الحكم لدي ، فإني ما أقبل غير هذا ، قبول ذات ، وفيه سعادتي ، وأثنيت علي به ، وأنت تعلم كيف كان الأمر ، فظهرت بأمر تشهد الحقيقة بخلافه .
فقلت : ولا يعصون الله ما أمرهم ، والحقيقة من خلف هذا الثناء تنادي لا يعصون الله ما أراد منهم سوقرن الأمر منه بإرادته فذلك هو الأمر الذي لا يعصيه مخلوق ، وهو قوله « إذا أردناه أن تقول له كن » هذا هو الأمر الذي لا يمكن للممكن الأمور مخالفته ، لا الأمر بالأفعال والتروك .
يعرف ذلك العارفون من عبادك ذوقا وشهودا ، فإن أمرت الفعل المأمور به أن يتكون في هذا العبد المأمور بالفعل تكون ، فتقول هذا عبد طائع امتثل أمري وما بيده من ذلك شيء .
الفتوحات ج 2 / 218 ، 588 - ج 3 / 217 - ج 4 / 350 - ديوان .

11 - الممكنات في الثبوت والوجود
الممكنات بقاؤها في حالة العدم أحب إليها لو خيرت ، فإنها في مشاهدة ثبوتية حالية ، ملتذة بالتذاذ ثبوتي ، منعزلة كل حالة عن الحالة الأخرى ، لا تجمع الأحوال

ص 126

قال :« ما أدري ما يفعل بي ولا بكم » فصرح بالحجاب ، وليس المقصود إلا أن يطلع في أمر خاص لا غير .
_________________________
عين واحدة في حال الثبوت، فإنها تظهر في شيئية الوجود في عين واحدة وهي الحامل، والأحوال هي المحمول ، فالمحمول أبدا منزلته في الوجود مثل منزلته في الثبوت ، في نعيم دائم و الحامل ليس كذلك ، والعين الحاملة في ثبوتها تظهر فيما تكون عليه في وجودها إلى ما لا يتناهی .
فكل حال تكون عليها هو إلى جانبها ناظر إليها لا محمول فيها ، فالعين ملتذة بذاتها والحال ملتذ بذاته .
فحال الأحوال لا يتغير ذوقه بالوجود، وحال الحامل يتغير بالوجود ، وهو علم عزيز ، وما تعلم الأعيان ذلك في الثبوت إلا بنظر الحال إليها ، ولكن لا تعلم أنه إذا حملته تتألم به ، لأنها في حضرة لا تعرف فيها طعم الألم ، بل تتخذه صاحبا ، فلو علمت العين أنها تتألم بذلك الحال إذا اتصفت به لتألمت في حال ثبوتها بنظره إياها لعلمها أنها تتلبس به وتحمله في حال وجودها .
فتألفها به في الثبوت ننعم لها .
وهذا الفن من أكبر أسرار علم الله في الأشياء ، شاهدته ذوقا إلهيا ، لأن من عباد الله من بطلعه الله كشفا على الأعيان الثبوتية فيراها على صورة ما ذكرناه من المجاورة والنظر ، ما يرى فيها حالا ولا محلا.
فإذا فهمت الفرق بين الوجود والثبوت ، وما للأعيان في الوجود وما لها في الثبوت من الأحكام : علمت أن بعض الأعيان لا تريد ظهور الأثر فيها بالحال .
الفتوحات ج 4 / 81

ص 127
.
واتساب

No comments:

Post a Comment