Wednesday, July 31, 2019

خطبة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي شرح الشيخ عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني

خطبة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي شرح الشيخ عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني

خطبة كتاب فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي شرح الشيخ عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني

 

شرح الشيخ عفيف الدين التلمساني فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي

بسم الله الرحمن الرحیم
رب أعني الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى وخص من بينهم محمد قطب محيطهم الذي بعهد الأكمليات وفي، وآله وسلم
يقول العبد الفقير إلى الله الغني سليمان بن على بن عبد الله بن علي العابدي عرف بالتلمسانی عصمه الله به عن سواه وجعل في قدسه لا في نفسه مثواه: إنني لما رأيت أخي وولي قلبي السيد الأجل أبا القاسم عبد الكريم بن الحسين بن أبي بكر الطبري متعه الله بما أعطاه وبلغه من شرف الارتقاء النهاية من مناه ممن يجب حقه، ويتعين ويظهر بين طلاب الحضرة الإلهية صدقه ويتبين، جعلته سبب شرحي لفصوص الحکم وخصوص الكلم الذي تناوله شيخنا ختم الأولياء من خاتم الأنبياء، صلى الله عليه وسلم
قال شيخنا، رضي الله عنه، وجعلنا له به منه: (الحمد لله منزل الحكم على قلوب الكلم بأحدية الطريق الأمم من المقام الأقدم وإن اختلفت النحل والملل الاختلاف الأمم وصلى الله على ممد الهمم من خزائن الجود والكرم، وبالقيل الأقوم، محمد وعلى آله وسلم).
قلت: الكلم هنا من عينه من الأنبياء عليهم السلام، في هذا الكتاب، والحكم المعارف الإلهية ما ذكره منها في هذا الكتاب وما لم يذكره.
قوله: (بأحدية الطريق الأمم)
قلت: الطريق الأمم هنا هو المطلع وهو ما يجمع بين الظاهر والباطن والحد الذي يكون بين الظاهر والباطن، فالظاهر هو المنقول والمعقول من العلم النافع الذي يكون به العمل الصالح، والباطن هو المعارف الإلهية التي هي روح تلك العلوم المنقولة والمعقولة.
والحد هو حقيقة ما يتميز به العلم عن المعرفة.
وأما المطلع فهو معنى يتحد فيه الظاهر والباطن فيكون طريقا إلى الشهود الذاتي، وهو الطريق الأقوم الذي سماه الشيخ الأمم.
و قوله: (من المقام الأقدم).
قلت: هي حضرة الحق تعالى التي طلبها الأمم كلهم وإن اختلفوا في مللهم ونحلهم في الطلب.
قوله: (ممد الهمم من خزائن الجود والكرم بالقيل الأقوم).
قلت: قد عينه الشيخ، رضي الله عنه، هذا المدد أنه بالقيل الذي هو القول فأما مدد العوام من أهل الطريق بالقول الأقوم فهو ما في الحديث النبوي المختص بالعبادة وذلك هو العلم النافع المقتضي للعمل الصالح.
وأما ما يختص بالخواص من أهل الطريق وهم الصوفية فالقيل الأقوم الذي هو المدد المذكور فهو ما في الحديث النبوي من الإرشاد إلى مكارم الأخلاق، فإن التصوف خلق وما في الحديث أيضا من النهي عن سفساف الأخلاق، إذ هو أيضا مما يرشد إلى تبديل كل خلق دني بكل خلق سني .
قال عليه السلام: "بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" وأحكام هذين الإرشادين هي كلها من المنقول والمعقول فالقيل الأقوم هنا هو في مراتب المنقول والمعقول.
أما ما يختص بخاصية الخاصة هنا هو ما في الحديث النبوي من الإشارات إلى التوحيد المستفاد من تجلياته تعالى المخصوص بها، عليه السلام.
مثل قوله: أصدق كلمة قالتها العرب قول لبيد: «ألا كل شيء ما خلا الله باطل» وهو أيضا مدد بالقيل الأقوم.
و قوله: (أما بعد: فإني رأيت رسول الله، عليه السلام، في مبشرة أريتها في العشر الآخر من المحرم سنة سبع وعشرين وستمائة بمحروسة دمشق، وبيده، صلى الله عليه وآله وسلم، کتاب، فقال لي: هذا «کتاب فصوص الحکم» خذه واخرج به إلى الناس ينتفعون به.)
قلت: قوله، عليه السلام، هذه إشارة إلى معاني هذا الكتاب الذي أظهرها له رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في عالم الكشف وأما العبارة فهي للشيخ، رضي الله عنه، ولذلك قال في دعاءه: "حتى أكون مترجما لا متحكما" فهو مترجم والترجمان هو الذي ينقل المعاني إلى لغة يعرفها من يترجم له بها.
و قوله: (فقلت السمع والطاعة لله ولرسوله وأولي الأمر منا كما أمرنا فحققت الأمنية وأخلصت النية وجردت القصد والهمة إلى إبراز هذا الكتاب كما حده إلى رسول الله، عليه السلام، من غير زيادة ولا نقصان).
قلت: إنه يلفظ بالسمع والطاعة أي إطاعة في أن يترجم عن معانيه بلفظه ويقرب فهمه بالتنزل إلى مبالغ الناس، ولو كان لفظ هذا الكتاب هو لفظ رسول الله، عليه السلام، لم يكن فيه شعر لقوله تعالى: "ما علمناه الشعر وما ينبغي له" (یس: 69) فإذن قوله: من غير زيادة ولا نقصان إنما يعني في معانيه.
قوله(سألت الله تعالى وفي جميع أحوالی من عباده الذين ليس للشيطان عليهم سلطان، وأن يخصني في جميع ما يرقمه بنانی وینطق به لسانی وينطوي عليه جناني بالإلقاء السبوحي والنفث الروحي في الروع النفسي بالتأييد الاعتصامی، حتى أكون مترجما لا متحكما، لتحقق من يقف عليه من أهل الله أصحاب القلوب، أنه من مقام التقديس المنزه عن الأغراض النفسية التي يدخلها التلبيس، وأرجو أن يكون الحق تعالى لما سمع دعائي قد أجاب ندائي، فما ألقى إلا ما يلقى إلى، ولا أنزل في هذا المسطور إلا ما ينزل به على.)
قلت: "يعني بالذين ليس للشيطان عليهم سلطان"، أهل التجلي الأسمائي الجامع لمعاني الأسماء الحسنى . التي ذكر أنها لا يبلغها الإحصاء وطريق كونهم ليس للشيطان عليهم سلطان ليس هو أن لا يوسوس في صدورهم فإن ذلك لا بد منه.
فإن الله تعالى يقول:" إلا إذا تم ألقى الشيطان في أمنيته " الآية (الحج: 52).
فأما في حضرة ولاية الرسول عليه السلام، وولاية الأولياء من أمته فالنسخ يكون بالتجلي الإلهي الذي يرون فيه أن وسوسة الشيطان هي من أحكام تجلي الاسم المضل.
وأما في مقام نبوته، عليه السلام، ونبوة الأنبياء من قبله فالنسخ يكون بما يأتي به جبرئيل، عليه السلام، إليهم مما يحكم الله به آیاته.
لأن مقام نبوته، عليه السلام، ونبوة الأنبياء هو من مقام الوحي الذي يأتي به جبرئیل علیه السلام، والملائكة.
لأن مقام النبوة المحمدية دون مقام ولايته، عليه السلام، لأن ولايته هي حالة أخذه عن الله تعالی بغیر واسطة الملك بل منه تعالی بلا واسطة .
ولذلك قال عليه السلام: «لي مع الله وقت لا يسعني فيه غير ربی» إن صح الخبر.
وأما مقام رسالته فهي تحت مقام نبوته لأنها الحالة التي تكون فيها، عليه السلام، مخاطبا لنا وحاله في مقام النبوة مخاطبا للملك وحال ولايته هو مقام لا يصل إليه جبرئيل الذي هو سيد الملائكة .
وقد ذكر شيخنا محيي الدين، رضي الله عنه، هذه الثلاثة مقامات و میز مراتبها في قوله:
مقام النبوة في برزخ      …. دوین الولي وفوق الرسول
أي دون ولايته وفوق رسالته، عليه السلام.
ويعني بالإلقاء السبوحي، الإلقاء الذي من جهة الله سبحانه وتعالى أو من جهة الملك لا مما يكون من طريق الفكر والعقل . فإن السبوحي منسوب إلى سبحان الله ومعناه تنزيه الله تعالی.
ومعنى قوله النفث الروحي يعني النفخ في الروح، والروع هو القلب .
ومعنى التأييد الاعتصامی، حمايته، عليه السلام، الورثة من أمته أن يحتجب عنهما طريق الهداية قال الله تعالى: "ومن يعتصم بالله فقد هدى" 101 آل عمران.
قال:"حتى أكون مترجما عن معاني ما نزل من قبل الحق تعالى من المعاني مترجما لا متحكما."
فإن المفكر الذي يهدي الناس بمواد فكرته يكون متحكما لا مترجما وخص، رضي الله عنه، من يقف عليه من أهل الله أصحاب القلوب فإن غيرهم لا يعرفون مقام التقديس وهو التطهير من الأغيار.
قوله: (ولست بنبي رسول ولكني وارث ولآخرتي حارث).
قلت: يعني أن الهداة من بعد رسول الله، عليه السلام، إنما يهدون الناس بطريق الميراث عنه، عليه السلام، لقوله تعالى: "قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني " 108 يوسف.
فالسبيل في الهداية سبيله، عليه السلام، وإن كان الهادي غيره من أمته. والحارث لآخرته هو العامل لها.
و قوله:
فمن الله فاسمعوا ... و إلى الله فارجعوا
فإذا ما سمعتم ما ... أتيت به فعوا
ثم بالفهم فصلوا ... مجمل القول و أجمعوا
ثم منوا به على ... طالبيه لا تمنعوا
هذه الرحمة التي ... وسعتكم فوسعوا
قوله : (ومن الله أرجو أن أكون ممن أيد فتأيد وقيد بالشرع المحمدي المطهر فتقيد وقيد، وحشرنا في زمرته كما جعلنا من أمته.)
قلت: يعني أن هذا الكلام معناه هو من الله تعالى لا مني فإن الله تعالی عند لسان كل قائل. وبقية الأبيات" مفهومة وكذلك ما بقي إلى قوله:
 فص حكمة إلهية في كلمة آدمية.

(فأول ما ألقاه المالك على العبد من ذلك:  )
.
التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment