Friday, August 2, 2019

10 - فك ختم الفص الهودى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

10 - فك ختم الفص الهودى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

10 - فك ختم الفص الهودى .كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص على فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

كتاب الفكوك في اسرار مستندات حكم الفصوص أبو المعالي محمد بن إسحاق صدر الدين القونوي

1 / 10 - اعلم ان للوحدة ثلاث مراتب ، لكل مرتبة اعتبار :
فالاعتبار المختص بالمرتبة الاولى هو اعتبار الوحدة من حيث هي هي ، هذا الوجه لا تغاير الاحدية ، بل هي عينها لا من الوجهين الآخرين ، وليست من هذا الوجه نعتا للواحد بل هي ذاته ، فمتى ذكرت الاحدية الذاتية وكان المترجم عنها الحق او واحد من أكابر المحققين الراسخين في العلم فإنه انما يطلقها بهذا الاعتبار الذي ذكرناه .
ولكل شيء احدية تخصه وهي اعتباره من حيث عدم مغايرة كل شأن من الشئون الذاتية للذات المعنونة بالاحدية بالتفسير المشار اليه .

2 / 10 -  والاعتبار المختص بالمرتبة الثانية هو اعتبار الوحدة من كونها نعتا للواحد وتسمى  بوحدة النسب باحدية الصفات والإضافات ، وينضاف الى الحق من حيث الاسم الله الذي هو محتد الأسماء والصفات ومشرع الوحدة والكثرة المعلومتين للجمهور .

3 / 10 - والاعتبار المختص بالمرتبة الثالثة هو اعتبار الوحدة من حيث لا يلحقها من الاحكام التي هي على نوعين :
نوع متعقل فيها لكن ظهوره موقوف على شرط او شروط ، مع ان تلك الوحدة بالذات مشتملة عليها بالقوة .
والنوع الثاني من النعوت والاحكام ليست الوحدة بالذات مشتملة عليها ، وانما يلحق وينضاف إليها من امور خارجة عن معقولية صرافة وحدتها .
كقولنا : الواحد نصف الاثنين وثلث الثلاثة وانه مبدأ لما يتعقل من معنى التعدد النسبي او الوجودي .

4 / 10 - وهذا الوحدة التي يضادها الكثرة ويختص بمرتبة الأفعال لوحدة الفعل والفاعل وكثرة المحال التي بها يظهر الكثرة ، فإنها الخصيصة بهذا الفص الهودى وهو ذوق هود المذكور في قصته عليه السلام فإنه ذكر الاخذ بالنواصي والمشي والصراط .
وكل هذه احكام التصرف والتصريف وانه الفعل لا محالة ، غير انه غلب في إخباره وحدة الفعل على تعددات العارضة له في المحال المتأثرة والمعددة إياه .
والسر فيه هو من أجل عدم اعتبار الوسائط والأسباب المشار إليها بقوله تعالى : " ما من دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها " [ هود / 56 ] فأضاف الاخذ الى الهوية التي هي عين الذات ، حتى انه لم يذكر يدا ولا صفة ولا غير ذلك .


5 / 10 - وهو مشهد المتوسطين من المحققين ، فان مقتضى ذوقهم ان الأسباب والوسائط معدات لا مؤثرات ، وان الفعل في أصله واحد وانه اثر الحق لا اثر فيه لسواه من حيث ذات الفعل من كونه فعلا .
لكن يكتسب ذلك الفعل الوحدانى فعل المتعددات من المحال المتأثرة ويتبع ذلك التعدد كيفيات نافعة للمكتسب العدد وكيفيات مضرة له عاجلا وآجلا، مؤجل وغير مؤجل ، وذلك النفع والضر تارة يعودان على الإنسان من حيث روحه وتارة يعودان عليه من حيث صورته ونشأته ، وتارة يعودان على المجموع .


6 / 10 - وثم صنف اعلى واكشف من هذا الصنف ومقتضى ذوقهم :
ان الفعل الوحدانى وان كان إليها ومطلقا في الأصل لا وصف له غير ان تعينه بالتأثير .
والتأثير التكليفي انما يكون بحسب المراتب التي يحصل فيها اجتماع جملة من احكام الوجوب والإمكان في قابل لها وجامع ، فان ظهرت الغلبة لأحكام الوجوب على احكام الإمكان وصف الفعل بعد تقيده وقبوله التعدد طاعة وفعلا مرضيا حميدا .
وان كانت الغلبة لأحكام الإمكان وتضاعف الخواص الوسائط كان الامر بالعكس بمعنى ان الفعل يسمى من حيث تقيده على ذلك الوجه وتكيفه بتلك الكيفيات معصية وفعلا قبيحا غير مرضى ونحو ذلك .


7 / 10 - والحسن والقبح راجعان الى ما يناسب مرتبة الشرع والعقل والى الملاءمة من حيث الطبع والغرض ، ولسان الشرع معرب اما عن بعض المحاسن الخافية عن العقول عاجلا - وكذلك عن القبائح - او معرب عما يعود من ذلك الفعل من حيث الثمرات على الثمرات وعلى المعين والمكيف إياه بذلك الوصف ، وكل ذلك بحسب ما يعلمه الشارع من سر ذلك تكيف والتعدد المخصوص بالنسبة الى عموم الفاعلين او بالنسبة الى الأكثرين منهم ، وبيان كيفية التدارك والتلافي لذلك الضرر المودع في الفعل غير المرض او تنمية ، وذلك النفع في المودع  المسمى فعلا مرضيا وتثبتة .


8 / 10 - وثم صنف اعلى ومن مقتضى ذوقهم وشهودهم معرفة ان كل سبب وشرط ووسائط ليس غير تعين من تعينات الحق وانه فعله سبحانه الوحدانى يعود اليه من حيثية كل تعين بحسب الامر المقتضى للتعين كان ما كان ، وان المضاف اليه ذلك الفعل ظاهرا يتصل به حكم الفعل وثمرته بحسب شهوده ومعرفته ونسبته الى الفعل الأصلي واحدية التصرف والمتصرف وانصباغ أفعاله بحكم الوجوب وسر سبق العلم وموجبه ومقتضاه وبضعف ذلك او عدمه .


9 / 10 - ومن لم يذق هذا المشهد ولم يطلع عليه لم يعرف سر قوله تعالى :" وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى " [ الأنفال / 17 ] ،
ولا سر قوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله " [ الفتح / 10 ] ،
ولا سر قوله صلى الله عليه وسلم : ان الله قال على لسان عبده : "سمع الله لمن حمده " ،
ولا سر قوله تعالى : "كنت سمعه وبصره ويده ورجله ، فبي يسمع وبى يبصر وبى يسعى وبى يبطش " ،
ولا سر قوله الذي هو دون ذلك كله : " قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ الله بِأَيْدِيكُمْ " [ توبه / 14 ] .
ولا يعرف من اى وجه يصح نسبة الأفعال الى الحق من حيث اصالتها ومن حيث احدية جمعها ، ومن اى وجه ايضا يصح نسبتها الى الحق وان تعددت وتكثرت .


10 / 10 - ولا يعرف ايضا هل مقام التمحض المشار اليه بقوله تعالى : " إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ الله " اعلى .
او مقام التشكيك المنبه عليه بقوله :" وما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ ولكِنَّ الله رَمى "
ولا يعرف مرتبة الحسن والقبح الحقيقي والنسبي .
ولا يعرف نتائج الأفعال والثمرات في الدنيا والبرزخ والحشر والنار والجنة ولوازمها من الاسرار فتنبه ترشد .


11/ 10 - فهذا روح هذا الفص والخفي من شأنه ، وما سوى ذلك فقد نبه شيخنا رضى الله عنه على ما قدر له ذكره منه وما امر بتسطيره كما أشار اليه والله المرشد .
.

التسميات:
واتساب

No comments:

Post a Comment