Saturday, July 27, 2019

الفصل الرابع الأبدال .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

الفصل الرابع الأبدال .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

الفصل الرابع الأبدال .كتاب نقد النصوص فى شرح نقش الفصوص الشيخ عبد الرحمن الجامي

كتاب الشيخ نور الدين عبد الرحمن الجامي نقد النصوص فى شرح نقش فصوص الحكم للشيخ الأكبر ابن العربي

والنفوس الإنسانية الكاملة أيضا يتشكلون في هذا العالم بأشكال غير أشكالهم المحسوسة.
وهم في دار الدنيا ويظهرون بها على من يريدون الظهور عليه لقوة انسلاخهم من أبدانهم؛ وبعد انتقالهم إلى الآخرة أيضا، لازدياد تلك القوة بارتفاع المانع البدني، وهؤلاء هم المسمون بـ «البدلاء» .


وصل "عالم المثال"
اعلم أنه لما كان عالم الأرواح متقدمة بالوجود والمرتبة على عالم الأجسام، وكان الإمداد الرباني الواصل إلى الأجسام موقوفا على توسط الأرواح بينها وبين الحق سبحانه ؛ وتدبيرها . 
أعني تدبير الأجسام - مفوض إلى الأرواح ؛ وتعذر الارتباط بين الأرواح والأجسام للمباينة الذاتية الثابتة بين المركب والبسيط . 
فإن الأجسام كلها مركبة، والأرواح بسيطة ؛ فلا مناسبة بينهما، فلا ارتباط ؛ وما لم يكن ارتباط، لا يحصل تأثير ولا تأثر ولا إمداد ولا استمداد - فلذلك خلق الله سبحانه عالم المثال برزخا جامعة بين عالم الأرواح وعالم الأجسام ليصح ارتباط أحد العالمين بالآخر، فيتأتى حصول التأثر والتأثير ووصول الإمداد والتدبير . 
فبعالم المثال وخاصيته تتجسد الأرواح في مظاهرها المثالية المشار إليها بقوله تعالی : "فتمثل لها بشرا سويا" [مريم: 17]. 
وإلى عالم المثال يترقى المتروحنون في معارجهم الروحانية الحاصلة بالانسلاخ من هذه الصور الطبيعية العنصرية واكتساء أرواحهم المظاهر الروحانية .
وهكذا هو شأن روح الإنسان مع جسمه الطبيعي العنصري الذي يدبره ويشتمل عليه علما وعملا.
 فإنه لما كانت المباينة المشار إليها ثابتة بين روحه وبدنه ، وتعذر الارتباط الذي يتوقف عليه التدبير ووصول المدد إليه خلق الله نفسه الحيوانية برزخا بين الروح المفارق والبدن. 
فنفسه الحيوانية من حيث إنها قوة معقولة هي بسيطة تناسب الروح المفارق، ومن حيث إنها مشتملة بالذات على قوی مختلفة متكثرة منبثة في أقطار البدن ، متصرفة بتصرفات مختلفة، ومحمولة أيضا في البخار الضبابي الذي في التجويف الأيسر من القلب الصنوبري، تناسب المزاج المركب من العناصر. 
فحصل الارتباط والتأثير والتأثير ، وتأتى وصول المدد والتدبير .


وصل "المثالات المقيدة"
ثم اعلم أن العالم المثالي هو عالم روحاني من جوهر نوراني شبيه بالجوهر الجسماني في كونه محسوسا مقداريا، وبالجوهر المجرد العقلي في كونه نوراني . 
وليس بجسم مركب مادي، ولا جوهر مجرد عقلي، لأنه يرزخ و حد فاصل بينهما ؛ وكل ما هو برزخ بين الشيئين، لا بد وأن يكون غيرهما، بل له جهتان يشبه بكل منهما ما يناسب عالمه.
 اللهم إلا أن يقال ، إنه جسم نوري في غاية ما يمكن من اللطافة، فيكون حدا فاصلا بين الجواهر المجردة اللطيفة وبين الجواهر الجسمانية المادية الكثيفة، وإن كان بعض من هذه الأجسام أيضا ألطف من البعض، كالسماويات بالنسبة إلى غيرها. 
فليس بعالم عرضي - كما زعم بعضهم - لزعمه أن الصور المثالية منفكة عن حقائقها، كما زعم في الصور العقلية . 
والحق أن الحقائق الجوهرية موجودة في كل من العوالم الروحانية والعقلية والخيالية، ولها صور بحسب عوالمها. 
وإذا حققت، وجدت القوة الخيالية التي للنفس الكلية المحيطة بجميع ما أحاط به غيرها من القوى الخياليات محل ذلك العالم ومظهره .
وإنما سمي بـ «العالم المثالي» لكونه مشتملا على صور ما في العالم الجسماني، ولكونه أول مثال صوري لما في الحضرة العلمية الإلهية من صور الأعيان والحقائق. 
ويسمى أيضا بـ "الخيال المنفصل" لكونه شبيهة بالخيال المتصل, فليس معنى من المعاني الممكنة ولا روح من الأرواح إلا له صورة مثالية مطابقة لكمالاته، والمثالات المقيدة - التي هي الخيالات - متصلة بهذا العالم مستنيرة منه ،كالكوى والشبابيك التي يدخل منها الضوء في البيت. 
ولكل من الموجودات التي في عالم الملك مثال مقيد، كالخيال في العالم الإنساني، سواء كان فلكا أو كوكبا أو عنصرا أو معدن أو نباتا أو حيوانا. 
غاية ما في الباب أنه في الجمادات غير ظاهر كظهوره في الحيوانات. 
قال تعالى : "إن من شيء إلا يسبح بحمده  ولكن لا تفقهون تسبيحهم" [الإسراء: 44].
وقد جاء في الخبر الصحيح ما يؤيد ذلك : من مشاهدة الحيوانات أمورا لا يشاهدها من بني آدم إلا أرباب الكشف أكثر من أن تحصى. 
وذلك الشهود يمكن أن يكون في عالم المثال المطلق، ويمكن أن يكون في المثال المقيد. 
""عن أبي هريرة أن النبي صصلى الله عليه وسلم  قال : «إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله فإنها رأت ملكا وإذا سمعتم نهيق الحمار فتعوذوا بالله من الشيطان فإنها رأت شيطانا. صحيح مسلم ""
والله تعالى أعلم.


وصل "برزخ الغيب الإمكاني و برزخ الغيب المحالي"
وعليك أن تعلم أن البرزخ الذي تكون الأرواح فيه بعد المفارقة من النشأة الدنياوية هو غير البرزخ الذي بين الأرواح المجردة والأجسام، لأن مراتب تنزلات الوجود ومعارجه دورية، والمرتبة التي قبل النشأة الدنياوية هي من مراتب التنزلات، ولها الأولية، والتي بعدها من مراتب المعارج، ولها الآخرية. 
وأيضا الصور التي في البرزخ الأخير إنما هي صور الأعمال ونتيجة الأفعال السابقة في النشأة الدنياوية ، بخلاف صور البرزخ الأول. 
فلا يكون كل منهما عين الآخر، لكنهما يشتركان في كونهما عالمة روحانية وجوهرة نورانية غير مادي مشتملا على مثال صور العالم. 
وقد صرح الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات بأن هذا البرزخ غير الأول، وسمي الأول بـ «الغيب الإمكاني» والثاني بـ «الغيب المحالي»، لإمكان ظهور ما في الأول في الشهادة وامتناع رجوع ما في الثاني إليها إلا في الآخرة. 
وقليل من یكاشف به بخلاف الأول. 
لذلك يشاهد كثير منا البرزخ الأول، فيعلم ما يقع في العالم من الحوادث، ولا يقدر على مكاشفة أحوال الموتى. 
والله هو العليم الخبير .
.

واتساب

No comments:

Post a Comment