Monday, March 16, 2020

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )

قال  رضي الله عنه :  ( فلمّا رأت السّحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم ، وأنّ الّذي رأوه ليس من مقدور البشر وإن كان من مقدور البشر فلا يكون إلّا ممّن له تميز في العلم المحقّق عن التّخيّل والإيهام ، فآمنوا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون : أي الرّبّ الّذي يدعو إليه موسى وهارون ، لعلمهم بأنّ القوم يعلمون أنّه ما دعا لفرعون .  ولمّا كان فرعون في منصب التّحكّم صاحب الوقت ، وأنّه الخليفة بالسّيف - وإن جار في العرف النّاموسي - لذلك قال :أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلىأي وإن كان الكلّ أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظّاهر من التّحكّم فيكم .)

قال  رضي الله عنه :  (فلما رأت السحرة ذلك) ، أي عظم ما جاء به موسى عليه السلام من الحق المبين (علموا) ، أي السحرة (رتبة موسى) عليه السلام (في العلم) باللّه تعالى (وأن الذي رأوه) من عصا موسى عليه السلام وما تلقفه من حبالهم وعصيهم (ليس من مقدور) ، أي من الأمر الذي تقدر عليه قوّة (البشر و) إن (كان) ذلك (من مقدور) بعض (البشر فلا يكون إلا ممن له تمييز) ، أي رفعة وشرف (في العلم) الإلهي (المحقق) ، أي الكاشف عن حقيقة الأمر البعيد (عن التخيل والإيهام) ، أي التمويه والزخرفة الباطلة .

قال  رضي الله عنه :  ("فآمنوا") ، أي السحرة عند ذلك كما قالوا (برب العالمين رب موسى وهارون أي الرب الذي يدعو إليه )، أي إلى عبادته وطاعته دون غيره من الأرباب الباطلة (موسى وهارون) عليهما السلام (لعلمهم) ، أي السحرة (بأن القوم) ، أي قوم فرعون الحاضرين (يعلمون أنه) ، أي موسى عليه السلام (ما دعا) ، أي طلب الطاعة والانقياد (لفرعون) وإنما كان يدعو إلى اللّه رب العالمين .

قال  رضي الله عنه :  (ولما كان فرعون في منصب التحكم الظاهر صاحب ذلك الوقت وأنه الخليفة) عن الحق تعالى في الأرض (بالسيف وإن جار) ، أي ظلم وتعدى (في العرف) ، أي الاصطلاح (الناموسي) ، أي الشرعي الذي يعرفه موسى عليه السلام ومن تبعه ، لا في عرفه هو ، فإن اللّه تعالى يستخلف في الظاهر المؤمن والكافر والمطيع والعاصي ، ويجعله بحيث ينفذ أمره ونهيه طوعا وكرها في كل ما يريد ،

كما قال تعالى عن قوم صالح عليه السلام وهم ثمود :وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ عادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ[ الأعراف : 74 ] وهو كثير في القرآن لذلك ، أي لأجل ما ذكر قال : ، أي فرعون لقومه لما جمعهم كما قال تعالى :فَحَشَرَ فَنادى ( 23 ) فَقالَأَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى( 24 ) [ النازعات : 24 ] .

وإن كان الكل من بني آدم أربابا لما تحت أيديهم من الأملاك بنسبة مّا ، فلهم التحكم في أملاكهم فأنا الأعلى منهم ، أي من الأرباب كلهم بما ، أي بسبب الأمر الذي أعطيته بالبناء للمفعول أي اقتضاه مقامي ومنزلتي في الظاهر من التحكم فيكم بحيث ينفذ أمري ونهيي .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )

فلما رأت السحرة ذلك ) من موسى عليه السلام ( علموا رتبة موسى عليه السلام في العلم وأن الذين رأوه ليس من مقدور البشر وإن كان من مقدور البشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق ) بفتح القاف الأولى .

قوله رضي الله عنه  : ( عن التخيل والإيهام ) متعلق بقوله تميز ( فآمنوا ) بسبب علمهم هذا ( برب العالمين رَبِّ مُوسى وَهارُونَ  أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون عليهما السلام لعلمهم ) أي لعلم السحرة ( بأن القوم يعلمون أنه ما دعي ) موسى عليه السلام الخلق ( لفرعون ) أي إلى فرعون بل دعي إلى رب العالمين .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( ولما كان فرعون في منصب التحكم ) قوله ( صاحب الوقت ) خبر كان ( وأنه ) أي وأن فرعون ( الخليفة بالسيف وإن جار ) أي ظلم قوله ( في العرف الناموسي ) يتعلق بقوله الخليفة أي يطلق الخلافة بالسيف على الأمير الظالم في الشرع كما قال رسول اللّه عليه السلام : « أطيعوا أمراءكم وإن جاروا »  أي ظلموا . ورد بلفظ « أطيعوا أمراءكم مهما كانوا » ، ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وابن عساكر في كتابه تهذيب تاريخ دمشق وذكره أيضا المتقي الهندي في كتابه كنز العمال .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لذلك )  يتعلق بقوله ( قال ) وهو جواب لما (أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم ) ولما علمت السحرة صدقه فيما قاله  من قوله :"أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى"
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )

قال رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام. فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون. ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )

 في كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )

قال رضي الله عنه :  ( فلمّا رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم ، وأنّ الذي رأوه ليس من مقدور البشر ، وإن كان من مقدور البشر ، فلا يكون إلَّا ممّن له تميز في العلم المحقّق عن التخييل والإيهام ، فآمنوا بربّ العالمين ، ربّ موسى وهارون . أي الربّ الذي يدعو إليه موسى وهارون - بعلمهم بأنّ القوم يعلمون أنّه ما دعا لفرعون ، فلمّا كان فرعون في منصب التحكَّم صاحب الوقت ، وأنّه الخليفة بالسيف  وإن جار في العرف الناموسي - لذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  :"أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى ". أي وإن كان الكلّ أربابا بنسبة ما، فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم . )

فلمّا كان فرعون صاحب الوقت وربّ السيف في الكلّ ، والربوبية ظهورها فيه أكثر ، لتحكَّمه فيهم جميعا ظاهرا فقال بلسان الحق - الذي أنطق كلّ شيء ، ونطق بألسنة كل ميت وحيّ ، في صورة هداية وغيّ ، إشارة إلى العين الظاهرة المتعيّنة بصورة فرعون وفيها ، وهو عين الحق في صورة من صور الباطل :" أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " أي ربوبيتى أعلى من ربوبيّتكم ، والعين - الظاهرة في صورتي بربوبية أعلى أعلى وأجلى ، وصدق في كون ربوبيّته أعلى من ربوبية غيره في ملئه كما أشار إلى هذا المقام الشيخ أبو مدين البجائيّ :
لا ينكر الباطل في طوره   ....   فإنّه بعض ظهوراته
وأعطه منك بمقداره     ....   حتّى توفي حقّ إثباته .
وقلنا في تتمّتها :
فالحق قد يظهر في صورة   .... ينكرها الجاهل في ذاته.

ثمّ اعلم يا أخي :  أنّ المحاجّة والمباحثة الواقعة بين فرعون وموسى ضرب مثل ضربها الحقّ في الشاهد لصور المحاجّة والمخاصمة الواقعة بين الروح العقلي الإنساني المويّد من الله وبين الهوى النفسي الطبيعي والأنانية التعينية الحجابية ،
فإنّ طاغوت الهوى وفرعون صنميّة الحجاب التعيّنيّة الصورية يدعو إلى الربوبية العرضية المقيّدة بمصر الطبيعة الشهوية ، والقوى الحيوانية الغضبيّة والقوى النفسانية الفكرية المنصبغة بأحكام الشهوة والغضب ، والشهوة تساعدها وتعاضدها ،

والروح العقلي الإلهي المؤيّد بنور الله ، يدعو إلى الله الواحد الأحد في عين ما تكثّر وتعدّد ، وقد علمت فيما سلف أنّ كلَّا منها صور ماذا ؟
فطابق بها بين الكلّ في جميع المحاجّات والمخاصمات الواقعة بين فرعون وموسى وبين العقل والهوى ، تعثر على حقائق عزيزة ، إن شاء الله تعالى .

والسحرة صور القوى النفسانية والروح النفسانيّ ، المنصبغة بحكم الهوى وقوّتي الشهوة والغضب ، المنحرفة إلى خصائص الروحين : الطبيعي والحيواني ، فإنّ قوى الروح النفساني إذا تكيّفت بكيفيات هاتين القوّتين وانصبغت بصبغة أحكامهما ، صاغت صور الباطل في صيغة الحق ، وأظهرت الشبه الكاذبة في صور الحجج الصدق ، فخيّلت وأوهمت بما لا حقيقة له ، وادّعت الحكم والربوبية للهوى كما قالت السحرة في أوّل الدعوى :" بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ " فانقادت للهوى وخضعت ، فأسرها الهوى ، واستعملها فيما يشاء ويهوى ، فقطع أيديهم - أي قواهم العلوية الروحية - وأرجلهم أي قواهم الساعية بموجب العقل والشرع في تعمير المملكة الهيكلية .

ثمّ الروح العقلي الإنساني إذا تأيّد بربّه وتجلَّى له الحق - بعد التحقّق بالحق المستوي على أحدية جمع شعب قلبه واستعمال أعضائه الثمانية بحكم الإيمان وشعبها النورانية ، طلبا للأجر والثواب القلبي الأحدي الجمعي ،
وسيّره بأهله مع ما أصحبه من فضله من مدين القلب إلى شاطئ الوادي الأيمن الروحي الإلهي والتجلَّي النوري الأحدي الجمعي في صورة التفرقة النارية بأنّه هو الواحد الأحد في كثرة لا تتناهى من العدد - أعطاه الله صورة الاستقامة على شهوده في صورة العصا الذي عصى به أوّلا فرعون الهوى ،
واتّبع سبيل الهدى بصورة الإيمان والاستقامة والتأييد الذي كان يتوكَّا عليها - أي يعتمد بالإيقان الذي كان يعتقد - ويهشّ بها على غنمه من القوى الإلهية التي بها  أيّده الله وهو عين ما عصى فرعون موسى آخرا حين دعاه إلى الاستقامة على عبادة الله والإقلاع عن الربوبية العرضية ، وهو دعوة الروح الإنساني العقلي للهوى النفسي إلى أن يكون تبعا للعقل المؤيّد من عند الله في عبادة الله ، فيكون هواه في الله وبالله ولله .

لا تقع الإجابة إلَّا عند غرق الهوى في بحار الكشف وأمواج التجلَّي ، فيظهر له سلطان أحدية العين بعين بطلان الربوبية العرضية الموجبة للفرق والبين ، كما آمن فرعون عند الغرق بربّ العالمين ، ربّ موسى وهارون ، فيقول لهوى الربوبية العرضية لسان أحدية العين عند شهود عين اليقين :  " آلآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ من الْمُفْسِدِينَ " أي الآن رجعت إلى الحق وأسلمت حين أشرفت على الهلاك وأسلمت ، فاليوم لا بدّ أن تغرق ببحر الربوبية العامّة الكلَّية ،
فيقول لسان حال الربوبية العرضية القائمة بصورة الهوى الطبيعي الذي فرعون مصر صورته وتمثاله - : أجل ، قضيت أجلي الذي أجّلت وأمهلت وما عجّلت ،
فلمّا انقضى الأجل وانتهى الأمل وانقطع العمل ، فإليك المصير ، وكان فيك وبك ولك وإليك المسير فاستغرقني ببحار رحمتك ، فقد آمنت وأسلمت ،
ونجّني من صور الحجاب التعيّني ، وآمنّي ، فقد استجرت واستسلمت فيقول بلسان الربوبية المستغرقة لربوبيات الأرباب ربّ العالمين :  " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً "
فإذا غرّقت أنانيّتك في بحر إنّيتي ، فقد بلغت الغاية وانتهيت إلى النهاية ،
وقبل هذا عند اجتماع الروح العقلي مع فرعون الهوى ، لا بدّ أن يظهر الهوى بصورة الربوبية العرضية الأولى ويقهر من دونه وقبله من قبيله بدعوى  " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " ويكون حينئذ معه خطاب موسى الروح العقلي الإلهي ودعوته إلى الربوبية المطلقة المستغرقة لربوبية الأرباب التي تحت حيطة الاسم « الظاهر » الإلهي ، فيقول للهوى : إنّي إليك رسول ربّ العالمين ، فيدعوه إلى ربّ الأرباب ، والربوبية المحيطة المستغرقة لربوبيته العرضية في جملة العالمين ، فيقول فرعون الهوى :" وَما رَبُّ الْعالَمِينَ "؟
لا على طريقة السؤال الآبق "اللائق" عن تلك الحقيقة المطلقة اختيارا منه لغرض عرض له واختبارا لا جهلا واستحقارا ، بل اعتبارا واستبصارا ،
إذ السؤال عن الماهية إنّما يتأتّى ويجوز فيما يكون له ماهية متميّزة عن غيرها ، فيكون تحت جنس أو فصل ،
والحقيقة المطلقة الربوبية في العالمين تتعالى عن مثل هذا السؤال ، وتجلّ عن الضدّ والندّ والمثال ، فيقول الروح العقلي للهوى في جوابه :" رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " .
 مبيّنا تفصيل مظاهر حقيقة الربوبية المطلقة الكلَّية العامّة في العالمين ،
فيوهم فرعون الهوى آله من قوى الطبيعة والحيوانية أنّه لم يجب بما يطابق سؤاله ، إذ لم يجب بما يبيّن الماهية الإلهية الربانية ، بل بيّن المضاف إليه كما ذكرنا .
فيقول الهوى :" إِنَّ رَسُولَكُمُ " أي الروح العقلي الإلهي المرسل بالتجلَّي " الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ "  أي مستور عنه ربوبيّتي الظاهرة في الوقت ، فيدعو إلى غيري ولا إلى عيني .

فزاد موسى الروح العقلي الكشفي إرداعا له وإفحاما لا إحجابا وإبهاما  " رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ " أي ربّ ما ظهر وما بطن ، فإنّك ما تدعو إلَّا إلى ما تدّعي من الربوبية الظاهرة الجزئيّة العرضيّة في المملكة الهيكلية ، وأنا أدعوك إلى حقيقة الربوبية الحقيقيّة القائمة بما ظهر وما بطن " إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي تقيّدون الظاهر بحدوده الظاهرة أو تقيّدون الباطن بحدوده  الباطنة ، وأنّ ما أدعو إليه أتمّ وأكمل وأعمّ وأشمل فانظر ما ذا ترى ، فإنّه ربّ ما فوق السماوات العلى وما تحت الثرى .
فيقول له فرعون الهوى ما يقول وما يؤول أمره إلى ما يؤول .

وأما هارون فصورة الروح من حيث القوى الناطقة التي هي بمثابة الأخ للقوّة العاقلة وهي أكبر سنّا من القوّة العاقلة الإلهية الكشفية ، لأنّ النطق العرفي بحكم العادة  والعقل المعيشي يكون قبل النطق بموجب الحكمة الإلهيّة والعقل المؤيّد بنور الكشف والتجلَّي ، والقوّة العاقلة في النبوّة وإدراك الحقائق أكبر من القوّة الناطقة بالأصالة ، فإنّ النطق لا يكون إلَّا بالعقل ، ولكنّها أفصح منها لسانا ، لأنّها المترجمة عن القوّة العاقلة .

وأمّا هامان فنظير القوّة الشهوية للروح الطبيعي ، لها الوزارة عن الروح الحيواني الذي له الاستيلاء والغلبة ، فإنّ الغلب للغضب والروح الطبيعي بناء هذه البنية الهيكلية ، كما أشار إليه بقوله - تعالى - حكاية عن فرعون :" يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً "  أي أنشئ لي مزاجا خاصّا وهميا عاليا يعطي الاطَّلاع على ما يخبر عنه وينبئ الروح العقلي .

ثم لمّا تبيّنت لقوى النفسانية المنصبغة بحكم الهوى والشهوة والغضب ، المظهرة للباطل والكمالات الوهمية في صورة الحق التي صوّرها السحرة  أنّ الروح العقلي الإلهي قد تأيّد وأنّه هو الحق الظاهر بالحق الباطن فآمنوا وأقلعوا عن عادة الهوى ، واتّبعوا الهدى واجتنبوا في اتّباع القوى الحيوانية والطبيعية الردى ، فاستسلموا لأمر الله ، وانقادوا لحكمه ، فقطعت أيدي تصرّفاتهم وأرجل مساعيهم إلى طلباتهم التي كانت مطلقة بأمر فرعون الهوى ، فكان الله إذ ذاك عن أيديهم وأرجلهم وألسنتهم ، فنطقوا بالحقّ : إنّا آمنّا بربّنا ربّ الروح الإلهي المؤيّد بالتجلَّي ، ليغفر لنا خطايانا التي تخطَّينا إليها في طاعة الهوى وما أكرهتنا عليه من السحر ، وهو ستر الحق في صورة الباطل ، والظهور بالباطل في صورة الحق ، والله خير وأبقى ، فافهم .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )

قال رضي الله عنه :  ( فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم ، وإن الذي رأوه ليس من مقدور البشر ، وإن كان من مقدور البشر فلا يكون إلا ممن له تمييز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام - فآمنوا   " بِرَبِّ الْعالَمِينَ رَبِّ مُوسى وهارُونَ " أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون ) .

أي لعلم السحرة أن قوم فرعون يعلمون أن موسى ما دعا إلى فرعون بينوا ذلك ، لأن فرعون كان يدعى أنه رب العالمين .
"" إضافة بالي زاده :
فهم لا يقبلون حكم العقل ولا الكشف فهم ليسوا من الموقنين والعاقلين بل هم بهائم في صورة الأناسى . اهـ  بالى زاده ""

قال رضي الله عنه :  ( ولما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت ، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال : " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى "   )
الرب اسم إضافى يقتضي مربوبا ، وهو يجيء في اللغة بمعنى المالك يقال : رب الدار ورب الثوب ورب الغنم ، وبمعنى السيد ،
يقال :  رب المدينة و رب القوم و رب العبيد ،
وبمعنى المربي يقال : رب الصبى ورب الطفل ورب المتعلم ، ولا يطلق بدون الإضافة إلا على رب العالمين فالرب المطلق بلام التعريف هو الله وحده فله الربوبية على الحقيقة بالمعاني الثلاثة ولغيره عرضية لأنه مجلى ومظهر لها فهي صفة لعين واحدة ظاهرة بصور كثيرة ، فكل من ظهر له ربوبية عرضية بحسب ما أعطاه من التصرف والتحكم في ملكه وعبيده ومرباه ، وتختلف المظاهر في تجلى صفة الربوبية وتتفاضل ، فمن كان أكثر تصرفا وتحكما بالنسبة إلى غيره كانت ربوبيته أعلى ، ولما كان فرعون صاحب السلطنة في وقته متحكما في قومه بحسب إرادته ادعى أنه ربهم الأعلى ( أي وإن كان الكل أربابا ) بنسبة ما وإضافة لمن يربه .
"" إضافة بالي زاده :
في العرف الناموسي يتعلق بقوله الخليفة : أي يطلق الخلافة بالسيف على الأمير الظالم في الشرع لقوله عليه الصلاة والسلام « أطيعوا أمراءكم وإن جاروا » . اهـ  بالى زاده ""

قال رضي الله عنه :  ( فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم)
أي وإن كان الرب الأعلى مطلقا هو عين الحق فإنه تعالى بأحديته الذاتية والأسمائية ظاهر في كل صورة بقدر قابليتها فله أحدية جميع الربوبية الأسمائية في الكل بالحقيقة بجميع المعاني الثلاثة ، لكن الصورة القابلة لما قبلها من المعاني صورة فرعون .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )

قال رضي الله عنه :  ( فلما رأت السحرة ذلك ، علموا رتبة موسى في العلم ، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر ، وإن كان مقدورا لبشر ، فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام ، فآمنوا برب العالمين ، رب موسى وهارون . أي ، الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون ، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون . ) .

أي ، لأن السحرة علموا أن موسى ما يدعو الخلق إلى فرعون ، بل إلى الحق المطلق . ف‍
( اللام ) في قوله : ( لفرعون ) بمعنى ( إلى ) .

قال رضي الله عنه :  ( ولما كان فرعون في منصب التحكم صاحب الوقت وأنه الخليفة بالسيف) أي ، خليفة الدولة الظاهرية .
( وإن جار في العرف الناموسي ، لذلك قال : "أنا ربكم الأعلى" أي ، وإن كان الكل أربابا بنسبة ما ، فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم . ) .
( جار ) من ( الجور ) . وهو إشارة إلى ما قال رسول الله ،

صلى الله عليه وسلم : ( أطيعوا أميركم وإن جار ) أي، وإن ظلم  ولذلك قال : ( في العرف الناموسي). وقوله : ( في العرف ) متعلق بمحذوف. تقديره : كما ثبت في العرف الناموسي .

و ( قال ) جواب ( لما ) : أي ، لما كان في منصب التحكم وخليفة في الظاهر بالسيف ، قال : " أنا ربكم الأعلى " واعلم ، أن الرب المطلق ، بمعنى المالك والمصلح والسيد وغيرها من المعاني التي يطلق ( الرب ) عليها ، هو الله تعالى وحده ، لا اشتراك فيه لأحد . والرب المضاف يطلق على الحق تعالى ،
كقوله : (الحمد لله رب العالمين) ويطلق لغيره أيضا، كقولهم : رب الدار ورب الغلام و رب القوم . وهذا الإطلاق أيضا هو للحق ، لأنه هو الذي يرب عباده في صور مظاهره ومجاليه . فلكل من العباد نوع من الربوبية .

وأعلى أنواعه في صور التفاصيل للخليفة على العالم كله ، ثم للخليفة في الباطن وحده ، ثم للخليفة في الظاهر وحده .
لذلك قال : ( أنا ربكم الأعلى ) فأضاف إليهم وجعل لنفسه ما هو أعلى منهم ، لتحكمه عليهم بالسيف ، وإن كان لكل منهم نصيبا من الربوبية .
وقد مر في المقدمات تنبيه في هذا المعنى ، فليطلب هناك تحقيقه.

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )

قال رضي الله عنه :  ( فلمّا رأت السّحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم ، وأنّ الّذي رأوه ليس من مقدور البشر وإن كان من مقدور البشر فلا يكون إلّا ممّن له تميز في العلم المحقّق عن التّخيّل والإيهام ، فآمنوا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون ،  أي : الرّبّ الّذي يدعو إليه موسى وهارون ، لعلمهم بأنّ القوم يعلمون أنّه ما دعا لفرعون ، ولمّا كان فرعون في منصب التّحكّم صاحب الوقت ، وأنّه الخليفة بالسّيف ، وإن جار في العرف النّاموسي لذلك قال :أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى [ النازعات : 24 ] ، أي : وإن كان الكلّ أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظّاهر من التّحكّم فيكم ).

قال رضي الله عنه :  ( فلما رأت السحرة ذلك ) أي : نقصهم في كمالهم ، وكمال موسى في نقصه ، إذ رأوا علو شأن حجج موسى في قلتها أفرادا وأنواعا ، ولا يعلو شأن الحجج إلا من علو شأن المحتج بها في العلم الذي أتى به منه ( علموا رتبة موسى في العلم ) ، وأنه انتهي من اتصاله بربه بحيث لا يصل إليه طوق الساحر ، ومن هنا علموا ( أن الذي رأوه ) من التقام عصاه عصيهم وحبالهم ( ليس من مقدور البشر ، وإن كان من مقدور البشر ) ، كما تقول
الفلاسفة :
" إن المعجزات آثار النفوس القدسية " ؛ ( فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام ) ، فإن غاية علم الساحر إن يعلم كيفية إخفائها حتى يتخيل الرأي ويتوهم أنها فنيت لا حقيقة الإفناء ، وإنما يكون لمن تحقق بعلم إفاضة الصور تكوينا وإفسادا ، وذلك إنما يكون للمتوسط بين اللّه وبين خلقه وهو الرسول ، فعلموا حقيقة رسالته ، وقبلوا دعوته ( فآمنوا برب العالمين ) .
ولما كان يتوهم أن المراد به فرعون ، أزالوه بقولهم :( رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) [ الشعراء : 48 ] ليس المراد الاسم الخاص بتربيتهما ؛ فلذا فسره بقوله : ( أي : الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون ) ، وحينئذ يرتفع عندهم اللبس عن القوم بأنه ليس المراد به فرعون ، وإن جوز متوهم أن يقصدوا ذلك بناء على أنهم ربما ظنوا أن دعوة موسى إنما كانت لإلهية فرعون ؛

قال رضي الله عنه :  ( لعلمهم ) أي : السحرة ( بأن القوم يعلمون أنه ) ، أي : موسى وكذا هارون ( ما دعا لفرعون ) أي : بالإفراد بربوبيته للعالمين ، وإن كان له التحكم التام والسيف العام كما قال ، ( ولما كان فرعون في منصب التحكم ) جواب الشروط قوله :فَقالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى[ النازعات : 24 ] ؛ وذلك لظنه أن الربوبية بهذا التحكم ، فإن صحّ فإنما يكون لمن كان تحكمه من الأزل إلى الأبد بالاستقلال ظاهرا وباطنا بلا احتياج إلى السيف ، وهو في هذا التحكم إنما كان ( صاحب الوقت ) الحاضر لا قبل ما وفي ولا بعد الموت ،

قال رضي الله عنه :  ( وإنه الخليفة ) ، بلا استقلال مع أن تحكمه إنما يكون ( بالسيف ) لا بأمر " كن "، فغايته أنه خليفة عن اللّه ، وإن جاز لجوازان يجوز الخليفة ، وإن كان المستخلف عدلا مع أنه إنما ( جار في العرف الناموسي ) ، أي : ظاهر الشرع ، وفي الباطن أفاد المظلوم بحسناته أو احتمال سيئاته ؛ ( لذلك ) أي : لظنه الربوبية بالتحكم كيف ما كان ، ( قال :أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى) [ النازعات : 24 ] ، فجعل بعض الأرباب أعلى لعلوه في هذا التحكم ، وبعضهم أدنى لدنوه فيه ؛

ولذلك فسر كلامه بقوله : ( أي : وإن كان الكل أربابا ) ؛ لأن كل منهم وجها من التحكم ( بنسبة ما ) ، وأقله تحكم نفوسهم في تدبير أبدانها ، ( فأنا الأعلى منهم ) ؛ لعلو تحكمي وإن لم يكن من مقتضى ذاتي ، بل ( بما أعطيته في الظاهر ) ، وإن كان تصرف نفوسهم المتحكمة في الباطن ، بل أقدر على إزالة ذلك بالقتل .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )  

فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى ) وعلوّ قدره ( في العلم ، وأنّ الذي رأوه ليس من مقدور البشر ) من حيث أنّه بشر ، ( وإن كان من مقدور البشر ) مطلقا ( فلا يكون إلَّا ممن له تميّز في العلم المحقّق عن التخيّل والإيهام ) اللذين بهما تنجذب القلوب من عوام الناس ، ( فآمنوا " بِرَبِّ الْعالَمِينَ " ) ،

وهذا القول عند القوم فيه إجمال ، لادّعاء فرعون أنّه ذلك ، فينبّه بقوله : ( " رَبِّ مُوسى وَهارُونَ" أي الرب الذي يدعوا إليه موسى وهارون )  .
إفصاحا بالمقصود ، وإزالة للإجمال بحسب أفهام القوم ( لعلمهم بأنّ القوم يعلمون أنّه ما دعا لفرعون ، ولما كان فرعون في منصب التحكَّم ) على مسند الخلافة والظهور بها في ذلك.
( صاحب الوقت ، وأنّه الخليفة بالسيف ) الذي عليه مبنى أمر الظهور ، وبحكمه يتمّ القطع والفصل عند تأمير الوقت أحدا من أبنائه ، فهو آية سلطانه على غيره وقهرمانه على الكلّ
، فصاحب السيف هو صاحب الوقت ، كما قيل " الوقت سيف " .

قال رضي الله عنه  : ( وإن جار في العرف الناموسي ) ومقتضى شريعته ، كما ورد من الخاتم صلَّى الله عليه وسلَّم : « أطيعوا أميركم ولو جار » . ""لا طاعة في معصية، إنما الطاعة في المعروف""
 ""أضاف الجامع :
حديث مسلم : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث جيشا، وأمر عليهم رجلا، فأوقد نارا، وقال: ادخلوها، فأراد ناس أن يدخلوها، وقال الآخرون: إنا قد فررنا منها، فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال للذين أرادوا أن يدخلوها: «لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة»، وقال للآخرين قولا حسنا، وقال: «لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف» ) رواه البخاري و مسلم و أحمد بالمسند و ابن حبان و النسائي ومسند البزار و البيهقي والشريعة للآجري وغيرهم. ""

فرعون والسحرة
قال رضي الله عنه  : ( ولذلك ) السلطنة وكونه صاحب الوقت ( قال : " أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " أي وإن كان الكلّ أربابا بنسبة ما ) وإضافة إلى ما يتعلَّق به تعلَّق

تصرّف وتربية - كما يقال : « ربّ العبد ، وربّ البيت » - ( فأنا الأعلى بما أعطيته في الظاهر من التحكَّم فيكم ) بالسيف ، والإحاطة عليكم بالغلبة .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم، وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر: وإن كان من مقدورا لبشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام.
فآمنوا برب العالمين رب موسى وهارون: أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون، لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ما دعا لفرعون.
ولما كفي منصب التحكم صاحب الوقت، وأنه الخليفة بالسيف وإن جار في العرف الناموسي لذلك قال «أنا ربكم الأعلى»: أي وإن كان الكل أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم.  .  )

قال رضي الله عنه : ( فلمّا رأت السّحرة ذلك علموا رتبة موسى في العلم ، وأنّ الّذي رأوه ليس من مقدور البشر وإن كان من مقدور البشر فلا يكون إلّا ممّن له تميز في العلم المحقّق عن التّخيّل والإيهام ، فآمنوا بربّ العالمين ربّ موسى وهارون : أي الرّبّ الّذي يدعو إليه موسى وهارون ، لعلمهم بأنّ القوم يعلمون أنّه ما دعا لفرعون . ولمّا كان فرعون في منصب التّحكّم صاحب الوقت ، وأنّه الخليفة بالسّيف وإن جار في العرف النّاموسي لذلك قال :أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى أي وإن كان الكلّ أربابا بنسبة ما فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظّاهر من التّحكّم فيكم . )

قال رضي الله عنه : ( فلما رأت السحرة ذلك علموا رتبة موسى ) وعلو قدره ( في العلم وأن الذي رأوه ليس من مقدور البشر وإن كان من مقدور البشر فلا يكون إلا ممن له تميز في العلم المحقق عن التخيل والإيهام فآمنوا برب العالمين ) .
وهذا القول عند القوم كان مجملا لا دعاء فرعون أنه ذلك فبينوه بقولهم (رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) 122 ) [ الأعراف : 122 ] ، أي الرب الذي يدعو إليه موسى وهارون لعلمهم بأن القوم يعلمون أنه ) ،
أي موسى مع أخيه هارون : ( ما دعا لفرعون ) ، أي إلى فرعون فلا إجمال فيه ( ولما كان فرعون في منصب التّحكم صاحب الوقت وأنه ) ، أي صاحب الوقت هو ( الخليفة بالسيف ) ، أي خليفة الدولة الظاهرة ( وإن جاز في العرف الناموسي ) ، أي وإن كان جائزا بموجب الحكم الشرعي
( لذلك ) ، أي لكونه خليفة بالسيف ( قال :أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى، أي وإن كان الكل أربابا بنسبة مّا فأنا الأعلى منهم بما أعطيته في الظاهر من التحكم فيكم . )
.
واتساب

No comments:

Post a Comment