Monday, March 16, 2020

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الحادية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الحادية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الحادية والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )

قال رضي الله عنه :  ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه. وقوله : فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً يريد الخلافة ؛وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ[ الشعراء : 21]. يريد الرّسالة : فما كلّ رسول خليفة . فالخليفة صاحب السّيف والعزل والولاية . والرّسول ليس كذلك : إنّما عليه بلاغ ما أرسل به . فإن قاتل عليه وحماه بالسّيف فذلك الخليفة الرّسول . فكما أنّه ما كلّ نبيّ رسولا ، كذلك ما كلّ رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التّحكّم فيه . وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهيّة الإلهيّة فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار حتّى يرى جوابه مع دعواه الرّسالة عن ربّه - وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم - فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه . )

قال رضي الله عنه :  (فقد نبهتك) يا أيها السالك (على أدب عظيم) من الأعلى في حق الأدنى إذا كان للأدنى في وصف أعلميته في شيء على الأعلى على أن لا يضيعها له (تنتفع به) ، أي بذلك الأدب إن (استعملت نفسك فيه) ، أي في ذلك الأدب الذي هو من أدب الأنبياء والمرسلين عليهم السلام .

قال رضي الله عنه :  (وقوله) ، أي موسى عليه السلام بعد ذكره فراره من القتل ("فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً [ الشّعراء : 21 ] يريد الخلافة") الإلهية في الأرض
("وَجَعَلَنِي")، أي ربي ("مِنَ الْمُرْسَلِينَ") إلى فرعون وبني إسرائيل (يريد الرسالة) النبوية (فما كل رسول) من اللّه تعالى (خليفة) في الأرض عن اللّه تعالى (فالخليفة) عن اللّه تعالى (صاحب السيف) ، أي الحكم القاهر وصاحب (العزل) لمن يشاء في المناصب الدينية والدنيوية (و) صاحب (الولاية) كذلك لمن يشاء على رفق الحكمة الإلهية ، فهو صاحب حكم وحكمة في الظاهر والباطن .

قال رضي الله عنه :  (والرسول) من اللّه تعالى (ليس كذلك إنما عليه السلام ) ، أي الرسول (البلاغ) فقط (لما أرسل به) من الأحكام إلى من أرسل إليه (فإن قاتل) ، أي الرسول (عليه) ، أي على ما أرسل به (وحماه) ، أي حفظ ما أرسل به من أحكام اللّه تعالى (بالسيف فذلك) المذكور هو (الخليفة الرسول) ، أي الجامع بين الوصفين (فكما أنّه) ، أي الشأن (ما كل نبي رسولا) إذ بعض الأنبياء رسل ، والبعض أنبياء من غير رسالة فبينهما عموم مطلق (كذلك ما كل رسول خليفة) ، أي (أعطاه اللّه تعالى الملك) ، أي الحكم والسلطنة (والتحكم فيه )، أي في الملك .

ولهذا قال بعض الأنبياء :"رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ" [ الشعراء : 83 ] ، فطلب الخلافة الإلهية ، فقد يكون رسولا وليس بخليفة ، كما أنه قد يكون خليفة وليس بنبي ولا رسول ، كالأولياء المستخلفين في الأرض والملوك ، فبينهما عموم من وجه .

قال رضي الله عنه :  (وأما حكمة سؤال فرعون) لموسى عليه السلام (عن الماهية الإلهية) بقوله :  وما رب العالمين (فلم يكن) ، أي ذلك السؤال له (عن جهل) منه برب العالمين ؛ ولهذا ورد أنه لما انقطع النيل في مصر دعا فرعون اللّه تعالى وتضرع إليه أن لا يفضحه بين قومه ، فأجرى اللّه تعالى له النيل ، ولولا معرفته به ما دعاه ، وإن قال :ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي[ القصص : 38 ] فإنه كاذب في ذلك .

قال رضي الله عنه :  (وإنما كان) ذلك السؤال منه (عن اختبار) ، أي امتحان لموسى عليه السلام (حتى يرى جوابه) ، أي موسى عليه السلام عن ذلك مع دعواه ، أي موسى عليه السلام الرسالة إلى قومه عن ربه تعالى .

قال رضي الله عنه :  (وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم) باللّه تعالى (فيستدل) ، أي فرعون (بجوابه) ، أي جواب موسى عليه السلام (على صدق دعواه) ، أي موسى عليه السلام رسالة اللّه تعالى .

 قال رضي الله عنه :  ( وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتّى يعرّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله . فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر ، أظهر فرعون - إبقاء لمنصبه - أنّ موسى ما أجابه على سؤاله . فيتبيّن عند الحاضرين - لقصور فهمهم - أنّ فرعون أعلم من موسى . ولهذا لمّا قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظّاهر غير جواب ما سئل عنه . )

قال رضي الله عنه :  (وسأل) فرعون (سؤال إيهام) للغير خلاف الحق ليتم له باطله الذي يدعيه (من أجل الحاضرين) من قومه المؤمنين به (حتى يعرفهم) ، أي فرعون (من حيث لا يشعرون) أنه يعرفهم (بما شعر هو) ، أي فرعون به (في نفسه في سؤاله) ذلك والذي شعر به في نفسه هو عجز موسى عليه السلام عن جواب سؤاله عن الماهية .

قال رضي الله عنه :  (فإذا أجابه) ، أي موسى عليه السلام (جواب العلماء بالأمر) الإلهي على ما هو عليه (أظهر فرعون) للحاضرين من قومه (إبقاء لمنصبه) وهو ألوهيته بينهم (أن موسى) عليه السلام (ما أجابه عن سؤاله) ذلك (فيتبين عند الحاضرين) من قوم فرعون( لقصور فهمهم) من كثرة جهلهم باللّه تعالى (أن فرعون أعلم) بالأمور (من موسى) عليه السلام

قال رضي الله عنه :  (ولهذا لما قال) ، أي موسى عليه السلام (له) ، أي لفرعون (في الجواب) عن سؤاله (ما ينبغي) ، أي يليق أن يكون هذا الجواب (وهو) ، أي جواب موسى عليه السلام (في الظاهر) ، أي بحسب ما تقتضيه كلمة ما الاستفهامية من معنى السؤال عن الماهية (غير جواب ما سئل) ، أي موسى عليه السلام (عنه) فإنه لا جواب لذلك السؤال أصلا ، إذ ماهية الحق تعالى يستحيل أن تكون من شيء من الحوادث ، أو تكون معرفة من حيث هي ماهية لأحد من الخلق ، وإنما عرف تعالى وتميز عن خلقه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )

قال رضي الله عنه :  ( فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه وقوله "فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً " يريد الخلافة "وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ" يريد الرسالة فما كل رسول خليفة فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية والرسول ليس كذلك إنما عليه البلاغ لما أرسل به فإن قاتل عليه وحماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول فكما أن ما كل نبي رسولا كذلك ما ) كان .

قال رضي الله عنه :  ( كل رسول خليفة أي ما أعطى الملك ولا التحكم فيه ) أي في الملك ( وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن ) ذلك السؤال من فرعون ( عن جهل ) فإنه يعلم أن الماهية الإلهية لإيجاب عنها ( وإنما كان ) هذا السؤال منه ( عن اختبار حتى يرى ) فرعون ( جوابه ) أي جواب موسى ( مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم باللّه فيستدل ) فرعون ( بجوابه على صدق دعواه وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتى يعرّفهم )  من التعريف.

قال رضي الله عنه :  ( من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه ) ومفعول أظهر قوله ( أن موسى عليه السلام ) أي أظهر فرعون أن موسى ( ما أجابه على سؤاله فتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى عليه السلام ولهذا ) أي ولأجل كون سؤال فرعون عن الماهية الإلهية ليتبين عند الحاضرين أن فرعون أعلم من موسى .

قال رضي الله عنه :  ( لما قال ) موسى ( له ) أي لفرعون ( في الجواب ) يتعلق بقوله ( ما ينبغي وهو ) أي والحال أن هذا الجواب ( في الظاهر ) يتعلق بقوله ( غير جواب على ما سئل عنه ) .
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )

قال رضي الله عنه : (على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.  وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة. فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول. فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه. وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه  وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى. ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )

كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ) .
اعلم : أنّ الخضر صلوات الله عليه صورة الاسم « الله » الباطن ، وله علوم الولاية والقرب والغيب ، وأسرار القدر ، وعلوم الهوية والإنيّة ، والعلوم اللدنّية والأسرار ، ولهذا محتد ذوقه الوهب والإيتاء ،
وأمّا موسى عليه السّلام فصورة الاسم « الظاهر » ، وله الرسالة والنبوّة وعلوم التشريع من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر والحكم بالظاهر ، ولذلك معجزاته في كمال الظهور والوضوح ، فلمّا أراد الله تكميل موسى بالجمع بين التجليات الظاهرة والباطنة وعلوم النبوّة وما في استعداده من علوم الولاية ،
لأنّ الظاهر - من كونه ظاهرا - يفترق من الباطن من كونه باطنا ولا بدّ ، ولنا بحمد الله من المقام الخضري والمقام الموسوي من الوارث المحمدي حظَّ وافر ، والحمد لله الأوّل والآخر الباطن الظاهر .

قوله رضي الله عنه  : ( فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً " يريد به الخلافة   " وَجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ " يريد به الرسالة ، فما كل رسول خليفة ، والخليفة صاحب السيف والعزل والولاية ، والرسول ليس كذلك ، إنّما عليه بلاغ ما أرسل به ، فإنّ قاتل عليه وجاء بالسيف فذلك الخليفة الرسول ، فكما أنّ ما كلّ نبيّ رسولا ، فكذلك ما كلّ رسول خليفة ، أي ما أعطي الملك ولا الحكم فيه .
وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار ، حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربّه ،  وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم ، فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه ، وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين ، حتى يعرّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر ، أظهر فرعون إبقاء لمنصبه : أنّ موسى ما أجابه على سؤاله ، فتبيّن عند الحاضرين - لقصور فهمهم - أنّ فرعون أعلم من موسى ، ولهذا لمّا قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب على ما سئل عنه)

يشير رضي الله عنه  إلى فساد ما تقرّر في نفوس الجمهور أنّ سؤال فرعون بقوله :
وَما رَبُّ الْعالَمِينَ غير صحيح ، لأنّه سؤال عن الماهية وهي على ما زعموا مركَّبة عن جنس وفصل فالسؤال غير صحيح وليس كما زعموا فإنّ الماهية مركَّبة عن جنس وفصل فيما من شأنه أن يدخل تحت الجنس والفصل ،
والموجود الذي لا يدخل تحت جنس وفصل لا يلزم أن لا يكون له حقيقة غير داخلة تحت الجنس ، والفصل ، ويسأل عن ماهيته وحقيقته ،
فإنّ السؤال عن الماهية هو السؤال عن الحقيقة ، ولا شكّ أنّ ربّ العالمين له حقيقة في نفسه ، وإلَّا لزم أن لا يكون له حقيقة وهو باطل بالضرورة ، فله حقيقة في نفسه ، ولكن لا تعلم ولا تعرف ، فلا يعرّف ، ونفس عدم دخوله تحت  الجنس والفصل يميّزه ويخصّصه ، فإنّ عدم العلامة علامة من لا علامة له ، ولا بدّ أنّ يكون لله حقيقة ، فالسؤال صحيح عن الحقيقة ، ولا يلزم أن يكون داخلا تحت جنس وفصل .

ويجاب عن ذلك أيضا بما يشترك فيه مع غيره من اللوازم الكلية العامة ، وبما يختصّه وينفرد به ، فكان سؤال فرعون صحيحا ، وجواب موسى أيضا صحيحا ، فإنّ سؤاله كان عن حقيقة ربّ العالمين .
ولكنّ الجواب عن هذا لا يكون إلَّا ببيان المضاف إليه ، فإنّ الربوبية معلومة لهم ، والربّ من الأسماء المضافة ولا يرد إلَّا مضافا ، وكان فرعون يقول :" أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلى " فكان يضيف إليهم ربوبيته العرضية ،
فلزم أن يعرف المضاف إليه في الجواب ، فيتحقّق امتياز ربوبية هذا الربّ عن ربوبية غيره ممّا توهّموا فيه الربوبية ، فقال في الجواب :" رَبُّ السَّماواتِ وَالأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا "
 يعني : هذا الربّ ربوبيته محيطة كلَّية عامّة في كل ما هو موجود في السماوات العلويات والأرضين السفليات ،
ولمّا كان المتداول عندهم في التعريفات بيان الجنس والفصل ، ولم يقع الجواب على ذلك النهج ، أو هم فرعون الحاضرين بموجب ما كان مستقرّا في نفوسهم أنّ جواب موسى غير مطابق لسؤال فرعون .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )
 
قال رضي الله عنه :  ( فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه )
فكان موسى قد ظهر بين قومه بدعوى أنه أعلم أهل الأرض وذلك في ملأ من بني إسرائيل ،
فأوحى الله إليه : بل عبد لنا بمجمع البحرين :
أي بين بحرى الوجوب والإمكان ، أو بحرى الظاهر والباطن ، أو بحرى النبوة والولاية ، فاستحى موسى من دعواه فسأل الله أن يقدر الصحبة بينهما ، واستأذن في طلب الاجتماع حتى يعلمه مما علمه الله ، فلو آثر صحبة الله وأخذ علم الولاية منه لإغناء الله عن اتباع الخضر ، فلما وقع الاجتماع ظهر النزاع لما بين الظهور من حيث الظهور ، والبطون من حيث البطون من المغايرة والمباينة ، فلذلك وقع بينهما الفراق بعد حصول ما قدر الله إيصاله إليه بصحبة الخضر من العلم، ولا بد للمحمدي من الجمع بين الظاهر والباطن اتباعا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم.
قال رضي الله عنه :  ( وقوله : " فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً " يريد الخلافة :" وجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ " يريد الرسالة فما كل رسول خليفة فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية ، والرسول ليس كذلك إنما عليه البلاغ لما أرسل به ، فإن قاتل عليه وحماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول ).

 فكما أنه ما كل نبي رسول كذلك ما كل رسول خليفة : أي ما أعطى الملك ولا التحكم فيه .

قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية بقوله : " وما رَبُّ الْعالَمِينَ "  فلم يكن عن جهل وإنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه ، وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم باللَّه فيستدل بجوابه على صدق دعواه ، وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين ).
 حيث أوهمهم في سؤاله أن لله ماهية غير الوجود يجب أن يعرفها من يدعى النبوة بحدها فسأل بما الطالبة لمعرفة ماهية الشيء .

قال رضي الله عنه :  ( حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله ) وهو أنه علم أن السائل بما يطلب حقيقة الشيء ، ولا بد لكل شيء أن يكون له حقيقة ، ولا يلزم أن يكون له ماهية مركبة يمكن تعرفها بالحد فأورد السؤال ذا وجهين ليتمكن من تخطئته ( فأجابه جواب العلماء بالأمر ) أي بحقيقة الأمر

في المعرفة الإلهية حيث قال :   " رَبُّ السَّماواتِ والأَرْضِ وما بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " إيماء إلى حقيقة بسيطة لا يمكن تعريفها إلا بالنسب والإضافات ، وأكمل الرسوم له وأتمها نسبته بالربوبية إلى العالم كله إن كنتم من أهل الإيقان فموقنون حقيقة من حيث لا يعرفها إلا هو ، ومن حيث تعاريفها الخارجية أي بالنسب الذاتية لا يكون أتم من هذا ،

فإذا أصاب في الجواب ( أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجاب على سؤاله ) حيث قال لمن حوله : " أَلا تَسْتَمِعُونَ " يعنى أنه ما أجاب بالحد الذي هو حق السؤال بما ( فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى ، ولهذا لما قال له في الجواب - ما ينبغي - وهو في الظاهر غير جواب على ما سئل عنه ).

فإن ذلك حق الجواب وعين الصواب ، وقد عرفه قبل السؤال وعلمه أنه لا يقول إلا حقا فلذلك جعل السؤال محتمل الوجهين
"" إضافة بالي زاده :
فأمرهما الله تعالى باللين في القول ، وعلق الرجاء بإجابته عند الذكرى لما كان فيه من الحجاب بالعزة الإلهية التي اقتضت له المرتبة التي كان فيها وهي الملكإذ " الملك لِلَّه الْواحِدِ الْقَهَّارِ "   ، فإذا تذكر ذلك رجع إليه ولو بعد حين ، وكذا كان نفعته الذكرى فتذكر عند الغرق وخشي الفوت فاستعجل بما قيده بإيمان بني إسرائيل فانتقل من نسب القبط إلى نسب الإسرائيليين في الإيمان ليدفع الإشكال والاحتمال ، ولذلك قال الله له  "آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ "  فكلمه فصح له من موسى وراثة الكلام إذ كان الله قد كلم موسى تكليما حين قربه نجيا ،
فقال الله لفرعون ولم يذكر الواسطة " آلآنَ وقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ " فما ذكر أنه عاصى في الحال " وكُنْتَ من الْمُفْسِدِينَ "  فيما مضى وقال له " فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ " جمالية الشيخ الأكبر ، فكيف فرقت كلام فرعون يسأل عن جانب موسى فيقول فرعون في جوابه : موسى إنما فرقت : أي فلما فهم موسى ذلك الحكم والتسلط من فرعون أعطاه حقه في كونه يقول له : أي حال كون موسى قائلا لفرعون لا تقدر على ذلك التحكم يعنى أن قول موسى لفرعون لا تقدر على ذلك ، مجرد إعطاء لحق فرعون في مقابلة قوله لموسى : ومرتبتى الآن التحكم فيك يا موسى لا تكذيب له في قوله هذا . اهـ  بالى زاده ""

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )

قال رضي الله عنه :  ( فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.) وتأديت بين يدي عباد الله بعدم الظهور بالدعوى والأنانية .

قال رضي الله عنه :  ( وقوله : " فوهب لي ربى حكما " يريد الخلافة . " وجعلني من المرسلين" يريد الرسالة . فما كل رسول خليفة : فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية .
والرسول ليس كذلك ، إنما عليه البلاغ لما أرسل به . فإن قاتل عليه وحماه بالسيف ، فذلك الخليفة الرسول . فكما أنه ما كل نبي رسولا ، كذلك ما كل رسول خليفة . )
أي ( ما أعطى الملك ولا التحكم فيه . ) كل غنى عن الشرح .

قال رضي الله عنه :  ( وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية ) بقوله : ( ما رب العالمين ؟ )
( فلم يكن عن جهل ، وإنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه -
وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم ) بالله .

قال رضي الله عنه :  ( فيستدل بجوابه على صدق دعواه ، وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله )
من أنه لا بد أن يكون لكل شئ حقيقة يكون بها هو ، فأوهم الحاضرين بقوله : ( ما رب العالمين ؟ ) إن جوابه حينئذ هو الحد المشتمل على الجنس والفصل، لأن الحاضرين كانوا أرباب نظر وعقل ومعتادين أن يعلموا الأشياء بحدودها .

وهو كان عارفا يعلم أن حقيقة الحق لا يمكن أن تكون مركبة من الجنس والفصل ، لكنه تسلط عليه الشيطان فظهر بالأنانية .
( فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر ) أي ، فإذا أجابه موسى بما في نفس الأمر

قال رضي الله عنه :  ( أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله ، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى . ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي.) أن يجاب به .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهو في الظاهر غير جواب على ما سئل عنه ) أي ، حقيقة الحق لا يتصور أن تعلم لغيره أصلا .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )

قال رضي الله عنه :  ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ، وقوله :فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً يريد الخلافة ؛وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ [ الشعراء : 21 ] ، يريد الرّسالة ، فما كلّ رسول خليفة ؛ فالخليفة صاحب السّيف والعزل والولاية ، والرّسول ليس كذلك ، إنّما عليه بلاغ ما أرسل به ؛ فإن قاتل عليه وحماه بالسّيف فذلك الخليفة الرّسول ، فكما أنّه ما كلّ نبيّ رسولا ، كذلك ما كلّ رسول خليفة أي : ما أعطي الملك ولا التّحكّم فيه ).

"" أضاف المحقق :
لما أظهر موسى عليه السّلام مع فرعون ما كان عليه من أمر الرسالة والخلافة واقتضى الوقت أن يظهر فرعون أيضا ما كان عليه من الكمال كما أشار إليه رضي اللّه عنه . شرح الجامي ""

( فقد نبهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ) ، فلم تتكبر نفسك على رعاية الأدب مع من صغر عنك في رتبة إذا كبرت في أخرى .

ولما فرغ عن بيان فوزه بأدنى المراتب عند فراره عن مصر ووصوله إلى مدين ،
شرع في بيان فوزه بأعلى المراتب عند خروجه من مدين ، ورجوعه إلى مصر ، فقال : ( وقوله : فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً ) [ الشعراء : 21 ] : يريد الخلافة ) التي لا يخاف صاحبها على نفسه ، بل يخاف منه ، وليس المراد النبوة ، وإلا كان قوله :( وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ ) [ الشعراء : 21].
تكرارا ؛ لأنه ( يريد الرسالة ) ، وهي مستلزمة للنبوة ، وإن لم تستلزم الخلافة ، ( فما كل رسول خليفة ) ، كما أنه ليس كل خليفة رسولا أو نبيّا ،

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فالخليفة ) سواء كان نبيّا أو رسولا أو لا ، ( صاحب السيف ) العام ( والعزل والولاية ) ، أي : التولية ( والرسول ) من حيث هو رسول ( ليس كذلك ) ، بل ( إنما عليه البلاغ ) ، أي : التبليغ ( لما أرسل به ) من الأحكام الأصلية أو الفرعية ، ( فإن قاتل عليه ) ، أي : على إلزام ما أرسل به مع المخالفين ، ( وحماه بالسيف للموافقين ، فذلك الخليفة الرسول ) ذي المرتبة جامعة من كل وجه ، ومرتبة الرسالة إنما تجمع النبوة والولاية ، ومرتبة النبوة إنما تجمع الولاية ، ومرتبة الولاية لا تجمع شيئا من ذلك إلا الخلافة في بعض الأحيان ، ( فكما أنه ما كل نبي رسول ، كذلك ما كل رسول خليفة ) ، وإن كان صاحب الأحكام ؛

فلذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  ( أي : ما أعطى ) الحكم ، أي : حكم العزل والولاية ، أي : بتقييد الأحكام فيما أعطى فيه الحكم بالعزل والتولية .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهيّة الإلهيّة ؛ فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار حتّى يرى جوابه مع دعواه الرّسالة عن ربّه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه ، وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتّى يعرّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله ، فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر ، أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أنّ موسى ما أجابه على سؤاله ، فيتبيّن عند الحاضرين لقصور فهمهم أنّ فرعون أعلم من موسى ، ولهذا لمّا قال له في الجواب ما ينبغي ، وهو في الظّاهر غير جواب ما سئل عنه ).

ولما فرغ عن بيان حصول الرسالة له ، شرع في بيان قيامه من المقاومة مع المرسل إليهم ، وإظهار الآيات لهم ، فقال : ( وأما حكمة سؤال فرعون ) ، أي : الغرض المقصود له في السؤال ( عن الماهية الإلهية ) ، بقوله : وَما رَبُّ الْعالَمِينَ [ الشعراء : 23 ] سأل عن حده المشتمل على الجنسين والفصل ،

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فلم يكن عن جهل ) من فرعون ، وإن الأنبياء وأتباعهم ، والفلاسفة يمنعون تحديده لسماعه ذلك من القدماء ، ( إنما كان عن اختبار ) لموسى من يعطى مقالتهم ( حتى يرى جوابه ) هل يشتمل على الجنسين والفصل فيخطئ ، ويبقي السؤال فلم لا ؟
( مع دعواه الرسالة عن ربه ) الذي لا يرسل من لا يعرفه عند المؤمنين باللّه والرسل ؛ وذلك لأنه ( قد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم ) عند المؤمنين بهم ، فإنهم لا يؤمنون برسول ما لم يعلموا باللّه ، أي : أعلى مراتب العلم ، والمنع من التحديد من مبادئ علومهم .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( فيستدل بجوابه ) الواجب لا يشتمل على الجنس والفصل ، ووافق كلامهم الرسل ماضين ( على صدق دعواه ) عند من يصدق الرسل ،
وفيه وجه آخر هو   : أنه سأل فرعون ، أي : ( سؤال إيهام ) ، أي : سؤالا يوهم السامع أن له جوابا غير جواب موسى ، لو أجاب بما لا يشتمل على الجنس والفصل ، ولم ينف السؤال ( من أجل الحاضرين ) ؛ ليوهمهم قصور موسى في الجواب عن الماهية بما لا يشتمل على الجنس والفصل ،

ويبقي السؤال فإنه إنما سأل عن الماهية الإلهية ( حتى يعرفهم ) ، أي : ليذكر لهم تعريفا صحيحا في نفس الأمر ، وهم يتوقعون منه غيره ؛ لأن عندهم التعريف بالحد التام الذي يسأل به بما ، إنما يكون للمركبات والبسائط ، فليس لها هذا التعريف أصلا ،
وليس ذلك بل يكون تعريف البسائط بالفصل وحده حدّا تامّا إن علمت بكنه الخليفة ، وإلا لكان الجواب عنها بالخاصة ؛ فإنها تنزل حينئذ منزلة الذاتي ،

فإذا عرفهم موسى الحق بالخواص خص لهم تعريفه ( من حيث لا يشعرون ) أنه تعريفه ، وإن كان تعريفه عند فرعون لأمر حيث هو منكر الإلهية ما سواه ، أو قائل أنه ربهم الأعلى ، بل من حيث أنه تعريف ( بما يشعر هو في نفسه ) من جواب موسى ( في سؤاله ) ؛ لعلمه أن الأنبياء يجعلون ذلك تعريف الحق بالحد التام ، وإذا كان هذا تعريف لهم من حيث لا يشعرون ، وقد شعر به فرعون .

قال رضي الله عنه :  ( فإذا جاء به جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون ) في خلاف ما في نفسه ( إبقاء لمنصبه ) عند الحاضرين ، ( أن موسى ما أجابه ) على وفق ( سؤاله ) ، فإن جوابه إما بالجنس والفصل ، وأن يقال : إنه لا يتصور حتى يعرف ، ( فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم ) ، إذ لا يعرفون أن الخواص في حق البسائط التي لا يعرف كنهها ، تنزل منزلة الذاتيات ( أن فرعون أعلم من موسى ) في باب التعريفات ، والرسول لا بدّ وأن يكون أعلم من المرسل إليه ؛

 قال رضي الله عنه :  ( ولهذا ) أي : ولقصور فهم الحاضرين عن تنزيل الخواص منزلة الذاتيات في تعريف البسائط التي لا يمكن الاطلاع على كنه حقيقتها ( لما قال له في الجواب ) عن سؤال الماهية : ( ما ينبغي ) ، وإن كان بالخواص ( وهو في الظاهر غير جواب على ما سئل عنه ) ، فرد فيه سؤال عن الذاتيات .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )

 قال رضي الله عنه  : ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ) وهو أن لا يحجبك الكمال الذي أنت به عن الاستفادة وتمكين غيرك ممن هو دونك في الرتبة في مقام الفيض والإفادة .
ومما نبّه عليه من الأدب هو أنّه نسب هذا إلى الامّة أوّلا ثمّ بيّن أنّ من هو في مقام الإفادة والتعليم بالنسبة إلى الخاتم إنّما هو أصحابه لا غير وذلك في أمر جزئيّ لا دخل له في الكمال الإنسانيّ من حيث هو .

الخلافة والرسالة
قال رضي الله عنه  : ( وقوله " فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً " يريد الخلافة " وَجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ " يريد الرسالة).
 ولأنّ الخلافة التي له من الخصائص الإلهيّة  التي ليس للعبد من حيث أنّه عبد قوّة قبول واستعداد لها وعمل يوازيها ويورثها - نسبها إلى الوهب ، دون الرسالة ( فما كل رسول خليفة فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية ) بالظهور والغلبة ، ( والرسول ليس كذلك ، إنّما عليه البلاغ لما أرسل به ) على ما هو الظاهر من نصّ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ من الخضر ،
قال رضي الله عنه  : ( فإن قاتل عليه وحماه بالسيف ) وفرّق بين أهل نسبته بالعزل والولاية ( فذلك الخليفة الرسول فكما أنّه ما كلّ نبيّ رسولا ، كذلك ما كلّ رسول خليفة أي ما أعطي الملك والتحكَّم فيه ) .

الحكم في محاورة موسى وفرعون
ثمّ إنّ موسى لما انساق كلامه مع فرعون إلى أن يظهر ما عليه من الكمالين رسالة وخلافة في ذلك الوقت ، اقتضى الأمر أن يظهر فرعون ما عليه من الكمال ، فلذلك سأله عن الله بمطلب « ما » الحقيقة .

وهاهنا نكتة حكميّة لا بدّ من الوقوف عليها والتدبّر فيها ، وهي أنّ المادّة الجنسيّة التي هي مستقرّ سلطان الكثرة الكونيّة والتفرقة الشيطانيّة - على ما عرفت تحقيقه آنفا - لها من الكمال الإنساني - عند بلوغ أمرها إلى النوع العيني واستواء قامة تماميّتها في الشخص الخارجي - حظَّ خاصّ فيه ، هو منتهى مراقي ظهورها ،

وغاية صورة جمعيّتها وتماميّتها فإنّها إنّما ظهرت فيه بصورة الأثر ، وأثرها الظاهر هي به وصورتها البائنة من الشخص هي القوّة العقليّة النظريّة التي بها يستخرج جميع الحقائق من مكمن الخفاء الغيبي إلى مجلى الظهور العلمي تأمّل في هذه النكتة ثمّ تلطَّف ، فإنّه يستكشف به كثير من الدقائق :
منها ما وجد في بعض تصانيف صاحب المحبوب أنّ رئيس أهل النظر ابن سينا هو عكس صورة إبليس في عالمه الإنساني .

ومنها وجه ما جلس فرعون على ركبتي المناظرة عند مقابلته لموسى في إظهار كماله الخاصّ به ، كما أظهر له موسى فإنّه قد أظهر ذلك في صورة المباحثة ، وتكلَّم بلسان تلك القوّة ومصطلحات أهلها .

"" قال تعالى : قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ (18) وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ (19) قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (20) فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ (21) وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (22) قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ (23) قَالَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ (24) قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25) قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (26) قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28) قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ (30) قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (31) فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ (32) وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ (33) قَالَ لِلْمَلَإِ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (34) يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ (35) سورة الشعراء ""

فإنّه " قالَ فِرْعَوْنُ وَما رَبُّ الْعالَمِينَ " عندما قال موسى " فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً وَجَعَلَنِي من الْمُرْسَلِينَ ".
ثمّ إنّه يمكن أن يقال هاهنا : إنّ لسان أهل النظر ومقتضى أصولهم أن لا يسأل عن الواجب بـ « ما هو » ، فإنّ جوابه عندهم يجب أن يكون هو الحدّ الذاتي المشتمل على جزئين :
تمام المشترك وكمال المميّز وليس للواجب شيء منهما ، فلا يطابق سؤال فرعون هذا عرف تخاطبهم ولسان اصطلاحهم ، فقال مستشعرا منه دفع ذلك :

حكمة سؤال فرعون بـ « ما » الحقيقة
قال رضي الله عنه  : ( وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهيّة الإلهيّة ) مع تنزّهه عنها ، ( فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار ، حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربّه ، وقد علم فرعون ) بقوة كماله الخاصّ به ( مرتبة المرسلين في العلم ، فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه ) .
هذا بما له في نفسه ، وله ملاحظة ما حوله من أصحابه وأصحابه موسى في
هذا السؤال ، حيث لا يظهر عليهم أمر موسى قبله ، فلذلك أبهم في السؤال ( وسأل سؤال إيهام ) يحتمل الوجهين ، ظاهرا وخفيّا ، فإنّه سأل بمطلب الماء بحسب الحقيقة ، وهو في الظاهر إنّما يطلب به عن الجهتين والحد المشتمل عليهما وإن كان هاهنا ما طلب به فرعون إلا الحقيقة مطلقا ، كما سيتبيّن ذلك .

فسأل سؤالا يكون ذا جهتين مختلفتين بالتوجيه وعدمه
قال رضي الله عنه  : ( من أجل الحاضرين ) من الطائفتين ( حتى يعرّفهم ) ما يوافق مصالحه ويناسب ما له من المنصب ( من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه ) من أمر موسى ( في سؤاله ) إيّاه وجوابه له ( فـ ) لذلك تراه ( إذا أجابه جواب العلماء بالأمر ) - كما ستطلع عليه - ( أظهر فرعون إبقاء لمنصبه ) في نظر الحاضرين ( أنّ موسى ما أجابه على طبق سؤاله فيتبيّن عند الحاضرين ) المعوّدين برسوم أهل النظر والتزام معهوداتهم - فإنّ ذلك هو الغالب في زمان موسى ، فهم كسائر المقيّدين برسوم زمانهم ومستحسنات أبنائه ،

فإنّهم ما داموا على عادتهم المعهودة من آبائهم بمعزل عن أهليّة الكمال في أيّ زمان كانوا وأيّ طريقة سلكوا - ( لقصورهم فهمهم ) عن إدراك الأمر على ما عليه في نفسه ، حتّى أظهر لهم من جواب موسى ذلك ( أنّ فرعون أعلم من موسى ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي ) أن يجاب به سؤاله على ما سيبيّنه

قال رضي الله عنه  : ( وهو في الظاهر غير جواب على ما سأل عنه ) بناء على ما عهد من التخاطب والتقاول الذي بينهم.

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه.
وقوله «فوهب لي ربي حكما» يريد الخلافة، «وجعلني من المرسلين» يريد الرسالة : فما كل رسول خليفة.
فالخليفة صاحب السيف و العزل و الولاية. والرسول ليس كذلك: إنما عليه بلاغ ما أرسل به: فإن قاتل عليه و حماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول.
فكما أنه ما كل نبي رسول، كذلك ما كل رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه.
وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية فلم يكن عن جهل، و إنما كان عن اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم فيستدل بجوابه على صدق دعواه
وسأل سؤال إيهام  من أجل الحاضرين حتى يعرفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله: فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على سؤاله، فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم أن فرعون أعلم من موسى.
ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظاهر غير جواب ما سئل عنه   )

قال رضي الله عنه :  ( فقد نبّهتك على أدب عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه . وقوله :فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً يريد الخلافة ؛وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ [ الشعراء : 21 ] يريد الرّسالة : فما كلّ رسول خليفة . فالخليفة صاحب السّيف والعزل والولاية .  والرّسول ليس كذلك : إنّما عليه بلاغ ما أرسل به . فإن قاتل عليه وحماه بالسّيف فذلك الخليفة الرّسول . فكما أنّه ما كلّ نبيّ رسولا ، كذلك ما كلّ رسول خليفة أي ما أعطي الملك ولا التّحكّم فيه . وأمّا حكمة سؤال فرعون عن الماهيّة الإلهيّة فلم يكن عن جهل ، وإنّما كان عن اختبار حتّى يرى جوابه مع دعواه الرّسالة عن ربّه - وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم - فيستدلّ بجوابه على صدق دعواه .)

قال رضي الله عنه :  ( فقد نبهتك على أمر عظيم تنتفع به إن استعملت نفسك فيه ) ، وتأدبت بين يدي اللّه مع عباد اللّه تعالى بالاتصاف وعدم الظهور بالدعوى والإنابة .
( وقوله :فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْماً يريد الخلافة وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ [ الشعراء : 21 ] يريد الرسالة فما كل رسول خليفة فالخليفة صاحب السيف والعزل والولاية ) ، بالظهور والغلبة ( والرسول ليس كذلك إنما عليه البلاغ لما أرسل به ) لا غير كما قال تعالى :ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ[ المائدة : 99 ] .

قال رضي الله عنه :  ( فإن قاتل عليه ) ، أي على ما أرسل به ( وحماه بالسيف فذلك الخليفة الرسول فكما أنه ما كل نبي رسول كذلك ما كل رسول خليفة ، أي ما أعطي الملك ولا التحكم فيه ) .
ولما أظهر موسى عليه السلام مع فرعون ما كان عليه من أمر الرسالة والخلافة واقتضى الوقت أن يظهر فرعون أيضا ما كان عليه من الكمال .
كما أشار إليه رضي اللّه عنه بقوله : ( وأما حكمة سؤال فرعون عن الماهية الإلهية ) مع تنزهه عنها إذا أريد بها الماهية المركبة من الجنس والفصل ( فلم يكن ) ناشئا ( عن جهل ) من فرعون تنزهه تعالى عن التركب من الجنس والفصل ( وإنما كان ) ناشئا ( عن ) قصد ( اختبار حتى يرى جوابه مع دعواه الرسالة عن ربه وقد علم فرعون مرتبة المرسلين في العلم ) باللّه على ما هو المطابق للواقع ( فيستدل

قال رضي الله عنه :  ( وسأل سؤال إيهام من أجل الحاضرين حتّى يعرّفهم من حيث لا يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله .  فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر، أظهر فرعون إبقاء لمنصبه أنّ موسى ما أجابه على سؤاله . فيتبيّن عند الحاضرين - لقصور فهمهم - أنّ فرعون أعلم من موسى . ولهذا لمّا قال له في الجواب ما ينبغي وهو في الظّاهر غير جواب ما سئل عنه . )

بجوابه على صدق دعواه ) الرسالة ( وسأل سؤال إبهام ) يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يسأل بما في قوله : وما رب العالمين عن تمام وحدة المشتمل على الجنس والفصل كما كان في مصطلحاتهم المعهودة عندهم .
وثانيهما : أن يسأل به عن حقيقته التي هو عليها في نفسه .
وفي النسخة المقروءة على الشيخ رضي اللّه عنه سؤال إيهام بنقطتين تحته ، أي سؤالا يوهم خلاف مقصود السائل فإنه قصد به السؤال عن حقيقته تعالى على ما هو عليه في حدّ ذاته لا عن الحد المشتمل على الجنس والفصل لكنه يوهمه وكان ذلك الإيهام في السؤال

قال رضي الله عنه :  ( من أجل الحاضرين ) من أصحاب موسى وأصحاب فرعون ( حتى يعرفهم ) أن جوابه غير مطابق لسؤاله ، فهو أعلم منه ( من حيث يشعرون بما شعر هو في نفسه في سؤاله ) ، من احتمال الوجهين بل كانوا يحلونه على ما هو المتعارف عندهم ( فإذا أجابه جواب العلماء بالأمر أظهر فرعون ) ، بعد ما عرف صدق دعواه في رسالته .

قال رضي الله عنه :  ( إبقاء لمنصبه أن موسى ما أجابه على ) طبق ( سؤاله فيتبين عند الحاضرين لقصور فهمهم ) عن إدراك ما والمقصود من السؤال ومطابقة الجواب له ( أن فرعون أعلم من موسى ولهذا لما قال له في الجواب ما ينبغي ) أن يجاب به ( وهو في الظاهر ) ، أي في ظاهر ما كان معتادا لهم ( غير جواب ) منطبق على ( ما سئل عنه ).
  .
واتساب

No comments:

Post a Comment