Monday, March 16, 2020

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثالثة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثالثة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثالثة والعشرون .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

قال رضي الله عنه :  ( وهنا سرّ كبير ، فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحدّ الذّاتي ، فجعل الحدّ الذّاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو إلى ما ظهر فيه من صور العالم . فكأنّه قال له في جواب قوله :وَما رَبُّ الْعالَمِينَ[ الشعراء : 23 ] . قال الّذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ[ الشعراء : 24 ] أو يظهر هو بها .  فلمّا قال فرعون لأصحابه :إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ [ القلم : 51 ] كما قلنا في معنى كونه مجنونا .  زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهيّ ، لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك ، فقال :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ويستتر وهو الظّاهر والباطن ، وما بينهما وهو قوله :بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [ البقرة : 29 ] .إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[ الشعراء : 28 ] أي إن كنتم أصحاب تقييد ؛ فإنّ العقل يقيّد . )

قال رضي الله عنه :  (وهنا) في ذكر الربوبية المضافة التي هي كناية عن العقل الإلهي (سر كبير) من أسرار اللّه تعالى (فإنه) ، أي موسى عليه السلام (أجاب بالفعل لمن سأل) وهو فرعون (عن الحد) ، أي التعريف (الذاتي) بقوله :"وَما رَبُّ الْعالَمِينَ"[ الشعراء : 23].

قال رضي الله عنه :  (فجعل) ، أي موسى عليه السلام (الحد الذاتي) لماهية اللّه تعالى وحقيقته (عين إضافته) ، أي نسبته تعالى (إلى ما) ، أي الذي (ظهر) تعالى (به من صور العالم) ، أي المخلوقات (أو إلى ما ظهر) ، أي تبين (فيه) ، أي في الحق تعالى (من صور العالم فكأنه) ، أي موسى عليه السلام (قال له) ، أي لفرعون في جواب قوله ، أي فرعون ("وَما رَبُّ الْعالَمِينَ" قال) ، أي موسى عليه السلام (الذي تظهر فيه صور العالمين) من غير حلول فيه ، لأنها عدم وهو وجود صرف مطلق ،
والعدم لا يحل في الوجود والوجود لا يحل في العدم (من علو) بيان للصور (وهو) ، أي العلو (السماء و) من (سفل وهو) ، أي السفل (الأرض إن كنتم موقنين) باللّه تعالى (أو) الذي (يظهر هو) تعالى (بها) ، أي بصور العالمين من علو وسفل كما ذكر (فلما قال فرعون لأصحابه) الحاضرين عنده إنه ، أي موسى عليه السلام (" لَمَجْنُونٌ" [ الحجر : 6 ] كما قلنا) فيما مر قريبا

قال رضي الله عنه :  (في معنى كونه) ، أي موسى عليه السلام (مجنونا) ، أي مستورا عنه علم ما سئل عنه من الماهية الإلهية ولهذا أجاب بما ليس بجواب عن الماهية (زاد موسى) عليه السلام (في البيان) ، أي بيان الجواب (ليعلم فرعون رتبته) ، أي رتبة موسى عليه السلام (في العلم الإلهي لعلمه) ، أي موسى عليه السلام (بأن فرعون يعلم ذلك) ، أي العلم الإلهي لكن علمه باللّه على وجه الزندقة من عدم انقياده لموسى عليه السلام وإسلامه له

قال رضي الله عنه :  (فقال) ، أي موسى عليه السلام ("رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ " فجاء بما يظهر) وهو المشرق يظهر الشمس و ما يستتر وهو المغرب يستر الشمس وهو ، أي اللّه تعالى (الظاهر والباطن) فتظهر شمس الأحدية من مشرق الصور الكونية ، ثم تغرب في غيب الهوية الذاتية ، فتخفي تلك الصور في حقائقها العدمية وما بينهما ، أي بين المشرق والمغرب وهو قوله تعالى

وهو ، أي اللّه تعالى ("بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ") [ البقرة : 29 ] فحصره العلم الإلهي إذ ظهر في العبد السالك كان بين الظهور والبطون وبين المشرق والمغرب ("إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ" [ الشعراء : 28 ] ، أي إن كنتم أصحاب تقييد ) في الجناب الإلهي لا إطلاق (فإن للعقل التقييد) بالصور في التشبيه والتنزيه .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

قال رضي الله عنه :  ( وهنا سرّ كبير فإنه أجاب بالفعل ) أي أجاب موسى بفعل الحق وهو السماوات والأرض .
قال رضي الله عنه :  ( لمن سأل عن الحد الذاتي فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم أو ) عين ( ما ظهر فيه من صور العالم فكأنه قال له في جواب قوله" وَما رَبُّ الْعالَمِينَ") قوله ( قال ) مقول لقوله فكأنه .

قال رضي الله عنه : ( الذي تظهر فيه صور العالم من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض" إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " أو يظهر هو بها ) أي أو كأنه قال في الجواب الذي يظهر هو بصور العالم من علو وسفل مقول القول .

قال رضي الله عنه :  ( فلما قال فرعون لأصحابه أنه لمجنون كما قلنا في معنى كونه مجنونا زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهي لعلمه ) أي لكون موسى عالما ( بأن فرعون يعلم ذلك ) أي يعلم معنى ما زاد موسى في البيان فيعلم فرعون من هذا البيان مرتبة موسى في العلم الإلهي .

قال رضي الله عنه :  ( فقال :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ) وهو موضع ظهور الشمس ( ويستتر ) وهو موضع استتار الشمس ( وهو ) أي الحق ( الظاهر والباطن ) أي جاء موسى بهذا القول إشارة إلى أن الحق هو الظاهر والباطن ( وما بينهما وهو ) أي معنى قوله :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُمامعنى ( قوله : وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أي إن كنتم أصحاب تقييد) وإنما فسر العقل بالتقييد ( فإن للعقل التقييد ) .
 
شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

قال رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.  فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.  فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».  «إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

بقوله: وامن أنه لا إله إلا الذي آمنت به بثوا إسرائيل وأنا من المسلمين [یونس: 90] ثم تمادي  
في كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

قال رضي الله عنه  : ( وهنا سرّ كبير ، فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحدّ الذاتي ، فجعل الحدّ الذاتيّ غير إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو ما ظهر فيه من صور العالم فكأنّه قال )
يعنى ذلك الجواب ، وهو ربّ السّموات والأرض وما بينهما « له في جواب قوله :" وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ". قال : الذي يظهر فيه صور العالم " أي بالمربوبية"  .

قال رضي الله عنه  :  ( من علو وهو السماء ، أو سفل وهو الأرض  " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " أو يظهر هو بما ) يعني بالربوبية .
قال رضي الله عنه :  ( فلمّا قال فرعون لأصحابه : إنّه "لَمَجْنُونٌ "  كما قلنا في معنى كونه مجنونا ، زاد موسى في البيان ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي ، لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك ، فقال :  " رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ " فجاء بما يظهر ويستر وهو الظاهر والباطن وما بينهما وهو قوله : " بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ،  "إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي إن كنتم أصحاب تقييد ، إذ العقل تقييد )

يشير رضي الله عنه  إلى أنّ الجواب الأوّل على مقتضى الكشف والشهود ، فإنّه أعلم في ذلك أنّ الجواب عن الحقيقة والماهية - مع قطع النظر عن الإضافة - محال ،
فإعراضه بالفعل عن التصدّي للجواب عن السؤال بالماهية إعلام تامّ بأنّه مطلق عن كل قيد وحدّ ، ولا يدخل تحت حدّ بجنس وفصل ، لاستغراقه الكلّ ،
وعدل إلى بيان حقيقة الربوبية المضافة ببيان المضاف إليه ، بأنّه هو الذي له ربوبية العالمين ، وهو عالم الأرواح العالية والأجسام السافلة ، وربّ ما علا وما سفل من الأجسام أي الظاهر بربوبيته في العالمين ، والباطن بهويته ،
لكونها عين العالمين وما بينهما من الأسماء والصفات والنسب والإضافات .

والجواب الثاني بما ظهر من عالم الأجسام والخلق ، وما بطن عالم الأرواح والعقول ،
 وما بين الظاهر والباطن من التعينات الجامعة بين الأرواح والأجسام ، فإنّ المشرق للظهور ، والمغرب للبطون ،
والحق هو الظاهر المتعيّن بجميع ما ظهر بإشراق نوره وإطلاق ظهوره ، وهو الباطن المتعيّن بجميع ما بطن في غيب عينه وعين حضوره ،
وأهل التقييد والتحديد إمّا أن قيّدوه بالتشبيه بالأجسام الظاهرة ،
فيقولون : إنّه جسم مطلق أو مقيد ، أو ينزّهوه فيحدّوه ويقيّدوه بتمييزه عن الأجسام وكانوا حينئذ في عين التشبيه بالعقول والمجرّدات مع تنزيههم العقلي في زعمهم والوهمي في نظر أهل التحقيق والكشف ،
فلهذا قال : " إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي أهل عقل وتقييد .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

قال رضي الله عنه :  ( وهاهنا سر كبير فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو ما ظهر فيه من صور العالم فكأنه قال له في جواب قوله : " وما رَبُّ الْعالَمِينَ "  قال الذي يظهر فيه صور العالمين ) أي بالمربوبية
قال رضي الله عنه :  ( من علو وهو السماء ، وسفل وهو الأرض " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " أو يظهر هو بها ) أي بالربوبية حق التركيب أن يقال الذي يظهر فيه من غير لفظة قال ليكون مقولا لقال له لكن لما وسط بين قال ومقوله في جواب قوله : "وما رَبُّ الْعالَمِينَ " كرر قال لطول الكلام .

قال رضي الله عنه :  ( فلما قال فرعون لأصحابه  " إِنَّه لَمَجْنُونٌ "  كما قلنا في معنى كونه مجنونا زاد موسى في البيان ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك فقال : " رَبُّ الْمَشْرِقِ والْمَغْرِبِ "  فجاء بما يظهر ويستر ، وهو الظاهر والباطن وما بينهما ، وهو قوله : "وهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ) .

 أي بما ظهر من عالم الأجسام والخلق ، وما بطن من عالم الأرواح والأمر ، وما بين الظاهر والباطن من التعينات والشؤون الجامعة بين الأرواح والأجسام ، فإن المشرق للظهور والمغرب للبطون ، وهو الحق الظاهر المتعين بجميع ما ظهر بإشراق نوره وإطلاق ظهوره ، وهو الباطن المتعين بجميع ما بطن في غيب عينه وعين حضوره بعلمه بما بينهما من النسب والتعينات التي ليست إلا في حيز العلم ( " إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي إن كنتم أصحاب تقييد فإن للعقل للتقييد )
 وهل التقييد والتحديد إما أن يقيده بالتشبيه بالأرواح والعقول فتنزيههم وهمى لأنه عين التشبيه عند المحقق .

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

قال رضي الله عنه :  ( وهاهنا سر كبير . فإنه أجاب بالفعل لمن سأله عن الحد الذاتي ، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو ما ظهر فيه من صور العالم ).
أي ، أجاب لمن سأل عن الحد الجامع لجميع ذاتيات الرب ، بفعله وهو ربوبيته للسموات والأرض .

والمراد ( بالفعل ) المفعول . وهو السماوات والأرض . فجعل إضافة الرب إلى ما ظهر الرب بواسطته . أو إلى ما ظهر فيه من صور العالم عين الحد الذاتي .

قال رضي الله عنه :  ( فكأنه قال له في جواب قوله : "وما رب العالمين ؟" قال : الذي يظهر فيه صور العالمين من العلو وهو السماء ، والسفل وهو الأرض " إن كنتم موقنين " . )

وقوله : ( أو يظهر هو بها ) عطف على قوله : ( الذي يظهر فيه ) أي ، كأنه قال في جواب ( ما رب العالمين ؟ ) هو الذي يظهر فيه صور العالمين . أو الذي يظهر هو بصور العالمين .
فضمير ( بها ) ( للصور ) .

قال رضي الله عنه :  (فلما قال فرعون لأصحابه : "إنه لمجنون". كما قلنا في معنى كونه مجنونا) وهو أنه غير عالم بما سألته . ( زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته ) أي ، مرتبة موسى .
( في العلم الإلهي ، لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك ) أي ، ذلك المعنى .

قال رضي الله عنه :  ( فقال : "رب المشرق والمغرب" . فجاء بما يظهر ويستتر ، وهو الظاهر والباطن وما بينهما ، وهو قوله : "بكل شئ عليم إن كنتم تعقلون". أي، إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد).
لما كان المشرق موضع ظهور الشمس والمغرب موضع استتارها وبطونها ،

قال : ( فجاء بما يظهر ويستر ) أي ، جاء به تنبيها على أن كل ما ظهر من عالم الشهادة وعلى كل ما بطن من عالم الغيب ، والحق هو الظاهر والباطن ، كما أخبر عن نفسه بقوله : ( وهو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم ) .

فيكون عليما بما بين المشرق والمغرب ، وبما بين الظاهر والباطن من لوازمهما وعوارضهما ، كالتأثير والتأثر والفيض والاستفاضة في العلوم وغيرها .

وإنما جاء بقوله : "إن كنتم تعقلون " . لأن العقل يعطى التقييد ، والتقييد إما في الظاهر ، وهو الأجسام ولواحقها ، وإما في الباطن ، فهو المجردات وتوابعها .
فإن كنتم تعقلون ، فاعلموا أن الحق هو الذي ظهر بالظاهر والباطن وجميع الصور المقيدة .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

قال رضي الله عنه :  ( وهنا سرّ كبير، فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحدّ الذّاتي ، فجعل الحدّ الذّاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو إلى ما ظهر فيه من صور العالم ؛ فكأنّه قال له في جواب قوله :"وَما رَبُّ الْعالَمِينَ" [ الشعراء : 23 ] ، قال الّذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض "إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ" [ الشعراء: 24].   أو يظهر هو بها ، فلمّا قال فرعون لأصحابه :"إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ" [ القلم : 51 ] كما قلنا في معنى كونه مجنونا ).

ثم قال رضي الله عنه  : ( وهنا ) أي : في جواب موسى ( سر كبير ) من علم الحقائق ، وهو أنه أشار إلى أنه لا يمكن تعريفه بحسب الذات ، وإنما هو بسبب ظهوره في العالم ، وهو اسمه الظاهر باعتبار ، أو بحسب ظهور العالم فيه ، وهو اسمه الباطن باعتبار ، أو بالجمع بينهما مع الإشارة إلى أنه لا يتقيد بذلك الجمع ولا بالانفراد ،
لكن غايته التقييد بلا تقيد ، وهو مطلق عن كل قيد بهذا الاعتبار ، وإن تقيد بفصله المميز ، وبالوجوب والقدم الذاتيين باعتبار ذاته ، فإنه حين قال في جواب قوله :" وَما رَبُّ الْعالَمِينَ" [الشعراء : 23 ] ، قال :"رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ"[ الدخان : 7 ] ،قالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ[ الشعراء : 25 ] ، قال :رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ[ الدخان : 8 ] ، قال :إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ[ الشعراء : 27 ] ،قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[ الشعراء : 28 ] قالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلهَاً غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ[ الشعراء : 29 ] .

قال رضي الله عنه :  ( أجاب بالفعل ) بأن الربوبية فعل التربية ، وهي نسبة بينه وبين المربوب ، والتربية تكمل للمربوب إما بظهور صورة الرب في مرآة المربوب ، أو ظهور صورة المربوب في مرآة الرب ( لمن سأل عن الحد الذاتي ) ، أي : الحد الذي بشأنه الاشتمال هي الذاتيات ( عين إضافته ) بإقامتها مقامه ( إلى ما ظهر الرب به من صور العالم ) ، أي : صور وجوده الظاهرة في مرآة العالم ،
وهو قوله :رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ، فظهر الرب فيهم بصور المحدثات الكائنة الفاسدة التي بحدوثها أظهر ، والحادث لا وجود له بذاته ، فهو من الحق ، فقد ظهر فيه الحق ظهورا واضحا ، لكنه يختفي غاية الخفاء بظهور حدوثها ، فيصير باعتبار ظهوره فيها باطنيا ،

قال رضي الله عنه :  ( وما ظهر فيه من صور العالم ) ، أي : إضافته بأي شيء ظهر ذلك الشيء في مرآة الحق من صور العالم هو قوله :رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ،فإنهما من حيث رؤية استمرارهما مدة مديدة غير كائنة ولا فاسدة توهم قدرة حتى قال بذلك في لغة أهل الضلال ، فكأنه ظهر الحق فيهما بقدمه ، لكن لا يظهر بالقدم في شيء كما لا يظهر بالإلهية في مظهر ، فكأنهما ظهرا في الحق ، ( فكأنه قال له في جواب قوله :وَما رَبُّ الْعالَمِينَ ،) .

قال رضي الله عنه :  ( قال ) : أعاده ليعده ( الذي يظهر فيه صور العالمين من علو ، وهو السماء ) سواء كان روحانيّا كالروح والغيب ، أو جسمانيّا كالعرش وسائر الأفلاك ، ( وسفل وهو الأرض ) سواء كان من العناصر والمولدات وما بينهم ، أي : بين العلو والسفل من النفوس الحيوانية والنباتية والمعدنية ، والقوى المدركة والمحركة فيها باقية النوع والذات في نظر أهل الظاهر ،
فينظر الحق بها من حيث ظهوره فيها ، لكنه يتم ظهوره بالقدم الذي هو أخص لكنة باعتبار ما يري فيه من الاستمرار ومدة مديدة ؛

فلذلك قال فيه رضي الله عنه   :( إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ ) أي : ناظرين بالكشف ؛ فإنه يظهر لكم فيها قدمه ، لكن في نظر أهل الظاهر منا هنا الظهور للسماوات والأرض وما بينهما في الحق ؛
فلذلك قال بعده : ( أو يظهر هو بها ) ، وذلك في الصور العنصرية من حيث الكون والفساد على ما بينا .

ولما كان الظهور هنا للحق لم يقل :"إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ" ،لكنه لما خفي بظهور حدوثها ،
قال له فرعون :" إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ" ،( فلما قال فرعون لأصحابه " إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ") ،لا بالمعنى المتعارف ، بل ( كما قلنا في معنى كونه مجنونا ) ، وهو أن الحق قد استتر فيها بظهور حدوثها ، وإن دل ظهور الحدوث فيها على أن لا وجود لها من نفسها دلالة واضحة .

قال رضي الله عنه :  ( زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهيّ لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك ؛ فقال :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ويستتر وهو الظّاهر والباطن ، وما بينهما وهو قوله : "بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " [ البقرة : 29 ] ، "إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ" [ الشعراء : 28 ] أي إن كنتم أصحاب تقييد ؛ فإنّ العقل يقيّد ).

قال رضي الله عنه :  ( زاد موسى في البيان ) بأنه في صورة السماء والأرض وما بينهما ظهر بالقدم ، واستتر بظهور صورها فيه ، وفي صورة الآباء ظهر بصورته في العالم واستتر بظهور حدوثهم ، فقد اجتمع فيه الظهور والبطون ؛
( ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهي ) ، وإنما قصد إعلام فرعون ذلك ؛ ( لعلمه بأن فرعون يعلم ) من المؤمنين باللّه ورسله أن الرسل يقولون ذلك ، وإن كان منكر لإلهية ما سواه فضلا عن إرساله رسولا ،

قال رضي الله عنه :  ( فقال :رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ،فجاء ) بطريق الإشارة في المشرق ( بما يظهر ) ، وفي المغرب ( بما يستتر ) ؛ وذلك ليفهم منه أنه ( هو الظاهر والباطن ) من غير تقييد بأحدهما ، ولا بالجمع بينهما ، ولا بانزواء أحدهما عن الآخر ؛ وذلك لأنه أيضا ما بينهما هو العلم ، إذ لا يظهر في الحس ولا يبطن في العقل ؛ فلذلك قال : وهو أي : قوله :( وَما بَيْنَهُما هو قوله : وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) .
ثم أشار إلى أنه ، وإن نفي تقييده بشيء من ذلك ، فهو تقييد له بأنه لا يتقيد ،

فقال رضي الله عنه  : ( إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ أي : إن كنتم أصحاب تقييد ) تقيدونه بعدم التقييد بشيء من ذلك ، فإن العقل من حيث اشتقاقه من العقال تقييد ، فهو يشير إلى التقييد لا بطريق العبارة ، بل بطريق الإشارة ، وفي بعض النسخ : ( فإن العقل التقييد ) ، وإذا اعتبر بظهور صورة الحق في الخلق أو صورة الخلق في الحق في الجواب الأول ، والبطون بالذات ، والظهور بالذات في الجواب الثاني.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

( وهنا سرّ كبير : فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي ) ، الذي يسأل عنه بـ « ما » ، ( فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ) وتلك الإضافة هي الفعل الظاهر في الحقّ بصورة أثره المسمّى بالعين .

تأمّل في جواب موسى
ثمّ إنّك قد عرفت أنّ العالم إذا نسب إلى الحقّ في مشهد الكمّل له صورتان يعبّر عنهما بقربي النوافل والفرائض فإنّه إمّا أن يكون العالم آلة ظهور الحقّ والظاهر هو الحق أو يكون على العكس ، والظاهر هو العالم والجواب يشمل الصورتين لذلك قال : ( أو ما ظهر فيه من صور العالم ) تنبيها إلى وجه تماميّة الجواب وجامعيّة كلمته .

ثمّ إنّ هذه الإضافة التي وقعت جوابا وحدا فيها إجمال ، فإنّها هو الكلام الكامل الذي هو صورة جمعيّة الكل من العلو والسفل ، وما بينهما من النسبة ، ومنه يظهر السرّ الكبير ، فلذلك بيّن تحقيقه سرّا بقوله: ( فكأنّه قال له في جواب قوله : " وَما رَبُّ الْعالَمِينَ "  قال : الذي يظهر فيه صور العالمين ) و « القال » لغة هو المنتشر من "القول" ، فهو نصب على المصدر ، أو فعل هو بجملته مقول القول .

وعلى التقديرين هو الفعل الذي أجاب به لمن سأل عن حدّه الذاتيّ فإنّ القول هذا هو الذي اومي به إلى منتهى مراتب الفعل والإضافة ، وآخر تنزّلاته التي فيه يظهر صور العالمين بتفاصيلها ، إيماء خفيّا على ما هو مقتضى صورة السرّ فإنّه إذا ظهر إنّما يتصوّر بما لا يطَّلع عليه إلا أهله - وهو أولو الأيدي والأبصار من ذوي الإيقان والغالب على ذوقهم من الصورتين هو الثانية منهما ، وهو أنّ الظاهر العالم ، كما قيل : " ظاهر لا يكاد يبدو ".

فلذلك قدّمه ذكرا وقال : « الذي يظهر فيه صور العالمين » ( من علو ) ، وهو طرف اللطائف من الوجوبيّات الروحانيّات (وهو السماء - ومن سفل ) وهو طرف الكثائف من الإمكانيات الجسمانيات (وهو الأرض " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " ) لما عليه الأمر نفسه بدون تقيّده بالمدارك ، وحصره بما يعطيه المشاعر ، ( أو يظهر هو بها ) ، على أنّ الظاهر إنّما هو الحقّ ، والعالم آلة لظهوره ، وهو الغالب على ذوق أرباب العقول والحكم .

ثمّ إنّ كلام فرعون في طيّ هذه المقاولة لقومه وإن كان بحسب الظاهر لارتفاع شأن منصبه في نظرهم وحطَّ مرتبة موسى ، ولكن في نفس الأمر يفيد لهم قوّة الترقّي إلى كمالهم وذلك لما لهم من الرقيقة الإخلاصيّة بالنسبة إليه
ولذلك لما قال لهم فرعون عندما قال موسى: "أَلا تَسْتَمِعُونَ " استحقّوا للخطاب ، فعدل موسى من الغيبة إلى الخطاب لهم
مبيّنا لما ذكر في جواب الـ "ما" بحسب الحقيقة : " رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ " فإنّ قوله : " رَبُّكُمْ " هو بيان ما بينهما بإضافة ربّه الخاص به إليه ، تبيينا لما هو أظهر صور تنوّعاته عندهم وقوله : " رَبُّ آبائِكُمُ الأَوَّلِينَ " هو بيان السماوات والأرض ولذلك ما جعل هذا جوابا مستقلا وما تعرّض له المصنّف .

تطبيق بين قول موسى وما انزل على الخاتم صلَّى الله عليه وآله
فهذا الجواب بما قبله عند التحقيق هو مؤدّى ما صدر من الخاتم بقوله :
" هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ " على ما لا يخفى . كما أن الجواب الآخر يعني : " رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ "  مؤدّى قوله " الظَّاهِرُ وَالْباطِنُ " ، ولكن ما أعرب عن المقصود إعراب كلام الخاتم وإفصاحه .

ثمّ إنّ بسط الكلام في مثل هذا المرام يحبّ مجالا آخر ، يسع لتفصيل أطواره وبسط جوامع أسراره - حقّقنا الله تعالى به ووفّقنا إليه - وأما فيما نحن بصدده إذ قد انعطف أعنّة البيان نحو استكشاف ما في هذا الكتاب المتن ، فإنما نتعرّض لما له فيه أثر عنه ، محتذيا حذو المؤلَّف في طريق التأويل ومسلك الخوض في حقائق التنزيل .

فرق بيان الحقائق عند أهل الإيقان وأهل العقل
ثمّ إنّ بيان الحقائق له مسلكان :
أحدهما مسلك أهل الإيقان ، وهو إظهار الحقائق بصورها الكاشفة لها في نفسه مطلقا ، أعني الصور الوجوديّة الظاهرة لأهل الكشف والوجود - كما سبق بيانه –
والآخر مسلك العقل ، وهو إظهارها بصورها المتبيّنة بها لدى العقل ومشاعره
ويكفي في الأول نفس الصور الوجوديّة كما ظهر من الجواب الأول ،

والثاني يحتاج مع ذلك إلى ما يبيّنها ويظهرها عند العقل من الأدلَّة النظريّة وصورها الكونيّة وما يجري مجراها وهذا المسلك أبين ظهورا وأتمّ إبانة لدى المدارك المتعاورة للعامّة .

ولذلك لما أتى موسى عند الجواب على المسلك الأول بما أتى من البيان التامّ ،
 قال فرعون خوفا من عثور الأصحاب عليه : « إِنَّه ُ لَمَجْنُونٌ » .

رجوع إلى تحليل محاورة فرعون وموسى
قال رضي الله عنه  : ( فلمّا قال فرعون لأصحابه : « إِنَّه ُ لَمَجْنُونٌ » كما قلنا في معنى كونه مجنونا ) بأنّه مستور ، محجوب عن ربّه لا يكاد يتصوّره ، ( زاد موسى في البيان ) بأخذه في المسلك الثاني ( ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي ) بإحاطته وجمعه بين الطريق الكشفيّ الإيقانيّ والحكميّ العقليّ ، وتمّ به الكلام ، ( لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك ، فـ  ( قالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) فجاء بما يظهر ويستتر ) ، وبيّن أنّ ذلك إنما يتصوّر بحسب المدارك والمشاعر ، فإنّ الحقّ في نفسه لا يطلق عليه الظهور ولا الاستتار .

قال رضي الله عنه  : ( وهو ) مؤدّى ما صدر من الخاتم - صلوات الله وسلامه عليه - بقوله : ( " الظَّاهِرُ وَالْباطِنُ " كما عبّر في المسلك الأول عن مؤدى قوله : " الأَوَّلُ وَالآخِرُ ".
وأمّا قوله في المسلكين : ( " وَما بَيْنَهُما " ) فهو أيضا ممّا أشعر به الكلام الختميّ مع زيادة من الحقائق

 قال رضي الله عنه  : ( وهو قوله : " بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ " ، "إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ " أي إن كنتم أصحاب تقييد ، فإنّ العقل يقيّد ) مداركه كما عرفت في المقدمة .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سر كبير، فإنه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحد الذاتي، فجعل الحد الذاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم، أو ما ظهر فيه من صور العالم.
فكأنه قال في جواب قوله «وما رب العالمين» قال الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء وسفل وهو الأرض: «إن كنتم موقنين»، أو يظهر هو بها.
فلما قال فرعون لأصحابه «إنه لمجنون» كما قلنا في معنى كونه مجنونا، زاد موسى في البيان  ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك: فقال: «رب المشرق والمغرب» فجاء بما يظهر ويستر، وهو الظاهر والباطن، وما بينهما وهو قوله «بكل شيء عليم».
«إن كنتم تعقلون»: أي إن كنتم أصحاب تقييد، فإن العقل يقيد.  )

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وهنا سرّ كبير ، فإنّه أجاب بالفعل لمن سأل عن الحدّ الذّاتي ، فجعل الحدّ الذّاتي عين إضافته إلى ما ظهر به من صور العالم ، أو إلى ما ظهر فيه من صور العالم . فكأنّه قال له في جواب قوله :وَما رَبُّ الْعالَمِينَ [ الشعراء : 23 ] قال الّذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء  وسفل - وهو الأرض إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ [ الشعراء : 24 ] أو يظهر هو بها .)

( وهنا ) ، أي هذا السؤال والجواب ( سر ) مستور عن نظر العقل ( كبير ) جليل قدره فإنه حقيقة مسألة التوحيد ومخها وهو أن رب العالمين عين العالم والعالم عينه ( فإنه ) ، أي موسى ( أجاب بالفعل ) ، أي بفعل الربوبية التي ليست الأظهر والرب بصورة المربوب ( لمن سأل عن الحد الذاتي فجعل الحد الذاتي عين إضافته ) ، أي إضافة الحق معبرا عنه بالرب يعني جعله عين الرب المضاف ( إلى ما ظهر ) الحق ( به من صور العالم أو ما ظهر فيه من صور العالم ) ، فيكون الظاهر صور العالم والوجود الحق مظهرا ومرآة لها ،
( فكأنه ) ، أي موسى ( قاله له ) ، أي لفرعون ( في جواب قوله : وَما رَبُّ الْعالَمِينَ قال ) تأكيد القال الأول : رب العالمين هو ( الذي يظهر فيه صور العالمين من علو وهو السماء ) ، أي سماء الروحانيات المجردة ( وسفل وهو الأرض ) ، أي أرض الجسمانيات المادية السافلة ( وما بينهما ) ، أي البرزخ الجامع بينهما وهو عالم المثال المطلق والمقيد .
( إن كنتم موقنين ) ، أي أصحاب إيقان شهودي ولا تقييد في هذا الشهود فإن الصور لا تقيد المرآة فإن المرآة تسعها وغيرها .
( أو يظهر هو ) ، أي الحق ( بها ) ، وفيها ولا بد حينئذ من تقييد فإن الحق لا يظهر في مرآى الصور الكونية إلا بقدرها وحسب استعدادها ،
فالآية باعتبار هذا المعنى من قبيل الجواب الثاني ؛ فلهذا أخر قوله : أو يظهر هو بها عن قوله :إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ[ الشعراء : 24 ] .
ولما سمع فرعون هذا الجواب قال لمن حوله : ألا تستمعون فتهيؤوا لسماع كلامهم ، فلذلك عدل إلى مخاطبتهم ومؤداه مؤدى الجواب الأول .
وقالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ( 26 ) [ الشعراء : 26 ] ، فإن المشار إليه بآبائهم كماله دخل في وجودهم من السماوات والأرض وما بينهما فمرجع هذا الخطاب إلى ذلك الجواب ولهذا أطواه الشيخ رضي اللّه عنه عن البين

قال رضي الله عنه :  ( فلمّا قال فرعون لأصحابه :إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ[ القلم : 51 ] كما قلنا في معنى كونه مجنونا .  زاد موسى في البيان ليعلم فرعون مرتبته في العلم الإلهيّ لعلمه بأنّ فرعون يعلم ذلك فقال : رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ويستتر وهو الظّاهر والباطن ، وما بينهما وهو قوله :بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ[ البقرة : 29 ] .إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ[ الشعراء : 28 ] أي إن كنتم أصحاب تقييد ؛ فإنّ العقل يقيّد .  )

وقال رضي الله عنه  : ( فلما قال فرعون لأصحابه :إِنَّهُ لَمَجْنُونٌكما قلنا في معنى كونه مجنونا ) ، أي مستورا عنه علم ما سئل عنه ( زاد في البيان موسى ليعلم فرعون رتبته في العلم الإلهي لعلمه بأن فرعون يعلم ذلك ) ، أي العلم الإلهي ( فقالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ فجاء بما يظهر ) ، وهو المشرق فإنه موضع ظهور النيران فنبه به على كل ما ظهر من عالم الشهادة وهو الاسم الظاهر ( وبما يستر ) .

وفي النسخة المقروءة عليه نفعنا اللّه وما ستر من الثلاثي على صيغة المجهول وهو المغرب فإنه موضع استتارات النيرات ، فنبه على كل ما بطن من عالم الغيب وهو الاسم الباطن وإلى هذين الاسمين
أشار بقوله : ( وهو ) ، أي ما يظهر وما يستر ( الظاهر و ) الاسم ( الباطن ) المذكوران في قوله تعالى :هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ[ الحديد : 3 ] .
( و ) رب ( ما بينهما ) ، أي بين المشرق والمغرب ( وهو ) ، أي ما يدل على ما بين الظاهر والباطن في الآية المذكورة .

قال رضي الله عنه  : ( قوله : وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فإن الشيء متناول لما بين الظاهر والباطن كما هو متناول لهما (إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ، أي إن كنتم أصحاب تقييد فإن للعقل التقييد ) .
وفي النسخة المقروءة : فإن العقل يقيد
.
واتساب

No comments:

Post a Comment