Monday, March 16, 2020

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الخامس والعشرون فص حكمة علوية في كلمة موسوية الفقرة الثامنة عشر .موسوعة فتوح الكلم فى شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي


موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي جامعها لإظهارها عبدالله المسافر بالله
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

قال رضي الله عنه : ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين "فَسَقى لَهُما" من غير أجر ."ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ" الإلهيّ فقال :"رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ" [ القصص : 24 ] فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزل اللّه إليه ، ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخير الذي عنده ) .

قال رضي الله عنه : (فجاء )، أي موسى عليه السلام إلى مدين بلاد شعيب عليه السلام وهي قريبة من مصر فوجد الجاريتين ، أي البنتين هما لشعيب عليه السلام ("فَسَقى لَهُما") غنم شعيب عليه السلام التي كانت معهما من غير أجر ، أي أجرة يأخذها على ذلك ("ثُمَّ تَوَلَّى")،.

قال رضي الله عنه : (أي عدل "إِلَى الظِّلِّ" الإلهي) وهو قيامه بالمراتب الإلهية والحضرات الربانية وخروجه عن شهود نفسه بالكلية في شهود ربه المتجلي عليه في صورته الروحانية والجسمانية فكان ربانيا لا نفسانيا فأظله اللّه تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله بسبب محبته البنات في اللّه تعالى والمتحابان في اللّه تعالى في ظله كما ورد في الحديث .

وقد يكون لعدوله عن مقتضى نفسه إلى به كما في حديث السبعة الذين يظلهم اللّه تعالى في ظله أن منهم رجلّا عرضت عليه امرأة ذات منصب وجمال فتركها لجلال اللّه تعالى .
(وفي رواية) : « رجل غض عينه عن محارم اللّه تعالى » .  رواه الطبراني في الكبير و أبو يعلى والسيوطي في الجامع الصغير و الحافظ العراقي في تخريح احاديث الإحياء .

وعلى هذا فاللام في الظل للعهد الذهني فَقالَ: ، أي موسى عليه السلام ("رَبِّ")، أي يا رب ("إِنِّي لِما")، أي لأجل الذي ("أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ") [ القصص:24 ].

إليك في إنزال غيره (فجعل) عليه السلام (عين عمله السقي ) لبنات شعيب عليه السلام (عين الخير) ، أي العمل الصالح الذي أنزله اللّه تعالى إليه ، أي إلى موسى عليه السلام ثم رفعه تعالى له في صحيفته (ووصف) ، أي موسى عليه السلام (نفسه بالفقر) ، أي الاحتياج إلى اللّه تعالى (في) حصول (الخير الذي عنده) ، أي اللّه تعالى أيضا .

قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكّره سقايته من غير أجر ، إلي غير ذلك ممّا لم نذكر حتّى تمنّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم - أن يسكت موسى عليه السّلام ولا يعترض حتّى يقصّ اللّه عليه من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى عليه السّلام من غير علم منه .  إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الّذي قد شهد اللّه له عند موسى وزكّاه وعدّله ومع هذا غفل موسى عن تزكية اللّه وعمّا شرطه عليه في اتّباعه، رحمة بنا إذ نسينا أمر اللّه. ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً[ الكهف : 68 ] أي إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا . فأنصف . )

قال رضي الله عنه : (فأراه) ، أي موسى عليه السلام أراه (الخضر) عليه السلام في زمان متابعته له ليعلمه مما علم رشدا (إقامة) ، أي تعمير (الجدار) في القرية التي استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما (من غير أجر) ، أي أجرة أخذها الخضر عليه السلام منهم (فعتبه) ، أي موسى عتب على الخضر عليه السلام (على ذلك) الفعل بقوله :"لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً"[ الكهف : 77 ] ، أي أجرة تأكل بها بدل ما منعونا منه حين استطعمناهم .

قال رضي الله عنه : (فذكّره) بالتشديد لأن موسى عليه السلام نسي (بسقايته) ، أي موسى عليه السلام الغنم لبنات شعيب عليه السلام (من غير أجر) ، أي أجرة يأخذها على ذلك ، ولم يتذكر موسى عليه السلام فاعترضه فيما صدر منه ، وهكذا السالك الملتزم بالعهد متابعة الكامل يجد منه ما وقع له من المخالفات قبل سلوكه التي لم يتب منها تذكرا له بها ،

فإن تذكر وتاب وجد ما صدر من شيخه خيرا محضا ، وإن لم يتب وأصر في إنكاره عليه ، فإنما هو في نفس الأمر منكر على نفسه ولم يشعر بذلك ، فيفارقه شيخه لعدم قابليته في السلوك وعدم استعداده لمعارف الرجل ،
وهي عبرة عظيمة قصها اللّه تعالى لنا في القرآن إلى يوم القيامة ، وإن كانت من قبيل حسنات الأبرار سيئات المقربين (إلى غير ذلك مما لم يذكر) في القرآن منه وقائع وقعت لموسى عليه السلام لو صبر مع الخضر عليه السلام لذكره الخظر بها كلها .

قال رضي الله عنه : (حتى تمنى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يسكت موسى ولا يعترض على الخضر حتى يقص اللّه) تعالى (عليه) ، أي على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم (من أمرهما) ، أي موسى والخضر عليهم السلام في بيان الخضر له جميع ما وقع منه بمثاله ليختبر قوة إدراكه في معرفة الحقائق الإلهية الطالب معرفتها ،

كما قال نبينا صلى اللّه عليه وسلم ،"  رحمة اللّه علينا وعلى أخي موسى لو صبر لرأى من صاحبه العجب . » أخرجه أبو داود والنسائي ذكره السيوطي في الجامع الصغير .

قال رضي الله عنه : (فيعلم) رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (بذلك) ، أي بما يقصه اللّه تعالى عليه من أمرهما (ما وفّق) ، أي وفق اللّه تعالى (إليه موسى عليه السلام) مما يصدر منه مع الخضر عليه السلام من الوقائع العجبية (من غير علم منه) ، أي من موسى عليه السلام بما وقع له من ذلك (إذ لو كان) ما وقف له (عن علم) منه به (ما أنكر مثل ذلك) الذي رآه (على الخضر) مثالا لما صدر منه قبله (الذي) نعت للخضر (قد شهد اللّه) تعالى (له) بزيادة العلم (عند موسى) عليه السلام كما ورد في حديث البخاري وغيره (وزكّاه) اللّه تعالى (وعدّله)  حيث مدحه بقوله سبحانه :فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً( 65 ) [ الكهف : 65 ] ،

قال رضي الله عنه : (ومع هذا) التعديل والمدح من اللّه تعالى له (غفل موسى) عليه السلام (عن تزكية اللّه) تعالى وتعديله للحضر عليه السلام وغفل أيضا (عما شرطه )، أي الخضر عليه السلام (عليه) ، أي على موسى عليه السلام (في اتباعه) له "قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً (66)  قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً ( 67 ) وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ( 68 ) قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً ( 69 ) قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً( 70 ) [ الكهف : 66 - 70 ] .

قال رضي الله عنه : (رحمة بنا) معشر المكلفين (إذا نسينا أمر اللّه ) تعالى في حال من الأحوال ، فنتأسى بموسى عليه السلام ، وأنه رفع عن هذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه كما ورد في الحديث (ولو كان موسى) عليه السلام (عالما بذلك) ، أي بما أنكره على الخضر عليه السلام (لما قال له الخضر) عليه السلام (ما لم تحط به خبرا) وتقدير كلامه أي إني على علم حاصل لي من ذوق ولم يحصل لك ، أنت هذا العلم عن ذوق كما أنك أنت على علم ذائق له لا أعلمه أنا فلست على ذوق منه فأنصف ، أي الخضر في قوله ذلك .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

قال رضي الله عنه :  (فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فسقى لهما من غير أجر ثم تولى إلى الظل الإلهي فقال : "رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير" فجعل عين عمله السقي ) أي عمله هو السقي
( عين الخير الذي أنزله اللّه لو ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخبر الذي عنده ) وهو العلوم الحكمية المتعلقة بالنبوة ، فالماء صورة العلم فسقيه عين افاضته العلوم عليهما ، فلا أجر لمثل هذا العمل فإنه بأمر اللّه فأجره على اللّه بل هو محتاج إلى اللّه في إفاضته هذا الخير إلى محله وأهله.
قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك ) أي عتب موسى عليه السلام الخضر عليه السلام على إقامة الجدار من غير أجر ( فذكره ) من التذكير ( بسقايته ) أي ذكر الخضر موسى عليه السلام بسقاية موسى عليه السلام لجاريتين ( من غير أجر وغير ذلك ) من أحوالهما ( مما لم يذكر ) في كلام اللّه تعالى
فما أورد في هذا الكتاب إلا ما ذكر في كلام رب العزة وروي أنه قد أخبره الخضر في كشفه فقال أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة مما جرى عليه من أوّل ما ولد إلى زمان الاجتماع مما وفق اللّه إليه موسى من غير علم ، فلم يصبر عليه السلام على ثلاث مسائل منهما .

فاستخبر الشيخ هذه المسائل كلها عن الخضر فأخبره تفصيلا ولم يذكر الشيخ حفظا للأدب
قال رضي الله عنه :  ( حتى تمنى رسول اللّه عليه السلام أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص اللّه عليه ) أي على رسول اللّه عليه السلام ( من أمرهما فيعلم ) الرسول ( بذلك ) أي ما يقص اللّه عليه ( ما وفق إليه موسى عليه السلام من غير علم منه ) فنبه رسول اللّه عليه السلام بهذا التمني أن أمرهما لا ينحصر بما يقص اللّه عليه في كلام المجيد رسول اللّه عليه السلام بهذا التمني أن أمرهما لا ينحصر بما يقص اللّه عليه في كلام المجيد مما وفق إليه موسى عليه السلام من غير علم وتذكيره الخضر بل كان كثير من الأمور مما وفق إليه موسى عليه السلام من غير علم كما وفق إلى هذه الأمور الثلاث من غير علم .

وإنما كان موسى عليه السلام في هذه الأمور من غير علم منه ( إذ لو كان ) موسى عليه السلام في تلك الأمور ( عن علم ما أنكر مثل ذلك ) أي مثل فعل نفسه ( على الخضر الذي قد شهد اللّه له عند موسى عليه السلام وزكاه وعدله ومع هذا قد غفل موسى عليه السلام عن تزكية اللّه وعما شرطه ) الخضر ( عليه في اتباعه ) فكانت تلك الغفلة

قال رضي الله عنه :  ( رحمة بنا إذا نسينا أمر اللّه ) لا تؤاخذنا بما نسينا فلم يكن موسى عليه السلام عالما بما علم الخضر ( ولو كان موسى عليه السلام عالما بذلك ) أي بما علم الخضر ( لما قال له الخضر ما لم تحط به خبرا أي أني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا فانصف ) الخضر في حق موسى .

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

قال رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده.  فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه. إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

كلامه الواضح إلى قوله: إن بالعلم الحادث كمل العلم الإلهي، فإن بهما حصل الكمال
ثم ذكر قصة موسی علیه السلام، مع فرعون ومضى على عادته، فإن حروفه مقلوبة وقد نسب إلى فرعون ما نسب وإلی موسی ما نسب ولفظه واف بمقصوده فلا حاجة إلى شرح.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

قال رضي الله عنه  : ( "فجاء إلى مدين ، فوجد الجاريتين ، " فَسَقى لَهُما " من غير أجر، " ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ " الإلهي " فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ من خَيْرٍ فَقِيرٌ " . فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه ، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده ، فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر ، فعتبه على ذلك ، فذكَّره الخضر سقايته من غير أجر ، إلى غير ذلك ممّا لم يذكره ، حتى تمنّى صلَّى الله عليه وسلَّم أن يسكت موسى عليه السّلام ولا يعترض ، حتى يقص الله عليه من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى من غير علم منه ، إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكَّاه وعدّله ، ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعمّا شرطه عليه في اتّباعه ، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله ، ولو كان موسى عالما بذلك ، لما قال له الخضر : "ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً " أي إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق ، كما أنت على علم لا أعلمه أنا ، فأنصف . )

قال العبد : هذه الأحوال - التي يقصّ علينا - كلَّها صور أحوال للروح الإنساني الكمالي الإلهي من أوّل تعيّنه في المزاج الجسماني العنصري ، كما أومأنا إليه في حكمة تحريم المراضع ، فلنذكر من بعض ما يبقى من أسرارها والله الموفّق .

وذلك أنّ تربية الروح الإنساني وتغذيته إنّما تكون في بدو الفطرة وأوّل النشأة بالقوى الطبيعية التي للروح الطبيعي الشهودي الذي صورته الدم ،
والروح الحيواني الذي صورته البخار المتّصل من لطائف الروح الطبيعي ، وتربية الروح الإنساني النفساني الذي تعيّنه في القوى النفسانية وقوى الروح العقلي وخصائصه بهيئة أحدية جمعية اعتدالية بين قوى الروح النفساني ، وهذه القوى مختلط ومرتبط بعضها بالبعض في أوّل النشء والنماء .

والروح الإنساني ، وإن كانت ولادته وتعيّنه في تلك الهيئة العادلة الفاضلة الحاصلة بين قوى الروح النفساني فيمن سبقت له العناية الإلهية الأزلية ، ولكنّ القوى الروحية الحيوانية ، وقوى الروح الطبيعيّ غالبة في بدو النشء ،
وكذلك كانت تربية موسى في حجر أمّها التي هي صورة أفضل القوى الخصيصة بتربية الروح من قوى الطبيعة ، ولكن كان بين آل فرعون الذي هو صورة الهوى الطبيعي والحيواني - وآله صور القوى السبعية والشهوية التي للروح الحيواني والطبيعي وكانوا هم الغالبين إذ ذاك ،
ثمّ لمّا تمّ نشؤه وتكاملت قواه وبلغ أشدّه واستوى وميّز بين القوى الروحانية الإنسانية ، الإلهية وبين القوى الحيوانية الغضبيّة وبين القوى النفسانية الإنسانية وحصل على علم الفرقان بينها ، حينئذ فضّل القوى الروحانية الإنسانية على القوى الطبيعية كتفضيل موسى وآله من بني إسرائيل على قوى الهوى التي هي حقائق آل فرعون .

وأمّا قتله القبطيّ فهو صورة إبطال الروح العقلي لبعض القوى الإنحرافية الشيطانية التي تدعو إلى الشرّ ، وتسرع إلى الفساد والضرّ ، وتثبّط عن الخير بالضير ، وتمنع عن الصلاة والذكر ، وتأمر بتغليب القوى الطبيعية المزاجية على القوى الروحية العقلية التي كانت بنو إسرائيل صورها .

وبين هذه القوى الانحرافية الشيطانية وبين القوى الروحية العقلية والقوى الإيمانية لزام وخصام وجدال ونضال لا فتور لها ، كما كانت المخاصمة والمعاداة بين آل فرعون وبين بني إسرائيل حتى قتل القبطيّ بوكزة موسى ،
وصورة الوكز نظير حجر العقل والحجر وقهره لتلك القوّة بمعاونة قوّة الإيمان والفكر والذكر ، وقتله تعطيل تلك القوى الشيطانية بالكلَّية وتبطيل وجوده وشيطنته بسلطان الروح وبرهان العقل وتبيان في بعض النشآت الكمالية كنشأة موسى فيما نحن بصدد بيانه ،
ولكن بعض المحقّقين من أهل الكمال لا يبطلونها ولا يعطَّلونها بالكلَّية ، ولكنّهم يسخّرونها ويستعملونها في المصارف المستحسنة الكمالية كما أشار إلى ذلك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنّه مكَّن من أخذ العفريت ،
وأشار أيضا إلى أنّ شيطانه أسلم ولا يأمره إلَّا بخير ، فيقلَّب هؤلاء الكمّل أعيان القوى ، الآمرة بالشرّ إلى أعيان القوى ، الأمرة بالخير بالإكسير الكمالي الأحدي الجمعي ، الكاسرة لصور النقص والضير ، وهو من المشرب المحمّدي الختمي .

وأمّا حبّه النجاة وفراره من الهلاك فإنّه مستحسن في الله ، فإنّ نفسه لله لا له ، كما قال :" إِنَّ الله اشْتَرى من الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ " ونفوس الكمّل لله ، فيجب أن يحبّ كلّ منهم نجاته وحياته حبّا لله وفي الله ، فإنّ نفسه لله ، بل هو ظاهره وهو باطنه وهو عينه وهو هو من حيث تجلَّيه في حقيقته وعينه الثابتة ، والرجل الذي   " جاءَ من أَقْصَا الْمَدِينَةِ "   . . . 
" يَسْعى قالَ يا مُوسى إِنَّ الْمَلأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ من النَّاصِحِينَ " 
 هو الإلهام الإلهي من أصل الوحي يحصل من أقاصي القوى النفسانية الذي يرد على بعض النفوس الكاملة عناية من الله ، ولذلك الشخص كانت صورة القوّة الملهمة بأمره وإذنه .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

قال رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فسقى لهما من غير أجر ، ثم تولى إلى الظل الإلهي فقال :" رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ من خَيْرٍ فَقِيرٌ "  فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزل الله إليه ، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده ) .

 لأنه عليه السلام تحقق أن له عند الله خيرا نزل إليه ، وقد أنزل الله هذا الخير : أي عمل السقي إليه ، فإنه خير في نفسه فعرض حاجته إلى الله في الخير الذي عنده مطلقا أو من الدنيا : أي إني لأجل الذي أنزلت إلى من خير الدين فقير إليك فيه أو من الدنيا ، قال : ذلك شكرا لله وإظهارا للرضا بالخير الديني من الخير الدنيوي أي بدله .

قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكره بسقايته من غير أجر إلى غير ذلك مما لم يذكر ، حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعرض ، حتى يقص الله عليه من أمرهما ) .

روى أنه صلى الله عليه وسلم قال « ليت أخي موسى سكت حتى يقص الله علينا من أنبائهما » وروى عن الشيخ قدس سره : أنه اجتمع بأبى العباس الخضر عليه السلام ، فقال : كنت أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة مما جرى عليه من أول ما ولد إلى زمان اجتماعه فلم يصبر على ثلاث مسائل منها .

"" إضافة بالي زاده :
فما أورد في هذا الكتاب إلا ما ذكر في كلام رب العزة .
وروى عن الشيخ أنه قد أخبر الخضر في كشفه فقال : أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة مما جرى عليه من أول ما ولد إلى زمان الاجتماع مما وفق إليه موسى من غير علم فلم يصبر موسى على ثلاث مسائل منها ، فاستخبر الشيخ هذه المسائل كلها من الخضر فأخبره تفصيلا ولم يذكرها الشيخ حفظ للأدب . اهـ  بالى زاده ""

قال رضي الله عنه :  ( تنبيها لموسى من الخضر أن جميع ما جرى عليه ويجرى إنما هو بأمر الله وإرادته الذي لا يمكن وقوع خلافه ، فإن العلم بها من خصوص الولاية ، وأما الرسول فقد لا يطلع عليه فإنه سر القدر ، ولو اطلع عليه لربما كان سببا لفتوره عن تبليغ ما هو مأمور بتبليغه فطوى الله علم ذلك عن بعض الرسل رحمة منه بهم ، ولم يطوه عن نبينا صلى الله عليه وسلم لقوة حاله ، ولهذا قال :" أَدْعُوا إِلَى الله عَلى بَصِيرَةٍ "  فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى عليه السلام من غير علم منه ) .

الظاهر أنه فيعلم بالياء والنصب عطفا على يقص والفاعل هو الرسول عليه السلام ، ويجوز أن يكون فنعلم بالنون والرفع عطفا على قصة الخضر : أي فنعلم نحن ما أراه الخضر ما وفق لموسى عليه السلام ، وأجرى على يده من الخيرات من غير علم منه.

قال رضي الله عنه :  ( إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله ، ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله له وعما شرط عليه في أتباعه رحمة بنا إذا نسينا أمر الله ، ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر : " ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً " أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا فأنصف ).


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

قال رضي الله عنه :  (فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين "فسقى لهما" من غير أجر ، "ثم تولى إلى الظل " الإلهي ، فقال : "رب إني لما أنزلت إلى من خير فقير" . فجعل عين عمله السقي.) و (السقي) بدل عن ( عمله ) ، أو عطف بيان .

قال رضي الله عنه :  (عين الخير الذي أنزله الله إليه، فوصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده.) إنما جعل عين السقي عين الخير الذي أنزل الله إليه ، لأن الخير المنزل إليه كانت النبوة وعلومها .
والماء صورة العلم لذلك فسر ابن عباس رضي الله عنهما، قوله تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماءا ) . أي علما
فأفاض بعلمه على الجاريتين عين ما استفاض من الله تعالى في الحقيقة ، وإن كان في الصورة غيره .
ولأن التوفيق والقدرة بذلك العمل ما كان إلا من الله ، فاستفاض ذلك منه وأفاض أثره عليهما ، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده ، لأن الفيض إنما يحصل بحسب الاستعداد ، ومن جملة شروطه خلو المحل عما ينافي المعنى الفائض ، بل عن كل ما سوى الله .
والفقير التام هو الكامل المطلق من النوع البشرى.

قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر ، فعتبه موسى على ذلك ) بقوله : ( لو شئت لاتخذت عليه أجرا ) . فذكره الخضر ( بسقايته من غير أجر إلى غير ذلك مما لم نذكره . ) أي، في، هذا الكتاب واطلعنا عليه في الكشف عند شهود الخضر عليه السلام .

وقد روى عنه أنه اجتمع بالخضر في الكشف . فقال له الخضر : كنت قد أعددت لموسى بن عمران ألف مسألة مما جرى عليه من أول ما ولد إلى زمان الاجتماع بينهما ، فلم يصبر على ثلاثة مسائل منها قد ( حتى تمنى رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، أن يسكت موسى ، عليه السلام ، ولا يعترض حتى يقص الله تعالى عليه من أمرهما ) .

بقوله رضي الله عنه  : ( رحمة الله علينا وعلى موسى ، ليته صبر حتى يقص علينا من أنبائهما )
وفي رواية أخرى متفق على صحتها أيضا : " لو صبر أخي موسى، لرأى العجب، ولكن أخذ به من صاحبه دمامة " . - الحديث .
( فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى ، عليه السلام ، من غير علم منه ) " فيعلم " ب‍ " الياء " عطف على " يقص ". أي ، حتى يقص الله ، فيعلم رسول الله الذي وفق إليه موسى من الأعمال من غير علم منه واختيار منه .

قال رضي الله عنه :  ( إذ لو كان عن علم ، ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه ) الخضر .
(عليه في اتباعه رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.) أي ، تلك الغفلة رحمة من الله بنا إذا نسينا حكم الله ، حتى لا نؤاخذ بالنسيان .

قال رضي الله عنه :  ( ولو كان موسى عالما بذلك، لما قال له الخضر : "ما لم تحط به خبرا" . أي ، إني على علم لم يحصل لك عن ذوق، كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف. ) أي، الخضر . وأما حكمة فراقه ، فلأن الرسول يقول الله فيه في حقه وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا.  

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فَسَقى لَهُمامن غير أجر ،ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلّ ِالإلهيّ ؛فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[ القصص : 24 ] ، فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزل اللّه إليه ، ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخير الذي عنده ).

قال رضي الله عنه : ( فجاء إلى مدين ) بلدة شعيب عليه السّلام ، ( فوجد الجاريتين ) بنتيه يذودان بقيمهما عن الماء ؛ لازدحام الناس عليه ،( فَسَقى لَهُما من غير أجر ) ؛ ليخلص عمله للّه ،( ثُمَّ تَوَلَّى )عن مكان السقي ( إِلَى الظِّلِّ )المتعارف في الظاهر ، وقصد التولي عن الالتفاف إلى ما سوى اللّه من الأعمال وغيرها ، إلا من حيث كونهما من الظل ( الإلهي ) ؛ ليعلم أن وجوده ظل وجود الحق ، وأن سقيه ظل فيض الحق ؛ ليعلم كمال افتقاره إلى الحق ، ويظهر افتقاره إلى آثاره من الفيض ،
( فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله اللّه إليه ) ، وهو الفيض الإلهي ، ( ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه ) ، إذ لم يقل : فقير إلى ذلك الخير ، بل بسبب ذلك الخير فقير إلى اللّه.

قال رضي الله عنه :  ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكّره سقايته من غير أجر ، إلى غير ذلك ممّا لم نذكر حتّى تمنّى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يسكت موسى عليه السّلام ، ولا يعترض حتّى يقصّ اللّه عليه من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى عليه السّلام من غير علم منه ، إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الّذي قد شهد اللّه له عند موسى وزكّاه وعدّله ومع هذا غفل موسى عن تزكية اللّه ، وعمّا شرطه عليه في اتباعه ، رحمة بنا إذ نسينا أمر اللّه ، ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر : ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً [ الكهف : 68 ] أي : إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا ، فأنصف ).

ولما كان سقيه من غير أجر مع شدة احتياجه إلى الأجر ، ( فأراه الخضر عليه السّلام إقامة الجدار من غير أجر ) مع افتقارهما إليه كل الافتقار ، ( فعاتبه ) موسى ( على ذلك ) بقوله : قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً [ الكهف : 77 ] ، فذكره الخضر بالاعتذار بسقايته من غير أجر مع شدة افتقاره إليه ، وقد قصد الخضر عليه السّلام الانتهاء من تذكيره ما جرى عليه إلى غير ذلك ( مما لم يذكره ) بعدم صبره ، وكانت من الأسرار العجيبة ( حتى تمني رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ) ، وهو قوله عليه السّلام في بعض الروايات : « ليت أخي موسى سكت حتى يقص اللّه علينا من أنبائهما » . رواه البخاري والنسائي في السنن الكبرى 
وفي بعض الروايات : « رحمة اللّه علينا وعلى موسى ليته صبر حتى يقص اللّه علينا من أنبائهما » . رواه البخاري والنسائي في السنن الكبرى 

فتمني ( أن يسكت موسى عليه السّلام ) ؛ فإنه الواجب عند رؤية ما ينكر في الظاهر إذا صدر من من يؤثر بديانته ووقوفه على التأويلات الصحيحة ، ( ولا يعترض ) ، وإن وجب الاعتراض على مثله إذا صدر من العامي ، ولم يكن ذلك منه عليه السّلام تمنيا في كمال موسى ، بل تمنى ( حتى يقص اللّه عليه ) ما جرى ( من أمرهما ) ، وليس ذلك ليحصل له به كمال لا يحصل بدونه في حقه ، بل في معرفته بمرتبة موسى ، ( فيعلم بذلك ما وفق ) ، وانتهى ( إليه موسى ) ،

فسكت على ما رأى ما ينكر عليه ، فلم ينكر لكونه ( من غير علم منه ) ، فيعلم رتبته في الصبر ، ورعاية آداب المشايخ ، لكنه أنكر عليه مع كونه من غير علم منه ، ( إذ لو كان ) إنكار موسى في كل ما ينكره ( عن علم ) بباطن ما ينكره ، ( ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي لا يصدر عنه المنكرات في الباطن ؛ لأنه ) .

الذي شهد اللّه له عند موسى بقوله " :آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً [ الكهف : 65 ] ، وإذا شهد بذلك ، فقد ( زكاه ) ؛ لأن الفاسق لا يستحق الرحمة العندية اللدنية بل إنما يستحقها صاحب العصمة ، فإن لم يكن معصوما فلا أقل من العدالة ، وإذا ( عدله ) لم يكن من شأنه أن يقول في المنكرات :إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً[ الكهف : 67 ] ،
فعلم أن إنكار موسى لم يكن عن علم بحال ما أنكره في الباطن ، ( ومع هذا ) أي : مع كون إنكاره لا عن علم ، ( غفل موسى عن تزكية اللّه ) المانعة عن الإنكار ، ( وعما شرطه ) الخضر ( عليه في اتباعه ) من قوله : فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً[ الكهف : 70] ؛
ولهذه الغفلة قال موسى عليه السّلام :لا تُؤاخِذْنِي بِما نَسِيتُ وَلا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْراً [ الكهف : 73 ] ، وقوله رحمة عليه ؛ لقوله : غفل بنا ( إذا نسينا أمر اللّه ) .
ثم أشار إلى أنه لم يكن له علم قبل الغفلة أيضا ، بقوله : ( ولو كان موسى عالما بذلك ) ، أي : بحال ما سينكره ( لما قال له الخضر:  وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً ) [الكهف : 68]
 ، وإن كان موسى وليّا ؛ لأنه رسول ، وكل رسول نبي وولي ، فهو وإن علم ذلك بالولاية ، فلم يحصل له في ذلك ذوق كما حصل للخضر ؛ لكمال ولايته وغلبتها على نبوته

حتى قيل : إنه ولي غير نبي كما غلبت النبوة والرسالة في موسى عليه السّلام على ولايته ؛ فلذلك فسره بقوله : ( أي : إني على علم لم يحصل لك عن ذوق ) ، وإن علمته بطريق الوحي والإلهام ، ( كما أنك على علم ) من جهة كمال النبوة والرسالة ( لا أعلمه ) ؛ لقصوري في ذلك عن رتبتك ، ( فأنصف ) الخضر بجعله كاملا في الرسالة النبوة اللتان هما أعلى من الولاية في حق من تجردت ولايته .

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

ارتباط سقي موسى للجاريتين وإقامة خضر للجدار
قال رضي الله عنه  : ( فجاء إلى مدين ) - الدين الجمعي والكمال الإظهاري وإفاضة علمي الظاهر والباطن الإنبائي والتشريعي ، العامّي والخاصّي - ( فوجد الجاريتين( القابلتين لتينك الإفاضتين بوثاقة نسبة القرب والجارية ، ( فسقى لهما من غير أجر ) من النقود الفعليّة المعدّة لهما في استفاضة ذلك النوع من صنفي الكمال والأعمال الصالحة ، المورّثة لهما تلك العلوم والمعارف .

قال رضي الله عنه  : ( " ثُمَّ تَوَلَّى " ) من التفرقة الكونيّة ( " إِلَى الظِّلِّ " الإلهيّ ) والجمع الإجمالي ، فإنّ « الظلّ » هو لام الجمعيّة الإلهيّة وشجرة كليّتها التي أصلها ثابت وفرعها في السماء - كما عرفت من تلويحاته - إذا ظهر به ظاء الظهور وبيّن أنّ هذا الظلّ مستقرّ الكلمات الكاملة ومقيل استراحتهم وقربهم إلى أصل تلك الشجرة ، وموطن مناداتهم ومناجاتهم معه .

قال رضي الله عنه  : ( " فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ " ) مما سقيته لهما ( "من خَيْرٍ") - يعني إفاضة اللطائف الكماليّة الوجوديّة فإنّ الخير هو الوجود - ( " فَقِيرٌ " ) إليك ، محتاج لأن تفيض علي من ذلك الخير ، ويشفي به غلَّة طلبي وشوقي ، ويكفي ذلك في إشباع غاذية استعدادي .

قال رضي الله عنه  : ( فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه ، ووصف نفسه
بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده ، فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر ) ، يعني جدار الإظهار في مقابلة سقيه وإفاضته ، ( فعتبه على ذلك ، فذكَّره بسقايته من غير أجر ) تنبيها لظهور مثل ذلك منه ، على ما هو مقتضى تقابل كلمتيهما وتعاكس الأمر فيهما ، كما في الصورة المشار إليها ، ( إلى غير ذلك مما لم يذكر ) .

النبوّة سلطان الاسم الظاهر ، والولاية سلطان الاسم الباطن
ثمّ هاهنا نكتة حكميّة لها كثير دخل في استكشاف أسرار هذا الموضع ووجوه لطائفه ، وهي أنّ طرف النبوّة - من حيث هي هي - لغلبة حكم الصورة فيها سلطنة للاسم الظاهر ،
كما أن سلطنة طرف الولاية - من حيث هي - لغلبة حكم المعنى فيها للاسم الباطن ومن ثمّة ترى الآثار المترتّبة على النبوّة ليست إلَّا إظهار الشرائع والنواميس ، وأحكامها الخصيصة بها إنّما هي الصور المنبئة عن الحقائق والأمور في نفسها والآثار المترتّبة على الولاية من حيث هي ليست إلَّا العلم بما انطوى عليه تلك الشرائع والنواميس من الحقائق ، وحكمها المختصّة بها إنّما هو كشف تلك الصور عن وجوه حقائقها .

 وجه اختفاء بعض الحكم على صاحب النبوّة
ويتفرّع عن هذا الأصل وجوه من الحكم :
منها : ما سبق الإيماء به من أنّ النبوّة - من حيث أنّها نبوّة - قد يظهر منها أحكام وصور ذوات حكم وإيقان على ذهول من صاحبها ، بل قد يشتبه عليه وجه حقيقتها مع كمال عصمته ، فضلا عن عثوره على وجوه حكمتها ، إلى أن يبلغ مجمع بحري الولاية والنبوّة ،

ويظهر حكم قهرمان الجمعيّة بمصاحبة الصاحبين هنالك وحينئذ ينكشف لصاحب النبوّة ما اشتبه عليه وذهل عنه كما اشتبه على الكلمة الموسويّة ما جرى عليها ، ذاهلة عنه من الأمور المعدّة لها في نشوء تلك المرتبة الرفيعة ،
إلى بلوغها الحافظة لها عمّا يعوقها عن كمالها الموصلة إيّاها ، لتمام أمرها من إفاضة مدرار الإنباء والإظهار - يعني صورة إلقاء موسى في التابوت ، وقتله القبط ، وسقيه الجاريتين - إلى أن عاين وجوه حكمة تلك الصور عندما بلغ مجمع البحرين وبه صاحب خضر .

وجه اختصاص الكلمة الموسويّة بهذه الخصوصيّات
ومنها : وجه اختصاص الكلمة الموسويّة بين الأنبياء بهذا الاشتباه والذهول وذلك لأنّ النبوّة قد ظهر فيها بخصوصيّات أحكامها المنفردة بها عمّا يقابلها من العلوّ والظهور بالقهر والقوّة ، وسائر مقتضيات الكثرة ولوازم الصورة - كما نبّهت عليه في مطلع الفصّ - ومن شأن الحكم الإلهيّة أنّه إذا ظهر أحد المتقابلين بخصوصيّته الفارقة ، لا بدّ وأن يستعدي ذلك الظهور إلى الآخر ، بل يوجب ظهور الآخر بما اختصّ به .

كما عرفت تحقيق ذلك آنفا عند الكلام في حكمة إلقاء موسى في التابوت ، وإلقائه في اليمّ ، من أنّ ظهور المقابل إنّما يتمّ ويكمل بظهور ما يقابله فلا بدّ وأن تظهر الولاية بخصوصيّتها المميّزة إيّاها من العلوم والحكم الفائضة من بطون الوحدة وحضرات القرب في كلمة خضريّة ، عند ظهور الكلمة الموسويّة بخصوصيّة النبوّة وأحكامها الفارقة من الصور والأوضاع الناشئة من ظهور الكثرة فإنّ منها ما اختصّ به تلك الكلمة من الظهور بالآيات التسع ، وهي أنهى مراتب الكثرة ، وأقصى غاية الصور .

ومن هاهنا ترى حكم الكثرة والتقابل سارية في سائر مدارج ظهورها :
حيث لا يحصل لها كمال في مرتبة إلَّا عند مقابلة الآخر لها في تلك المرتبة كالمنجمّين عند حكمهم على قتلها .
أول ما يدخل في المراتب الاستيداعية
ثمّ مقابلتها القبطي قبل دعوتها ،
ثمّ مناظرتها السحرة عند دعوتها وإظهار معجزتها ،
ثمّ معاداة فرعون إيّاها عند ظهور نبوّتها ،
ثمّ مباحثة خضر معها عند كمال نبوّتها
ولذلك قد امر عند طيّها طوى الغرب وبساط الخطاب بخلع نعلي التقابل .

الولاية والنبوّة في زمان الخاتم صلَّى الله عليه وآله
ثمّ إذا تقرّر هذا تبيّن لك أن ظهور الولاية والنبوّة بخصوصيّتهما الفارقتين ، المميّزتين إيّاهما ، المنبئتين عن قصص ما بينهما من تفاصيل الأحكام ، إنّما يتوقع بلوغهما إلى مرتبة التمام في أيّام موسى ، وظهور كلمته العليا ،
فإنّ زمان خاتم النبوّة صلَّى الله عليه وسلَّم - لظهوره بأحديّة جمع الخصائص الكماليّة كلَّها - قد غلب فيه حكم الجمعيّة والوحدة ، ولا مجال للكثرة والتقابل .

على أنّ الولاية مندمجة مغلوبة تحت حكم نبوّته الختميّة في ذلك الزمان ، فما كان لها أن يظهر فيها خصوصيّتها الامتيازيّة ، ولذلك تراه طالبا عند الإنباء عن تينك الخصوصيّتين والإفصاح عمّا نطق به لسان الولاية والنبوّة بخصوصيّتيهما أن يظهر لسان الولاية بأحكامها الخاصّة بها أكثر مما ظهر ،

قال رضي الله عنه  : ( حتى تمنّى صلَّى الله عليه وسلَّم أن يسكت موسى عليه السّلام ) عن مقتضيات خصوصيّة النبوّة والغلبة التي من جهتها - كما ورد في الآثار الصحيحة منه : « لو صبر لرأى العجب ، ولكن أخذته من صاحبه ذمامة » ، ضرورة أنّ أحكام الباطن التي هي من خصوصيّات الولاية موطن عجائب الآثار وغرائب الأطوار .

"" أضاف الجامع :
حديث مسلم : رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " رحمة الله علينا، وعلى موسى لولا أنه عجل، واستحيا وأخذته ذمامة من صاحبه، فقال: "إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني" [الكهف: 76] لرأى من صاحبه عجبا ". رواه مسلم وابن حبان وابي داود والنسائي وابن ماجة واحمد ابن حنبل والحاكم في المستدرك وغيرهم. ""

حكمة نسيان موسى وعدم سكوته عند خضر عليهما السّلام
فلو أنّ موسى يسكت ( ولا يعترض حتى يقصّ الله عليه ) بلساني موسى وخضر اللذين هما وجها النبوّة والولاية  ( من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى من غير علم منه ) فإنّه وجه النبوة .

وبيّن أن ذلك الوجه وإن صدر عنه الأفعال المتقنة والأوضاع المحكمة ذوات نظم وحكم ، ولكن لا علم له من هذا الوجه بها ، ( إذ لو كان عن علم ) فيما صدر منه ( ما أنكر مثل ذلك على الخضر ، الذي قد شهد الله له عند موسى ) بالعلم - حيث قال : " وَعَلَّمْناه ُ من لَدُنَّا عِلْماً " " وزكَّاه".

قال رضي الله عنه  : (وعدّله ) حيث قال " آتَيْناه ُ رَحْمَةً من عِنْدِنا " ( ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعمّا شرط عليه في اتّباعه ) ، على ما هو المستفاد
من قوله تعالى : ( هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً . قالَ إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً . وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً . قالَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ الله صابِراً وَلا أَعْصِي لَكَ أَمْراً . قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْه ُ ذِكْراً ) .

ثم إنّ موسى مع هذه التنبيهات والتعريكات قد غفل عمّا شرط عليه حتى سأل مع كمال تيقّظه وتفطَّنه  ( رحمة بنا إذا نسينا أمر الله ولو كان موسى عالما بذلك ما قال له الخضر : " ما لَمْ تُحِطْ به خُبْراً ")  
بعد قوله : " إِنَّكَ لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً " ( أي إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق ) ، فإنّ الخبرة هو العلم الحاصل من الذوق ، كما أنّ الإحاطة بالشيء يستلزم العلوّ عليه ، ( كما أنت على علم لا أعلمه أنا - فأنصف ) .

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ رضي الله عنه :  (  فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين «فسقى لهما» من غير أجر، «ثم تولى إلى الظل» الإلهي فقال «رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير» فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزله الله إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى الله في الخير الذي عنده. 
فأراد الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك، فذكره سقايته من غير أجر، إلى غير ذلك مما لم يذكر حتى تمنى صلى الله عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص الله عليه من أمرهما فيعلم بذلك ما وفق إليه موسى من غير علم منه.
إذ لو كان على علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد الله له عند موسى وزكاه وعدله . ومع هذا غفل موسى عن تزكية الله وعما شرطه عليه في اتباعه، رحمة بنا إذا نسينا أمر الله.   ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر «ما لم تحط به خبرا» أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا. فأنصف.  (

قال رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فَسَقى لَهُما من غير أجر .ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلّ ِالإلهيّ فقال :رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[ القصص : 24 ] فجعل عين عمله السقي عين الخير الذي أنزل اللّه إليه، ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخير الذي عنده.
فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكّره سقايته من غير أجر ، إلى غير ذلك ممّا لم نذكر حتّى تمنّى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - أن يسكت موسى عليه السلام  )

قال رضي الله عنه :  ( فجاء إلى مدين فوجد الجاريتين فَسَقى لَهُما من غير أجر ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ الإلهي فقال :فَقالَ رَبِّ إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ[ القصص : 24 ] فجعل عين عمله السقي ) منصوب على أنه مفعول لعمله لأنه مصدر وقيل مجرور على أنه بدل من عمله أو عطف بيان ( عين الخير الذي أنزله اللّه ، ووصف نفسه بالفقر إلى اللّه في الخير الذي عنده ) ، لا إلى ما أنزل إليه ولهذا قال :لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّولم يقل إلى ما أنزلت ( فأراه الخضر إقامة الجدار من غير أجر فعتبه على ذلك فذكره بسقايته من غير أجر إلى غير ذلك مما لم يذكر ) في هذا الكتاب بل في القرآن .
روي عن الشيخ رضي اللّه عنه أنه اجتمع بأبي العباس الخضر صلوات اللّه عليه فقال له : كنت أعددت لموسى بن عمران ألف تفصيلة مما جرى عليه من أول ما ولد إلى زمان اجتماعه فلم يصبر على ثلاث وكان ما أعده الخضر لموسى عليهما السلام كثيرا

قال رضي الله عنه :  ( السّلام ولا يعترض حتّى يقصّ اللّه عليه من أمرهما ، فيعلم بذلك ما وفّق إليه موسى عليه السّلام من غير علم منه . إذ لو كان عن علم ما أنكر مثل ذلك على الخضر الّذي قد شهد اللّه له عند موسى وزكّاه وعدّله ومع هذا غفل موسى عن تزكية اللّه وعمّا شرطه عليه في اتّباعه ، رحمة بنا إذ نسينا أمر اللّه . ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً[ الكهف : 68 ] أي إنّي على علم لم يحصل لك عن ذوق كما أنت على علم لا أعلمه أنا . فأنصف . )

قال رضي الله عنه :  ( حتى تمنى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يسكت موسى عليه السلام ولا يعترض حتى يقص اللّه عليه ) ، أي على الرسول صلى اللّه عليه وسلم ( من أمرهما ) ، أي موسى والخضر ( فعلم بذلك ما وقف عليه موسى عليه السلام ) من الأعمال ( من غير علم منه ) واختيار ( إذ لو كان عن علم ) فيما صدر منه من الأعمال ( ما أنكر مثل ذلك على الخضر الذي قد شهد اللّه له عند موسى بالعلم ) ، حيث قال :وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً

قال رضي الله عنه :  ( وزكاه وعدله ) حيث قال : وآتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا (ومع هذا غفل موسى عن تزكية اللّه وعما شرطه ) الخضر ( عليه في اتباعه ) حيث قالَ فَإِنِ اتَّبَعْتَنِي فَلا تَسْئَلْنِي عَنْ شَيْءٍ حَتَّى أُحْدِثَ لَكَ مِنْهُ ذِكْراً [ الكهف : 70 ] ، وإنما غفل موسى عما غفل ( رحمة بنا إذا نسينا أمر اللّه ) ، فإنه لما نسي تزكية اللّه ولم يؤاخذ بذلك علمنا أنه لم يؤاخذ أحدا بالنسيان فكان ذلك رحمة بنا .

قال رضي الله عنه :  ( ولو كان موسى عالما بذلك لما قال له الخضر ) عليه السلام (ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً أي إني على علم لم يحصل لك عن ذوق ) ، فإن الخبرة هي العلم الحاصل من الذوق ( كما أنت على علم لا أعلمه أنا فأنصف ) ، الخضر عليه السلام من نفسه .
واتساب

No comments:

Post a Comment