Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الثامنة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 

الفقرة الثامنة : 
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه : ( وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما». فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، ومحلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.) 

قال رضي الله عنه : (وكذلك)، أي مثل كثرة صور التجلي من الحق تعالى (العلم بالله) تعالى (ما له غاية)، أي نهاية (في العارفين به) سبحانه يقف ذلك العلم (عندها) وإن تنوعت المعارف به تعالى واختلفت إلى وجوه كثيرة على حسب الناس من السالكين والواصلين.
على أنه لا وصول إليه سبحانه بل الكل سالكون، والسلوك منهم مختلف على حسب اختلاف الهمم، واختلاف الهمم على قدر الطلب، والجذب من جهة الحق تعالى لهم بسبب صفاء الأحوال وصدق المعاملة (بل هو)، أي الشأن العارف بالله تعالى (في كل زمان) إلى يوم القيامة (يطلب الزيادة) على ما عنده (من العلم به)، أي بالله تعالى فيقول : ("رب"، أي يا رب (" زدني علما") [طه: 114] بك كما قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم الذي هو أعلم الخلق بالله تعالی ومع ذلك هو محتاج إلى زيادة العلم: "وقل رب زدني علما" ،
ثم كرر المصنف قدس سره ذلك الطلب ثلاث مرات
فقال : ("ربي زدني علما" ، "ربي زدني علما" ) فهو تكرار تأكید لفظي..
أو الأول طلب الزيادة من العلم بحضرات الأفعال الربانية.
والثاني ثم الأسماء والصفات الإلهية.
والثالث ثم غيب الذات العلية.
و الأول في مواطن الدنيا.
والثاني في موطن البرزخ.
والثالث في موطن الآخرة. 
والأول باعتبار تجلیات عالم الملك في الأجسام. 
والثاني باعتبار تجلیات عالم الملكوت في النفوس.
والثالث باعتبار تجلیات عالم الجبروت في الأرواح. 
أو الأول علم القيود. 
والثاني علم الإطلاق. 
والثالث علم الحقيقي وهو الإطلاق عن الإطلاق. 
أو الأول علم الفرق الأول. 
والثاني علم الجمع. 
والثالث علم جمع الجمع، وهو الفرق الثاني . 
أو الأول علم العامة .
والثاني علم الخاصة .
والثالث علم خاصة الخاصة.
فالأمر الذي هو التجلي في الصور والعلم بالمتجلي فيها (لا يتناهی) في الدنيا والآخرة (من الطرفين)، أي من طرف الحق سبحانه ومن طرف العبد .
قال رضي الله عنه : (هذا) يكون (إذا قلت) يا أيها السالك (حق) موجود بنفسه مطلق بالإطلاق الحقيقي (وخلق) قائم بالحق مقيد بالصور الحسية والعقلية والوهمية (فإذا نظرت) يا أيها السالك (في قوله سبحانه في الحديث القدسي (كنت رجله)، أي العبد المتقرب بالنوافل (التي يسعى بها) وهي رجله الوجودية الحقيقية القائمة بنفسها لا رجله التي لا يسعى بها وهي صورة المرئية العدمية (و) کنت (يده التي يبطش بها) وهي الوجودية الحقيقية لا التي يبطش بها وهي الصورة العدمية. 
قال رضي الله عنه : (و) کنت (لسانه الذي يتكلم به) كذلك (إلى غير ذلك من القوى ومحالها التي هي الأعضاء) من سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به (لم تفرق) .
يا أيها السالك حينئذ بين الحق تعالی والخلق، فالحق تعالی عندك هو الوجود المطلق، وهو الظاهر في كل ما هو مسمى بالخلق في الحس والعقل من الصور، وإن كانت الصور من حيث ما هي صور في نفسها مع قطع النظر عن الظاهر بها خلق عندك أيضا .
ولكن هذا الاعتبار يبطن عندك عند ظهور الحق تعالى، وعدم فرق بينه وبين الخلق كما ذكر.
فقلت حينئذ (الأمر) في نفسه (حق كله) من غير خلق أصلا لإنطماس آثار الأعيان الممكنة عند تجلی نور الوجود الحقيقي المطلق (أو) قلت: 
إذا اعتبرت الصور الظاهرة بالوجود الحق أن الأمر في نفسه (خلق كله)، ولا حق في الحس ولا في العقل، لأنه الوجود المطلق والغبب الذي حقيقته لا تدرك ولا تلحق وإذا رجعت إلى الاعتدال في الأحوال.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الأمر في نفسه (خلق بنسبة) الصور المشهودة في الحس والعقل (وهو) أيضا ذلك الأمر في نفسه (حق بنسبة) الوجود القائم على الصورة المشهودة (والعين)، أي الذات وهي في نفس الأمر لا بقيد حس ولا عقل


قال رضي الله عنه : (واحدة) لا تعدد فيها ولا ترکیب لها مطلقا (فعين صورة ما تجلی)، أي العين الحقيقة المنجلية المنکشفة في صورة من الصور هي بعينها (عين صورة من)، أي تلك الحقيقة المنجلية بصور الشخص الذي (قبل ذلك التجلی)، أي الانكشاف المذكور في تلك الصورة الأولى .
قال رضي الله عنه : (فهو) سبحانه (المتجلي) بصيغة اسم الفاعل أي المنکشف بأي صورة شاء (و) هو أيضا (المتجلى له) بصيغة اسم المفعول والصور هي الفارقة بين جميع الحضرات.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه : (وكذلك العلم  بالله ما) أي ليس (له غاية في العارفين) حتى (يقف) العارف (عندها) إذ العلم ينبع التجلي قوله (بل هو العارف) ضمير الشأن قوله : 
(في كل زمان) متعلق بقوله : (يطلب الزيادة) أي من الله (من العلم به "رب زدني علما " "رب زدني علما " "رب زدني علما "  فالأمر الإلهي لا يتناهي من الطرفين) وهو التجلي من طرف الحق والعلم من طرف العارف فلما تكلم في مقام الكثرة وأحوالها رجع إلى مقام الوحدة وأحوالها.
قال رضي الله عنه :  : (هذا) المذكور (إذا قلت الأمر حق وخلق) أي إذا نظرت امتيازهما وجمعت بين التشبيه والتنزيه فقد أثبت الحق والخلق .
(وإذا نظرت في قوله تعالی كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به إلى غير ذلك من القوى ومحلها) أي المحل (التي هي الأعضاء لم تفرق) بين الحق والخلق قال رضي الله عنه : (فقلت الأمر) أي الموجود (حق كله) هذا إن كان الوجود للحق والعبد مرآة له (أو خلق كله) هذا إن كان الوجود العبد والحق مرآة له.
فلما ذكر هذا التفصيل أشار إلى المقام إلا على مقام الكمل بقوله: (فهو حق بنسبة) أي بوجه (وخلق بنسبة) فلا يحجب العارف بالنظر إلى أحدهما عن الآخر بل جمع بينهما بنظر واحد .
(والعين) القابلة لهذه الاعتبارات المختلفة (واحد) في ذاته لا يندد بقبول الاعتبارات الكثيرة فإذا كان العين وهي حقيقة الوجود واحدة .
قال رضي الله عنه : (فعين صورة ما تجلی) أي صورة المتجلي (عين صورة ما قبل ذلك التجلي فهو) أي الحق المتجلي بوجه والمتجلي له بوجه، وإن اختلفت الأحكام في المتجلي (والمتجلي له).

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما». فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.  فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی. 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه : (وكذلك العلم بالله ما له نهاية في العارفين يقف عندها ، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ، " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ، " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " إلى ما لا يتناهى من الطرفين . هذا إذا قلت : حق وخلق ، فإذا نظرت في قوله : " كنت رجله التي يسعى بها ، ويده التي يبطش بها ، ولسانه الذي يتكلَّم به " إلى غير ذلك من القوى ومحالَّها التي هي الأعضاء ، لم تفرق .
فقلت : العلم بالله ما له نهاية في العارفين يقف عندها كلّ ذلك لها بالفعل من حيث هي هي في حقيقتها ، وبالقوّة بالنسبة إلى اعتبار المعتبر . فأعجب من هذا العجب ، وإن تحقّقت فلا تعجب وحدّث عن البحر ، فلا حرج ولا عجب ، سبحانه وتعالى عن أن يكون معه غيره في الوجود .
فقلت : الأمر حق كلَّه أو خلق كلَّه ، فهو حق بنسبة وهو خلق بنسبة والعين واحدة ، فعين صورة ما يتجلَّى عين صورة من يقبل ذلك التجلَّي ، فهو المتجلَّي والمتجلَّى له ، فانظر ما أعجب أمر الله من حيث هويته ومن حيث نسبته إلى العالم في حقائق الأسماء الحسنى ).

يشير رضي الله عنه : إلى أنّ هذه الأسماء المختلفة الواقعة على هذه العين الواحدة إنّما هي بالاعتبارات ، فإذا اعتبرت أحدية الذات .
قلت : حقيقة واحدة ليس غيرها أصلا ورأسا .
وإن اعتبرت تحقّقها الذاتيّ في عينها .
قلت : حق .
وإن اعتبرت إطلاقها الذاتيّ ،
قلت : ذات مطلقة عن كل اعتبار . وإن اعتبرت تعيّنها في مراتب الظهور
قلت : شهادة . وإن اعتبرت لا تعيّنه ،
قلت : غيب حقيقي . وإن اعتبرت الظهور في الكثرة ،
قلت : خلق كلَّه . وإن اعتبرت أحدية العين في التعيّن واللاتعيّن ،
قلت : حق كلَّه لا غير . وإن اعتبرت أنّ ظاهره مجلى لباطنه أبدا ،
قلت : هو المتجلَّي والمتجلَّى له .
ولا عجب أعجب من حقيقة بذاتها تقتضي هذه الاعتبارات وهي صادقة فيها ، وذلك بحقيقة تجلَّيها في صور لا تتناهى أبدا دائما ، فلا يغيب عنها في جميع صورها كلَّها إذا تجلَّى في صورة على التعيين .
فإنّها في عين تعيّنها في كل عين عين ومعتقد معتقد متنزّهة عن الحصر على إطلاقها ولا تعيّنها الذاتي المطلق عن كل قيد ، وفي عين لا تعيّنها وإطلاقها عن كل تعيّن ظاهرة بكل عين لكل عين ، وكلّ ذلك لها بالفعل من حيث هي هي في حقيقتها ، وبالقوّة بالنسبة إلى اعتبار المعتبر .
فأعجب من هذا العجب ، وإن تحقّقت فلا تعجب وحدّث عن البحر ، فلا حرج ولا عجب ، سبحانه وتعالى عن أن يكون معه غيره في الوجود .


شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه : "وكذلك العلم باللَّه ليس له غاية في العارف يقف عندها ، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به - رب زدني علما ، رب زدني علما ، رب زدني علما - فالأمر لا يتناهى من الطرفين " .
أي الحق في أصحاب الاعتقادات ، هو الذي يسع كل قلب منهم صورته . والاعتقادات متنوعة فالحق عند كل واحد منهم هو المتجلى في صورة معتقده ، فإذا تجلى في صورة أخرى أنكره فينكر بعضهم إله بعض أبدا فبينهم التخالف والتناكر ، وأما الموحد الذي أطلق الحق عن كل قيد فيقرّ به في كل صورة يتحول فيها ، ويتحول قلبه مع صورته فيكون أبدا يقول دائما بلسان الحال أو القال - رب زدني علما - فلا تتناهى التجليات من طرف الحق ، فلا تتناهى الصور المطابقة لها والعلوم من طرف العبد.
"" أضاف بالي زادة :  (فلا خفاء في تنوع الاعتقادات ) بحسب الأشخاص ولا خفاء في تنوع التجليات بحسب الاعتقادات فمنهم من قيد الحق ومنهم من أطلقه ( فمن قيده ) إلخ .
( إذا تجلى له ) فيما قيد به ، فهو منكر في صورة غير صورة اعتقاده ، ومقر في صورة هي عين صورة اعتقاده ( ومن أطلقه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى ) فيعظم الحق في صورة غير متناهية ، ولا يحصر التعظيم في صورة غير صورة ويعرفه في كل صورة ويعهده فيها .اهـ بالى .
( فقلت الأمر ) أي الموجود ( حق كله ) هذا إن كان الوجود الحق والعبد مرآة له ( أو خلق كله ) هذا إن كان الوجود العبد والحق مرآة له ، فلما ذكر هذا التفصيل أشار إلى المقام الأعلى مقام الكل ( فهو حق بنسبة ) أي بوجه ( وخلق بنسبة ) فلا يحجب العارف بالنظر إلى أحدهما عن الآخر بل جمع بينهما بنظر واحد .
(والعين) القابلة لهذه الاعتبارات (واحدة) في ذاتها لا تتعدد بقبول الاعتبارات اهـ. بالي زادة""

قال رضي الله عنه : "هذا إذا قلت حق وخلق ، فإذا نظرت في قوله « كنت رجله الذي يسعى بها ، ويده التي يبطش بها ، ولسانه الذي يتكلم به » إلى غير ذلك من القوى ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله ، فهو خلق بنسبة وحق بنسبة والعين واحدة ، فعين صورة ما تجلى عين صورة ما قبل ذلك التجلي ، فهو المتجلى والمتجلى له "
يعنى أن الحقيقة والعين الأحدية واحدة لا تتكثر أصلا إلا بالاعتبار ، فإذا نظرت إلى الحقيقة المتعينة بأي صورة كانت قلت حق باعتبار الحقيقة وخلق باعتبار التعين هذا إذا نظرت إلى الحقيقة الأحدية قلت الذات أو الحقيقة فحسب.
 وإذا نظرت إلى تحققها الذاتي قلت حق وإذا نظرت في مفهوم الحديث ورأيت أن جميع القوى والأعضاء ليست إلا عين العبد .
قلت خلق كله أو حق كله بإحدى النسبتين نسبة الوحدة أو الكثرة ، فإن اعتبرت نسبة الوحدة إلى الكثرة قلت إله ، وإن اعتبرت ظهور الواحد الحق في صورة الكثرة قلت المتجلى هو المتجلى له ، وإن اعتبرت أحدية الجميع نفيت الغير وقلت العين واحدة فإن أحدية جميع الوجود يحكم بنفي السوي ويشهد قوله – " كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَه " فانظر عجائب أمر الله من حيث هويته ، فإنه أحد لا كثرة فيه بحسب ذاته وحقيقته ، وإله واحد من حيث نسبته إلى العالم بالمعاني المختلفة التي هي حقائق الأسماء ، فأعجب ولا تغب عنه في التجليات الغير المتناهية فإنه أمر واحد لا موجود غيره :

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه  : ( وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها ) . أي ، العلم بالله أيضا ليس له غاية في قلوب العارفين ليقف العارف عندها . ( بل العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به : " رب زدني علما ، رب زدني علما ، رب زدني علما " . فالأمر لا يتناهى من الطرفين ) .
أي ، الذي هو العارف يطلب الزيادة من العلم في كل زمان من الأزمنة ، كما قال لنبيه : ( وقل رب زدني علما ) .
فالأمر الإلهي لا يتناهى من طرف الحق بالتجلي ، ومن طرف العبد بالعلم بالله .
( هذا إذا قلت حق وخلق ) . أي ، إذا نظرت إلى مقام الجمع والتفصيل ، وميزت بينهما .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( فإذا نظرت في قوله تعالى : " كنت رجله التي يسعى بها ، ويده التي يبطش به ، ولسانه الذي يتكلم به"  . إلى غير ذلك من القوى ومحلها الذي هو الأعضاء ، لم تفرق ) . أي ، بين المرتبتين .
( فقلت الأمر حق كله ، أو خلق كله ، فهو خلق بنسبة ، وهو حق بنسبة ) . ( الأمر ) بمعنى المأمور . أي ، الموجود كله حق بحسب ظهوره في مرآيا الأعيان الثابتة ، وهي على حالها في عدمها .
أو خلق كله باعتبار ظهور الإنسان في مرآة الوجود الحق ، وهو على غيبه الذاتي .
أو قلت : خلق بنسبة ، وهي من حيث تعين الوجود وتقيده . أو : حق بنسبة .
وهي باعتبار الوجود بدون التعين الموجب للخلقية .
( والعين واحدة ) . أي ، يعتبر هذه الاعتبارات كلها ، والحال أن الذات التي عليها تطرأ هذه الاعتبارات واحدة ، لا تعدد فيها ولا تكثر .
قال رضي الله عنه  : (فعين صورة ما تجلى ، عين صورة ما قبل ذلك التجلي ، فهو المتجلي والمتجلى له ) . فعين الصورة المتجلية على القلب ، بعينها عين الصورة القلبية في الحقيقة ، وإن اختلفت بالقابلية والمقبولية ، فالحق هو المتجلي والمتجلى له .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه : (وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».  فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.) 
قال رضي الله عنه : (وكذلك) أي: مثل هذا التجلي الشهودي (العلم بالله ما له نهاية) باعتبار التفاصيل الواقعة (في) اعتقادات (العارفين)، ومعارفهم .
(يقف) علمهم واعتقادهم (عندها)، وإن وقفت معارف اهل النظر كلهم على حد مخصوص (بل هو): أي الذي لا يرى نهاية للعلم به هو( العارف)، فذلك يكون في كل زمان يطلب الزيادة في العلم .
بأن يقول رضي الله عنه  : ("رب زدني علما") بتفاصيل الاعتقادات والمعارف، رب زدني علما بتكثير الأدلة على كل معتقد صحيح، رب زدني علما بكشف الحجب عن المعتقدات، فإنه يشبه العلم الحاصل بالحس، وهو من المعلوم عند الأشعري، وكيف لا؟ 
وقد سمع الله تعالى يقول لا علم الخلق به: "وقل رب زدني علما" [طه:114].
وقد أوجب علينا متابعته صلى الله عليه وسلم والمتكلم إنما يطلب زيادة في تحرير الأدلة وتكثيره ورفع الشبهات.
قال رضي الله عنه : (فالأمر) أي: أمر المعارف والاعتقادات (لا يتناهي من الطرفين)، طرف الطالب في الاستزادة وطرف المطلوب منه في الإفاضة، (هذا) أي: القول بعدم تناهي الأمر من الطرفين إنما يتصور (إذا قلت) الظاهر في الصور (حق) إن كان ذو الصورة واجب (وخلق) إن كان ممكنا ففرقت بينهما.
قال رضي الله عنه : (وإذا نظرت في قوله تعالى) في الحديث القدسي رواه البخاري ومسلم («كنت رجله التي يمشي بها، ويده التي يبطش بها، ولسانه الذي يتكلم به" إلى غير ذلك من القوى، ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق) بين الحق والخلق في الصور الظاهرة، فلا يكون عندك طرفان حتى تقول فلا يتناهى الأمر بينهما.
قال رضي الله عنه : (فقلت الأمر) أي: أمر الظاهر (حق كله) إذ الظهور للوجود لا للأعيان، (أو خلق كله) إذ الظهور إنما هو بالصور والصور كلها حادثة، وليس هذا نفيا لأحد الطرفين
بالكلية، بل للفرق بينهما في نظر الكشف، كما لا فرق بين الخمر والزجاج في نظر الحس، لكن بينهما فرق في الواقع، (فهو خلق بنسبة) أي بالنظر إلى كونه بالصورة، (وهو حق بنسبة) وهو النظر إلى كونه الوجود، ولكن لا فرق بينهما في نظر الكشف إذ (العين) المشاهدة منهما واحدة، وهذه (واحدة) تظهر في التجلي الشهودي، (فعين صورة ما تجلى) من الحق في التجلي الشهودي (فعين صورة ما قبل) بكسر التاء (ذلك التجلي) من الحق.
وإن كانت الصورتان مختلفتين قبل هذا التجلي لكن اتحدا بعد التجلي؛ (فهو المتجلي والمتجلی له) في نظر الكشف، ومن هنا قال من قال: "أنا الحق" و"سبحاني ما أعظم شأني" .
"" أضاف المحقق : قال الإمام الجنيد: إن الرجل مستهلك في شهود الإجلال، فنطق بما استهلکه لذهوله في الحق عن رؤيته إياه فلم يشهد إلا الحق تعالی فنعته.
فنطق به ولم يكن من علم ما سواه ولا من التعبير عنه ضنا من الحق به.
ألم تسمعوا مجنون بني عامر لما سئل عن اسم نفسه؟ 
فقال: لیلی فنطق بنفسه ولم يكن من شهوده إياه فيه.
وقيل له: من أنت؟ 
وقال الشيخ الشهاب السهروردي: وهكذا ينبغي أن يعتقد في الحلاج قوله أنا الحق. ""

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه :  وكذلك العلم باللَّه ما له غاية في العارفين يقف عندها ، بل ) الحقّ ( هو العارف ) يترقّى ( في كلّ زمان ) ويظهر في تجدّدات أدواره وتنوّعات أطواره .
قال رضي الله عنه :  ( يطلب الزيادة من العلم به ) ، فتارة بلسان وجه العارف داعيا :( "رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ) [ 20 / 114 ] .
وتارة بلسان وجه الحقّ وهويّته قائلا رضي الله عنه  : ( " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ) * وتارة بلسان الوجه الجمعي سائلا : ( " رَبِّ زِدْنِي عِلْماً " ) ويمكن أن يجعل هذه التكرار إلى مراتب اليقين من العلم والعين والحقّ .
فإنّ لكلّ مرتبة من علم اليقين وعين اليقين وحقّ اليقين مدارج في الكمال غير محصورة ، فيقتضي الحال طلب الزيادة ، لكن الوجه الأوّل أليق ربطا في هذا السياق وهو قوله رضي الله عنه  : ( فالأمر لا يتناهي من الطرفين ) يعني الحقّ والخلق .

قال رضي الله عنه :  (هذا إذا قلت : « حقّ وخلق » وإذا نظرت في قوله : « كنت رجله التي يسعى بها ، ويده التي يبطش بها ، ولسانه الذي يتكلَّم به » - إلى غير ذلك من القوى ) التي هي مبادئ الإدراكات والأفعال ( ومحالَّها التي هي الأعضاء - لم تفرّق ) في نظرك هذا ( فقلت : « الأمر حقّ كلَّه » أو : « خلق كلَّه " ).
 وإذا كان الأمر ذا وجهين :
( فهو خلق بنسبة ، وهو حقّ بنسبة ، والعين واحدة ، فعين صورة ما تجلَّى عين صورة من قبل ذلك التجلَّي ، فهو المتجلَّي والمتجلَّى له)

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه :  (وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به. «رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما». فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  )

قال رضي الله عنه :  (وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها)، أي عند تلك الغاية فلا يزيد عليها .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (بل هو)، أي العارف أو الشأن أن (العارف في كل زمان يطلب) بلسان الاستعداد (الزيادة من العلم به)، أي الحق فإنه في كل مرتبة يحصل له من العلم ما يستعد به لمرتبة أخرى فوقها فتقول في زمان ما ( "رب زدني علما" ) [طه: 114] .
فإذا ازداد علمه واستعد العلم آخر يقول: ثالثا ("رب زدني علما") هكذا إلى ما لا يتناهی .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فالأمر)، أي أمر العلم (لا يتناهي من الطرفين)، أي طرفي الحق والعبد فلا الطلب ينتهي من جانب العبد ولا التجلي من جانب الحق.
هذا الذي ذكرنا من إثبات الطرفين وجعل أحدهما متجلية مفيضة للعلم والأخر متجلى له وطالبة لزيادة العلم إنما ينحفق (إذا قلت هناك خلق وحق) و میزت بينهما بأن جعلت مرتبة الجمع والإجمال حقا ومرتبة الفرق والتفصيل خلقة.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا نظرت في قوله تعالى) على لسان نبيه: (كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به إلى غير ذلك من القوى ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق) بين المرتبتين بل جعلتهما أمرا واحدا ظهر بنسبتي الوحدة والكثرة .

قال رضي الله عنه : ( الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)

قال رضي الله عنه :  (فقلت: الأمر) الذي كلا منا فيه وهو الوجود (حق كله) باعتبار جهة الوحدة (أو خلق كله) باعتبار جهة الكثرة (فهو خلق بنسبته)، وهي جهة الكثرة (وحق بنسبته) بومي جهة الوحدة (والعين) في الإعتبارین
قال رضي الله عنه :  (واحدة فعين صورة ما تجلی) بالتجلي الشهادي أو الشهودي (عين ما قبل ذلك التجلي، فهو أي الحق هو المتجلي أو المتجلى له.)

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (  وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارف يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به.
«رب زدني علما» ، «رب زدني علما»، «رب زدني علما».
فالأمر لا يتناهى من الطرفين. هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله : «كنت رجله التي  يسعى بها و يده التي يبطش بها و لسانه الذي يتكلم به» إلى غير ذلك من القوى، و محلها  الذي هو الأعضاء، لم تفرق فقلت الأمر حق كله أو خلق كله.
فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة.
فعين صورة ما تجلى عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو المتجلي والمتجلي له.)
قول سیدنا رضي الله عنه : (وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها، بل هو العارف في كل زمان يطلب الزيادة من العلم به : "رب زدني علما"، "رب زدني علما"، "رب زدني علما" (طه: الآية 114). فالأمر لا يتناهي من الطرفين).
يقول رضي الله عنه  : وكذلك تجليات الحق تعالى لا نهاية لها تقف عندها. 
وكان كل تجل يعطى علما خاصا كان العلم بالله من طريق تجلياته ما له غاية في العارفين بالتجليات يقف عندها. 
يقول بعض سادات القوم : السير إلى الله له نهاية ، والسير في الله ما له نهاية
فلا غاية إلا من حيث التوحيد، أعني توحيد العقل، وهو توحيد الأسماء، لا من حيث الواردات.
فالتجلي الإلهي لا يتناهی من حيث أسماؤه، فإن التكوين لا ينقطع، فالمعلومات لا تنقطع، وكل ما لم يدخل في الوجود فلا يتناهی، وليس إلا الممکنات، ولا يعلم من الله إلا ما يكون منه، وهي آثار أسمائه، إما کشفا عن شهود وتجل، أو إلهاما.
فلا علم لأحد إلا بمحدث ممکن ، ولا يعلم الله من حيث الذات إلا الله . 
ولا يعلم المحدث إلا محدثا مثله ، يكونه الحق تعالى فالذي يتخيل أنه علم الله فلا صحة لتخينه لأنه لا يعلم الشيء إلا بصفته النفسية الثبوتية. 
والعلم بصفة الحق النفسية الثبوتية محال. 
ثم اعلم أن القائلين إن للعلم بالله نهایة هم القائلون بالرأي وسبب قولهم هذا أنهم نظروا إلى استعداداتهم ، فلما لم يتمكن لهم أن يقبلوا من الحق إلا ما تعطيه استعدادتهم، حصل الاكتفاء بما قبله استعداد القابل.
وضاق عن الزيادة ، قالوا بالبري والنهاية في العلم بالله . 
وأما الكاملون فلم يقولوا بالري ولا قالوا للعلم بالله غاية ونهاية . 
يقول بعضهم :
شربت الحب كأسا بعد كأس  …..     فما نفد الشراب وما رويت
بل العارفون في كل زمان فرد يطلبون الزيادة من العلم بالله ، فهو کشارب ماء البحر كلما ازداد شربا ازداد عطشا :
(كالحوت ظمآن وفي البحر فمه)
وليس غرض القوم إلا العلم المتعلق بالله الحاصل من التجليات الإلهية ، لا العلم الحاصل من طريق العقل والنظر.
فإن ذلك ليس بعلم عند الطائفة العلية لما يطرأ عليه من الشبه والشكوك، فإن العلم الصحيح لا يحتمل النقيض .
ومما كتبه سيدنا الشيخ الأكبر إلى فخر الدين الرازي رحمه الله وقد كان سأل عن مسائل فأجابه عنها: يا أخي، لا تأخذ من العلم إلا ما ينتقل معك إلى الدار الآخرة، وليس ذلك إلا العلم بالله وبتجلياته . 
وكيف يصح لأحد أن يقول بالنهاية في العلم بالله وهو يقول لمحمد صلى الله عليه وسلم وقد أعطاه علم الأولين والآخرين، أعني أعلمهم بالله : "وقل رب زدني علما" [طه: 114]
وما أمره إلى وقت معين ولا حد محدود، بل أطلق الأمر بطلب الزيادة دنيا وبرزخا وآخرة.
والعلم المأمور به صلى الله عليه وسلم  بطلب الزيادة منه هو العلم بالله وبتجلياته لا الزيادة من الأحكام الشرعية.
فإنه صلى الله عليه وسلم  كان ينهى أصحابه الكرام عن السؤال خوفا من زيادة الأحكام رحمة بأمته، ويقول: «ومن أظلم ممن سأل عن شيء فحرم من أجل سؤاله»
ويقول لهم : "اتركوني ما تركتم "
ويقول: "إن الله سكت عن أشياء رحمة بكم فلا تبحثوا عنها" . رواه الطبراني
وذكر سيدنا الآية الشريفة أنشأ منه طلبا للزيادة لا حكاية وكررها ثلاثا اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه قد ثبت أنه كان إذا دعا دعا ثلاثا، وإذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا، لتفهم عنه. 
فالأمر الذي هو طلب العارف الزيادة من العلم دائما وإجابة الحق تعالى طلبه بتجليه له لا يتناهي من الطرفين. 
أما من جانب الحق تعالى فإنه ليس في ذلك الجناب منح إنما هو عطاء واسع يسع جميع المخلوقات لا ينقطع ، وفيض دائم لا زال ولا يزال. 
فلا منع إلا من جهة القوابل، فمن لم يقبل العطاء فلا يلومن إلا نفسه. 
فالقوابل هي الجانية على أنفسها، وأما من جانب العارف فإن الاستعداد الذي يكون عليه يطلب علما يحصله، فإذا حصله أعطاه ذلك العلم استعدادا عرضا لعلم آخر، فإذا علم بما حصل له أن ثم أمرا يطلبه استعداده الذي حدث له ، بالعلم الحاصل من الاستعداد الأول يعطش إلى تحصيل ذلك. فالعارف عطشان دائما، والتجلي دائم إلى ما لا يتناهی من العارف. 
ومن الحق تعالی قول سيدنا رضي الله عنه : (هذا إذا قلت حق وخلق، فإذا نظرت في قوله: «كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به. إلى غير ذلك من القوى، ومحالها التي هي الأعضاء، لم تفرق قلت الأمر حق كله أو خلق كله. فهو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. فعين صورة ما تجلی عين صورة من قبل ذلك التجلي فهو المنجلي والمتجلي له, ).
يقول رضي الله عنه : أن ما ذكرناه من الاثنينية والتفرقة بين المتجلي تعالى والعارف المتجلى له من حيث التفرقة بين الحق والخلق.
وأن أمر الوجود حق وخلق مغاير له، وهو قول من توهم أن الله ليس عين العالم، وفرق بين الدليل والمدلول ولم يتحقق بالنظر أنه إذا كان الدليل على الشيء نفسه ، فلا يضاد نفسه. 
وكل من فرق بين الدليل والمدلول الحق والخلق لزمة القول بالجملة ، شاء أم أبي فإذا نظرت في قوله تعالى كما ثبت في الصحيح في الحديث الرباني: "لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت رجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها ولسانه الذي يتكلم به" .
"" ورد في البخاري : "بلفظ : قال رسول الله : إن الله قال : من عادى لي
وليا فقد آذنته بالحرب. وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه. وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذ بي لأعيذنه . وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته». ورواه ابن حبان والبيهقي وغيرهم.
إلى غير ذلك من القوى الباطنة الروحانية ومحالها التي هي الأعضاء الظاهرة. 
فعند نظرك في هذا الخبر الإلهي الصدق لم تفرق بين الحق والخلق، ولا قلت بالإثنينية ، وقلت الأمر الوجودي حق كله، فإنه تعالى أثبت التقرب إلى عبده بما نسب إليه من الفعل، وأخبر أنه تعالى قربه التقرب الذي عبر عنه الحق أنه جميع قواه وأعضاؤه، فإنه أثبت تعالی عین العبد بإعادة الضمير إليه من قوله (رجله ویده ولسانه). 
وأثبت أنه ما هو العبد، فإن العبد ليس هو هو إلا بقواه فإنها من حده الذاتي .

""أضاف الجامع : وكذلك لا حول ولا قوة إلا بالله فكل حول وقوة فى السماوات والأرض وعالم الملك والملكوت والجبروت واللاهوت وكل ما خلق الله من جنة ونار و خلق (الإنسان - الملائكة - الجن والشياطين - حيوانات - الأسماك - الحشرات - الجراثيم - الفيروسات - الهواء - الماء - النار - التراب والمعادن والإلكترونات والنيوترونات وكل الخلايا و الموجات الطيفية والطاقة) هي أوجدت ومستمرة بالتحرك والسكون وتؤدي وظيفتها بانتظام ودقة في كل المجرات والسدم بحول وقوة الله وحده لا شريك له.
فما أعجب أمر الله ذي الجلال والجمال والإكرام عز سلطانه من حيث هويته السارية في كل شيء كان الأمر حقا كله ، ومن حيث نسبته إلى العالم وظهوره في حقائق الأسماء الحسنى وتشكل الأسماء الحسني بالصور كان الأمر خلقا كله.
قال أبو يزيد رضي الله عنه : الحق عين ما ظهر وليس ما ظهر عينه، فهو تعالى عين الأشياء في رتبة التقييد وليست الأشياء عينه فيها، فلا ظهور لشيء لا تكون هويته عين ذلك الشيء.
فمن كان وجوده بهذه المثابة كيف يقبل الإطلاق أو التقييد، فالعالم مرتبط بالحق ارتباطا لا يمكن الانفكاك عنه، لأنه وصف ذاتي له من حيث أسماؤه. 
هكذا عرفه العارفون به تعالی. ""
كما قال : "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى" [الأنفال : الآية 17].
مفهوم الآية من طريق الإشارة: ما أنت محمد إذ تدعى محمد! ولكن أنت الله .
أو تقول : ما رميت من حيث ظاهرك إذ رمیت من حيث باطنك، ولكن الله رمى، یعني باطنك حق وظاهرك خلق. 
كذلك هنا، ما هو العبد إذ يدعى بالعبد ، ولكنه الحق تعالى فالصورة والمعنى من العبد له تعالى، إذ الإشارة بلغت عین الكل، فما كان العبد عبدا إلا به تعالى، كما لم يكن الحق قواه إلا به. لأن أسم العبد ما انطلق إلا على المجموع. 
وقد أعلمنا الحق من هو المجموع بقوله : 
کنت رجله ... إلى آخر القوى الباطنة ومحالها الظاهرة، فكان العبد حقا كله. 
وليس المراد من قوله : كنت أنه لم يكن ثم كان، وإنما المراد الكشف عن ذلك بسبب التقرب بالنوافل، وكذلك العالم كله إنسان كبير كامل فحكمه حكم الإنسان
وهوية الحق باطن الإنسان، وقواه التي كان بها عبدا. 
فهوية الحق قوى العالم التي كان بها إنسانا كبيرا، فالعالم كله حق، والصور وإن كانت عين الحق فهي أحكام الممکنات في عين الحق، والحق أن الحق عين الصورة فإنه لا يحويه ظرف ولا تغيبه صورة . 
وإنما غيبه الجهل به من الجاهل، فهو يراه ولا يعلم أنه مطلوبه . 
فقال : إله، وقل : عالم، وقل: أنا؛ وقل: أنت، وقل: هو.
والكل في حضرة الضمائر ما برح وما زال:
انظر إلى وجهه في كل حادثة     ……   من الكيان ولا تخبر به أحدا
هذا بنسبة، أو قلت : الوجود خلق كله بنسبة أخرى، فإنه تعالى ظهر بهذه المرتبة وسمي نفسه بالخلق، فليس إلا الله وحده. 
ويسمي خلقا لحكم الممكن في تلك العين، وهذا الحكم عن معین معدومة، فالمتكلم والمكلم عين واحدة في صورتين بإضافتين، فإنه العين الواحدة الجامعة لوجهي الحق والخلق. 
فـ للخلق منها ما يستحقه الخلق، وللخلق منها ما يستحقه الحق.
مع بقاء كل وجه في مرتبته، كما تعطيه ذاته في غير حلول ولا اتحاد ولا امتزاج، فهو خلق بنسبة، وذلك من حيث تشكل الأسماء الإلهية بالصور. فله الإمكان. 
وهو حق بنسبة، وذلك من حيث العين القابلة للصور الأسمائية عليها، فله الوجوب والإمكان، فهو الواجب الممكن والمكان والمتمكن المنعوت بالحدوث والقدم. 
كما نعت تعالي كلامه القديم بالحدوث مع اتصافه بالقدم فقال : " مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ " [الأنبياء: الآية 2].
الضمير من (يأتيهم) يعود على صور الأسماء محدث، فنعته بالحدوث فيو حادث عند صورة الرحمن، ثم اعلم أنه إذا أثر المحدث في المحدث، ولا يؤثر الله تعالى كيف ظهر المؤثر في الظاهر بصورة الحق فانفصل المنفصل وتأثر لصورة الحق لا للحق .
فقد تلبس في الفعل الخلق بالحق في الإيجاد، وتلبس الحق بالخلق في الصورة التي ظهر وصدر عنها الأثر في الشاهد، كما ظهر عن الحق فهذا حق خلق، والعين واحدة جامعة بين الحق والخلق. 
وعلى ما تقرر، فعين صورة تجلي في أي صورة كان التجلي عين صورة من قبل ذلك التجلي، فهو عين واحدة في صورتين. 
فهو التجلي والمتجلی له، كما أنه الشاهد والمشهود، المتكلم السامع لا بل هو العابد المعبود، فله التجلي له، وله الستر عنه.
 فتختلف عليه الصور فينكر حاله، مع علمه أنه هو، وهو ما تسمعه من قول الإنسان عن نفسه، إني في هذا الزمان أنكر نفسي، لأنها تغيرت على، وما كنت أعرف نفسي هكذا، وهو هو ليس غيره. 
فانظر ما أعجب أمر الله جل جلاله وعز سلطانه من حيث هويته السارية في كل شيء كان الأمر حقا كله ، ومن حيث نسبته إلى العالم وظهوره في حقائق الأسماء الحسنى وتشكل الأسماء الحسني بالصور كان الأمر خلقا كله
.


واتساب

No comments:

Post a Comment