Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة السابعة .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 

الفقرة السابعة:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)

قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها. )

قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له أعني للقلب)، أي قلب العارف (هذا الاستعداد) من التجلي الذاتي (تجلی)، أي انكشف (له)، أي للقلب (التجلي)، أي الانكشاف (الشهودي)، أي المحسوس المعقول (في) عالم (الشهادة) وهو منزلة ظهور فص الخاتم في محله من الخاتم ممسوكة بموضعه منه (فرآه)، أي الحق تعالی رأى ذلك القلب المستعد الكائن في غيب علمه من تجلي ذاته حيث تجلى له بحضرات صفاته.
فأوجده سبحانه أزلا كما أثبته فيه من الأزل من وجهين، فهو ثابت غیر موجود عنده تعالی من وجه تجلي ذاته العلية، وموجود من تجلي صفاته عنده تعالى.
كما هو الآن موجود عند نفسه بالوجود الحادث عند نفسه بعين هذا الوجود الحادث، وإن لم يبق عند نفسه موجودة به، وتختلف عليه الأحوال إلى الأبد.
فإن هذين التجليين للحق تعالی: 
تجلي الذات الذي يعطي الاستعداد للأشياء، 
وتجلي الصفات الذي يعطي قبول الوجود لكل شيء.
 قديمان أزليان، وعطاؤهما قديم، والاستعداد قديم في الأشياء المعدومة من حيث الذات العلية، وقبول الوجود في الأشياء قديم أيضا من حيث الصفات الإلهية.
وإنما الحادث مجرد ظهور الأشياء لنفسها، ووجودها عند علمها بها من تجلي اسمه المقسط، وهو الذي جعل لكل شيء قسطا عند نفسه وأنزله لنفسه بقدر معلوم.
قال سبحانه : "وكل شيء عنده بمقدار" [الرعد: 8]، 
وقال تعالى:"وإن من شيء إلا عندنا ابه وما ننزله إلا بقدر معلوم " (الحجر: 21].
وقال تعالى: " ما عندكم ينفذ وما عند الله باق" [النحل: 96]،
فالشيء الذي عنده تعالى بمقدار هو المستعد بالفيض الأقدس الذاتي بالقابل لما استعد له بالفيض المقدس الصفاتي على حسب الصورة التي تجمع صوره كلها من أول عمره إلى آخره، فإذا أنزله تعالى لا ينزله إلا إلى نفسه وغيره من أمثاله.
لأنه ما ثم إلا الحق تعالى، وإذا لم يكن الإنزال هذا فلا إنزال، لأنه عنده تعالى فلا يصح الإنزال إليه تعالى، بل منه ولا ينزله كله بتمامه.
لأن حضرة الإمكان قاصرة، فلا تقبل الظهور إلا بالتدريج، ومن هنا يظهر الزمان المستحيل على الحق تعالى، وأنه منسوب إلى الكائنات عند نفسها فقط، وإنما ينزله بقدر، أي مقدار معلوم عنده سبحانه.
وهو صورة بعد صورة حتى تنقضي تلك الصور كلها التي عنده تعالی المسماة بالمقدار، فإذا انقضت تلك الصور كلها نفذ ذلك الشيء عند نفسه.
وبقي عند الله تعالى كما هو عليه من قبل أن ينزله وهو قوله : "وما عند الله باق" [النحل: 96].
فمن كان باقية عند الله تعالی نافدة عند نفسه لم يكن مما خاطبهم سبحانه من الغافلين الذين قال لهم: "فلا أقسم بما تبصرون . وما لا تبصرون " [الحاقة: 38 - 39] فإنهم لا يبصرون إلا الحق تعالى من حيث التجلي الصفاتي الذي أعطاهم الوجود ولكنهم لا يشعرون من جهلهم به سبحانه، وما لا يبصرون هو الحق تعالی أيضا من حيث التجلي الذاتي الذي أعطاهم الاستعداد للوجود.
والعارفون يبصرون ولا يبصرون، وهم على علم منه سبحانه بذاته وصفاته، والجاهلون يبصرون ولا يبصرون، وهم على جهل به تعالی .
ويصح أن يكون قوله فرآه، أي القلب المستعد، أي الحق تعالى حيث تجلى به في عالم الشهادة فظهر ذلك القلب (بصورة ما تجلی)، أي الحق تعالى (له كما ذكرناه)، أي بالتجلي الشهادي.
قال رضي الله عنه : (فهو تعالى أعطاه)، أي قلب العارف به (الاستعداد) لقبول فيض التجلي الشهادي (لقوله) تعالى ("أعطى كل شيء خلقه ثم هدى") [طه: 50].
فإعطاء كل شيء خلقه إعطاؤه استعداده لقبول الفيض والهداية ، ودلالته أنه هو الوجود لا غيره سبحانه، وهو ما أشار إليه بقوله :
(ثم رفع)، أي زال (الحجاب بينه) سبحانه (وبين عبده)، وهو حجاب عدم البعد فظهر في فور الوجود فانطرد عدمه الأصلي (فرآه)، أي رأى ذلك العبد الظاهر ربه تعالى متجليا عليه (في صورة معتقده)، أي ما يعتقده ذلك العبد في ربه من العقيدة الإيمانية.
قال رضي الله عنه : (فهو)، أي الحق تعالی (عین اعتقاده)، أي العبد من حيث الوجود المطلق الظاهر في تلك الصورة المقيدة الاعتقادية (فلا يشهد القلب ولا العين) من العارف والجاهل (أبدا)، أي في جميع الأحوال (إلا صورة معتقده).
أي ما يعتقده (في الحق) تعالى غير أن العارف لا يحصره سبحانه في اعتقاده دون اعتقاد غيره بل يعرفه في كل اعتقاد، ويعرف أنه من الضرورة الإمكانية ظهوره لكل عبد في صورة

اعتقاده، وهو على ما هو عليه في نفسه من الإطلاق الحقيقي، وغير العارف يقيده في صورة اعتقاده فيجهله.
قال رضي الله عنه : (فالحق الذي في المعنقد)، أي في الصورة المعتقدة عند المعتقد لها (هو) الحق (الذي وسع القلب)، أي قلب العبد المؤمن به كما ورد في الحديث : "ما وسعني سماواتي ولا أرضي ووسعني قلب عبدي المؤمن" .
(صورته)، أي مقدار ما يمكنه أن يعرف منه في حضرة الإمكان فإن حضرة الوجوب لا نهاية لها فلا يمكن أن تظهر في صورة الإمكان.
إلا بالصورة الممكنة على حسب ما اقتضته أسماؤها الحسنى ورحم الله تعالى الشيخ الإمام العارف الكامل سلیمان عفيف الدين التلمساني تلميذ صدر الدين القونوي الذي هو تلميذ المصنف الشيخ محيي الدين بن العربي قدس الله تعالى أرواحهم الطاهرة وأسرارهم الظاهرة حيث يقول من ابتداء قصيدة له: 
منعتها الصفات والأسماء   …..     أن ترى دون برقع السماء
قال رضي الله عنه : (وهو)، أي القلب الذي وسع صورة الحق تعالى (الذي يتجلی)، أي بنکشف الحق تعالی (له) في كل محسوس له ومعقول عنده (فيعرفه) بصورته التي وسعها قلبه ولا ينكره في صورة أصلا (فلا ترى العين)، أي عين العارف بالله كما لا يرى قلبه (إلا الحق) سبحانه (الاعتقادي)، أي الذي اعتقده بقلبه وتعتقده كل القلوب كذلك وتراه جميع العيون عند العارف به (ولا خفاء بتنوع الاعتقادات) من جميع الناس في الحق تعالی تنوع لا يكاد يدخل تحت حصر في جميع الملل.
قال رضي الله عنه : (فمن قيده) تعالى في اعتقاد فهو الجاهل به، لأن ما قيده به خلقه لا ذاته فإنها مطلقة، وخلقه المقید وبالضرورة عنده (أنكره)، أي أنكر الحق تعالى إذا ظهر له (في) قيد آخر (غير ما قيده) هو (به) من قيود المعتقدين من الناس (وأقر)، أي صدق (به)، أي بالحق تعالى (في) عين (ما قيده به) من ذلك القيد (إذا تجلی)، أي انكشف له في الدنيا والآخرة.
(ومن أطلقه) تعالى (عن التقييد) الظاهر له في نفسه وغيره من تجليه سبحانه عليه في الدنيا والآخرة لضرورة قصور الإمكان عن ظهور كمال الواجب الحق تعالی في العيان .
قال رضي الله عنه : (لم ينكره) سبحانه في كل قيد ظهر له به (وأقر)، أي اعترف (له)، أي للحق تعالى بأنه هو سبحانه الظاهر (في كل صورة) محسوسة أو معقولة (يتحول فيها) في الدنيا والآخرة (ويعطيه)، أي الحق تعالی يعطي ذلك العبد المنجلي عليه المنحول له في كل صورة (من نفسه) سبحانه، أي حضرته المطلقة بالإطلاق الحقيقي (قدر صورة ما تجلى له فيها) من الإمداد الذاتي والعلم الصفاتي والسر السبحاني (إلى ما لا يتناهی) ذلك التحول في التجلي وذلك الإعطاء دنيا وآخرة قال رضي الله عنه : (فإن صور التجلي) الإلهي بالأعيان الإمكانية الثبوتية المعدومة بالعدم الأصلي على كل شيء (لا نهاية لها تقف عندها)، فهو يتجلى بالصور على الصور، فما من صورة محسوسة أو معقولة أو موهومة في الدنيا والآخرة والبرزخ إلا وهي تعرف الحق تعالى في صورة تجلی عليها بها.
ويتحول لها فيها بصورة أخرى غيرها، فيعرفه من عرفه وينكره من أنكره، وهو سبحانه على ما هو عليه في حضرة إطلاقه الحقيقي .

وكذلك العلم بالله ما له غاية في العارفين يقف عندها ، بل هو العارف في كل زمان تظلب الزيادة من العلم به رب زدني علما)، ژبي زدني علماه، و زدني علما الأمر لا يتنامى من الطرفيني .
هذا إذا لك ك وخلق ، فإذا نظرت في قوله تعالى: «گن برجله التي يسعى بها ويده التي يبطش بها، ولسانه الذي يتكلم به، إلى غير ذلك من القوى، ومحالها التي هي الأعضاء لم تفرق فقلت الأمر حق گله أو ځل گله هو خلق بنسبة وهو حق بنسبة والعين واحدة. في صورة ما تجلى عن صورة من قبل ذلك التجلي هو المتجلي والمتجلى له.

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)

وإليه أشار بقوله رضي الله عنه  : (فإذا حصل له أمني للقلب هذا الاستعداد) الحاصل من التجلي الغيبي (تجلى له) أي تجلى الحق للقلب على قدر ذلك الاستعداد (تجلي الشهودي في الشهادة) .
وهذا التجلي من الاسم الظاهر والفيض المقدس الذي يكون التجلي على حسب المتجلي له وهو ما أشارت إليه الطائفة من أن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد.
(فرآه) أي رأى القلب الحق في صورة ذلك التجلي (فظهر) الحق للقلب (بصورة ما تجلی) الحق (له) أي للقلب (كما ذكرناه فهو تعالى أعطاه) أي القلب أو العبد (الاستعداد) من التجلي الغيبي فيكون القلب مستعدة بالتجلي الشهودي (بقوله) أي بدليل قوله تعالى: " أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50] .
إشارة إلى إعطاء الاستعداد (ثم هدى) إشارة إلى التجلي الشهودي (ثم رفع الحجاب) بسبب التجلي الشهودي (بينه وبين عبده فرآه) أي العبد الحق .
قال رضي الله عنه : (في صورة معتقده فهو) أي الحق المرئي له (عین اعتقاده) إذ هو المتجلي له بصورة اعتقاده فما رآه إلا بها فإذا كان الحق عین اعتقاد العبد (فلا يشهد القلب) في الحقيقة بعين البصيرة (و) لا يشهد (العين) الحسنة (أبدا إلا صورة معتقده في) مرآة (الحق) فلا يشهد الحق بل يشهد الحق الاعتقادي وهو صورة نفسه في الحقيقة (فالحق الذي في المعتقد) اسم مفعول (هو الذي وسع القلب صورته وهو) أي الحق الذي وسعه القلب صورته.
قال رضي الله عنه : (هو الذي تجلى له) أي القلب بحسب اعتقاده (فيعرفه) أي فيعرف القلب الحق لكون التجلي على حسب ظنه كما قال (أنا عند ظن عبدي) فإذا تجلى على خلاف اعتقاده فلا يعرفه بل ينكره.
قال رضي الله عنه : (فلا ترى العين) عند التجلي في الآخرة (إلا الحق الاعتقادي) أي الحق الثابت في اعتقاده لا غير قال رضي الله عنه : (ولا خفاء في تنوع الاعتقادات) بحسب الأشخاص الإنسانية ولا خفاء في تنوع التجليات بحسب الاعتقادات فمنهم من قيد الحق ومنهم من أطلقه.
قال رضي الله عنه : (فمن قيده) أي من قيد الحق وحصره في صورة اعتقاده كأصحاب العقول، (أنكره) إذا تجلى له (في غير ما قيد به وأقر به فیما قید، به إذا تجلى) له فيما قيد به فهو منكر في صورة غير صورة اعتقاده ومقر في صورة هي عين صورة اعتقاده .
قال رضي الله عنه : (ومن أطلقه) أي أطلق الحق (عن التقييد لم بنکره واقر له في كل صورة يتحول) أي يتنوع ويتجلى له (فيها) كأصحاب القلوب من الكمال والعارفين (ويعطيه) أي ويعطي الحق (من نفسه) أي من عند نفسه (قدر) أي عظمة (صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهی) فيعظم الحق في صورة غير متناهية ولا يحصر التعظيم في صورة غير مصورة ويعرفه في كل صورة ويعبده فيها .
قال رضي الله عنه : (فإن صورة التجلي ما) أي ليس (لها نهاية) حتى (يقف) المتجلي له (عندها) أي عند تلك الصورة فكما أن التجلي من الله ما له نهاية.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)

قال رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.  فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.  ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)

هنا كلاما ظاهرا لا يحتاج إلى شرح والحق فيه: أن للحق تعالی وجود خارجي وغير خارجي وأما الخلق فإنه مفروض بالذهن في مراتب وجود الحق أو هو عين مراتب وجوده تعالی. 

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)

قال رضي الله عنه : (فإذا حصل للقلب هذا الاستعداد ، تجلَّى له التجلَّي الشهوديّ في الشهادة ، فرآه فظهر بصورة ما تجلَّى له كما ذكرناه . فهو - تعالى - أعطاه الاستعداد بقوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " ، ثمّ رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده ، فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلَّا صورة معتقده في الحق ) .
فتلك الإشارة إلى الاستعدادات المجعولة الظاهرة من غيب العين الثابتة واستعدادها الغيبيّ غير المجعول ، فإنّ الهوية المشار إليها بالنسبة إلى المتجلَّى له غيب عينه الثابتة ، والتجلَّي الغيبيّ الذاتي يفيض من الذات والهوية الذاتية على الذوات والهويات الغيبية التي للأعيان الثابتة ، فتوجد من ذلك الاستعداد الكلَّي غير المجعول هذه الاستعدادات الجزئية المجعولة للتجلَّيات الشهادية من الحضرات الأسمائية الإلهية ، ولكن مع هذا فإنّ كل ما ذكر مترتّب على الاستعدادات الخصوصية التي تعطي أربابها الاعتقادات الجزئية التقييدية .
فإذا تجلَّى الحق مرآة قابلة لجميع الصور الاعتقادية ، رأى كلّ أحد صور معتقدة فيه لا غير ، فما رأى سوى نفسه وما جعله في نفسه من صور الاعتقادات .
والعبد الكامل ليس كذلك ، فإنّ له استعدادا كلَّيا ، وقابلية أحدية جمعيّة ، وخصوصه الإطلاق عن كل قيد ، والسراح عن كل حصر ، والخروج عن كلّ طور .
فهو يقابل - بإطلاقه عن نقوش القيود الاعتقادية - إطلاق الحق .
ويقابل كذلك كلّ حضرة حضرة من الحضرات - التي يكون منها وفيها وبحسبها التجلَّي بما يناسبه ممّا فيه من تلك الحضرة مرآة مجلوّة مستعدّة مهيّأة لتجلَّيات تلك الحضرة .
فيقبل جميع التجلَّيات مع الآنات بمرائيه ومجاليه التي فيه من غير مزاحمة ولا خلط ولا حبط ، والتجلَّي الذاتيّ الغيبيّ دائم الإشراق من الغيب المطلق الإلهيّ الذاتيّ على غيب قلبه المطلق الإلهي الأحدي الجمعي الكمالي ، جعلنا الله وإيّاك من أهله ، بحوله وطوله .

قال رضي الله عنه : ( فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي تجلَّي له فيعرفه ، فلا يرى العين إلَّا الحق الاعتقاديّ ، ولا خفاء بتنوّع الاعتقادات ، فمن قيّده أنكره في غير ما قيّده به ، وأقرّ به فيما قيّده به إذا تجلَّى .  ومن أطلقه عن التقييد ، لم ينكره ، وأقرّ له في كل صورة يتحوّل فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلَّى له فيها إلى ما لا يتناهى ، فإنّ صورة التجلَّي ما لها نهاية يقف عندها ، وكذلك العلم بالله ما له نهاية في العارفين يقف عندها )
يشير رضي الله عنه : إلى أنّ هذه الأسماء المختلفة الواقعة على هذه العين الواحدة إنّما هي بالاعتبارات ، فإذا اعتبرت أحدية الذات .
قلت : حقيقة واحدة ليس غيرها أصلا ورأسا .
وإن اعتبرت تحقّقها الذاتيّ في عينها .
قلت : حق .
وإن اعتبرت إطلاقها الذاتيّ ،
قلت : ذات مطلقة عن كل اعتبار . وإن اعتبرت تعيّنها في مراتب الظهور
قلت : شهادة . وإن اعتبرت لا تعيّنه ،
قلت : غيب حقيقي . وإن اعتبرت الظهور في الكثرة ،
قلت : خلق كلَّه . وإن اعتبرت أحدية العين في التعيّن واللاتعيّن ،
قلت : حق كلَّه لا غير . وإن اعتبرت أنّ ظاهره مجلى لباطنه أبدا ،
قلت : هو المتجلَّي والمتجلَّى له .
ولا عجب أعجب من حقيقة بذاتها تقتضي هذه الاعتبارات وهي صادقة فيها ، وذلك بحقيقة تجلَّيها في صور لا تتناهى أبدا دائما ، فلا يغيب عنها في جميع صورها كلَّها إذا تجلَّى في صورة على التعيين .
فإنّها في عين تعيّنها في كل عين عين ومعتقد معتقد متنزّهة عن الحصر على إطلاقها ولا تعيّنها الذاتي المطلق عن كل قيد ، وفي عين لا تعيّنها وإطلاقها عن كل تعيّن ظاهرة بكل عين لكل عين ، وكلّ ذلك لها بالفعل من حيث هي هي في حقيقتها ، وبالقوّة بالنسبة إلى اعتبار المعتبر .
فأعجب من هذا العجب ، وإن تحقّقت فلا تعجب وحدّث عن البحر ، فلا حرج ولا عجب ، سبحانه وتعالى عن أن يكون معه غيره في الوجود .



شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)

قال رضي الله عنه : " فإذا حصل له : أعنى للقلب هذا الاستعداد تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه ، فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله – " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ثُمَّ هَدى " - ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده في الحق فهو عين اعتقاده ، فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق "
هذا التحرير تحقيق القولين وإثبات أن كلا منهما صواب باعتبار التجليين ، فإن التجلي الذاتي الغيبي يعطى الاستعداد الأزلي بظهور الذات في عالم الغيب بصور الأعيان وما عليه كل واحد من الأعيان من أحوالها .
"" أضاف بالي زادة :  حاصل هذا الكلام : أن التجلي الأول من الاسم الباطن والفيض الأقدس الذي يكون المتجلى له على حسب التجلي .
والتجلي الثاني من الاسم الظاهر والفيض المقدس الذي يكون التجلي على حسب المتجلى له ، وهو ما أشارت إليه الطائفة ، فقوله : "َعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه " أي استعداده " ثُمَّ هَدى " تجلى له بالتجلي الشهودي ( ثم رفع الحجاب ) بسبب التجلي الشهودي ( بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو ) أي الحق المرئي له ( عين اعتقاده ) إذ هو المتجلى له بصورة اعتقاده ، فما رآه إلا بها ( فلا يشهد إلا صورة معتقده في ) مرآة ( الحق ) فلا يشهد الحق بل يشهد الحق الاعتقادي وهو صورة نفسه في الحقيقة اهـ بالى . ""

وهو الذي يكون عليه القلب حال الظهور في عالم الشهادة والغيب المطلق والحقيقة المطلقة والهوية المطلقة التي يعبر بها الحق عن نفسه هو هذه الذات المتجلى في صور الأعيان ، ولكل عين هوية مخصوصة هو بها هو ولا يزال الحق بهذا الاعتبار هو أبدا ، فإذا ظهرت الأعيان في عالم الشهادة وحصل للقلب هذا الاستعداد الفطري الذي فطر عليه ، تجلى له في عالم الشهادة التجلي الشهودي فرآه بصورة استعداده ،وهو قول طائفة من الصوفية:
إن الحق يتجلى على قدر استعداد العبد وهو الظهور بصورة المتجلى له ، وهذا الاستعداد هو المراد بالخلق في قوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه "  وأما الهداية في قوله : " ثُمَّ هَدى "  فهو رفع الحجاب بينه وبين عبده حتى رآه في صورة معتقده فالحق عنده عين اعتقاده إذ لا يرى القلب ولا العين إلا صورة معتقده في الحق .
فما رأى إلا نفسه في مرآة الحق ، فمن هذه الأعيان من هو على الاستعداد الكامل ، فاستعداده يقتضي أن يرى الحق في جميع
صور أسمائه الغير المتناهية ، لأن استعداده لم يتقيد بصورة اسم ما ، بل توجه بإطلاقه إطلاقا من كل قيد ، ولم يحصره في حضرة بعض الأسماء بل يقابل كل حضرة من حضرات الأسماء التي تجلى فيها وبها بما في نفسه مما يناسبه من تلك الحضرة إلى إطلاق الحق عن كل قيد ، فذلك هو العارف المذكور الذي يكون قلبه أبدا بصورة من تجلى له على أي صورة وفي أي وجه تجلى .
قال رضي الله عنه : " فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلى له فيعرفه فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي ، ولا خفاء في تنوع الاعتقادات فمن قيده أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به إذا تجلى له ، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهى فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف عندها ،"
أي الحق في أصحاب الاعتقادات ، هو الذي يسع كل قلب منهم صورته . والاعتقادات متنوعة فالحق عند كل واحد منهم هو المتجلى في صورة معتقده ، فإذا تجلى في صورة أخرى أنكره فينكر بعضهم إله بعض أبدا فبينهم التخالف والتناكر ، وأما الموحد الذي أطلق الحق عن كل قيد فيقرّ به في كل صورة يتحول فيها ، ويتحول قلبه مع صورته فيكون أبدا يقول دائما بلسان الحال أو القال - رب زدني علما - فلا تتناهى التجليات من طرف الحق ، فلا تتناهى الصور المطابقة لها والعلوم من طرف العبد.

مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)

قال رضي الله عنه  : ( فإذا حصل له ، أعني للقلب ، هذا الاستعداد ، تجلى ) أي ، الحق .
( له التجلي الشهودي في الشهادة ، فرآه ) أي ، فرأى القلب الحق في ذلك التجلي .
( فظهر ) أي ، القلب . ( بصورة ما تجلى له كما ذكرناه . فهو تعالى أعطاه الاستعداد ) كما أشار إليه بقوله : ( ( أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) . ثم رفع ) أي ، الحق .
( الحجاب بينه وبين عبده ، فرآه ) أي ، رأى العبد الحق . ( في صورة معتقده . فهو عين اعتقاده ) . أي ، فالمرئي عين اعتقاد العبد ، لا غير ، لأنه رأى الحق من حيث اعتقاد خاص ، والحق عين اعتقاده ، كما قال : ( أنا عند ظن عبدي بي ) .
قال رضي الله عنه  : ( فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق ) . أي ، فلا يشهد القلب بعين البصيرة الحق ولا العين أبدا الحسية إياه ، إلا على صورة ما يعتقده في الحق .
وهذا تعميم للحكم ، ليشمل الكامل وغيره : فالكامل يشهده في مقامي الإطلاق والتقييد بالتنزيه والتشبيه ، وغير الكامل إما منزه فقط ، وإما مشبه فقط ، وإما جامع بينهما لكن يقيده ببعض الكمالات دون البعض ، فيرى الحق بحسب اعتقاده .
قال رضي الله عنه  : ( فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته ) . أي ، فالحق الذي وسعه القلب ، هو الحق المتجلي في صورة الاعتقادات ، ( وهو الذي يتجلى له ، فيعرفه ) . أي ، هو الذي يتجلى للقلب بحسب اعتقاده ، فيعرفه .
وإذا تجلى بحسب اعتقاد غيره ، لا يعرفه وينكره .
( فلا يرى العين ) في الدنيا والآخرة عند التجلي .
( إلا الحق الاعتقادي ) . أي ، الثابت في الاعتقادات .

قال الشيخ رضي الله عنه : ( ولا خفاء في تنوع الاعتقادات : فمن قيده ، أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به إذا تجلى ) . كأصحاب الاعتقادات الجزئية .
( ومن أطلقه عن التقييد ، لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ) .
كأصحاب الاعتقادات الكلية والجزئية ، كالكمل والعارفين .
( ويعظمه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى مالا يتناهى ، فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف عندها ) . أي ، يعظم تلك الصورة التي تجلى له الحق فيها ، وينقاد لأحكامها ويعبدها عبادة يليق بمقامه .
وغير تلك الصورة من الصور التي يتجلى الحق فيها له ، أو لغيره من العباد إلى مالا يتناهى ، فلا ينكر الحق في جميع صور تجلياته ، ولا ينكر لمن حصل له ذلك التجلي ، فيعظمها ويعظم أصحابها ، سواء كان من أصحاب الظاهر ، أو الباطن ، إذ لا نهاية لتجليات الحق وصورها ليقف عندها . وفي بعض النسخ : ( تقف عنده ) .
أي ، تقف أنت عند ذلك التجلي الذي ما بعده تجلى آخر .  أو تقف صور التجليات عنده .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)

قال رضي الله عنه :  (فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)

قال رضي الله عنه :  (فإذا حصل له) ولما توهم عود الضمير إلى كل عين مع أن التجلي الشهودي مخصوص (أعني للقلب)، فسره بقوله: أعني لما غلب (هذا الاستعداد) أي: مقتضاه من الوجود والعوارض التي فيها ما بعد التجلي الشهودي .
قال رضي الله عنه :  (تجلي له التجلي الشهودي) أي: المفيد شهود الحق برفع الحجب عن القلب، وذلك إما يتصور (في) عالم (الشهادة) أي: الوجود الخارجي الذي فيه الحجب، إذ رفع الشيء فرع ثبوته (فرآه القلب بانطباع صورة ما تجلى له فيه، فظهر) القلب المجرد في نفسه (بصورة ما تجلى له) المنطبعة فيه، فيكون بمقدار التجلي بخلاف التجلي الأول الكائن بمقدار استعداده.
كما قال الشيخ رضي الله عنه : (فهو تعالی أعطاه) في التجلي الأول (الاستعداد) أي: الوجود بقدر الاستعداد كما دل عليه (بقوله: "أعطى كل شيء خلقه")[طه: 40]  أي: قدر استحقاقه، فإن الخلق هو التقدير، ولفظ أعطى دل على أنه فعله اختيار أو أجرى مشيئته بذلك لا كما يقول الفلاسفة من أنه بطريق الوجوب؛ وذلك لأن العطاء إنما يحسن بقدر قابلية المعطي له واستحقاقه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ثم) في التجلي الثاني في حق من استحق (رفع الحجب) عن قلبه رفع الحجاب (بينه وبين عبده)، فليس فيه عطاء يفيد بمقدار قابلية المعطي له، بل هو رؤية شيء فيرى بمقداره فينطبع ذلك المقدار في المحل فيصير بقدره.
ولما لم يكن للحق تعالی مقدار في نفسه لعدم تناهيه بل في اعتقاد الرأي (فرآه في صورة معتقده) لا محالة، وإن كان قد يراه بصورة غير معتقدة أيضا، وليست تلك الصور صورة الحق المطلق، فليس بمرئي من حيث إطلاقه.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فهو) أي: المرئي (عين اعتقاده) سواء كان صورة تنزيه أو تشبيه أو جامعة بينهما، والمرئي للقلب في الدنيا عند کشف الحجب هو المرئي للعين في الآخرة على سبيل الضرورة.
فلا يشهد القلب في الدنيا والأخرة (ولا العين أبدا) بطريق الضرورة (إلا صورة معتقده في الحق) إذ المرئي لا يخلو من صورة تنزيهه أو غيرها الحق المطلق غير مقيد بصورة، فهذا التجلي وإن لم يكن بمقدار قلب العبد وعينه فهو بمقدار اعتقاده.
فالحق (الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته)، فالقلب وإن صار واسعا في الغاية يضيق عما وراء معتقده مما هو أتم من معتقده في الكمال ما دام اعتقاده باقيا، (وهو) أي: الحق الذي وسع القلب صورته (هو الذي يتجلى له ) الرؤية بالعين في القيامة؛ لأن صفات القلب هي المتمثلة للعين يوم القيامة لا بد من ذلك، وإن جاز أن يتمثل له غيره أيضا مما هو أدنى من معتقده مع بقاء اعتقاده، فإذا تجلى له في صورة المعتقد (فيعرفه) أي: يقر به.
لأن كل متمثل لا بد وأن يكون صورة معتقد شخص، وإن أنكره الأخر؛ (فلا ترى العين إلآ الحق الاعتقادي) سواء كان في صورة اعتقاده أو اعتقاد غيره، فتختلف صوره التي يتجلى بها يوم القيامة بحسب اختلاف الاعتقادات.
وذلك لأنه (ولا خفاء في تنوع الاعتقادات) لتجويز البعض ظهوره بكل صورة بشرائط مخصوصة وقرائن دالة على أنه هو الظاهر فيها، فلا يلزم تصديق الشيطان والإنسان في دعوى الربوبية.
وكذا الملك إذا ادعاها لنفسه بإذن الله تعالى، ومنع البعض ظهوره في صورة التشبيه مطلقا، وبعضهم في الصور القاصرة، وبعضهم في صورة يمكن للغير إلى غير ذلك، ولا شك أنه يتجول في الصور على ما ورد في الصحيح.

قال الشيخ رضي الله عنه : (فمن قيده) في ظهوره بصورة معينة كالتنزيه (أنكره في غير ما قيده به وأقر به فيما قيده به) متعلق بما بعده من قوله: (إذا تجلی) مع دلالة القرائن على أن الظاهر فيها هو الحق، كما ظهر بموسى عليه السلام في النار والشجرة فيفوته فوائد التجلي.
وهو مثل ما حصل لموسى عليه السلام فقلبه لا يختلف حاله ضيقا وسعة بل يكون عند التجلي دائما بمقدار الصورة التي اعتقد ظهوره فيها.
قال الشيخ رضي الله عنه : (ومن أطلقه) في ظهوره (عن التقييد) بصورة دون أخرى (لم ينكره) في أي صورة ظهر إذا دلت القرائن على أنه هو الظاهر فيها، (وأقر له في كل صورة يتحول فيها)؛ لأنه لما كان منزها عن الظهور كلها في نفسه مع أن له الظهور، فله أن يظهر بأي صورة شاء.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيعطيه) هذا التجلي (من نفسه) أي: من عنده من غير أن يأخذ شيئا من التجلي له (قدر صورة ما يتجلى) له (فيها)، فيختلف قلبه ضيقا وسعة، وتحصل له تجليات أي: (إلى ما لا يتناهی)، فيستفيد من كل منها فائدة جديدة إلى غير النهاية بحسب تصور قلبه بصورة كل تجلي.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فإن صور التجلي ما لها نهاية يقف) التجلي (عندها)، إذ لا ترجيح لصورة على أخرى في الظهور بها .
إذ لا يشترط الكمال في الصور لورود الحديث في الصور المنكرة، ولا ينكر إلا للقصور مع أنه لا نهاية للصور في أنفسها سيما إذا لم يشترط الكمال فيها.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)

قال رضي الله عنه :  (فإذا حصل له - أعني القلب - هذا الاستعداد تجلَّى له التجلَّي الشهودي في الشهادة ، فرآه ) - ضرورة جمعيّته بين الغيب والشهادة - (فظهر بصورة ما تجلَّى له ) من الصور الغيبيّة الاستعداديّة

قال رضي الله عنه :  (كما ذكرناه ، فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله : " أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَه ُ " ) [ 20 / 50 ] فإن خلق الشيء هو ما خصّ لوح قابليّته به من رقوم صوره المنوعة والمشخّصة ، ولا يكون ذلك إلَّا الاستعداد الأصلي الذي من التجلَّي الغيبي المحتجب بستائر الاندماج والكمون ، اندماج أوّل لامي الجلالة .
قال رضي الله عنه :  ( ثمّ رفع ) ذلك ( الحجاب بينه وبين عبده ) بالتجلَّي العينيّ الشهاديّ ، وظهر على المشاعر ظهور ذلك اللام في الثاني من ذلك الاسم ( فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده ) الذي هو صورة استعداده ، ( فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلَّا صورة معتقده في الحقّ ) بين صورة الإحاطيّة الجمعيّة ، لأنّك قد عرفت أنّ ما عليه القلب هي صورة استعداده الأصلي .

 تنوّع التجليّات والاعتقادات
قال رضي الله عنه :  ( فالحقّ الذي في المعتقد ) - بكسر القاف - ( هو الذي وسع القلب صورته ، وهو الذي يتجلَّى له فيعرفه ، فلا ترى العين إلَّا الحقّ الاعتقادي ، ولا خفاء بتنوّع الاعتقادات ) حسب تفاوت المعتقدين في درجات إدراكاتهم.
قال رضي الله عنه :  ( فمن قيّده أنكره في غير ما قيّده به ، وأقرّ به فيما قيّده به إذا تجلَّى ، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره ، وأقرّ له في كلّ صورة يتحوّل فيها ، ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلَّى له ) فيها بإقامة مراسم التعظيم والإجلال ، على قدر درجته في مرتبته ، كما قال شيخ الشيخ المؤلَّف أبو مدين :
لا تنكر الباطل في طوره     .....    فإنّه بعض ظهوراته
وأعطه منه بمقداره     .....   حتّى توفّي حقّ إثباته
فإنّ الحقّ يتحوّل في اعتقاد العارف في المجالي المتنوّعة المشتمل كل منها على الصور المترتّبة المنتظمة ( إلى ما لا يتناهي ) كما نظم الشيخ المؤلَّف :
لقد صار قلبي قابلا كلّ صورة     ....   فمرعى لغزلان ، ودير لرهبان
وبيت لأوثان ، وكعبة طائف      .....   وألواح توراة ، ومصحف قرآن
قال رضي الله عنه :  ( فإنّ صورة التجلَّي ما لها نهاية تقف عندها )

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له- أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)
 
قال رضي الله عنه : (فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه. فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي. ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى. )

قال رضي الله عنه :  (فإذا حصل له اعني القلب) في الحضرة العلمية (هذا الاستعداد) انكلى (تجلى الحق له)، أي للقلب (التجلي الشهودي في الشهادة) بعد وجوده فيها بالتجلي الشهادي وإذا حصل للقلب في العين الاستعداد الجزئي الذي عليه القلب بعد وجوده العيني تجلى له الحق التجلي الشهودي في الشهادة .
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فرآه)، أي القلب الحق في صورة ما تجلى له فيه (فظهر) القلب (بصورة ما تجلى له فيه) لا يفضل منه شيء (كما ذكرناه فهو تعالى أعطى له الاستعداد) الكلي أولا والجزئي ثانية كما أشار إلى ذلك بقوله : "أعطى كل شيء خلقه " [طه: 50]، أي استعداده الكلي والجزئي على قدر معين (ثم هدى، أي ثم رفع الحق الحجاب بينه وبين عبده)، وتجلى له .
قال رضي الله عنه :  (فرآه) العبد (في صورة معتقده فهو)، أي الحق المرئي (عین اعتقاده)، أي عين الصورة الاعتقادية، فالحق المتجلي بصورة اعتقاده تابع لاعتقاده.
وحين تجلی الحق سبحانه بصورة اعتقاده يكون القلب بحسب ذلك التجلي من السعة والضيق، وإن لم يكن المتجلى له مقيدا باعتقاد خاص بل يكون هیولباني في الوصف.
فاختصاص التجلي بصورة خاصة إنما يكون بحسب الأمور الخارجة عن القلب المتجلى له من الأوقات والأحوال والشرائط ، وهذه الصور الخاصة تكون من بعض صور اعتقاده الهيولاني الوصف.
قال رضي الله عنه :  (فلا يشهد القلب) في التجليات المعنوية (ولا العين) في التجليات الصورية (أبدا) في الدنيا والآخرة سواء كان قلب العارف أو عينه أو قلب صاحب الاعتقادات الخاصة أو عينه.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته وهو الذي يتجلى له)، أي للقلب (فيعرفه) وإذا كان القلب لا يسع إلا صورة المعنقد ولا ترى العين إلا ما وسعه القلب (فلا ترى العين) عنه تجلى الحق (إلا الحق الاعتقادي ولا خفاء في تنوع الاعتقادات)، بحسب الإطلاق والتقييد .
قال رضي الله عنه :  (فمن قيده) بصورة مخصوصة (أنكره في غير ما قیده به) من الصور إذا تجلى في غير صورة ما فید به (وأقر به فيما قيده به إذا تجلی) في صورة ما قید به

قال رضي الله عنه : (ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (ومن أطلقه عن التقييد) من العارفين والعاملين (لم ينكره) في صورة من الصور (وأقر به في كل صورة بتحول فيها ويعطيه من نفسه من اسم التعظيم والإجلال قدر صورة ما تجلی)، أي على مقدار مرتبة صورة ما تجلى (فيها) فإن لكل صورة من صور التجليات اقتضاء خاصة يقتضي نوعا خاصا وقدرة معينة من التعظيم والإجلال لا تقتضيه غيرها.
قال شيخ الشيخ المؤلف قدس الله سرهما: 
لا تنكر الباطل في طوره      …..    فإنه بعض ظهوراته 
واعطه منك بمقدار حقه         …..   حتى توفي حق إثباته
وهذه الصورة المتجلي فيها وإن كانت بحسب أنواعها منحصرة لكنها بحسب أشخاصها ذاهبة (إلى ما لا يتناهى فإن صور التجلي ما لها نهاية بقف) التجلي (عندها).

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا حصل له أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه.
فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله «أعطى كل شي ء خلقه»، ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده ، فهو عين اعتقاده. فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق.
فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه.
فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي.
ولا خفاء بتنوع الاعتقادات: فمن قيده أنكره في غير ما قيده به، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى.
ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر به في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له إلى ما لا يتناهى، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها.
)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا حصل له . أعني للقلب هذا الاستعداد، تجلى له التجلي الشهودي في الشهادة فرآه فظهر بصورة ما تجلى له كما ذكرناه , فهو تعالى أعطاه الاستعداد بقوله: " أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" [طه: 50]. ثم رفع الحجاب بينه وبين عبده فرآه في صورة معتقده، فهو عین اعتقاده . فلا يشهد القلب ولا العين أبدا إلا صورة معتقده في الحق. فالحق الذي في المعتقد هو الذي وسع القلب صورته، وهو الذي يتجلى له فيعرفه. فلا ترى العين إلا الحق الاعتقادي).
فإذا حصل للقلب هذا الاستعداد الكلي الذاتي في حضرة الثبوت تجلى له تعالى التجلي الشهادي في عالم الشهادة عندما لبس حلة الوجود.
وهو المعروف عند الطائفة بالفيض المقدس الذي تحصل به الاستعدادات الجزئية في الخارج، حضرة الأسماء الإلهية، عالم الشهادة آنا بعد آن.
 فرآه، أي رأى القلب المتجلی له، الحق المتجلي فظهر الضمير المستتر في قوله (فظهر)، عائد على الحق المتجلي لذلك القلب بصورة من صور اعتقاده التي تجلى له بها في حضرة الثبوت قبل، كما ذكرناه .
فهو تعالى أعطاه الاستعداد الكلي الذاتي بقوله: "أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" [طه: 50]
بين أنه أعطى كل شيء خلقه و استعداده ، أو هدى لاكتساب الكمال ، ثم بعد ما أعطاه استعداده رفع الحجاب الذي هو الجهل، إذ لا حجاب إلا الجهل.
فالعبد حجاب على نفسه ، فلما رفع الحجاب بينه وبين عبده في عالم الشهادة فرآه العبد في صورة معتقده في ربه وقت التجلي.
فإنه كان أعطاه الاستعداد لرؤية الحق في كل صورة اعتقدها فيه.
فهو تعالى المنجلي لعبده في عين اعتقاده ، کان ما كان ذلك المعتقد، إذ لا يشهد العبد من الحق إلا علمه و اعتقاده، ولكن بين من اعتقد في الله الإطلاق وبين من اعتقد في إلهه التقييد بون بعيد، فلا يشهد القلب المشاهد عند التجلي، ولا ترى العين من الرائي عند التجلي أبدا إلا صورة معتقده في الحق تعالى وهو الحق المخلوق، فإنه ما عبد عابد الا ما اعتقده، وما اعتقد إلا ما أوجده في نفسه. فما عبد إلا مجعولا مثله.
وما هو إلا الحق تعالی فالحق المعتقد من كل ذي عقد من ملك وجن وإنسان مقلد أو صاحب نظر هو الذي وسع القلب صورته الاعتقادية.
فالقلب ستر فإنه محل الصور الإلهية التي أنشأتها الاعتقادات .
تنبه :
وسع القلب للحق تعالى متباين، فما كل قلب يسع الحق وسع قلب الإنسان الكامل أو العارف بالله ، ولو كانت القلوب متساوية في وسع الحق تعالى لوسعته السماوات والأرض، وقد قال تعالى في الحديث القدسي : "ما وسعتني أرضي ولا سمائي".

فما وسعته کوسع قلب العبد المؤمن العارف، فإذا كان مشهد العارف الكامل أبي يزيد والشيخ الأكبر رضي الله عنهما أن قلبه وسع الحق يرى أن العالم لا يسعه ، فكما أن العالم لا يسع الحق تعالى لا يسع هذا الكامل، فيتجلى تعالى لكل قلب بحسب وسعه واعتقاده.
وإن كل قلب بالصلاحية من كل إنسان قابل للتجلي الكمالي، وإنما كان كل مخلوق له اعتقاد يختص به في الحق تعالى لأن الأرواح المدبرة تابعة للأمزجة المدبرة، ولا يجتمع اثنان في مزاج واحد. 
فما اعتقده الشخص فهو الذي يتجلى له فيعرفه ، لأنه عرف صورة إلهه في اعتقاده ، فلما تجلى له فيها عرفه فلا ترى العين ولا يشهد القلب إلا الحق الاعتقادي، فلم ير المخلوق إلا مخلوقا، فإنه لا يرى إلا صورة معتقده. 
والحق وراء ذلك كله من حيث عينه القابلة لهذه الصور في عين الرائي، لا في نفسها. 
فالصور التي تدركها الأبصار والصور التي تمثلها القوة المتخيلة كلها حجب، والحق من ورائها. 
وينسب ما يكون من هذه الصور إلى الله تعالى فيقول العارف الكامل العالم بالله وبتجلياته قال لي الحق تعالى وقلت له وأشهدني كذا وكذا وأمرني بكذا وكذا ونهاني عن كذا وكذا دون الجاهل بالتجليات فإنه لا يعرف نجليه تعالی له واستتاره عنه ولا ظهوره له ولا بطونه عنه.

تکمیل:
إذا زعم العبد المتجلى له أنه رأى الحق تعالى فما رآه ، فلا يرى الرائي في التجلي إلا منزلته ورتبته ، فما رأى إلا نفسه واستعداده. 
إذ الحقيقة الإلهية أعطت، إذا شوهدت، أنه لا يشهد الشاهد منا إلا نفسه فيها، كما أنها لا تشهد منا إلا نفسها،المؤمن مرآة المؤمن، فالمؤمن الذي هو الله مرآة المؤمن الذي هو الولي، فإنه تعالی يتجلى لكل عبد بصورة اعتقاده الصورة التي يكون عليها في الحال، فيعرفه ويقربه، أو يكون عليها بعد ذلك فينگره حتى يرى تلك الصورة قد دخل فيها وظهر بها، فيعرفه حينئذ، فإن الله تعالى يعلم ما يؤول إليه، والعبد ما يعلم من أحواله إلا ما هو عليه في الوقت الحاضر . 
فالذين ينكرونه في الآخرة كونه تعالی تجلى في صورة غير صور اعتقاداتهم فيه، في الوقت الحاضر، وما تجلى لهم إلا في صور اعتقادات يكونون عليها ويبصرون إليها بعد، ويبدو لهم ما لم يكونوا يحتسبون. فإذا تجلى لك على غير صورة اعتقادك ورأيته، فلا تنكره إذا رأيت ما لا تعرفه حين ينكره غيرك . 
وإنما هي صورتك، ما كان دخل وقت دخولك فيها، وظهورك بها، فإن الصور الاعتقادية تتقلب على المخلوق، وإنما كان يتجلى لعباده فيظهر لهم فيما لا يعرفونه في الدنيا والآخرة ليظهر لهم في حال النكرة. ولهذا أنكروه في الدنيا والآخرة إلا العارفين فإنهم لا ينكرونه في تجل من التجليات، فإنهم عرفوه مطلقا غير محصور في صورة.

قول سیدنا رضي الله عنه : (ولا خفاء بتنوع الاعتقادات : فمن قيده أنكره في غير ما قيده به ، وأقر به فيما قيده به إذا تجلى، ومن أطلقه عن التقييد لم ينكره وأقر له في كل صورة يتحول فيها ويعطيه من نفسه قدر صورة ما تجلى له فيها إلى ما لا يتناهي، فإن صور التجلي ما لها نهاية تقف عندها)،
يقول رضي الله عنه : لما ثبت أن الحق تعالى بتجلى لكل ذي اعتقاد في صورة اعتقاده ويتحول من صورة إلى صورة إلى صورة إلى صورة لزم من ذلك كثرة صور التجلي.
فإنه لا خفاء بتنوع الاعتقادات وکثرتها كثرة لا يحصيها إلا الله تعالى وإنما تنوعت الاعتقادات وتکثرت لتنوع الأسماء الإلهية وكثرتها، فهي مصدر الاعتقادات ومنشؤها. 
فكما أن الأسماء الإلهية لا تحصى كذلك الاعتقادات لا تحصى، فكل صاحب عقد في الحق تعالى يتصور في نفسه أمرا ما يقول فيه هو الله فيعبده، وهو الله لا غيره، وما خلقه في ذلك القلب إلا الله . 
ولهذا ورد في خبر أن الله خلق نفسه ، فهذا معناه ولو رد المحدثون هذا الخبر وأنكروه، فالأدلة العقلية تكثره باختلافها فيه، فاختلفت المقالات فيه تعالی باختلاف نظر النظار، وكلها حق، ومدلولها صدق.
والتجلي في الصور يكثره عند العارفين بالتجليات، فإنه ما تجلي في صورتين لواحد، ولا تجلی لاثنين في صورة واحدة ، والعين واحدة .
هذا في أهل التجلي العارفين بالله.
وأما العامة فيتجلى لهم في صور الأمثال، فتجتمع الطائفة في عقد واحد في الله تعالى كما اتفق من الأشاعرة والمعتزلة والحنابلة وغيرهم من سائر طوائف المسلمين وغير المسلمين. 
وعلى كل حال لا بد من فارق بین اعتقاد كل شخص ولو بوجه ما تقول الطائفة العارف بالله ، لا يصح خطأ مطلقا في الحق تعالى وإنما الخطأ في إثبات الشريك، فهو قول بالعدم، لأن الشريك معدوم.
فالعارف الكامل لا يتقيد بمعتقد فينكره في معتقد آخر، فإنه عرف الإله المطلق ولو لم يكن للحق تعالى هذا السريان في الاعتقادات لكان بمعزل ولصدق القائلون بكثرة الأرباب. 
وقد قال المحققون من أهل الله، إن المعرفة بالله ثابتة لكل مخلوق. 
فإن الله ما خلق الخلق إلا ليعرفوه، فلا بد أن يعرفه الخلق ولو بوجه ما، فما عرفه أحد من كل وجه، ولا جهله أحد من كل وجه، فمعرفته تعالى إما کشفا أو عقلا أو تقليدا لصاحب کشف أو صاحب نظر. 
والمعتقدون في الحق تعالى على نوعين: 
نوع يقيد إلهه في اعتقاده. 
والنوع الآخر يعتقد في إلهة الإطلاق. 
فمن قيده بأن أعتقد أن إلهه لا يكون إلا كذا وكذا، سواء كانت الصورة التي قيده فيها حسية أو عقلية أو خيالية ، أنكره إذا تجلى له في غير الصورة التي قيده فيها، وتعوذ منه إذا قال له أنا ربك، كما ورد في الصحيح.
أن ناسا من هذه الأمة يتعوذون من الحق تعالى إذا تجلى لهم في غير ما قيدوه به من الاعتقادات في الدنيا.
وما ينكره إلا الإنسان الحيوان، فإنه ما كل إنسان له الكمال، فمن قيده لا يعرفه إلا مقيدا بما قيده به في الدنيا والآخرة.
فإذا تحول ما تجلى له في الصورة التي قيده بها وعرفه وأقر له بأنه ربه ، فإنه لا يعرف ربه إلا مقيدا بما قيده به من الصور في اعتقاده، وهي العلامة التي بينه وبين ربه تعالى فإنه ورد في الصحيح أنه تعالى إذا تجلى لهذه الأمة وفيهم منافقوها .
وقال لهم: أنا ربكم
يقولون : نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا جاء ربنا عرفناه . 
فيقول : هل بينكم وبينه علامة؟ 
فيقولون: نعم، 
فيكشف عن ساق فيقرون به ويقولون أنت ربنا... "
الحديث بمعناه ، والذي أنكروه أولا هو الذي أقروا به آخرا والله واسع عليم.
يتجلى لهذه الأمة كلها بصورة اعتقاد كل واحد منها في الآن الواحد، والاقتدار الإلهي أعظم من ذلك، وإنما كان الشأن هكذا لأن الله جعل للإنسان قوة التصوير، فإنه جعله جامعا لحقائق العالم كله.
ففي أي صورة اعتقد ربه فعبده، فما خرج عن صورته التي هو عليها من حيث إنه جامع حقائق العالم، فلا بد أن يتصور في الحق إنسانيته على الكمال، أو من إنسانيته، ولو نزه ما عسي أن
ينزه، ولعموم التجلي الإلهي عبد كثيرون من نار ونور وملائكة وحيوان وشجرة وكواكب. 
فالتجلي الإلهي عام في جميع الموجودات، ولا يكون إلا على أمزجة العالم والشارع بين المعبود بالحق من المعبود بالباطل. 
وأما النوع الآخر من المعتقدین فهو من أطلقه، أي أعتقد، أن إلهه مطلق فما حصره في صورة دون صورة، ولا في اعتقاد دون اعتقاد، ولا حجر عليه الظهور بالصور والتجلي فيها، كما حجر عليه المتكلمون الناظرون بالنظر العقلي في معرفة الإله الحق. فهذا النوع الذي أطلق إلهه لم ينكره وأقر له بأنه ربه في كل صورة يتحول الحق إليها، ويتجلى فيها في الدنيا والبرزخ والآخرة. 
وكل صورة يتجلى له فيها يقول إنه الله، وإن كانت صور التجلي كلها حادثة، لأن العارف عرف نفسه تتغير في كل يوم وليلة سبعين ألف مرة، وتتحول من كل صورة خاطر آخر، وكل خاطر تتصور بصورته ، والخواطر تصدر عن التجليات، فعرف ربه بكثرة صور تجلياته ، فإنه مخلوق على الصورة الإلهية ، وهو سبحانه كل يوم في شأن. 
والشؤون هي تجلياته لعباده وإظهار ما لهم من الأحوال ، فلهذا أعظم ما تكون الحيرة في أهل التجلي لاختلاف الصور عليهم في العين الواحدة. 
والحدود تختلف باختلاف الصور والعين لا يأخذها ولا تشهد، كما أنها لا تعلم علم إحاطة، فمن وقف مع الحدود التابعة للمصور حار ، ومن علم أن ثم عينا تتقلب في الصور في أعين الناظرين لا في نفسها علم أن ثم ذاتا مجهولة لا تعلم ولا تشهد ولا تحد. 
ومن هنا فشت الحيرة في المتحيرين، وهي عين الهدی.
فمن وقف مع الحيرة حار، ومن وقف مع كون الحيرة هدى وصل، فالذي أطلق الحق ولم يقيده لا ينكره في صورة من الصور، ويقر له في كل صورة، ويعطيه من نفسه المتجلي لها قدر ما تستحق الصور المتجلي فيها. 
فإن الحق تعالى متى أقام نفسه في خطابه إيانا في صورة ما من الصور فإنها تحمل عليه أحكام تلك الصورة، لأنه لذلك تجلی فيها هذا إذا كان التجلي في الصور الممثلة على صورة المحسوس، فيكون لها حكما المحسوسات، وليست بمحسوسات، فينقل إليها ذلك الحكم ليعلم أن للظهور في صورة ما من الموجود المنزه عن التأثير حكم الصورة التي ظهر فيها.
فانتقل الحكم إلى الذي كان لا يقبله قبل هذا الظهور في الصورة التي هذا الحكم لها، كما انتقل حكم البشر إلى الروح لما ظهر بصورة البشر، فأعطى الولد الذي هو عيسی، وليس ذلك من شأن الأرواح، ولكن انتقل حكم الصورة إليه لقبوله للصورة. 
فمن ظهر في صورة كان له حكمها، والتجلي الإلهي يكون في كل صورة من العرش إلى الذر، ففي أي صورة تجلي وتحول تعالى أعطى المتجلى له حكم تلك الصورة إلى ما لا يتناهی من التجليات  فإن صور التجلي لا نهاية لها تقف عندها. 
وفي كل تجل یعلم العارف بالله علما لم يعلمه من التجلي الآخر، هكذا دائما في كل تجل، ولا يدوهم التجلي لأحد من أهل الله العارفين به إلا للأفراد رضي الله عنهم فالضمير المستند في (يعطيه) في قول سیدنا رضي الله عنه : (ويعطيه من نفسه) يعود على العبد المتجلى له، فإنه هو يعطي المتجلي تعالى قدر صورة ما تجلى له فيها لا كما فهمه بعضهم.

.

    
واتساب

No comments:

Post a Comment