Thursday, September 12, 2019

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

السفر الثاني عشر فص حكمة قلبية في كلمة شعيبية الفقرة الرابعة عشر .موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي

موسوعة فتوح الكلم في شروح فصوص الحكم الشيخ الأكبر ابن العربي الطائي الحاتمي لجامعها عبدالله المسافر بالله

12 - The Wisdom of the Heart in the Word of Shu'aib 

الفقرة الرابعة عشر:
جواهر النصوص في حل كلمات الفصوص شرح الشيخ عبد الغني النابلسي 1134 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه : (فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون». فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة. فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها. وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

(فإذا انكشف الغطاء)، أي غطاء الحياة الوهمية الدنيوية بالموت الطبيعي عند حلول الأجل كما قال تعالى : "فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" [ق : 22]
(انكشف)، أي الغطاء فبان الأمر على ما هو عليه وهو الحق تعالى (لكل أحد بحسب معتقده) بصيغة اسم المفعول أي الصورة التي يعتقدها أنها الحق تعالى (وقد بنکشف)، أي الغطاء فيبين الأمر (بخلاف معتقده)، أي ما يعتقده (في الحكم)، أي
حكم الحق تعالى فيظهر له ذلك الحكم الإلهي يوم القيامة بخلاف ما كان يظن أن يظهر في ذلك اليوم (وهو)، أي انکشاف الغطاء بخلاف المعتقد في الحكم (قوله) تعالى في قوم هود عليه السلام ("وبدا" )، أي ظهر ("لهم ") في يوم القيامة ("من الله") تعالى ("ما")، أي حكم ("لم يكونوا يحتسبون") [الزمر: 47].
أي يحتسبونه (فأكثرها)، أي الاعتقادات التي تنكشف يوم القيامة بخلاف ما كانت تظن في الدنيا (في الحكم)، أي حكم الله تعالى على عباده.
(كالمعتزلی)، أي واحد المعتزلة وأصلهم أن واصل بن عطاء اعتزل مجلس الحسن البصري يقرر أن مرتكب الكبيرة لا مؤمن ولا كافر.
فقال الحسن البصري رحمه الله عليه قد اعتزل عنا، فسموا المعتزلة من ذلك اليوم (یعنقد)، أي المعتزلي (في) حق (الله) تعالی (نفوذ) أي تحتم وقوع (الوعيد)، أي العقاب يوم القيامة من الله تعالى (في) حق (العاصي إذا مات على غير توبة فإذا مات) العاصي كذلك (وكان مرحوما)، أي مغفورة له (عند الله) تعالى ولو لم يتب (قد سبقت له عناية) في الأزل من الله تعالى (بأنه لا يعاقب) على عصيانه في يوم القيامة كما قال تعالى: "إن التي سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون" [الأنبياء: 101] الآية .
وهذا مذهب أهل السنة والجماعة من الأشاعرة والماتريدية أن مرتكب الكبيرة إذا مات من غير توبة فهو في مشيئة الله تعالى، ولا يقطع أحد له بعقاب ولا بعفو .
قال تعالى: "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" [النساء: 48] (وجد) ذلك المعتزلي (الله) تعالى في يوم القيامة إذا انكشف غطاؤه (غفورا) قد غفر ذنوب ذلك العاصي الذي مات من غير توبة (رحيما به) فلم يعاقبه وعفا عنه .
(فبدا)، أي ظهر (له)، أي لذلك المعتزلي (من الله) تعالى في ذلك اليوم (ما)، أي حكم (لم يكن) ذلك المعتزلي (يحتسبه)، أي بظنه (وأما) انکشاف الغطاء بخلاف المعتقد (في) شأن (الهوية)، أي الحقيقة الإلهية (فإن بعض العباد)، أي عباد الله تعالى المؤمنين به سبحانه (يجزم) من غير تردد في (اعتقاده أن الله كذا وكذا)، أي على هذه الصورة الفلانية في نفسه لما أنه صور في نفسه صورة ولم يدر أنه صور ونزهها عن كل صورة محسوسة ومعقولة.
ورأى تلك الصورة التي صورها في نفسه من غير شعور منه أنه صورها لائقة بأن تكون هي الحق تعالى لما رأى فيها من التنزيه وعدم المشابهة لشيء أصلا وأمده في عينه قوله تعالى: "ليس كمثله، شيء" [الشورى:11].
وقول علماء الكلام: کل ما خطر ببالك فالله بخلاف ذلك، 
فكلما خطر في باله شيء نفاه أن يكون هو الله الذي خطر في باله ثانية أنه الله تعالى.
فتراه يستيقظ لما خطر في باله أولا أنه الله تعالى فينفيه وهو غافل عما خطر في باله ثانيا أنه الله تعالى، لما نفى عنه أن الخاطر في باله أولا هو الحكم فرع التصور.
إذ لا يمكن أن يحكم على أمر بأمر ما لم يتصور الحاكم الأمر الأول المحكوم عليه، والأمر الثاني المحكوم به.
فكل منزه مشبه، لأنه حاکم على الله تعالى أنه لا يشبه شيئا، فالله تعالی محكوم عليه عند هذا الحاكم.
والمحكوم عليه متصور عنده لضرورة الحكم عليه كما ذكرنا.
وكل مشبه أيضا منزه، لأن الحق الذي قيده بصورة على وجه التشبيه له، فإن حصره في تلك الصورة لجهله بما يجب له من الإطلاق الحقيقي الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه.
فقد نزهه سوى تلك الصورة التي حصره فيها ، وإن لم يحصره في تلك الصورة، ولكن وجده ظاهرة له في تلك الصورة وهي من جملة صور تجلياته التي لا تنضبط "في حصر".
فقد علم إطلاقه الحقيقي وعرف أنه عاجز عن معرفته من حيث هو سبحانه، فقد نزهه عن جميع الصور وعن تلك الصورة أيضا التي ظهر له بها.
وهذا التنزيه أعلى وأكمل من التنزيه الأول، فالإيمان الكامل هو هذا التنزيه التشبيه مع التشبيه التنزيه كما سبق بيانه .
(فإذا انكشف الغطاء) بالموت ودخل في عالم المعاني وخرج عن كونه محسوسا بهذا الحس الظاهر (رأی صورة معتقده)، أي ما كان يعتقده (وهی)، أي تلك الصورة (حق) لا شبهة فيها (فاعتقدها)، أنها الحق تعالى والسبب أنه لما كان حيا بالحياة الدنيا الدنيوية الوهمية كان يدعي الوجود الظاهر هو به من كتم عدمه فكان هو في نفسه محسوسأ بالحس الظاهر .
والحق تعالی عنده معقول من عالم المعاني، فلما انكشف الأمر بالموت وانقلب الحال كان هو المعقول من عالم المعاني.
والحق تعالى هو المحسوس الظاهر بالحس الظاهر، وتبين له النور الحق الذي هو الوجود الصرف القديم الذي ليس معه غيره فاعتقده كذلك .

(وانحلت العقدة) التي كان ربط الحق تعالى بها (فزال الاعتقاد) الذي كان عنده في الحق تعالى أنه في الصور الفلانية لا غير، وهو غيب عنه من حيث وجوده الخاص (وعاد) ذلك الاعتقاد المذكور منه (علما) ذوقيا (بالمشاهدة) كما هو حال العارفين بالله تعالى في الدنيا .
(وبعد) حصول (احتداد البصر) للعبد في الدنيا والآخرة بحيث يشهد وجود الحق تعالی في تجليه بالصور (لا يرجع) ذلك العبد بعد ذلك (کلیل)، أي ضعيف (النظر) أصلا ، ولهذا قال بعضهم: لو وصلوا ما رجعوا، ولكن
لا يلزم من تلك المشاهدة اللذة في رؤية الحق تعالى، فإن من المشاهدة ما يوجب الألم والعذاب، ومنها ما لا يوجب شيئا، ومنها ما يوجب اللذة، وكل ذلك متفاوت بتفاوت المراتب.
ولهذا قال عليه السلام في دعائه : "وأسألك لذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة ، اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين" . رواه ابن حبان والحاكم والبزار والطبراني و أحمد والدارقطني والنسائي وابن حجر في إتحاف المهرة وغيرهم.

ونظير ذلك في الآخرة ما هو واقع في الدنيا ، فإن الشهود لا يكون إلا في الصور والرؤية كذلك، والكل في الدنيا ناظرون إلى وجه الحق تعالی بحكم قوله : "فأينما تولوا فثم وجه الله"  
وقوله : "كل شيء هالك إلا وجهه"،لا يقع عليه شهود ولا رؤية ، ولكن بقع به الشهود والرؤية.
وهم في الدنيا مختلفون في الشهود والرؤية وإن كانوا كلهم لا يشعرون بأنهم في شهود ورؤية، وإنما يشعر البعض دون البعض.
وفي الآخرة كلهم يشعرون ، ولكن تتفاوت مراتبهم في العلم بالله سبحانه عند شعورهم بالشهود والرؤية على طبق ما كانوا في الدنيا .

قال تعالى: "ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " [الإسراء: 72].
والعمى في الدنيا شهود ورؤية بوجه إجمالي، فإن الأعمى يرى بقلبه ولا يرى بعينه، فيتخيل المرئي في الصورة التي يعطيها له خياله على مقتضى طبعه، فيرى الحق تعالى في عين تلك الصورة ونزول تلك الصورة عنه من حيث ما هي صورة، وتبقى عنده من حيث ما هي وجود حقيقي.
وهذا معنى قول المصنف قدس الله سره: وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة، فإن الاعتقاد لا يكون إلا للصور من حيث ما هي صور، وأما إدراك الأمور المحسوسات فليس هو اعتقادا بل هو علم بالمشاهدة.
فتنفي حالة ذلك الأعمى في الدنيا عن شهود الحق تعالی ورؤيته على مقتضى ما مات عليه من كفر أو فسق أو بدعة أو ضلال إذا لم يتب قبل موته من ذلك.
فيتعذب بهذه الحالة التي مات عليها وهو محجوب عن ربه الذي كلفه بالأحكام في الدنيا ، فلم يمتثلها ومات مخالفا لها بحكم قوله سبحانه :" إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون " (المطففين : 15]، ولا يرى الرب سبحانه إلا المؤمنون .

وأما الحق تعالی من حيث ألوهيته التي قام بها كل مألوه فهو الذي قلنا إن الكل يرونه في الدنيا وإن لم يشعروا.
ويشعرون برؤيته في الآخرة على حسب ما هم عليه عند موتهم وانتقالهم إلى الآخرة في مقدار ما هو عندهم في الدنيا .
فمن كثر شهود الحق عنده في الدنيا في كل شيء محسوس أو معقول شهده في الآخرة كذلك.
ومن لم يشهده في بعض المحسوس أو المعقول لم يشهده في الآخرة في ذلك البعض أيضا، وكان أعمى عنه في ذلك البعض.
وهكذا بحكم قوله تعالى: ""ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا "[الإسراء: 72]، أي أكثر ضلالا من الدنيا عن طريق الوصول إليه سبحانه، وذلك لانقطاع الأعمال ووقوف الهمم، فلا يمكن السير والسلوك في ذلك العالم إلا لأهل السير والسلوك في الدنيا دون المنقطعين.
وما أحد في الدنيا من مؤمن ولا کافر إلا وهو يشهد الحق تعالی ويراه، فمنهم من يراه في محسوس، ومنهم من يراه في معقول وهم أصحاب الاعتقادات الذين يكفر بعضهم بعضا.
ويلعن بعضهم بعضا كلهم في الآخرة يرونه بمقدار ما كانوا يرونه في الدنيا، ويحجبون عنه بمقدار ما كانوا يحجبون عنه في الدنيا.
وتحتد أبصارهم، ولا تكل أنظارهم ولذتهم في النظر إليه سبحانه، وألمهم وعذابهم في ذلك على مقدار أحوالهم التي ماتوا عليها إن كانت من تجليات جماله ورضوانه أو من تجلیات جلاله وسخطه وغضبه.
(فيبدو)، أي يظهر سبحانه (لبعض العبيد) في يوم القيامة (باختلاف التجلي)، أي الانكشاف (في الصور) المختلفة (عند الرؤية) في المحشر كما ورد في الأحاديث النبوية وسبب ذلك الاختلاف في التجلي بالصور .
(لأنه)، أي التجلي في الصور (لا يتكرر) من الحق تعالى (أصلا) لسعة الحضرة الإلهية وإطلاقها الحقيقي، فلا يتجلى الحق تعالی بتجلي واحد لشيء واحد في آنين، ولا يتجلى لشيئين في آن واحد بتجل واحد.
بل له تعالى في كل آن على كل شيء تجلي خاص لا يتكرر أصلا في الدنيا والآخرة (فبصدق عليه)، أي على الحق حينئذ (في الهوية)، أي حقيقة الأزلية الأبدية قوله سبحانه ("وبدا لهم من الله ") [الزمر: 47] في حق هويته سبحانه وظهورها لهم متجليها عليهم .
("ما لم يكونوا يحتسبون" فيها)، أي في تلك الهوية الإلهية (قبل کشف الغطاء) عنهم بالموت عن الحياة الدنيوية الوهمية حيث اختلفت عليهم صور تجلياتها فيؤمن بها يومئذ من يؤمن وينكرها من ينكر ويتعوذ منها على مقتضى ما جاء في الحديث النبوي .

شرح فصوص الحكم مصطفى سليمان بالي زاده الحنفي أفندي 1069 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال الشيخ رضي الله عنه :   (فإذا انكشف الغطاء) أي إذا ارتفع الحجاب عن الأبصار يوم القيامة (انكشف لكل أحد بحسب معتقده) والمراد بالمعتقد، المعتقد بوحدانية الحق دون المشرك .
فإن المشرك ليس بشيء من الاعتقاد في الحق أصلا بل يحدث الاعتقاد عند المعاينة وقد ينكشف الغطاء (بخلاف معتقده في الحكم) فإن بعض أهل الاعتقاد يعتقد في الحق حكمة وبعضهم يعتقد بخلاف ذلك الحكم (وهو) أي انكشاف الغطاء بخلاف المعتقد .

معنى (قوله) تعالى (وبدا) أي ظهر (لهم) أي لأهل الاعتقاد (من الله ما لم يكونوا يحتسبون) أي لم يعتقدوا حصول هذا الشيء من الله لهم بل يعتقدون خلافه (فأکثرها) فأكثر اختلافات الاعتقاد حاملة (في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غیر توبة فإذا مات) ذلك المعتزلي بغير توبة (وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عنابة بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما فيدا له) حكم (من الله ما لم يكن يحتسبه) فقد انكشف له الغطاء بخلاف معتقده في الحكم هذا هو الانكشاف بخلاف المعتقد في الحكم .
قال رضي الله عنه : (وأما) اختلاف الاعتقادات (في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا) كناية عن الهوية (فإذا انكشف الغطاء رأی صورة معتقده وهي حق) في نفسه (فإعتقدها في الدنيا على أنه حق وانحلت العقدة) وهي عقدة الاعتقاد وهي الحجاب على القلب المانع من الانكشاف .
قال رضي الله عنه : (فزال الاعتقاد) لزوال العقدة (وعاد) أي رجع علم بالاعتقاد (علما بالمشاهدة) فلم يبدو لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون بل كل ما بدا لهم من الله من هوية الحق في الصورة فهو مما يحتسبونه منه فيعتقدونه قبل کشف الغطاء فما هو المراد بقوله تعالی : ("وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون") [الزمر : 47] .
فكان بصرهم حديدا برفع كلالة النظر فشاهدوا الحق بالمعاينة على وفق اعتقادهم في الدنيا .
وهم الذين قلدوا الرسل ويؤمنون بتجليات الحق في الصور فلا يظهر لهم خلاف اعتقادهم لأن الحق هو الذي على اعتقادهم لعدم تقييدهم الحق في اعتقادهم في صورة .
وهم الذين قال في حقهم "أو ألقى السمع وهو شهد" ، ونرجوا أن مصداق الآية في هذه الأمة أهل السنة والجماعة دون غيره من الفرق فإن اعتقاد أهل السنة تقييد تجلي الحق بعموم فيعم تجلي الحق في جميع الصور الاعتقادية .
فلا ينحصر الحق في اعتقادهم فلا يكفر أحد إلا لحصره الحق في الصورة الحاصلة في اعتقاده من الحق ولا كذلك المعتزلة وغيرها.
فإنهم قيدوا الحق في اعتقادهم في صورة مخصوصة ونفوا غيرها عن الحق
قوله: (وبعد احتداد البصر) أي وبعد ظهور الحق للعباد بظهور تام (لا يرجع كليل النظر) أي لا يحصل الخفاء التام رد لقول أهل التناسخ فإنهم ذهبوا إلى أن العبد بعد الموت يأتي إلى الدنيا مرارة فكل نظره عن الحق بعد احتداده لوقوع الحق في الخفاء التام
فهم قسمان :
قسم قالوا بالتناسخ في حق الكمل لزعمهم أنهم يأتي لتحميل النافعين .
وقسم في جميع الأفراد الإنسانية
وكلاهما مردود
قال رضي الله عنه : (فيبدوا) الحق (لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية) في يوم القيامة كما جاء في حديث التحول (على خلاف معتقده) أي يظهر له الحق على خلان اعتقاده (لأنه لا يتكرر) التجلي (فيصدق عليه في الهوية فبدا لهم من الله في هويته ما لم يكونوا يحتسبون) الحق (فيها) أي في الدنيا (قبل کشف الغطاء) فقد يفهم مما ذكر أن هذه الآية لا تصدق على أهل السنة فإنهم وان اثبتوا للحق الصفات الثبوتية والسلبية في اعتقادهم لكنهم لم يحصروا الحق بهذا الاعتقاد .
بل قالوا: بعد تقیید الحق بهذا الاعتقاد فالله تعالى منزه عن تصورات أذهاننا وتصديقات قلوبنا فهذا صورة التعميم فيعم اعتقادهم في الدنيا جميع صور التجليات وإن لم يشعروا بذلك فلا يصدق عليهم في الهوية .
فبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون بخلاف المعتزلة وغيرهم من الفرق فإنهم لحصرهم هوية الحق في اعتقادهم يصدق عليهم في الهوية .
فبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون فظهر من هذا الكلام ترقي العباد بالموت مؤمنا كان أو غير مؤمن .
لكنه لا ينفع ترقي من لا يقلد الأنبياء ويدل على دلالة كلامه السابق على الترقي.

شرح فصوص الحكم عفيف الدين سليمان ابن علي التلمساني 690 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه : (  فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون». فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.  فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.  وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.  وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

وأما قوله في الهوية: إن بعض العباد ينكشف له على حكم معتقده فيها، فيتحول الظن علما، فهذا فيه تجوز، لأنه إذا اعتقد ما لا يراه يستحيل أن يكون الرؤية مثله سواء، بل لا بد من مخالفة ما حتى يبدو له من الله ما لم يكن يحتسب. 
ثم ذكر أن الترقي قد يكون للإنسان وهو لا يشعر به وهذا لا شك فيه ، بشهود الوحدانية بالتدريج وهو لا يشعر فيظن أنه لم يفتح له.
 ثم مثل شهود الكثرة في العين الواحدة بأخذ حد الهيولى في كل صورة ، صورة من صورها وهو تمثیل حسن، لكن في مدارك الأفكار.
ثم قال: فمن عرف نفسه بهذه المعرفة فقد عرف ربه، فإنه على صورته خلقه، بل هو عين هويته وصورة حقيقته ثم شرع في أن النفس ما عثر أحد من علماء الرسوم على معرفتها إلا الإلهيون من الأنبياء والصوفية خاصة. 
قال: ولا سبيل إلى معرفة النفس بطريق النظر الفكري، ثم ذكر أن الناس كل نفس يتجددون "هم في لبس من خلق جديد" [ق: 15] فهم لا يشعرون بالتجدد وهم فيه، لأنهم أوتوا به متشابها والأشباه أغيار.
قال: وما عثر أحد على تجدد الأمر كله في العالم من أرباب النظر.

شرح فصوص الحكم الشيخ مؤيد الدين الجندي 691 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه : "فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل واحد بحسب معتقده ، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم ، وهو قوله : "وَبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ "  فأكثرهم في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة ، فإذا مات وكان عند الله مرحوما قد سبقت له عناية بأنّه لا يعاقب ، وجد الله غفورا رحيما ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب" .
هذا ظاهر بما تقرّر آنفا أنّ التجلَّي يوم القيامة بصورة الاعتقاد ، والمتجلَّي هو الإله المعتقد - اسم مفعول - ولكن لمّا كان هذا التحوّل الإلهي الرحماني في صورة الاعتقادات ليقرّبه عبدة العلامات الاعتقادية ، فيرحمهم ويوجروا ويربحوا على ربّهم .
وكان ذلك في هذه الصورة الخاصّة موجودا في التجلَّي على خلاف اعتقاده ، تجلَّى له الحق الرحمن الوجيه في صورة غير معتقده ، لما في ذلك من فائدة عائدة على عبده ، ولا محذور في ذلك .
فإنّ الله تجلَّى له بنفسه في صورة معتقده ، ولكنّ المجازاة وقعت على غير معتقده ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب ، فعلم المعتزلي عند ذلك أنّ الله أعظم ممّا كان اعتقده وقيّده وعساه يرزق الترقي - إن شاء الله تعالى - في تفاصيل هذه الرؤية ، وما ذلك على الله بعزيز .

قال رضي الله عنه : « وأمّا في الهوية فإنّ بعض العباد يجزم في اعتقاده أنّ الله كذا وكذا ، فإذا انكشف الغطاء ورأى في صورة معتقدة وهي حق فاعتقدها وانحلَّت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر ، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلَّي في الصورة عند الرؤية خلاف معتقده ، لأنّه لا يتكرّر ، فيصدق عليه في الهوية ، وبدا لهم من الله في هويّته ما لم يكونوا يحتسبون فيها ، قبل كشف الغطاء " .
قال العبد : ظاهر التحقيق يقتضي أن لا ترقّي بعد الموت ، لانقطاع علمه وعمله واختتامهما على ما كان عليه حال وفاته .
كما أشار إليه الصادق عليه السّلام بقوله : « إذا مات ابن آدم انقطع عمله » وحيث لم يشهد ولم ير الحق في حياته الدنيا ، وكان أعمى عن إبصار الحق ورؤيته ، فهو في الآخرة أعمى وأضلّ سبيلا ، وليس المراد عمى البصر الجسمانيّ ، " فَإِنَّها لا تَعْمَى الأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي في الصُّدُورِ ".
 ولكن رحمة الله من حيث باطن الحقيقة أن يحصل لبعض العبيد ، المؤمن بأهل كشف الغطاء في الدنيا ترقّ في تفاصيل ما آمنوا به أو ألقوا السمع إلى مجملات أصول وفصول من قوانين الحقيقة والتوحيد ، فإنّ القوم من لا يشقى بهم جليسهم ، ولا سيّما وخاتم الأولياء المحمديين الخصوصيين أمدّ بهمّته جميع الأرواح الإنسانية ، فخلَّف لمن خلف بعده من المؤمن قواعد علميّة بيّنة ، وضوابط كشفية يقينية ، يكمّل استعداداتهم للترقّي إلى مراقي أهل الشهود .

ثمّ إنّه لحق في معاريجه وإسراءاته رضي الله عنه الجمهور من الأنبياء والأولياء والصحابة الماضين في برازخهم ، فاجتمع بجميعهم كالحلَّاج وسهل وجنيد وغيرهم من الأكابر ، وكان يوافقهم ويباحثهم في صور معتقداتهم في الله وعلومهم ومعارفهم ، وينبّههم على ما فوق مدركهم ، ويرقّيهم ، ويحلّ عقد اعتقاداتهم ، ويفيدهم ما لم يكن عندهم بحسب عنايته بهم ، ويهبهم من علوم التوحيد وحقيقة الشهود ، من مشرب أحدية جمع الجمع والوجود .
ثمّ يرحل عنهم إلى من فوقهم هكذا حتى أتى على آخرهم رضي الله عنهم  كما هو مذكور في كتاب « التجلَّيات » له وفي كتاب « الحجب » وفي « التنزّلات الموصلية » وفي " الإسراء والعبادلة " ، فليطلب كلّ ذلك طالبه منها ، والله الموفّق .

شرح فصوص الحكم الشيخ عبد الرزاق القاشاني 730 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : (فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه : " فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده ، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم ، وهو قوله : " وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ " فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة ، فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب " .
هذا ظاهر مما مر من التجلي في صورة المعتقدات ، وأما التجلي في صور غير المعتقدات ،
فقد يكون من تجلى الاسم الرحماني لفائدة تعود إلى العبد ، إما من باب الرحمة الامتنانية لعناية سبقت في حقه فيريح ويرزق الترقي ، وإما من اسمه العدل من باب المجازاة فجوزى بعمله والمآل إلى الرحمة ، هذا فيما يعتقد المعتقدون في الحكم من الله عليهم.

"" أضاف بالي زادة :  ( فأكثرها ) أي فأكثر اختلافات الاعتقاد حاصلة ( في الحكم ) وأما الاختلافات في الهوية فلا ينكشف الغطاء إلا بحسب الاعتقاد ( فإن بعض العباد إلى قوله انحلت العقدة ) وهي عقدة الاعتقاد ، وهي الحجاب على القلب المانع من الانكشاف ( فزال الاعتقاد ) لزوال العقد ( وعاد ) علم الاعتقاد ( علما بالمشاهدة ) فلم يهد لهم من الله ما لم يكونوا ، بل كل ما بدا لهم من الله من هوية الحق في الصورة ، فهو مما يحتسبونه منه فيعتقدونه قبل كشف الغطاء . ""

قال رضي الله عنه : "وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا ، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة ، وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية ، لأنه لا يتكرر فيصدق عليه في الهوية – " وبَدا لَهُمْ من الله " - في هويته – " ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ " - فيها قبل كشف الغطاء "
هذا من باب الاعتقاد في هويته ، والأول من باب الاعتقاد في حكمه ، فإذا تجلى الحق للعبد في صورة معتقده فكانت حقا فاعتقدها في الدنيا وانحلت العقدة ، أي عقيدته في التعين والتقيد عند كشف الغطاء في الآخر ، فزال الاعتقاد وصار علما بالمشاهدة وهذا باب الترقي بعد الموت لمن كان صحيح الاعتقاد ذا بصيرة ، فلا يرجع كليل النظر عند احتداد البصر .

"" أضاف بالي زادة :  فما هو المراد بقوله: " وبَدا لَهُمْ من الله " الآية ( وبعد احتداد البصر ) أي وبعد ظهور الحق للعباد بظهور تام ( لا يرجع كليل النظر ) أي لا يحصل الخفاء التام ، ردا لقول أهل التناسخ إن للعبد بعد الموت يأتي إلى الدنيا مرارا ، فيكل نظره عن الحق بعد احتداده لوقوع الحق في الجفاء التام .
فهم قسمان : قسم قالوا بالتناسخ في حق الكمل لزعمهم أنهم يأتون التكميل الناقصين ، وقسم في جميع الأفراد الإنسانية ، وكلاهما مردود .
وقد يفهم من هذا المقام أن هذه الآية لا تصدق على أهل السنة ، فإنهم وإن أثبتوا للحق الصفات الثبوتية والسلبية في اعتقادهم ، لكنهم لم يحصروه بهذا الاعتقاد ، بل قالوا بعد تقييد الحق بهذا الاعتقاد : الحق منزه عن تصورات أذهاننا وتصديقات قلوبنا ، فهذا صورة للتعليم فيعم اعتقادهم في الدنيا جميع صور التجليات وإن لم يشعروا بذلك.
 (فلا يصدق عليهم في الهوية " وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ") بخلاف المعتزلة وغيرهم ، فإنهم لحصرهم الهوية في اعتقادهم يصدق عليهم في الهوية ( وبَدا لَهُمْ من الله ) فظهر من هذا الكلام ترقى العباد بالموت مؤمنا كان أو غير مؤمن ، لكنه لا ينفع ترقى من لا يقلد الأنبياء ، ويدل على دلالته كلامه السابق على الترقي قوله : وقد ذكرنا صورة الترقي اهـ بالى""

وقد يبدو للبعض بعد التجلي في صورة معتقده تجلى آخر لا من صورة معتقده بسبب اختلاف التجلي في الصور ، لأن التجلي لا يتكرر فيعرفه لرؤيته أولا فيصدق عليه في الهوية أيضا كما صدق في الحكم – " وبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ " - في الهوية قبل كشف الغطاء ، وهذا أيضا من الترقي بعد الموت ، وأما قوله – " ومن كانَ في هذِه أَعْمى فَهُوَ في الآخِرَةِ أَعْمى وأَضَلُّ سَبِيلًا ".
وقوله عليه الصلاة والسلام « إذا مات ابن آدم انقطع عمله » مما يدل على عدم الترقي بعد الموت ، فهو للمحجوبين الذين كانت أعينهم في غطاء عن ذكر الله من أهل الكفر والشرك ، وأما أهل.

الإيمان الموحدون من المحققين والمقلدين الذين ألقوا السمع مع الحضور ، فلهم ترقيات بسبب ارتفاع حجبهم فيما بعد الموت ، وزوال موانعهم بالعفو والمغفرة ، واجتماعاتهم بأهل الحق ممن كانوا يقلدونهم ويعتقدون فيهم ويحبونهم ، وإمدادهم إياهم من أرواحهم في برازخهم ، كما حكى هذا الولي عن نفسه حالة اجتماعه بمن سلف من العرفاء المحققين ، وإفادته إياهم من الحقائق والمعارف التوحيدية ما ليس عندهم ، وحل عقدهم وإمدادهم بما ترقوا به في الدرجات .


مطلع خصوص الكلم في معاني فصوص الحكم القَيْصَري 751هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء ، انكشف لكل أحد بحسب معتقده ، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم وهو قوله) أي ، الانكشاف بخلاف المعتقد .
هو كقوله رضي الله عنه  : ( "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون " . فأكثرها في الحكم ، كالمعتزلي ، يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة . فإذا مات وكان مرحوما عند الله : قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب : "وجد الله غفورا رحيما". فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه . )
أي ، إذا انكشف الغطاء عن البصائر والأبصار ، انكشف الحق لكل أحد بحسب معتقده ، وأما حكم الله قد ينكشف بخلاف معتقده .
كما ينكشف للمعتزلي الذي يعتقد أن العاصي إذا مات على غير توبة ، يكون معاقبا ، فإذا رأى من مات كذلك ورحمه الحق وعفا عنه للعناية السابقة في حقه أزلا بأنه لا يعاقب ، فقد انكشف له خلاف ما اعتقد في حكم الله .
وكذا من اعتقد أنه من الناجين ، وعاقبه الحق وجعله من الهالكين ، لما قضى عليه أزلا ، فقد انكشف له خلاف معتقده . واستشهد بالآية : " وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ".

قال رضي الله عنه : (وأما في الهوية ، فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا ، فإذا انكشف الغطاء ، رأى صورة معتقده ، وهي حق ، فاعتقدها وانحلت العقدة ، فزال
الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة . وبعد احتداد البصر ، لا يرجع كليل النظر . )
أي ،كل من اعتقد أن هوية الحق كذا وكذا ، يرى يوم القيامة معتقده حقا واقعا ، لأن الحق يتجلى له بذلك الاعتقاد فتنحل العقدة التي كانت على قلبه ، وهي الحجاب المانع لكل أحد من انكشاف الغيوب لهم ، فزال الاعتقاد الذي كان بالغيب بواسطة الحجاب ، وعاد علما يقينيا لا يحتمل النقيض بمشاهدة الأمر على ما هو عليه
.
قوله رضي الله عنه  : ( وبعد احتداد البصر ، لا يرجع كليل النظر . ) إشارة إلى بطلان قول من يقول : إن بعد الظهور التام يحصل الخفاء التام . كما يقول بعض الموحدين من التناسخية .

قال رضي الله عنه : ( فيبدو لبعض العبيد ، باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية ، خلاف معتقده ، لأنه لا يتكرر ، فيصدق عليه في الهوية . و "بدا لهم من الله " في هويته "ما لم يكونوا يحتسبون " فيها قبل كشف الغطاء . )
أي ، فيبدو لبعض العبيد في تجلى الهوية أيضا خلاف معتقده في الدنيا ، لأن الحق يتجلى في صور أسمائه المختلفة عند الرؤية .
فبعد أن يتجلى له بصورة معتقده ، يتجلى أيضا بصورة أخرى لم يعتقد تجلى الحق فيها ، لأن التجلي لا يتكرر ليكون على صورة واحدة فقط ، فيصدق عليه بحسب الهوية ، و ( بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ) .
وحديث ( التحول ) أيضا يدل على ذلك . وعدم معرفة الجاهلين بتجليات الحق لا يقدح في كونه تجليا .

خصوص النعم فى شرح فصوص الحكم الشيخ علاء الدين المهائمي 835 هـ
:
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه :  ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون». فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة. فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله  غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه، وأما في الهوية، فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها. وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء.)
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده) لا محالة ما دام الاعتقاد باقيا، وإن جاز مع بقائه أن ينكشف فيما هو أدنى من معتقده، ولكن هذا بحب الهوية أي: التعين بالصور الذي يجوز التلبس بكل منها، لا بحسب الحكم الذي هو وجداني في نفسه.
ولذلك قال الشيخ رضي الله عنه :  (وقد يكشف بخلاف معتقده في الحكم) المتعلق بالتكليف، أو الجزاء؛ لأن اعتقاده غير مطابق للواقع بوجه من الوجوه بخلافه في الهوية.
أي: التعين بالصور.
(وهو) أي: الدليل عليه (قوله: "وبدا هم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر:47] فأكثرها)، أي: أكثر الانكشافات على اختلاف الاعتقاد مع بقائه إنما هو (في الحكم)، وإن وقع نادرا في الهوية بصورة أدني مما في الاعتقاد مع بقائه، فلذلك يقع فيه الإنكار، وهذا (كالمعتزلي يعتقد في الله) أي: في حكمه (نفوذ الوعيد في العاصي) إذ يجب عنده تعذيبه على الكبائر (إذا مات على غير توبة)، بل تخليه في النار، (فإذا مات) ذلك المعتزلي، (وكان مرحوما عند الله)؛ لأنه قد سبقت له عناية من الله بسبب بقاء إيمانه أو بأعماله الصالحة الماحية بأنوارها ظلمة الكبيرة.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (بأنه لا يعاقبه) الله أصلا أو بالتخليد (وجد الله غفورا رحيما) ابتداء وانتهاء، (فبدا له من الله، ما لم يكن يحتسبه) من عفوه ورحمته على أهل الكبيرة ابتداء وانتهاء، إذ كان يخصبها بالتائب، وبصاحب الصغيرة.
"" أضاف المحقق : فإن المعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة، فإذا مات وكان مرحوما عند الله تعالى قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. ""
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وأما في الهوية) الإلهية أي: تعينه بالصور؛ فلا يظهر له فيها ما لم يكن يحتسبه مما هو أكمل من معتقده إلا بعد زوال الاعتقاد لحصول الرؤية في صورة الاعتقاد، (فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده)، قید به إذ لا يكون اعتقادا بدونه، فإن سلم فلا تكون هيئته راسخة في قلبه، بحيث يجب تمثلها عند کشف الغطاء بصورة تناسبها (أن الله كذا وكذا ) في ذاته وصفاته.
(فإذا انكشف الغطاء)؛ لأنه يحتسب (صورة معتقده) ابتداء أو انتهاء، وكيف لا؟ 
(وهي) أي: صورة معتقده (حق) تعدد الحقيقة في التعينات الإلهية بخلاف الحكم، فإن الحق فيه واحد لا غير.
(فاعتقدها) أي: صحة عقيدته بحيث يبقى بعد کشف الغطاء بخلاف الفاسدة في الحكم، فإنها تزول عند الربح قبل تمام کشف الغطاء، فلذا يبقى الكافر محجوبا عند کشف
الغطاء، وإن رأى الحق أولا على خلاف معتقده بحيث يصير أعمى بغلبة نور ما يرى منه . ولكن إذا رآه في تلك الصورة؛ (انحلت العقدة ) عن القلب، (فزال الاعتقاد) أي: اتصاف القلب بتلك الهيئة.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (وعاد) صار (علما بالمشاهدة)، فليس من صفات القلب بحيث يتصور القلب به؛ بل ينطبع في الحواس فیدرکه القلب بواسطتها، ولا يعود الاعتقاد الموجب للتمثيل بصورته بعده؛ لأنه (بعد احتداد البصر) الموجب لانطباع الصورة المحسوسة فيه (لا يرجع كليل النظر) المانع من انطباعه فيه؛ لأنه ليس على خلاف معتقده
حتى يغلبه نوره فيوجب عماه، فلا يفتقر إلى الاعتقاد الموجب للتمثيل بحسبه.
قال الشيخ رضي الله عنه : (فيبدو لبعض العبيد) ممن له استعداد الترقي (باختلاف التجلي) عند زوال المانع منه، وهو الاعتقاد الموجب لتعين الصورة بحسبه (خلاف معتقده عند رؤيته) في صورة الاعتقاد. 
وإنما يختلف التجلي؛ (لأنه لا يتكرر) أصلا، وعدم تكرره إما يظهر في الصور الغير المتشابهة، فوجب مقتضى ذلك عند ارتفاع المانع وهو الاعتقاد الموجب لتشابه الصور.
قال الشيخ رضي الله عنه :  (فيصدق عليه) أي: على ذلك العبد (في ) شأن (الهوية) أي: التعين الإلهي بالصور، ("وبدا لهم من الله" [الزمر:4]، في هويته "ما لم يكونوا يتحتسبون" فيها قبل کشف الغطاء) قيد بذلك.
ليشير إلى أنهم لو لم يكن لهم عقيدة خاصة قبل ذلك؛ لم تبد لهم ما لم يكونوا يحتسبون؛ لأنهم لما كانوا مؤمنين غير مقيدين بعقيدة فلا بد أن تكون عقيدتهم مطلقة.
فكانوا يحتسبون ظهوره في أي صورة شاءوا، كان كل ما ظهر لهم من صورة كانوا يحتسبون ظهوره فيها، وهذا في ظهور الصورة.
ثانيا: أكمل مما في الاعتقاد بالترقي في المعارف الإلهية، وإلا فقد يظهر للمعتقد في أدنى من معتقده ليتكرر.

شرح فصوص الحكم الشيخ صائن الدين علي ابن محمد التركة 835 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه :  ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكلّ أحد بحسب معتقده ) في الهويّة الذاتيّة .
( وينكشف بخلاف معتقده في الحكم ) عليها بجزئيّات الأوصاف والأفعال ( و ) الذي يدلّ على ذلك ( هو قوله : " وَبَدا لَهُمْ من الله ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ") [ 39 / 47 ] .

بدا لهم ما لم يكونوا يحتسبون
قال رضي الله عنه :  ( فـ ) تلك الاعتقادات ( أكثرها في الحكم : كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في المعاصي إذا مات على غير توبة ، فإذا مات ) المعتزلي ذلك ( وكان مرحوما عند الله - قد سبقت له عناية بأنّه لا يعاقب - وجد الله غفورا رحيما ، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه ) . هذا ما في الحكم .

قال الشيخ رضي الله عنه :  ( وأمّا في الهويّة : فإنّ بعض العباد يجزم في اعتقاده أنّ الله كذا وكذا ، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده - وهي حقّ - فاعتقدها ) علما وانشراحا ، لا عقدا .
فإنّه قد انكشفت ( وانحلَّت العقدة ، فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة . وبعد احتداد البصر ) - بانحلال عقد الاعتقاد وانكشاف صورة اليقين .
قال الشيخ رضي الله عنه :  ( لا يرجع كليل النظر ، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلَّي في الصور عند الرؤية ، لأنّه لا يتكرّر ) فإنّه كلّ يوم من أيّام تجلَّياته في شأن آخر من شؤون الصور ( فيصدق عليه في الهويّة "وَبَدا لَهُمْ " في هويّته " ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ "  فيها قبل كشف الغطاء ) من اختلاف صور الحقّ .
ثمّ إذ قد استشعر أن يقال هاهنا : كيف يصحّ ذلك وبعد الموت ينبت على العبد مدارج ترقّيه وينقطع انتظام أسبابه ؟

شرح الجامي لفصوص الحكم الشيخ نور الدين عبد الرحمن أحمد الجامي 898 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه: ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون». فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة. فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه. وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها. وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )


قال الشيخ رضي الله عنه :  (فإذا انكشف الغطاء انكشف) الحق سبحانه (لكل أحد بحسب معتقد، وقد بنکشف بخلافي معتقده) والانكشاف بخلاف المعتقد (إما في الحكم عليه السلام) بجزئيات الأحوال والأوصاف وإما في هوية ذاته المقدسة.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وهو)، أي المنکشف بخلاف المعتقد مطلقة (ما يدل عليه قوله : "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" فأكثرها)، أي أكثر الاختلافات يكون (في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب وجد الله غفورا رحيما فبدا له من الله) من الرحمة والمغفرة.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (ما لم يكن يحتسبه) من قبل (وأما) خلاف المعتقد (في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا فإذا انكشف الغطاء، رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها) حقا وأجيد بصره (وانحلت العقدة)، أي عقيدة التعيين والتقييد (فزال الاعتقاد) الحاصل من الفكر والنظر الحاكمين بالتقييد.

قال الشيخ رضي الله عنه :  (وعاد علمة بالمشاهدة وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر فيبدو لبعض العبيد) الظاهر له لكنه وضع المظهر موضع المضمر ، أي فيبدو الحق له ملتبسة (باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية لأنه)، أي التجلي (لا يتكرر فيصدق عليه في الهوية وبدا لهم من الله في هوينه ما لم يكونوا بحتسبون فيها) واختلاف التجلي .

قال الشيخ رضي الله عنه :  (قبل کشف الغطاء) ولما كان كشف الحق بخلاف المعتقد، سواء كان في الحكم أو الهوية من باب الترقي بعد الموت، وأنكره بعضهم أثبته بما حکی رضي الله عنه عن نفسه حالة اجتماعه بمن سلف من الكبراء، و إفادته إياهم المعارف التوحيدية ما لم يكن عندهم وإمدادهم بما ترقوا به في الدرجات.

المواقف الروحية والفيوضات السبوحية شرح الأمير عبد القادر الجزائري 1300 هـ :
قال الشيخ الأكبر رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله «وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون».
فأكثرها في الحكم كالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة.
فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب، وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسبه.
وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، فإذا انكشف الغطاء رأى صورة معتقده وهي حق فاعتقدها.
وانحلت العقدة فزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة.
وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية خلاف معتقده لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية «وبدا لهم من الله» في هويته «ما لم يكونوا يحتسبون» فيها قبل كشف الغطاء. )

قال رضي الله عنه : ( فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله : "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر: الآية 87])
، فإذا انكشف الغطاء انكشف لكل أحد بحسب معتقده، وقد ينكشف بخلاف معتقده في الحكم، وهو قوله : "وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر: الآية 87] فأكثرها في الحكم، فالمعتزلي يعتقد في الله نفوذ الوعيد في العاصي إذا مات على غير توبة . فإذا مات وكان مرحوما عند الله قد سبقت له عناية بأنه لا يعاقب . وجد الله غفورا رحيما، فبدا له من الله ما لم يكن يحتسب.)
فإذا انكشف وزال الغطاء الحاجب للأمور المغيبة انكشف الحق تعالى الكل أحد من أصحاب الاعتقادات المقيدة والمطلقة حسب معتقده.
وقد ينكشف الغطاء لبعض المعتقدين بخلاف معتقده في الحكم والهوية بأن يحكم على الحق تعالى بحكم في اعتقاده، وأنه تعالى يفعله ولا بد ويحكم على الذات الهوية بأنه كذا جوهرا وعرض، أو لا جوهر ولا عرض أو نحو هذا. 
وانكشاف الغطاء بخلاف المعتقد في الحكم والهوية هو المشار إليه بقوله تعالى:
"وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر:47]
يظنون ويعتقدون، فإن الحكم على الله شيء لم يحكم به على نفسه بإثبات أو نفي ظن و تخمین . 
والظن أكذب الحديث كما ورد، وإن كان هذا المعتقد يظن أن ظنه علم فما هو بعلم. وإنما هو جهل مرکب، وهو أشد من الجهل البسيط، وانکشاف الغطاء بخلاف المعتقدات أكثره في الحكم على الله بإثبات شيء له أو نفي شيء عنه . 
إذ الحكم إثبات شيء لشيء أو نفي شيء عن شيء، كالمعتزلي منسوب إلى طائفة المعتزلة .
وأول من تسمى بهذا الاسم واصل بن عطاء الغزال، كان يجلس في مجلس الحسن البصري رضي الله عنه ثم اعتزله.
فهو يعتقد ويحكم على الله تعالى أنه لا يرى يوم القيامة فهذا حكم على الله بنفي الرؤية له تعالى . 
وكذلك يعتقد المعتزلي في الله تعالى ويحكم عليه بنفوذ الوعيد بالعذاب والانتقام من المؤمن العاصي بارتكاب الكبائر ، إذا مات على غير توبة. 
فإذا مات المؤمن العاصي بارتكاب الكبائر على غير توبة وكان مرحوما عند الله غير مؤاخذ بما أرتكب قد سبقت له عناية . والعناية هي العلم الأزلي بأن علمه تعالى أزلا بأنه لا يعاقب ولو مات على غير توبة. 
فإنه ورد في الحديث النبوي أنه تعالى قبض قبضة من يمينه وقال هؤلاء إلى الجنة ولا أبالي، يعني بما عملوه من شر. 
وقبض قبضة من شماله وقال هؤلاء إلى النار ولا أبالي، يعني بما عملوه من خير.
ولهذا كانت عقيدة أهل السنة أن المؤمن العاصي بارتكاب الكبائر إذا مات على غير توبة أنه في المشيئة .
فإذا مات المعتزلي وكان يوم القيامة وانكشف الغطاء عن المعتزلي وجد الله غفورا رحيما ببعض مرتكبي الكبائر ، ولو مات على غير توبة.
فبدا له من الله خلاف معتقده وانكشف عنه الغطاء بما لم يكن يحتسبه ويظنه. 
هذا مثال من انكشف عنه الغطاء، بخلاف المعتقد في الحكم بالإثبات في نفوذ الوعيد في المؤمن العاصي إذا مات من غير توبة .

قول سیدنا رضي الله عنه : (وأما في الهوية فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده بأن الله كذا وكذا، فإذا انكشف عنه الغطاء رأي صورة معتقده وهي حق فاعتقدها. وانحلت العقدة غزال الاعتقاد وعاد علما بالمشاهدة. وبعد احتداد البصر لا يرجع كليل النظر، فيبدو لبعض العبيد باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه بالهوية: "وبدا لهم من الله" [الزمر: الآية 47] في هويته "ما لم يكونوا يحتسبون" [الزمر: الآية 47] فيها قبل کشف الغطاء).
يقول رضي الله عنه : قد ذكرنا أن كشف الغطاء يكون كشفه لكل أحد حسب اعتقاده، وقد ينكشف بخلاف المعتقد، وأكثره في الحكم في أفعاله تعالى، وقد تقدم مثاله. 
وأما انکشاف الغطاء بخلاف المعتقد في الحكم في الهوية الذات الغيب المغيب المطلق الذي لا يعلم لمخلوق في الدنيا ولا في الآخرة.
لا لملك مقرب ولا لرسول مرسل، فكل عارف محجوب عن شهود الهوية، فلا يزال الحق غير معلوم من حيث الهوية ، لا شهودا ولا ذوقا، وما بقي لا التجلي في المظاهر.
وتلك إنما هي جسور يعبر عليها، أي يعلم أن وراء هذه الصور أمرا لا يصح أن يشهد، ولا أن يعلم . 
وليس وراء هذا المعلوم الذي لا يشهد ولا يعلم حقيقة ما يعلم أصلا. 
يقول سيدنا رضي الله عنه : 
فالعلم بالله عين الجهل فيه به ……. والجهل بالله عین العلم فاعتبروا
ويقول أيضا: 
فما العلم إلا الجهل بالله فاعتصم  ……   بقولي فإني عن قريب أسافر 
ومالي مال غیر علمي ووارث   ……  سري عين أولادي فذا المال حاضر
يقول تعالى : "ويحذركم الله نفسه" [آل عمران: 28] أي ذاته، أن تتفكروا فيها. 
وقال صلى الله عليه وسلم :" تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في ذاته ". أخرجه الزبيدي .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " تفكروا في آلاء الله، ولا تفكروا في الله". رواه الطبري في الأوسط وأخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد ومنبع الفوائد و السيوطي فى الجامع و في صحيح الجامع الصغير للألباني
وقال صلى الله عليه وسلم : "إن الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الأبصار". أخرجه الزبيدي . 
""وفى حقائق الأسماء للشيخ الأكبر قدس الله سره وصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن الله احتجب عن العقول كما احتجب عن الابصار وان الملأ الاعلى يطلبونه كما تطلبونه" فاشترك نوع الإنسان مع الملأ الاعلى فى الطلب واختلفا فى الكيفية لانهم يطلبونه بالأنوار العقلية لكونهم عقولا مجرده وهو جلت عظمته محتجب عن العقول فانى لهم سبيل الوصول الى أسرار الذات وحقائق الذات انتهى""
ومع هذا فما سلم أحد من التفكر في ذات الله تعالى إلا الرسل عليهم الصلاة والسلام.
فإن بعض العباد يجزم في اعتقاده أن الله كذا وكذا، وأن الله ليس بكذا ولا كذا، ويحكم على الله بفكره. 
فمنهم من يقول إنه جوهر ، ومنهم من يقول إنه ليس بجوهر، ومنهم من يقول إنه جسم، ومنهم من يقول إنه ليس بجسم، ومنهم من يقول إنه في جهة ، ومنهم من يقول إنه ليس في جهة، والكل مخطؤون، لا المثبت ولا النافي. 
قال الشيخ الأكبر : ليس عندنا للغزالي زلة أكبر من هذه الزلة، فإنه تكلم في ذات الله تعالى من حيث النظر الفكري في كتابه "المضنون به على غير أهله" ، وفي غير المضنون، فأخطأ بكل ما قاله وما أصاب. 
فجاء هو وأمثاله من المتصوفة بأقصى غاية الجهل، فإذا انكشف الغطاء بالموت أو في القيامة عن بعض من يعتقد من العباد أن الله كذا وكذا، وليس كذا ولا كذا، ويحكم على الله بذلك من حيث الهوية، ورأى صورة معتقده الذي كان يعتقده في الله في الحياة الدنيا، وهي صورة حق، فما هي بغير للحق تعالى ، فإنه سبحانه وسع اعتقاد كل مخلوق في صورة أنها الله فاعتقدها، ونسب الألوهية إليها، فإنه تعالى هو الذي تجلى لذلك المخلوق باسم إلهي في تلك الصورة.
فما كان الخطأ إلا في حصر الإله وتقييده بتلك الصورة، ويخطىء كل معتقد غيره في اعتقاده.
فإذا كان هذا البعض من العباد الذين يجزمون في اعتقادهم أن الله كذا وكذا، ولا يكون كذا وكذا ممن سبقت له العناية الإلهية ، وانكشف عنه الغطاء في ثاني حال بخلاف معتقده.
وانحلت العقدة التي كانت تحكم على الله بالتقييد والحصر في صورة معتقده لا غيره، فزال الاعتقاد والجزم بأن الله يكون كذا وكذا لا غير. 
إذ حفيفة الاعتقاد في المشهود هو الحكم الجازم المقابل للتشكيك . 
وقيل : هو التصور مع الحكم، فلما انحلت العقدة وزال الاعتقاد الأول الذي كان يحصر الحق ويقيده، وخالفته المشاهدة بالأمر على ما هو عليه من إطلاق الحق  تعالى وعدم تقييده، عاد الاعتقاد يحصر الحق علما بإطلاقه وعدم تقييده بسبب المشاهدة التي انكشف الأمر بها على ما هو عليه .
فالمعتزلي يجزم في اعتقاده أن الله لا يعرف ولا يرى في الآخرة، فهو إن جوزي باعتقاده هذا لا يعرف الله ولا يراه، وإن لم يجازه باعتقاده و انكشف له الغطاء ، بخلاف ما يعتقده في ثاني حال، فإنه يراه ويعلم أنه هو ضرورة. 
وبعد احتداد البصر ونفوذه في المدركات البصرية في الدنيا لمن شاء الله وفي الآخرة لزوال المانع للأبصار لا يرجع محتد البصر كليل النظر متباعدا عن المقصود، يقال كل بصري كلا، إذا أعياه النظر إلى المقصود .
فإذا انكشف الغطاء بخلاف المعتقد لبعض العباد المعتني بهم فلا بد أن يېدو له ما لم يكن يحتسب، بسبب اختلاف التجلي في الصور المتعددة المختلفة عند الرؤية بعين البصر. ولا يتكرر التجلي في الصور أبدا، لا في الدنيا ولا في الآخرة.
فإن كل صورة من صور التجلي هي مظهر لاسم خاص بها، والأسماء الإلهية لا تكرار فيها ، بل كل اسم يختص بمعنى وإن تقاربت الأسماء وتشابهت. 
فالعارف يعرف التجلي ويدرك الفرق بين صور التجلي، فهو يعرف من تجلی ولماذا تجلى، ويختص الحق بكيف تجلی، لا يعلم ذلك منك مقرب ولا نبي مرسل، لأن الهوية مجهولة، فكيفية تجليها في المظاهر الصورية غير حاصل لأحد. 
فهذا الذي سبقت له العناية وانكشف عنه الغطاء، بخلاف معتقده، عاد بصره حديدا نافذا في صور التجلي غير كليل النظر ، فيصدق عليه في الهوية عند رؤية تجليها في الصور، وبدا لهم من إطلاق الهوية وتجلبها بكل صورة ما لم يكونوا يحتسبون فيها من الإطلاق وعدم التقييد والحصر بصورة اعتقاد دون غيرها قبل کشف الغطاء بخلاف المعتقد.
 .

    
واتساب

No comments:

Post a Comment